الموازنة بين صلة الرحم وبين الابتعاد عن صاحب السوء إذا كان من الأقارب

السؤال
إذا كان الأقارب من أصحاب السوء فكيف أوازن بين صلة الرحم وبين الابتعاد عن صاحب السوء؟
وهل يُعتبر التواصل عبر وسائل الاتصال من صلة الرحم؛ لبعد المسافة؟
الجواب

في هذا تتعارض المصلحة والمفسدة، فالصلة مصلحة ومطلوبة، والحث عليها في النصوص كثير، بل متواتر، والابتعاد عن رفقاء السوء بسبب ما يُخشى من تأثيرهم أيضًا على المسلم أن يحتاط لنفسه في هذا الباب، وحينئذٍ تتعارض المصلحة مع المفسدة، فيُرجَّح بينهما ويُعمل في ذلك على غالب الظن، فإذا كان يخشى من التأثر فليبتعد، وإذا كان لا يخشى من التأثر بهم ويرجو النفع بصلتهم فهذا هو الأصل، ويبقى أن حكم هذه المسألة هو حكم الخلطة والعزلة؛ لأن الخلطة جاء فيها أحاديث: «الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم» [الترمذي: 2507]، فجاء النص بمدحه والثناء عليه، والذي يخشى من ضررهم وتكون غلبة الظن أنه يتضرر أكثر مما ينتفع جاءت فيه أحاديث العزلة، وجاء في الحديث الصحيح: «يوشك أن يكون خيرَ مال المسلم غنمٌ يَتْبَع بها شَعَفَ الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن» [البخاري: 19]، فإذا كان دخوله على أقاربه يغلب على ظنه أنه يتضرر فيه بسبب مجالستهم فالاعتزال، وإن كان الغالب على ظنه أنه لا يتأثر بمعاصيهم وفسادهم، بل يُؤثِّر فيهم بنصحه وإرشاده وتوجيهه فالحكم يدور مع المصلحة في هذا، ولا شك أن بعض الناس يستطيع التأثير ويُؤثِّر في غيره ولا يتأثر، فمثل هذا الخلطة هي الأصل، ويُؤجر عليها، وينتفع الناس بصلته وتوجيهه وإرشاده، وأما إذا كان من النوع الذي يتأثر ولا يُؤثِّر فيتعيَّن في حقه العزلة. وبعض الناس سِجال يتأثر ويُؤثِّر، فدرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، والله المستعان.

(هل يعتبر التواصل عبر وسائل الاتصال من صلة الرحم؛ لبعد المسافة؟)، قالوا: الهجرة المحرمة ترتفع بإلقاء السلام، والأصل في السلام المشافهة، لكن إذا تعذَّر ذلك بأن يكون أحدهما في بلد والآخر في بلد آخر، أو شق عليه ذلك، فيحصل رفع هذه الهجرة بالسلام من خلال الهاتف، كما أنه كان في السابق يحصل بالكتابة، والله المستعان.