أولًا: عورة المرأة عند المرأة كعورتها عند محارمها؛ لأن الله -جل وعلا- عطف النساء في آيتي النور والأحزاب على المحارم، وما الذي يظهر للمحارم؟ هل تستطيع أن تَبرز لوالدها أو لأخيها بلباس ما بين السرة والركبة؟ لا يجوز بحال، لا لأبيها، ولا لأخيها، ولا لابنها، فضلًا عن ابن زوجها، أو عمَّن هم أبعد من ذلك، فعورتها عند النساء كعورتها عند المحارم، والدلالة من آيتي النور والأحزاب نصٌّ في الموضوع؛ لأن النساء عُطفْنَ ونُسقْنَ على المحارم.
ومَن يقول بأن العورة أمام المرأة ما بين السرة والركبة، هل يُتصوَّر أن يقول: (تلبس المرأة بلوزة إلى الركبة)، وأن يُجيز إذا جلست أن يُرى فخذها؟ أولًا: كلهم بالإجماع يُقرِّرون أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وكيف تستر عورتها إذا لبست إلى الركبة؟ وهل يمكن ستر الفخذ بلباس إلى الركبة فقط؟ ما يمكن، مستحيل، فلو أهوتْ إلى الأرض؛ لتأخذ شيئًا، ولباسها إلى الركبة، ألا تنكشف سوءتها؟ إذن يجب ستر ما تحت الركبة شبرًا على الأقل، حتى على قول مَن يقول: (إنها إلى الركبة)؛ لئلا ينكشف الفخذ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذه قاعدة مقرَّرة عند جميع أهل العلم، فما نأخذ الكلام مجرَّدًا؛ لأنها إذا سترتْ إلى الركبة سوف يخرج الفخذ لا محالة، فلا بد من ستر ما تحت الركبة ولو بشبر على الأقل، حتى على القول بأن العورة من السرة إلى الركبة، فيجتمع القولان في قول واحد، ولا يكون هناك خلاف، ويبقى عالي البدن هو محل الخلاف، أما ما تحت الركبة إلى منتصف الساق أو دونه حماية للعورة -حتى على القول الآخر- فهذا أمر لا بد منه، فما نأخذ الأقوال مجرَّدة هكذا ونطبِّقها، ثم نخرج بدون لباس! فحقيقة الأمر أنه بدون لباس. ويوجد في المناسبات من الأعياد والأفراح والاجتماعات في محافل النساء وما أشبه ذلك شيء يندى له الجبين، فتلبس المرأة إلى الركبة، وفي النهاية تُرى سوءتها، وهذا لا يقول به عاقل فضلًا عن عالم.