شرح كتاب التوحيد - 07
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد أنهينا الكلام على حديث ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) [أخرجاه].
وقفنا على هذا، انتهينا من هذا، والباب –الترجمة- باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وفيه الآية نص في الموضوع، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [(108) سورة يوسف]، وفي حديث ابن عباس قال لمعاذ: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) فالمناسبة ظاهرة وبالمطابقة.
قال: "ولهما عن سهل بن سعد": الساعدي، الأنصاري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر": يوم خيبر، يطلق اليوم ويراد به عدة أيام، نعم؟
طالب:.......
يعني ما حصل اليوم، المدة التي حصل فيها القتال، سواءً كانت يوم أو يومين أو ثلاثة أو شهر، ولذا جاء الإذن بالمتعة يوم خيبر، وجاء النهي عن المتعة في يوم خيبر، لا يلزم أن يكون هذا في يوم واحد؛ لأن خيبر حوصرت مدة.
المقصود أن مثل هذا التعبير (يوم كذا) يحتمل أن يكون يوماً بالمعنى الاصطلاحي، وأن يكون أياماً، لكنه في حيز ما أضيف إليه، كما أن الساعة قد تكون ساعة فلكية ستين دقيقة نعم، وقد تكون أقل أو أكثر.
"قال يوم خيبر: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه))": "((لأعطين الراية))": اللام للتأكيد، والنون أيضاً نون التوكيد الثقيلة التي يبنى معها الفعل المضارع على الفتح، وكأن هذا وقع في جواب قسم مقدر والله لأعطين.
الراية: العلم واللواء الذي يرفع للدلالة على موضع الجيش، إذا رفع شيء عرفنا أن الناس في هذا المكان تحت هذا الشيء المرفوع، ولذا تجدون في أيام المواسم -في الحج مثلاً- تجد شخص معه عصا وفي طرفه شيء يرفعه ليعرفه أتباعه، من أجل أن يجتمعوا إلى هذا الشيء المرفوع، ومثله الراية، لو أبعد إنسان واسترسل في مشيه لحاجة من حوائجه فيؤمن من ضياعه؛ لأن الراية تدله على موضع الاجتماع.
"((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله))": هذه شهادة، شهادة ممن لا ينطق عن الهوى، من معصوم، لمن؟ لمن أعطي هذه الراية، وهو علي بن أبي طالب، وهي منقبة من مناقبه -رضي الله عنه وأرضاه- وشهادة له بأنه يحب الله ورسوله، ليست هذه دعوى، أو مجرد ظن، لا، هذا يقين مقطوع به بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ابن عم الرسول وصهره على بنته، ورابع الخلفاء بل رابع الأمة بعد نبيها، يحب الله ورسوله "((ويحبه الله ورسوله))": هذا أيضاً منقبة له، وكونه ثبتت له هذه المنقبة لا شك أن فيه رد على من ينال منه، فيها رد على الخوارج الذين يكفرونه، ورد على النواصب الذين يسبونه، وليس فيها ما يدل على عصمته، بل هو كغيره ليس بمعصوم، وإن كان بهذه المنزلة أو هذه المكانة -رضي الله عنه وأرضاه- فليس فيه ما يدعيه من يزعم أنه ينصره ويتشيع له من أنه معصوم، فلم يدع ذلك لنفسه، ولم يثبت في حقه ما يدل على ذلك، إنما ثبت في حقه فضائل ومناقب لا توصله إلى حد يبالغ فيه ويغالى فيه، إلى أن يصرف له شيء من حقوق الله -جل وعلا-، فلما بالغ من يزعم أنه يتشيع له وينصره وعبدوه من دون الله، وتقربوا إليه بما لا يتقرب به إلا إلى الله، قال:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً |
| أججت ناري ودعوت قنبرا |
ألقاهم في النار -رضي الله عنه وأرضاه-؛ لأن هذا شرك، كفر أكبر، ويقع ممن يزعم أنه يتشيع له مثل هذا الشرك، وقفت على مصحف، مصحف وفي آخره أكثر من مائتي صفحة، مصحف من مصاحف الرافضة القرآن كامل، وبعده أكثر من مائتي صفحة مرسوم علي -رضي الله عنه- في السحاب، يزعمون أنه لم يمت، وأنه في السحاب يدبر الكون، وأنه سوف يعود، وهذا ما يسمى عندهم بالرجعة، هذا معه مصحف، ملحق بمصحف، وفي كتبهم من أمثال ذلك الشيء الكثير، وغلوا فيه، وغلوا في بقية الأئمة على حد زعمهم الاثني عشر: الحسين، وزين العابدين، والباقر، والصادق، إلى آخر الاثني عشر، أوصلوهم إلى حد العصمة، ويتداولون أخباراً موضوعة، ويضعون عليهم، وضعوا على الصادق وعلى الباقر أشياء هم منها برءاء فعلي -رضي الله عنه- ولي من أولياء الله، وليس معنى هذا أنه أفضل ممن هو أفضل منه من أبي بكر وعمر وعثمان، فأما بالنسبة لأبي بكر وعمر فهما أفضل الأمة بإجماع من يعتد بقوله من أهل الإسلام، وأما عثمان فجمهور أهل السنة على تفضيله على علي، وفضل علياً قوم من أهل السنة، قالوا بتفضيله على عثمان، ولا شك أن هذا قول مرجوح، ومن فضل علياً على عثمان كما قال أهل العلم: فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، لكنه قول لا يبدع صاحبه، وإن كان قولاً مرجوحاً؛ لأن له سلفا، ومع ذلك فعامة أهل العلم وعامة من يقتدى بقوله ويؤتم به على تقديم الثلاثة على علي، وإن كان من أولياء الله بشهادة المعصوم -عليه الصلاة والسلام-.
"((لأعطين الراية غداً))": وهو اليوم الذي يلي يومك، غداً: اليوم الذي يلي اليوم الذي أنت فيه، والأمس اليوم الذي سبق وتقدم اليوم الذي أنت فيه، على أنه يطلق الأمس ويراد به ما تقدم مطلقاً، {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [(24) سورة يونس]، ما يلزم أن يكون الجمعة مثلاً بالنسبة لنا، {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [(18) سورة الحشر]، لا يعني أنه هذا يوم الأحد ونحن في يوم السبت، لا، لكن الأصل في إطلاق هذه الكلمة أنها لليوم الذي يلي يومك.
"((لأعطين الراية غداً رجلاً))": غداً: ظرف، والراية: مفعول أول، ورجلاً: مفعول ثاني.
أيهما أولى بالتقديم الراية أو رجلاً؟ إذا كان الفعل يتعدى إلى مفعولين فأيهما أولى بالتقديم؟ أعطيت زيداً درهماً، وأعطيت درهماً زيداً، لأعطين رجلاً الراية، أو لأعطين الراية رجلاً، نعم؟
طالب:.......
لماذا؟
طالب:........
هاه؟
طالب:.......
أول إيه؟
طالب:........
يعني لو بنينا الفعل للمجهول أيهما أولى أن يكون نائب الفاعل؟ نعم؟
طالب:.......
أعطي الرايةُ رجلاً، أو أعطي الرايةَ رجلٌ، الإعطاء فيه آخذ وفيه مأخوذ، أنت إذا أعطيت فالمعطى آخذ، الرجل آخذ، والمادة التي بينكما مأخوذة، متصور أو غير متصور الكلام هذا؟ يعني ينفع هذا في باب التقديم والتأخير أن يكون الأولى بأن يكون نائباً للفاعل هو المقدم، والذي لا يصلح أن يكون نائباً من حيث المعنى، نائب للفاعل يكون هو المؤخر، فلو بنينا هذا الفعل للمجهول، فأيهما الذي ينبغي أن يكون نائب فاعل، الآخذ أو المأخوذ؟ الآخذ، أعطي رجل الرايةَ، ولو قلت: أعطيَت الرايةُ رجلاً؟ تعبير صحيح ولا إشكال، لكن الكلام في الأولى، وهنا قال: لأعطين الراية غداً رجلاً.
يقدم الشيء وإن كان حقه التأخير للاهتمام به، فالراية مهتم بها بلا شك، والراية مادامت قائمة فمعها النصر، فلذا يُهتم بها في الحروب، ويستدل بها على أنه ما زال المقاتل فيه قوة، فإذا سقطت الراية بعدها الهزيمة، فكونه يعتنى بالراية وتقدم في مثل هذا التعبير لا شك أن له حظ، وإلا فالأصل أن الآخذ هو الرجل، والمأخوذ هو الراية، والذي ينبغي أن يقدم كما هو الأصل الفاعل يقدم على المفعول، وإن جاز تقديم المفعول على الفاعل، لكن الكلام في الأولى بالتقديم، يعني الترتيب الطبيعي الفعل ثم الفاعل ثم المفعول، يجوز تقديم المفعول لغرض من الأغراض كما هنا.
"((رجلاً يحب الله ورسوله، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله))": لا شك أن محبة الله فرض من فرائض الدين، وأن المحبة فيه أيضاً من أوثق عرى الإيمان، وإذا كان الرجل يحب الله ورسوله، {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [(54) سورة المائدة]، فإذا كانت محبته لله صادقة نشأ عنها محبة الله للعبد.
وقد يكون الشخص بالنسبة للمخلوقين يحِب ولا يحَب، والعكس، وقد يحَب ولا يحِب، فمثلاً في قصة بريرة لما أُعتقت وخُيرت فلم تختر زوجها مغيثاً وصارت تهرب منه، ويتتبعها في أسواق المدينة يبكي؛ هو يحبها وهي لا تحبه، لكن كما قال أهل العلم: الشأن في أن تُحَب، لا أن تحِب، الشأن في أن تُحَب، لا أن تُحِب، لكن بالنسبة لحب الله ورسوله إذا أحببت بصدق وإخلاص ويقين، نشأ عن ذلك أن تحب.
"((ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه))": هذه بشرى من النبي -عليه الصلاة والسلام-، "((يفتح الله على يديه))": بشرهم بالفتح قبل وقوعه، وهذا علَم من أعلام نبوته -عليه الصلاة والسلام-.
"((يفتح الله على يديه))، فبات الناس يدوكون ليلتهم": بات، بات الناس يدوكون، بات: يعني بالليل، وهل من لازم المبيت النوم؟ لا، الأصل في بات العمل في الليل، بات يرقب القمر، ((باتت تحرس في سبيل الله))، هل معنى هذا النوم؟! بات الناس يدوكون، هل هم ناموا يدوكون؟ لا، إنما في وقت المبيت، في وقت النوم الذي هو بالليل، أخذوا يدوكون، ما معنى يدوكون؟ كما فسرها المؤلف -رحمه الله- يخوضون، يدوكون أي: يخوضون.
باتوا أخذوا في الخوض وفي الكلام في الليل، طيب ((لا يدري أين باتت يده)): يعني حمل هذا على نوم الليل متجه أو غير متجه؟ هاه؟
طالب:........
الآن لما قال: ((إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده)) حمله الإمام أحمد على نوم الليل دون نوم النهار؛_ لقوله: ((بات)) والبيتوتة لا تكون إلا في الليل، فعلى هذا يكون نوم الليل، فهل معنى باتت يده، يعني نامت بالليل، يعني أنه نام بالليل؟ نعم؟
طالب:........
البيات نعم بات يرقب القمر، باتت تحرس في سبيل الله، تعمل بالليل، هاه.
طالب:.......
حركة اليد في الليل.
طالب:.......
يعني تخصيص النوم بالليل -كما قال الإمام أحمد- هل يفهم من قوله: ((باتت))، والمبيت هو النوم بالليل كما قالوا، المبيت هو النوم في الليل، إذن: الحديث في نوم الليل، قالوا: لا، المبيت ليس النوم، المبيت العمل في الليل، كما يقال: أضحى يفعل كذا، أمسى يفعل كذا، أصبح يفعل كذا في الصباح، في المساء، في الضحى، وهنا باتت نعم؟
طالب: ما يدري يا شيخ.......
هو في النوم، ((إذا استيقظ أحدكم من نومه)) هذا مفروغ منه، لكن أي نوم نهار وإلا ليل؟ الجمهور يقولون: أي نوم، ليل أو نهار لافرق، الحنابلة يقولون: لا، بالليل؛ لأنه قال: ((أين باتت يده))، والمبيت لا يكون إلا بالليل، اللفظ ذاته هو بالليل، لكن لا يلزم منه النوم، بل العكس، الذي يلزم منه العمل بالليل، مثل ما قال: ((باتت تحرس في سبيل الله)).
طالب:.......
الأجوبة عن هذا معروفة، لكن يبقى أن هل في الحديث ما يدل على أنه بالليل؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:........
لا أنا ما زلت في حديث غسل اليدين بالنسبة للمستيقظ؛ لأنه قال: "فبات الناس يدوكون ليلتهم"، هذا ليس فيه احتمال ثاني أنه في النهار وإلا في شيء، ليلتهم، الحديث ما فيه إشكال، لكن بات، أصل المبيت بالليل.
طالب:.......
وهو نوم، ((إذا استيقظ أحدكم من نومه)) فالإنسان نائم، وباتت يده، يعني ما يلزم منه أن تكون نائمة، أن تكون في الليل، واقعها في الليل، يعني تتحرك في الليل، تعمل في الليل، كما يقال: بات يرقب القمر، ((باتت تحرس في سبيل الله))، يعني تعمل، ليست نائمة، فلا يلزم من المبيت النوم، لكن الحديث مسوق في النوم، إذا استيقظ أحدكم من نومه، وفي وقوله: ((باتت يده)) إشارة إلى أن هذا النوم في الليل، ولذلك الذين ردوا على الحنابلة بقول أهل اللغة: أن المبيت لا يعني النوم، نعم، نقول: حتى وإن كان لا يعني النوم، وإن كان يعني الحركة، وإن كان يعني مراقبة القمر، وإن كان يعني السهر في الحراسة، لا يعني المبيت لكنه يحدد الوقت، لا يعني النوم، لكنه يحدد الوقت، وأصل المسألة في النوم ((إذا استيقظ أحدكم من نومه)) نعم؟
طالب:.......
مسألة الحكم وهل هو يشمل الليل أو النهار، مسألة طويلة وردود ومناقشات، لكننا نناقش لفظ (بات)؛ لأن بعض طلاب العلم إذا سمع مثلاً حنابلة قالوا: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه)) يعني بالليل بدليل ((أين باتت)) والمبيت لا يكون إلا بالليل، يسمع من يقول: إن المبيت لا يلزم منه النوم، لقولهم: بات يرقب القمر، ((باتت تحرس في سبيل الله))، إذن: لا يلزم منه المبيت بالليل، فلا يعني أن هذا في نوم الليل، لا، ليس هذا هو محك المسألة، المسألة في النوم، والدليل على أن هذا النوم في الليل قوله: ((باتت))، واليد لا تبيت، تتحرك تروح يمين وشمال، لا يلزم منها أن تبيت تنام يعني، وهنا: "بات الناس يدوكون": يخوضون "ليليتهم": يعني في ليلتهم.
"أيهم يعطاها": لماذا؟ يعني هل النفس تستشرف للقيادة، وأن يكون الإنسان رأساً، وأن يولى على عمل؟
((لا تسأل الإمارة))، ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة))، فكون الإنسان يستشرف إلى الإمارة والقيادة، هذا منهي عنه، لكن وجد ما يبعث على ذلك وهو الوصف بكونه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يعني تجعل الإنسان يستشرف، لا لذات الرئاسة، وإنما من أجل تحقق هذا الوصف الذي قاله من لا ينطق عن الهوى.
"أيهم يعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": غدوا يعني جاؤوه غدوة في الصباح، في أول النهار.
"كلهم يرجو أن يعطاها": وليس هذا من باب سؤال الرئاسة، أو سؤال الإمارة، ولا منافاة بين هذا الحديث، وبين حديث عبد الرحمن بن سمرة: ((لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)).
"كلهم يرجو أن يعطاها": الآن إذا أعلن عن وظائف شاغرة وتقدم الناس إليها لشغلها، يدخل في سؤال الإمارة أو ما يدخل؟ هاه؟
طالب:.......
وظيفة، يعني فيها تسلط على الناس ، فيها نوع تسلط؟
طالب:.......
هو يريد الأجرة لحاجته إليها، بعض الناس يقول: الأجرة لا تعني له شيئا، شخص مغنيه الله، لا يحتاج إلى أجرة، لكن يحتاج إلى جاه ومنصب، وبعض الناس من باب المزاحمة، يقول: لو تركتها أنا والثاني والثالث صارت بأيدي الأشرار والأمور بمقاصدها، الأمور بمقاصدها، ولذا قال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(55) سورة يوسف].
"كلهم يرجو أن يعطاها": الاستشراف للمناصب والوظائف لا شك أنه يدخل في حيز المذموم، كان سلف الأمة وأئمتها يكرهون هذه الأعمال وهذه المناصب؛ لأنه كما قيل: نعمة المرضعة وبئست الفاطمة، يعني يدخل الإنسان ويستفيد من هذا العمل من المال ومن الجاه لكنه مزلَّة قدم، احتمال أن يضيع بسبب هذا، احتمال أن يكون في موقع يعرَّض للفتن، والفتن متنوعة، منها ما يتعلق بالشهوات ومنها ما يتعلق بشبهات، ومنها ما يتعلق بأموال، مثل هذا لا شك أن الفرار منه هو اللائق بطالب العلم.
كان العلماء ينفرون من الولايات، ينفرون من القضاء، ويُلزمون به ويضربون عليه، والله المستعان، وصار الناس يقدمون ويطلبون هذه الولايات وهذه الأعمال ظناً منهم أن الرزق لا يكون إلا بسببها، أو بواسطتها، والرزق بيد الله -جل وعلا-.
لا شك أن أوضاع الناس تغيرت، وتعلقهم بالله -جل وعلا- بعد أن تعلقوا بالمخلوقين وبوظائفهم ورواتبهم يعني لا شك أنه حصل شيء من الخلل، ولذلك من أول يوم في الدراسة وهو ينظر إلى الشهادة، وينظر إلى الوظيفة، من أول البدايات، وينظر إلى هذا، وهذا هدف عند أكثر المتعلمين، لكن هذا لا يجدي عند الله شيئا، بل يضر بالإنسان ولا ينفعه، والله المستعان، فعلى الإنسان أن يعلق رجاءه بالله -جل وعلا-، وأن لا ينظر إلى المخلوقين إلا على اعتبار أنهم سبب، {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النــور]، الإنسان ليس بيده شيء، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا قاسم، والله معطي)).
"كلهم يرجو أن يعطاها": كلهم يعني الصحابة كلهم، الناس كلهم يرجو أن يعطاها، لا لذاتها، ولا حباً للرئاسة، ولا حباً للتسلط على الناس، ولا ليُرى مكانه، وإنما للوصف الأهم، ((يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله))، وكم من شخص تحقق فيه هذا الوصف وعموم الناس لا يعرفونه.
"فقال: ((أين علي بن أبي طالب؟))": الخليفة وولي الأمر يتفقد الأتباع، ((أين علي بن أبي طالب؟))
"فقيل: هو يشتكي عينيه": يشتكي عينيه من رمد بها، فيها وجع.
"فأَرسل إليه، فأُتى به فبصق في عينيه ودعا له": أرسل إليه، فأتي به، جاء به، أرسل أو أُرسل.
"فأرسل إليه": أي النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسل إليه سعد بن أبي وقاص، فجاء به في بعض الروايات هكذا، نعم، وعن إياس بن سلمة عن أبيه أن الذي جاء به سلمة -رضي الله عنه-.
المقصود أنه أتي به، سواءً كان الآتي به سعد، أو الآتي به سلمة.
"فبصق النبي -عليه الصلاة والسلام- في عينيه": تفل في عينيه، ودعا له، "فبرأ كأن لم يكن به وجع": وهذا من أعلام نبوته -عليه الصلاة والسلام-، والثناء على علي بن أبي طالب بأنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، والشهادة له بالجنة دليل على أنه يختم له بذلك، ولا يمكن أن يُمدح شخص بأنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله وعاقبته سيئة، كما تقول الخوارج بالنسبة علي -رضي الله عنه- أنه ارتد لما حكَّم الناس بكتاب الله، وهذا كلام باطل، بل هو مشهود له بالجنة ومقطوع له بها، بشهادة المعصوم، نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
هو الأفضلية والخلافة كله.
طالب:.......
لا، لا الأفضلية على الترتيب، وجاءت النصوص بذلك، على أنهم مرتبون أبو بكر ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم بقية العشرة، ثم إلى آخره، نعم؟
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
لأنه قد يدعو له غير النبي -عليه الصلاة والسلام- فيُشفى، لكن ما معنى بصق عليه في عينيه؟ أنت تقول: إنه برئ بسبب أمر مركب من شيئين، وهو كونه بصق ودعا، فلا يدرى الشفاء بسبب البصاق أو بسبب الدعاء.
على كل حال هل لأحد أن يبصق في عين أحد؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- بصق في بئر ففارت، ومسيلمة بصق في بئر فغارت، فرق، يعني هذا ما يشك فيه بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- وأن ما يلابسه تحل فيه البركة -عليه الصلاة والسلام-.
"ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع": كأن لم يكن به وجع، برأ فوراً، يعني الأدوية قد يكون لها أثر وسبب ظاهر في النفع، لكنها ليست فورية، بينما هذا الأمر الذي أصاب علياً في عينيه، برأ فوراً كأن لم يكن به وجع، وليس له أثر؛ لأن المرض قد يشفى لكن يبقى له آثار، وهذا كأن لم يكن به وجع، كأنه لم يصبه، فوراً.
"فأعطاه الراية، فقال: ((انفذ على رسلك))": امضِ على رسلك، يعني بأناة ورفق، لماذا؟ لأن الموطن والموقف وهو حرب وجهاد قد يتطلب العجلة في تقدير بعض الناس، وأن مثل هذا الأمر لا يتم إلا مع الخفة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى في هذا الموضع الذي يُظن أنه لا يتم إلا بهذا، فالأناة مطلوبة، والتأني لا شك أنه هو الذي يحقق ما يراد بخلاف العجلة، فالعجلة من الشيطان، والرفق ما دخل في شيء إلا زانه، والعجلة لن تؤثر في الواقع شيئاً، قد يقول قائل: إن هناك أشياء تفوت تحتاج إلى عجلة، نقول: إذا اقتضى الأمر ذلك فلا مانع، {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [(84) سورة طـه]، إذا اقتضى الأمر ذلك فلا مانع، فمثلاً تجد إنساناً يحتاج إلى إسعاف، صدمته سيارة، وبين يديك يتشحط، تريد أن تدرك وإن كنت لن تقدم ولن تؤخر، لكن أنت سبب، والسبب مأمور ببذله، فلا مانع أن تستعجل إلى إيصاله من يسعفه، فالأمور تقدر بقدرها.
"((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم))": الساحة ما قرب من الدور قبلها، يعني قبل الحصون، قبل حصون خيبر تنزل في الأماكن الواسعة الفسيحة كالساحة وهي ما قرب من الدور.
"((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام))": وهذا هو الشاهد للترجمة، باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، والدعاء إلى الإسلام دعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله؛ لأنه لا يكون إلا بها، لا يكون إلا بالشهادة.
"((ثم ادعهم إلى الإسلام))": هناك في حديث ابن عباس في بعث معاذ: ((ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)) هنا: ((ادعهم إلى الإسلام)) باللفظ المقرر وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، هناك: ((فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم...)) إلى آخره، وهنا قال: "((وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى))": وهذا فيه إجمال بُيِّن وفُصِّل في الحديث السابق، من الصلاة والزكاة، وبقية شرائع الإسلام وإن لم تذكر إلا أنها مطلوبة ويشملها قوله هنا: ((وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى)).
"((فيه))": يعني في الإسلام من بيان للواجبات ليفعلوها، وبيان للمحرمات فيجتنبوها، والواجبات أشمل من أن تكون أركاناً أو غير أركان، وكذلك المحرمات أعم من أن تكون الشرك أو البدع والمعاصي والكبائر والصغائر وغيرها، نعم؟
طالب:.......
لا، ((ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم)) الواو هنا قد تكون للترتيب، لا سيما وأنها جاءت مرتبة، هذه الأمور مرتبة في أحاديث أخرى، فتحمل عليها، ومنهم من يقول: أن تخبرهم جملة، أخبرهم بشرائع الإسلام ثم ادعهم إليه؛ ليدخلوا فيه على بينة، وهذا تعرضنا له في الدرس الماضي، ليدخلوا في الإسلام على بينة أسهل من أن يدخلوا مع شيء من الخفاء بحيث إذا تبينوا شيئاً لا يريدونه ارتدوا فتحتم قتلهم.
يقول: أخبرهم، ليكون بيدهم الخيار يدخلوا أو لا يدخلوا في الإسلام؛ لأن الكافر الأصلي يمكن إقراره على دينه بالجزية لا سيما وهم يهود، يقرون على دينهم بالجزية، لكن لو دخلوا في الإسلام، ثم أُخبروا بما يجب عليهم من حق الله تعالى، ثم رجعوا، يعني كم من شخص دعي إلى الإسلام فأسلم وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فلما طلب منه الختان ارتدَّ، فعلى هذا يبين لهم ما يجب عليهم من حق الله تعالى قبل أن يدخلوا في الإسلام، يعني لذا قوله: "((ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم))": يعني دفعة واحدة وهو مقتضى الواو التي هي لمطلق الجمع، لكن في حديث ابن عباس السابق: ((ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك)): يعني أمور مرتبة، لا تدعهم إلى الصلاة، لا تدعهم إلا شرائع الإسلام إلا بعد أن يستجيبوا فيتلفظوا بالشهادة، وليس معنى هذا أنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة وغيرهما من فروع الإسلام قبل الدخول فيه، هم مخاطبون بالأوامر والنواهي، عند جمهور أهل العلم خلافاً للحنفية الذين يرون أنهم غير مخاطبين مطلقاً؛ لأن شرط صحة هذه الأمور هو الإسلام، وأنها لا تصح إلا من مسلم، نعم؟
طالب:........
يعني غلب على الظن أنه إذا قيل له: اختتن يرتد، هل نترك هذا الأمر إلى أن يستقر الإيمان في قلبه، ويخالط بشاشته قلبه، نعم؟
طالب:........
ننتظر لتحصيل مصلحة أعلى ، لكن إذا قلنا إن الختان له أثر في الصلاة، وأن وضوءه لا يصح إلا بالختان، فيكون أثره عظيماً في إسلامه؛ لأن الختان له أثر في الصلاة، والصلاة لها أثر في أصل الإسلام، نعم؟
طالب:.......
+إيه.
طالب:.......
هذا الخبر الذي معنا ......
الخبر الأول أمور مرتب بعضها على بعض، انتهينا منها، ((فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم)) فهذا معناه أنك لا تخبرهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، هذا مقتضى حديث ابن عباس في قصة بعث معاذ إلى اليمن.
الحديث الذي معنا حديث سهل بن سعد، ((ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم)) هناك لا تخبرهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وهل معنى ذاك أن إخبارهم أو مطالبتهم بالصلاة لا يعني إخبارهم بها قبل ذلك؟ لأنه قال: ((فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم)).
طالب:.......
الخبر الأول حديث ابن عباس ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك)) لا تخبرهم بالزكاة حتى يستجيبوا للصلاة، ولا تخبرهم بالصلاة حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، أمور مرتب بعضها على بعض، وهنا: "((ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه))": ((وأخبرهم))": ما قال: ثم أخبرهم، والواو لمطلق الجمع لا تقتضي الترتيب، وهناك فيه ترتيب، هل نقول: إن هذه الواو قد تأتي للترتيب كما في آية الوضوء، بدلائل أخرى، وهنا للترتيب بدلائل أخرى كما في آية الوضوء؟ أو نقول: لا، بيِّن لهم، ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فيه، على أن مما يجب عليهم، ((ادعهم إلى الإسلام))": كلمة إجمالية يعني يا أيها القوم أسلموا، كيف نسلم؟ أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة كما في حديث معاذ فيحمل عليه؛ لأن ((ادعهم إلى الإسلام))": إجمال، كيف نسلم؟ اشهدوا أن لا إله إلا الله، ثم بعد ذلك إذا شهدوا أن لا إله إلا الله، أعلمهم أن الله، فتلتئم الأحاديث، وتتفق بعضها مع بعض، نعم؟
طالب:.......
حتى المجمل الآن فيه ما يوحي بإمكان حمله على الحديث الأول، ((ادعهم إلى الإسلام))": يا أيها الناس أسلموا، ((أسلم تسلم))، يقول لهرقل: ((أسلم تسلم))": كيف أسلم؟ يفسره حديث معاذ، اشهد أن لا إله إلا الله، إن الله افترض عليك خمس صلوات، إنه افترض عليك زكاة؛ لأن كلمة ادعهم إلى الإسلام كلمة مجملة كيف يتم دعاؤهم إلى الإسلام؟ بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله ثم يخبروا بأنه يجب عليهم خمس صلوات، ثم يخبروا بأنهم عليهم زكاة، نعم؟
طالب:........
لا شك أن حديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن متأخر عن حديث سهل بن سعد؛ لأن حديث سهل سنة سبع من الهجرة، وحديث معاذ سنة عشر أو تسع، فهو بعده، وهو أيضاً مفسر لما جاء مجملاً فالعمل عليه، بأن يخبروا بالشرائع بالتدريج، الأهم فالأهم، الأعظم فالأعظم من شعائر الإسلام، نعم؟
طالب: بعث معاذ -رضي الله عنه- يختلف عن........ ومعاذ -رضي الله عنه- ذهب إلى بلد معين......فبهذا جاء الأمر؟
لكن كيف يتم امتثال الأمر الإجمالي؟ ((ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم)) يعني إذا قالوا: نعم نريد أن نسلم، لكن كيف نسلم؟ نقول: اشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا تلفظوا بالشهادتين نخبرهم أن الصلاة واجبة، نعلمهم الوضوء كما هو معمول الآن به، يلقنون الشهادة، ثم يعلمون الوضوء، ثم يصلون وهكذا.
بعضهم يباشر بتعليم المقدمات، يعني ما يجب للصلاة قبلها، وهذا هو الأصل؛ لأن الشروط لا بد من تحققها قبل المشروط، يعني إذا دعاهم إلى الإسلام ولقنهم الشهادة إذا كانوا قد لبسوا ما لا تصح الصلاة به، أمرهم أن يلبسوا، وغير ذلك من شروط الصلاة، بما في ذلك الوضوء، فيعلمهم الوضوء، والوضوء عند جمع من أهل العلم لا يتم إلا بالاختتان، فلا بد أن يختتنوا، لكن لو قدر أو أنه غلب على ظنه أن هؤلاء إذا طُلب منهم الاختتان لا يطيقونه، لا سيما الكبير لا يطيق الاختتان، وإن كان إبراهيم اختتن وهو ابن ثمانين سنة، الناس يتفاوتون.
وعلى كل حال يمكن توضيح هذا الحديث بالحديث الذي قبله، ومثل ما قلنا: لا يعني أنهم لا يطالبون بالصلاة حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله أنهم غير مخاطبين بفروع الإسلام، فالجمهور على أنهم مخاطبون بفروع الإسلام سواءً كانت أوامر أو نواهي، والحنفية يرون أنهم غير مخاطبين مطلقاً؛ لعدم تحقق الشرط؛ لأنهم لا تصح منهم لو فعلوها، ولا يطالبون بها إذا أسلموا، ولا تصح منهم حال كفرهم، فما معنى تكليفهم بها؟
كونها لا تصح منهم لفقد الشرط، فالصلاة لا تصح بغير طهارة وإن كان مسلماً، فالشرط لا يصح إلا بعد تقدم المشروط، يلزم على قول أبي حنيفة أننا إذا وجدنا شخصاً في وقت الصلاة ما نقول له صلِّ، ولا نأمره بالصلاة، إنما نأمره بالوضوء، لماذا؟ لأن الصلاة لا تصح إلا بالوضوء، فلا نأمره بالصلاة حتى يتحقق الشرط، كما هنا لا يؤمر بالصلاة، لا يؤاخذ بالصلاة لا يكلف بالصلاة حتى يسلم، هذا من لازم قول الحنفية.
من أهل العلم من يرى أنهم مطالبون بالنواهي دون الأوامر؛ لأن النواهي يتصور الكف عنها حال كفره، وأما بالنسبة للأوامر فلا يتصور أن يفعلها حال كفره.
والجمهور يوافقون الحنفية على أنهم لا يطالبون بها قبل أن يسلموا ولا تصح منهم، ولا يؤمرون بقضائها إذا أسلموا.
طالب:.......
إذن ما معنى التكليف؟ على قول الجمهور، التكليف هو من أجل زيادة عذابهم في الآخرة، فيعذبون على أصل الإيمان، ويعذبون أيضاً على فروع الدين، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [(42 - 44) سورة المدثر]، يعني ما الذي جعلهم يعذبون؟ تركهم لهذه الفروع إضافة إلى الأصل.
"((وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى))": يعني من أداء الفرائض واجتناب النواهي، أداء الفرائض بواجباتها وشروطها وأركانها، واجتناب النواهي جملة وتفصيلاً، فالأوامر يؤتى منها المستطاع، والنواهي تترك من غير ثنيا، ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه))ه.
فعل الأوامر واجتناب النواهي مجموع الأمرين ما يعبر عنه بالتقوى، التقوى فعل الأوامر واجتناب النواهي، الحديث المفصل: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه)) ما قال: اجتنبوا ما استطعتم، صحيح أو لا؟
لأن النواهي يتصور تركها، ولا يتصور العجز عن تركها، نعم قد تكون النفس غالبة ويخاصم ويجادل وينازع نفسه وشيطانه، ثم قد تغلبه فيكون غير مستطيع لمقاومة النفس والشيطان، لكن ومع ذلك ((فاجتنبوه))، لا يعذر، إذا غلبته نفسه والشيطان يعذر؟ يقول: ما استطعت؟ لا، لا يعذر.
الشطر الثاني داخل في التقوى، وفي التقوى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}: معناه أن فعل الأوامر الذي هو الشق الأول من التقوى مربوط بالاستطاعة، والشق الثاني الذي هو اجتناب النواهي مربوط بالاستطاعة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فالتقوى عبارة عن فعل الأوامر واجتناب النواهي، صحيح وإلا لا؟ طيب {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} والتقوى كما تكون بفعل المأمورات تكون بترك المحظورات، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} يشمل الأمرين، وفي الحديث: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) هل معنى هذا أن المنهي عنه مربوط بالاستطاعة لأن التقوى معلقة بالاستطاعة، أو لا؟
طالب:........
المكره على فعل المحرم غير مؤاخذ؛ {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل]، هذا لم يستطع وهو بصدد ترك محظور، لم يستطع ترك المحظور؛ لأنه مكره، والله -جل وعلا- يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وما لا يستطيعه الإنسان لا يؤاخذ عليه، والحديث: ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))، وهذا يدل على عظم شأن ارتكاب المحرمات، وأنه أعظم من ترك المأمورات، وبهذا قال الإمام أحمد صراحة؛ لأن فعل المأمورات مربوط بالاستطاعة، معلق بالاستطاعة، ترك المحظورات بدون ثنيا، حسم، من غير تعليق بالاستطاعة إلا من حيث الإجمال في التقوى، أما من حيث التفصيل فالمنهي عنه يجب تركه جملة وتفصيلاً من غير ثنيا.
شيخ الإسلام يرى أن ترك المأمور أعظم من فعل المحظور، هاه؟
طالب:.......
أعظم من فعل المحظور، ويستدل على ذلك بأن معصية آدم فعل محظور، ومعصية إبليس ترك مأمور، ظاهر دليله وإلا ما هو بظاهر؟ ظاهر دليله، لكن هل هذا القول أو الذي قبله يقبل على الإطلاق؟ هاه؟
طالب:.......
نعم بحسب القوة في المأمور والقوة في المحظور، يعني الآثار المترتبة والآثام، يعني هل الأمر بالصلاة مثل الأمر بزكاة الفطر مثلاً؟ أو الأمر بالزكاة مثل زكاة الفطر، أو الأمر بالصلوات الخمس مثل الأمر بصلاة العيد عند من يقول بوجوبها؟ لا، الأوامر متفاوتة كما أن النواهي متفاوتة.
ورجح بعض أهل العلم من المعاصرين قول شيخ الإسلام وانتصر له، يترتب على هذا، يعني القول بالإطلاق له لوازم، له لوازمه، لو أن شخصاً حالق للحيته وشخص معفي للحيته، لكنها بيضاء ما غيرها، الحالق فاعل لمحظور، والذي لم يغير تارك لمأمور، ((غيروا)) أيهما أعظم ذنبا؟ على قول شيخ الإسلام وقول من ينصره وهو لا يغيرها.
طالب:.......
لكن إذا أطلق من غير تقييد..، كما أن القول الآخر إطلاق العكس بغير تقييد من لازم هذا الكلام، لا بد من التقييد.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
هذا بلا شك، حتى في مفرداته.
طالب:.......
الرجال أفضل من النساء.
طالب:.......
تفضيل الجنس غير، لكن يبقى أنه من لوازمه أن من حلق لحيته أسهل ممن أعفاها ولم يغيرها، ولذلك إطلاق القواعد بهذه الطريقة غير سائغ، لا في القول الأول، ولا في القول الثاني؛ لأننا ننظر هذا المأمور وما يقابله من محظور، والمسألة عند التزاحم، أنت في طريقك إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة وهي واجبة، في طريقك بغي، وعلى رأسها ظالم، ما تدخل المسجد حتى تقع عليها، أيهما أعظم؟ ترك المأمور وهو صلاة الجماعة أو فعل المحظور؟ لا شك أن فعل المحظور أعظم، وأشد، لكن لو كان المحظور أسهل وأيسر بكثير، مثلاً في طريقك إلى المسجد سوق فيه نساء متبرجات، وأنت مأمور بغض البصر تقول: لا أستطيع، هل تقول: أرتكب المحظور وأنظر إلى النساء وأروح أصلي في الجماعة أو أرجع، أترك؟؛ لأن هذه المسائل تحتاج إلى موازنة؛ لأن الإنسان بصدد أن يكسب لا أن يخسر، ولذلك بعض الناس يقول: أنا، أنا لا أعتمر، لماذا؟ لأني إذا اعتمرت ارتكب بعض المحظورات من نظر إلى نساء متبرجات، والمسألة مكاسب وخسائر، يعني قد أخسر في سفري هذا، نقول: في المندوبات لك أن تنظر في مصالحك وخسائرك، والله تقول: أنا ما أقدر أعتمر، ولا أحج نفلاً؛ لأني أتعرض لكذا، وكذا، لكن حج الفريضة يمكن تترك الفريضة تقول: إني قد أقع في محظور؟
لا، {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} [(49) سورة التوبة] ما عذروا، وإن كانت الفتنة قد تقع لبعض الناس، لكن في الفرض لا يعذر أحد، اللهم إلا إذا وجد مثل ما ضربنا المثال أن في الطريق بغياً وعلى رأسها ظالم يجبر الناس على الوقوع فيها.
"((وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى))": من أداء للفرائض على الوجه الشرعي، والنهي عن تعدي الحدود التي حدها الله تعالى إلى آخره.
"((فوالله))": قسم، وفيه جواز الحلف من غير استحلاف على الأمور المهمة، وأما غير المهمة: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة]، أما بالنسبة للأمور المهمة فينبغي الحلف عليها؛ لأهميتها.
وقد أمر الله -جل وعلا- نبيه -عليه الصلاة والسلام- أن يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من كتابه، في سورة يونس في الآية الثالثة والخمسين: {وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي} [(53) سورة يونس]، وفي سورة سبأ في الآية الثالثة: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي} [(3) سورة سبأ]، وفي التغابن في الآية السابعة: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي} [(7) سورة التغابن]، ثلاثة مواضع أمر الله نبيه أن يقسم بها على البعث، فإذا وجدت الحاجة والمخاطب بصدد أن يكون لديه شيء من التردد فإنه يُحلف على الكلام، لكن لا بد أن يكون هذا الأمر مهماً، فالحلف على الأمور المهمة مشروع، نعم؟
طالب:.......
على ماذا؟
طالب:.......
ما في مانع، لأهميته، الفتاوى المهمة التي يكثر الخلاف فيها، نعم؟
طالب:........
يجوز الحلف على غلبة الظن.
"((فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً))": رجلاً واحداً "((خير لك من حمر النعم))": ((من حمر)): بإسكان الميم، النعم، حمر جمع حمراء، وبعض الناس يقول: حُمُر، النِعم، وهذا خطأ في الكلمتين، حُمُر جمع حمار، والنِعم جمع نعمة، وأما حُمْر فهو جمع أحمر، حمراء من النَعم، من الإبل التي هي أنفس الأموال عند أهلها.
"يدوكون": أي: يخوضون، يدوكون، هذا تفسير كلمة وردت في الحديث، وعادة البخاري -رحمه الله تعالى- قد يفسر كلمة غريبة في الحديث، وقد يفسر كلمة في القرآن، ليست في الحديث لأدنى مناسبة؛ لأنه مر نظيرها في ترجمة، أوفي أثر، أوفي حديث، فيفسر هذه الكلمة ولو لم ترد في الباب.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"فيه مسائل": يعني هذا الباب فيه مسائل
الأولى: أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": بل هي طريقه هو -عليه الصلاة والسلام- ومن اتبعه، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [(108) سورة يوسف]، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}: هذه طريقته وجادته وعادته -عليه الصلاة والسلام-، الدعوة إلى الله على بصيرة، وهي أيضاً طريقة من اتبعه من الصحابة والتابعين، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، هذه طريقتهم أنهم يدعون الناس، يدعون الناس على ما تلبسوا به من هذه النعمة التي هي أعظم النعم وهي شهادة أن لا إله إلا الله، يدعو إلى ما يعمل به، ومن الناس من يعمل من ولا يدعو، ومن الناس من يدعو ولا يعمل، وهاتان الطائفتان ليست على طريقته وسبيله -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل نقول: لا بد من الجمع بين الأمرين، فإذا لم يحصل واحد لا يحصل الثاني، أو نقول: الأصل الجمع بين الأمرين، وهو الواجب، وهو المتعين، لكن من عمل، ولم يدعُ هل نقول له: اترك العمل؛ لأنك لست على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن هديه العمل والدعوة، عمل على بصيرة، والدعوة على بصيرة؟
نقول: اعمل واحرص على الدعوة؛ لتكون على سبيله -عليه الصلاة والسلام-.
يقابله من يدعو ولا يعمل، من يأمر الناس بالبر وينسى نفسه، أهل العلم لا يشترطون في الداعي ولا في الآمر والناهي أن يكون معصوماً، نعم جاء التحذير وجاء التشديد فيمن يدعو الناس إلى الخير ولا يعمل به، وإذا رأوه في النار قالوا: إنك كنت تدعونا وتنهانا وتأمرنا، قال: نعم، آمركم بالمعروف ولا أفعل، وأنهاكم عن المنكر وأفعل، فهذا ليس من هديه -عليه الصلاة والسلام- أن يدعو بغير عمل، ولا أن يعمل من غير دعوة، بل يدعو إلى ما يعمل به، لكن أهل العلم يقولون: الجهة منفكة وهو مطالب بالأمرين، مطالب بالعمل ومطالب بالدعوة، فإذا تخلف أحدهما لا يلزم من ذلك تخلف الثاني، ويؤجر على أجر دعوته ولو تخلف عمله أو قصر في العمل ما لم يكن في دعوته مستهزئاً، يعني بعض الناس يأمر لكنه إلى الاستهزاء أقرب منه إلى الجد، يعني حال مزاولته للمعصية يأمر بالمعروف وينهى عن هذه المعصية، نعم؟
طالب:........
نفس المعصية، يعني يجتمع شخصان على كرسي حلاق، وكل منهما يزاول هذه المعصية تُحلق لحيته برضاه وبطوعه واختياره، يلتفت على زميله يقول: إن حلق اللحية حرام، اتق الله يا فلان حلق اللحية..، هذا ناهي بجد أو مستهزئ؟ مستهزئ بلا شك، لكن قد يتصور من مرتكب الذنب أن ينهى عنه ولا يعدُّ مستهزئاً، يعني في المعاصي التي لها ضرر، مثل الدخان، بعض الناس يدخن ويقول: أنا لا أستطيع أترك الدخان، حاولت مراراً وجاهدت لا أستطيع، لكن أنت يا أخي اتق الله لا تدخن، يعني هذا قد يتصور منه، بخلاف من يزاول المعصية بإمكانه أن يتركها فوراً.
"الثانية: التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيراً من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه": التنبيه على الإخلاص؛ لأنه إذا كان على بصيرة هاه؟ هو يدعو إلى الله، وعلى بصيرة؛ لأن بعض الناس يزعم أنه يدعو إلى الله، لكن مع ذلك في قرارة نفسه يدعو الناس إلى نفسه، وسمع شخصاً يعظ الناس، فقال له: من أنت، قال: ابن فلان، قال: أنت ابن اعرفوني، إذا تكلم الإنسان اتجهت الأنظار إليه، فهو يريد أن يعرف؛ لأنه قال: التنبيه على الإخلاص، {أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [(108) سورة يوسف]؛ لأن كثيراً من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه، وهذا أمر فيه طرفان، فيه طرفان: الطرف الأول: من يستغل كل مناسبة، أما بالنسبة إلى المخلص لله -جل وعلا- ويدعو إلى الله، هذه سبيل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الناس يستغل كل مناسبة من أجل أن يعرف في هذه المناسبة، يقابله شخص يصلي مع جماعة كبيرة في مسجد لمدة شهر، ومع ذلك لا يعرفه أحد وهو من أهل العلم، هذا دليل على أنه قصر في مجال الدعوة، كلاهما مذموم، يعني كونه يمضي شهر على عالم يصلي مع جمع من الناس ولا يُعرف، ممدوح أو مذموم؟
هذا دليل على أنه ما قدم لهم شيئاً، ويقول: أنا لست ممن يقول ممن يدعو إلى نفسه، ولست ممن يعرفوني، أنا أصلي خفية، وأخرج خفية، نقول: لا، هؤلاء يحتاجون ما عندك من علم، لكن لا تصير مثل ابن يعرفوني، ولا تصير مثل الذي يصلي بحيث لا يعرف؛ لأن الناس يحتاجون العالم، وهناك أماكن يتعين فيها البيان، ودين الله -سبحانه وتعالى- وسط بين هذا وهذا، بين من يستغل كل مناسبة من أجل أن يُعرف، ووراء ذلك أن يخدم، وبين من يصلي أو يخالط الناس مدة طويلة ولا يعرفه منهم أحد، هذا دليل على تقصيره وأنه لا فرق بينه وبين العامة.
طالب:.......
ماذا نعمل ؟
طالب:.......
نعم، لكن ما يتأخر في وقت البيان، الخفي الحفي حينما لا تدعو الحاجة إلى البيان؛ لأن كلاً من الطرفين يعتريه ما يعتريه، كون الإنسان يستغل كل مناسبة لحاجة تدعو إلى ذلك أو إلى غير حاجة، لمناسبة أو لغير مناسبة، هذا لا شك أنه إن كان مخلصاً فليبشر بالخير العظيم، وإن كان من أجل أن يعرف فيقدر ويصدر في المجالس ويخدم وتقضى حوائجه، هذا شيء آخر، هذا من يدعو الناس إلى نفسه.
"الثالثة: أن البصيرة من الفرائض": البصيرة من الفرائض؛ لأنها سبيل النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالذي يدعو على غير بصيرة وعلى غير علم، فإنه على غير سبيله وغير هديه -عليه الصلاة والسلام-، وعلى غير سنته مما يدل على أن البصيرة أمر لازم؛ لأن الدعوة من غير بصيرة على غير هديه وعلى غير سبيله -عليه الصلاة والسلام-.
"الرابعة: من دلائل حسن التوحيد أنه تنزيه لله تعالى عن المسبة": لأن دعوة غيره معه تنقص لله -جل وعلا-، الذي يدعو مع الله غيره هذا متنقص لله -جل وعلا-، وأنه يوجد في الوجود من يساويه، من يصلح أن يكون نداً له ومثيلاً وشبهاً له، هذا تنقص.
"الخامسة: أن من قبح الشرك كونه مسبة لله تعالى": التوحيد تنزيه لله -جل علا- عن المسبة التي اقترن بها هذا الشرك.
"السادسة: وهي من أهمها، إبعاد المسلم عن المشركين": {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [(108) سورة يوسف]، يعني يعلن البراءة من الشرك وأهله، ويفارقهم ببدنه وقلبه؛ لئلا يحسب منهم، إذا كثر سوادَهم عُدَّ منهم، إذا كثر سواد المسلمين عُدَّ منهم، ولذا وجبت الهجرة على المسلم من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام.
"السابعة: كون التوحيد أول واجب": ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله..)) إلى آخره.
"الثامنة: أنه يبدأ به قبل كل شيء حتى الصلاة": التي هي أوجب الواجبات وأعظم فرائض الدين بعد الشهادتين.
"التاسعة: أن معنى: ((أن يوحدوا الله)) معنى شهادة: أن لا إله إلا الله": بدليل أن الراوي جاء بهذا مرة، وبهذا مرة مما يدل على أن معناهما واحد.
"العاشرة: أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب": الذي دعي إلى الله فاستجاب -من اليهود والنصارى- "وهو لا يعرفها": لا يعرف لا إله إلا الله، لكونه ممن عاش على التحريف لكتاب الله ولكلامه، ودعا معه غيره، لا يعرفها، سواءً كان لا يعرفها من حيث النظر أو من حيث التطبيق، سواءً كان لا يعرف معناها وما تقتضيه وما تتطلبه، أو يعرف شيئاً من ذلك لكنه بحال التطبيق لا يطبق ذلك فيدعو مع الله غيره، كما حصل من اليهود و النصارى، "أو يعرفها ولا يعمل بها": فيأتي بما ينقضها.
"الحادية عشرة: التنبيه على العلم بالتدريج": ((فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم)) هذا تدرج وتدريج في التعليم.
"الثانية عشرة: البداءة بالأهم فالأهم": بدأ بالشهادتين ثم الصلاة ثم الزكاة.
"الثالثة عشرة: مصرف الزكاة": ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) وهذا مصرف من المصارف الثمانية، ويجوز صرف الزكاة لمصرف واحد خلافاً للشافعية الذين يقولون: لا بد من أن تعم جميع المصارف الثمانية المنصوص عليها في كتاب الله -جل وعلا-.
"الرابعة عشرة: كشف العالم الشبهة عن المتعلم": من أين؟
طالب: ((إنك تأتي قوماً أهل كتاب)).
نعم، يعني إذا كان أهل الكتاب والتنصيص على أنهم أهل كتاب وإخباره بأنهم أهل كتاب ليأخذ الأهبة لهم، وليعرف ما عندهم من شبه ليكشفها، وهذه فائدة التنصيص على كونهم من أهل الكتاب.
"الخامسة عشرة: النهي عن كرائم الأموال": لأنها تضر بالأغنياء، ومثل ما قلنا سابقاً: إن الزكاة كما شرعت دفعاً لحاجة الفقراء وملاحظة لهم من قبل الشارع هي أيضاً فيها عدم إهدار حظ الأغنياء ((فإياك وكرائم أموالهم)).
"السادسة عشرة: اتقاء دعوة المظلوم. ": لأنها لا ترد، ويكون اتقائها باتقاء الظلم.
"السابعة عشرة: الإخبار بأنها لا تحجب": ((فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)).
"الثامنة عشرة: من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء": "من المشقة": بلغوا من المشقة مبلغهم في خيبر، وفي تبوك، ومعهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي الأحزاب، بلغهم مشقة وجوع وبرد شديد، ووباء، وأمراض، ومع ذلك صبروا ولا يصبر الإنسان على هذه الأمور إلا لما يرجو مما هو أعظم منها، وهذه من أدلة التوحيد؛ لأنه لو لم يكن على حق في توحيده لله -جل وعلا- ما صبر على هذه الأمور.
"التاسعة عشرة: قوله: ((لأعطين الراية)) من أعلام النبوة": ((رجل يحب الله..)) ((يفتح الله على يديه))، ((لأعطين الراية)) إلى آخره علم من أعلام النبوة.
"العشرون: تفله في عينيه علم من أعلامها أيضاً": فإنه برئ في الحال، كأن لم يكن به وجع.
"الحاديةُ والعشرون: فضيلة علي -رضي الله عنه-": وذلك مأخوذ من قوله: ((يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)).
"الثانية والعشرون: فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح": لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بشرهم، ((يفتح الله على يديه)) ما فرحوا بهذا الفتح بقدر اهتمامهم بإعطاء الراية، الراية التي فيها أن من أعطيها فإنه يحبه الله ورسوله.
"الثالثة والعشرون: الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها": علي -رضي الله عنه- جالس في مكانه، ما جاء ولا سعى، بينما سعى لها غيره، لما أصبحوا هرعوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كلهم يرجو أن يعطاها، فهؤلاء سعوا ولم يعطوا، وعلي -رضي الله عنه- لم يسع وأعطي، فهذا إيمان بالقدر، فهي مقدرة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
"الرابعة والعشرون: الأدب في قوله: ((على رسلك))": يعني توجيه نبوي لجميع القواد أن يلزموا التؤدة والأناة، وأن يتركوا الطيش والعجلة لا سيما في مثل هذه المواطن التي قد يغفل فيها الإنسان عن تفكيره وعمله الذي كان يعمله في حال السعة.
"الخامسة والعشرون: الدعوة إلى الإسلام قبل القتال": ((فادعهم إلى الإسلام))، فإن لم يستجيبوا يعني فقاتلهم، وإن أجابوك فأخبرهم بشرائع الإسلام من الصلاة والزكاة وغيرها.
"السادسة والعشرون: أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك": الذي هو القتال، مشروع لمن دعي قبل ذلك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أغار على بني المصطلق وهم غارُّون؛ لأنه سبق أن دعاهم إلى الإٍسلام.
"السابعة والعشرون: الدعوة بالحكمة، لقوله: ((أخبرهم بما يجب عليهم))": ما وجه الاستدلال؟
الدعوة بالحكمة؟
طالب:.......
بالحكمة أخبرهم بما يجب، يعني لا تخبرهم بكل شيء من فرائض وسنن، لكن أخبرهم الآن بما يجب،
واترك النوافل إلى وقت مناسب.
"الثامنة والعشرون: المعرفة بحق الإسلام":
طالب: بحق الله؟
نعم، هذا منصوص عليه، ((أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى)) من أداء للفرائض واجتناب للنواهي.
"التاسعة والعشرون: ثواب من اهتدى على يده رجل واحد": ((فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً رجل واحد، خير لك من حمر النعم)).
"الثلاثون: الحلف على الفتيا": فوالله، الحلف على الفتيا وأعم من ذلك الأمور المهمة يحلف عليها،
على الأمور المهمة ولو لم يستحلف.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:........
ماذا فيها؟
طالب:.......
كل ما دل وأعلم عن مكان المقاتلين لا شك أنه يأخذ حكمه.
طالب:.......
على كل حال بحسب منفعته.
طالب:.......
على إيش؟
طالب:........
((الق عنك شعر الكفر واختتن))، وفي رواية: يجب عليك، نعم؟
طالب:.......
إذا بين في موضع واحد لا يلزم بيانه في كل موضع.
طالب:.......
"والله ما أدري.
أرجو أن تخصص محاضرة بهذا العنوان طغيان الكم على الكيف، أو لما طغا الكم على الكيف؟
لا شك أن هذا موجود؛ لأنه قد يوجد في بعض البلدان المدن الصغيرة والمحافظات الصغيرة يوجد مسجد مساحته عشرة آلاف، رأينا مساجد بهذه المساحة، ولا يصلي فيها إلا ربع صف، الإنسان قد يدخل مسجداً ويفوته ركعة أو أكثر ما وصل إلى الصف، فالمساجد كثيرة وكبيرة وأكثر من قدر الحاجة، ومع ذلك المصلون بالنسبة لها قلة لا سيما إذا كانت في أحياء يعني سكانها قليل، أما المساجد على الطرقات والأسواق تكتظ بالمصلين ولله الحمد، فالمصلون عددهم كبير جداً، ولله الحمد، ونسبتهم كبيرة، لا يقال: إن المصلين قليل، نعم يلاحظ النقص في صلاة الصبح، ولا شك أن هذا خلل، لكن ليس من العدل والإنصاف أن نقول: إن المصلين قليل، لا، المصلين كثير، ويوجد من لا يصلي البتة، ويوجد من يصلي في بيته، ويوجد من يتهاون بالصلاة يتكاسل، كل هذا موجود، لكن أن يقال: المساجد كثيرة والمصلون قلة، هذا فيه ما فيه؛ لأن المساجد في الأحياء المأهولة، أو في أماكن تجمع الناس تزدحم بالمصلين.
المصاحف موجودة في البيوت وبكثرة، ومتيسرة ولله الحمد، كان الناس في أوقات متقدمة بعضهم يستعير المصحف من بعض، ويتناوبونه في القراءة، أما الآن فقد كثرت، وتيسر الحصول عليها، وبعد أن أنشئ هذا المجمع المبارك الذي أوصل كتاب الله إلى مشارق الأرض ومغاربها، أيضاً مطبوع على وجه دقيق متقن، ولله الحمد يعني تيسر أكثر، لكن مع ذلك قد تجد إسرافاً في توزيع بعض المصاحف إلى بعض الجهات تجد مسجداً لا يصلي فيه إلا اثنين أو ثلاثة وفيه أكثر من مائة مصحف، ومساجد أخرى يزدحم فيها الناس، وبعضهم المتأخر منهم لا يجد مصحفا يقرأ فيه، فلا بد أن تدرس هذه الأمور بعناية.
وجدت الطبعة الأولى من طبعة المجمع، يمكن خمسين نسخة جديدة في مسجد مهجور، يعني مسجد طريق إلى قرية صغيرة ما يأتي لهذه الطريق إلا أهل هذه القرية، وأهل القرية ما يمكن يقفون بهذا المسجد وهي قريبة، يقفون في قريتهم، مصاحف جديدة من الطبعة الأولى للمجمع، فمثل هذه الأمور لا بد أن..؛ لأن هذا تعطيل لهذا الوقف، وإذا تعطل الوقف ينقل إلى مكان آخر.
طالب:.......
لا، المسؤولون على المساجد هم اللي يتولون هذا، لكن غيرهم يبلغهم، من اطلع على هذا الأمر يبلغ يقول: هناك مسجد فيه مصاحف مهجورة ومتروكة ومسجد الناس في أمس الحاجة إلى المصاحف، لكثرة من يصلي فيه، نعم.
طالب:.......
القصة أنا ما أدري عن ثبوتها، من عدمه، لكن طريقة يعني في التربية والتوجيه مقبولة ما فيها إشكال.
بعض الناس تجود نفسه بما يتجه إليه دون غيره، يعني عنده في بيته أعداد كبيرة من لعب الأطفال بمبالغ كبيرة، فإذا جاء رمضان وأراد قراءة القرآن أخذ من المسجد فإذا انتهى رمضان أرجعه إلى المسجد، لعب أطفال تباع بمئات أربعمائة خمسمائة، وجاءت أنواع منها الآن بتسعمائة فيها رسوم متحركة وألعاب، عندهم خمسة أطفال كل واحد عنده واحدة من هذه، وإذا جاء رمضان أخذ من المسجد مصاحف ورجعها، هذا لا شك أنه ضعف ورقة في الديانة، والله المستعان، وبعض الناس يشتري، كل ما رأى اشترى، رأى مصحفاً بطبعة جديدة أعجبته اشترى، ثم ثاني وثالث، وهذا على تفسير كذا، يعني يجمع مصاحف ليس بحاجة إليها، ومع ذلك هذا يدل على محبته للقرآن، لكن هذا يؤدي إلى الهجر، وترك القراءة في المصحف.
إذا كان لكل مصحف ميزة مثلاً، هذا عليه تفسير، وهذا عليه ما يعين مثلاً من أحكام تجويد أو غيره، المقصود أنه إذا وجد مبرر لا مانع، نعم؟.
طالب: حكم بيع الصحف؟
حكم بيع المصحف الجمهور على الجواز، والحنابلة يرون منعه، لا يجيزون بيع المصحف لكن يجيزون شراءه للحاجة.
طالب:.......
يكتب اسمه للتمييز ما في بأس، ويضع خاتمه عليه، ما في هذا بأس إن شاء الله، لكن لا يختلط بالقرآن، يعني في ورقة بيضاء نعم؟
طالب:.......
تتركه للمراجعة لا بأس هذا كتاب.
طالب:........
إيه الأصل أن الكتب لا يلزم أن تشترى لجردها وقراءتها كاملة، هناك كتب تقرأ كاملة، وهناك كتب للمراجعة متى احتجت إليها ولو أدى ذلك إلى أن تترك بدون قراءة مدة طويلة لا بأس.
طالب:........
في إطار المصحف في داخله بين الآيات لا يجوز خلط المصحف بغيره، لكن في الحاشية لا بأس.
الجمهور على جواز ذلك بالشروط المعروفة عندهم: ألا يكون الضعف شديداً، وأن يندرج تحت أصل عام، وألا يعتقد عند العمل به ثبوته، وإنما يعتقد الاحتياط، والمحققون يرون أن هذا لا يجوز أيضاً كالأحكام والعقائد؛ لأن الترغيب في ما يرغب فيه من الفضائل، الفضائل من الدين، وإذا رتب عليها ثواب صارت في حيز وفي إطار المندوب، والمندوب حكم من الأحكام التكليفية.
لا شك أن القرآن أولى من غيره، هذا إذا لم يمكن الجمع، وبالمهم المهم ابدأ لتدركه، هذا إذا لم يمكن الجمع، فإذا أمكن الجمع فلعل هذا أفضل لا سيما عند من يملُّ ملازمة علم واحد، بعض الناس ملول، لو قيل له: التزم علماً واحداً، قال: لا أستطيع، وإذا التزم تجده يزاول هذا العلم ساعة أو ساعتين ويضيع باقي الوقت، ومنهم بالعكس، يلزم علماً واحداً، فإذا قيل له: لماذا لا تنوِّع؟ قال: أتشتت، إذا كان ساعة للتفسير، وساعة للحديث، وساعة للعقيدة، وساعة كذا، يقول: يتشتت ذهني، فالأول يقال له: نوِّع، والثاني يقال له: الزم علماً واحداً، وكل إنسان يعرف من نفسه هذا أو ذاك.
طالب:.......
هاه، هذا كلامه.
ما الذي يمنع من عرض الفضل على المفضول؟ وهل رؤى المنامات داخلة في ذلك؟
يعني الفضل المراد به صاحبه، وهو الفاضل على المفضول يعرض ما عنده إذا رأى رؤيا هذا الفاضل يعرضها على المفضول ليس هناك ما يمنع، وقد يكون الفاضل في باب مفضول في غيره، والمفضول في هذا الباب أفضل من غيره في باب آخر، وهكذا، وقد يعرف الشخص بمعرفة وتجويد علم من العلوم، ويكون في بقية العلوم طالب علم، عرف بعض طلاب العلم بإتقان العربية والفرائض مثلاً، صار مرجعاً في هذين العلمين، وهو في العلوم الأخرى طالب مع زملائه يقرأ على الشيوخ، وقد يحسن تعبير الرؤى فيكون مرجعاً في ذلك، وإن كان في مرحلة الطلب، وشيوخه قد لا يحسنون ما يحسن، وقل مثل هذا في الرقية مثلاً، قد يكون الشخص معروفا بالرقية، وينفع الله على يديه، وإن لم يكن أفضل من غيره، المقصود أن مثل هذه الأمور لا ينظر إلى الإنسان على أنه متكامل من كل وجه، لا، لا بد أن يوجد النقص.
عطف البيان في البدل وفي عطف البيان.
يقول: ما الفرق بين الصفة وعطف البدل في مثل قوله: {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اللّهِ} [(1 - 2) سورة إبراهيم]، حيث قال بعض العلماء: إنه عطف بيان حتى لا يكون اسم الله تابعاً، مع أن العلماء ذكروا عطف البيان من التوابع، أرجو التوضيح؟
لا شك أن التوابع الخمسة منها النعت والتوكيد والعطف والبدل، عطف البيان، وعطف النسق كلها توابع، ومقتضى قول ابن القيم: إن اسم لفظ الجلالة (الله) دائماً هو متبوع وليس بتابع، وأوردنا عليه ما جاء في صدر سورة إبراهيم، وأن لفظ الجلالة جاء تابعاً للعزيز الحميد، ومعنى كونه تابعاً سواءً قلنا: إنه بدل أو عطف بيان فهو تابع، لكنه ليس بوصف، لا بد أن يكون بدلاً أو عطف بيان.
بعض الكلمات يصح أن يقال: عطف بيان، أو بدل، أو وصف، مثل: فلان بن فلان، محمد بن عبد الله مثلاً، ابن تابعة لمحمد، تتبعه في إعرابها، ويصح أن يقال: نعت لمحمد؛ لأن محمد موصوف بأنه ابن لعبد الله، ويصح أن يكون بدلاً منه؛ ولذا لو حذفت محمد في السياق فتقول: قال محمد بن عبد الله، ثم في موضع آخر قلت: قال ابن عبد الله، صح، يبدل منه، كما أنه يكون بياناً له، فمحمد إذا جاء مهملاً دون نسبة يشترك فيه أكثر من شخص، ويكون فيه إجمال من هذه الجهة، يبين بكونه ابن عبد الله.
يقول: قال بعض العلماء: إنه عطف بيان حتى لا يكون اسم الله تابعاً، مع أن العلماء ذكروا عطف البيان من التوابع.
الوصف لا يأتي علماً، بينما عطف البيان يأتي علماً، وكذلك البدل، أما الوصف الأصل فيه أن يكون مشتقاً.
أما من نوقش الحساب عذِّب، والحساب اليسير هو مجرد عرض على الله، العرض على الله دون مناقشة، ولا شك أن الإنسان كلما كثرت مخالفاته كان حسابه أعسر، وكلما قلت المخالفات كان الحساب أيسر.
أولاً: هذا العمل -ختم القرآن في ليلة أو في ركعة كما ذكر عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يعني وذكر عن غيره كالإمام الشافعي وبعض أهل العلم، لكن هل هو الأفضل والأكمل، أو يقرأ القرآن على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل، ولو لم يبلغ هذا المقدار ولا نصفه ولا عشره؟
يقول: وقال: بلغني عنك أنك تفعل كذا وكذا؟ فقال: نعم، قال له: إذن اذهب اليوم وقم الليل كما كنت تفعل، ولكن اقرأ القرآن، وكأنك تقرأه عليَّ، وكأنك تقرأه علي، أي كأنني أراقب قراءتك، ثم أبلغني غداً، فأتى التلميذ في اليوم التالي، وسأله الإمام فأجاب: لم أقرأ سوى عشرة أجزاء.
لأنه كأنه بين يدي الإمام أحمد، ومعلوم أن الإنسان بانفراده يفعل ما لا يفعله بحضرة غيره.
قال: لم أقرأ سوى عشرة أجزاء، فقال له الإمام: إذن اذهب اليوم واقرأ القرآن، وكأنك تقرأه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذهب ثم جاء إلى الإمام في اليوم التالي وقال: لم أكمل حتى جزء عم..
الجزء الأخير؛ لأنه يتمثل نفسه بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- والإمام أحمد عظيم في نفسه لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعظم.
فقال له الإمام: إذن اذهب اليوم وكأنك تقرأ القرآن الكريم على الله -عز وجل-، فدهش التلميذ ثم ذهب في اليوم التالي، جاء التلميذ دامعاً عليه آثار السهاد الشديد، فسأله الإمام: كيف فعلت؟ فأجاب التلميذ باكياً: يا إمام والله لم أكمل الفاتحة طوال الليل.
يقول -عز وجل- في حديث قدسي شريف: يا عبادي إن كنتم تعتقدون أني لا أراكم فذاك نقص في إيمانكم، وإن كنتم تعتقدون أني أراكم فلم جعلتموني أهون الناظرين إليكم.
يسأل عن هذه القصة وثبوتها.
أما من حيث المعنى، ومن حيث كونها مسلكاً من مسالك التوجيه والتربية هذا لا إشكال فيه، ومنزلة الإحسان منزلة عظيمة في الإسلام، أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وواقع الناس عموماً بما في ذلك طلاب العلم منهم القريب ومنهم البعيد، يؤدي هذه العبادات بطريقة لا معنى لها.
والله إننا لنقرأ القرآن ويختلف الإنسان إذا كان بمفرده عما إذا كان بحضرة أحد، وعما إذا تعود القراءة على الوجه المأمور به بالترتيل والتدبر عما إذا كان تعود القراءة لمجرد كسب الحروف، فهو يريد التكثير من القراءة، أحياناً نفتتح سورة يونس ولا يشعر الإنسان إلا وهو في سورة يوسف، أكملنا يونس وهود، وإذا انتبه الإنسان إلى أين؟ قرأ نحو جزئين ما فقه شيئاً، بما في ذلك سورة هود على عظمها وأهميتها، وما جاء فيها من قوارع للأمم السابقة التي نستحق مثلها إذا فعلنا مثل فعلهم.
أحياناً الإنسان إذا انتهى من القراءة وأراد أن ينظر في أمره يشك هل هو مأجور على هذه القراءة أو آثم مأزور؟ وبالفعل يعني إذا تحرك شيء إما حُرِّك باب أو شيء وأخل بقراءته يسيراً وأراد أن يرجع لا يدري هل هو في الصفحة اليمنى أو في اليسرى؟ والله إن هذا هو الواقع، فهل هذه القراءة تكسِب ولو على الأقل أجر الحروف، أما أجر الترتيل وأجر التدبر هذا مفروغ منه، لكن أجر الحروف الذي قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من قرأ حرفاً من القرآن، فله عشر حسنات))، الحرف الواحد بعشر حسنات، هل يحصل هذا الأجر بمجرد تحريك اللسان من غير عقل لما يقرأ؟
العلماء في الشروح قالوا: نعم، إن الأجر رتب على مجرد القراءة، لكن لا بد أن يبين الحروف، لا يأكل شيئاً من الحروف، أو يخفي شيئاً من الحروف، لا بد أن يقرأ، فإذا قرأ سواءً تأمل وتدبر، رتل أو لم يرتل الأجر ثابت، وأجر الترتيل والتدبر قدر زائد على ذلك؛ لأنه قد يقرأ الإنسان القرآن في يوم، ويقرؤه الآخر في شهر، ويكون أفضل منه، هذا ختم في الشهر ختمة واحدة، وذاك ختم ثلاثين ختمة، قد يكون اللي ختم مرة واحدة أفضل من الذي ختم ثلاثين مرة في الشهر.
أجر الحروف مرتب على قراءة الحروف، لكن ماذا عن أجر التدبر الذي أنزل القرآن من أجله؟ والعمل من آثار التدبر، وأما مجرد الجرد لتحصيل أجر الحروف، فهذا لا يحصِّل لا علماً بالقرآن، ولا زيادة في الإيمان، ولا عمل من وراء ذلك، الذي يقرأ القرآن من أجل تحصيل الحروف ويختم في كل يوم، أو في كل ثلاث، أو في كل سبع كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن..)) يختلف وضعه عن الذي يقرأ ولو شيئاً يسيراً على الوجه المأمور به، وإن اختلف أهل العلم في الأفضل منهما، الذي يكثر من القراءة مع الاستعجال والذي يتأنى فيها مع التدبر والترتيل، والجمهور على أن الذي يتدبر ويرتل أفضل من الذي يسرع في القراءة ويهذّ القرآن هذاً.
والمسألة ليست مفترضة فيمن يقرأ جزءاً من القرآن، إما ترتيلاً وإما هذاً، هذا محل إجماع أن الترتيل أفضل، لكن المسألة مفترضة في شخص يقرأ ساعة، هل يقرأ في الساعة جزئين أو يقرأ خمسة، أيهما أفضل؟
الجمهور على أن الذي يقرأ الجزأين مع التدبر والترتيل أفضل من الذي يقرأ خمسة بالهذِّ، وإن كان أجر الحروف أكثر.
ويمثل ابن القيم -رحمه الله تعالى- لمن يقرأ القرآن مع الكثرة بالهذ ولمن يقرأ القرآن مع القلة بالترتيل والتدبر بمن أهدى عشر درر، الذي يختم في الشهر عشر مرات كأنه أهدى عشر درر، والذي يختم القرآن في الشهر مرة كمن أهدى درة، فإن كانت القراءة متساوية فالدرر متساوية، يكون لهذا عُشر ما لذاك، وانتهى الإشكال، وإن كانت القراءة متفاوتة تفاوتت هذه الدرر بقدر ذلك التفاوت، حتى يصل الأمر إلى أن تكون هذه الدرة واحدة تزن مائة درة من صنيع ذاك، وهذا أمر عظيم، يعني من قرأ القرآن على الوجه المأمور به كما قال شيخ الإسلام، حصل له من العلم والإيمان واليقين والطمأنينة -طمأنينة القلب- وزيادة الإيمان والعلم بالقرآن، والعلم بالله وأسمائه وصفاته وآلائه ما لا يحصل لغيره إلا من جرب.
نحن نقول هذا الكلام وقد تعودنا الطريقة الثانية التي هي قراءة الهذ؛ من أجل أن نسرع في إكمال القرآن؛ لأن الإنسان بين أمرين: إما أن يجعل له ورداً ثابتاً من القران، وحينئذ يحرص على إكماله على أي وجه كان، أو يجعل القراءة كيفما تيسرت، مع أنه يلتزم التدبر والترتيل، لكن مثل هذا إذا لم يجعل له نصيبا محددا هذا يضيع؛ لأن المشاغل كثيرة، إذا كان ما وراك عمل بين واضح، فأنت تسوف.
القرآن أمره عجب، يختلف عن سائر الكلام، إذا أكثرت من قراءته رغبت في الزيادة، هناك من كان يقرأ القرآن في كل سبع، ثم ترقى في ذلك إلى أن صار يقرأ في كل ثلاث، يعني طلبت همته إلى الزيادة من القرآن، لكنه مع كونه يقرأ في ثلاث اضطر إلى أن يسرع أكثر، وتراوده نفسه أن يرجع إلى طريقته الأولى، أن يرجع إلى طريقته الأولى، بدلاً من أن يقرأ في كل ثلاث يقرأ في كل سبع، لكن يعوقه عن ذلك أمران: الأول: أنه تعود قراءة الهذ، هو بيهذ ويسرع ولو قرأ في سبع، كما لو قرأ في ثلاث، وحينئذ ما كسب شيئاً في رجوعه إلى قراءته الأولى.
الأمر الثاني: أن الاعتياد على عبادة ثم النقص منها ((فإن الله لا يمل حتى تملوا))؛ لأن هذا كأنه نكوص، وإن كان إلى الأفضل؛ لأن الأفضل ليس بمضمون، والنفس يقع فيها شيء من التردد، هل يرجع إلى طريقته الأولى؟ مع أنها أفضل بلا شك، يعني كونه يقرأ القرآن في سبع مع التدبر والترتيل أفضل بكثير من أن يقرأ في ثلاث مع الهذ، وأجر التدبر والترتيل أمره عظيم، يعني حتى في زيادة الإيمان والطمأنينة:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى
فالعلم تحت تدبر القرآن
وإن كانت قراءة الهذ المختلف فيها عند أهل العلم منهم من يقول: إنها لا تجدي شيئاً؛ لأنها خلاف المأمور به، ولا يمكن أن يتقرب الإنسان بما نهي عنه، ومنهم من يقول: إن قراءة الهذ تُحصِّل أجر الحروف، وابن حجر استدل على ذلك بأن داود كان يقرأ القرآن في وقت تجهز له فيها الخيل، يعني مجرد بس ما تتجهز له يكون انتهى، يكون انتهى، يقول: هذا ما فيه دليل أصلاً؛ لأن ما أنزل على داود يختلف على ما عندنا بالكم والكيف يختلف، لكن عند من يقول: إن كلام الله واحد، كلام الله واحد يقول: هو القرآن إلا أنه بلغته؛ لأنه عند الأشعرية أن كلام الله واحد، إن عبر عنه بالعربية صار قرآنا، وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلا، وبالعبرانية يصير توراة، وإلا كلامه واحد، لكن هل هذا الكلام صحيح؟ هذا الكلام باطل ولا حظَّ له من النظر؛ لأنه لما أنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- وقرأه على ورقة، وورقة يعرف الكتب السابقة ويترجمها إلى العربية، لما سمع هذا القرآن ما قال: هذا الذي كنت أترجمه، يعني ما جبت جديد، وإذا وجد من يترجمه كورقة لا داعي لنزوله مرة أخرى، لو كان هو التوراة إلا أنه بالعربية، وهو الإنجيل إلا أنه بالعربية، فالاستدلال بكون داود..، الكلام عن داود في الصحيح، كونه يقرأ إلى أن تجهز له الخيل هذا في الصحيح، الكلام صحيح ما فيه إشكال، لكن ما أنزل عليه غير ما أنزل عليه، فالقرآن غير التوراة وغير الإنجيل، وغير الزبور، كل كتاب أنزل على نبي من الأنبياء يناسبه ويناسب وقته، ويناسب قومه.
عند الإمام أحمد والدارمي يقال لقارئ القرآن: ((اقرأ وارقَ في درج الجنة كما كنت تقرأ في الدنيا هذاً كان أو ترتيلاً)) هذاً كان أو ترتيلاً يدل على جواز قراءة الهذ، والحديث حسن.
ومع جواز قراءة الهذ حتى في هذا المقام أيهما أفضل؟ الترتيل، لماذا؟ لأن الهذ ينتهي بسرعة فينتهي صعوده، والترتيل لا ينتهي بسرعة، فيستمر صعوده، حتى في القيامة، نعم؟
نقول: هذا طيب، لكن لو بدلاً من قراءة الهذ ختم القرآن مرتين على الوجه المأمور به هذا عند جمهور العلماء أفضل، ومن تعود شيئاً لا يستطيع أن يتركه، تعود شيئاً يعني متعود قراءة الهذ تصعب عليه قراءة الترتيل، ونظير ذلك من تعود قيادة السيارة بسرعة لا يستطيع يهدئ أبداً، والتنظير بالقراءة بالسرعة بالسيارة هذا فيه شيء من الواقعية، لماذا؟ لأنك وأنت تقرأ هذَّاً، أو تمشي بالسيارة مسرعاً، في طريقك تجد حادثا، تتأنى في قيادتك خمس دقائق ثم بعد ذلك تزيد قليلاً، ثم تزيد قليلاً بعد ربع ساعة ترجع كما كنت، وأنت تقرأ القرآن بطريق الهذِّ تأتيك آية النساء التي فيها الحث على التدبر، {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ} [(82) سورة النساء]، تريث قليلاً صفحة صفحتين، ثم بعد ذلك تعود إلى طريقتك، ثم تأتيك آية المؤمنون ثم تأتي آية ص، ثم بعد ذلك آية محمد القاضية، {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(24) سورة محمد]، تتريث قليلاً ثم تنسى فتعود إلى السرعة، وأنت في طريقك وأنت تمشي مائة وثمانين مائتين مائة وسبعين، إذا وجدت حادثاً، قلت: لا، ما له داعي، ترجع إلى نصف هذا المقدار ثم تنسى قليلاً قليلاً إلى أن تسرع، فالذي تعود على شيء لا يستطيع أن يتركه إلا بجهاد ومجاهدة، وتغيير جذري للطريقة، من تعود القراءة بسرعة..، أنا أذكر واحداً يتحدث من حرقة، من واقع، تعودنا هذا ولا نستطيع أن نتركه، ونمني النفس أن يكون هناك قراءة ولو جزء في اليوم بالتدبر والترتيل، لكن الإنسان لا يستطيع، إذا مسك المصحف يقول: غداً أكمِّل الختمة، أبدأ إن شاء الله بالترتيل، لعلي إذا أكملت هذه الختمة، بسم الله بديت عاد، يعني أليس هذا بواقع يا إخوان؟ هذا الواقع، أن الواحد يتحدث عن نفسه وهو ابن بيئتك، يعني نرى كثيراً من الناس على هذا، وأهل التجويد يؤثمون الذي يقرأ، من لم يجود القرآن فهو آثم، وإن كان بعضهم يقول: إن الإيجاب إيجاب اصطلاحي، والتأثيم عند الفقهاء ليس عندنا أصحاب التجويد، لكن الإيجاب إيجاب اصطلاحي مثل ما يقول النحاة: يجب رفع الفاعل، وإن كان هذا التنظير غير مطابق؛ لأن هذا يتعلق بعبادة.
على كل حال القرآن ينبغي أن يكون له شأن في نفس كل مسلم، لا سيما طالب العلم، ومع الأسف أنه يوجد بعض من ينتسب إلى الطلب قد يحفظ القرآن، ويُعنى بحفظ القرآن ويحرص عليه، ثم بعد ذلك يتركه حسب التيسير، إن تقدم إلى المسجد قبل الإقامة فتح المصحف وقرأ ما تيسر، ورقة ورقتين إلى أن يقيم ثم خلاص لا شيء، إلى أن يتقدم مرة أخرى، لكن هذا ليس بعدل ولا إنصاف مع أعظم كلام.
قد يقول قائل: والله نرى شيوخنا كلهم ما سبق أن رأينا واحدًا منهم جالساً يقرأ، هم يؤثرون العلم والتعليم، لكن ما رأينا منهم أحدا جالساً في المسجد يقرأ.
نقول: لا، هم يقرؤون، ولهم نصيب وافر من قيام الليل، يقرؤونه في الليل، وهو أقرب إلى التفكر والتدبر، هذا الذي نعرفه عن شيوخنا، أما بالنسبة للمتأخرين، قد يشق عليه قيام الليل فتجده أحياناً يقرأ القرآن في المسجد؛ لأنه يريد أن يعوض ما فاته، لا يجمع بين التضييع للقيام وقراءة القرآن في الوقت المناسب في جوف الليل، ثم بعد ذلك يهمله في النهار، هذا ما صار من أهل العلم، ولا من طلاب العلم، والله المستعان، نعم.
طالب:........
لكن لا يصح عنه أن يقال: قرأت القرآن، حتى يأتي بجميع حروفه، والنقص إذا لم يكن متعمداً فأجره ثابت فيما قرأ، أما ما تركه من غير عمد فلا يؤثر عليه إلا من حيث الجملة؛ لأنه لا يصح أنه يقول: قرأت القرآن، وقد يقرأ القرآن من المصحف ويضيع بعض الحروف من السرعة؛ ولذا قالوا فيمن يقرأ بالسرعة عليه أن يتبين الحروف من مخارجها، ويعرف أنه نطق بالحرف كما ينبغي.
طالب:.......
يعني من المصحف ومن الحفظ، كذا تسأل؟
طالب:........
الإمام أحمد يرجح أن تكون القراءة من المصحف؛ لأن النظر إلى المصحف عبادة، وإشغال أكثر من حاسة أفضل من إهمال بعض الحواس، ولا شك أن هذا أضمن لقراءة جميع القرآن من هذه الجهة، لكن قد يقول قائل: إنني إذا لزمت القراءة من المصحف قد أنسى الحفظ، وهذا حاصل، لكن لا يمنع أن يقرأ من المصحف ويراجع حفظه، يترك وقتا للمراجعة ووقتا للنظر في المصحف، نعم؟
طالب:........
اللفظ لا، اللفظ لا، الترجمة باللفظ ما يجوز.
طالب:........
وهو ينطق الله، لكنها مكتوبة بالأحرف اللاتينية، هاه؟
طالب:........
الأصل أنه عربي والكتابة بغيره على خلاف ما اتفق عليه الصحابة، لكن إذا دعت إلى ذلك الحاجة ووجدت شخصاً ينطق بالعربية لكن لا يعرف قراءة حروف العربية، الحاجة تقدر بقدرها، لكن عليه أن يتعلم الحروف العربية.