شرح العقيدة السفارينية (01)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، أما بعد: وعلى آله وأصحابه أجمعين اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين، والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد: فهذا متن الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية، للشيخ محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفّاريني، المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة وألف من الهجرة، قال -رحمه الله- تعالى:
الحمد لله القديم الباقي |
|
مسبب الأسباب والأرزاق
|
مسبب وإلا مقدر؟
مسبب.
طالب:.........
وهنا مسبب، شرح الشطي مسبب الأسباب، وهنا مقدر الآجال، نعم.
الحمد لله القديم الباقي
|
|
مسبب الأسباب والأرزاق
|
يكفي، يكفي.
إيش التحقيق اللي معاك؟
طالب:........
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمـد، وعلى آله، وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فيقول الناظم -رحمه الله- تعالى في مقدمة منظومته، هذه المنظومة الوجيزة المحررة المختصرة التي جمعت من أبواب العقيدة ما لم يجمعه مختصر في حجمها، افتتحها -رحمه الله- بالحمد، فقال -رحمه الله- تعالى:
الحمد لله القديم الباقي
|
|
..................................... |
الحمد لله القديم الباقي، الحمد: وأل هذه للاستغراق، جميع أنواع المحامد لله -جل وعلا-، واللام في لله كما هي في مفتتح كتابه للاستحقاق، فالحمد كله مستحق لله -جل وعلا-، الحمد ذكر صفات المحمود ذكر صفات المحمود مع تعظيمه، مع تعظيمه، نعم، نعم وحبه، فكثير من أهل العلم يفسرون الحمد بالثناء بما في ذلك السفّاريني، يفسرون الحمد بالثناء، والمختصر يقول: الحمد لغة الثناء باللسان على الجميل الاختيار على جهة التعظيم والتبجيل، تفسير الحمد بالثناء كما قرر ابن القيم -رحمه الله- تعالى في الوابل الصيب يرده حديث أبي هريرة: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي)) فجعل الثناء هو التكرار لهذه المحامد، تكرار المحامد يقال له: ثناء.
يقول: الحمد عرفا، أولا لغة: الثناء باللسان على الجميل الاختيار على جهة التعظيم والتبجيل.
وعرفاً: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم على الحامد وغيره، هم يضيفون في هذه المحامد، وهو ما يمكن أن يحمد عليها وما يمدح بها إنها لا بد أن تكون أوصاف جميلة؛ لأن الشيء لا يمدح بالقبيح، الذي ليس بجميل.
الأمر الثاني: أن يكون هذا الوصف الجميل اختياريا، فلا يمدح بما هو إجباري، كما أنه لا يذم بما جبل عليه وأرغم عليه وأجبر عليه.
يقولون: فلا مدح ببياض الخد، ولا بجمال القد، أو ما أشبه ذلك؛ لأن هذا ليس من صنعه، كما أنه لا ذم بضد ذلك، يعني ما يمدح الإنسان بجماله الإجباري الذي لا يد له فيه، لا يستطيع أن يتركه ويعدل عنه إلى غيره، كما أنه لا ذم بما كان هذا شأنه، الإنسان ولد طويل أو قصير، لكنه لا يمدح ولا يذم، {صنْع اللّه الّذي أتْقن كلّ شيْءٍ} [(88) سورة النمل]، خلق الإنسان في أحسن تقويم، فالجميل الاختياري هو الذي يمدح به، الأخلاق التي يمكن أن يتخلق بها، ويمكن له أن يتركها إلى غيرها.
"الحمد لله القديم الباقي" "القديم" لم يرد في أسماءه الحسنى ما يدل على وصفه بهذا اللفظ، ولا على تسميته، يعني إذا كان الوصف أوسع من دائرة التسمية فإن الوصف لم يرد فضلا عن أن يسمى به، لم يرد ومفهومه في لغة العرب أنه المتقدم على غيره، ولو كان حادثاً، فلو اشتريت قلماً قبل عام وفي هذه السنة اشتريت قلماً، أنت اشتريت قبل الأول عشرات الأقلام، لكن العام الماضي اشتريت قلماً، وهذه السنة اشتريت قلماً آخراً، وعندك القلمين كلاهما، فهل يسوغ لك أن تقول لولدك أو لزوجتك: أعطيني القلم القديم؟ طيب قبله عشرات الأقلام، إذا كان الأمر كذلك لكان يطلق على المتقدم على غيره بغض النظر عن تقدمه المطلق، فإنه لا يسوغ إطلاقه على الله -جل وعلا-، كالعرجون القديم، العرجون القديم إذا وضع في الشمس، أخذ ما عليه من تمر ووضع في الشمس التوت أغصانه، وصار قديما بالنسبة للعذق الجديد الأخضر.
بعضهم ينفي هذا المحظور أو المحذور بإضافة أزلي، القديم الأزلي، يعني المتناهي في القدم، وإذا كان المعنى كذلك والأمر كذلك فمعناه صحيح، لكن يبقى أن استعمال الألفاظ التي جاءت بها النصوص هو الأولى، بل المتعين، فبدلا من أن نقول: القديم، أو نقول: القديم الأزلي، نقول: الأول، هو الأول والآخر، كما قال الله -جل وعلا- عن نفسه، وفسره نبيه -عليه الصلاة والسلام-، ((الأول الذي لا قبله أحد))، أو((ليس قبله شيء)).
"الحمد لله القديم الباقي"،:"الباقي" مثل القديم، نعم جاء {ويبْقى وجْه ربّك} [(27) سورة الرحمن]، والبقاء بمعنى الدوام الذي لا نهاية له، هو معنى الآخر الذي لا شيء بعده، استعمال المؤلف لهذين اللفظين، عدول عن الأولى الذي هو استعمال ما دلت عليه النصوص.
هنا في هذه النسخة يقول:
..................................
|
|
مقدر الآجال والأرزاق
|
وأكثر النسخ بما فيها النسخ الأصلية التي مع الشرح يقول: مسبب الأسباب.
................................... |
|
مسبب الأسباب والأرزاق
|
أيهما أولى مقدر الآجال والأرزاق، أو مسبب الأسباب والأرزاق؟
طالب:..........
الآن ما نستطيع أن نقول: مسبب الأرزاق، أو مقدر الأرزاق؟
طالب:.........
الآن هذه النسخة معكم من النسخ المطبوعة ما يوافق مقدر الآجال؟ها، مقدر الآجال؟
طالب:.........
إيه طيب شوفوا لنا الصورة اللي عن الهندية الأصلية، مطبوعة، مع، مصورة، عندك.
طالب:....
لا، لا قبل، قبل، الهندية، "مقدر الآجال والأرزاق"، مسبب الأسباب ماشي، لكن مسبب الأرزاق لا شك أنها قلقة، وأن الأولى أن يقال: مقدر، كل شيء بقدر، سواء كان من الآجال والأرزاق، وهي تكتب يؤمر الملك بكتابتها والجنين في بطن أمه، فهي مقدرة، الآجال مقدرة، حين يبعث الملك إلى الحمل الجنين وهو في بطن أمه، فيكتب أجله ورزقه وشقي أم سعيد، كل هذا يكتب وهو في بطن أمه، فهي مقدرة.
"مسبب الأسباب"، جاعل هذه الأسباب مؤثرة في مسبباتها، جاعل هذه الأسباب مؤثرة في مسبباتها، ولا شك أن الذي يجعل التأثير في الشيء هو الله -جل وعلا-، من عداه لا يستطيع أن يجعل الشيء سببا وهو في الحقيقة ليس بسبب لا شرعي ولا عادي، ويعدون هذا ضرب من الشرك، إذا تعلق بشيء يظن تأثيره ولم يثبت في النص ولا العادة المطردة تأثيره هذا شرك، فالمسبب للأسباب هو الله -جل وعلا-، كما أن المقدر للآجال هو الله -جل وعلا-، هو الذي ضرب هذه الآجال، فإذا جاءت هذه الآجال لا يتقدم الإنسان ولا يتأخر.
طالب:..........
يقول هنا..........
طالب:.....
الشيخ ابن مانع، طيب.
يقول: "مسبب الأسباب" المتوصل بها إلى مسبباتها، هذا كلام الشيخ ابن مانع، وفي نسخة مقدر الآجال، وهو أولى لأمرين.
الأول: أن المقدم من صفات أفعاله المعبر عنها بالفواضل، وفي نسخة بدل الآجال الأقدار، وهي أهم.
والثاني: الدلالة على تقدير الآجال، جمع أجل محركة، غاية الوقت بالموت، وحلول الدين، ومدة الشيء قال تعالى: {فإذا جاء أجلهمْ لا يسْتأْخرون ساعة ولا يسْتقْدمون} [(34) سورة الأعراف].
"مقدر الأرزاق" جمع رزق إلى آخره، وهو ما ينتفع به من حلال أو حرام.
هذه المختصر هو مأخوذ من شرح المؤلف، في أحد معه شرح المؤلف: "لوامع الأنوار"؟
هو مأخوذ بحروفه من شرح المؤلف، مسبب الأسباب والأرزاق، وهنا مقدر الآجال؛ لأن التسبيب لا يتسلط على المعطوف والمعطوف عليه، بينما التقدير يمكن تسليطه على المتعاطفين، ومعلوم أن العطف على نية تكرار العامل، مقدر الآجال ومقدر الأرزاق، لكن إذا قلنا: مسبب الأسباب صحيح، لكن هل نستطيع ومسبب الأرزاق؟ نستطيع نقول: مسبب الأرزاق؟ لا، العبارة مضطربة.
الشارح المختصر الشطي يقول: مسبب الأسباب المتوصل بها إلى مسبباتها، أي خالق الأسباب المتوصل بها إلى المطلوب، فإن قلت: هل من أسماءه تعالى المسبب؟ حتى أطلقه عليه مع أن الأسماء توقيفية، أم كيف الحكم؟ قلت: ذكر غير واحد من المحققين منهم الإمام المحقق في بدائع الفوائد أن ما يطلق عليه -سبحانه وتعالى- في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه في باب الأخبار لا يكون توقيفيا كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه، لا شك أن دائرة الإخبار أوسع، أوسع من دائرة الوصف، والوصف أوسع من التسمية، فالاسم يؤخذ منه صفة، والصفة يخبر بها عن الله -جل وعلا-، ولا عكس، ولا عكس.
طالب:..........
هاه؟
طالب:..........
يسمونه، لكن مثل هذا إذا كان عن طريق الإخبار لا بأس، لكن الآخر الذي ليس بعده شيء، وفي أيضا عندنا، {ويبْقى وجْه ربّك ذو الْجلال والْإكْرام} [(27) سورة الرحمن]، هو باق بلا شك، لكن التسمية لا بد لها من نص، الإخبار أمره واسع.
وهنا يقول: وما يطلق عليه في باب الإخبار لا يجب أن يكون توقيفيا هذا كلام ابن القيم كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه، هذا لا يحتاج إلى نص، بمجرد الإخبار، حتى أنه في تفسير الشيخ ابن سعدي في سورة يس، {يا حسْرة على الْعباد} [(30) سورة يــس]، يقول: ثم قال متحسرا على العباد، أو متوجعا قال: متوجعا، متوجعا على العباد، قائلا: {يا حسْرة على الْعباد}، التوجع بالنسبة إليه -جل وعلا- هذا ليس بوارد وفي بعض النسخ: مترحما، والصورة واحدة في الكتابة، قريبة جداً، متوجعاً ومترحماً، الصورة قريبة، لا سيما عند بعض الناس الذي لا يحقق الحروف، وأثبت في بعض النسخ هذا وأثبت هذا، والذي حقق الكتاب يدافع عما أثبته بقوله: متوجعا، إن هذا من باب الإخبار عن الله -جل وعلا-، لكن مسألة التوجع فيها شيء من النقص، التوجع فيه شيء من النقص، بينما الترحم لا، فلا شك أن الترحم أولى من التوجع.
طالب:..........
ويش يقول.
الشيخ عبد الله بن بطين -رحمه الله- في حاشيته يقول: ليس في كلام المؤلف ما يدل صراحة على أن الباقي من أسماء الله الحسنى، ولم أجد حتى ساعتي هذه ما يدل على أنه من أسماء الله، وإن كان في القرآن قد أضيف البقاء إلى الله تعالى في قوله: {ويبْقى وجْه ربّك} [(27) سورة الرحمن]، لكن التعبير عن الصفة بالفعل لا يعني أن نشق له منها اسم، ولذلك لم يشتق لله اسم من نحو {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [(15) سورة البقرة]، {وَيَمْكُرُ اللّهُ} [(30) سورة الأنفال]، {وَأَكِيدُ كَيْدًا} [(16) سورة الطارق]، {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا} [(47) سورة الذاريات]، {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَ} [(48) سورة الذاريات]، وأمثال ذلك، لكن الباقي إن ثبت أنه من أسماء الله وجب إثباته، وإلا فلا نطلقه على الله، وإن كان الإخبار به عنه سائغا فباب الإخبار أوسع، وفي القرآن ما دل على هذا المعنى وزيادة، وهو قوله: "الآخر" فإن معناه الذي ليس بعده شيء، والله أعلم.
مثل ما قررناه كما سمعتم.
الآجال التي ضربت للمخلوقات بحيث إذا جاءت لا يمكن أن يزاد فيها ولا ينقص، {إذا جاء أجلهمْ لا يسْتأْخرون ساعة ولا يسْتقْدمون} [(34) سورة الأعراف]، إذا جاء، وهل في هذا ما يمنع من الزيادة بسبب صلة الرحم؟ ((من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره)) هل يعارض هذا ما تقرر من تقدير الآجال؟ أما على قول أن الزيادة في الرزق والأجل زيادة معنوية، وهو أنه يبارك للبار في عمره وفي رزقه هذا ما فيه إشكال، يعني عمره ثلاثين أربعين خمسين، ما يزاد فيها، وقد يبارك فيها، فينتج فيها ما ينتجه من يعمر مائة سنة فأكثر، مثل ما سمعنا في ترجمة الشيخ حافظ، -رحمه الله-، وأنه ولد سنة اثنتين وأربعين، ومات سنة سبع وسبعين خمس ثلاثين سنة، وقد يعيش الإنسان ضعف أو ثلاثة أضعاف يزيد على المائة، ولا ينتج في هذا العمر شيء، وإن كان من ينتسب إلى العلم، وإن كانت لديه أهلية الإنتاج، لكن ما يبارك له في عمره، وأما بالنسبة للأرزاق فكم من إنسان حصل الأموال الطائلة، ولم يستفد منها، بل لم يستفد منها البتة، ومن الناس من يكون رزقه كفافا أو قريبا من الكفاف ومع ذلك يعيش سعيدا بهذا المال القليل؛ لأنه بورك له فيه، ومن أهل العلم من يرى أن الزيادة حقيقية، الزيادة حقيقية، وأن الإنسان قد يكتب له في الصحف التي بأيدي الملائكة عمر ستين سنة، ثم بعد ذلك يفعل السبب المقتضي للزيادة فيصل رحمه ثم يزاد عشرة سنين أو عشرين سنة، فالمتغير هو الذي بأيدي الملائكة، وأما ما في علم الله -جل وعلا- فإنه لا يتغير، {يمْحو اللّه ما يشاء ويثْبت وعنده أمّ الْكتاب} [(39) سورة الرعد]، عمر يقول: "اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني، واكتبني سعيدا" فالذي بأيدي الملائكة هو الذي يتغير، والذي في علم الله -جل وعلا- هذا لا يمكن أن يتغير.
"مقدر الآجال" على هذا اللفظ مثل ما سمعنا أن الآجال محددة ومقدرة في اللوح المحفوظ، ولكنها قد تزيد بفعل بعض الأسباب، وأما ما عند الله فلا يتغير.
"مسبب الأسباب" جاعل التأثير في هذه الأسباب، ولا شك أن الأسباب لها أثر، بجعل الله -جل وعلا- هذا الأثر فيها، وأما كونها تؤثر بنفسها فلا، خلافاً للأشعرية الذين يقولون: هذه الأسباب لا تؤثر أصلا، ووجودها مثل عدمها، حتى قال القائل منهم: إن أعمى الصين يجوز أن يرى بَقة الأندلس، يعني العجب لا ينتهي من مثل هذا الكلام، يعني كبار، كبار جداً في عقولهم وذكائهم، يعني ما هو بهذيان هذا الكلام، لكنه بسبب ما أصلوه، وما قعدوه مما لم يرجعوا فيه إلى الكتاب والسنة، والعقل إذا لم يكن زمامه وخطامه وسائقه وحاديه نصوص الوحيين لا بد أن يضل، لا بد أن يضيع، أعمى الصين في أقصى المشرق يجوز أن يرى بقة الأندلس، لماذا؟ لأن البصر سبب، والسبب وجوده كعدمه، ويأتينا أن المؤلف على ما سيأتي بسطه إن أدركناه، نعم -إن شاء الله-، تأثر بمثل هذا الكلام وقال في خبر المتواتر: أن العلم يحصل عنده لا به، هذا كلام الأشاعرة، أن الشبع يحصل عند الأكل لا به، والري يحصل عند الشرب لا به، الإبصار يحصل عند الإبصار لا به، السمع يحصل عند، أو يحصل عند الاستماع أو الحاسة لا بها، هذا كلامهم، هاه.
طالب:.........
هو كلام دقيق يحتاج إلى فهم، ومناسبة ذكر الأسباب أولا: المعتزلة يرون أن الأسباب مؤثرة بذاتها، وهذا لا شك أنه قدح في الشرع، قدح في الديانة، في ديانة الشخص، والأشعرية يرون أن الأسباب لا أثر لها، وهذا نقص في العقل، طيب، هذه الأسباب الأعمى ما يبصر شيئا، ما يرى شيئا، والمبصر يرى، إذن السبب الذي هو الحاسة السليمة صار لها أثر، وإلا ما لها أثر؟ لها أثر، لكن من الذي جعل فيها هذه الأثر؟ هو الله -جل وعلا- الذي يستطيع أن يسلب هذا الأثر، الذي وضعه ويستطيع أن يسلبه، طيب.
هم يقولون: لا، هذه، السبب لا أثر له، طيب كيف يشوف؟ كيف يبصر المبصر؟ يقولون: حصل الإبصار عنده لا به، وأهل السنة يقولون: حصل الإبصار به؛ لأنه سبب، لكن لا بذاته، لا بجعل التأثير له، الله -جل وعلا- جعله سبباً مؤثراً، فيقولون: عنده، ما دام وجد هذا وجد هذا، وإن كان تذكرون في مسألة الطيرة والتشاؤم إن كان ففي الدابة والدار والزوجة، إن كان الشؤم ففي ثلاثة.
وأن ابن القيم -رحمه الله- في مفتاح دار السعادة قال: إن هذا الشؤم يحصل عندها لا بها، وقلنا: إن ابن القيم وقال غيرنا –يعني ممن تقدم-: أن ابن القيم تأثر بكلام الأشعرية، فلما تأملناه وجدنا كلامه صحيحاً دقيقاً، ويختلف عن كلام الأشاعرة؛ لأنه يريد أن يقرر أن هذه الدار لا أثر لها فيما حصل لساكنيها، لا أثر لها، هذا الشخص سكن هذه الدار، عشرين سنة هو في هذه المدة عشرين سنة تحصل له خسائر مادية، يحصل له أمراض، ويحصل له كذا، هل هو بسبب هذه الدار، أو عند سكناه هذه الدار، وهو مقدر عليه بحيث لو سكن دار غيرها حصل له ما حصل، ومثله لو اقتنى دابة غير هذه الدابة، أو زوجة غير هذه الزوجة، فليس الأثر للزوجة، الزوجة لا أثر لها فيما حصل له، الدار لا أثر لها، الدار يعني لو نظرنا إليها بعين البصيرة والواقع هل لها أثر؟ ليس لها أثر وليست بسبب، لكن حصل هذا الأثر عندها لا بها، وقلنا في أول مرة، قلنا: لعل ابن القيم تأثر نقل هذا الكلام ووجدناه في غاية الدقة؛ لأنه حينما يكون للسبب تأثير، يكون التأثير به لا عنده، وإذا لم يكن المقارن له لا أثر له البتة يكون عنده لا به، والأشعرية يطلبون كل الأسباب من هذا النوع، يعني مثل ما لو اشتريت دابة وحصل لك خسائر وكوارث وأمراض، نعم، يقولون: هذه الدابة لا تؤثر فيك كما أن الأسباب الأخرى التي جعل الله فيها تأثير لا أثر لها فيك.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: مقدر الآجال: جمع أجل محركة، والأرزاق: جمع رزق وهو ما ينتفع به، الرزق ما ينتفع به، سواء كان من وجه شرعي أو من غيره، حلالاً كان أو حراماً، المعتزلة يقولون: لا يسمى رزقاً حتى يكون حلالاً، وأوردوا عليهم أن مولوداً ولد فسرقه لصوص، يعيشون على السرقات، وليس لهم أي مصدر دخل غير السرقات، وغذوه بهذه الأموال المسروقة، وهذه الأطعمة المسروقة، وعاش مدة طويلة عندهم لا مصدر له غير ذلك ثم مات، وعلى هذا يكون ما نال من رزقه شيء عندهم، عند هؤلاء المعتزلة الذين يقصرون الرزق على الحلال، ولا يسمون الحرام رزقا، طيب الله -جل وعلا- يقول: {وممّا رزقْناهمْ ينفقون} [(3) سورة البقرة]، {وممّا رزقْناهمْ ينفقون} والله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيبا، فهل في هذا ما ينفي أن يكون الحرام رزقاً؟ إذا قلنا: رزق، وأنفقوا منه، الحرام رزق، وأنفقوا منه، يدخلون في المدح بقوله: {وممّا رزقْناهمْ ينفقون}؟ أو نقول: إن الحرام ليس برزق؟ إذا قلنا: إن الحرام رزق، وهذا هو المعتمد وهو قول أهل السنة، إذا أنفق صاحب الحرام من هذا الرزق دخل في عموم: {وممّا رزقْناهمْ ينفقون} لكن هذا العموم مخصوص بنصوص أخرى، ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً))، حي وإلا حيٍ؟ حي وإلا حيٍ؟
طالب:......
يجوز الوجهان، يعني إذا قلت: حيٍ أتبعته ما تقدم، نعم لكن المتعين هنا لا من حيث الجواز اللغوي لا، لكن في النظم مرفوع وإلا على شان إيش؟ على شان الوجود، قامت به الأشياء والوجود، لا بد أن تقول:
حي عليم قادر موجود
|
|
قامت به الأشياء والوجود
|
أهل العلم يقررون أن لفظ الجلالة الله، لا بد أن يكون متبوعا لا تابعا، يعني ما يمكن تقول: الحمد للقديم الله الباقي، أو تقول: بسم الرحمن الله الرحيم، لا بد أن يكون هذا اللفظ الاسم الذي قال بعضهم: إنه الاسم الأعظم، الله لا بد أن يكون متبوعا لا تابعا، وما جاء في صدر سورة إبراهيم صراط.
طالب:.........
العزيز الحميد الله، هنا تابع وإلا متبوع؟
طالب:........
هذا يرد على كلام ابن القيم وغيره وإلا ما يرد؟ يعني هل رأيتم في نص غير هذا جاء لفظ الجلالة تابعاً؟ نعم؟ في جميع النصوص متبوعاً، لكن على كل حال هذا وارد على إطلاقه، والتابع والمتبوع، يعني التابع يشمل الوصف ويشمل البدل، ويشمل عطف البيان، في مثل هذا، لكنه ليس بتوكيد ولا عطف نسق، وهل يختلف الأمر إذا قلنا: إنه بدل أو بيان؟ أو وصف؟ كيف يختلف؟
طالب:.........
لأنه أوضح من اللي قبله، يعني هو أوضح عند السامع ممن قبله، فيبين به من قبله، وإذا قلنا: بدل؟
طالب:.........
بيان معناه عطف البيان عنده، وعندهم أن كل ما يصلح أن يكون بدلاً، يصلح أن يكون عطف بيان، إلا مسائل ثلاث، في أحد يعرفها؟
طالب:...........
هاه؟
طالب:..........
صالح لبدلية يرى |
|
في غير نحو يا غلام يعمرا
|
يا الله هات الباقي؟
على كل حال ما جاء في صدر السورة وارد على كلام ابن القيم، ويقرره كثير من أهل العلم ينقلونه ولا يستحضرون ما يرد.
على كل حال ما من شخص إلا وله وعليه.
"حي"، حي من الأسماء الحسنى منصوص عليه في أعظم آية في كتاب الله، {اللّه لا إله إلاّ هو الْحيّ الْقيّوم} [(255) سورة البقرة] {آلم* اللّه لا إله إلاّ هو الْحيّ الْقيّوم} [(1 - 2) سورة آل عمران]، {وعنت الْوجوه للْحيّ الْقيّوم} [(111) سورة طـه].
حي حياة كاملة لا يعتريها نقص بحال من الأحوال.
"عليم" فعيل صيغة مبالغة وعلام ويعلم، وصفة العلم ثابتة له -جل وعلا- والعليم من أسماءه الحسنى، وهناك فرق بين العلم والمعرفة الله -جل وعلا- يقال له: عليم، وهو السميع العليم، وصف نفسه بذلك، لكن هل يقال له: عارف؟ أو يعرف؟ أهل العلم يقولون: لا، لماذا؟ لأن المعرفة تستلزم سبق الجهل، بخلاف العلم، وماذا عن قوله في الحديث: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة))؟
طالب: مقابلة.
نعم مقابلة هذه مقابلة.
"حي عليم قادر"، قادر وقدير ومن صفاته القدرة ومن أسماءه القدير موجود، موجود نعم أسماءه وصفاته تدل على أنه موجود، لكن هل ورد ما يدل على جواز التسمية بهذا اللفظ أو لا؟ يعني كون معناه صحيح، لا يعني أنه يجوز أن يسمى به، نعم يخبر عنه به، لكن التسمية تحتاج إلى نص يدل على أن هذا من الأسماء الحسنى.
"قامت به الأشياء والوجود" هو الحي القيوم، هو الحي القيوم، القائم بنفسه المقيم لغيره، ولذلك قال: قامت به الأشياء، يعني مقتضى كونه قيوم يعني أنه قام بنفسه فلا يحتاج إلى غيره، وقامت به الأشياء لمسيس حاجتها إليه، كما أنه قيوم كما في آية الكرسي أيضا هو قيّام وقيم كما جاء في الذكر، ذكر الاستيقاظ من النوم، قبل الصلاة، أو في افتتاحها ((اللهم أنت قيوم))، ((اللهم أنت قيام))، وفي بعض الروايات ((اللهم أنت قيم))، وهي ألفاظ صحيحة، معناها واحد.
"قامت به الأشياء والوجود"، بكامله الوجود بكامله قام بالله -جل وعلا-، فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي أقامه، وبه قامت الأشياء كلها؛ لأنها لا تستطيع الاستقلال بنفسها، ولا شيء من هذه المخلوقات يستطيع أن يستقل بنفسه دون موجده، وهو الله -سبحانه وتعالى-.
دلت على وجوده الحوادث
|
|
سبحانه فهو الحكيم الوارث
|
دلت على وجوده، من الأدلة على وجود الله -جل وعلا- الحوادث؛ لأنه ما من حادث إلا وله محدث، ما من حادث إلا وله محدث، وما من فعل ومفعول إلا له فاعل، يستحيل أن يحدث الشيء نفسه، ويستحيل أن يحدث ويوجد من لا شيء، جبير بن مطعم لما جاء في فداء الأسرى وسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور تأثر، وكاد عقله أن يطير على ما قال، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبه، وفي هذه السورة {خلقوا منْ غيْر شيْءٍ أمْ هم الْخالقون} [(35) سورة الطور]، في شيء ثالث، نعم؟ هو الخالق -جل وعلا-، هو المتعين، يعني إذا نفي هذا، ونفي هذا تعين أن يكون هناك خالق، يعني لا يمكن أن يطلقوا أنفسهم، ولا يمكن أن يخلقوا من لا شيء، لا بد لهم من خالق وهو الله -جل وعلا-.
دلت على وجوده الحوادث |
|
سبحانه............................. |
تنزيه لله -جل علا- عن النقائص والعيوب التي تلحق هذه الحوادث، هو منزه عنها.
"فهو الحكيم" فعيل صيغة مبالغة من الحكمة وهي وضع الشيء في مواضعه، المحكم لمخلوقاته، الحاكم بينهم بالعدل، والقسط.
"الوارث" الذي يرث الأرض ومن عليها؛ لأنه هو الآخر الذي لا شيء بعده.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أولا: الكتاب المنظومة الأصلية الدرة المضية للسفاريني مع شرحها لمؤلفها فيها ملاحظات يسيرة، هي الأصل أنها على عقد الفرقة المرضية التي هي السنة والجماعة، لكن لم تسلم من الشوائب التي خالف فيها الناظم ما يستعمله أهل السنة والجماعة من ألفاظ أو استعمال ما استعمله الخلف مما لا يوجد له دليل، وإن كانت المنظومة في الأصل على مذهب أهل السنة والجماعة، والناظم وهو الشارح في الوقت نفسه توسع في مفهوم السنة، وفي دائرة أهل السنة فقال: إن أهل السنة ينقسمون إلى ثلاث فرق: الأثرية، وإمامهم الإمام أحمد بن حنبل. والماتريدية، وإمامهم أبو منصور الماتريدي. والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري. وتلقى هذا الكلام من اختصر الكتاب؛ لأنه يقول: وهل هناك من ملاحظات على مختصر ابن سلوم ومختصر الشطي؟ هذان لم يغيرا من واقع الكتاب شيئا، ولم يعلقا على ما فيه مما يلاحظ، وطبع الكتاب بطبعته الأولى أعني الشرح باسم (لوامع الأنوار البهية) في مطبعة المنار منذ ما يقرب من ثمانين عاما، وهذه الطبعة نادرة لا توجد، ثم أعيد طبعه بمطابع الأصفهاني في جدة، وعلق عليه من قبل الشيخ عبد الله البطين، والشيخ سليمان بن سحمان، تولوا التعليق على هذه الملاحظات، وهي مطبوعة مع الكتاب، ثم صور مرارا بعد ذلك، وهذه المختصرات أعني مختصر ابن سلوم ومختصر الشطي أبقوا الكتاب كما هو، وأما بالنسبة للشيخ ابن مانع في مختصره فقد علق على بعض الأشياء وهذا الشطي يقول: إنه اختصره نعم يقول في مقدمة المختصر: الحمد الله، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد: فإن الكتب المصنفة في العقائد السلفية لعلمائنا الحنابلة كثيرة بين كبير كشرح العقيدة للعلامة السفاريني، وصغير كعقيدة شيخ المذهب الموفق ابن قدامة، وكلاهما مطبوع معروف، ولم نطلع على كتاب متوسط يجمع المسائل الاعتقادية، خاليا من ذكر الخلاف الكثير والمناقشات الطويلة، وهذا ما دعا سيدنا الجد العلامة الكبير الشيخ حسن الشطي -رحمه الله- تعالى لاختصار شرح السفاريني المنوه به، فإنه جرد منه المسائل التوحيدية، والمباحث العلمية، وترك الخلاف، والمناقشات والإطناب قاصدا بذلك إفادة الطلاب، وقد انتشر هذا المختصر وانتفعت به الحنابلة في بلاد الشام ونابلس ومصر من حياة المؤلف حتى الآن، ولم يغني عنه طبع أصله المذكور للفائدة المذكورة، فإنه طبع بمصر سنة 1323هـ، -يعني منذ أكثر من مائة سنة-، طبعا حسنا في جزأين، وعليه ترجمة المؤلف وفهرس مفصل. أما هذا المختصر فإنه في نحو الربع من الأصل، وهو اختصار بدون زيادة، خلافا للمختصر الذي وضعه الفاضل الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع النجدي، وطبعه في الهند سنة 1336هـ، فإنه بالغ في الاختصار وأتى بزيادات لم تسلم له حتى عند ذويه النجديين -سامحه الله-. أتى زيادات، ابن مانع معروف أنه على مذهب أهل السنة يقول: أتى بزيادات لم تسلم له حتى عند ذويه النجديين -سامحه الله-، ولما قلت نسخ المختصر المذكور، وكثر طلابه من الحنابلة وغيرهم، أحببت أن أبادر إلى طبعه، وتعميم نفعه، والله الهادي، وعليه اعتمادي. هذه المختصر مطبوع سنة 1350هـ، يعني -نحو من ثمانين عاما- فهذا لم يزد فيه، وأبقى كل ما لوحظ على السفاريني أبقاه، وهنا حتى في مسألة التوسع في مفهوم أهل السنة قال: فائدة أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية، وإمامهم الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه-. والأشعرية، وإمامهم أبو الحسن الأشعري -رحمه الله- تعالى. والماتريدية، وإمامهم أبو منصور الماتريدي. وعلق على هامش الأصل وهو موجود مخطوط بهامش الأصل: هذا مصانعة من المؤلف -رحمه الله- في إدخال الأشعرية، والماتريدية في أهل السنة، كيف يكون من أهل السنة من لا يثبت علو الرب -سبحانه- فوق سماواته، واستواءه على عرشه؟ ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وأن الله لا يتكلم بحرف ولا صوت إلى آخره، وسيأتي الكلام عليه في موضعه -إن شاء الله تعالى-. المقصود أن الملاحظات على الأصل وجدت كما هي على المختصرين، أعني مختصر: ابن سلوم، ومختصر الشطي. مختصر ابن مانع أضاف إليه إضافات، وجرده من بعض الملاحظات، وكذلك حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم أيضا مطبوعة قديمة سنة 64، أو 66، 1366هـ، ثم أعيد طبعها مرارا، ويبقى أن الأصل الذي هو الشرح، شرح المؤلف فيه فوائد وعلوم لا توجد في غيره؛ لأنه مطول. هذه ترجمة السفاريني قد يقول قائل: ترجمتوا للشيخ حافظ، وتذكرون الآن ترجمة للسفاريني، ولم تترجموا للإمام المجدد، أنا أقول: الإمام المجدد ليس بحاجة إلى ترجمة، فترجمته بمثل هذه الطريقة لا تسمن ولا تغني من جوع، في ترجمته مؤلفات، وقد بحث -رحمة الله عليه- من جوانب متعددة، أقول: بحوث مطبوعة وموجودة، وهو أشهر من أن ينوه به في كلمات يسيرة. يقول: جاء في سلك الدرر في تراجم رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر، يقول: محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفّاريني، الشهرة والمولد، النابلسي الحنبلي، الشيخ الإمام، والحبر البحر النحرير الكامل الهمام الأوحد العلامة... إلى آخره. هذا الكتاب سلك الدرر للمراديفي فيه مبالغات، فيه مبالغات، وفيه أيضا إطراء وغلو لبعض المترجمين، إلى أن قال: فقد كان غرة عصره، وشامة مصره، لم يظهر في بلاده بعده مثله، وكان يدعى للملمات، ويقصد لتفريج المهمات، هذا الكلام غلو، هذا غلو ومبالغة اللهم إلا إذا كان يستعان به ويستفاد منه مما يقدر عليه في مقدوره إذا احتاج الإنسان إلى شيء، إلى مساعدة في شيء مما يقدر عليه لا مانع، أما ما لا يقدر عليه فهذا ليس من خصائصه، ذا رأي صائب وفهم ثاقب، جسورا على ردع الظالمين وزجر المفترين، إذا رأى منكرا أخذته رعدة، وعلا صوته من شدة الحدة، وإذا سكن غيظه وبرد قيظه يقطر رقة ولطافة وحلاوة وظرافة، وله الباع الطويل في علم التاريخ، وحفظ وقائع الملوك والأمراء والعلماء والأدباء، وما وقع في الأزمان السالفة، وكان يحفظ من أشعار العرب العرباء والمولدين شيئا كثيرا. كونه يغار على محارم الله، ويغضب إذا انتهكت محارم الله هذا أمر شرعي، فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يغضب، لكن في مقابل فاعل المنكر. جسورا على ردع الظالمين وزجر المفترين، إذا رأى منكرا أخذته رعدة، وعلا صوته من شدة الحدة، الحدة في هذه المواطن لا شك أنها قد تكون نابعة من شدة الغيرة، والزيادة في الغيرة، لكن مقابلة مرتكب المنكر بهذا الأسلوب ليس بشرعي، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تزجروه، لا تزرموه، دعوه)) وهذا للذي بال في المسجد، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- رفيقاً في مثل هؤلاء في تعليم الجاهل، اللهم إلا المعاند فله أسلوب آخر. يقول: كنيته أبو العون، ولد بقرية سفارين من قرى نابلس سنة أربع عشرة ومائة وألف، 1114هـ، ونشأ بها وتلا القرآن العظيم، رحل إلى دمشق لطلب العلم فأخذ بها عن الأستاذ الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي، وشيخ الإسلام الشمس محمد بن عبد الرحمن الغزي، وأبي الفرج عبد الرحمن بن محيي الدين المجلد، وأبي المجد مصطفى بن مصطفى السواري، إلى آخره، وأخذ الفقه عن كذا، وحصل لصاحب الترجمة في طلب العلم ملاحظة ربانية حتى حصل في الزمن اليسير ما لم يحصله غيره في الزمن الكثيرـ ورجع إلى بلده ثم توطن نابلس. الرجل لا شك أنه مكثر من التصنيف، له مصنفات كثيرة، وأيضا هو مكثر من جمع التصانيف، عنده مكتبة كبيرة، يعني يرجع في الكتاب الواحد من تصانيفه إلى خمسمائة مصنف، مراجع، قد يقول قائل: إن هذا ليس مما يمدح به المؤلف؛ لأنه قد يكون الكتاب كله مجموع، إذا كانت خمسمائة مؤلف، أخذ من هذا شيء، وأخذ من هذا شيء يصير مؤلف، والبراءة إنما تكون في قلة المراجع؛ لأنه يكون الاعتماد على ما في الذهن حينئذ، يعني هل من مناقب من محاسن التصنيف أن يرجع فيها إلى المؤلفات الكثيرة؟ ذكر في مقدمة شرح غذاء الألباب، شرح منظومة الآداب أنه رجع فيه إلى أكثر من ثلاثمائة كتاب، وهكذا نجد في الرسائل والمنصفات الحديثة نجدهم يرجعون إلى ثلاثمائة، إلى خمسمائة، إلى سبعمائة كتاب، هل نقول: إن هذه ميزة؟ كثرة التصانيف تدل على أن الرجل اهتم ببحثه وفوح في الكتب، يمين وشمال، وأغرب وأبعد، في كتب ما يكتب موضوع ما يكتبه في غيرها من الكتب، مما له علاقة قريبة أو بعيدة هذه مما يمدح بها أو نقول: إن هذا إنما أخذ علومه من هذه الكتب، ولم يبق لتحريراته وترجيحاته ومبتكراته شيء، مع أنه قد لا يكون هذا على حساب هذا، قد يأخذ من الكتب أشياء يسيرة وينطلق منها إلى التحرير والتنقيح، وقد يكون يأخذ من هذا الكتاب، ليناقش هذا المؤلف ويرد على ذاك، ويحصل منه فائدة، أما مجرد النقل، نقل جملة من هذا، وسطر من هذا، وصفحة من هذا، هذا ليس بتأليف، هذا ليس بتأليف على الحقيقة، وليس مما يمدح به المؤلف. فمن تآليفه: شرح ثلاثيات المسند طبع في مجلدين كبيرين، ومجموعة ثلاثيات المسند تزيد على الثلاثمائة، شرح نونية الصرصري سماها: "معراج الأنوار في سيرة النبي المختار" في مجلدين، تحبير الوفاء في سيرة المصطفى، غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، هذا الكتاب وفي أصله الذي هو منظومة الآداب لابن عبد القوي فوائد جمة لا توجد في غيره، طالب العلم عليه أن يعنى بهما، على أن الشرح فيه لا يسلم من هنات، فيه أشياء مؤثرة في الاعتقاد، فيه طلاسم، وفيه رموز، وفيه أرقام، لا يدرى ما يعني بها، وهذه لا شك أنها خلل في الكتاب، وعلى كل حال الكتاب لو جرد من هذه لكان نفعه أكبر، منظومة الآداب أيضا لابن عبد القوي صاحب النظم، نظم الفقه نظم المقنع، طبعت مرارا وطبع معها منظومة الكبائر للحجاوي، ونسبت إلى ابن عبد القوي، حتى الطبعة الأولى لمنظومة الآداب مع ديوان ابن مشرف الذي طبعها ابن قاسم، الشيح عبد الرحمن بن قاسم في مطبعة أم القرى بمكة أدخل فيها منظومة الكبائر للحجاوي؛ لأنها على نفس الروي فظنت منها، وهي في الحقيقة ليست منها، فيها نقول عن بعض من تأخر عن الناظم، وزاد حفيد المجد أو جاء وعيده... إلى آخره شيخ الإسلام بعد ابن عبد القوي. المقصود أن هذه المنظومة أدخل في المنظومة الكبائر وليست لابن عبد القوي، وهي للحجاوي. البحور الزاخرة في علوم الآخرة، هذا كتاب مطبوع في الهند قديما في مجلدين، وحقق في رسائل علمية، وكشف اللثام في شرح عمدة الأحكام، من أنفس الشروح، وتأخر طبعه لنقص في أوائله يسير، ثم بعد ذلك طبع على نقصه، نتائج الأفكار في شرح حديث سيد الاستغفار، والجواب المحرر في الكشف عن حال الخضر والاسكندر، وعرف الزرنب في شرح السيدة زينب، القول العلي في شرح أثر أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-، شرح منظومة الكبائر الواقعة في الأقناع، شرح السفاريني منظومة الكبار للحجاوي شرحها السفاريني، نظم الخصائص الواقعة فيه أيضا، الدر المنظم في فضل شهر الله المحرم، قرع السياط في قمع أهل اللواط، المنظومة الغرامية في شرح منظومة ابن فرح اللامية، المنح المنح الغرامية، والتحقيق في بطلان التلفيق، ولواقح الأفكار السنية في شرح منظومة الإمام الحافظ أبي بكر بن أبي داود الحائية في مجلد، هذا طبع، تحفة النساك في فضل السواك، الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية وشرحها المسمى: لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية، تناضل العمال بشرح حديث فضائل الأعمال، الدرر المصنوعات في الأحاديث الموضوعات، رسالة في بيان الثلاثة والسبعين فرقة والكلام عليها، اللمعة في فضائل الجمعة، الأجوبة النجدية، الأجوبة الوهبية عن أسئلة الزعبية، شرح على دليل الطالب لم يكمل، تعزية اللبيب بأحب حبيب، إلى آخره، وله شعر أيضا، وكان وفاته في شوال سنة ثمان وثمانين ومائة وألف، مولود سنة كم؟ أربع عشرة ومائة وألف، فيكون عن أربع وسبعين سنة، -رحمه الله- تعالى.