إن كان يجلس ولا يدخل في الصلاة حتى يركع الإمام لا شك أن هذا محروم، حيث فوَّت على نفسه الأجر بالدخول مع الإمام؛ لأنه إذا دخل مع الإمام وصلى معه حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة كاملة، فيدخل معه ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام، أما إذا تأخر عنه فلا يحصل له هذا الثواب، وكونه يفوِّت على نفسه قراءة الفاتحة وهو قادر على الإتيان بها فمثل هذا على خطر، وهو محروم إذا كان لا يدخل مع الإمام.
أما إذا كبَّر مع الإمام وجلس فإن كان مع العجز فأجره تام، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أحيانًا يقرأ في صلاة الليل وهو جالس، ثم إذا أراد الركوع قام، وإذا كان مع القدرة فهو على النصف من أجر صلاة القائم؛ لأن صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم، وهذا معروف أنه في صلاة النافلة ومع القدرة على القيام، أما مع العجز عن القيام فالأجر كامل وتام، ولا يصح ذلك في الفريضة مع القدرة؛ لأن القيام مع القدرة في الفريضة ركن من أركانها، ففي الصحيح من حديث عمران بن حصين –رضي الله عنهما- «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» [البخاري: 1117]، وحديث «صلاة القاعد نصف صلاة القائم» [مسند أحمد: 12395] محمول على النافلة مع القدرة على القيام، بدليل سبب الورود وهو "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة مُحمَّة فوجدهم يصلون من قعود فقال: «صلاة القاعد نصف صلاة القائم» فتجشَّم الناس الصلاة قيامًا"، فهذا يدل على أنهم قادرون على القيام، ومما يدل على أنها نافلة كونه دخل وهم يصلون إذ لا يصلون قبله في الفريضة، فحمله أهل العلم بناء على سببه على النافلة مع القدرة على القيام، وقد يقول قائل: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب -كما هو مقرر عند أهل العلم-، لكن عموم اللفظ معارَض بحديث عمران بن حصين: «صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا» ومع هذه المعارضة لا مانع من قصر العموم على سببه.