شرح المقدمة من نونية ابن القيم - (13)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أشرنا في آخر الدرس الماضي أن الرازي ذكر أشياء وألفاظًا تطلق على الله -جل وعلا-، وأطال في هذا البحث كالشيء وما في معناه، شيء وموجود والسرمدي والأزلي والجوهر وإلى غيره، نشوف باختصار بدون تفصيل ماذا يقول، الباب الرابع.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الرازي في تفسيره: "الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْبَحْثِ عَنِ الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى الصِّفَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ. قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: الْأَسْمَاءُ الدَّالَّةُ عَلَى الْوُجُودِ، وفيه مسائل: تسمية الله بالشيء: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَطْبَقَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِاسْمِ الشَّيْءِ، وَنُقِلَ عَنْ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، أَمَّا حُجَّةُ الْجُمْهُورِ فَوُجُوهٌ: الْحُجَّةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ بِاسْمِ الشَّيْءِ، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْكَلَامُ مَقْصُورًا عَلَى قَوْلِهِ: {قُلِ اللَّهُ}، لَكَانَ دَلِيلُكُمْ حَسَنًا، لَكِنْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلِ الْمَذْكُورُ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}، وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى مُسَمًّى بِاسْمِ الشَّيْءِ، قُلْنَا: لَمَّا قَالَ: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}، ثُمَّ قَالَ: {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الْأَنْعَامِ: 19]، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ جَارِيَةً مَجْرَى الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِ: {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْمَقْصُودُ. الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى...".
لا نطيل في مثل هذا، لكن هي أمثلة على ما تعرض له الرازي من هذه الأشياء أو من هذه الألفاظ التي تُطلق على الله -جل وعلا-، مع خلاف بين أهل العلم في جواز إطلاقها. وطريقة سلف الأمة وأئمتها بالاقتصار على ما جاء عن الله وعن رسوله في هذا الباب، ولا يتوسعون في هذا، أكثر مما نُص عليه على أنه اسم، ولذلك كثر الكلام واللغط فيما أورده نفيًا وإثباتًا. مما ذكره في آخر المبحث: الجوهر.
طالب: أقرأ منه يا شيخ؟
لقيته؟
طالب: نعم.
وهذا يكثر الكلام فيه عند المتكلمين حتى ممن ينتسب إلى أحمد، نفيًا أو إثباتًا، فالسفاريني في عقيدته وهو متابع للإمام أحمد، وهذا مما انتقد عليه، قوله: وليس ربنا بجوهر ولا عرضًا تعالى ربنا ذو العلا.
المقصود أن مثل هذه الأمور التي لم ترد في كتاب الله ولا في سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يجوز إطلاقها على الله -جل وعلا- نفيًا ولا إثباتًا، وهذا مما انتقد على السفاريني ولوحظ عليه، وعلى شرح عقيدته تعليق للشيخ سليمان بن سحمان وكلام لأبي بطين وغيرهم يلزمون فيه الجادة التي هي الاتباع المحض في هذا الباب، وأنه ليس بقابل للاجتهاد ولا للنظر، ولكن الذي حصل في مسألة الذات يُخشى أن يفتح بابًا لمثل هؤلاء، وإلا فالأصل حسم المادة، الذي ما ثبت صراحة عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- نفيًا أو إثباتًا لا نتعرض له، قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
ومن ذلك إطلاق لفظ الموجود على الله -سبحانه وتعالى-، إطلاق لفظ الذات، إطلاق لفظ النفس، إطلاق الشخص على الله -جل وعلا-، إطلاق النور، إطلاق الصورة، إطلاق الجوهر، إطلاق الجسم، إطلاق الآنية والماهية والحق على الله -سبحانه وتعالى-، إطلاق السرمدي ووروده في الكتاب والسنة، لكن هل ورد في حق الله -جل وعلا-؟ يتوسعون ويفتحون المجال لعقولهم فلا يسلم كلامهم من الانتقاد، وما أحسن طريقة السلف، وهي الأعلم والأحكم، بخلاف قول من يقول: إن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم. العلم والحكمة تابعة للسلامة، لا خير في علم ولا حكمة يتبعهما عطب، الذي ما فيه سلامة لا علم ولا حكمة؛ ولذلك كتبهم التي يسمونها كتب الحكمة، ويسمون أنفسهم الحكماء، من أين الحكمة وهم يأتون بما يخالف الكتاب والسنة؟ المقصود أن طريقة السلف أوضح وأسلم وأعلم وأحكم وأبعد عن تعريض النفس لما لا تحمد عقباه.
طالب: يا شيخ بارك الله فيك، في تحرير هذه ....... هل يوثق بكلام الرازي؟
لا، لا يوثق، لا لا؛ لأنه ما اتخذ الكتاب والسنة منهجًا له وديدنًا وسبيلاً يقتفيه، لا، بل عليه ملاحظات كثيرة في كتابه؛ لأنه حكَّم عقله في كثير من المسائل العقدية.
طالب: أحسن الله عملكم إتمامًا للفائدة، فيه الألفاظ المجملة هذه، طُبعت رسالة علمية ومتينة ما شاء الله في مجلدين ضخمة ما أدري في الإسلامية أو في أم القرى: موقف شيخ الإسلام ابن تيمية لألفاظ ....... وجمعوا هذه الألفاظ وتتبعوا كلام الشيخ تقي الدين وكلام ابن القيم في مجلدين ضخمين، متعوب عليها.
هو مسألة الأسماء الحسنى وما ورد فيها من النصوص مسألة في غاية الأهمية، وابن القيم -رحمه الله- أولاها عناية فائقة في النونية، فذكرها وشرحها، وفائدة المسلم منها عظيمة جدًّا ليدعو الله بها، ولا داعي لأن يتتبع الطرق والسبل ويستقصي ويستوعب ما قيل، لا، ما له لزوم، وإلا فالأسماء الحسنى لا حصر لها؛ «أو استأثرت به في علم الغيب عندك»، وأما حصرها في المائة أو تسعة تسعين؟
طالب: تسعة وتسعين، مائة إلا واحدة.
كم عددها؟
طالب: في هذا الحديث يعني؟
نعم في هذا الحديث.
طالب: مائة إلا واحدة.
والله ما هو منها؟
طالب: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحد».
ما هو من التسعة والتسعين الله.
طالب: إذًا يكون تمام المائة.
طالب: ....... الحديث الضعيف هذا.
عند الترمذي؟
طالب: نعم.
لا أنا أقصد من حديث الصحيحين: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحد».
طالب: ....... الأسماء غير الذي سبق، هذا مفهومه: «إن لله»، أسماء غير ما ذُكر في أول .......
الله اسم أو ليس باسم؟
طالب: اسم.
داخل في التسعة والتسعين؟
طالب: لا، محتمل محتمل يا شيخ.
طالب: ....... أردت نفسه -سبحانه وتعالى- التي من أسمائها الله .......
ما فيها ذكر الله: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا».
طالب: ما يخفاك يا شيخ أن يكون الاسم للمسمى فهو الآن لما قال: «إن لله» هذا المسمى، «تسعة وتسعين اسمًا» منها الله.
طالب: من العلماء من جعلوه اسمًا يا شيخ.
ما هو؟
طالب: من العلماء من جعلوه ضمن التسعة والتسعين.
جعلوه أيش؟
طالب: ضمن التسعة والتسعين اسمًا.
ضمن التسعة والتسعين، الحصر بالتسعة والتسعين، والتأكيد بمائة إلا واحد يعطي هذا المفهوم، لكن قول من يقول من الشراح: إن الاسم الأعظم وهو الله هذه الأسماء التسعة والتسعين لهذا الاسم، والمسألة تدور حول كلامهم في الاسم والمسمى، إذا كان الاسم هو المسمى فشيء، أو كان غيره فشيء آخر.
على كل حال هذه التفاصيل يرجع إليها في الشروح، وأمرها واضح. من العلماء من يثبت أن الأسماء من هذا الحديث مائة اسم، بدءًا بلفظ الجلالة الله وما عُطف عليه من التسعة والتسعين.
طالب: .......
كلامه صفة من صفاته.
طالب: .......
الكلام صفة من صفاته، كلام الله صفة من صفاته.
طالب: .......
تجوز الاستعاذة بها.
طالب: .......
كلامه الذي منه قرآن نعم.
طالب: ولا يجوز الدعاء يا شيخ؟
ماذا؟
طالب: يجوز الاستعاذة بالكلمات ولا يجوز دعاء الصفات.
هو يجوز الاستعاذة بالاسم والصفة، ولكن...
طالب: دعاء الصفة شرك.
نعم دعاء الصفة شرك، يقول شيخ الإسلام، شرك.
طالب: إذا قال: أعوذ بعزة الله؟
استعاذة.
طالب: أعوذ بعزة الله وقدرته .......
طالب: .......
ماذا؟
طالب: ما دام دخلت باء التوسل هذه فهل نقول يحصل توسلاً ولا يجوز مباشرة ....... يا رحمة الله .......
الاستعاذة غير السؤال.
طالب: .......
استعاذة، أعوذ بكلمات الله، الاستعاذة غير أن تسأل الصفة، لا يجوز أن تسأل غير الله -جل وعلا-.
طالب: قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: (فصل: وأما القرآن فإني أقول إنه كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به صدقًا وسمعه منه جبريل حقًّا، وبلغه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وحيًا، وأن {كهيعص} [مريم: 1]، و{حم (1) عسق} [الشورى: 1، 2]، الآيتان، و{ق} [ق: 1]، و{ن} [القلم: 1] عين كلام الله حقيقة، وأن الله تكلم بالقرآن العربي الذي سمعه الصحابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جميعه كلام الله وليس قول البشر، ومن قال إنه قول البشر فقد كفر، والله يصليه سقر. ومن قال ليس لله في الأرض كلام فقد جحد رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله بعثه يبلغ عنه كلامه، والرسول إنما يبلغ كلام مرسله، فإذا انتفى كلام المرسل انتفت رسالة الرسول. ونقول إن الله تعالى فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وإنه تعالى إليه يصعد الكلم الطيب وتعرج الملائكة والروح إليه، وإنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه، وإن المسيح رفع بذاته إلى الله، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرج به إلى الله حقيقة، وإن أرواح المؤمنين تصعد إلى الله عند الوفاة فتُعرض عليه وتقف بين يديه، وإنه تعالى هو القاهر فوق عباده، وإن المؤمنين والملائكة المقربين يخافون ربهم من فوقهم).
طالب: بعد (فوق عباده): وهو العليم الأعلى.
وهذه الزيادة لا تصح وإنها ستأتي في آخر الفقرة، نعم.
طالب: (وإنه تعالى هو القاهر فوق عباده، وإن المؤمنين والملائكة المقربين يخافون ربهم من فوقهم، وإن أيدي السائلين ترفع إليه وحوائجهم تعرض عليه، وإنه سبحانه هو العلي الأعلى بكل اعتبار).
خلاص. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
هذه المناظرة التي ذكرها ابن القيم بين مثبت للصفات وبين معطل جهمي، أو جاحد للصفات أيًّا كان، لما ذكرها إجمالاً بدأ يفصِّل في أهمها، والكتاب كلُّه تفصيل، النونيّة النظم كله تفصيل لهذا المعتقد. لكن من أهم ما يُقرأ ويبحث في هذا الباب القرآن الذي هو كلام الله، وأنه تكلم به- جل وعلا- بصوت وحرف سمعه جبريل، وبلغه إلى محمد -عليه الصلاة والسلام-، والخلاف في كلام الله -جل وعلا- بين الطوائف المنتسبة إلى القبلة كلام كثير طويل تشعَّب، والتُزم بلوازم بدأها المبتدعة إلى أن وصلوا إلى حدٍّ خرجوا فيه من الدين، وأنكروا رسالة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من حيث لا يشعرون.
يقول -رحمه الله-: (وأما القرآن فإني أقول: إنه كلام الله)، وهذا معتقَد كلِّ مسلم، كل مسلم يقول: هو كلام الله، ثم كلٌّ على مذهبه في فهم هذه الكلمة. {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] هل مثل هذا اللفظ ينكره الجهمي أو يتأوَّل؟
طالب: يتأول.
يتأوّل، لو أنكره كفر من أول وهلة، خلاص أنكر شيئًا من القرآن، لا يستطيع أن ينكر، لكنه يأتي بكلام يتأول فيه معنى كلام الله -جل وعلا- وهو في حكم الإنكار؛ لأن مؤداه الإنكار.
(أنه كلام الله منزَّل غير مخلوق) منزَّل من عند الله -جل وعلا- نزل به جبريل على محمد -عليهما الصلاة والسلام-، (منزَّل غير مخلوق) ووصفه بالتنزيل لا يكفي؛ لأنّه نُزِّل من السماء أشياء غير القرآن، فلا يكون وصفًا كاشفًا للقرآن حتى يُخرج ما عداه. ما الذي نُزِّل؟ {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: 25]، ونزّل من بهيمة الأنعام {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6]، وغير ذلك، نزّل المطر.
طالب: .......
كلّ؟
طالب: كل ما نزل سوى القرآن مخلوقات.
مخلوق نعم صح، غير مخلوق، وأما ما عداه فهي كلها من مخلوقات الله -جل وعلا-.
(منه بدأ وإليه يعود)، (بدأ) تكلم به ابتداء، (وإليه يعود) في آخر الزمان حيث يأذن الله برفعه من الأرض، فيمحى من الصدور ومن السطور، ولا يبقى شيء منه، حتى المحفوظ يذهب، (وإليه يعود، تكلَّم الله به صدقًا) وحقًّا وحقيقة، (وسمعه منه جبريل حقًّا) بخلاف من يقول: إن جبريل سمعه من الشجرة، قالوا: سمعه من الشجرة؛ لئلا يعترفوا بأن الله تكلّم. ما الشبهة عندهم أنه سمعه من الشجرة؟
طالب: سدرة المنتهى.
ماذا؟
طالب: .......
طالب: هذا الكلام حادث؟
طالب: ....... مركب من حروف .......
هم الشبهة في نفيه أنَّ المركَّب من الأصوات والحروف هي أقوال البشر، وليست من كلام الله -جل وعلا-؛ لأننا لو أثبتنا أصواتًا وحروفًا فقد شبَّهناه بخلقه: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} [مريم: 52]؟
طالب: {مِنَ الشَّجَرَةِ} [القصص: 30].
طالب: نفيهم لقيام الحوادث ....... من هذه الجهة.
نعم، الصوت والحرف عندهم حادث.
طالب: قالوا بالكلام النفسي.
هذا كلام الأشاعرة وهم يختلفون عن الجهمية، الجهمية ينفون بدون تفصيل، ينفون أنه كلام الله، والأشاعرة ما ينفونه يقولون: كلام الله أو عبارة عن كلام الله، لا يقولون: كلام الله، وإنما يقولون: عبارة عن كلام الله، والماتريدية يقولون: حكاية عن كلام الله. أيهم أسهل؟ العبارة أو الحكاية؟
طالب: العبارة.
طالب: الحكاية يا شيخ.
طالب: الماتريدية أفضل.
ما هو؟
طالب: الماتريدية أقرب .......
العبارة؛ لأنهم يقولون بالكلام النفسي الذي يعبِّر عنه اللسان، ويستندون إلى قول الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد دليلاً
هذا قولهم، فهو ليس بكلام الله وإنما هو عبارة عن كلام الله. من الذي عبر به عن الله؟ جبريل، جبريل عبر به عن كلام الله -جل وعلا-.
طالب: كيف عرف جبريل؟
ماذا؟
طالب: كيف عرفه ولم يسمع شيئًا على قولهم؟
هذا الكلام الذي خلقه الله -جل وعلا- في الشجرة فهمه جبريل وعبَّر عنه، كلام ما يخطر على بال، لكن هذه المصطلحات التي ضلوا فيها عن طريق الحق؛ بسبب اتباعهم ما تلقَّوه عمن يسمونهم الحكماء عن الفلاسفة في هذه القواعد التي قعدوها وأجروها على كل شيء. الآن المواقف وشرح المواقف تقرأ كلامًا عندهم أنه مرتب ومنظم، وهو في الحقيقة لا شيء، ما تمسك شيئًا، ثم في النهاية يكون مآلهم التعطيل والنفي.
طالب: أحسن الله إليكم، قول الماتريدية أنه حكاية ما المقصود به؟
أنت الآن ما عمرك سمعت بالأسئلة أو في كلام في الدروس في الجامعات وغيرها يقول الله تعالى حكاية عن..
طالب: عن موسى.
عن موسى مثلاً، هذا صحيح أو ما هو بصحيح؟
طالب: نعم صحيح.
طالب: ممكن إذا كان المقصود صحيحًا، إذا كان .......
يقول الله -جل وعلا- حكاية عن آدم -عليه السلام- حكاية عن فلان...
طالب: .......
منتشرة نعم.
طالب: ....... المشابهة يا شيخ.
لكن التعبير صحيح أو لا؟
طالب: لا، ليس صحيح.
طالب: ....... على لسان موسى.
حكاية عن موسى.
طالب: يقص عن موسى.
يقص عن موسى صح ما قلنا شيئًا، فالمتكلم هو الله -جل وعلا- باللفظ المذكور، أما إذا قلت حكاية فقد يكون بغير اللفظ.
طالب: لو حصل بغير اللفظ .......
نعم، حصل بغير اللفظ، لكن هذا الذي نُزل على محمد.
طالب: لفظ الله.
لفظ الله -جل وعلا-.
طالب: لكن قبله حكاية عن موسى الحاكي هو الله .......
حكاية عن موسى، الحاكي هو الله -جل وعلا-، والمحكي عنه موسى، بينما ما يريده الماتريدية: الحاكي غير الله، والمحكي عنه هو الله.
طالب: يعني يكون الحاكي جبريل -عليه السلام- مثلاً.
أين؟
طالب: في القرآن جملة؟
لا لا، قال الله -جل وعلا- القائل هو الله، حكاية، المحكي عنه موسى مثلاً، والحاكي على أي حال هو الله، ولكن لكون اللفظ موهِمًا ومشبهًا لقول المبتدعة يُمنع من هذه الحيثية، ولكن إذا دقَّقت فيه وجدته يختلف عن قول الماتريدية.
طالب: .......
لا، لكن أنت ما أدركت الفرق بين قول الماتريدية حكاية عن الله وبين قول من يقول: الله يقول حكاية عن فلان، وإلا فنجزم بأنَّ بعض الألفاظ التي جاءت في القرآن على ألسنة من تقدم ممن لا ينطقون العربية، واللفظ الموجود عندنا عربي، هل هذا حكاية من حكي عنه، أو أنَّ الله -جل وعلا- هو المتكلم؟
طالب: أحسن الله إليك، في الإجازات القرآنية أحيانًا يكتبون: عن جبريل عن اللوح المحفوظ، كأنهم يشيرون .......
ليس بصحيح، عن جبريل تلقَّاه عن الله -جل وعلا- مباشرة، وجاء في خبر عن ابن عباس: إن الله لما تكلَّم به أنزله إلى السماء الدنيا، وجبريل يُنزله على حسب الوقائع والحوادث من هذا المنزل إلى السماء الدنيا. هذا مروي عن ابن عباس بسند صحيح معروف، لكن هل هو صحيح في واقعه؟
طالب: في تفسير النزول بليلة القدر؟
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] جملة أو بداية التنزيل في رمضان كما يقول ابن القيم؟
طالب: قالوا كذا وقالوا كذا.
نعم، لكن ما معنى أنه أُنزل جملة واحدة في ليلة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم نزل على حسب الوقائع والحوادث، يعني ما نزل في آخر سِنيه -عليه الصلاة والسلام- هو مما أُنزل في ليلة القدر الأولى؟
طالب: هذا مفهوم كلامه.
لأن فيه وقائع مربوطة بحوادث آنية، المجادلة مثلاً ألم تنزل السورة بسبب قصة حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام-؟
طالب: .......
هل هذه السورة أُنزلت إلى السماء الدنيا في أول ليلة من ليالي القدر؟
طالب: هو ما فيه إشكال ....... في نزوله جملة، هو فقط الزيادة هذه .......
ما هو؟
طالب: يعني ....... يقولون نزل جملة إلى السماء الدنيا، يقولون عن ابن عباس وغير واحد من السلف، بل بعضهم مما يُفهم من كلامك أن شيخ الإسلام أنه محل إجماع، ثم ينزل من رب العالمين سبحانه مرة أخرى، ما ينزل من هذا الذي نزل، كعلم الله: هو يعلم سبحانه أنه ستحصل هذه المجادلة، وعلم العلم الذي يقوم به الظهور ....... فلما حصلت المجادلة وقد سمع الله ....... ما فيه إشكال، ولهذا أنكروا على بعض المتأخرين من المعاصرين لما أنكر هذا الأمر وحوله إلى معنى ابتدأ النزول، قالوا: لأن هذا ثابت عن السلف، بل يحكي بعضهم الإجماع.
فيه شيء مرفوع؟
طالب: نعم، لكن يا شيخ ابن عباس ....... ثاني شيء يحكي بعضهم يقولون وغيره من السلف يعني يجعلون .......
على قول الجمهور يعني ما هو محل اتفاق.
طالب: بعضهم يحكيه اتفاقًا.
لا لا ما .......
طالب: ....... لا فرق بين هذه وبين مسألة تفسير الآية، وحتى لو ....... هو هذا أمر عندهم.
أيهم؟
طالب: يعني نزوله جملة ما يتمانع إن قلنا بتسليم المعنى هو ابتداء النزول ما يتمانع، لكن الإشكال من يجعل ابتدأ النزول هو ضد قول ابن عباس.
يعني النزول الثاني تقصد، فيه نزول أول ونزول ثاني، النزول الأول جملة إلى السماء الدنيا.
طالب: وليس له علاقة بما نزل ثانية، يعني لا يأتي أحد، الأشاعرة ....... أثر ابن عباس، الأشاعرة قالواظم نزل جملة وأخذ من هذا، قالوا: لا، هو نزل جملة ثم نزل .......
وأخذ مباشرة.
طالب: ماذا؟
أُخذ من مباشرة تلقّاه جبريل من الله ....... هذا مقرر.
طالب: ولا يحصل بينهم استغلال لأثر ابن عباس على المعتقد الباطل، كعلم الله -سبحانه وتعالى-.
ما وقفت على من يشكك في خبر ابن عباس؟
طالب: ماذا؟
ما وقفت على من يشكك فيه؟
طالب: نعم أحد المعاصرين مات الله يرحمه، لكنه رُدَّ عليه -رحمه الله- ....... جنات النعيم، كأن الشيخ ....... إبراهيم في السؤال عن آخر في حق الإجازات أول الفتاوى له رسالة في الرد على هذا، ويتطرق الشيخ في ....... والذين كتبوا.
حضروا..
طالب: مثل الشيخ ابن قاسم بن عبد الرحمن لما كتب في مسألة ....... هو الشيخ عبد الرحمن يكاد هو كلام شيخ الإسلام لكن رتَّبه يا شيخ التي هي مقدمة.
التفسير.
طالب: التي ألفها هو ما اسمها؟
شرح مقدمة التفسير.
طالب: هو ما شرح مقدمة شيخ الإسلام، هو كتب مقدمة بنفسه وحشى عليها.
نعم.
طالب: وأخذ كلام شيخ الإسلام لكن رتَّبه ....... وهذا الجامع الذي طلعه ....... السبع مجلدات في التفسير فيه لما جاء في أحد الآيات جمعوا كلام الشيخ ....... يستفاد منه أيضًا، آية الدخان أو آية القدر.
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3]، بعد هذه يقولون: إنها ليلة القدر أو ... فيه قول آخر.
طالب: نسيت الثانية .......
فيه قول آخر، أو ليلة النصف من شعبان.
طالب: لكن أحسن الله إليك، هل هذا القول يعني أن يكون الرب -جلَّ وعلا- تكلَّم مرتين بالقرآن؟
نعم؟
طالب: على هذا القول.
ما هو؟
طالب: لا يلزم أحد يكون ....... أنزل إلى السماء الدنيا .......
والله الذي أعرفه أنَّ أثر ابن عباس مشكل، ولا يمنع أن نبحث المسألة ونصل إلى الحق، إن شاء الله.
طالب: جزاك الله خيرًا.
(تكلم الله به صدقًا، وسمعه جبريل -عليه السلام- منه) يعني من الله (حقًّا، وبلغه محمدًا) يعني جبريل بلغ ما سمعه من الله (حقًّا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وحيًا)، ثم ذكر أمثلة من الحروف المقطعة: (وأن {كهيعص} [مريم: 1]، و{حم (1) عسق} [الشورى: 1، 2]، و{ق} [ق: 1]، و{ن} [القلم: 1]).
طالب: و{الر}.
(عين كلام الله تعالى حقيقة، وأن الله تكلم بالقرآن العربي الذي سمعه الصحابة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، جميعه كلام الله، وليس قول البشر)، الكلام العربي، القرآن فيه أعلام أعجمية بالاتفاق: إبراهيم عربي أو أعجمي؟
طالب: أعجمي.
أعجمي، وأنه ليس فيه جمل ولا تراكيب أعجمية بالاتفاق، والخلاف فيما عدا ذلك من بعض الأشياء التي وُجدت في القرآن ووجدت في اللغات الأخرى وقالوا: إنها مما توافقت عليه اللغات، فيكون عربيًّا وهو موجود في لغات سابقة، تكلَّم به العرب كما تكلَّمت به الأمم الأخرى، فيكون هذا من التوافق.
(وأن الله تكلم بالقرآن العربي الذي سمعه الصحابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جميعه كلام الله، وليس قول البشر)، تطاول بعض الكتاب من المعاصرين على كلام الله -جل وعلا- وانتقدوا بعض الألفاظ وقالوا: إنها مدسوسة، وللروافض من ذلك النصيب الأوفر، قالوا: إن بعض الكلام لا يصح عن الله -جل وعلا-، وبعض كلام الله -جل وعلا- حُذف من المصحف؛ تقريرًا وتأييدًا لآرائهم الباطلة ومزاعمهم ودعواهم الضالة، وقالوا: إن هذا المصحف الذي بين أيدينا ينقص قدر الثلث، وزادوا سورًا رأيناها في بعض مطبوعاتهم كسورة الولاية وغيرها، وهناك كتاب اسمه فصل الخطاب في تحريف كلام رب الأرباب لمن؟
طالب: .......
لا، فصل الخطاب ما هو للجزائري، الكتاب مطبوع متداول عندهم.
طالب: ....... نعمة الله .......
لا، ليس بنعمة الله الجزائري، هذا رافضي خبيث من غلاتهم، لكن فصل الخطاب ما هو بـ... طلعوه من الجوالات.
طالب: .......
نعم الطُّبْرُسي أو الطَّبَرْسي.
طالب: .......
نعمة الله الجزائري معروف منهم خبيث مخبث.
طالب: .......
البحار لا.
طالب: .......
في أعيان الشيعة في خمسة وثلاثين مجلدًا، وأدخل فيه كثيرًا من علماء السنة، وهذه عادة المبتدعة يجيِّرون بعض من لا يدخل في شرطهم؛ لينفخوا كتبهم، البحار كان عشرة مجلدات، ثم زيد عليه وما زال يزاد عليه ممن تأخر وجاء إلى أن وصل إلى مائة وزيادة الآن. قاتلهم الله قوم بهت، يضعون ويفترون، والله المستعان، {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14].
طالب: ....... الطبرسي، ولكن من خلاله نقل عن نعمة الله الجزائري بعض الأقوال ....... الإثبات والتحريم .......
لا لا، الجزائري نقل عنه.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: ما أدري قبل عشر سنوات ....... نسيت صوروا إشكالية كبيرة على نسخة هل هي فيها .......
الله المستعان.
طالب: يعني هل هي عدم تحريف أو تحريف .......
قاتلهم الله.
(الذي سمعه الصحابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جميعه كلام الله وليس قول البشر)، مرةً في مسجد الديرة وجدت مصحفًا موضوعًا في المسجد صفحاته تزيد على الألف فيه مقدمة لضالٍّ من ضُلَّالهم، وفيه خاتمة، وفيه سورة الولاية، وسورة كذا وكذا، وفي نهايته صور لعلي بن أبي طالب والحسين وصور لفلان وعلي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- يطير فوق السحاب؛ لأنهم يزعمون أنه هكذا، وأنه سيرجع، وعندهم عقيدة الرجعة في آخر الزمان مقرَّرة، نسأل الله العافية.
طالب: .......
عندنا كتبهم كلها، الله يخلصنا منهم.
(جميعه كلام الله وليس قول البشر، ومن قال: إنه قول البشر فقد كفر، والله يُصليه سقر) وهذا منصوص عليه في سورة المدثر. (ومن قال ليس لله في الأرض كلام فقد جحد رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-)، الرسالة معتمِدة على وحي يُبلَّغ عن الله -جل وعلا-، فإذا انتفى هذا الوحي.. الرسالة لا بد لها من رسول، والرسول لا بد أن يأتي برسالة من مرسلة، وهذه الرسالة إذا انتفى ما أُرسل به رسوله انتفت، ولذلك قال: (ومن قال ليس لله في الأرض كلام فقد جحد رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله بعثه يبلِّغ عنه كلامه، والرسول إنما يبلِّغ كلام مرسله) أنت لو يجيئك واحد يقول: أنا مرسل لك من فلان، تقول: بمَ أرسلك؟ هات الكلام، سواء كان مكتوبًا أو محفوظًا، قال: ما عندي شيء. فماذا يصير ذا؟
طالب: .......
يعني خلّه تنزل نقول: محفوظ؛ لأن بعض الثقات يُقبل كلامه، وكل الثقات يقبل كلامه إذا قالوا: إنه مرسل، إنه جاء من فلان خلاص ونعم بفلان، لكن هات ماذا قال لك فلان؟ بمَ أرسلك؟ تقول والله ما أدري. يصير رسولًا؟ ما يصير رسولًا، هذا معنى كلام الشيخ -رحمه الله-: (والرسول إنما يبلغ كلام مرسله، فإذا انتفى كلام المرسل) يعني في الصورة التي ذكرناها أو في المثال انتفى كلام المرسل لا شفويًّا ولا تحريريًّا، (انتفت رسالة الرسول)، والله المستعان.
طوَّلنا عليكم؟ يا أبا عبد الرحمن لا تنسَ الموضوع .......
طالب: .......
نعم حديث ابن عباس. من السائل هذا؟ يقول: ما أفضل وأصحّ طبعات سنن أبي داود؟ وما رأيكم بطبعة دار التأصيل؟ وما الشرح الذي توصون به لسنن أبي داود؟ وما الفرق بين روايات سنن أبي داود المختلفة؛ كرواية اللؤلؤي ورواية ابن داسه ورواية ابن الأعرابي؟
الطبعات كثرت، وحقَّق من جهات، وهذه التحقيقات ما قمت بمقابلتها والخروج بأفضل الطبعات، لكن في الجملة كلها طيبة. والطبعة التي حقَّقها محمد عوامة هي على نسخة ابن حجر، يعني بخطّه، بخطِّ ابن حجر، فنصيحتي لطالب العلم الذي يريد التحقيق والتحرير أن يجمع الطبعات ويقارن بينها، وأيضًا الروايات المشار إليها وغيرها ابن لؤلؤي وابن داسه وابن الأعرابي وغيرها، ويعتني بشرح الخطابي الذي هو أول الشروح، وتهذيب ابن القيم -رحمه الله- الذي تكلم فيه على علل أبي داود، وشرح شمس الحق لعون المعبود، وهو مأخوذ من الخطابي وابن القيم لكن فيه فوائد. وأطول الشروح شرح ابن رسلان طُبع أخيرًا. أما شرح ...
طالب: السبكي.
قبل السبكي. بذل المجهود هو شرح فيه فوائد ومسائل فقهية، لكنه متعصِّب لمذهبه، والسبكي المنهل العذب المورود شرح مرتَّب وقلَّد فيه شرح العيني على البخاري، لكنه ما كمله، ناقص الشرح.