تعليق على تفسير سورة هود من أضواء البيان (06)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
قال الشيخ/ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله تعالى-: "قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود:81] ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ لُوطًا أَنْ يَسْرِيَ بِأَهْلِهِ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَلْ هُوَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، أَوْ وَسَطِهِ أَوْ أَوَّلِهِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي (الْقَمَرِ) أَنَّ ذَلِكَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقْتَ السَّحَرِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر:34]، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَهُمْ أَمَامَهُ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي (الْحِجْرِ) بِقَوْلِهِ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر:65]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود:81] قَرَأَهُ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ إِلَّا امْرَأَتَكَ، بِالنَّصْبِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْأَهْلِ، أَيْ أَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ فَلَا تُسْرِ بِهَا، وَاتْرُكْهَا فِي قَوْمِهَا فَإِنَّهَا هَالِكَةٌ مَعَهُمْ.
وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ: {كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت:32] وَالْغَابِرُ: الْبَاقِي، أَيْ مِنَ الْبَاقِينَ فِي الْهَلَاكِ".
في قوله –جلَّ وعلا-: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر:34] هل يلزم منه أن تكون بداية السُّراة في آخر الليل أو كانت البداية في أوله أو في أثنائه، ثم حصل العذاب وحصلت النجاة فيما بعد؟
طالب: ممكن.
لأن الشيخ جزم، بيَّن في (القمر) أن ذلك من آخر الليل وقت السَّحر هذه هي النجاة، أنه الكلام عن السُّراة في بدايته قال: "وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَلْ هُوَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، أَوْ وَسَطِهِ أَوْ أَوَّلِهِ".
إذا كان العذاب بسرعةٍ شديدة فالأمر مفروغٌ منه أنه بدايته ونهايته تكون متقاربة، لكن إذا كانوا سروا في الليل وفي آخره أهلك من أهلك، ونجَّا من نجَّا، فهذا محل نظر في جزمه بأن سُراهم كان في آخر الليل، ولكن هذا ما يترتب عليه شيء.
طالب: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود:81].
طالب: {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود:81] يعني بجزء من الليل؟
نعم.
طالب: إذًا على ما سيأتي أنه قرر أن المرأة كانت معهم لكنها التفتت وأصبحت في حكم الغابرين.
على ما سيأتي في فَهم الآية.
طالب: والعذاب كان الصبح، فلا بُد أن يكون النجاة قريبًا من هذا الصبح، حتى يكون ذهاب المرأة إلحاق لهؤلاء...
سواءً مضت أو ما مضت هي هلكت معهم على كل حال مع الهالكين، لكن أنا كلامي في بداية السُّراة {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود:81] {بِقِطْعٍ} يعني: في أثنائه أو جزء من الليل.
طالب: ............
{مِنَ اللَّيْلِ} [هود:81].
طالب: معنى السَّحر قريب من الصبح، فهي التفتت.
انتهى وتره إلى السَّحر –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يعني في أول النهار أو في آخر الليل؟
طالب: ............
نعم.
طالب: آخر الليل أدعى للخفاء.
أدعى للخفاء من جهة، ولكنه يستغرق أو يستغل آخر الليل بالاستغفار.
طالب: يقصد الخفاء في المشي في بداية الانطلاق.
طالب: آخر الليل هو أشد الظلام فيكون أدعى والناس نيام.
لا، ما هو بالإشكال في كون الواقع كذلك، لكن المشكِل جزم الشيخ وإلا فما عندنا إشكال في هذا.
طالب: قال –جلَّ وعلا-: {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ} [الحجر:65].
في آخرهم.
طالب: ألا يُشعِر هذا بقرب حدوث العذاب حيث يكون لوط –عليه السلام- بينهم وبين ما حدث لقومه، ألا يُشعِر كأنه حاجز بينهم؟
لكن المسافة التي قُطِعَت قبل حدوث العذاب قصيرة أو بعيدة؟
طالب: لو كانت بعيدة فما فائدة عدم الالتفات، أو ما فائدة كون لوط -عليه السلام- في آخرهم؟
طالب: .............
عدم الالتفات {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} [هود:81] سيأتي الكلام.
طالب: ............
نعم أنهم يرونه.
لكن {كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت:32] الشيخ قال: "وَالْغَابِرُ: الْبَاقِي" ولما طُبِع كتاب (العِبَر في خبر من غَبر) للذهبي طُبِع قبل أربعين سنة كُتِب عن الكتاب، وأن صواب العبارة في (خبر من عَبَر)؛ لأن الغابر الباقي، والعابر الماضي.
طالب: ...........
لا لا، مأخوذ على أن الغابر الماضي في الزمان الغابر، في الزمان الماضي، في الزمان كذا، هذا المستفيض والمعروف، لكن هل هو الصواب؟ الشيخ قال: "وَالْغَابِرُ: الْبَاقِي" والذين كتبوا في ذلك الوقت مقررون لهذا الأصل أن الغابر الباقي؛ ولذا حق...
طالب: ............
ونحر ما غبر يعني: ما بقي.
طالب: واخلفه في الغابرين.
في الباقين.
المقصود أن الكتاب يعني إذا أردنا أن نُصحح كما قيل: (في خبر من غَبر) يعني في خبر من عَبر يعني من مضى.
طالب: ............
هي من الغابرين الباقين التي بقيت في قومها، ولم تسرِ مع لوطٍ وقومه من آمن معه.
طالب: يعني بقي ذكرى.
هذا الذي يقوله الشيخ؟ اسمعه ليس بهذا، ما هو يقصد ذِكرهم يذكر سيرهم.
"وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ كَثِيرٍ: إِلَّا امْرَأَتُكَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَحَدٍ".
مأخوذة من المصحف على القراءة المشهورة، على هذا فلا فرق بين القراءتين، ومقتضى التفريق وقوله بالرفع أنها مرفوعة ليست منصوبة.
"وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى: أَنَّهُ أَمَرَ لُوطًا أَنْ يَنْهَى جَمِيعَ أَهْلِهِ عَنْ الِالْتِفَاتِ إِلَّا امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهَا هَالِكَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَلَا فَائِدَةَ فِي نَهْيِهَا عَنْ الِالْتِفَاتِ؛ لِكَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْهَالِكِينَ.
وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَهُوَ لَمْ يَسْرِ بِهَا، وَظَاهِرُ قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَابْنِ كَثِيرٍ: أَنَّهُ أَسْرَى بِهَا وَالْتَفَتَتْ فَهَلَكَتْ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَمَّا سَمِعَتْ هَدَّةَ الْعَذَابِ الْتَفَتَتْ، وَقَالَتْ: وَاقَوْمَاهْ، فَأَدْرَكَهَا حَجَرٌ فَقَتَلَهَا".
طالب: ............
هدَّة "لَمَّا سَمِعَتْ هَدَّةَ الْعَذَابِ" الهدَّة: السقوط سقوط الشيء الذي له صوتٌ شديد.
طالب: ............
لا، أعوذ بالله.
"قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: الظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنَّ السِّرَّ فِي أَمْرِ لُوطٍ بِأَنْ يَسْرِيَ بِأَهْلِهِ هُوَ النَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ صُبْحًا بِقَوْمِ لُوطٍ، وَامْرَأَةُ لُوطٍ مُصِيبُها ذَلِكَ الْعَذَابُ الَّذِي أَصَابَ قَوْمَهَا لَا مَحَالَةَ، فَنَتِيجَةُ إِسْرَاءِ لُوطٍ بِأَهْلِهِ لَمْ تَدْخُلْ فِيهَا امْرَأَتُهُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ كَالْعَدَمِ، فَيَسْتَوِي مَعْنَى أَنَّهُ تَرَكَهَا وَلَمْ يُسْرِ بِهَا أَصْلًا، وَأَنَّهُ أَسْرَى بِهَا وَهَلَكَتْ مَعَ الْهَالِكِينَ".
النتيجة واحدة، النتيجة أنها هلكت سواءً أكانت ذهبت معهم وسرت معهم أول الأمر، ثم هلكت مع الهالكين، أو أنها ما سرت، بقيت في قومها، فهلكت معهم، النتيجة واحدة.
طالب: على الأول تكون في الغابرين حقيقةً، والثاني من الغابرين حكمًا.
نعم صحيح.
"فَمَعْنَى الْقَوْلَيْنِ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّهَا هَالِكَةٌ، وَلَيْسَ لَهَا نَفْعٌ فِي إِسْرَاءِ لُوطٍ بِأَهْلِهِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بَقِيَتْ مَعَهُمْ، أَوْ خَرَجَتْ وَأَصَابَهَا مَا أَصَابَهُمْ.
فَإِذَا كَانَ الْإِسْرَاءُ مَعَ لُوطٍ لَمْ يُنَجِّهَا مِنَ الْعَذَابِ، فَهِيَ وَمَنْ لَمْ يُسْرِ مَعَهُ سَوَاءٌ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وقوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} [هود:81] قَرَأَهُ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ: (فَاسْرِ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ، مِنْ سَرَى يَسْرِي، وَقَرَأَهُ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ، مِنْ أَسْرَى الرُّبَاعِيِّ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ، وَسَرَى وَأَسْرَى: لُغَتَانِ وَقِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَانِ سَبْعِيَّتَانِ، وَمِنْ سَرَى الثُّلَاثِيَّةِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر:4] فَإِنَّ فَتْحَ يَاءِ (يَسْر)ِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعُ سَرَى الثُّلَاثِيَّةِ.
وَجَمَعَ اللُّغَتَيْنِ قَوْلُ نَابِغَةِ ذُبْيَانَ:
أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ |
|
تُزْجِي الشَّمَالُ عَلَيْهَا جَامِدَ الْبَرَدِ |
فَإِنَّهُ قَالَ: أَسْرَتْ، رُبَاعِيَّةً فِي أَشْهَرِ رِوَايَتَيِ الْبَيْتِ، وَقَوْلُهُ: سَارِيَةٌ، اسْمُ فَاعِلِ (سَرَى) الثُّلَاثِيَّةِ".
اسم فاعل من الثلاثي على وزن فاعل (سارية) من الثلاثي، ومن الرباعي بصيغة المضارع بإبدال الياء ميمًا.
"وَجَمَعَهُمَا أَيْضًا قَوْلُ الْآخَرِ:
حَتَّى النَّضِيرَةِ رَبَّةِ الْخِدْرِ |
|
أَسْرَتْ إِلَيْكَ وَلَمْ تَكُنْ تَسْرِي |
بِفَتْحِ تَاءِ (تَسْرِي)".
أسرت من الرباعي، وتسري من الثلاثي.
"وَاللُّغَتَانِ كَثِيرَتَانِ جِدًّا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمَصْدَرُ الرُّبَاعِيَّةِ الْإِسْرَاءُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَمَصْدَرُ الثُّلَاثِيَّةِ السُّرَى بِالضَّمِّ عَلَى وَزْنِ فُعَلٍ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ:
عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى |
|
وَتَنْجَلِي عَنْهُمْ غَيَابَاتُ الْكَرَى" |
طالب: .............
لا لا، هذا أشد نكالًا كونها سرت معهم أو أسرت، وطمعت في النجاة، ثم أُهلِكَت، هذا أشد.
طالب: .............
هذا في شرعهم.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} الآية [هود:81] ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ مَوْعِدَ إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ وَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي (الْحِجْرِ) فِي قَوْلِهِ: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحجر:66] وَزَادَ فِي (الْحِجْرِ) أَنَّ صَبِيحَةَ الْعَذَابِ وَقَعَتْ عَلَيْهِمْ وَقْتَ الْإِشْرَاقِ، وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَوْلِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} [الحجر:73]".
الإشراق: وقت ارتفاع الشمس، والشروق: وقت بزوغ الشمس.
فرق بين الشروق والإشراق، فالشروق وقت البزوغ، والإشراق وقت ارتفاع الشمس.
طالب: يعني وقت انتشار الضوء.
انتشار إشراق.
طالب: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر:69].
نعم.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} الآية [هود:82] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِحِجَارَةِ السِّجِّيلِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حِجَارَةٌ مِنْ طِينٍ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّجِّيلِ: الطِّينُ، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي (الذَّارِيَاتِ) فِي الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} [الذاريات:33-34] وَخَيْرُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ. وَالدَّلِيلُ عَلَى قُوَّتِهَا وَشِدَّتِهَا: أَنَّ اللَّهَ مَا عَذَّبَهُمْ بِهَا فِي حَالَةِ غَضَبِهِ عَلَيْهِمْ إِلَّا لِأَنَّ النَّكَالَ بِهَا بَالِغٌ شَدِيدٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: السِّجِّيلُ وَالسَّجِّينُ: أُخْتَانِ، كِلَاهُمَا الشَّدِيدُ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالضَّرْبِ. وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
وَرَجْلَةً يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً |
|
ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا |
وَعَلَى هَذَا، فَمَعْنَى مِنْ سِجِّيلٍ: أَيْ مِنْ طِينٍ شَدِيدِ الْقُوَّةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى".
ومثله ما أُرسِل مع الطير الأبابيل لرمي من أراد الاعتداء على الكعبة.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:83] فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مِنَ التَّفْسِيرِ لِلْعُلَمَاءِ: اثْنَانِ مِنْهَا كِلَاهُمَا يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ، وَوَاحِدٌ يَظْهَرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ.
أَمَّا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ فَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّ تِلْكَ الْحِجَارَةَ لَيْسَتْ بَعِيدَةً مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، أَيْ لَمْ تَكُنْ تُخْطِئُهُمْ.
قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَكْفِي عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [هود:82] وَنَحْوُهَا مِنَ الْآيَاتِ. أَمَّا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ يَشْهَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُرْآنٌ:
فَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا: أَنَّ دِيَارَ قَوْمِ لُوطٍ لَيْسَتْ بِبَعِيدَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ الْمُكَذِّبِينَ لِنَبِيِّنَا، فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْتَبِرُوا بِمَا وَقَعَ لِأَهْلِهَا إِذَا مَرُّوا عَلَيْهَا فِي أَسْفَارِهِمْ إِلَى الشَّامِ، وَيَخَافُوا أَنْ يُوقِعَ اللَّهُ بِهِمْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ مَا وَقَعَ مِنَ الْعَذَابِ بِأُولَئِكَ، بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ لُوطًا -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-".
والثاني أن العقوبة التي حلَّت بقوم لوط والعذاب الذي حلَّ بهم ليس ببعيدٍ ممن شابههم في أفعالهم.
"وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا. كَقَوْلِهِ: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الصافات:137-138]، وقوله: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر:76-77]، وقوله: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [الذاريات:37]، وقوله: {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:35] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ".
كل العقوبات التي حلَّت بالأمم هي في حقيقتها نُذُر لمن عصى الله –جلَّ وعلا-، ولكن قد ينظر إلى ما حل بجواره ولا يرعوي ولا يزدجر، ويرتكب ما كان فعله من قبل {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [يونس:101].
في كلام ابن القيم –رحمه الله- في العقوبات التي ستحل في آخر هذه الأمة من الخسف والمسخ وغيرهما من العقوبات ذكر مما ذكر من الآثار أن الرجلين يمضيان إلى معصية، فيُمسَخ أحدهما خنزيرًا، ما المتوقع من الثاني؟ أن يقول: الحمد لله على السلامة ويرجع، لكن الواقع أنه يستمر في طريقه إلى معصيته.
يُقرر أهل العلم أن الذي مُسِخ خنزيرًا أهون عقوبة من الذي مُسِخ قلبه؛ لأن مسخ الصورة والبدن أسهل من مسخ القلب، وإن كان في بادئ الأمر وندرة الناس أن هذا قد يُوفَّق للتوبة ويسلم من المعرَّة، لكن –نسأل الله العافية- إذا مُسِخ القلب خلاص انتهت الحياة الدنيا والأخرى، نسأل الله العافية.
"وقوله: {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:35] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَمَا هِيَ رَاجِعٌ إِلَى دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ الْمَفْهُومَةِ مِنَ الْمَقَامِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْمَعْنَى: وَمَا تِلْكَ الْحِجَارَةُ الَّتِي أُمْطِرَتْ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ بِبَعِيدٍ مِنَ الظَّالِمِينَ الْفَاعِلِينَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ، فَهُوَ تَهْدِيدٌ لِمُشْرِكِي الْعَرَبِ كَالَّذِي قَبْلَهُ.
وَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد:10]، فَإِنَّ قَوْلَهُ: {وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} ظَاهِرٌ جَدًّا فِي ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ بِنَحْوِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ".
طالب: ............
الشرك مع الجريمة، القرطبي في تفسير هذه السورة يُقرِّر أن الله –جلَّ وعلا- لم يُعاقب الأمم على الشرك، بل ذكر مقدمات العقوبات في معاصٍ أخرى في الأمم كلها.
طالب: ونوح؟
نعم؟
طالب: نوح؟
ما عندهم غير الشرك؟
طالب: ............
من يأتي بالقرطبي من الغرفة هذه؟
طالب: ............
نعم هود.
انظر السابع والثامن.
طالب: ............
لا، الثاني آخر دولاب على اليسار.
طالب: يُذكَر في البداية والنهاية أن من المؤرخين من ذكر أن قوم لوط ليسوا في الشام، وإنما هم في الحجاز، ذكروا أنهم في أطراف الطائف أو في الطائف أو كذا، واستدل بعضهم {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ} [الصافات:137-138] هل هذه مرجحات؟
تلك المواضع ما لم تثبت بطريقٍ قطعي بالتوارث، يصعب تحديدها.
طالب: ولا فيه الفائدة الكبيرة.
عندك أشياء قريبة اليمامة التي حصلت فيها المعركة مع مسيلمة أين هي؟
طالب: يقولون بالجبيلة.
الآن هذا الذي استقر عليه الأمر، وكثيرٌ من الناس يظنها في جهة الخرج.
طالب: .............
الربذة إلى وقتٍ قريب نقول: إنها الحناكية، ثم طلع من المؤرخين والجغرافيين المحدثين من أبعدها عن الحناكية بمائتي كيلو.
هذه الأمور صعب إدراكها بالبحث والتحري والاجتهاد، ولا بد من تواطؤ وتوارث في التسمية عند المتقدِّمين والموجودين والمتأخرين.
طالب: الجزء التاسع.
التاسع، الله المستعان.
أبو عبد الله له تاريخ مع هذه النسخة.
طالب: 104.
لكن ما هي بدار الكُتب التي عندك.
يقول هنا: "{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى} [هود:117] أَيْ أَهْلَ الْقُرَى {بِظُلْمٍ} [هود:117] أَيْ بِشِرْكٍ وَكُفْرٍ {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:117] أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي تَعَاطِي الْحُقُوقِ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لِيُهْلِكَهُمْ بِالْكُفْرِ وَحْدَهُ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، كَمَا أَهْلَكَ قَوْمَ شُعَيْبٍ، وَقَوْمَ لُوطٍ" إلى أن استرسل في هذا، ولا شك أن الكفر هو أعظم الذنوب.
طالب: عساه ذكر قوم نوح وغيرهم.
والله ما أدري.
أنا في ظني أنه أطال في موضعٍ آخر غير هذا، لكن هذا الذي نحفظ.
نعم.
"تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عُقُوبَةِ مَنِ ارْتَكَبَ فَاحِشَةَ قَوْمِ لُوطٍ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَأَدِلَّتَهُمْ وَمَا يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ بِالدَّلِيلِ مِنْ ذَلِكَ فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا- نَسْتَعِينُ:
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقْتَلَ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا مُحْصَنَيْنِ أَوْ بِكْرَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُحْصَنًا وَالْآخَرُ بِكْرًا.
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ".
والمعروف عند الحنابلة أن حد اللوطي كالزاني يُرجَم إن كان محصنًا، ويُجلَد إن كان بكرًا.
ماذا عندك؟ أنت حافظ عبارة الزاد؟ في زاد المستقنع.
طالب: ...........
وحدُّ لوطيٍّ كزان.
"وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا أَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِ مَنْ فَعَلَ تِلْكَ الْفَاحِشَةَ.
فقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْرَقُ بِالنَّارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُرْفَعُ عَلَى أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْبَلَدِ فَيُرْمَى مِنْهُ مُنَكَّسًا وَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَتْلِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ فِي اللِّوَاطِ مُطْلَقًا مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ»".
هذه القطعة من الحديث مُثبتة عند كثيرٍ من أهل، وإن قال بعضهم: إنه حسن، لكن معها جملة أخرى «مَن وَجَدْتُمُوهُ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ»، وهذه مُضعَّفة باتفاق الحفَّاظ.
طالب: ...........
يعني اقتلوه، الحديث الذي فيه «فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» لماذا لم يعمل الإمام أحمد بهذا؟ أولًا: كون هذه رواية لا يعني أنها هي المرجَّحة عنده أو آخر الروايات عنه.
الأمر الثاني: أن الحديث عند جمع من أهل العلم مع ما جاء في المسألة عن الصحابة تجعل الحكم فيه شيء نوع تردد، وأن القتل يُحمَل على صورة من الصور، وأن الرجم الذي قال به جمعٌ من الصحابة يُحمَل على صورة، حتى إن بعضهم يقول: هذا ليس بحد، وإنما هو تعزير بدليل الاختلاف.
ومذهب الحنفية –كما هو معلوم- أن حد اللوطي التعزير.
طالب: ..........
نعم؟
طالب: ............وصف هذه الفاحشة، من عمل عمل قوم لوط.
هذا الحديث خبر.
طالب: ..........
نحت، اسم لهذه الفعلة من واقعها إنها مضافةٌ إلى هؤلاء.
طالب: لكن هو اسم نبي.
طالب: .....بعضهم يجعلها مضافة إلى........
لا لا هو الإشكال فيمن يُقال... اللواط ما فيه إشكال الذي هو الفاحشة، لكن الإشكال فيمن يقول للفاعل: لوطي، هذا الذي يُظَن أنه نسبةً إلى لوط –عليه السلام-، وهو في حقيقته منسوبٌ إلى الفعلة، ما نُسِب إلى لوط -عليه السلام-.
طالب: هل صحيح أن لاط بلغة العرب يعني لصق؟
لاط الحوض يعني نظَّفه.
طالب: لكن لصق.
ما هو؟
طالب: لاط: لصق صحيح هذا؟
طالب: لاط الحائط ألصق به الطين.
مثل لاقه الذي هو التلييس.
"قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا انتهى.
وَمَا ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ مِنْ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ حَدِيثُ عِكْرِمَةَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيهِ أَنَّ عَمْرًا الْمَذْكُورَ ثِقَةٌ، أَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ وَمَالكٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مُسْتَوْفًى.
وَيَعْتَضِدُ هَذَا الْحَدِيثُ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْبِكْرِ يُوجَدُ عَلَى اللُّوطِيَّةِ: أَنَّهُ يُرْجَمُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ.
وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا» قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
قَالَ ابْنُ الطَّلَّاعِ فِي أَحْكَامِهِ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ رَجَمَ فِي اللِّوَاطِ، وَلَا أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ. انتهى.
قَالَ الْحَافِظُ: وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ، وَعَاصِمٌ مَتْرُوكٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: «فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ» انتهى.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-: أَنَّهُ رَجَمَ لُوطِيًّا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ بِرَجْمِ اللُّوطِيِّ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ.
وَقَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: السُّنَّةُ أَنْ يُرْجَمَ اللُّوطِيُّ أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا: وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، قَالَا: حدثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَر".
أبو عمر.
طالب: عمر؟
نحن عندنا عمر ما أدري والله.
طالب: عمر؟
نعم بالطبعة هذه أبو عمر.
"حدثَنَا أَبُو عُمر بْنُ مَطَر، قال: حدثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قال: أَنْبَأناَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قال: أَنْبَأَنا دَاوُدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِي خِلَافَتِهِ يَذْكُرُ لَهُ: أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلًا فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْعَرَبِ يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَمَعَ النَّاسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَكَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ يَوْمَئِذٍ قَوْلًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ: إِنَّ هَذَا ذَنْبٌ لَمْ تَعْصِ بِهِ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ صَنَعَ اللَّهُ بِهَا مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، نَرَى أَنْ نُحْرِّقَهُ بِالنَّارِ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَنْ يُحْرِّقَهُ بِالنَّارِ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَأْمُرُهُ أَنْ يُحْرِّقَهُ بِالنَّارِ. هَذَا مُرْسَلٌ.
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: يُرْجَمُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ".
طالب: أحسن الله إليك في البيهقي: أبو عمرو بالواو.
بالواو؟
طالب: نعم.
"وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ: أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَجَمَ رَجُلًا مُحْصَنًا فِي عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ مُقَيَّدًا بِالْإِحْصَانِ. وَهُشَيْمٌ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مُطْلَقًا. انتهى مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
فَهَذِهِ حُجَجُ الْقَائِلِينَ بِقَتْلِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ فِي اللِّوَاطِ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ بِالنَّارِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ- وَسَلَّمَ آنِفًا.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ: إِنَّ قَتْلَهُ بِالسَّيْفِ قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ»، وَالْقَتْلُ إِذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إِلَى الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ: إِنَّ قَتْلَهُ بِالرَّجْمِ هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ يُرْجَمُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ رَجَمَ لُوطِيًّا، وَيُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَمَى أَهْلَ تِلْكَ الْفَاحِشَةِ بِحِجَارَةِ السِّجِّيلِ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ: يُرْفَعُ عَلَى أَعْلَى بِنَاءٍ، أَوْ جَبَلٍ وَيُلْقَى مُنَكَّسًا، وَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ: أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ بِقَوْمِ لُوطٍ، كَمَا قَالَ: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر:74]".
أعوذ بالله.
طالب: أمطرنا عليهم.
عليهم.
طالب: عندي عليها.
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ} [الحجر:74].
طالب: سورة الحجر.
طالب: عليهم الآية؟
{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر:74].
طالب: عليها.
الذي عندنا برسم المصحف.
طالب: عليها.
طالب: عندنا برسم المصحف.
طالب: .............
طالب: عليهم أليق.
طالب: في موضع عليها، وفي موضع آخر عليهم.
طالب: الحجر: عليها.
طالب: .............
طالب: في هود.
في هذه السورة.
طالب: الحجر.
طالب: فلما جاء أمرنا ...
طالب: جعلنا..
نعم.
"قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: وَهَذَا الْأَخِيرُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ قَوْمَ لُوطٍ لَمْ يَكُنْ عِقَابُهُمْ عَلَى اللِّوَاطِ وَحْدَهُ، بَلْ عَلَيْهِ وَعَلَى الْكُفْرِ، وَتَكْذِيبِ نَبِيِّهِمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُمْ قَدْ جَمَعُوا إِلَى اللِّوَاطِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ اللِّوَاطِ، وَهُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ، وَإِيذَاءُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ اللِّوَاطَ زِنًى فَيُجْلَدُ مُرْتَكِبُهُ مِائَةً إِنْ كَانَ بِكْرًا وَيُغَرَّبُ سَنَةً، وَيُرْجَمُ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّ اللِّوَاطَ زِنًى، فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الزِّنَى، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ".
طالب: ...........
ماذا؟
طالب: هنا قال: وسعيد بن المسيب، وفي صفحة 49 نقل عن سعيد بن المسيب: السنة.............
طالب: رجع عنه.
يعني مثل رجوع الإمام الشافعي.
"وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ، وَإِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قال: حدثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قال: حدثَنَا أَبُو بَدْرٍ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا لَا أَعْرِفُهُ".
الشيخ يعني: البيهقي.
"وَهُوَ مُنْكَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي (نَيْلِ الْأَوْطَارِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا أَعْرِفُهُ، وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ فِي (الضُّعَفَاءِ) وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ. انتهى مِنْهُ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا بِقِيَاسِ اللِّوَاطِ عَلَى الزِّنَى بِجَامِعِ أَنَّ الْكُلَّ إِيلَاجُ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ شَرْعًا، مُشْتَهًى طَبْعًا".
أما الجزء الأول "إِيلَاجُ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ شَرْعًا" فهذا صحيح، وأما "مُشْتَهًى طَبْعًا" فليس بصحيح، الطِّباع السليمة والفِطر المستقيمة لا تشتهي مثل هذا -نسأل الله العافية- ما يشتهيه إلا المنحرف.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَكُونُ فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ".
طالب: هو العكس؟
ما هذا؟
طالب: الأكثرون على عدم الجواز، الحنفية هم المخالفون.
في القياس؟
طالب: في الحدود.............
"تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ".
طالب: الظاهر العكس الظاهر أن الأكثر على عدم، والحنفية هم المخالفون.
تُراجع.
طالب: .............
طالب: هذه مسألة ثانية.
البيت ماشٍ على ما تقدم.
"وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي (مَرَاقِي السُّعُودِ) بِقَوْلِهِ:
وَالْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ التَّقْدِيرُ |
|
جَوَازُهُ فِيهَا هُوَ الْمَشْهُورُ" |
طالب: .............
هو المعمول به، وعليه العمل، لكن درء الحد بالشبهة مسألة ثانية حتى في المقرر في الأصل، المقيس عليه يُدرأ بالشبهة، ليس بخاص بالمقيس.
طالب: .............
على كل حال درء الحدود بالشبهات أمرٌ مقرر، ويُعمل به، وفيه الخبر، والإشكال في مثل هذه الجرائم أنها قد تزيد في وقت تنتشر، تشتهر، وقد تخبو في مكانٍ أو في زمان، ومؤلفات الأدباء فيما يتعلق بهذه الفاحشة، وكلامهم الكثير في ذلك يدل على أنه منتشر انتشارًا فاحشًا في بعض الأوقات، منهم من ألَّف –نسأل الله العافية- في هذا الباب، وفي بيان وصف الجواري، ووصف الغلمان.
فمثل هذا الكثرة والانتشار وتيسير أو سهولة الوصول إلى هذه الفاحشة هل هو مما ينبغي تشديد الأمر فيها أو العكس؟
طالب: ..........
الكلام للشيوخ والقضاة ماذا يقولون؟
طالب: ..........
تُشدد من أجل قطع الدابر، المسألة إذا كثر وتيسّرت سُبل الوصول إليه، والدواعي إليه فهل يُشدد فيه أو يُخفَّف؟
طالب: يُشدد.
هذا يُشدد من أجل القطع، قطع الدابر، لكن هناك قضايا احتفت بها أشياء ثانية يكون أمرها أعظم، مسائل الخطف –نسأل الله العافية- أو قضية ذُكِرَت في منطقةٍ من المناطق جاء شخص من هذا النوع، فأمسك بشابٍ وأدخله في عمارة تُعمَر، وأصعده إلى السطح، فلما فرغ منه رماه من السطح.
طالب: يقام عليه الحد.
هذا أيش؟
طالب: ...........
حرابة.
رماه من السطح، وأغلق عليه غرفة في السطح، الشُّرط حملت الولد وذهبت به إلى المستشفى ويسألون، ومنه وما منه، وما أعرفه، وما أدري من هو، الولد ما يعرفه، بعد نصف ساعة جيء به إلى المستشفى، لماذا؟ لأن الغرفة حاول فتحها فلم تنفتح، فكسر الزجاج ليخرج؛ فبقرت بطنه، حملوه للمستشفى، وإذا الطفل أمامه، نسأل الله العافية، نعوذ بالله من الخذلان، نسأل الله العافية.
يعني مثل هذا هل يُتردد في قتله؟ الله المستعان.
طالب: العبارة عند ابن مفلح الحنفية هم المخالفون، قال ابن مفلح: يجري القياس في الكفارات والحدود والأبدال والمقدرات عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة وَالْأَكْثَر، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمد، خلافًا للحنفية...
نعم.
"وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي (مَرَاقِي السُّعُودِ) بِقَوْلِهِ:
وَالْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ التَّقْدِيرُ |
|
جَوَازُهُ فِيهَا هُوَ الْمَشْهُورُ" |
إِلَّا أَنَّ قِيَاسَ اللَّائِطِ عَلَى الزَّانِي يُقْدَحُ فِيهِ بِالْقَادِحِ الْمُسَمَّى: (فَسَادُ الِاعْتِبَارِ)؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ: أَنَّ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ يُقْتَلَانِ مُطْلَقًا، أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحَصِنَا".
لأن القياس في مقابل النص فاسد الاعتبار.
"وَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ لَا يَشْتَهِي اللِّوَاطَ، بَلْ يَنْفِرُ مِنْهُ غَايَةَ النُّفُورِ بِطَبْعِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّائِطَ لَا يُقْتَلُ وَلَا يَحُدُّ حَدَّ الزِّنَى، وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، قَالُوا: وَلَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الزِّنَى؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْمًا خَاصًّا بِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنْ كَفِّ ذَاتِ حِرٍّ فِي زِيِّ ذِي |
|
ذَكَرٍ لَهَا مُحِبَّانِ لُوطِيٌّ وَزَنَّاءٌ |
قَالُوا: وَلَا يَصِحُّ إِلْحَاقُهُ بِالزِّنَى لِوُجُودِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ فِي الزِّنَى مِنَ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ، وَلِأَنَّ الزِّنَى يُفْضِي إِلَى الِاشْتِبَاهِ فِي النَّسَبِ وَإِفْسَادِ الْفِرَاشِ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ، قَالَ فِي (مَرَاقِي السُّعُودِ): وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ قَدَحْ إِبْدَاءٌ مُخْتَصٌّ بِالْأَصْلِ قَدْ صَلَحْ أَوْ مَانِعٌ فِي الْفَرْعِ... إلى آخره، وَاسْتَدَلَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} الآية [النساء:16].
قَالُوا: الْمُرَادُ بِذَلِكَ: اللِّوَاطُ. وَالْمُرَادُ بِالْإِيذَاءِ: السَّبُّ أَوِ الضَّرْبُ بِالنِّعَالِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء:16] قَالَ: الرَّجُلَانِ الْفَاعِلَانِ.
وَأَخْرَجَ آدَمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {فَآذُوهُمَا} [النساء:16] يَعْنِي سَبًّا، قَالَهُ صَاحِبُ (الدُّرِّ الْمَنْثُورِ)".
طالب: ما اختار.
نعم؟
طالب: ما الذي رجحه؟
تبقى المسألة بهذا السياق، ينظر فيها من جميع جوانبها وما يحتف بها، وأثرها في المجتمع كثرة وقلة، واجتهاد الإمام في ذلك.
فالمسألة كما ترون.
طالب: سمعت .............
وما يظهر رجحانه هذا المرجح عنده.
طالب: المفتى به القول الثاني ...
صفحة كم؟
طالب: .............
قال مقيده: وهذا الأخير غير ظاهر.
أين ما يظهر رجحانه؟
طالب: عند أول المسألة .............
طالب: تنبيه ...
التنبيه الذي هو أصل المسألة؟
طالب: نعم، ومن أدلتهم .............
طالب: ....... أنه يقتل، وأورد الأدلة.
أنه يقتل بغض النظر عن الآلة، كيفية القتل.
طالب: حتى تطلع الشمس، شروق أم إشراق؟
إشراق.
طالب: .............
نعم.
طالب: .............
الإشراق: الارتفاع.
طالب: .............
إلى أن ترتفع الشمس.
طالب: .............
نعم.
طالب: .............
نقول: إذا انتشرت فالحسم هو الذي يقطع دابر الشر.