تعليق على تفسير سورة آل عمران (20)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فبعد هذا الانقطاع الطويل، وهو معتاد، يعني بالنسبة لنا كل سنة ننقطع في الإجازة الصيفية قريبًا من هذه المدة، الآن كمَّلنا ستة أشهر، والعادة خمسة، لكن بمناسبة هذا الوباء الذي ابتُلي به المسلمون وغيرهم طالت المدة، وجرت العادة إذا انقطع الدرس المنتظم تقوم دروس أخرى في مناطق أخرى في الصيف في الطائف، في مكة، الحمد لله يعني فيه تعويض ولو يسيرًا، لكن بسبب هذا الوباء الذي عمَّ بلاد العالم كلها، وأرى الله الناس ضعفهم، سُلِّط عليهم شيء لا يُرى، أما بالعين المجردة فمحل اتفاق، وحتى الآلات يقولون: كثيرٌ منها لا تُدركها، فهذا دليلٌ على عظمة الله -جلَّ وعلا- وقدرته وقهره وجبروته.
وابن آدم إذا سَلِم من الأمراض -وقَلَّ أن يسلم- وسَلِم من هموم الدنيا ومصائبها، رأى نفسه شيئًا، وتكبَّر، وتجبَّر، ولكن الله -جلَّ وعلا- حكيمٌ عليم، وفي الوقت نفسه لطيف بعباده، رحيم يرحمهم، وقد يكون هذا الوباء رحمة كما جاء في الطاعون أنه شهادة، ولكن الإنسان لا يُريد شيئًا يؤذيه، ويُريد الأجر والثواب من غيره، وإلا فما أعظم أجْر مَن فَقَدَ عينيه، كريمتيه، وما أعظم أجر مَن فقدَ ابنه أو الغالي عليه له أجرٌ عظيم إذا صبر واحتسب، من يُرد الله به خيرًا يُصب منه، والمصائب مكفرات، حتى يلقى الله -جلَّ وعلا- المسلم ما عليه خطيئة؛ بسبب هذه المصائب.
على كل حال الأمر بدأ منذ هذه الشهور الستة أو السبعة، وبدأ الآن يضمحل لا سيما عندنا- ولله الحمد- تَقِل الإصابات، ويكثر الشفاء، ولله الحمد والمنة، والأمر لله -جلَّ وعلا- أولًا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا، الذي يعرفه الناس والذي لا يعرفونه.
فعلينا أن نحتسب ما أصابنا وأصاب كثيرًا من الناس لا سيما في الآونة الأخيرة يعني بعد رمضان دخل أكثر البيوت، ولكنه -ولله الحمد- خفيف الوفيات يسيرة جدًّا، وإن كانت الإصابات كثيرة، فالوفيات- ولله الحمد- قليلة ونادرة، تُوجد وفيات بالآلاف في بلاد الكفر، ومع ذلك نسأل الله -جلَّ وعلا- أن يرفعه رفعًا كليًّا، وأن يكفي المسلمين شرَّهُ، وأن يرفع عنَّا هذا الوباء وغير هذا الوباء، ومسبِّبات الوباء من الذنوب والمعاصي.
وكنا لا نسمع خطبة، خطبة جمعة ولا خطبة عيد إلا ويقول كل خطيبٍ نسمعه بدون استثناء: اللهم ارفع عنَّا الغلاء والوباء والربا والزنى؛ لأن الربا والزنى من أعظم المسبِّبات لهذه المصائب، نسأل الله العافية، وكما نسأل الله -جلَّ وعلا- أن يرفع عنَّا الوباء يرفع عنَّا الأسباب التي تُوجِد هذا الوباء، والله المستعان.
علينا جميعًا أن نلتزم بما سنَّه المسؤولون في وزارة الصحة من أسباب السلامة، وكذلك أيضًا ما سنَّه المسؤولون في وزارة الشئون الإسلامية، ونلتزم بهذه الأمور التي ليس فيها مخالفة في الغالب، ليس فيها مخالفة شرعية، والحمد لله، الكمامات يقولون: يُغني عنها الشماغ، والتباعد يعني أقل شيء عدم التماس يبعد كل واحد عن الثاني، والحمد لله، وهذا مُطبَّق أراه الآن يعني ما فيه أحد بجوار أخيه.
فما يُسَن من الأنظمة التي مصلحتها ظاهرة، وليس فيها مفسدة بوجهٍ من الوجوه، مما يجب فيه الطاعة.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتباعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
قال الإمام ابن كثيرٍ -رحمه الله تعالى-: "حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْح بْنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيج، قال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فَذَكَرَ حَدِيثًا، وَفِيهِ: «فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لَا يُحَاسَبُونَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كأَضْوَأ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ كَذَلِكَ»، وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ رَوْح، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
ومع ذلك مع أنه رواه مسلم موقوفًا إلا أنه مما لا يُقال: ولا يُدرَك بالرأي، فله حكمٌ المرفوع، وجاء من طرق كثيرة في مسلم وغيره مرفوعًا إلى النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.
"حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ السُّنَّة لَهُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عيَّاش، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «وَعَدنِي رَبِّي أنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ ألْفٍ سَبْعُونَ ألْفًا، لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ. وَثَلاثُ حَثياتٍ مِنْ حَثَيات ربِّي عزَّ وجَلَّ» وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، بِهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا دُحَيم، قال: حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمرو، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الهوزَني -وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحيّ-عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إنَّ اللهَ وَعَدَنِي أنْ يُدْخِلَ الْجنةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ ألْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ»، فقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْأَخْنَسِ: وَاللَّهِ مَا أُولَئِكَ فِي أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ الذُّبَابِ الْأَصْهَبِ فِي الذُّبَابِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَإنَّ اللهَ وَعَدَنِي سَبْعِينَ ألْفًا، مَعَ كُلِّ ألْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَزَادَنِي ثَلاثَ حَثَيَاتٍ». وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْد، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبة، قال: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ البُكَالي أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبة بْنَ عبْد السُّلَمِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَنِي أنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ ألْفًا، ثُمَّ يَحْثي رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ، بِكفيْهِ ثَلاثَ حَثَيَات» فَكَبَّرَ عُمَرُ وَقَالَ: إِنَّ السَّبْعِينَ الأوَلَ يُشفعهم اللَّهُ فِي آبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ فِي إِحْدَى الْحَثَيَاتِ الْأَوَاخِر".
قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ أبو عبد الله الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ صِفَةِ الْجَنَّةِ: لَا أَعْلَمُ لِهَذَا الْإِسْنَادِ عِلَّةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
الأصل في حديث السبعين الألف الذي ذكره المؤلف في الدرس الماضي، وهو معروف لدى طلاب العلم، وهو من محفوظاتهم؛ لأنه في كتاب التوحيد للإمام المُجدد، هذا الأصل لا إشكال فيه ولا تردد فيه، بعض العلماء تردد في «مَعَ كُلِّ ألْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا»، مع أن فضل الله لا يُحَد، وإذا نظرت إلى المجموع فكم يصير المجموع.
طالب: .........
أو تسعة وأربعين؟
طالب: ........
انظر عندك سبعة أصفار وتسعة وأربعين سبعة في سبعة.
طالب: ........
ثلاثة أصفار للألف وأربعة للسبعين الألف.
طالب: ........
تضرب.
طالب: ........
ما هو ما كل واحد، مع كل ألف..
طالب: ........
على ألف كم؟
طالب: ........
تسعة وأربعين مليونًا.
طالب: ..........
سبعين ألفًا في سبعين.
طالب: ..........
لا، مع كل ألف.
طالب: .........
كم يصير المجموع؟
طالب: .........
هو لو كان مع كل واحد سبعون ألفًا صاروا أربعمائة وتسعين بلا شك أربعمائة وتسعين مليون، لكن إذا كان مع كل ألف فاقسم الأربعمائة وتسعين على ألف، يطلع الناتج.
المقصود أن فضل الله لا يُحَدّ، والأعداد من مخلوقات الله من المكلفين أعداد هائلة، أصحاب الجنة واحد من كل ألف.
يَا سِلْعَة الرَّحمنِ ليسَ يدخلها |
|
في الأَلفِ إِلَّا وَاحد لا اثّنَانِ |
ويُقال لآدم: أخرِج بعث النار، فيقول: كم؟ يُقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فبالنسبة لهذه الأعداد وإن كانت بالملايين ليست شيئًا بالنسبة لمخلوقات الله، يعني لو قلنا: تسعة وأربعين مليونًا أو أربعمائة وتسعين مليونًا بالنسبة للأمم الموجودة الآن ليست بشيء فضلًا عن الأمم السابقة.
طالب: ..........
خلنا مع الحديث الذي نبحثه فهؤلاء مضمونون، بإذن الله، يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب بالوعد وعد الذي لا ينطق عن الهوى عن ربِّه -جلَّ وعلا-، فعلى الإنسان أن يبذل الأسباب الموصِلة إلى هذه الجِنان، ويحرص كل الحرص على إبراء ذمته من الشرك ووسائله؛ لينجو بإذن الله -جلَّ وعلا-، فإذا بذل الإنسان السبب، وحرص مخلصًا لله -جلَّ وعلا- في ذلك كله يُرجى، والله المستعان.
طالب: قد يكونوا من الأطفال الذين ما فعلوا ذنوبًا.
ما حكم هؤلاء؟
طالب: ..........
ما حكم الأطفال؟
طالب: ........
{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الطور:21] تدري ابن القيم ذكر طبقات المكلفين، وذكر منهم الأطفال، وذكر أحكامهم «اللَّه أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» هم، وجاء الحديث بأنهم مع آبائهم، وجاء الحديث «اللَّه أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ».
وعلى كل حال من مات صغيرًا بين أبوين مسلمين فحكمه حكمهم؛ لأنه يُحكَم بإسلامه، هذه أمور تقصر العقول عن إدراكها، ولا تُدرك إلا ما بلغها عن طريق نبيها عن الله- جلَّ وعلا-.
طالب: .........
الله يعفو ويسامح، فضل الله أعظم، وآخر من يدخل الجنة ويخرج من النار يُقال له: تَمنّ، فتضيق به الأماني، ماذا يتمنى؟ هو توه داخل الجنة ماذا تتمنى؟! فيُقال: أتريد مثل مُلك أعظم مَلكٍ في الدنيا؟ فقال: إي وربي -أعظم ملك- فيُقال لك: مثله، ومثله، ومثله إلى عشرة أمثاله، هذا آخر من يدخل الجنة، نسأل الله الكريم من فضله.
"حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ -يَعْنِي الدَّستَوائي- قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، قال: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَار أَنَّ رِفَاعة الجُهَنيّ حَدَّثَهُ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كُنَّا بالكُدَيد -أَوْ قَالَ بقُدَيْد-فَذَكَرَ حَدِيثًا، وَفِيهِ: ثُمَّ قَالَ: «وَعَدَنِي رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- أنْ يُدْخِلَ الْجنةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ ألْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَإِنِّي لأرْجُو ألا يَدْخُلُوهَا حَتَّى تَبوؤُوا أْنتُمْ ومَنْ صَلَحَ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وَذُرِّيَّاتِكُمْ مَسَاكِنَ فِي الْجَنَّةِ».
قَالَ الضِّيَاءُ: وَهَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنبأنا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْر بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ اللهَ وَعَدَنِي أنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أرْبَعمِائَةِ ألْفٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وهَكَذَا» فَقَالَ عُمَرُ: حَسْبُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَعْنِي، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا اللَّهُ الْجَنَّةَ كُلَّنَا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَدْخَل خَلْقه الْجَنَّةَ بكفٍّ وَاحِدٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَدَقَ عُمَرُ».
هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ تفرَّد بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَهُ الضِّيَاءُ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعيم الْأَصْبَهَانِيُّ:
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهيْثَم البَلدِي، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْب، قال: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَعَدَنِي رَبِّي أنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي مِائَةَ ألْف». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنَا قَالَ: «وَهَكَذَا»، وَأَشَارَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ بِيَدِهِ كَذَلِكَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنَا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُدْخِلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ بِحَفْنَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَدَقَ عُمَرُ» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَبُو هِلَالٍ اسْمُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْم الرَّاسِبِيُّ، بَصْرِيٌّ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِّي السُّلَمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيد، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ ألْفًا» قَالُوا: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لِكُلِّ رَجُلٍ سَبْعُونَ ألْفًا» قَالُوا: زِدْنَا -وَكَانَ عَلَى كَثِيبٍ- فَقَالَ: «هَكَذَا» وَحَثَا بِيَدِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أبْعدَ اللَّهُ مَنْ دَخَلَ النَّارَ بَعْدَ هَذَا، وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، ورِجَالُهُ كلهم ثِقَاتٌ، مَا عَدَا عَبْدَ الْقَاهِرِ بْنَ السَّرِيِّ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ، فَقَالَ: صَالِحٌ".
صالح من ألفاظ التعديل المتوسطة، ما يكون حديثه متوسطًا في مرتبة الحسن عند أهل العلم، وما سكت عنه أبو داود في سُننه فهو صالح كما نص على ذلك في رسالته إلى أهل مكة، وما سكت عنه فهو صالح، وفي نسخةٍ فهو حسن، كما ذكرها ابن كثير في اختصار علوم الحديث.
وعلى كل حال الأحاديث بمجموعها تدلّ على عظمة الباري -جلَّ وعلا- وعظيم فضله، ففضله لا يُحَدّ، ولا يُستَكثَر، فمثل هذه الأحاديث تُعرِّف الإنسان قدر نفسه، وأنه لا غنى له عن ربِّه -جلَّ وعلا-، وأنه مهما فعل فما أدى شكر نعمةٍ من نِعم الله عليه، فعليه أن يعمل ويجتهد، ويُخلِص لربِّه، والتوفيق بيد الله -جلَّ وعلا-.
طالب: ..........
من قال لك: إنهم وُلِدوا في الإسلام؟
طالب: ..........
هم الصحابة لما ذكرهم النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- كان من الاحتمالات التي ذكروها لعلهم الذين وُلِدوا في الإسلام.
طالب: ..........
لا، ما هو بصحيح.
طالب: ..........
لا لا، ما هو بصحيح، لعلهم، قالوا هذا، لعلهم كذا، فما ثرَّبهم النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، لكن بيَّن المقصود.
تعرف ثلاثةٌ يؤتَون أجرهم مرتين؟ «ثَلَاثَةٌ يؤتَون أجرهم مرتين: رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بنَبِيِّهِ ثم آمن بي» يؤتى الأجر مرتين، فهو مولود في اليهودية أو في النصرانية، واتبع موسى أو عيسى، ثم لما بُعِث النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- آمن به.
تعرف الباقين؟ هذا واحد، الثاني من هو؟
طالب: .........
بلى تسمع، قُل: ما أعرف.
الثاني من هو؟ «المَمْلُوكُ إِذَا أدَّى حَقَّ الله، وَحَقَّ مَوَالِيهِ»، «وَرَجُلٌ عنده جارية فَأدَّبَهَا وَأَحْسَنَ تَأدِيبَهَا، ثُمَّ أعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا» هؤلاء يؤتون أجرهم مرتين، والحديث في الصحيح.
طالب: ..........
هذا أعلى نعم بلا شك، هذا تضرب السبعين الألف في سبعين ألف، تطلع أربعمائة وتسعين مليون.
طالب: ..........
تضع ثمانية أصفار وتسعة وأربعين.
طالب: ..........
نعم أربعة مليار.
طالب: ما فيه مدرس رياضيات هنا؟
لا لا، ما يحتاج مدرسً، تحتاج أنت مدرس؟ ضعِ الأصفار الثمانية، وضع بجانبها تسعة وأربعين وأقرأهم.
طالب: .........
إحدى عشر رقم.
نعم.
"حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ الْجَنَّةَ» فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنَا، فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ الله، زدنا فقال عمر: حسبك إِنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ بِحَفْنَةٍ أَوْ بِحَثْيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَدَقَ عُمَرُ».
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أن قيسًا الكندي حدَّثه أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْأَنْمَارِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ ربي وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيِرِ حِسَابٍ، وَيَشْفَعُ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَحْثِي رَبِّي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِكَفَّيْهِ». كَذَا قَالَ قَيْسٌ، فَقُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ بِأُذُنِي، وَوَعَاهُ قَلْبِي، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَقَالَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَسْتَوْعِبُ مُهَاجِرِي أُمَّتِي، وَيُوَفِّي اللَّهُ بَقِيَّتَهُ مِنْ أَعْرَابِنَا»، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَزَادَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحُسِبَ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَلَغَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ وَتِسْعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ".
يعني أربعمائة مليون.
طالب: أربعمائة وتسعين مليون.
تسعين ألفًا وليس بتسعين ألف ألف.
طالب: .........
تسعين ألف ألف؟
طالب: .........
وعندك يا شيخ؟
طالب: تسعين ألف ألف.
خلاص أربعمائة وتسعين مليونًا.
بعض الأرقام يُؤتى بها للتكثير، ولا يُراد حقيقتها، فمثل هذا لا يقف عند المحاسبة، مثل هذا يُرجَع الأمر إلى فضل الله وسعة رحمته، ويبقى المسلم دائر قلبه بين الخوف والرجاء يرجو ربه ويخشى من ذنوبه، والله المستعان.
طالب: الصحابة كانوا قِلة، والسبعون الألف كثير في تصورهم، لكن اليوم سبعون ألفًا ما يسكنون يمكن سبعون ألفًا في بطحاء.
ما يعرف إلا البطحاء أبو يمن.
طالب: .........
صحيح كان الناس قِلة حتى أدركنا يعني الرياض أول ما جئنا ولا واحدًا من عشرة من الآن، فتكاثر الناس وتناسلوا، وكثرت الأسباب في حفظ الصحة، وكان الرجل يُولَد له الخمسة والستة ولا يصفو إلا واحد، والآن الحمد لله أقول: الأسباب أسباب حفظ الصحة كثيرة والله يُحسِن العواقب، الله يجعل العواقب حميدة.
"حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا هُشَيمُ بْنُ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قال: حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيُبْعَثَنَّ مِنْكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ مِثْلَ اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ زُمْرَةٌ جَمِيعُهَا يَخْبِطُونَ الْأَرْضَ، تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: لِمَ جَاءَ مَعَ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ مِمَّا جَاءَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ؟» وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَن".
طالب: .........
«أَكْثَرُ مِمَّا».
طالب: .......
«لِمَ جَاءَ» الذي عندي «لِمَ جَاءَ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ» استنكار هنا.
طالب: ........
نعم بدون ألف.
طالب: عندنا ألف؟
إذا قلنا: لما جاء، صار تأكيدًا، يعني للذي جاء مع محمد أكثر، وإذا كان استفهامًا «لِمَ جَاءَ مَعَ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ مِمَّا جَاءَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ؟» الله المستعان.
وعلى كل حال وعلى المعنيين يُثبت أن ما جاء مع النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أكثر ما جاء معه، وهذه الأمة لا شك أنها أكثر الأمم في حديث عرض الأمم على النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ثبت فيه أن هذه الأمة أكثر الأمم.
"نَوْعٌ آخَرُ: مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضِيلَةِ هَذِهِ الأمة وشرفها وكرامتها على الله -عز وجل- وَأَنَّهَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَنْ يَتَّبِعُنِي مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُبْعَ الْجَنَّةِ» قَالَ: فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَرْجُو أَنْ يَكُونُوا ثُلُثَ النَّاسِ» قَالَ: فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا الشَّطْرَ»، وَهَكَذَا رَوَاهُ عَنْ رَوْحٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
طَرِيقٌ أُخْرَى: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قال: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بن حصيرة، قال: حدثني القاسم بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَرُبُعُ الْجَنَّةِ لَكُمْ وَلِسَائِرِ النَّاسِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَثُلُثُهَا؟» قَالُوا: ذَاكَ كثير، فقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، لَكُمْ مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفًّا» قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ".
عشر دقائق بين الأذان والإقامة نفعل شيئًا؟
تقرأ يا شيخ؟
طالب: ...........
استعن بالله يا شيخ.
"حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ «أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ ذلك ثمانون صفا» وكذا رَوَاهُ عَنْ عَفَّانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سِنَانٍ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ". عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ".
لا تعارض بين حديث أنتم شطر أهل الجنة أو ثمانون صفًا من مائةٍ وعشرين فيكون الثلثان لا تعارض؛ لأنها قيلت هذه الأحاديث في مناسبات مختلفة، الله -جلَّ وعلا- يوحي إلى نبيه في وقت، ثم يزيده بعد ذلك من فضله، ويترتب عليه زيادة النسبة.
"حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ: قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَجَلِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ أُمَّتِي» تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَجَلِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَدِيٍّ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ غَيْلَانَ، قال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مَخْلَدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: {لَمَّا نَزَلَتْ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الْوَاقِعَةِ:39-40] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنْتُمْ رُبُعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْتُمْ ثُلُثُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْتُمْ نِصْفُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْتُمْ ثُلُثَا أَهْلِ الْجَنَّةِ».
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاووُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهدانا الله لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، النَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، غدًا لليهود وللنصارى بَعْدَ غَدٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم-: «نحن الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ".
الحديث وهو المعروف بصحيفة همام عن أبي هريرة تشتمل على مائة وثلاثين جملة سردها الإمام أحمد في مسنده في موضعٍ واحد في مسند أبي هريرة، وفرَّقها الشيخان البخاري ومسلم وقطَّعوها على حسب ما يُحتاج إليه من هذه الجُمل للاستدلال بها على الأحكام التي يُريدونها، فالبخاري -رحمه الله تعالى- يقول: عن أبي هريرة، قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيَامَةِ»، ثم يذكر منها الجملة التي يُريدها، فيذكر أول الخبر أو أول هذه الجُمل، ثم يُتبعها بما يُريد، وهي موجودة في صحيح البخاري في مواضع كثيرة، ومسلم لا يذكر الجملة الأولى، وإنما يقول: فذكر أحاديث منها.
ولا شك أن اختصار الحديث والاقتصار على ما يُراد منه يجوز عند أهل العلم بشرطه ألا يقتصر فَهم المذكور على المحذوف، لا يتوقف فهم المذكور من الجُمل على المحذوف منها، بأن يكون استثناء ولا شرط ولا قيد.
على كل حال هذه مسألة معروفة عند أهل العلم والبخاري قطَّع الأحاديث، وإذا كان هذا يجوز مثله في القرآن، فكيف بالحديث؟ لأن بعض العلماء نازع في تقطيع الأحاديث، يجوز نظيره في القرآن، هل يلزمك إذا أردت أن تتكلم عن الأمانة أن تأتي بآية النساء كاملة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء:58] هل يلزمك أو تقتصر على ما تحتاج إليه بشرط ألا يتوقف فهمه على المحذوف؟ هذا كلام معروف عند أهل العلم ومُقرر.
"حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ «إِنَّ الْجَنَّةَ حُرِّمَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ حَتَّى أَدْخُلَهَا، وَحُرِّمَتْ عَلَى الْأُمَمِ حتى تدخلها أمتي»، ثم قال: انفرد بِهِ ابْنُ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ".
وفي حفظه كلام لأهل العلم، حفظه فيه ضعف ولكن لا ينزل حديثه عن الحسن.
"وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَاهُ، وَتَفَرَّدَ بِهِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زُهَيْرٍ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ التِّنِّيسِيُّ-يَعْنِي عَمْرَو بْنَ أَبِي سَلَمَةَ- قال: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عقيل، عن الزهري به.
ورواه الثعلبي قال: حدثنا أبو العباس المخلدي، أنبانا أبو نعيم عبد الملك بن محمد، قال: أنبانا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى التِّنِّيسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ بِهِ".
عن زهير بن محمد؟
طالب: عن ابن عقيل.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ونبيك محمد.