تعليق على تفسير سورة آل عمران (25)
طالب: نقرأ هذه، الله يحفظك؟
ماذا؟
طالب: نقرأها؟
اقرأ.
التي قبله، فيه اضطراب.
بسم الله الرحمن الرحيم، مر في آخر الدرس الماضي قول الحافظ ابن كثير: "وَبَدْرٌ: مَحَلَّةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، تُعْرَفُ بِبِئْرِهَا، مَنْسُوبَةٌ إِلَى رَجُلٍ حَفَرَهَا يُقَالُ لَهُ: بَدْرُ بْنُ النَّارَيْنِ، هكذا وقع في جميع طبعات تفسير ابن كثير التي اطلعت عليها، وكذلك في مختصراته، إلا أن محمد نسيب الرفاعي حذف قوله: ابن النارين، ولم أجد هذا الاسم عند غير المصنف، ففي كتب الأنساب والمعاجم أن البئر نُسبت إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة، وقال بعضهم: بدر بن قريش بن يخلد بن النضر، وقال السهيلي في (الروض الأنف): وبدر اسم بئر حفرها رجل من غفار، ثم من بني النار منهم اسمه بدر، وقد ذكرنا في هذا الكتاب قول من قال: هو بدر بن قريش بن يخلد الذي سُمِّيت قريش به، وقد علَّق محقق طبعة ابن الجوزي الأولى على عبارة: بدر بن النارين بقوله: كذا في نسختي، وفي هاتين النسختين غير المنقوط، وفي كل النسخ إلا الأصل بياض لاسم الجد قدْر كلمتين، وفي (معجم البلدان): بدر بن يخلد بن كنانة، فيظهر أن أصل العبارة: بدر بن النار بن بناءً على القول الأول الذي ذكره السهيلي، ثم بيَّض المصنف لاسم جده".
مخطوط.
"المقدسي في كتابه، وَبَدْرٌ: مَحَلَّةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، تُعْرَفُ بِبِئْرٍ بهَا، مَنْسُوبَةٌ إِلَى رَجُلٍ حَفَرَهَا يُقَالُ لَهُ: بَدْرُ بْنُ النَّارَيْنِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: بَدْرٌ بِئْرٌ لِرَجُلٍ يُسَمَّى بَدْرًا.
وَقَوْلُهُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران:123] أَيْ تَقُومُونَ بطاعته.
{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ} [آل عمران:124]".
خلاص، خلاص، انتهى المقصود.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طلاب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الآن بدر هي على الطريق المسلوك بين مكة والمدينة، أو بين المدينة وينبع؟
طالب: هذا وهذا.
ماذا؟
طالب: بين المدينة وينبع.
ما هي على طريق مكة.
طالب: ............
غرب، غرب.
طالب: غرب.
نعم، غرب، ليست على طريق مكة إلا إذا كان الطريق في ذلك الوقت عليها.
طالب: الطريق القديم.
ماذا؟
طالب: الطريق القديم.
طالب: ...
أما الآن فالذي يظهر أنها على طريق ينبع.
طالب: ...
ماذا؟ فيه أحد من أهل بدر؟
طالب: يا شيخ، الطريق الجديد الآن يسار، يسار وهو رائح لينبع، يعني يسار الخط، تفرق له مفرق ثانٍ، غير، ما تطأ المدينة.
طالب: أول.
طالب: أول، الطريق الأول، المدينة مكة يطأها، لكن هلا.
أقول: المدينة هي الأصل؛ لأنهم خرجوا من المدينة، لكن هل هي على طريق مكة وللا على طريق ينبع؟
طالب: على طريق ينبع.
على طريق ينبع.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخنا، الطريق القديم ما كانت تمر على بدر إلى مكة ......
نعم.
طالب: الطريق القديمة إلى مكة التي كانت مسلوكة قديمًا كانت تمر على بدر إلى مكة.
طالب: أي طريق؟
ماذا؟
طالب: أي طريق؟
الطريق الآن، الآن الذي بين مكة والمدينة ما يمر على بدر.
طالب: ...
ولا هو بلما؛ لأنه غرب.
طالب: ...
ما ندري عن القديم، الطرق يعني..
طالب: كانوا ذاهبين للعير.
ماذا؟
طالب: كانوا ذاهبين للعير، ما كانوا ذاهبين لمكة، لكن جهة البحر....
صح، جهة البحر.
طالب: جهة ينبع.
كونهم يقولون: "تُعْرَفُ" "مَحَلَّةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ"، فيه.
طالب: في وقته.
ماذا؟
طالب: في وقته ممكن ....
الآن، واحد من أهل الشمال، قرية يقال لها: فيت، مشهورة عند المتقدمين مشهورة، وفي (معاجم البلدان) مذكورة، ويحدِّدون مكانها بين مكة والبصرة.
طالب: ...
ماذا؟
طالب: ...
بين مكة والبصرة.
طالب: ...
ماذا؟
طالب: ...
يعني اللوكيشن بهذا التحديد، يذهب بك، كم بين مكة والبصرة؟ لكن الطرق قديمًا المسلوكة للحاج وغيرهم ما تتغير؛ لأنها لو تغيرت ضاع الناس، فهي محدَّدة: بين مكة والبصرة، الذي يحج من البصرة يمر على هذا المكان بلا شك، ولذلك يحددون به.
طالب: كان بين مكة والبصرة ألفا كيلو؟
ماذا؟
طالب: كان بين مكة والبصرة ألفا كيلو؟
كم بين مكة والبصرة؟
طالب: ما أدري.
وعدن؟
طالب: مكة وعدن؟
نعم، كم بينهما؟
طالب: سبعمائة...
سبعمائة! صاحٍ أنت؟!
طالب: ألف ومائتان.
لا لا، ما هو بصحيح، أكثر.
طالب: حول الألف ومائتين.
ابن أبي عمر العدني يقول: حج سبعين حَجَّة على رجليه، قدميه، شفت؟
طالب: ألف وربعمائة وأربعة وثلاثون بين مكة وعدن.
نعم.
طالب: والبصرة ألف وثمانمائة وخمسون.
المقصود أن الأمور تيسَّرت وتعسَّرت في الوقت نفسه، تيسَّرت بدلًا من الشهور والسنين تُقطع بالساعات. والله المستعان.
لكنها تعسَّرت؛ إذا عزموا على شيء ركبوا دوابَّهم ومشوا، الآن إذا عزم على شيء أخذ أيامًا يفكر، من أين يروح، ومن أين يجيء، ومن يروح معنا، ومن نروح معه. في الأول تشوف السيارة محملة بالحجاج، وتضع متاعك وتركب، وتمشي معهم، حتى ما قلت لهم، وأنا رأيت هذا، رأيته، محملين متاعنا نذهب لمكة قبل رمضان، يجيء واحد متاعه، ويركب ويمشي معنا، ما فيه إشكال عند الناس.
فالأمور تغيرت، صحيح أنها تيسَّرت، واحد من المشايخ الموجودين يقول: وأنا عمري اثنا عشر، وأبي عمره اثنان وثلاثون، وركبنا على سيارة من الشاحنات الكبار من الرياض للأفلاج ثلاثة أيام، ومبسوطين بالرحلة، كل واحد يضرب الثاني من الطرق، ما هي مسفلتة، بعضهم واقف، بعضهم على العوارض، وبعضهم كذا، السيارة تموج بهم هكذا، كل واحد رأسه يضرب رأس الثاني، يقول: مبسوطين، أحسن من الدواب، وأحسن من الأقدام، وأحسن من..
طالب: ....
ماذا؟
طالب: ...
والله المستعان، الله يتوب علينا.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: "قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:124-129]".
اللهم اغفر لنا.
"اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الْوَعْدِ؛ هَلْ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أَوْ يَوْمَ أُحُدٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:124] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران:123]، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
قَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ} [آل عمران:124]، قَالَ: هَذَا يَوْمُ بَدْرٍ، رَوَاهُ ابْنُ".
أبي.
"رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قال: حدثنا دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ".
عندك ما فيه أبي حاتم؟
طالب: لا. "رَوَاهُ ابْنُ حَاتِمٍ".
لا، "ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ"، نعم.
"حدثنا دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ يَعْنِي الشَّعْبِيَّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَلَغَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ أَنَّ كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ يُمِدُّ الْمُشْرِكِينَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عمران:124] إِلَى قَوْلِهِ: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125]، فَبَلَغَتْ كُرْزًا الْهَزِيمَةُ، فَلَمْ يُمِدَّ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يُمِدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَمْسَةِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ صَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، ثُمَّ صَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ بَدْرٍ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:9، 10]؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْأَلْفِ -هَاهُنَا- لَا يُنَافِي الثَّلَاثَةَ الْآلَافَ فَمَا فَوْقَهَا؛ لِقَوْلِهِ: {مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] بِمَعْنَى يَرْدَفُهُمْ غَيْرُهُمْ، وَيَتْبَعُهُمْ أُلُوفٌ أُخَرُ مِثْلُهُمْ، وَهَذَا السِّيَاقُ شَبِيهٌ بِهَذَا السِّيَاقِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا هو المعروف من أن قتال الْمَلَائِكَةِ إِنَّمَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: قال قَتَادَةَ: أمد الله المسلمين يَوْمَ بَدْرٍ بِخَمْسَةِ آلَافٍ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْوَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران:121]، وَذَلِكَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ وَالزُّهْرِيِّ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ".
لأنه يعود إلى الأقرب، هذا الأصل، وإن كان المعروف في السِّيَر أن الملائكة لم يقاتلوا مع الرسول –عليه الصلاة والسلام- إلا في بدر، وهذا مما يقوِّي القول الأول.
"لَكِنْ قَالُوا: لَمْ يَحْصُلِ الْإِمْدَادُ بِالْخَمْسَةِ الْآلَافِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ فَرُّوا يَوْمَئِذٍ، زَادَ عِكْرِمَةُ: وَلَا بِالثَّلَاثَةِ الآلاف؛ لقوله تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} [آل عمران:125] فَلَمْ يَصْبِرُوا، بَلْ فَرُّوا، فَلَمْ يُمَدُّوا بِمَلَكٍ وَاحِدٍ".
لأن الشرط ما تحقَّق، وهو الصبر، ما تحقَّق الشرط، فلم يتحقَّق المدد.
"وَقَوْلُهُ: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} [آل عمران:125] يعني: تصبروا على مصابرة عدوكم، وتتقوني، وتطيعوا أمري".
وقوله تعالى".
طالب: أحسن الله إليكم، كيف نحمل هذا على قول الشعبي: "وَلَمْ يُمِدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَمْسَةِ"؟
أين؟ لم يمدهم، في أحد؟
طالب: في بدر، كلام السياق في بدر.
الأول؟
طالب: نعم، الذي رواه ابن أبي حاتم.
أول شيء؟
طالب: الذي رواه ابن أبي حاتم قال في آخره.
نعم.
طالب: عن الشعبي قال: "فَبَلَغَتْ كُرْزًا الْهَزِيمَةُ، فَلَمْ يُمِدَّ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يُمِدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَمْسَةِ".
طالب: أمدهم بالثلاثة.
أما مدد المسلمين يوم بدر فهذا أمر مجزوم به، الصحابة رأوهم، هذا ما فيه إشكال، الكلام في مددهم في أُحد، هذا الذي فيه كلام، والذي يظهر أنه ما فيه مدد؛ لأنه مشروط بالصبر، ولم يصبروا.
طالب: ....
الشعبي؟
طالب: ...
مرسل، نعم.
"وقوله تعالى: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} [آل عمران:125]، قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ: أَيْ مِنْ وَجْهِهِمْ هَذَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو صَالِحٍ: أَيْ مِنْ غَضَبِهِمْ هَذَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مِنْ غَضَبِهِمْ وَوَجْهِهِمْ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ سَفَرِهِمْ هَذَا، ويقال: من غضبهم هذا.
وقوله تعالى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] أَيْ مُعَلَّمِينَ بِالسِّيمَا".
والمعنى يحتمل: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ} [آل عمران:125] يعني مباشرة من دون تأخُّر، يعني على الفور.
"وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ الصُّوفَ الْأَبْيَضَ، وَكَانَ سيماهم أيضًا في نواصي خيولهم، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ".
"هُدْبَةُ".
أحسن الله إليك، "حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنه- فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] قَالَ: بِالْعِهْنِ الْأَحْمَرِ، وقال مجاهد".
والعهن هو الصوف، مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْن عَلْقَمَة بن وقَّاص فيه كلام لأهل العلم، وفي حفظه شيء، ولكنه عدْل، ما يُضَعَّف حديثه بإطلاق، وهو ليس من الحفاظ، لكنه في مثل هذا الموضوع الذي هو التفسير والمغازي يُقبل حديثه، يُقبل خبره؛ لأنهم لا يشدِّدون في مثلها؛ لأن حديثه يقبل الانجبار، المتابع بمثله أو بنحوه يرتقي حديثه، والحافظ العراقي تبعًا لابن الصلاح جعلوا حديثه من باب الحَسن، وأنه لو جاء له متابع لارتقى إلى الصحيح.
والحسن المعروف بالعدالة |
|
|
طالب: ........
ماذا؟
طالب: ...
|
|
إذا أتى له |
طرق أخرى نحوها من الطرق |
|
صحَّحْتَه كمتن: «لولا أن أشق» |
إذ تابعوا محمد بن عمرو |
|
عليه فارتقى الصحيح يجري |
يعني حصل له متابع صار صحيحًا، والذي يُضعِّف يقول: إسناده ضعيف، في إسناده مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْن عَلْقَمَة الليثي، صدوق له أوهام من السادسة، صدوق، ما الذي حكم عليه المخرِّج عندكم أو ما حكم عليه؟
طالب: يقول: أخرجه.
ماذا؟
طالب: يقول: أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفيه محمد بن عمرو في روايته عن أبي سلمة فيها مقال. (تهذيب التهذيب).
هو عمومًا ليس من الحفاظ، قد يضعَّف حديثه إذا حصلت له أدنى مخالفة لغيره ممن هو أحفظ منه، لكن على الإطلاق يقول: إسناده ضعيف، في إسناده مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْن عَلْقَمَة إلى آخره، صدوق له أوهام، وهذا كلام أهل العلم في ترقية حديثه من الحسن إلى الصحيح بالمتابع.
طالب: ..............
ماذا؟
طالب: ...
هو إذا كان ضعفه شديدًا في أبي سلمة يضعَّف، ما فيه إشكال، أو عورض ممن هو أوثق منه، يضعَّف، لكن ما له معارض يبقى حديثه على الأصل حسنًا، وفي هذا الباب الذي هو باب التفسير وباب المغازي يتساهل فيه الأئمة الكبار. نعم، وهذا يصدِّر: إسناده ضعيف.
طالب: أحسن الله إليكم، في مسألة المغازي ما يترتب عليها شيء حتى قبلت رواية الضعيف، ما يترتب عليها أحكام، لكن في التفسير أحسن الله إليك، ألا...
هم مثلًا: يجمعون التفسير والمغازي والفضائل، الأئمة الكبار؛ الإمام أحمد وغيره يقبلونها، يتساهلون فيها.
"وقال مجاهد: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] أي مجذوذة أَعْرَافُهَا، مُعَلَّمَةٌ نَوَاصِيهَا بِالصُّوفِ الْأَبْيَضِ فِي أَذْنَابِ الخيل.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَتَتِ الْمَلَائِكَةُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
اللهم صلِّ وسلِّم عليه.
"مُسَوِّمِينَ بِالصُّوفِ، فَسَوَّمَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَنْفُسَهُمْ وَخَيْلَهُمْ على سيماهم بالصوف. وقال قتادة وعكرمة: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] أَيْ بِسِيمَا الْقِتَالِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ: مُسَوِّمِينَ بِالْعَمَائِمِ.
وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
اللهم صلِّ وسلِّم عليه.
"فِي قَوْلِهِ: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] قَالَ: «مُعَلَّمِينَ».
وَكَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بدر عمائم سود، ويوم حنين عمائم حمر، وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنِ بْنِ مُخَارِقٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ مقْسَمٍ".
"مقْسَمٍ"، "مقْسَمٍ".
"عَنْ مقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض قَدْ أَرْسَلُوهَا فِي ظُهُورِهِمْ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمَ حمر، وَلَمْ تَضْرِبِ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ سِوَى يَوْمِ بَدْرٍ، وَكَانُوا يَكُونُونَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَيَّامِ عَدَدًا وَمَدَدًا لَا يَضْرِبُونَ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فذكر نحوه.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَحْمَسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ يَحْيَى بن عباد أن الزبير -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجِرًا بِهَا، فَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْرٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بن الزبير، فذكره.
وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} [آل عمران:126] أَيْ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ وأعلمكم بإنزالهم إِلَّا بِشَارَةً لَكُمْ، وَتَطْيِيبًا لِقُلُوبِكُمْ وَتَطْمِينًا، وَإِلَّا فَإِنَّمَا النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الَّذِي لَوْ شَاءَ لَانْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِدُونِكُمْ، وَمِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى قِتَالِكُمْ لَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ أَمْرِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقِتَالِ: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد:4-6]، وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126] أَيْ هُوَ ذُو الْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، وَالْحِكْمَةِ فِي قَدَرِهِ وَالْأحْكَامِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران:127] أَيْ أَمَرَكُمْ بِالْجِهَادِ".
في هذا الكلام السابق النصر بيد الله، وكل شيء بيده، لكن الله –جل وعلا- رتَّب المسبَّبات على أسبابها، وجعل الجنة دخولها له أسباب، ودخول النار له أسباب، فهذه الأسباب لا تنافي قدرة الله– جل وعلا-، ولا إحاطته وعلمه، فكل شيء بيده –جل وعلا-، ولكنه رتَّب هذه الأسباب للابتلاء، ليبلو الناس، وركَّب فيهم الاختيار، جعل لهم نوعًا من الاختيار، وإلا فليس لأحد اختيار ولا مشيئة إلا بعد اختيار الله –جل وعلا- ومشيئته، فهذا الكلام الذي سبق قد يقول قائل: ما دام كل شيء بيده، فكيف نشتغل؟ كما قال الصحابة -رضوان الله عليهم-: ما دامت المقادير مفروغًا منها، فلمَ العمل؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: «اعملوا، فكل ميسَّر لما خُلق له»، ولا تعارض، ولا تضاد، والاحتجاج الذي يحتج به بعض الناس بالقدَر منقوض من أوله، وكما في حديث محاجة آدم وموسى –عليهما السلام-، «فحجَّ آدمُ موسى»، موسى احتج على آدم: أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ قال: كم وجدت الله كتب عليَّ هذا قبل أن أُخلق! هذا مكتوب ومقدَّر من الله –جل وعلا-، ولكن ما فيه إجبار، كتبه الله عليك وأجبرك على أن تفعله؟ لا، وكل إنسان يحس ويدرك من نفسه أنه إذا لم يقم إلى الصلاة بعد الأذان، وضيَّع الصلاة أنه عليه لوم، هو ما أُجبر، ما جاء أحد يكتِّفه، أو يمسكه، ويمنعه من الذهاب إلى المسجد، باستطاعته وإرادته أن ينهض، فيتوضأ ويصلِّي مع الناس، لكن نفسه الأمارة حبسته عن ذلك، وهذا كله تبع لإرادة الله، وما كتبه الله عليه، فلا تنافي، ولا تناقض في مسائل القدر، والله المستعان.
طالب: .......
نعم.
طالب: .......
على شيء؟
طالب: لا.
ماذا؟
طالب: لا.
طالب: ... من أراد ولم يرض أو أراد ولم يرتض؟
من هو؟
طالب: ...
نعم؟
طالب: أراد هذا الفعل ولم يرتضه ...
ارتضاه أو رضاه؛ كله واحد، المعنى واحد.