تعليق على تفسير سورة آل عمران (27)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طلاب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، يقول: مر في الدرس الماضي حديث رواه البخاري، "عن حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَزَلَتْ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128]".
قال الحافظ ابن كثير: "هَكَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقَةً مرسلة".
قال ابن حجر في (الفتح): قوله: وعن حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ هو معطوف على قوله: أخبرنا معمر إلى آخره، والراوي له عن حنظلة هو عبد الله بن المبارك، ووهِم من زعم أنه معلَّق.
فاعترض عليه العيني بقوله: قلت: فيه نظر؛ لأن احتماله التعليق أقوى مما قاله، ولهذا لما ذكر المزي الحديث السابق قال: وقال عقيب حديث يحيى: وعن حَنْظَلَةَ، عن سَالِمَ، ولم يزد على هذا شيئًا، فلو كان موصولًا لكان أشار إليه، ورده ابن حجر في (انتقاض الاعتراض)، فقال: غايته أنه أورده بصورة ما وجَّه، ولم ينبه.
بصورة، بصورة، أورده.
طالب: بصورة ما وجه. هكذا.
ماذا يقول؟
طالب: ............
ما هو بواضح؟
طالب: بصورة ما وجه. يقول: كذا في المطبوع.
نعم.
طالب: والذي في نسخة خطية متأخرة وُجد، وهو أقرب.
نعم.
أورده بصورة ما وُجد.
الموضع من (فتح الباري)؟
طالب: في (انتقاض الاعتراض).
لا، من الفتح.
طالب: من الفتح، سبعة، ثلاثمائة وستة وستين.
رقم الحديث.
طالب: أربعة آلاف وسبعون.
أربعة آلاف.
طالب: وسبعون.
وسبعمائة؟
طالب: وسبعون.
وسبعون. الفتح هنا بالمكتبة.
طالب: ............
أربعة آلاف وسبعون. في مثل هذا يكثر الوهم، يكثر الوهم هل هو معلَّق أو موصول، الضابط الذي ذكره ابن حجر أنه قال: وحيث يريد التعليق يأتي بالواو. وهذا الضابط منتقض، والنُّسَخ والنساخ إن لم يكن الضبط بالحرف فالوهم يرِد كثيرًا؛ لأن سقوط حرف وزيادة حرف ترِد كثيرًا، ولذلك العلماء يعتمدون بالضبط في ضبط الأسماء بالحروف؛ فتح الواو، وكسر العين، وهكذا، ما يكتفون بوضع الشَّكل فقط؛ لأنه يكثر فيه الوهم، "وعن حَنْظَلَةَ"، "وعن حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يقول: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-"، الإشكال أنه لو سلِمنا من مسألة التعليق ما سلِمنا من قضية الإرسال، قوله: وعن حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ هو معطوف على قوله: أخبرنا معمر، وحينئذ يكون موصولًا بالإسناد السابق، والراوي له عن حنظلة هو عبد الله بن المبارك، ووهِم من زعم أنه معلَّق.
وقوله: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يقول: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى آخره هو مرسل، هو مرسل، والثلاثة الذين سمَّاهم قد أسلموا يوم الفتح، ولعلّ هذا هو السر في نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128]، يقول، من يقرأ هذه؟ ولعل هذا هو السر.
طالب: بسم الله. ولعل هذا هو السر في نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128]، ووقع في رواية يونس، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة نحو حديث ابن عمر، لكن فيه: «اللهم العن لحيان ورعلًا وذكوان وعُصَيَّة»، ثم قال: ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128].
قلت: وهذا إن كان محفوظًا احتمل أن يكون نزول الآية تراخى عن قصة أُحد؛ لأن قصة رعل وذكوان كانت بعدها كما سيأتي، تلو هذه الغزوة، وفيه بُعد.
والصواب أنها نزلت في شأن الذين دعا عليهم بسبب قصة أُحد. والله أعلم.
ويؤيِّد ذلك ظاهر قوله في صدر الآية: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران:127] أَيْ يقتلهم، {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} [آل عمران:127] أَيْ يُخْزِيَهُمْ، ثم قال: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران:128] أَيْ يسلموا {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} [آل عمران:128] أَيْ إن ماتوا كفارًا.
خلاص. كلام العيني، وردّه على ابن حجر ردّ عليه ابن حجر في (انتقاض الاعتراض)؛ لأن العيني يتصدّى لابن حجر، ويترصّد له، وقد يتكلّف الجواب والتوجيه.
ابن حجر ردَّ عليه في مواضع كثيرة وأصاب، وهو ابن حجر أقرب إلى البخاري من العيني، وأقرب لفهم الصحيح، وألصق به، ولكن ليس بالمعصوم.
وكما أنّه تصدّى للعيني ابن حجر، وحاكم بينهما البوصيري في كتاب أسماه: (مبتكرات اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر)، والكتاب في جملته نافع، وهو لا يتعصّب، قد يؤيّد ابن حجر، وقد يؤيّد العيني، والكتاب فيه فائدة، يستفيد منه طالب العلم في مواضع النقاش، النقاش في المسائل العلمية، يتربّى عليه، ويتعلّم عليه، كما أنه يستفيد قبل ذلك من ردّ العينيّ وردّ ابن حجر عليه، فهذا من الجدل المحمود الذي يتربّى عليه طالب العلم إذا خلا من السفه، إذا خلا من السفه.
أما أن يردّ، ويقول: هذا قول فلان، ولا يساوي رجيع الكلب، هذا يربَّى عليه طالب علم؟! هذا يُنصح طالب العلم بالابتعاد عنه.
أما أن يكون النقاش والهدف والقصد بيان الحق، والردّ على المخطئ بأسلوب مناسب، بأدب علمي، فهذا مطلوب، هذا مطلوب؛ لأنه لا يَسلم من الخطأ أَحد، نقرأ يا شيخ؟ أظن تحرَّرت المسألة، وفي باقي الكلام تحرير؟
طالب: باقي كلام العيني، وردَّ ابن حجر على العيني.
فقط؛ لأنه ذكر أن فيه كلامًا للمزي، وأنه كأنه يميل إلى أنه معلَّق، ليس فيه كلام للمزي أثير في الدرس قبل الماضي؟ ما ذكر عندك.
طالب: يقول: هكذا جزم الحافظ المزي في المراسيل، فعلم عليه علامة الموصول، لا المعلَّق.
ماذا؟
طالب: فعلم عليه علامة الموصول، لا المعلق.
نعم، عكس ما قيل في الدرس الماضي، الموصول، المعلق يكتب عليه: خت، خاء تاء، البخاري تعليقًا، فإذا تضافر كلام المزي، وهو محيط بأطراف البخاري، وأيده ابن حجر، فالغالب أن الصواب معهم.
طالب: وقال الإسماعيلي: بعد أن أخرجه من حديث عبد الرزاق وعبد الله بن المبارك جميعًا عن معمر زاد البخاري: وعن حنظلة سمعت سالمًا أورده معطوفًا على حديث ابن المبارك، عن معمر، هذا كلام الإسماعيلي، وقد رواه أحمد في مسنده، والنسائي في (التفسير)، والإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر، ولم يذكروا طريق حنظلة، فإما أنها لم تقع لهم، وإما تركوها عمدًا؛ لأنها مرسَلة، وهو ظاهر صنيع البيهقي أيضًا، فإنه أخرجه من رواية ابن المبارك، عن معمر، ثم قال بعده: رواه البخاري، عن يحيى، عن عبد الله، وزاد: وعن حنظلة، فذكره، ثم ساق سنده إلى البخاري، قال: حدثنا يحيى، حدثنا عبد الله، قال: فذكره، فاقتضى أنه يرى أنه معطوف على حديث عبد الله، عن معمر، أفاد ذلك شيخنا شيخ الإسلام في (حواشي الأطراف) للمزي، ولم يتبين لي مقصوده من قوله: وبهذا جزم الحافظ المزي في المراسيل، إلا أن يكون قسم المراسيل من تحفة الأشراف، لكن لم أجد هذا الحديث فيه، وإنما أورده في ترجمة معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، وفي ترجمة ابن المبارك، وترجمة حنظلة بن أبي سفيان من (تهذيب الكمال) لم يرمز المزي لرواية الأول عن الثاني إلا برمز النسائي، فإما أن يكون غاب عن ذهنه هذا الموضع، أو أنه رأى أن رواية حنظلة معلَّقة، أو توقف فيها.
ويؤيّد ما ذهب إليه ابن حجر ورود الحديث في (كتاب الجهاد) لابن المبارك عن حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت سالم بن عبد الله، قيل له: فيمَ نزلت هذه الآية: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128]؟ فقال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
اللهم صل وسلم عليه.
طالب: يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فنزلت هذه الآية: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128]، ثم أتبعه برواية معمر، عن الزهري، قال: حدَّثني سَالِم، عَنْ أَبِيهِ أنه سمع رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-.
اللهم صل وسلم عليه.
طالب: إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الآخرة مِنَ الْفَجْرِ يقول: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِد، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128]».
وعكس البخاري، فقدَّم ذكر رواية معمر الموصولة على رواية حنظلة المرسلة، و(كتاب الجهاد) لابن المبارك مطبوع، ونسبته إلى ابن المبارك مشهورة عند العلماء، ومنهم ابن حجر، فقد عزا إليه في مواضع كثيرة من كتبه، وإن كان راويه عن ابن المبارك سعيد بن رحمة المصيصي، متكلَّم فيه، والراوي عن سعيد بن رحمة محمد بن سفيان الصفَّار لم توجد له ترجمة.
هذه مشكلة في رواية الكتب أن تشتهر نسبة الكتاب إلى مؤلِّفه أو إلى من نُسب إليه، وينقل عنه العلماء، تتضافر النقول في كتب أهل العلم عن الكتاب منسوبًا إلى من نُسب إليه، ولكن من يرويه عن صاحبه فيه كلام، كتاب (الردّ على الجهمية) للإمام أحمد تُكلِّم في رواته، مع أن شيخ الإسلام نقل عنه في أكثر من مائة موضع، هل يكفي هذا النقل مع ضعف من رواه عن الإمام أحمد؟
والحافظ الذهبي –رحمة الله عليه- نفى نسبة كثير من الكتب إلى مؤلِّفيها بهذا السبب أن رواتها مضعَّفون، فلا يثبت الكتاب عنده برواية راو ضعيف، وبعضهم يرى أنه إذا استفاض واشتهر بين أهل العلم أنه لفلان، أنه لفلان، ونقلوا عنه منسوبًا إليه أن هذا مثل: استفاضة الأنساب، يُكتفى فيها بالاستفاضة، ولا يلزم من ذلك أن يكون الناقل عنه ثقة، وكثير من الكتب عند التحرير والتحقيق ما، الرواة عن عن، والمقصود بالرواة من يروي الكتاب عن صاحبه، عن مؤلفه، الكتاب لا بد أن يُروى عن صاحبه، ليس مثل مؤلِّفات المتأخرين ما فيها رواة، يكتب بقلمه، ويسلِّمه المطبعة، هذا بينهم ألوف، لازم يصير فيه رواة.
وعلى كل حال، الحمد لله، أصول الإسلام يضطر إليها المسلمون لا شك، ولا ريب في ثبوتها عن أصحابها، ما يختلف فيه، ما يختلف في نسبته إلى صاحبه تجد الحاجة إليه ليست ضرورية، والحمد لله.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: "قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:130-136].
يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ تَعَاطِي الربا وأكله أضعافًا مضاعفة".
اللهم صل وسلم على محمد.
"كما كانوا يقولون في الجاهلية إذا حلّ أجل الدَّيْنُ: إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ. فَإِنْ قَضَاهُ، وَإِلَّا زَادَهُ فِي الْمُدَّةِ، وَزَادَهُ الْآخَرُ فِي الْقَدْرِ، وَهَكَذَا كُلُّ عَامٍ، فَرُبَّمَا تَضَاعَفَ الْقَلِيلُ حَتَّى يَصِيرَ كَثِيرًا مُضَاعَفًا، وَأَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالتَّقْوَى؛ لَعَلَّهُمْ يُفْلِحُونَ".
والآية عند عامة أهل العلم لا مفهوم لها.
طالب: .............
نعم؟
طالب: ...
خرجت على الصورة الموجودة في وقتها، الصورة الموجودة هكذا: يقول الدائن للمدين: "إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ ترْبِيَ"، ثم في السنة الثانية كذلك، وفي الثالثة كذلك، فيتضاعف الربا أضعافًا مضاعفة، فخرج على الواقع، وأما المفهوم الذي يُفهم منه جواز ما دون ذلك من أنه إذا كان الربا ضعفًا واحدًا، ولم يكن أضعافًا مضاعفة ما يدخل في النهي، هذا غير مراد بإجماع أهل العلم. نعم.
"وَأَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالتَّقْوَى؛ لَعَلَّهُمْ يُفْلِحُونَ فِي الْأُولَى وَالْأُخْرَى، ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ بِالنَّارِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْهَا، فَقَالَ تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:131، 132]، ثُمَّ نَدَبَهُمْ إِلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، وَالْمُسَارِعَةِ إِلَى نَيْلِ الْقُرُبَاتِ، فقال تَعَالَى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133] أَيْ كَمَا أُعِدَّتِ النَّارُ لِلْكَافِرِينَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} [آل عمران:133] تَنْبِيه عَلَى اتِّسَاعِ طُولِهَا".
فإذا كان هذا العرض، والمعروف عند الناس كلهم أن الطول أعظم من العرض وأطول، فماذا عن الطول؟ وأوردوا، أورد اليهود إشكالًا في الآية، قالوا: إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض، فأين النار؟ يعني ما فيه نار، المساحة استوعبتها الجنة، فما فيه نار، فأين النار؟ والجواب أنه إذا جاء الليل، فأين النهار؟ ....
"كَمَا قَالَ فِي صِفَةِ فَرْشِ الْجَنَّةِ: {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن:54] أَيْ فَمَا ظَنُّكَ بِالظَّهَائِرِ؟ وَقِيلَ: بَلْ عَرْضُهَا كَطُولِهَا؛ لِأَنَّهَا قُبَّةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَالشَّيْءُ الْمُقَبَّبُ وَالْمُسْتَدِيرُ عَرْضُهُ كَطُولِهِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ، وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَسَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَن».
وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الحديد:21] الآية.
وَقَدْ رُوِّينَا فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «أَنَّ هِرَقْلَ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: إنك دعوتني إلى جنة عرضها السماوات وَالْأَرْضُ، فَأَيْنَ النَّارُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! فَأَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ؟».
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قال: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابن خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَال: «لَقِيتُ التَّنُوخِيَّ رَسُولَ هِرَقْلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»".
اللهم صل وسلم عليه.
"«بِحِمْصَ شَيْخًا كبيرًا قد فُنِّد، فقال: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابِ هِرَقْلَ»".
اللهم صل وسلم عليه.
"«فَنَاوَلَ الصَّحِيفَةَ رَجُلًا عَنْ يَسَارِهِ، قَال: قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُكُمُ الَّذِي يَقْرَأُ؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ. فَإِذَا كِتَابُ صَاحِبِي: إِنَّكَ كَتَبْتُ تدعوني إلى جنة عرضها السموات وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَال: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! فَأَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ؟»، وَقَالَ الْأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ سَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ جنة عرضها السماوات والأرض، فأين النار؟ فقال لهم عمر: أرأيتم إذا جاء النهار أين الليل؟ وإذا جاء الليل أين النهار؟ فَقَالُوا لَقَدْ نَزَعْتَ مِثْلَهَا مِنَ التَّوْرَاةِ. رَوَاهُ ابن جرير من ثلاثة طرق، ثُمَّ قَال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ برْقَانَ، قال: أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الكتاب قال: يقولون: جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ، فَأَيْنَ النَّارُ؟ فَقَالَ ابن عباس رضي الله عنه: أَيْنَ يَكُونُ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ؟ وَأَيْنَ يَكُونُ النَّهَارُ إِذَا جَاءَ اللَّيْل؟
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا، فَقَالَ الْبَزَّار: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»".
اللهم صل وسلم عليه.
"«فَقَال: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} [آل عمران:133]. فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَال: أَرَأَيْتَ اللَّيْلَ إِذَا جَاءَ لَبِسَ كُلَّ شَيْءٍ، فَأَيْنَ النَّهَارُ؟ قَالَ: حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: وَكَذِلَكَ النَّارُ تَكُونُ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-».
وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عدم مشاهدتنا الليل إذا جاء النهار أن لا يَكُونَ فِي مَكَانٍ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُهُ، وَكَذَلِكَ النَّارُ تَكُونُ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَهَذَا أَظْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الْبَزَّار.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى".
وهذا هو المتعيَّن أن الإنسان إذا سُئل عن شيء ثبت عن الله وعن رسوله، ولا يعرف له معنى أن يقول: الله أعلم، حيث يشاء الله، الله أعلم.
وقد قال أهل العلم: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولا يزيد على ذلك من تخرُّصات وظنون، أو يجزم بما لا يعرف، وهذا أشد، فإن أتى بحرف الترجِّي: لعل المراد كذا، لعل المراد كذا سلم من العهدة، وإن كان التسليم أفضل، وأولى بالمسلِم، وهو معنى الاستسلام، أما الذي يجزم بشيء لا يعرفه خشية أن يقال: عجز، وهذا كثيرًا ما يقع فيه طلاب العلم، وهذه كارثة، وإلا إذا جاء بحرف الترجّي: لعل المراد كذا، لعل المراد كذا فعسى أن يسلم؛ لأن الصحابة –رضوان الله عليهم- لما ذكر النبي –عليه الصلاة والسلام- السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قالوا: لعلهم كذا، لعلهم الذين وُلدوا في الإسلام، لعلهم، لعلهم، وخرج عليهم النبي– صلى الله عليه وسلم-، ولم يثرِّب عليهم، فإذا جيء بحرف الترجّي لا سيما إذا كان بين طلاب علم يميِّزون بين الألفاظ، ويفرِّقون بينها، أما العامة إذا قلت: لعل أو ما قلت، كله واحد، يسمعون كلمة طاروا بها.
"الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ النَّهَارَ إِذَا تَغَشَّى وَجْهَ الْعَالَمِ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ؛ فَإِنَّ اللَّيْلَ يَكُونُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَكَذَلِكَ الْجَنَّةُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فوق السماوات تَحْتَ الْعَرْشِ، وَعَرْضُهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الحديد:21] وَالنَّارُ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِهَا كَعَرْضِ السماوات وَالْأَرْضِ وَبَيْنَ وُجُودِ النَّارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى صَفَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} [آل عمران:134] أَيْ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، كَمَا قَالَ: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} [البقرة:274] وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَشْغَلُهُمْ أَمْرٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِنْفَاقِ فِي مَرَاضِيهِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِهِ مِنْ قَرَابَاتِهِمْ وغيرهم بأنواع البِر.
وقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:134] أَيْ إِذَا ثَارَ بِهِمُ".
المسلمون في مجال الإنفاق مراتب كغيرها من أنواع البِر، منهم من تجود نفسه بجميع ماله، ولديه صبر واحتساب، وعدم تشكِّي وتعرُّض للسؤال، مثل هذا كما صنع أبو بكر لا شك أنه أكمل في مثل هذه الحالة.
ومنهم من تجود نفسه بأكثر مما وجب عليه كما صنع عمر، حيث تصدَّق بنصف ماله، ومنهم من يقتصر على الواجب، وهذا سالم إن شاء الله، ومنهم من يبخل بالواجب، نسأل الله العافية، وجاء الوعيد الشديد على من بخل بما أوجب الله عليه.
في حديث سعد لما مرض، وأراد أن يتصدق بجميع ماله قال: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»، فتدرج معه فيما يتصدق به، فقال: «الثلث، والثلث كثير».
عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- لم يترك شيئًا لمن خلفه، بل أخذ من زوجته وأولاده وقراباته ما يملكون، مع صحة توكُّله ويقينه، إلا أن ما جاء عن الرسول –عليه الصلاة والسلام-، وترك شيئًا للورثة يغنيهم عن الناس أفضل من أن يتصدق بجميع ماله إذا دنت وفاته، ويترك ورثته بدون مال، والمسألة كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:4]، بعض الناس تجود نفسه بالأموال الطائلة ونفسه منشرحة وهو يضحك، وبعضهم إذا طولب بأدنى القليل من الواجب تردَّد وتلكَّأ، وفي النهاية لا شيء، نسأل الله العافية، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9]، الشحُّ أهلك من كان قبلنا، تقاتلوا وتناحروا وتقاطعوا بسببه. والله المستعان.
"وقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:134] أَيْ إِذَا ثَارَ بِهِمُ الْغَيْظُ كَظَمُوهُ بِمَعْنَى كَتَمُوهُ فَلَمْ يعْملُوهُ، وَعَفَوْا مَعَ ذَلِكَ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ. وَقَدْ وَرَدَ".
نعم؟
"وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ".
...
طالب: ...
أين كتابك؟ ...
طالب: ...
ماذا؟
طالب: ...
الله يعينك. نعم.
"وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ: يَقُولُ اللَّهُ تعالى: «يا ابْنَ آدَمَ، اذْكُرْنِي إِذَا غَضِبْتَ أَذْكُرُكَ إِذَا غَضِبْتُ، فَلَا أُهْلِكُكَ فِيمَنْ أُهْلِك»، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِه: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن شعيب الضرير أبو الفضل، قال: حدثني الربيع بن سليمان النميري، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ".
طالب: أحسن الله إليك، عندي "الجيزي".
ماذا؟
طالب: "سليمان الجيزي".
"الجيزي".
طالب: نعم، بالزاي، الجيزة ......... في مصر.
يقول ذاك: فغض الطرف إنك من نمير... الجيزي هذا صاحب الشافعي.
طالب: هو قال: النميري.
هو قال: النميري عندنا، موجودة، لكن هل هو الجيزي؟
طالب: .... أنه الجيزي.
وهذا يقول: الخميري، فيه خاء، الخميري، والصواب عندك؟
طالب: الجيزي.
الجيزي من أي طبقة؟
طالب: طيبة.
ماذا؟
طالب: ... يقول: طيبة.
طبقة.
طالب: نعم، طبقة، ...
هذا صار من تلاميذ الشافعي، الشافعي من أي طبقة؟ من العاشرة أو الحادية عشرة؟
طالب: ...
لا تذكر؟
طالب: .............
لا لا، متأخر، مائتين وأربعة متأخر.
طالب: ...
مائتين وأربعة، متأخر.
طالب: ......
من إيش؟
طالب: من السابعة.
من السابعة، لكن الشافعي بعده، الشافعي بعده، على كل حال ما أظنه الجيزي الذي أخذ عن الشافعي؛ لأن هذا متأخر، عن أبي عمرو، عن أنس، يمكن من الخامسة أو السادسة.
طالب: ... الجرح والتعديل.
أنتم من أخذتموه؟ نسخك؟
طالب: .............
من الذي قال: أخذه من الجرح والتعديل؟ فتحوا الربيع بن سليمان، ووجدوا الجيزي، قالوا: هو. أكثر من واحد الربيع بن سليمان.
طالب: ............
لكن مارش من الأفراد، ما معنى من الأفراد؟ ما سميه إلا أنت؛ لأنهم يذكرون في كتب التراجم، تراجم الرواة: الأفراد من الحرف، هذا الحرف، هذا الاسم ما سُمي به إلا فلان فقط، عندكم من جماعتكم مارش غيرك؟
طالب: .............
ما معنى مارش؟
طالب: جبل، جبل كبير.
ماذا؟
طالب: جبل كبير، جبل.
يا أبا عبد الله، علمه.
طالب: مارش.
المارش.
طالب: ...
يعني بسرعة.
طالب: ...
ماذا؟
طالب: ...
لا، هذا متقدم على ربيع الجيزي، حرره لنا يا أبا عبد الله.
طالب: ...
تبحثه؟
طالب: إن شاء الله.
إن شاء الله.
نعم، يا شيخ.
"عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ، وَمَنْ خَزَنَ لِسَانَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنِ اعْتَذَرَ إِلَى اللَّهِ قَبِلَ الله عذره» وهذا حديث غريب، وفي إسناده نظر.
وقد َقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» وَقَدْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ مالك.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وهو ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
اللهم صل وسلم عليه.
"«أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِه؟ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ. قَالَ: اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا مال وارثه أحب إليه من ماله، ما لك من مالك إلا ما قدمت، وما لوارثك مَا أَخَّرْت».
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما تعدون الصرعة فيكم؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرجال. قَالَ: لَا، وَلَكِنِ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم-".
اللهم صل وسلم عليه.
"«ما تعدون فيكم الرقوب؟ قُلْنَا: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الرَّقُوبَ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا» أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ مِنْهُ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بن عبد الله الجعفي يحدِّث عن أبي حصبة أو ابن حصبة، عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم- يخطب، فقال: «تدرون ما الرقوب؟ قلنا: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. قَالَ: الرَّقُوبُ كُلُّ الرَّقُوبِ الَّذِي لَهُ وَلَدٌ فَمَاتَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مِنْهُمْ شَيْئًا. قَالَ: تَدْرُونَ»".
"«فمات»" هو، ما هو بالولد. مات ولم يقدم من ولده شيئًا.
طالب: هو الولد؟
هو الرقوب، قال: "«الَّذِي لَهُ وَلَدٌ فَمَاتَ»"..
طالب: .............
....... الأب.
طالب: ماشي.
الذي عنده أولاد، ومات قبلهم.
«ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم. قالوا: واثنان يا رسول الله؟ قال: واثنان».
طالب:......
ماذا؟
طالب: ...
مع الصرعة، جاء مع الصرعة، الرقوب جاء في الحديث الذي فيه: "«مَا الصُّرَعَةُ؟»".
"«قَالَ: تَدْرُونَ مَا الصُّعْلُوكُ؟ قَالُوا: الذي ليس له مال، فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصُّعْلُوكُ كُلُّ الصُّعْلُوكِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فَمَاتَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الصُّرَعَةُ؟ قَالُوا: الصَّرِيعُ. قَالَ: فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصُّرَعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ الَّذِي يَغْضَبُ فَيَشْتَدُّ غَضَبُهُ، وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، وَيَقْشَعِرُّ شَعْرُهُ، فَيَصْرَعُ غَضَبَهُ»".
يعني يتغلب عليه، والصريع فَعِيل بمعنى فَاعِل، صَارِع يعني يصرع غيره، هذا في عرفهم، والحقيقة الشرعية قد تأتي بما يخالف الحقيقة العُرفية، وقد تخالف حقيقة شرعية أخرى، وقد جاء في الحديث: «أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع»، جواب صحيح أم ما هو بصحيح؟
طالب: جواب صحيح.
نعم؟
طالب: ..........
لو حقيقة شرعية، في باب الحجر والتفليس، ماذا يصير؟
طالب: ...
لا، المقصود أن الحقائق الثلاث معروفة عند أهل العلم، والمفلس له حقيقتان شرعيتان، لكن في الموضع الذي يريده النبي –عليه الصلاة والسلام- «المفلس من يأتي بأعمال»، وفي رواية: «أمثال الجبال» ولو كانت أرصدته في البنوك كبيرة، ولو عُدَّ من الأغنياء، لكنه في المجالس يصلي ويصوم، ويُنفق في سبيل الله، لكنه يأتي وقد سفك دم هذا، وضرب هذا، ووقع في عِرض هذا، فعل، فعل، فعل، إلى أن يأتي ليس عنده حسنات، «يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، يأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته»، أعمال أمثال الجبال، أرصدة كبيرة، لكنه ترك باب الخزنة مفتوح لمن يريد أن يأخذ، والإشكال أنه هو الذي وزَّع، والغالب أنه لا يوزِّع على أحبابه، على من يحب، من يتقاسمونه الذي نيبغضهم.
طالب: أشد غبنًا.
ماذا؟
طالب: أشد غبنًا.
أشد غبنًا، نسأل الله العافية.
"حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا هشام بن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ: حارثة بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِيُّ".
أو جارية؟
جارية؟
طالب: أحسن الله عملك.
نعم، في خاء حارثة.
"يُقَالُ لَهُ: جارية بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِيُّ «أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي قَوْلًا يَنْفَعُنِي، وَأَقْلِلْ عَلَيَّ؛ لَعَلِّي أَعِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: لَا تَغْضَبْ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ حَتَّى أَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا تَغْضَب» وهكذا رَوَاهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَحطانِ".
"القطان".
طالب: أحسن الله عملك.
مثل هذا يصحَّف؟
طالب: أنا متعمد لأجل تصحيحه، الله يحفظك.
لا لا.
"عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطان، عَنْ هِشَامٍ بِهِ، «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رسول الله، قل لي قولًا وأقلل عليّ؛ لعلي أعقله. فقال: لَا تَغْضَب» الْحَدِيثُ، انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ.
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. قَالَ: لَا تَغْضَبْ. قَالَ الرجل: ففكرت حِينَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَالَ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ»، انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَد.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ".
«الحلم بالتحلم»، «الحلم بالتحلم»، إذا ذهب المريض إلى المعالج، وقال له: علاجك ترك الغضب، لا سيما إذا كان مرضه بالضغط، عتب عليه المريض، قال: ليس بيدي، لا تغضب، هذا ليس بيدي، أعطني علاجًا أملكه، ولكن كما جاء: «الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم».
املك نفسك، واقهر غضبك، واصرع غضبك كما جاء في الحديث، اغلبه. والله المستعان.
"حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هند، عن أبي حرب بن أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «كَانَ يَسْقِي عَلَى حَوْضٍ لَهُ، فَجَاءَ قوم فقالوا: أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَيَحْتَسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ؟ فَقَالَ رَجُل: أَنَا. فَجَاءَ الرَّجُلُ، فأورد عليه الحوض فذقه، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ قَائِمًا، فَجَلَسَ ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، لِمَ جَلَسْتَ ثُمَّ اضْطَجَعْتَ؟ فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَنَا: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِع» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي حَرْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَالصَّحِيحُ: أَبو حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ.
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ".
طالب: .........
ماذا؟
طالب: ...
ما المعنى؟
معنى الحديث: "«أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَيَحْتَسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ؟ فَجَاءَ الرَّجُلُ فأورد عليه»" يعني أورد على أبي ذر، يعني أورد إبله أو غنمه على أبي ذر، ونازعه في بئره، هذا الذي جعل أبا ذر يغضب، ولكنه يعالج هذا الغضب، وله من الأجر مبلغ أو شيء من هذا وإن لم يكن حقيقيًّا عدد شعر رأسه، لكن العبرة بأبي ذر الذي ملك نفسه عند الغضب.
طالب: "«وَيَحْتَسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ؟»".
نعم، لعله يمكن أن يعرِّض نفسه للأذى من أبي ذر، فيسقط من شعره شيء، أو أن له من الأجر مبلغًا كبيرًا لا يُراد حقيقته أنه عدد شعرات الرأس، الله أعلم.
"حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فكلمه بكلام أغضبه، فلما أن غضب قَامَ ثُمَّ عَادَ إِلَيْنَا وَقَدْ تَوَضَّأَ، فَقَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ السَّعْدِيُّ -وَقَدْ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
اللهم صل وسلم عليه.
"«إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأ» وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الصنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ الْقَاصِّ الْمُرَادِيِّ الصَّنْعَانِيِّ، قَالَ أَبُو دَاوُد: أُرَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بحيرٍ.
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قال: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ جَعْوَنَةَ السُّلَمِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزنٌ بِرَبْوَةٍ -ثَلَاثًا-، أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَة»".
نعم، الجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات.
طالب: ..............
نعم، ماذا فيه؟
طالب: .............
نعم.
طالب: سهل على النفس.
ماذا؟
طالب: سهل على النفس.
عمل الجنة صعب؛ لأنها حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات، سهل، المعاصي سهلة على النفوس.
"«وَالسَّعِيدُ مَنْ وُقِيَ الْفِتَنَ، وَمَا مِنْ جرْعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ جرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا عَبْدٌ، مَا كَظَمَهَا عَبْدٌ لِلَّهِ إِلَّا مَلَأَ»".
"«عَبْدٌ لِلَّهِ»".
أحسن الله عملك.
"«مَا كَظَمَهَا عَبْدٌ لِلَّهِ إِلَّا مَلَأَ الله جَوْفَهُ إِيمَانًا» انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ، وإسناده حَسَنٌ لَيْسَ فِيهِ مَجْرُوحٌ، وَمَتْنُهُ حَسَنٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ فِي مَعْنَاهُ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ".
طالب: مُكْرِم؟
"مُكْرَم".
"ابْنُ مُكْرَمٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ".
العمي، "عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ"، هاه؟
طالب: العمي؟
العمي، نعم.
"حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ، عَنْ بِشْرٍ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
اللهم صل وسلم عليه.
"عَنْ أَبِيهِ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ مَلَأَهُ اللَّهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا، وَمَنْ تَرَكَ لبس ثوب جمال وهو يقدر عَلَيْهِ- قَالَ بِشْرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: تَوَاضُعًا- كَسَاهُ الله حُلَّة الكرامة، ومن زوج لِلَّهِ كَسَاهُ اللَّهُ تَاجَ الْمُلْكِ».
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ".
الحديث هذا مضعَّف.
طالب: جهالة التابعي.
نعم، "عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَولاد أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، مبهَم، لا يدرَى من هو.
"حَدِيثٌ آخَر: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيد، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رسول الله قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ الْحُورِ شَاء» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ عَبْدُ الرزاق: أنبأنا داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الْجَلِيلِ، عَنْ عَمٍّ لَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران:134] أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِنْفَاذِهِ مِلْأَهُ اللَّهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا» روَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
حَدِيثٌ آخَر: قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد، قال: أنبأنا يحيى بن أبي طالب، قال: أنبأنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عن الحسن، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-".
اللهم صل وسلم عليه.
"«مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ مِنْ جُرْعَةٍ أَفْضَلَ أَجْرًا مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّه» وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ بن عبيد به.
فقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران:134] أَيْ لَا يعْملُونَ غَضَبَهُمْ فِي النَّاسِ، بَلْ يَكُفُّونَ عَنْهُمْ شَرَّهُمْ، وَيَحْتَسِبُونَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".
الله أكبر.
"ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:134] أَيْ مَعَ كَفِّ الشَّرِّ يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَلَا يَبْقَى فِي أَنْفُسِهِمْ مَوْجِدَة عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134]، فَهَذَا مِنْ مَقَامَاتِ الْإِحْسَانِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ: مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّه».
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مستدركه من حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُشْرَفَ لَهُ الْبُنْيَانُ وَتُرْفَعَ لَهُ الدرجات فليعف عمن ظلمه، ويعط مَنْ حَرَمَهُ، وَيَصِلْ مَنْ قَطَعَه»، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخرجَاهُ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَكَعْبِ بن عجرة وأبي هريرة وأم سلمة -رضي الله عنهم- بِنَحْوِ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ يَقُولُ: أَيْنَ الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ؟ هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ، وَخُذُوا أُجُورَكُمْ، وَحق عَلَى كُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِذَا عَفَا أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّة».
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ} [آل عمران:135]".
يكفي، يكفي، يقول: ضعيف؛ لضعف أبي أمية بن يعلى الثقفي، يقول: ضعيف؛ لضعف أبي أمية بن يعلى الثقفي، آخر حديث، طيب، أين هو؟
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ...
فيه أبو يعلى؟ أبو أمية؟
طالب: ...
نعم.
طالب: ...
أنتم عندكم المضعَّف؟ السند؟ اقرأ السند الذي عندك. "وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مستدركه".
طالب: ...
أين أبو أمية؟ عندك بالسند؟
طالب: ........
السند، سند الحاكم.
طالب: "مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ الْقُرَشِيِّ".
فيه أبو أمية؟
طالب: لا، ما فيه.
ما فيه...
طالب: ..............
طالب: مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ هو أبو أمية يقول.
نعم.
طالب: تعقبه الذهبي؛ لأن الراوي عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ هو أبو أمية بن يعلى الثقفي.
نعم، يعني بعد موسى بن عقبة.
طالب: نعم.
نعم.
طالب: ...........
ماذا؟
طالب: قبل، قبل موسى بن عقبة، الراوي عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، الراوي عن مُوسَى هو أبو أمية.
نعم، لكن يضعف برجل لم يذكر في السند؟
طالب: لعل المذكور في الحاكم.
في الحاكم مذكور، لكن عندنا، للذي يدرس أحاديث ابن كثير، إسناده ضعيف؛ لضعف أبي أمية بن يعلى الثقفي، لا بد أن نقول: الراوي.
طالب: عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.
طالب: ......
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
يا الله التوبة، يا الله حسن الخاتمة، يا الله المسامحة.