أهل السنة والجماعة لا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، والتحريفُ: إمالةُ الكلامِ عَنِ المَعْنَى المُتَبَادِرِ مِنْهُ إِلى مَعْنًى آخَرَ لا يَدُلُّ عليهِ اللفْظُ ولا دليلَ على إرادته، لكنْ لَوْ دَلَّ الدليلُ على إرادةِ هذا الاحتمالِ المرجوحِ، صحَّ صرفُ اللَّفظِ إليه، ويُسَمَّى تأويلًا، ومِنْهُ المقبولُ والمردود، أما المقبول:
- فيُطْلِقُهُ أهلُ العلمِ ويُريدُونَ بِهِ ما يُرَادِفُ التفسيرَ، وكثيرًا ما يَقُولُ إمامُ المفسرينَ ابنُ جريرٍ الطبريُّ –رحمه الله-: (القَوْلُ فِي تأويلِ قولِ اللهِ) ويُرِيدُ بِذلكَ التفسيرَ.
- ويُطْلَقُ التأويلُ على مَا يَؤُولُ إليهِ الأَمْرُ ويرجع.
- ويُطْلَقُ أيضًا على تَحَقُّقِ الوعدِ أَوِ الخَبَر، كما في قوله تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: 100].
وأما المردود فهو التحريف، فالتأويلُ لَهُ مُسْتَنَدٌ ومُرَجِّحٌ، وإذا خلَا عَنْ هذا المُرَجِّحِ فهو تحريفٌ، فصار مردودًا.
فأهلُ البدعِ يُسَمُّونَ تحريفَهم تأويلًا حين يصرِفون اللفظَ عن معناه الراجحِ إلى معناه المرجوحِ من غيرِ دليلٍ ولا قرينةٍ؛ فَإِذا جَاءَ عَنِ اللهِ وَصْفٌ مِنْ الأوصافِ كاليَدِ مَثلًا، وجاءَ في لغةِ العربِ إطلاقُها على النِّعْمَةِ، قالوا: اليَدُ الحقيقيةُ احتمالٌ راجحٌ، والنعمةُ احتمالٌ مرجوحٌ، فَنَحْنُ نَعْمِدُ إِلى الاحتمالِ المرجوحِ، وهَذا هو التأويلُ. ونحن نَقُولُ: لابد أن يكونَ عِنْدَكُمْ دليلٌ يَقْتَضِي ترجيحَ وإرادةَ هذا الاحتمالِ المرجوحِ مِنْ كتابٍ أو سنةٍ لكي يكونَ تأويلًا مقبولًا، وإلا فهو تحريفٌ. والله أعلم.