نشَأَتْ عندَ بعض المبتدعة شبهةٌ وهي: أنَّ التَّشبيهَ من لوازمِ الإثباتِ، معَ أنَّ نفيَ التَّشبيهِ وتنزيهَ اللهِ -جل وعلا- ثبت بالكِتابِ والسنَّةِ، وإثْبَاتُ الصفاتِ كذلك ثَبَتت بالكِتابِ والسنَّةِ، فلا يُضرب هذا بهذا؛ لأن الجمع بينهما ممكن، وهو ما وفَّقَ اللهُ أهلَ السنِّةِ له، فاللهُ -جلَّ وعلا- يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، ففي الجمع بين قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، معَ إثباتِ السَّمعِ والبصرِ دليلٌ على أنَّ إثباتَ السَّمعِ والبصَرِ لا يَقتضي التَّمثيلَ ولا التَّشبيهَ؛ لأنَّ اللهَ جمعَ بينهما في آيةٍ واحدةٍ. وإذا أثبَتنا الوجهَ للهِ، فلا يعني ذلك أنَّنا نُثبِتُ له وجهًا يُشبِهُ وجهَ المخلوقِ بحالٍ منَ الأحوالِ. وقد مرَّ هؤلاء المعطلةِ بقَنْطَرَةِ التَّشبيهِ وَرَأَوا -على حدِّ زعمهم- أنَّ إثبات الصفات لله يقتَضي التَّشبيهَ، وتَوصّلُوا بذلكَ إلى أنْ يُعطِّلوا اللهَ عمَّا أثبَتَه لنفسِه وأثبَتَه له رسولُه -ﷺ- من الصِّفاتِ، والإلزامُ ليسَ بلازمٍ، واللهُ -جلَّ وعلا- لا يُشبِهُهُ شيءٌ من خَلقِه. فكما أنَّ ذاتَه -جلَّ وعلا- لا تُشبِهُ الذَّواتِ فكذلكَ صفاتُه لا تُشبِهُ الصِّفاتِ.