شرح كتاب التوحيد - 26
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله، روى مالكٌ في الموطأ أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد {أفرأيتم اللات والعزى} قال: كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس –رضي الله عنهما-: كان يلت السويق للحاج، وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج. رواه أهل السنن.
فيه مسائل:
الأولى / تفسير الأوثان.
الثانية / تفسير العبادة.
الثالثة / أنه –صلى الله عليه وسلم- لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعُه.
وقوعَه.
الثالثة / أنه –صلى الله عليه وسلم- لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعَه.
الرابعة / قرنه بهذا اتخاذ قبور الأنبياء مساجد.
الخامسة / ذكر شدة الغضب من الله.
السادسة / وهي من أهمها: معرفة صفة عبادة اللات التي هي أكبر الأوثان.
السابعة / معرفة أنه قبر رجل صالح.
الثامنة / معرفة أنه اسم صاحب القبر وذكر معنى التسمية.
التاسعة / لعنه زوَّارات القبور.
العاشرة / لعنه من أسرجها."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد، فيقول المصنف الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله-: "باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين" الغلو: هو الزيادة في المدح أو الذم، والمراد به هنا المدح والإطراء والمبالغة ورفع الإنسان فوق قدره الذي يستحقه شرعًا، "في قبور الصالحين" الغلو فيها والتعبد عندها كما تقدم في الباب السابق، "يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله"؛ لأن العبادة عندها كما تقدم في الباب السابق وسيلة إلى عبادتها، وبالتدريج واتباع خطوات الشيطان شيئًا فشيئًا إلى أن يصل الحد أن تعبد من دون الله، لا شك أن الوسائل قد توصل إلى الغايات، والمعاصي توصل إلى الشرك، فهنا يقول المؤلف: "باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها" يعني مع الوقت، ومع انقراض الجيل الذي يعرف أن هذه لا تستحق العبادة ثم بعد ذلك ينسى العلم ويندرِس فتعبد من دون الله كما حصل لقوم نوح. "أوثانًا" كل ما يعبد يقال له وثن سواء كان على صورة أو حجر أو خشب أو قبر أو ما أشبه ذلك، كله ذلك يقال له وثن أو أثان، فالوثن: ما يعبد من دون الله. "روى الإمام مالك في الموطأ" الإمام مالك إمام دار الهجرة، مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، مولود سنة ثلاث وتسعين، ومات سنة تسع وسبعين ومائة، إمام دار الهجرة وإمام آل أهل السنة ونجم السنن، الذي لا يسأل عن مثله، ولذا يقول الحافظ العراقي- رحمه الله-:
وَصَحِّحُوا اسْتِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ عَنْ تَـــزكِــيَـــــةِ كَــــــمَـــالــــِـــكٍ نَــــجْـــمِ السُّــــــنَـــنْ
وأصح الأسانيد عند الإمام البخاري: مالك عن نافع عن ابن عمر. "روى مالك في الموطأ" الموطأ: كتاب صنفه الإمام مالك، وروي عنه بروايات متعددة، كل رواية تمتاز بمزايا وفوائد عن غيرها، ومن أوفاها رواية أبي مصعب الزهري، وكل رواية تصطبغ بشيء مما عليه راويها كرواية محمد بن الحسن التي فيها بعض المسائل التي خالف فيها ما قال الإمام مالك، وهو موطأ للإمام مالك ينسب له، ومع ذلك أودع فيه الإمام محمد بن الحسن الراوي عن مالك اختيارات تختلف عما اختاره الإمام مالك، وينبغي ويجدر التنبيه على أن هؤلاء الرواة يذكرون في هذه الروايات، حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك، وقل مثل هذا في جميع الروايات تذكر أسماؤهم في الرواية، والكتاب يبقى للإمام مالك، وبعضهم يستغرب ويستنكر وجود مثل هذا الأسلوب، وقد حصل بالفعل من أنكر أن تكون الأم للإمام الشافعي؛ لأن فيها قال الربيع: قال الشافعي، فالمؤلف الربيع وقد يتكايس بعضهم فيقول: من دون الربيع، لكن صُنف في الموضوع كتاب أسماه مؤلفه وليس له أدنى نظر في هذا العلم وليس في العير ولا في النفير، وليس من أهل العلم أصلاً، وإنما من الأدباء الذين قد يلاحظ على سلوكهم بعض الشيء قال: إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي، أجل المسند ليس للإمام أحمد، حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي، وقل مثل هذا في جميع المؤلفات، المصنفات في الصدر الأول في عهد القرون المفضلة الثلاثة كلها على هذه الطريقة، فننكر جميع هذه المصنفات من أجل أن الراوي ذكر اسمه في المصنف قبل مؤلفه؟! هذه طريقتهم وهذا ديدنهم.
الإمام مالك رحمه الله صنف الموطأ، وروي عنه بروايات متعددة، وفي كل رواية زيادات أو نقص عن غيرها، وقل مثل هذا في البخاري، رواه عنه تسعون ألفًا من الروايات المشهورة المتداولة من الزيادة والنقص ما فيها، وبعض رواتها أوثق من بعض وأضبط وأتقن، فأضبط الروايات عند الإمام الحافظ ابن حجر رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة، وقال أبو الهيثم الكشميهني ليس من الحفاظ، حصل تنبيهات على الرواة، ورواية حماد بن شاكر تنقص عن غيرها بثلاث مائة حديث، كل هذه لا تعني أن صحيح البخاري محل تصرف وزيادة ونقص، كل هذا الكلام ليس بصحيح، أوفاها كله محفوظ بالسند الصحيح عن الإمام البخاري، وأدناها النقص يعتري الإنسان؛ لأنهم يروون من حفظهم عن الإمام البخاري، فبعضهم يسقط بعض الأحاديث، وبعضهم يفوته رواية بعض الأحاديث.
على كل حال السنة محفوظة، ولله الحمد، بحفظ الله لكتابه ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [سورة الحجر:9]، وإذا وجد من الأحاديث المكذوبة أو الموضوعة تعيش لها الجهابذة كما قال أهل العلم، لابد أن يبين وضعها وكذبها. "روى مالك في الموطأ أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-" رواه الإمام مالك عن عطاء مرسلاً، والإمام مالك يحتج بالمراسيل، ووصله ابن عبد البر عن عطاءٍ عن أبي سعيد، يقول الحافظ العراقي:
وَاحْتَجَّ مَالِكٌ كَذَا النُّعْمَانُ به.....
يعني بالمراسيل أو بالمرسل
وَتَابِعُوُهُمَا وَدَانُو
ثم قال:
وَرَدَّ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ لِلْجَهْلِ بالساقط في الإسْنِادِ
المقصود أن الإمام مالك يحتج بالمراسيل، ولذلك لا يهمه أن يكون حديثًا موصولًا أو مرسلًا،
والحافظ ابن عبد البر- رحمة الله عليه- وصل جميع هذه الأحاديث سوى أربعة وصلها في التمهيد سوى أربعة أحاديث، والأربعة وصلها ابن الصلاح، فجميع ما في الموطأ موصول.
"روى مالكٌ في الموطأ أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد»" قبره -عليه الصلاة والسلام- هذا الدعاء قبل أن يموت، وقبل أن يوجد القبر، ولا شك أن هذا من احتياطه وحرصه على حماية جناب التوحيد وحرصه على أمته؛ لئلا تقع فيما وقعت فيه الأمم السابقة الذين لعنهم الله «لعنة الله اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فدعا ربه أن لا يجعل قبره وثنًا يعبد، فهل أجيبت هذه الدعوة أو لم تجب؟ يقول ابن القيم: إن الله أحاطه بثلاثة الجدرانِ من جهة الشمال المقابلة لجهة القبلة، جعل القبر مثلثًا، أحاطه بثلاثة جدران حرفت على ثلاثة جهات بحيث لو استقبل ما تم استقبال القبر هذا رأي ابن القيم -رحمه الله-.
وَلَقَدْ أَجَابَ رَبُّ العَالَمِينَ دُعَاءَهُ فَأَحَاطَهُ بِثَلاثَةِ الجُدْرَانِ
يعني ما اتخذ وثنًا، القبر ما اتخذ وثنًا، لكن هل صُرف له –عليه الصلاة والسلام- شيء من حقوق الله- جل وعلا- ووصل به بعض الغلاة إلى حد الربوبية؟ نعم، وذكرنا من كلام البوصيري شيئئًا من ذلك، وكلام البرعي مثله أو أسوأ منه، على كل حال القبر ما اتخذ وثنًا، يعني نرى من يستقبل القبر ويستدبر القبلة ويدعو وفيه، مظاهر من مظاهر الغلو والمبالغة والابتداع، لكن عمومًا القبر ما اتخذ وثنًا يعبد، يعكف، ويتخذ مصلى وما أشبه ذلك، كما يفعل عند قبور بعض الناس في أقطار المسلمين، نسأل الله العافية، يسجد لها من دون الله، ويطاف بها، ويدعى من فيها من دون الله- جل وعلا-، تطلب منهم الحوائج والمدد.
"«اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد»" يعني هل هذه المظاهر الموجوده في مسجده –عليه الصلاة والسلام- من استقبال القبر ورفع اليدين والتمسح وشيء مما وجد ومما يمنعه الشُرَط لكن يغفلون أو يتسامح بعضهم، وليس عندهم من الغيرة على التوحيد كما ينبغي، المقصود أنه يوجد التمسح، يوجد دعاء، يدعون الله- جل وعلا- ويستقبلون القبر، كل هذا من البدع، لكن كل هذه المظاهر لا تجعله وثنًا يعبد من دون الله، ولذا قال ابن القيم:
وَلَقَدْ أَجَابَ رَبُّ العَالَمِينَ دُعَاءَهُ فَأَحَاطَهُ بِثَلاثَةِ الجُدْرَانِ
وكان قبره -عليه الصلاة والسلام- خارج المسجد في بيته في بيت عائشة، ثم لما حصلت الزيادة في المسجد النبوي وأدخل في عهد التابعين، وأنكره بعضهم، ولا شك أنه يبنغي إنكاره، والأصل أن لا يدخل، لكن أدخل وتواطأ الناس على هذا الوضع وصلوا في مسجده –صلى الله عليه وسلم- وقالوا: هذا ما قالوا: هذا مسجد فيه قبر أو بني على قبر؛ لأن المسجد بني قبل القبر، والقبر في البيت ليس في المسجد حتى ينبش، في الأصل أن القبر في البيت، يعني لو قبر في المسجد لزم نبشه لو بني المسجد على القبر لزم هدمه، لكن لا هذا، ولا هذا، هل بني على القبر المسجد؟ لا، هل دفن –عليه الصلاة والسلام- في المسجد؟ لا، فهذا الذي يجعل الأمة تتواطأ من عصر التابعين إلى يومنا هذا في الصلاة في مسجده –عليه الصلاة والسلام- ولم يقل أحد منهم بأن الصلاة باطلة كما قيل في الصلاة في المسجد الذي فيه قبر.
طالب:..............
كيف؟
طالب: .............
التثليث هذا هو بحيث لا يستقبل، والطواف لا يمكن؛ لأن الجهات الأربع لا يمكن الاستدارة عليها.
طالب: ........
هو لولا وجود الفتنة لولا.. خشية الفتنة من عوام المسلمين والنبي –عليه الصلاة والسلام- تحاشى هذا في تتميم الكعبة على قواعد إبراهيم، لولا أنه خشي أن القوم حديثو عهد بجاهلية لكان بناه على مثل هذه، لو يغير أو يعدل أو كذا مع أن الناس في مأمن من الشرك، ومن أراد أن يشرك ولو في السند، لو كان في الهند أو في السند أشرك، وقد حصل في كلام منظوم وكلام منثور وتوجهات معروفة.
طالب: ...........
عليه الصلاة والسلام.
طالب: ...........
ماذا؟
عليه الصلاة والسلام.
طالب: ...........
لا، كون سور المسجد يحويه هذا الإشكال، يعني لو كان سور المسجد دون القبر قلنا: هذا بيت عائشة، وهذا خارج المسجد، ولذلك أنكر كثير من التابعين على من أدخله، ولولا الفتنة من عموم المسلمين وعوام المسلمين كان مب هذا الوضع، وعلى كل حال نسأل الله- جل وعلا- أن يصلح الأحوال. "«اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»" اشتد غضب الله إثبات صفة الغضب لله- جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، صفة الغضب ثابتة في الكتاب والسنة، ولا يشابه غضب المخلوق الذي هو غليان دم القلب كما زعمه المبتدعه الذين ينفون الصفات، ويتوصلون بذلك إلى نفي الصفة التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها لها رسوله –عليه الصلاة والسلام-، فشبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا غضبه- جل وعلا- كغضب المخلوق، ثم توصلوا بذلك إلى نفيه وإنكاره، فشبهوا أولاً، ثم عطلوا ثانيًا، والغضب درجات، هنا اشتد غضب الله، هناك ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ولعنهم﴾ [سورة الفتح : 6] المقصود أن صفة الغضب وشدته وأيضًا المقت ثابت لله- جل وعلا- على من؟
على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وسبق الحديث الصحيح «لعنة الله على اليهود والنصارى» في لفظٍ «قاتل الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقلنا ما سبق في النصارى، وأنهم ليس لهم إلا نبي واحد، ولم يقبر، فالمراد المجموع، مجموع الأنبياء الذين هم أنبياء لليهود في الأصل، وبالتبعية هم أنبياء للنصارى؛ لأن أنبياء اليهود يلزم الإيمان بهم من قبل النصارى أو تفسره الرواية الأخرى «اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد»، فيكون لليهود الأنبياء، وللنصارى الصالحين.
"«غضب الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ولابن جرير" الإمام المفسر المؤرخ الفقيه محمد بن جرير أبو جعفر الطبري صاحب التفسير والتاريخ "بسنده" يعني المذكور في تفسيره "عن سفيان" هذا مهمل، ما معنى مهمل؟ لم يذكر ما يميزه، فلا ندري هل هو سفيان الثوري الذي فسره به جمع من الشراح أو ابن عيينة، وكثيرًا ما يأتي في الأسانيد مهملاً، وذكر الحافظ الذهبي في آخر الجزء السابع من سير أعلام النبلاء قاعدة وطريقة أغلبية وليست كلية في التمييز بين السفيانين وبين الحمادين قال: إذا كان بين الإمام من الأئمة الستة واحد فالغالب أنه ابن عيينة؛ لأنه متأخر، وإذا كان بينه وبينه اثنان.. واحد فابن عيينة؛ لأنه متأخر، وإن كان اثنان فهو الثوري؛ لأنه متقدم، قد يكون شيخ الإمام البخاري أو مسلم عمّر طويلًا، فيدرك الثوري، لكن هذا قليل، ولذلك هذه قاعدة أغلبية، فلابد من البحث عن التمييز في الطرق الأخرى، وعلى كل حال لو قدر أننا لم نستطع التمييز فالخبر لا يضيره أن يكون الثوري أو ابن عيينة؛ لأنه أينما دار دار على ثقة فلا يتأثر.
"عن سفيان عن منصور" وهو ابن المعتمر "عن مجاهد بن جبر" التابعي المفسر الذي عرض القرآن على ابن عباس ثلاث مرات يسأله عن كل آية وعن كل كلمة، فبرع في التفسير بسبب ذلك، وتوفي- رحمة الله عليه- سنة ست ومائة وهو ساجد- رحمة الله عليه-، "عن مجاهد" يعني في قوله- جل وعلا-: "{أفرأيتم اللات والعزى} قال: كان يلت لهم السويق" رجل يلت لهم، وفيه خبر ابن عباس الذي يليه، كان يلت السويق للحاج. يلت: يعني يصنع لهم السويق، والسويق من الذرة تحمص وتطحن ويخلط معها شيء من الدهن أو شيء من ذلك، المقصود أنه غذاء نافع، ولو عرض على أحدٍ منا يمكن ما يستسيغه، لكن الحاجة.
"كان يلت لهم السويق فمات، فعكفوا على قبره، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: كان يلت السويق للحاج" وهذا الفعل منه يدل على صلاحه، والترجمة في قبور الصالحين وهذا منهم، وهذا أحد القولين في اشتقاق اللات، وهو حينئذ يكون بتشديد التاء اللاتّ؛ لأنه يلت السويق، يعني يصنع السويق لهم، والقول الآخر أنهم اشتقوه من الإله، والذي مشى عليه عندنا أنه يلت السويق، وهذه أمارة صلاحه، فدخل ذكره في الترجمة فمات، فعكفوا على قبره؛ لصلاحه، لكن لو عرف بغير الصلاح مع الإحسان يعبدونه أم ما يعبدونه؟ القلوب تميل إلى الصالحين لما كانت هذه العبادة للقبر أو عند القبر من ميلٍ إلى هذا الصالح؛ لما يرجى من نفعه على حد زعمهم، وأنهم يفعلون ما يفعلون من فعلهم ليقربوهم إلى الله زلفى، ولو كان غير صالح ما قربهم إلى الله زلفى، على كل حال هم كونهم عبدوه وهو محسن إليهم قالوا: هذه أمارة صلاحهم.
طالب: ..............
ماذا؟
طالب: ..............
لا لكن كونهم عكفوا على قبره يدل على أن عندهم صلاحًا؛ لأنهم ما يضيعون أوقاتهم عند قبر شخص ما يمكن أن يقربهم إلى الله زلفى على حد زعمهم كرم فقط ما يعطي صفة أنه قريب من الله- جل وعلا-، وأنه له جاه عند الله، كل هذا باطل، ومن الأصل المسألة باطلة، لكن ما فيه شك أن الشيطان يسول ويملي بشيء يقبله الناس له نوع قبول؛ لأن الفاجر أو الكافر يعني كونه يتخذ قبره وثنًا يعبد من دون الله هذا ما يفعله إلا مجانين، لكن الشيطان يأتي بشبه يقبلها السذج، فكونه صالحًا وهم يفعلون هذا عند الصالحين ليقربوهم عند الله زلفى الفاجر والكافر لا يقربهم عند الله زلفى، وهم يعرفون ذلك، وإن كان عندهم خلل في تصور الصلاح والفجور. عندهم فيه خلل=.
"وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان يلت السويق للحاج"، وهذا في البخاري "وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، رواه أهل السنن وأحمد" يعني رواه الإمام أحمد وأهل السنن في الجملة وإلا فالنسائي ما رواه، أبو داود والترمذي وابن ماجه مع أحمد، ولم يتعقبوه بشيء، وأبو داود يقول: ما سكت عنه فهو صالح.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ ....
نعم.
طالب: النسائي مذكور.
مع أحمد؟
طالب: النسائي.
وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في الكبرى؟
طالب: .............
نعم، ذكر الكبرى والصغرى، لكن الشراح قالوا: ما رواه النسائي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وأوردوه بالأرقام، فإطلاق الشيخ: رواه أهل السنن يعني الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه نعم صحيح، وممن صححه شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر له طرقًا وشواهد يصح بمجموعها، وإلا فقد ضعفه بعض العلماء، وعلى كل حال جاء بلفظ: زائرات، وجاء بلفظ: زوارات.
"والمتخذين عليها المساجد والسرج" فزيارة النساء للقبور محرمة، بل كبيرة من الكبائر؛ لثبوت اللعن، وبعضهم يقول: إن عائشة زارت قبر أخيها، لكنها اعتذرت بأنها لم تشهده، ولو شهدته لما زارته، والمسألة فيها أقوال لأهل العلم، ومادام ثبت اللعن فلا كلام لأحد، والعلة في ذلك أن النساء عندهن من الجزع ما يحملهن على ارتكاب المحرم عند القبور من النياحة والندب وفعل ما لا يجوز فعله، ولذلكم رأى النبي –عليه الصلاة والسلام- امرأة عند قبر ولدها تبكي فقال لها: «اصبري اصبري» فقالت: إنك لم تصب بمصيبتي، فأخبروها أنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فجاءت تعتذر قالت: أصبر فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».
قال- رحمه الله-: "فيه مسائل:
الأولى" يعني من هذه المسائل " تفسير الأوثان" وأنها ما عبد من دون الله على أي شكل كان، ولذا قال عن القبر: وثن، «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد من دون الله».
المتخذين عليها المساجد أعم من أن يبنوا عليها البنايات أو يصلوا عندها؛ لأن ما يصلى فيه يسمى مسجدًا كما سبق تقريره في الدرس الماضي.
"الثانية / تفسير العبادة" العبادة في الأصل اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، هذا تعريفها في الأصل، فإذا صرفت لله- جل وعلا- فقط صارت العبادة التي من أجلها خلق الإنسان ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [سورة الذاريات: 56]، وإذا صرفت لغيره مما لا يجوز صرفه إلا لله تعالى صارت الشرك نقيض العبادة والتوحيد.
"الثالثة / أنه –صلى الله عليه وسلم- لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعَه"؛ لأن الذي لا يخاف وقوعه لا يستعيذ منه –عليه الصلاة والسلام- من خوفه على أمته.
طالب: ..............
يخاف وقوعه، وهذا من حرصه –عليه الصلاة والسلام- على أمته، وسده للذرائع الموصلة إلى الشرك، وحمايته لجناب التوحيد.
"الرابعة / قرنه بهذا" يعني باتخاذ قبره وثنًا "قرنه بهذا اتخاذ قبور الأنبياء مساجد" والمتخذين عليها المساجد والسرج، المساجد سواء كانت بتشييدها على القبور كما هو حاصل في بعض الأقطار الإسلامية أو بالصلاة عندها في المقابر «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها»، فالصلاة عندها من اتخاذها مساجد، "والمتخذين عليها المساجد والسرج" في الإنارة الثابتة تنويرها إنارة ثابتة من اتخاذ السرج عليها، فهو داخل في اللعن، لكن لو دفن في ليلة مظلمة واحتاجوا إلى ما ينير لهم بقدر الحاجة وبالوقت الكافي فقط لا يزيد عليه، فهذا لا يدخل في مثل هذا؛ نظرًا للحاجة.
"الخامسة/ ذكر شدة الغضب من الله" وذكرنا أن الغضب من الله- جل وعلا- صفة ثابتة معروف معناها وكيفها مجهول كغيرها من الصفات الثابتة لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته. "ذكر شدة الغضب من الله" .
"السادسة" المسألة السادسة "وهي من أهمها" يعني من أهم المسائل معرفة صفة عبادة اللات التي هي أكبر الأوثان عن العرب، اللات فمات فعكفوا على قبره، {أفرأيتم اللات والعزى} يعني التي تعبدونها من دون الله ما نوع هذه العبادة؟ فسر في قوله: "فمات فعكفوا على قبره".
"معرفة صفة عبادة اللات التي هي أكبر الأوثان" أكبر أوثان العرب اللات والعزى أيضًا أشادوا بها وانتسبوا إليها، لنا العزى ولا عزى لكم، كما يقول أبو سفيان، فهذه من أكبر الأوثان عندهم.
طالب: ..........
عكوف.
طالب: ..........
يسمى عكوفًا.
طالب: .........
لا المسألة مسألة صرف العبادة عند هذا القبر أو لصاحب هذا القبر إما أن يكون الشرك الأكبر أو الوسيلة إلى الشرك، أما مجرد المكث من دون صرف أي عبادة فهذا فيه مشابهة لمن يعكفون لعبادتهم، فيمنع من هذه الحيثية، لكن لا يكون شركًا ولا وسيلة إلى الشرك، وإنما يمنع من باب المشابهة.
نعم؟
طالب: ............
القبور؟ من أجل ماذا؟
طالب: الدعاء.
الانتفاع بالاعتبار والاتعاظ ونفع المقبور بالدعاء له وامتثال السنة التي جاء بها الأمر «زوروا القبور، فإنها تذكركم بالآخرة».
طالب: ..........
على كل حال أنت مأمور بالزيارة كلما تيسر لك لا تحرم نفسك.
طالب: أحسن الله إليك زيارة النساء لقبره –صلى الله عليه وسلم-.
ما يزورون، داخل في النهي، لكن هم يصلون في الروضة، ولا يصلون إليه، القبر دونه جدران وستر وحجب، جدار من اللبن، وجدار من الحديد، وستارة ما يمكن أن يصلوا إليه.
طالب: ........
ولو سموه الزيارة للروضة ما هي للقبر، القبر ما يصله أحد الآن حتى زيارة الرجال فيها نظر، الذي يمنع من زيارة القبور والدعاء لها من وراء الجدار، جدار المقبرة، يقول: ما أدري تحصل بها السنة، يقول بها مثل ذلك في قبره –عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ......
يمنع للمشابهة
طالب: ......
ماذا بهم؟
لا لا الحراس هذي وظيفتهم، جعلوا لرصد هذا المكان؛ لئلا يحدث فيه ما لا يجوز، أو أن يدفن فيه من قتل بغير حق، هذه مسائل أمنية.
طالب: ........
ماذا؟
طالب: .........
ماذا؟ ما أسمع.
طالب: .........
لهم؟
طالب: ........
ادع لهم في أي مكان، وإذا دعوت لهم يصل إن شاء الله بشروطه وآدابه.
طالب: ........
نعم الإنارة الثابتة داخلة.
"السابعة / معرفة أنه قبر رجل صالح" وعرفنا أن الصلاحية أخذت من كونه يحسن إلى الناس، فرأوه صالحًا من حيث هذه الحيثية " معرفة أنه قبر رجل صالح".
"الثامنة / معرفة أنه اسم صاحب القبر" اللات صاحب القبر، وليس القبر، "الثامنة معرفة أنه اسم صاحب القبر وذكر معنى التسمية" اللات، وأنه كان يلت السويق للناس أو للحاج على وجه الخصوص، ولا شك أن الإحسان إلى ضيوف الرحمن فيه الأجر العظيم، وكثير منهم من لديه الحاجة والفاقة؛ بسبب فقدان الأهل والمال، فالإحسان إليهم فيه الثواب العظيم من الله- جل وعلا-.
"التاسعة / لعنه" –صلى الله عليه وسلم- "زوارات القبور"، ولا يدخلن في الأمر «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»؛ لأن زوروها خاص بالرجال؛ لأن إدخال النساء هن يدخلن في خطاب الرجال، لكن إذا ورد ما يخص الدخول في هذا العموم ما هو أخص منه وهو اللعن لا شك أنه مقدم على دخولهن في عموم الأمر.
"العاشرة / لعنة من أسرجها".
طالب: أفلا يكون قوله: لعن الله زورات القبور صيغة مبالغة؟
هي صيغة مبالغة، لكن جاء بلفظ: زائرات، وإذا لعن من تكررت منه الزيارة يتسامح له في المرة الواحدة التي هي فرد من أفراد هذه المبالغة، لا يتسامح له؛ لأن المسألة مسألة لعن.
"العاشرة / لعنة من أسرجها" يعني اتخذ عليها السرج، وكذلك المساجد، وعرفنا فيما تقدم أن المساجد اتخاذ مساجد عليها أو الصلاة عندها في حكم تشييد هذه المساجد، وهذا تقدم في الدرس السابق، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: ...........
ماذا؟
طالب: ...........
نعم، هذا الشيخ الألباني مضعف الحديث.
طالب: الحديث صحيح ........
على كل حال له ما يشهد له، شيخ الإسلام ذكر الشواهد، وذكر من صحح له.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ .. الإنارة بالذات ..
أناروا الطريق المجاور للمقبرة فانتقل النور تلقائيًّا ما فيه شيء ليس مقصودًا هذا.
طالب: ..........
الحليب؟ هو اللبن.
طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، تعلم يا شيخ أن القبر.. مواضيع القبر حساسة، هل يا شيخ مثلاً أخي توفى أدعو له عند القبر أفضل أو أدعو له في مواطن استجابة الدعاء؟
تقصد غير وقت الدفن؟ يعني إذا دفنته وانتهى الناس من دفنه تدعو له، جاء الأمر بذلك، لكن..
طالب: بعد شهر، بعد شهرين؟
إن جئت له ولغيره وأنت تعتبر وتتذكر.
طالب: جزاك الله خيرًا.
طالب: أحسن الله إليك، قال يا شيخ: "معرفة صفة عبادة اللات" وقلنا يا شيخ: إن العكوف عندها من دون صرف العبادة لا يعتبر شركًا؛ إذًا يا شيخ كيف كانت عبادتهم للات بالدعاء؟
هم يجلسون ساكتين؟
طالب: لا.
الذي يجلس كذلك فهو مشابه لهم، حرام؛ لمشابهتهم.
طالب: أحسن الله إليك، ابتداؤك ....
على كل حال إن صرفت العبادة للقبر أو لصاحب العبادة فهذا الشرك الأكبر، وإن عبد الله- جل وعلا- عند القبر فهذه وسيلة إلى الشرك، وهي بدعة منكرة، وكثيرًا ما نجد من يقرأ عند القبور، وفي بعض المذاهب نصوا على قراءة الفاتحة عند القبر وغير ذلك موجودة.
طالب: بدعة.
نعم، بدعة يعني لم يثبت فيه خبر.
طالب: أحسن الله إليك، بناء الحيطان، الله يعفو عنك، هل يعتبر من التشييد؟ السور يعني سور المقبرة.
سور المقبرة؟
...