تعليق على تفسير سورة النساء من أضواء البيان (08)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-:
وهيئات صلاة الخوف كثيرة، فإن العدو تارة يكون إلى جهة القبلة، وتارة إلى غيرها، والصلاة قد تكون رباعية، وقد تكون ثلاثية، وقد تكون ثنائية، ثم تارة يصلون جماعة، وتارة يلتحم القتال فلا يقدرون على الجماعة، بل يصلون فرادى رجالاً وركبانًا مستقبلي القبلةَ، وغير مستقبليها، وكل هيئات صلاة الخوف.."
القبلةِ.. القبلةِ..
لأنه لو قال: مستقبلين القبلةَ، لكنه مادام حذف النون للإضافة لا بد من..
"مستقبلي القبلةَ.."
القبلةِ.. لو أراد النصب والفتح لقال مستقبلين.
"مستقبلي القبلةِ، وغير مستقبليها، وكل هيئات صلاة الخوف الواردة في الصحيح جائزة، وهيئاتها وكيفياتها مفصلة في كتب الحديث والفروع، وسنذكر ما ذهب إليه الأئمة الأربعة منها إن شاء الله."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فالمفسِّر -رحمه الله- محمد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- يُعنى بالأحكام الفقهية، فتفسيره من تفاسير الأحكام، ويطوي كثيرًا من الكلام على الأمور الأخرى، وإن كان له نظر ويد في الأبواب الأخرى من التعليل والتعديل والتجريح والكلام في المسائل اللغوية، وأما في الأصول فله فيه القدح المعلَّى، وكتابه مبني في الجملة على الأحكام، على أحكام القرآن، من ذلكم في صلاة الخوف في تفسير آية النساء بسطها بسطًا قد يندر وجودها في كتب التفسير، وإنما مظانها شروح الحديث وكتب الفقه، على كل حال هو أشار إلى أن صلاة الخوف وردت على وجوه كثيرة؛ يقول الإمام أحمد: صحت من ستة أوجه أو سبعة، ستة أوجه أو سبعة كلها جائزة؛ لأنها كلها بأسانيد صحيحة في الصحيحين وغيرهما، وزاد بعضهم من الصور الواردة حتى أوصلها ابن العربي إلى أربع وعشرين صورة، ولكن إذا نظر فيها وُجد أن الصور كثير منها يجتمع في صورة واحدة، وطريقة بعض العلماء أنهم إذا وجدوا أدنى اختلاف بين الرواة قالوا: تعددت القصة، وتعددت الصورة، وتعدد الحديث، وهي في حقيقتها واحدة.
ابن العربي أوصلها إلى أربع وعشرين صورة، ومنهم من قال: أحد عشر صورة، ومنهم من قال: ست عشرة صورة إلى آخره، المقصود أن الإمام أحمد يقول: ستة أو سبعة، ستة أو سبعة لا تزيد على ذلك، وما زاد أو ما ادعيت زيادته عليه فإنه يرجع إليها ويؤول إليها.
المؤلف -رحمة الله عليه- سيذكر مذاهب الأئمة، يبدأ بمذهب مالك ثم الشافعي ثم أحمد ثم بمذهب أبي حنيفة، يذكر الصور الجائزة عندهم، وعلى كل حال الضابط في الصورة المناسبة للحال والظرف من الخوف هو ما يحفظ للصلاة صورتها وواجباتها وأركانها بقدر المستطاع، فالأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة هذه هي الصورة الراجحة في كل ظرف وفي كل حين، يُنظَر في الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة، بدأ بإمامه إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله- فقال أما مالك..
"أما مالك بن أنس فالصورة التي أخذ بها منها هي أن الطائفة الأولى تصلي مع الإمام ركعة في الثنائية وركعتين في الرباعية والثلاثية، ثم تتم باقي الصلاة، وهو اثنتان في الرباعية وواحدة في الثنائية والثلاثية، ثم يسلمون ويقفون تجاه العدو، وتأتي الطائفة الأخرى فيجدون الإمام قائمًا ينتظرهم، وهو مخيَّر في قيامه بين القراءة والدعاء والسكوت إن كانت.."
يعني حتى تأتي الطائفة الثانية.
"إن كانت ثنائية، وبين الدعاء والسكوت إن كانت رباعية أو ثلاثية، وقيل: ينتظرهم في الرباعية والثلاثية جالسًا فيصلي.."
يعني في التشهد الأول بالنسبة له.
"فيصلي بهم باقي الصلاة وهو ركعة في الثنائية والثلاثية وركعتان في الرباعية ثم يسلِّم ويقضون ما فاتهم بعد سلامه، وهو ركعة في الثنائية وركعتان في الرباعية والثلاثية، فتحصل أن هذه الصورة أنه يصلي بالطائفة الأولى ركعة أو اثنتين ثم يتمون لأنفسهم ويسلمون ويقفون في وجه العدو، ثم تأتي الأخرى فيصلي بهم الباقي ويسلم ويتمون لأنفسهم، قال ابن يونس في هذه الصورة التي ذكرنا: وحديث القاسم أشبه بالقرآن، وإلى الأخذ به رجع مالك انتهى. قال مقيِّده -عفا الله عنه-: مراد ابن يونس أن الحديث الذي رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن صالح بن خوَّات عن سهل بن أبي حَثْمَة بالكيفية التي ذكرنا هو الذي رجع إليه مالك، ورجحه أخيرًا على ما رواه- أعني مالكًا- عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوَّات عمَّن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف الحديث.
والفرق بين رواية القاسم بن محمد وبين رواية يزيد بن رومان أن رواية يزيد بن رومان فيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالطائفة الأخرى الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، وقد عرفت أن رواية القاسم عند مالك في الموطأ أنه يصلي بالطائفة الأخرى الركعة الباقية ثم يسلم فيتمون بعد سلامه لأنفسهم."
صالح بن خوَّات تابعي يروي الحديث فيسمي من روى عنه أحيانًا ويبهمه تارة فسماه في بعض الروايات بأنه سهل بن أبي حثمة، وسماه في روايات أخرى وعيَّنه أنه أبوه عن صالح بن خوات عن أبيه خوات بن جبير، ولا يمنع أن يرويه عن هذا وعن هذا، ولكن من العلماء من رجَّح أنه سهل بن أبي حثمة، ومنهم من قال: الراجح أنه أبوه خوَّات بن جبير، ومن هؤلاء ابن حجر وغيره. وعلى كل حال لو لم يسم أصلاً، لو قال: عمن صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يصل إلينا تسميته فالحديث صحيح ومتصل؛ لأن جهالة الصحابي لا تضر، وكونه صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- تثبت له الصحبة.
"قال ابن عبد البر مشيرًا إلى الكيفية التي ذكرنا، وهي رواية القاسم بن محمد عند مالك: وهذا الذي رجع إليه مالك بعد أن قال بحديث يزيد بن رومان، وإنما اختاره ورجع إليه؛ للقياس على سائر الصلوات أن الإمام لا ينتظر المأموم، وأن المأموم إنما يقضي بعد سلام الإمام، وحديث القاسم هذا الذي أخرجه مالك في الموطأ موقوف على سهل إلا أن له حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، والتحقيق أنه مرسَل صحابي؛ لأن سهلاً كان صغيرًا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجزم الطبري وابن حبان وابن السَّكن وغيرهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي وسهل المذكور ابن ثماني سنين، وزعم ابن حزم أنه لم يرد عن أحد من السلف القول بالكيفية التي ذكرنا أنها رجع إليها مالك ورواها في موطئه عن القاسم بن محمد، هذا هو حاصل مذهب مالك في كيفية صلاة الخوف.."
الفرق بين الروايتين أن الصورة التي رجع إليها الإمام مالك أن الطائفة الأولى تصلي الركعة الثانية وهي في مكانها، والطائفة الثانية تصلي الركعة الثانية وهي في مكانها، الصورة التي رجع عنها أنه يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم يذهبون للحراسة، فتأتي الطائفة الثانية ويصلي بهم ركعة ثم يتمون في مكانهم، فإذا سلموا جاءت الطائفة الأولى؛ لتقضي الركعة الثانية، ولا شك أن الصورة التي رجع إليها أبلغ في ضبط الصلاة، وحفظ الصلاة على المصلين من الصورة الثانية.
"قال أولاً بأن الإمام يصلي بالطائفة الأولى ثم تتم لأنفسها ثم تسلم، ثم يصلي بقية الصلاة بالطائفة الأخرى وينتظرها حتى تتم ثم يسلم بها، ورجع إلى أن الإمام يسلم إذا صلى بقية صلاته مع الطائفة الأخرى ولا ينتظرهم حتى يسلم بهم، بل يتمون لأنفسهم بعد سلامه كما بيَّنَّا، والظاهر أن المبهم في رواية يزيد بن رومان في قول صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث أنه أبوه خوَّات بن جبير الصحابي -رضي الله عنه- لا سهل بن أبي حثمة كما قاله بعضهم."
قاله بعضهم، يعني بعض الرواة فسَّر المبهم بأنه سهل بن أبي حثمة. صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وقوله في الرواية المبهمة: عمن صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: لا يمكن تفسيره بسهل بن أبي حثمة؛ لأن سهل بن أبي حثمة كان صغيرًا في وقت الصلاة التي.. في وقت الصلاة التي ورواها عنه صالح بن خوات وقالوا: إذا لم يدركها فإن الخبر يكون مرسلاً، لكنه مرسل صحابي حجة عند عامة أهل العلم، ولا يضر إرسال الصحابي، وتفسيره بأنه أبوه مرجَّح عند كثير من أهل العلم، لكن لا يعني أنه متعين؛ لاحتمال أن يرويه عن هذا وعن ذاك.
"قال الحافظ في الفتح: ولكن الراجح أنه أبوه خوَّات بن جبير؛ لأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان، شيخ مالك فيه فقال: عن صالح بن خوَّات عن أبيه، أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة من طريقه، وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه، وجزم النووي في تهذيبه بأنه أبوه خوات وقال: إنه محقَّق من رواية مسلم وغيره.
قلتُ: وسبقه إلى ذلك الغزالي فقال: إن صلاة ذات الرقاع في رواية خوات بن جبير انتهى.. انتهى محل الغرض منه بلفظه، ولم يفرق المالكية بين كون العدو إلى جهة القبلة وبين كونه إلى غيرها، وأما إذا اشتد الخوف، والتحم القتال، ولم يمكن لأحد.."
إذا كان العدو في جهة القبلة فالصورة التي اختيرت على مذهب مالك فيما ذُكر، يعني إذا كان العدو في جهة القبلة فلا داعي أن ينفرد أناس بحراسة العدو ويتركون الصلاة حتى ينتهي أصحابهم؛ لأنهم في جهة القبلة ينظرون إليه وهم يصلون، ولذا المرجَّح أن صفات الصلاة تختلف باختلاف الأحوال، والأمر يختلف فيما إذا كان العدو في جهة القبلة فيصلون جميعًا، كما سيأتي في الصفات الأخرى، وإنما يختلفون فيما يختل في الحراسة كالسجود مثلاً على ما سيأتي تفصيله، وأما إذا كان في غير جهة القبلة فلا بد من أن يصلي بطائفة، وطائفة تحرس.
"وأما إذا اشتد الخوف، والتحم القتال، ولم يمكن لأحد منهم ترك القتال، فإنهم يصلونها رجالاً وركبانًا إيماءً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، كما نص عليه تعالى بقوله: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [سورة البقرة:239] الآية، وأما الشافعي -رحمه الله- فإنه اختار من هيئات صلاة الخوف أربعًا؛ الأول: هي التي ذكرنا آنفًا عند اشتداد الخوف.."
أربعًا الأول إحداها..
الأولى..
إحداها والثانية عندك الثاني؟
والأولى..
عندك الأولى؟
نعم.
"الأولى: هي التي ذكرنا آنفًا عند اشتداد الخوف والتحام القتال حتى لا يمكن لأحد منهم ترك القتال، فإنهم يصلون كما ذكرنا رجالاً وركبانًا إلى آخر الهيئة. الثانية: هي التي صلاها- صلى الله عليه وسلم- ببطن نخل، وهي أن يصلي بالطائفة الأولى صلاتهم كاملة ثم يسلمون جميعهم الإمام والمأمومون، ثم تأتي الطائفة الأخرى التي كانت في وجه العدو فيصلي بهم مرة أخرى.."
للإمام الأولى فريضة، والثانية نافلة، وهذا جارٍ على مذهب من يقول بصحة ائتمام المفترض خلف المتنفل، وأما من لا يجيز ذلك، وهو المشهور عند الحنابلة، لا يجيزون مثل هذه الصورة، وهذه الصورة جائزة عند الشافعية؛ لأنهم يجيزون صلاة المفترض خلف المتنفل.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
على كل حال المذهب عندهم عدم الجواز هذا المعروف.
طالب: .......
قاعدة مذهبهم أو على قاعدة مذهبهم أنها لا تصح، هذا الأصل فيه بناءً على أنهم لا يجيزون صلاة المفترض خلف المتنفل، كونهم يستثنون، يعني خلاف الأصل.
"فيصلي بهم مرة أخرى هي لهم فريضة وله نافلة، وصلاة بطن نخل هذه رواها جابر وأبو بكرة، فأما حديث جابر فرواه مسلم أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإحدى الطائفتين ركعتين، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربع ركعات، وصلى بكل طائفة ركعتين، وذكره البخاري مختصرًا، ورواه الشافعي والنسائي وابن خزيمة من طريق الحسن عن جابر وفيه: أنه سلَّم من الركعتين أولاً، ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى، وأما حديث أبي بكرة فرواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم والدارقطني، وفي رواية بعضهم أنها الظهر، وفي رواية بعضهم أنها المغرب، وإعلال ابن القطان لحديث أبي بكرة هذا بأنه أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة مردود بأنا لو سلمنا أنه لم يحضر صلاة الخوف فحديثه مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة لها.."
يعني يرويه عن صحابي آخر يرويه عمن صلى هذه الصلاة، ومرسَل الصحابي حجة.
أما الذي أرسله الصحابي
|
|
فحكمه الوصل على الصواب
|
"ومراسيل الصحابة لها لهما حكم الوصل.."
لها.
"لها حكم الوصل كما هو معلوم، واعلم أن حديث أبي بكرة ليس فيه أن ذلك كان ببطن نخل، وقد استدل الشافعية بصلاة بطن نخل هذه على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل."
ومما يستدل به على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل قصة معاذ -رضي الله عنه- أنه كان يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم، يصلي بهم إمامًا، هو متنفل؛ لأنه صلى الفرض خلف النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهم ذوو فريضة كما قال ناظم الاختيارات:
وعند أبي العباس ذلك جائز
|
|
لفعل معاذ مع صحابة أحمد
|
يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضة
|
|
وقد كان صلى الفرض خلف محمد
|
"واعلم أن هذه الكيفية التي ذكرنا أنها هي كيفية صلاة بطن نخل، كما ذكره النووي وابن حجر وغيرهما، قد دل بعض الروايات عند مسلم والبخاري وغيرهما على أنهما هي صلاة ذات الرقاع، وجزم ابن حجر بأنهما صلاتان، والله تعالى أعلم. وقد دل بعض الروايات على أن صلاة نخل هي هي صلاة عسفان، والله تعالى أعلم.
الهيئة الثالثة.."
التداخل بين هذه الصورة أو هذه الصور على من جعلها أكثر من صورة يجعل العلماء يختلفون في عدد الصلوات التي صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام-، صلاة الخوف الآن يقول على أنها هي صلاة ذات الرقاع، فجعل ذات نخل وذات الرقاع واحدة، ومنهم من جعلهما اثنتين، وقد دل بعض الروايات على أن صلاة بطن نخل هي صلاة عسفان، فالذي يقول: هي هي يقول: الثلاث واحدة، والذي يفرق كل واحدة مستقلة عن غيرها يجعلها ثلاثًا.
"الهيئة الثالثة.."
وبهذا نعرف أن الأعداد سببها اختلاف الروايات.
طالب: .......
أو متقاربة.
"الهيئة الثالثة من الهيئات التي اختارها الشافعي صلاة عسفان، وكيفيتها كما قال جابر- رضي الله عنه- قال: فشهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف، فصفنا صفين صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي- صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعًا، ثم ركع وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم-.."
وكان العدو بيننا وبين القبلة؛ لأن الحراسة ممكنة، وجميعهم داخلون في الصلاة.
"فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود وقام الصف الذي يليه.."
انحدر بالسجود والصف الذي يليه، الفصل بين الضمير المرفوع وما عطف عليه بالجار والمجرور ولو لم.. ولو قال: انحدر والصف الذي يليه لا بد من الفصل بالضمير، لكن حصل الفصل هنا بالجار والمجرور، ولا مانع حينئذٍ أن يعطف على الضمير المتصل من غير أن يوجد الضمير المنفصل.
وإن على ضمير رفع متصل
|
|
عطفت فافصل بالضمير المنفصل
|
يعني لو قال: انحدر هو والصف الذي يليه، تريد أن تنصب والصفَّ؟ ما تجيء، لا، النسق ممكن ما فيه ما يعتريه.
"فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخَّر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخَّر وتأخر الصف المتقدم.."
وهذا من تمام العدل أن يكون بعض المصلين في الصف الأول في ركعة، وبعضهم في الصف الأول في الركعة التي تليها، هذا من تمام العدل، يعني لو كان نصفهم في الصف الأول ونصفهم في الصف الثاني في الركعتين لكان أصحاب الصف الأول أدركوا من الفضل أكثر من أصحاب الصف الثاني، وهذا وإن ترتب عليه حركة وتقدم وتأخر، لكنه ليحقق العدل، والحركة في هذه الصلاة لا تؤثر فيها؛ لأنها كلها مبنية على حركة.
"ثم ركع النبي -صلى الله عليه وسلم- وركعنا جميعًا، ورفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرًا في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحور العدو، فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا، ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعًا، هذا لفظ مسلم في صحيحه، وأخرج نحوه النسائي والبيهقي من رواية ابن عباس، ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم من رواية أبي عياش الزرقي، واسمه زيد بن الصامت، وهو صحابي، وقول ابن حجر في التقريب في الكنى: إنه تابعي، الظاهر أنه سهو منه -رحمه الله-.."
جزمًا بأنه سهو؛ لأنه صحابي، وابن حجر نفسه في التقريب في الأسماء قال: صحابي، قال: صحابي، ولما ذكره في الكنى قال: تابعي، سهوًا منه -رحمه الله-.
طالب: .......
يعني إذا كانت أكثر من صفين يقال للصف الأول والثاني بمنزلة الصف الأول، والثالث والرابع بمنزلة الصف الثاني، المقصود أنها ممكن تحقيقها، لكن قد يقول قائل: لماذا الإخلال بالصلاة إلى هذا الحد ولا يجعل كل جماعة لهم إمام، ويتناوبون الصلاة جماعات متفرقة في حدود الوقت إذا كانت في الحضر أو في حدود الوقتين إذا كانوا في السفر، كل هذا حرص على تحقيق أو تحقق الجماعة، كل هذا يدل على أهمية صلاة الجماعة، ومن أوضح أدلة وجوبها وأنها واجبة على أعيان الناس وليست على الكفاية كما يقول بعضهم، وليست سنة كما يقال، ولو كانت سنة ما ضيعت واجبات وأركان وحصل خلل في الصلاة من أجلها.
"وإنما قلنا: إن هذه الكيفية من الكيفيات التي اختارها الشافعي مع أنها مخالفة للصورة التي صحت عنه في صلاة عسفان؛ لأنه أوصى على العمل بالحديث إذا صح، وأنه مذهبه، والصورة التي صحت عن الشافعي.."
لمجرد البناء على قول الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي، ثبت عنه هذا، وأُلِّف حوله ما يشرح هذا القول ويطبِّق هذه القاعدة على مسائل معمول بها في مذهب الشافعية؛ بناءً على قوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي، لكن التوسع في مثل هذا، ونسبة القول للإمام الشافعي؛ لأنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي لا شك أن هذا فيه ما فيه، فيه ما فيه؛ لأنه قد يصح الحديث وقد صح غيره مما قال به الإمام الشافعي، فهل نقول: للشافعي في المسألة قولان؛ لأن هذا بلفظه ونص عليه، والثاني لأن الحديث صح فيه، لا شك أن الإمام الشافعي يعظم الحديث، ويعظم السنة، ويبني مذهبه عليها، لكن هذا قول عام لا يمكن أن يُفرَّع أو يُقدَّم على ما نص عليه الإمام الشافعي في المسائل المروية عنه نصًّا.
طالب: .......
لا شك أنه عذر، والشافعي إمام ومحقق ومن أهل الصيانة والديانة وتقدير النصوص والعمل بالكتاب والسنة، لكن يبقى أنه إذا وجد حديث صحيح يتضمن حكمًا يختلف عما حكم به الإمام الشافعي حكمًا مبنيًّا على حديث صحيح فأيهما مذهبه؟ مذهبه ما نص عليه، ما نص عليه، علمًا بأنهم يفتون- أعني الشافعية- في مذهبهم بالقول الأخير من أقواله أو من قوليه -رحمه الله- إلا في مسائل معدودة ذكرها النووي في مقدمة المجموع، والسيوطي في الأشباه والنظائر، فالفتوى فيها على القديم لا على الجديد.
"والصورة التي صحت عن الشافعي -رحمه الله- في مختصر المزني والأم أنه قال: صلى بهم الإمام وركع وسجد بهم جميعًا إلا صفًّا يليه أو بعض صف ينتظرون العدو، فإذا قاموا بعد السجدتين سجد الصف الذي حرسهم، فإذا ركع ركع بهم جميعًا، وإذا سجد سجد معه الذين حرسوا أولاً إلا صفًّا أو بعض صف يحرسه منهم، فإذا سجدوا سجدتين وجلسوا سجد الذين حرسوا، ثم يتشهدون، ثم سلم بهم جميعًا معًا، وهذا نحو صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعسفان. قال: ولو تأخر الصف الذي حرس إلى الصف الثاني، وتقدم الثاني فحرس فلا بأس، انتهى بواسطة نقل النووي، والظاهر أن الشافعي -رحمه الله- يرى أن الصورتين، أعني التي ذكرنا.."
قال ولو تأخر الصف الذي حرس..؟
إلى الصف الثاني..
إلى الصف الثاني وتقدم..؟
وتقدم الثاني الذي حرس فلا بأس.
نعم تقدم الثاني فحرس..
فلا بأس.
"والظاهر أن الشافعي -رحمه الله- يرى أن الصورتين أعني التي ذكرنا في حديث جابر وابن عباس وأبي عياش الزرقي، والتي نقلناها عن الشافعي، كلتاهما جائزة، واتباع ما ثبت في الصحيح أحق من غيره، وصلاة عسفان المذكورة صلاة العصر، وقد جاء في بعض الروايات عند أبي داود وغيره أن مثل صلاة عسفان التي ذكرنا صلاها أيضًا -صلى الله عليه وسلم- يوم بني سليم.
الرابعة من الهيئات التي اختارها الشافعي -رحمه الله- هي صلاة ذات الرقاع، والكيفية التي اختارها الشافعي منها هي التي قدمنا رواية مالك لها عن يزيد بن رومان، وهي أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم يفارقونه ويتمون لأنفسهم ويسلمون، ويذهبون إلى وجوه العدو، وهو قائم في الثانية يطيل القراءة حتى يأتي الآخرون فيصلي بهم الركعة الباقية، ويجلس ينتظرهم حتى يصلوا ركعتهم الباقية، ثم يسلم بهم. وهذه الكيفية قد قدمنا أن مالكًا رواها عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوَّات بن جبير عمن صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف يوم ذات الرقاع. وأخرجه الشيخان من طريقه؛ فقد رواه البخاري عن قتيبة عن مالك، ومسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك، نحو ما ذكرنا، وقد قدمنا أن مالكًا قال بهذه الكيفية أولاً ثم رجع عنها إلى أن الإمام يسلم ولا ينتظر إتمام الطائفة الثانية صلاتهم حتى يسلم بهم.."
لكن الرواية الأولى رواية يزيد بن رومان، يعني الأحرى بتحقيق العدل؛ لأن أولئك كبَّر بهم تكبيرة الإحرام وصلوا أول الصلاة تمامًا معه -عليه الصلاة والسلام-، والثانية كونه يسلم قبلهم ولا ينتظرهم في السلام الذي هو في مقابل تكبيرة الإحرام يكون فيه نوع من عدم تحقق العدل بين الطائفتين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما جاء في روايات صلاة الخوف حريص جدًّا على تحقق العدل لاسيما والعدو يرى هذا العدل، وتحقيقه -عليه الصلاة والسلام- في الظروف الصعبة في أحلك الظروف في الخوف في الحرب لا شك أن هذا من عدل الإسلام.
"وصلاة ذات الرقاع لها كيفية أخرى غير هذه التي اختارها الشافعي، وهي ثابتة في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ركعة، ثم سلم النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم قضى هؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة."
وهذا يحتمل أنهم قضوا في آن واحد، لكن يترتب عليه تضييع الحراسة، فكونهم قضوا على التعاقب، قضى هؤلاء ركعة، ثم لما سلموا قضى أولئك ركعة ثم سلموا، هذا يحقق الهدف من شرعية صلاة الخوف من التمكن من الحراسة.
"هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري بمعناه، ولم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى؛ لأن إتمامهم في حالة واحدة يستلزم تضييع الحراسة المطلوبة وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود، ولفظه: ثم سلم فقام هؤلاء، أي الطائفة الثانية فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا، ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا. وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها.
واعلم أن ما ذكره الرافعي وغيره في كتب الفقه من أن في حديث ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت وجاءت الطائفة الأولى فأتموا ركعة، ثم تأخروا وعادت الطائفة الثانية فأتموا مخالف للروايات الثابتة في الصحيحين وغيرهما، وقال ابن حجر في الفتح: إنه لم يقف عليه في شيء من الطرق."
هذا ذكروه في كتب الفقه من باب الفهم وتحقيق الحراسة؛ لأن النص مجمَل ما فيه أن الطائفة.. أن طائفة قضت ركعة، فلما انتهت جاءت الطائفة الثانية فقضت الركعة الثانية، فيحتمل أنهم قضوا في آن واحد، لكن هذا يترتب عليه تضييع الحراسة، فهم بينوا من باب الفهم للحديث، وجعلوه من المنصوص عليه، وهذا وجه الخطأ، لكن لو قالوا: لعل المراد بذلك كذا ما خُطِّؤوا.
"وأما الإمام -رحمه الله- فإن جميع أنواع صلاة الخوف الثابتة عنه -صلى الله عليه وسلم- جائزة عنده، والمختار منها عنده صلاة ذات الرقاع التي قدمنا اختيار الشافعي لها أيضًا، وهي أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعة ثم يتمون لأنفسهم ويسلمون ويذهبون إلى وجوه العدو، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الأخرى ثم يصلون ركعة، فإذا أتموها وتشهدوا سلم بهم.
وأما الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- فالمختار منها عنده أن الإمام يصلي بالطائفة الأولى ركعة إن كان مسافرًا أو كانت صبحًا مثلاً، واثنتين إن كان مقيمًا، ثم تذهب هذه الطائفة الأولى إلى وجوه العدو، ثم تجيء الطائفة الأخرى فيصلي بهم ما بقي من الصلاة ويسلم، وتذهب هذه الطائفة الأخيرة إلى وجوه العدو، وتجيء الطائفة الأولى وتتم بقية صلاتها بلا قراءة؛ لأنهم لاحقون، ثم يذهبون إلى وجوه العدو، وتأتي الطائفة الأخرى فيتمون بقية صلاتهم بقراءة؛ لأنهم مسبوقون، واحتجوا لهذه الكيفية بحديث ابن عمر المتقدِّم.."
الفرق الطائفة الأولى تأتي وتصلي الركعة الثانية بدون قراءة، والطائفة تأتي وتصلي الركعة الثانية بقراءة، الأولى؛ لأنهم لاحقون، والثانية؛ لأنهم مسبوقون. الآن الإمام انصرف قبل مجيء الطائفة الأولى أو لم ينصرف؟
طالب: .......
فيصيرون لاحقين أو مسبوقين الثانية؟
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
باعتبار الابتداء، باعتبار أنهم أدركوا الصلاة من أولها، والثانية باعتبار أنهم مسبوقون بالركعة الأولى التي صلاها بأولئك، لكن وجه إسقاط قراءة الفاتحة عن الطائفة الأولى إلا إذا قلنا بناءً على مذهبهم أن قراءة الفاتحة ليست بلازمة، فكذلك الثانية الحكم واحد، لكن المدرَك الذي فرَّقوا بسببه أن أولئك الطائفة الأولى أنهم لاحقون؛ لأنهم أدركوا الصلاة من أولها وكبروا مع الإمام تكبيرة الإحرام، فلا يمكن أن يوصفوا بأنهم مسبوقون وقد أدركوا تكبيرة الإحرام، أما الطائفة الثانية التي صلت معه الركعة الثانية فهم مسبوقون بالفعل، سبقهم الإمام بركعة، ولا يمكن لمن لحق الإمام من أول في تكبيرة الإحرام أن يقال: إنه مسبوق، والخلل حصل في أثناء الصلاة لا في آخرها، في أولها كالطائفة الثانية، وعلى كل حال الكلام هذا لا دليل عليه.
طالب: .......
نعم.. لحقوا الصلاة من أولها، ما يقال لهم مسبوقين، الذين أدركوا تكبيرة الإحرام يمكن أن تقول له مسبوق؟ تقول له مسبوق؟ لا، لكن الذي صلى الإمام قبل مجيئه ركعة كاملة كالطائفة الثانية هو مسبوق على كل حال، لكن ما الفرق بين اللاحق هذا؟ اللاحق تلزمه القراءة.
طالب: .......
هو أدرك الإمام في أول الصلاة، ولا يمكن أن يقال له مسبوق؛ لأنه أدرك الإمام في أول الصلاة.
طالب: .......
كل على مذهبه.
طالب: .......
الذي يظهر أنه بلا قراءة هذا الأصل.
طالب: .......
وتتم بقية صلاتها بلا قراءة؛ لأنه لاحق، وهو مع الإمام حكمًا حتى في ركعته الثانية؛ لأنه دخل في الصلاة من أولها، ولا يمكن أن يقال له مسبوق، بخلاف الطائفة الثانية التي جاءت في الركعة الثانية. على كل حال هي مسبوقة.
طالب: .......
نعم لكنه ليس مع الإمام الآن، لكنه حكمًا معه باعتبار أن من أدرك تكبيرة الإحرام لا يمكن أن يوصَف بأنه مسبوق.
طالب: .......
هذا توجيه كلامهم، وإن كان لا حظَّ له من النظر، لكن هذا توجيه كلامهم.
طالب: .......
بقراءة هم مسبوقون باعتبار أنهم فاتتهم الركعة الأولى، هم مسبوقون، لكن أولئك وقد أدركوا تكبيرة الإحرام مع الإمام لا يمكن أن يوصفوا بأنهم مسبوقون.
طالب: .......
وسط الصلاة الأولى لاحقون، والثانية مسبوقون.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
سمَّاهم لاحقين؛ لأن من أدرك تكبيرة الإحرام لا يمكن بحال أن يقال: إنه مسبوق، هل يمكن أن يأتي شخص بتكبيرة الإحرام ويقال له مسبوق؟ لكن لو افترضنا أن شخصًا كبَّر مع الإمام تكبيرة الإحرام، ونسي سجدة في الصلاة، وقلنا له: يقضي هذه الركعة، وبعد سلام الإمام جاء بهذه الركعة؛ لأن هذه الركعة بطلت فيأتي ببدلها، ماذا تسميه؟ لاحقًا أم مسبوقًا؟ على كلامهم: لاحق، هل يلزمه قراءة أو لا يلزمه؟ على كلامهم ما يلزمه قراءة؛ لأنه مدرك تكبيرة الإحرام، ولا يُسمى، ما يمكن أن يُسمى مسبوقًا، ولكن هذا الكلام ليس بشيء.
طالب: .......
خلفه حكمًا هو هذا منشؤه أنه أدرك تكبيرة الإحرام، ولا يمكن أن يوصف من أدرك تكبيرة الإحرام بأنه مسبوق، لكن هذا على حد قولهم، والله أعلم.
"وقد قدمنا أن هذه الكيفية ليس في رواية الصحيحين وغيرهما لحديث ابن عمر.."
يعني مثل كلامهم وهم مسبوقون بقول بعض السلف بالنسبة لصلاة العيد والاستسقاء يكبِّر في الأولى قبل القراءة، ويكبر في الثانية بعد القراءة؛ ليوالي بين القراءتين، التكبيرات في الأولى سبع وخمس، وعندهم ثلاث وثلاث في الركعتين، لكن في الأولى قبل القراءة، وفي الثانية بعد القراءة؛ ليوالي بين القراءتين، هل فيه موالاة بين القراءتين؟ ما فيه ركوع؟ ما فيه سجود؟ لكنه منقول عن بعض السلف بهذا التعليل عند ابن أبي شيبة وغيره، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: .......
الإمام في صلاة الخوف أم في الاستسقاء والعيد؟
طالب: .......
هو ما عليهم قراءة، المأموم ليس عليه قرءاة، لكن قراءة الإمام قراءة له.. هم وإن لم يجعلوها ركنًا من أركان الصلاة ويوجبوها لا يعني أنهم لا يقرؤون، لا يعني أنهم لا يقرؤون.
"وقد قدمنا أيضًا من حديث ابن مسعود عند أبي داود أن الطائفة الأخرى لما صلوا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- الركعة الأخرى أتموا لأنفسهم فوالوا بين الركعتين، ثم ذهبوا إلى وجوه العدو فجاءت الطائفة الأولى فصلوا ركعتهم الباقية، هذا هو حاصل المذاهب الأربعة في صلاة الخوف.
وقال النووي في شرح المهذب: صلاة ذات الرقاع أفضل من صلاة بطن نخل على أصح الوجهين؛ لأنها أعدل بين الطائفتين، ولأنها صحيحة بالإجماع، وتلك صلاة مفترض خلف متنفِّل، وفيها خلاف للعلماء. والثاني وهو قول أبي إسحاق: صلاة بطن نخل أفضل؛ لتحصِّل كل طائفة فضيلة جماعة تامة.
واعلم أن الإمام في الحضرية يصلي بكل واحدة من الطائفتين ركعتين، وفي السفرية ركعة ركعة، ويصلي في المغرب بالأولى ركعتين عند الأكثر، وقال بعضهم: يصلي بالأولى في المغرب ركعة، واعلم أن التحقيق أن.."
لأن تحقيق العدل في صلاة المغرب متعذِّر، ما يمكن أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة ونصفًا، وبالثانية ركعة ونصفًا، لا بد أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة على قول الأكثر، وبعضم يرى أنه مادام أولئك أدركوا تكبيرة الإحرام وفضيلة أول الجماعة، يكون العدل من جهة أخرى وهو أن يكون للثانية ركعتان، كما قال بعضهم.
قف على هذا: واعلم أن التحقيق..
اللهم صل وسلم وبارك...
طالب: ........
لا، صلاها الصحابة بعده -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ........
بعضهم يقول: إنها خاصة به -عليه الصلاة والسلام- محمد بن الحسن وغيره؛ لقوله: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [سورة النساء:102] إذا كنت فيهم، الجمهور لا، مستمرة، الصحابة صلوها بعده -عليه الصلاة والسلام- المقصود أن صلاة الخوف صلاها الصحابة بعده- عليه الصلاة والسلام-، فدل على استمرار حكمها.
طالب: ........
هو ما لحقه بشيء بعدما سلم، هم جاؤوا بعدما سلم، كيف تسقط عنهم القراءة؟ لكن باعتبار أنه أدرك تكبيرة الإحرام فلا يمكن أن يوصف بأنه مسبوق.