تعليق على تفسير سورة الأنفال من أضواء البيان (04)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: "فاعلم أن العلماء اختلفوا هل يفضل ذكرهم على أنثاهم؟".
لا، قبل بسطرين.
فإذا عرفت فاعلم هذا جواب ... سطرين.
"فإذا عرفت أنه -صلى الله عليه وسلم- قضى بخمس الخمس من غنائم خيبر لبني هاشم والمطلب، وأنهم ذوو القربى المذكورون في الآية.
فاعلم أن العلماء اختلفوا: هل يفضّل ذكرهم على أنثاهم، أو يقسم عليهم بالسوية؟ فذهب بعض العلماء إلى أنه كالميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا هو مذهب أحمد بن حنبل في أصح الروايتين. قال صاحب الإنصاف: هذا المذهب جزم به الخرقي، وصاحب الهداية، والمُذهِب".
المُذهَب المذهب.
"والمَذهَب".
المُذهَب.
"والمُذهَب ومسبوك الذهب، والعمدة، والوجيز، وغيرهم، وقدمه في الرعايتين، والحاويين، وغيرهم، وصححه في البلغة، والنظم، وغيرهما. وعنه".
يعني عن الإمام أحمد رواية أخرى.
"وعنه: الذكر والأنثى سواء. قدمه ابن رزين في شرحه، وأطلقهما في المغني، والشرح، والمحرر، والفروع، انتهـى من الإنصاف. وتفضيل ذكرهم على أنثاهم الذي هو مذهب الإمام أحمد: هو مذهب الشافعي أيضًا.
وحجة من قال بهذا القول: أنه سهم استحق بقرابة الأب شرعًا؛ بدليل أن أولاد عماته -صلى الله عليه وسلم-، كالزبير بن العوام، وعبد الله بن أبي أمية لم يقسم لهم في خمس الخمس، وكونه مستحقًا بقرابة الأب خاصة يجعله كالميراث، فيفضل فيه الذكر على الأنثى. وقال بعض العلماء: ذكرهم وأنثاهم سواء. وممن قال به المزني: وأبو ثور، وابن المنذر.
قال مُقيِّدُه عفا الله عنه: وهذا القول أظهر عندي؛ لأن تفضيل الذكر على الأنثى يحتاج إلى دليل، ولم يقم عليه في هذه المسألة دليل، ولم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه فضَّل ذكرهم على أنثاهم في خمس الخمس".
هذه المسألة نظير ما يحصل في الهبات والعطايا من الأب، هل يقسم على أولاده بالسوية ذكرهم وأنثاهم سواء؟ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «اتقوا الله وسووا بين أولادكم»، والولد يشمل الذكر والأنثى، سووا مقتضى التسوية أن يكون ذكرهم وأنثاهم سواءً، وجمهور أهل العلم على أنها تقسَم قسمة الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا الذي يقطع النزاع، وله أصل شرعي، فلعله هو الراجح في هذا وفي ذاك.
"والدليل على أنه ليس كالميراث: أن الابن منهم يأخذ نصيبه مع وجود أبيه، وجده انتهـى".
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
ما فيه انتهى، ما الطبعة التي معك؟
طالب: ............
لا ما هو كله كلام الإنصاف، قال مقيِّده كلامه هو، كلام المؤلف، ما عندنا انتهى، ما فيه انتهى، مع وجود أبيه وجده وصغيرهم وكبيرهم سواء.
طالب:...
ما فيه.
طالب: ............
أين؟
عندنا والدليل، ما فيه انتهى، ولا فيه نقل عن أحد؛ لأنه كلامه هو، كلام الشيخ -رحمه الله-، لكن يقول انتهى كلامي؟
طالب:...
كيف؟
طالب: ............
أنت عندك انتهى؟
طالب: ............
وصغيرهم وكبيرهم سواء.. استئناف.
طالب: ............
نعم. نعم.
"وصغيرهم وكبيرهم سواء، وجمهور العلماء القائلين بنصيب القرابة على أنه يقسم على جميعهم، ولم يترك منهم أحد خلافًا لقوم.
والظاهر شمول غنيهم، خلافًا لمن خصص به فقراءهم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخصص به فقراءهم، بخلاف نصيب اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. فالظاهر أنه يخصص به فقراؤهم، ولا شيء لأغنيائهم، فقد بان لك مما تقدم أن مذهب الشافعي، وأحمد رحمهما الله في هذه المسألة: أن سهم الله، وسهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- واحد، أنه بعد وفاته يصرف في مصالح المسلمين، وأن سهم القرابة لبني هاشم، وبني المطلب؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، وأنه لجميعهم: غنيهم وفقيرهم، قاتلوا أم لم يقاتلوا، وأن للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، وأن الأنصباء الثلاثة الباقية لخصوص الفقراء من اليتامى، والمساكين، وابن السبيل.
ومذهب أبي حنيفة: سقوط سهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسهم قرابته بموته، وأن الخمس يقسم على الثلاثة الباقية: التي هي اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. قال: ويبدأ من الخمس بإصلاح القناطر، وبناء المساجد، وأرزاق القضاة، والجند، وروي نحو هذا عن الشافعي أيضًا. ومذهب الإمام مالك -رحمه الله- أن أمر خمس الغنيمة".
الذي يخلف لا يسقط نصيبه، والذي ينقطع وينتهي ولا يكون له وارث يسقط، أما من بقي له وارث ولم ينقطع فإن حقه لا يزال باقيًا، يصرف لمن بقي ممن يحمل الوصف.
طالب: ............
نعم لآل البيت، الأصل أن تقضى حوائجهم من بيت المال، إذا لم يكن هناك فيء بسبب الجهاد فإنه يكون هناك فيء مما تخرجه الأرض، ويتكفل بنصيبهم بيت المال إذا لم يوجد؛ لأن الزكاة لا تحل لهم، فلا يتركون يموتون جوعًا، وليس لهم أن يتكففوا الناس ويأخذوا من زكواتهم؛ لأنها أوساخ الناس، فالأولى أن يصرف لهم من بيت المال، شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إذا كان الفيء منقطعًا، وليس لهم نصيب من بيت المال فإنهم يأخذون الزكاة ضرورة.
طالب: ............
نعم.
طالب: ............
لكن ليس كلهم يصل إلى هذه الأوقاف، أنا أعرف ممن ينتسب في مناطق نائية من الجزيرة يموتون جوعًاـ يجيؤون يشتكون.
طالب: ............
الباقي الباقي يكمل يكمل لهم حاجة بلا شك نعم، وهم أولى الناس بالبر، هم أولى الناس بالبر، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ............
الأصل العموم، الأصل العموم، بعضهم يرخص في الصدقات، ويقصر المنع على الزكاة، لكن كلها أوساخ.
"ومذهب الإمام مالك -رحمه الله- أن أمر خمس الغنيمة موكول إلى نظر الإمام واجتهاده فيما يراه مصلحة، فيأخذ منه من غير تقدير، ويعطي القرابة باجتهاده، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها: وبقول مالك هذا قال الخلفاء الأربعة، وبه عملوا، وعليه يدل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم»، فإنه لم يقسمه أخماسًا، ولا أثلاثًا، وإنما ذكر في الآية من ذكر على وجه التنبيه عليهم؛ لأنهم من أهم من يدفع إليه. قال الزجاج: محتجًّا لمالك، قال الله- عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[البقرة:215]، وللرجل جائز بإجماع العلماء أن ينفق في غير هذه الأصناف، إذا رأى ذلك، وذكر النسائي عن عطاء، قال: خمس الله وخمس رسوله واحد، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمل منه، ويعطي منه، ويضعه حيث شاء" انتهى من القرطبي.
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وقال آخرون: إن الخمس يتصرف فيه الإمام بالمصلحة للمسلمين، كما يتصرف في مال الفيء. وقال شيخنا العلامة ابن تيمية -رحمه الله-: وهذا قول مالك، وأكثر السلف، وهو أصح الأقوال، انتهى من ابن كثير. وهذا القول هو رأي البخاري بدليل قوله: باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال:41]، يعني للرسول قسم ذلك. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما أنا قاسم، وخازن، والله يعطي»، ثم ساق البخاري أحاديث الباب، في كونه -صلى الله عليه وسلم- قاسمًا بأمر الله تعالى.
قال مُقيِّده- عفا الله عنه-: وهذا القول قوي، وستأتي له أدلة، إن شاء الله، في المسألة التي بعد هذا، ولكن أقرب الأقوال للسلامة هو العمل بظاهر الآية، كما قال الشافعي، وأحمد- رحمهما الله-".
الآية ما تركت القسمة لأحد، إنما ذكرت جميع الأصناف التي تقسم بينهم كآية الزكاة.
طالب: ............
نعم.
طالب: ............
لماذا؟
طالب: ............
يعني للرسول قسم ذلك، فأن لله خمسه وللرسول يعني للرسول قسم ذلك، وهذا الذي يقوله البخاري، هو يتولى القسمة، وهو ليس بصريح أنه اختيار البخاري واختيار الإمام مالك أو ما يختاره شيخ الإسلام وغيره، كونه ما ذكر جميع الأقسام كعادته أنه يذكر طرف الآية ويترك الباقي.
طالب: ............
كونهم كثرًا في الأقطار في أقطار الدنيا تبع أقاليمهم بعد التقسيم الجغرافي الموجود في الأمة منذ أكثر من ألف سنة لا أحد يلزم أن ينفَق من مال هذا البلد إلى المسلمين في جميع أقطار الأرض؛ لأن هذا لا يتصور، نعم من أراد أن ينقل زكاته من مكان إلى مكان، وأما بيت المال المختص بهذا البلد لا يلزَم بأن ينفق على جميع الناس، وهو ما يتّأتى ما قلت، إلا إذا قلنا: إن بيت المال في هذا البلد ملزم بأن ينفق على جميع الفقراء في بلاد المسلمين أو جميع أهل البيت في بلاد المسلمين وهكذا.
الآن لو يوجد فقير في أقاصي الدنيا من المسلمين وتعرَف حاله في هذه البلاد يأثم ولي الأمر إذا ما أنفق عليه؟ أو من حيث التقسيم المعمول به عند المسلمين من بعد القرون الثلاثة؟ الإشكال قائم.
"ولكن أقرب الأقوال للسلامة هو العمل بظاهر الآية، كما قال الشافعي، وأحمد -رحمهما الله-؛ لأن الله أمرنا أن نعلم أن خمس ما غنمنا لهذه المصارف المذكورة، ثم أتبع ذلك بقوله: {إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} [الأنفال:41] وهو واضح جدًّا، كما ترى. وأما قول بعض أهل البيت؛ كعبد الله بن محمد بن علي، وعلي بن الحسين -رضي الله عنهما-: بأن الخمس كله لهم دون غيرهم، وأن المراد باليتامى، والمساكين: يتاماهم، ومساكينهم، وقول من زعم أنه بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، يكون لقرابة الخليفة الذي يوليه المسلمون، فلا يخفى ضعفهما، والله تعالى أعلم".
عطف الأقسام الثلاثة على ما تقدمها يقتضي المغايرة، يقتضي المغايرة، فدل على أن عطف اليتامى والمساكين على ذوي القربى وسهم الرسول يدل على أنهم غيرهم، صنف آخر.
"المسألة الثالثة: أجمع العلماء على أن الذهب والفضة وسائر الأمتعة كل ذلك داخل في حكم الآية يخمس، ويقسم الباقي على".
عندكم: المذهَّب، على أن المذهَّب؟ فيه ميم؟ ميم مضمومة، على أن الذهب.
طالب: ............
هذا قاطع لهذا الكلام، هذا موضح.
"المسألة الرابعة: أما أرضهم المأخوذة عنوة، فقد اختلف العلماء فيها، فقال بعض العلماء: يخير الإمام بين قسمتها، كما يفعل بالذهب، والفضة، ولا خراج عليها، بل هي أرض عشر مملوكة للغانمين، وبين وقفها للمسلمين بصيغة. وقيل: بغير صيغة، ويدخل في ذلك تركها للمسلمين بخراج مستمر يؤخذ ممن تقر بيده، وهذا التخيير هو مذهب الإمام أحمد. وعلى هذا القول إذا قسمها الإمام، فقيل: تخمس، وهو أظهر، وقيل: لا، واختاره بعض أجلاء العلماء قائلاً: إن أرض خيبر لم يخمس ما قُسِم منها. والظاهر أن أرض خيبر خمست، كما جزم به غير واحد، ورواه أبو داود بإسناد صحيح عن الزهري. وهذا التخيير بين القسم، وإبقائها للمسلمين، الذي ذكرنا أنه مذهب الإمام أحمد هو أيضًا مذهب الإمام أبي حنيفة، والثوري. وأما مالك -رحمه الله- فذهب إلى أنها تصير وقفًا للمسلمين، بمجرد الاستيلاء عليها. وأما الشافعي -رحمه الله- فذهب إلى أنها غنيمة يجب قسمها على المجاهدين، بعد إخراج الخمس، وسنذكر إن شاء الله حجج الجميع، وما يظهر لنا رجحانه بالدليل. أما حجة الإمام الشافعي- رحمه الله- فهي بكتاب وسُنَّة. أما الكتاب، فقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال:41] الآية، فهو يقتضي بعمومه شمول الأرض المغنومة.
وأما السُّنَّة: فما ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم-، قسم أرض قريظة، بعد أن خمسها، وبني النضير، ونصف أرض خيبر بين الغانمين. قال: فلو جاز أن يدَّعِي إخراج الأرض، جاز أن يدَّعِي إخراج غيرها".
يُدَّعى.
"فلو جاز أن يُدَّعى إخراج الأرض، جاز أن يُدَّعى إخراج غيرها فيبطل حكم الآية".
لكن يضعف قوة هذا القول مع قوة دليله نصف أرض خيبر، قسم نصف أرض خيبر، لو كانت كما قال الإمام الشافعي لقسمها كلها على هذا، وإلا فالقول أنها فتحت عنوة كما سيأتي لا يتأتى، نعم.
"قال مُقيِّده- عفا الله عنه-: الاستدلال بالآية ظاهر، وبالسُّنَّة غير ظاهر؛ لأنه لا حجة فيه على من يقول بالتخيير؛ لأنه يقول: كان مخيرًا فاختار القسم، فليس القسم واجبًا، وهو واضح كما ترى. وحجة من قال بالتخيير: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قسم نصف أرض خيبر، وترك نصفها، وقسم أرض قريظة، وترك قسم مكة، فدل قسمه تارة، وتركه القسم أخرى، على التخيير. ففي السنن والمستدرك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن ينزل به من الوفود، والأمور، ونوائب الناس، هذا لفظ أبي داود. وفي لفظ: عزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمانية عشر سهمًا، وهو الشطر لنوائبه، وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك: الوطيح، والكتيبة، والسلالم، وتوابعها".
الوطيح، الوطيح فعيل، قالوا: هو حصن في خيبر، حصن من حصون خيبر، وطيح على وزن شريف، حصن من حصون خيبر، والكتيبة والسلالم وتوابعها هل هي مواضع أم ما شأنها؟
طالب: ............
السلالم ما هي؟
طالب: ............
السلالم أين؟ بخيبر أم أين؟
طالب: ............
طلع عندنا كذلك؟ والكتيبة تصغير؟
طالب: ............
هذه معروفة الكُتيبة من قرى خيبر.
"وفي لفظ أيضًا: عزل نصفها لنوائبه، وما ينزل به؛ الوطيحة، والكتيبة، وما أحيز معهما، وعزل النصف الآخر: فقسمه بين المسلمين، الشق، والنطاة، وما أحيز معهما، وكان سهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما أحيز معهما. ورد المخالف هذا الاحتجاج، بأن النصف المقسوم من خيبر مأخوذ عنوة".
وما أُحيز معهما في الشقين أم في واحد منهما؟ الشق والنطاة وما أحيز معهما، فكان نصيب الرسول فيما أُحيز معهما، وليس منهما.
"ورد المخالف هذا الاحتجاج، بأن النصف المقسوم من خيبر مأخوذ عنوة، والنصف الذي لم يقسم منها: مأخوذ صلحًا، وجزم بهذا ابن حجر في فتح الباري. وقال النووي في شرح مسلم في الكلام على قول أنس عند مسلم: وأصبناها عنوة، ما نصّه قال القاضي: قال المازري: ظاهر هذا أنها كلها فتحت عنوة، وقد روى مالك، عن ابن شهاب، أن بعضها فتح عنوة، وبعضها صلحًا، قال: وقد يشكل ما روي في سنن أبي داود أنه قسمها نصفين: نصفًا لنوائبه، وحاجته، ونصفًا للمسلمين، قال: وجوابه، ما قال بعضهم: إنه كان حولها ضياع وقرى أجلي عنها أهلها، فكانت خالصة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وما سواها للغانمين، فكان قدر الذي جلوا عنه النصف، فلهذا قسم نصفين. انتهى منه بلفظه.
وقال أبو داود في سننه: حدثنا حسين بن علي العجلي قال: حدثنا يحيى يعني ابن آدم قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، وعبد الله بن أبي بكر، وبعض ولد محمد بن مسلمة، قالوا: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحقن دماءهم، ويسيرهم، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، فكانت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة؛ لأنها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. حدثنا محمد بن يحيى بن فارس".
يعني الذهلي.
"قال: حدثنا عبد الله بن محمد، عن جويرية، عن مالك، عن الزهري: أن سعيد بن المسيب أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- افتتح بعض خيبر عنوة. قال أبو داود: وقرئ على الحارث بن مسكين، وأنا شاهد، أخبرهم ابن وهب".
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
نعم، ما قال وأنا أسمع فقط، مثل..
طالب: ............
لا ما هو مثل النسائي، النسائي وراء العمود، وهو يسمع هذا شاهد، يشاهِد ويشاهَد، والنسائي حضر ويسمع، لكن ما يُرى، خلف السارية؛ لأن الحارث بن مسكين منع النسائي من السماع، فأراد أن يسمع ولا يرى أن إذن المحدِّث مشروط لصحة الرواية، وسمع، وله أن يقول: وأنا أسمع، ولذلك يقول النسائي: الحارث بن مسكين بدون رواية، ما يقول: حدثنا ولا أخبرنا، ولا عن فلان، الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.
طالب:...
ليس بصحيح.
"قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب: أن خيبر كان بعضها عنوة، وبعضها صلحًا، والكتيبة أكثرها عنوة، وفيها صلح، قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر".
لعلها المصغَّرة كُتيبة.
"قلت لمالك: وما الكُتيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق.
قال مُقيِّده -عفا الله عنه-: وهذا الذي ذكرنا: يقدح في الاحتجاج لتخيير الإمام في القسم، والوقفية بقضية خيبر كما ترى، وحجة قول مالك -رحمه الله- ومن وافقه في أن أرض العدو المفتوحة عنوة تكون وقفًا للمسلمين، بمجرد الاستيلاء عليها أمور: منها: قوله -صلى الله عليه وسلم- الثابت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم»، شهد على ذلك، لحم أبي هريرة ودمه".
هل تم المنع في عهده -عليه الصلاة والسلام-؟
طالب: ............
ما كانت موجودة، هذا من إخباره عنه -عليه الصلاة والسلام- بما سيحدث.
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
نعم.
"ووجه الاستدلال عندهم بالحديث أن: منعت العراق إلى آخره بمعنى ستمنع; وعبر بالماضي إيذانًا بتحقق الوقوع، كقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف:99] الآية، وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل:1] الآية. قالوا: فدل ذلك على أنها لا تكون للغانمين؛ لأن ما ملكه الغانمون لا يكون فيه قفيز ولا درهم، ولحديث مسلم هذا شاهد من حديث جابر عند مسلم أيضًا، ومن حديث أبي هريرة أيضًا عند البخاري. وقال ابن حجر في فتح الباري في كتاب فرض الخمس ما نصه: وذكر ابن حزم أن بعض المالكية احتج بقوله في حديث أبي هريرة: «منعت العراق درهمها» الحديث على أن الأرض المغنومة لا تباع، ولا تقسم، وأن المراد بالمنع منع الخراج، وردُّه".
ردَّه.
"وردَّه بأن الحديث ورد في الإنذار بما يكون من سوء العاقبة، وأن المسلمين سيَمنعون".
سيُمنعون.
"وردَّه بأن الحديث ورد في الإنذار بما يكون من سوء العاقبة، وأن المسلمين سيُمنعون حقوقهم في آخر الأمر، وكذلك وقع. واحتجوا أيضًا بما ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها، كما قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر. وفي لفظ في الصحيح عن عمر: أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس بيانًا ليس لهم شيء ما فُتحَت علي قرية إلا قسمتها، كما قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها".
ما معنى بيانًا ليس لهم شيء، بيانًا ليس لهم شيء؟
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
هو بابًا وإلا بياتًا، أما بيانًا ما تجيء، في الغالب هي يبابًا.
طالب: بياتًا؟
يبابًا أو بياتًا كمن يبيت بلا أكل ولا شرب ولا مأوى.
"واحتج أهل هذا القول أيضًا بأن الأرض المغنومة لو كانت تقسم، لم يبق لمن جاء بعد الغانمين شيء".
طالب: ............
في الفتح بموحدتين، وتشديد؟
طالب: الباء والنون...
ماذا يقول؟
طالب:...
يعني ببانًا، ببَّانًا بتشديد الباء الثانية؟ بياتًا واضح أو يبابًا معانيها واضحة، لكن ببَّانًا؟
طالب: ............
من أين أخذت الكلام هذا؟
طالب: ............
قال أبو عبيد أم ماذا؟
طالب: ............
نعم.
"واحتج أهل هذا القول أيضًا: بأن الأرض المغنومة لو كانت تقسم، لم يبق لمن جاء بعد الغانمين شيء، والله أثبت لمن جاء بعدهم شركة بقوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [الحشر:10] الآية، فإنه معطوف على قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا} [الحشر:8]، وقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [الحشر:9] وقول من قال: إن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر:10] مبتدأ خبره: يقولون، غير صحيح؛ لأنه يقتضي أنه تعالى أخبر بأن كل من يأتي بعدهم يقول: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر:10] الآية. والواقع خلافه؛ لأن كثيرًا ممن جاء بعدهم يسبون الصحابة ويلعنونهم".
بهذا استدل شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم ممن يقولون: إن الذي يسب السلف لا نصيب له في الفيء من هذه الآية.
"والحق أن قوله: والذين جاءوا، معطوف على ما قبله، وجملة يقولون، حال كما تقدم في آل عمران، وهي قيد لعاملها وصف لصاحبها.
قال مُقيِّده- عفا الله عنه-: هذه الأدلة التي استدل بها المالكية، لا تنهض فيما يظهر؛ لأن الأحاديث المذكورة لا يتعين وجه الدلالة فيها؛ لأنه يحتمل أن يكون الإمام مخيرًا، فاختار إبقاءها للمسلمين، ولم يكن واجبًا في أول الأمر، كما قدمنا. والاستدلال بآية الحشر المذكورة واضح السقوط؛ لأنها في الفيء، والكلام في الغنيمة، والفرق بينهما معلوم كما قدَّمنا.
قال مُقيِّده -عفا الله عنه-: أظهر الأقوال دليلاً أن الإمام مخير، ويدل عليه كلام عمر في الأثر المار آنفًا، وبه تنتظم الأدلة، ولم يكن بينها تعارض، والجمع واجب متى ما أمكن. وغاية ما في الباب أن تكون السنة دلت على تخصيص واقع في عموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال:41] الآية. وتخصيص الكتاب بالسُّنَّة كثير. قال القرطبي في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها، بعد أن ذكر القول بالتخيير، ما نصه: قال شيخنا أبو العباس -رضي الله عنه-: وكأن هذا جمع بين الدليلين".
شيخه أبو العباس القرطبي صاحب المُفهِم صاحب المُفهِم؛ لئلا يَهِم من يَهِم ويقول: إن المراد بشيخه أبو العباس ابن تيمية كما يقول ابن القيم، القرطبي التلميذ، وعمر شيخ الإسلام عشر سنوات ما هو بالشيخ، ستمائة واحد وستين، واحد وسبعين، ستمائة واحد وسبعين، قبل موت الشيخ بعشر سنوات، ما ادعى الخلاف في وفاته، لكن هذا المذكور، شيخ الإسلام متى ولد؟ ستمائة واحد وسبعين، واحد وستين وهو مات واحد وسبعين.
"قال شيخنا أبو العباس -رضي الله عنه-: وكأن هذا جمع بين الدليلين ووسط بين المذهبين، وهو الذي فهمه عمر -رضي الله عنه- قطعًا. ولذلك قال: لولا آخر الناس، فلم يخبر بنسخ فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-; ولا بتخصيصه بهم. فإن قيل: لا تعارض بين الأدلة على مذهب الشافعي؛ لأن ما وقع فيه القسم من خيبر مأخوذ عنوة، وما لم يقسم منها مأخوذ صلحًا، والنضير فيء، وقريظة قسمت.
ولو قال قائل: إنها فيء أيضًا؛ لنزولهم على حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يُحكِّمَ فيهم سعدًا، لكان غير بعيد، ولكن يرده: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- خمسها، كما قاله مالك، وغيره. ومكة مأخوذة صلحًا؛ بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن»، وهذا ثابت في صحيح مسلم".
سبق جواب المؤلف -رحمه الله- عن مكة، وأنها تختلف في أحكامها عن غيرها من البلدان، وأن لها خصائص، وهذا منها.
طالب: ............
نعم.
طالب: ............
أين؟
طالب: ............
ما أدري، ما فيه فاصل، يقول: لو قال قائل، هذا تعقيب عليه.
كمِّل سنرى.
"فالجواب: أن التحقيق أن مكة فتحت عنوة، ولذلك أدلة واضحة، منها".
قف على هذا.
قف على هذا.