شرح كتاب التوحيد - 01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فتُفتتح هذه الدورة بعون الله وتوفيقه -إن شاء الله تعالى- وهي كما أُعلن عنها مختصة بالاعتقاد، وما يحتاجه طالب العلم من مسائل الاعتقاد من أنواع التوحيد ومتطلباته، وما يضاده ويناقضه، ولا يخفى على أحد أهمية هذا العلم، وأنه رغم أهميته وأنه أصل العلوم وأساسها وقبول الأعمال كلها متوقف على تحقيقه -على تحقيق التوحيد-.
والدرس الأول في هذه الدورة هو في شرح كتاب التوحيد للإمام المجدد، الإمام الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه-، وهو غني عن التعريف.
وموضوع كتاب التوحيد في الجملة: توحيد العبادة -توحيد الألوهية-؛ نظراً لمسيس الحاجة إليه، فالإمام -رحمة الله عليه- رأى أن الحاجة ماسَّة في عصره إلى تحقيق هذا التوحيد، وأن الناس من أهل زمانه أخلوا بهذا التوحيد حتى شابهوا من وجوه من بُعث فيهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بحيث وجد الشرك بأنواعه.
وأما بالنسبة لتوحيد الربوبية فهذا يعترف به المشركون ولم يجحدوه، والمؤلفات فيه من قبل المسلمين كثيرة، والشيخ حينما ألف هذا الكتاب -رحمه الله تعالى- تلمَّس حاجة الناس، فلم يبسط أنواع التوحيد -أعني توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات- مثل ما بسط توحيد الألوهية؛ نظراً للحاجة الماسَّة الداعية إلى ذلك.
وكل مؤلف يريد نفع المسلمين، إنما يؤلف فيما تمسُّ حاجتهم إليه، فإذا رأى أن الحاجة ماسة في وقت من الأوقات إلى نوع من أنواع العلوم تصدى للتأليف فيه وبيانه، وكشف ما يلتبس على الناس فيه.
قد يقول قائل: إن المؤلفات قد تبلغ المئات في فن واحد، بل في شرح كتاب واحد، فكم من تفسير ألفه المسلمون على كتاب الله -جل وعلا-؟ لماذا لم يكتف بعضهم بمؤلف البعض الآخر؟ لماذا لم يكتف المتأخر بمؤلف المتقدم؟ ومازال العلماء يفسرون كلام الله إلى يومنا هذا، بل وإلى ما شاء الله، ولم يكتفِ بعضهم ببعض، وقل مثل هذا في شروح الأحاديث، فإذا كانت التفاسير التي تشرح كتاب الله -جل وعلا- لا يمكن أن يحاط بها،
فإذا وجد من الحواشي على تفسير واحد أكثر من مائة حاشية، فكيف بجميع التفاسير؟
ما قال: إنه يُكتفى بتفسير الطبري عن تفسير البغوي، عن تفسير ابن كثير، عن كذا كذا، والحاجة مازالت داعية إلى التفسير، ومازال العلماء كل من جاء يرى أن هناك جانبا من جوانب التفسير لم توفَّ حقَّها؛ فلذا تجدون لكل تفسير خصائص لا توجد في غيره، وأما التفاسير التي هي مجرد نقل من غير تحرير ولا تحقيق ولا تجديد، هذه حكمها حكم العدم.
وكذلك الشروح، لو قال قائل: إنَّ البخاري مازال بحاجة إلى شرح، مع أنه شرح بشروح كثيرة جداً، مطولات ومختصرات، حتى قال الشوكاني -رحمه الله- لما سئل -طلب منه أن يشرح البخاري- قال: "لا هجرة بعد الفتح".
وهل معنى هذا أن الحاجة سُدَّت بفتح الباري فقط؟
لا، فتح الباري لا يغني عن عمدة القاري، عمدة القاري لا تغني عن إرشاد الساري، وكلها لا تغني عن شرح ابن رجب، وهكذا.
أما بالنسبة لتوحيد الألوهية الذي صنف فيه الإمام المجدد هذا الكتاب فالحاجة داعية، بل ماسة، والناس أحوج إلى بيانه في كل وقت، لكن في وقت الشيخ -رحمه الله تعالى- كانت الحاجة أشد.
أنواع التوحيد ألف فيها المؤلفات الكثيرة، وأكثر المؤلفات تعالج توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات له نصيب، وأما توحيد الألوهية فرأى الشيخ -رحمة الله عليه- من الواقع الذي يعيشه، من الواقع المرير الذي تقع فيه المخالفات في أصل الأصول -وهو تحقيق التوحيد- رأى -رحمه الله تعالى- أن الحاجة ماسة إلى التأليف في هذا النوع من أنواع التوحيد، وإلا فأنواع التوحيد كما قررها أهل العلم بطريق الاستقراء للنصوص ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
توحيد الربوبية: هو توحيد الله -جل وعلا- بأفعاله، كالخلق والرزق، الإحياء، الإماتة، كل هذه من خصائصه -جل وعلا-، لا يدعي أحد أنه يخلق، ولا يدعي أحد أنه يرزق، ولا يدعي أحد أنه يحيي، إلا على طريق المكابرة مع علمه وجزمه يقيناً أنه لا يستطيع ذلك، ولا أنه يُميت.
قد يكون الإنسان سبباً في رزق مخلوق، وقد يكون سبباً في إماتته، لكنه قد يكون سبباً في إنقاذ حياته إذا أشرف على الموت وأسعفه فالذي أحياه هو الله -جل وعلا- لكن هذا سبب، فالإنسان حينما يتصدق من ماله الذي اكتسبه وتعب عليه، هو في الحقيقة إنما أعطى من مال الله الذي أعطاه إياه، والله -جل وعلا- حينما يكتب الحياة -حياة الغريق مثلاً- على يد من أنقذه، فالمحيي هو الله -جل وعلا-؛ لأن الأجل لم يتم، ولكن هذا صار سبباً في إنقاذ هذا الغريق من الهلكة، فالخالق هو الله، ولا يدعي أحد أنه يخلق نفسه أو ولده فضلاً عن غيره، والرازق هو الله -جل وعلا- وهو الذي كتب الأرزاق وقدرها، {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ} [32) سورة الزخرف].
والمحيي والمميت هو الله -جل وعلا- ولا أحد يدَّعي ذلك، حتى ولا أهل الشرك، من بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدَّعون ذلك.
وأما توحيد الله بأفعال العباد وتخليص وتنقية هذا التوحيد فهذا هو الذي أشرك فيه المشركون القدامى والمحدَثون، فهم وإن كانوا يعترفون بأن الله -جل وعلا- هو الخالق، وهو الرازق، والمدبر، والمحيي والمميت، لا خالق غيره، لكنهم وإن صرفوا له شيئاً من أنواع العبادة إلا أنهم يصرفونها أيضاً لغيره، فقد أشركوا، وإن طافوا بالبيت لله -جل وعلا- إلا أنهم يقولون: لبيك لا شريك لك لبيك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، فهم يشركون مع الله -جل وعلا-، وهذا النوع من التوحيد وجد الخلل فيه قديماً وحديثاً.
والإمام المجدد -رحمه الله- يقرر -رحمة الله عليه- أن الشرك في هذا النوع في العصور المتأخرة في زمنه -رحمه الله- أشدّ مما كان في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لماذا؟
لأن المشركين الذين بُعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- يشركون في الرخاء، لكنهم يخلصون في الشدة، ومشركوا زمانه -رحمة الله عليه- ومن بعدهم إلى يومنا هذا شركهم دائمٌ في الرخاء والشدة، تجده في أوقات الأزمات يقول: يا فلان، يا علي، يا حسين، يا بدوي، يا عبد القادر، في أحلك الظروف يقول ذلك، لكن المشركين الذين بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [(65) سورة العنكبوت]، يعني في حال الأمن يشركون، وفي حال الشدة يخلصون.
بينما تجد الآن والإنسان يتعرض إلى غرق أو حرق أو دهس أو ما أشبه ذلك يقول: يا فلان، يا فلان، فشركهم دائم في الرخاء والشدة.
فلما اشتدت الحاجة ومست بل دعت الضرورة إلى بيان هذا النوع من أنواع التوحيد خصص الإمام المجدد -رحمة الله عليه- هذا الكتاب في توحيد العبادة -توحيد الألوهية-.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا وارفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، واغفر لنا ولشيخنا والسامعين، برحمتك يا ذا الجلال والإكرام.
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في كتابه كتاب التوحيد:
"باب قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ...} [(56) سورة الذاريات]".
على طول: بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد، وقول الله تعالى.
طالب: باب قول الله تعالى؟
الترجمة هكذا؟
طالب: إي نعم.
"بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد وقول الله تعالى": يعني هل كتاب التوحيد ترجمة كبرى يندرج تحتها جميع الأبواب اللاحقة أو أنها ترجمة خاصة بهذا الباب، ويكون المراد بهذا الكتاب -هذه الترجمة- بيان معنى التوحيد؟
الآن هل كتاب التوحيد قبل البسملة أو بعدها؟
طالب: في عدة نسخ بعد البسملة.
يعني كتاب التوحيد هل هو عنوان للكتاب كله، أو عنوان لهذا الباب؟
طالب:.......
إيه لكن النسخ التي في أيدينا من الطبعات القديمة كلها: "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد".
وهل التراجم اللاحقة قسم أو قسيم لهذا الباب؟
لأن مقتضى كلامه أنه "باب قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ...}"؟
طالب: إي نعم.
هاه، إيش هو؟
طالب:.......
ما في باب أصلاً.
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
فتح المجيد..، ماذا قال؟
طالب: يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "كتاب التوحيد".
"كتاب التوحيد وقول الله تعالى": كأنهم رأوا أن "كتاب" عنوان الكتاب كاملاً، وأن جميع الأبواب اللاحقة مندرجة تحت هذا العنوان الكبير، ويدل على ذلك كلمة كتاب، ...... هذا كتاب ويتلوه كتب، نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
لأصبح قسيماً، لكنه كتاب واحد تحته أبواب، وهذه الأبواب أقسام لهذا الكتاب وأنواع له، وعلى كل حال الطبعات القديمة كلها "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد وقول الله تعالى": ويكون المراد بهذا الكتاب في لهذه الترجمة الخاصة وما تحتها من آيات وأحاديث في بيان معنى التوحيد.
طالب:.......
الآن عنوان الكتاب بالكامل: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
وقوله: الذي هو حق الله على العبيد مأخوذ من الحديث الذي يأتي "ما حق العباد على الله، وما حق الله على العباد"؟
حقه عليهم التوحيد، ولذلك قال: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، هذا العنوان الأكبر للكتاب، ثم بعد ذلك قال: "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد": هذا فيه إشكال أو ما فيه إشكال؟
الكتاب تقدم الذي هو العنوان، ولو كان باب التوحيد وقول الله تعالى، لقلنا: إن المراد بالترجمة باب معنى التوحيد، أو معناه الذي تشرحه الآيات والأحاديث التي أدخلت ضمن الترجمة، الإشكال زال أو باقي؟
يعني التصرف هذا الموجود من بعض الطابعين...
طالب:.......
ماذا؟
الآن قال: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، ثم بعد ذلك مقدمة من وضع المحقق، مباشرة:
"باب قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات]: فأين البسملة التي ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى-؟ المحقق اكتفى بها في مقدمته هو، والأصل أنها موجودة، موجودة في كلام المؤلف إلا إذا كان مثل بعض المحققين يكتفي بالبسملة المرسومة بطريقة مزخرفة في أول صفحة يراها أنها هي البسملة في الكتاب، هل هذه تكفي عن بسملة الشيخ -رحمه الله-؟ ثم بعد ذلك بعد هذه البسملة قال: بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة كتاب التوحيد، ثم جاء بكلام له -للمحقق نفسه- ثم بعد ذلك: "باب قول الله تعالى"، لا شك أن هذا خلل في التحقيق.
قد يقول: إن هناك إشكالاً في ترجمة كتاب وما بعده كلها أبواب، وليس لهذا الكتاب قسيم ولا قسائم، يكون فيه إشكال، هذا العنوان الأصلي للكتاب، فالمفترض أن يكون هنا باب كالأبواب اللاحقة، نعم من حيث الترتيب المنهجي للتأليف يمكن أن يقال هذا، لكن الأصل إبقاء كتب أهل العلم على الوضع الذي تركه مؤلفوه عليها،
طالب:.......
لا أدري، فيها شك، كأن الكتاب لا عنوان له، يعني من الأصل "بسم الله الرحمن الرحيم" كتاب التوحيد
بدون عنوان.
طالب:.......
لا لا، اتفاقا لا توجد مقدمات
طالب:.......
هذه يذكرها بعض النساخ، أما الأصل أن لا توجد مقدمات...، ولذلك تكلموا لماذا لم يذكر الشيخ مقدمة؟
طالب:.......
يعني نسخة معتمدة.
طالب:.......
من الذي يقول هذا؟
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
على كل حال أكثر الشراح يشرحون على هذا الأساس أن الكتاب ليست له مقدمة، وأنه نظير صنيع الإمام البخاري، على هذا أكثر النسخ، المقصود أن مثل هذا التصرف الذي وضعه هذا المحقق، يعني لم يذكر كتاب التوحيد إلا في ترجمة العنوان الأصلي للكتاب ولا كررها مرة ثانية، بدءاً بها في مقاصد الكتاب هذا لا شك أنه غير مرضي، وإن كان من حيث الناحية المنهجية أن الكتاب هو العنوان الأكبر للكتاب، وما بعده ينبغي أن يكون أبواب، لكن الطبعات القديمة كلها: "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد".
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب التوحيد
قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات]، وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [(36) سورة النحل]، وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [(23) سورة الإسراء]، وقوله: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(151) سورة الأنعام].
وقوله: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(36) سورة النساء].
طالب: هذه بعدها يا شيخ.
كيف؟
طالب: بعدها.
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقوله: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}.
طالب: ما في قوله تعالى.....؟؟
بعدها {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ}.
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
سيأتي هل هو استئناف أوعطف
نعم.
وقوله: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(151) سورة الأنعام]، وقوله: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(36) سورة النساء].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(151) سورة الأنعام]، إلى قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} [(153) سورة الأنعام].
عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: "كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار، فقال لي: ((يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟)) قلت: الله ورسوله أعلم؟ قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)) قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: ((لا تبشرهم فيتكلوا)) [أخرجاه في الصحيحين]".
اقرأ المسائل؟
"فيه مسائل:
الحكمة في خلق الجن والإنس.
الأولى، الأولى.
"الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
الثانية: أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه.
الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله، ففيه معنى قوله: {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [(3) سورة الكافرون].
الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل.
الخامسة: أن الرسالة عمت كل أمة.
السادسة: أن دين الأنبياء واحد.
السابعة: المسألة الكبيرة: أن عبادة الله لا تحصل إلاَّ بالكفر بالطاغوت ؛ ففيه معنى قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ...} الآية [(256) سورة البقرة].
الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عُبد من دون الله.
التاسعة: عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف.
وفيها عشر مسائل: أولاها: النهي عن الشرك.
العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثماني عشرة مسألة.
ثماني عشرة.
وفيها ثماني عشر مسألة بدأها الله بقوله: {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً} [(22) سورة الإسراء]، وختمها بقوله: {وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} [(39) سورة الإسراء]، ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} [(39) سورة الإسراء].
الحادية عشر: آية سورة النساء التي..
الحادية عشرة.
أحسن الله إليك.
الحادية عشرة: آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة، بدأها الله تعالى بقوله: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(36) سورة النساء].
الثانية عشرة: التنبيه على وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته.
الثالثة عشرة: معرفة حق الله علينا.
الرابعة عشرة: معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.
الخامسة عشرة: أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة.
السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره.
الثامنة عشرة: الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: "الله ورسوله أعلم".
العشرون: جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض.
الحادية والعشرون: تواضعه -صلى الله عليه وسلم- لركوب الحمار مع الإرداف عليه.
الثانية والعشرون:
الثانيةُ كلها مرفوعة.
الثانية والعشرون: جواز الإرداف على الدابة.
الثالثة والعشرون: فضيلة معاذ بن جبل –رضي الله عنه-.
الرابعة والعشرون: عظم شأن هذه المسألة".
هذا يقول: متى سيبدأ الدرس الأول، هل سيكون مثل اليوم؟
يعني بعد الصلاة مباشرة يبدأ الدرس الأول لمدة الساعة أو ساعة وربع، ثم يحصل بعد ذلك راحة لمدة ربع ساعة، ثم يستأنف الدرس الثاني وينتهي قبل أذان المغرب بربع ساعة؛ ليتمكن الأخوة من أذكار المساء، وأما الدرس الثالث فهو بين الصلاتين.
يقول هذا: أتمنى أن يكون الشرح كشرح عمدة الأحكام من حيث السرعة والإلمام بالفائدة، من حيث السرعة والإلمام بالفائدة؟
هذه المسألة يعني طرحت كثيراً في جميع الدروس، ويختلف فيها الإخوان وتتباين فيها أقوالهم، منهم من يريد البسط، ومنهم من يريد الاختصار، لكننا في الغالب يعني إذا كان الباب طويلاً فإنا نكتفي بباب واحد، وإذا كان قصيراً ضممنا إليه آخر، والشرح سيكون -بإذن الله- متوسطاً لا طويلاً ولا مختصراً مخل.
يقول: ما رأيك بكتاب فتح الحميد شرح كتاب التوحيد لعثمان بن منصور وهل يختصر أو يجرد؟
هذا الشرح هو يكاد أن يكون -بل هو بدون تردد- أطول الشروح، و ظل حبيساً لم ينشر كبقية الشروح؛ نظراً لما وُصف به مؤلفه من خلاف مع أئمة الدعوة، منهم من يقول: إن الكتاب يشتمل على شيء من ذلك، ومنهم من يقول: الكتاب لا إشكال فيه، طال البحث والجدال فيه، ثم في الأخير حقق الكتاب وطبع ونشر، وواقع الكتاب يدل على أن فيه فوائد كثيرة، لكنه كما قيل عن مؤلفه: إنه بينه وبين أئمة الدعوة شيء من النفرة، ولا يمنع هذا من الإفادة منه، وما كان فيه من حق فهو مقبول، وما كان فيه مما يخالف الحق فهو مردود.
ما الشروح المعتمدة للكتب التي سوف تشرح؟
-الشروح المعتمدة- أولاً: هذا الكتاب أعني كتاب التوحيد حظي بشروح كثيرة جداً، منذ تأليفه إلى يومنا هذا وهو يشرح، وما من عالم إلا وقد تصدى لشرحه، سواءً كتب شرحه أو أملاه، أو سجل عنه، أو ذهب أدراج الرياح قبل التسجيل، لكن لا يوجد عالم تصدى لتعليم الناس، إلا وقد شرح لهم كتاب التوحيد، ولا يوجد طالب علم إلا وقد حفظ كتاب التوحيد؛ لأنه من الكتب المهمة الأصلية في هذا الباب، يعني من القواعد والأسس التي يبنى عليها هذا الفن؛ لأنه في توحيد الألوهية الذي يخفى أمره على كثير من الناس، كثير من بيوت المسلمين -من عوام المسلمين- يقع في الشرك الأكبر وهو لا يدري؛ فلذا يتعين تعليم الناس -حتى العوام- إجمالاً لأبواب هذا الكتاب، ولو لم يكن بالتفاصيل التي يتلقاها طلاب العلم من أهل العلم، الإشكال أن العوام نعم يكفيهم التقليد، ويكفيهم الإيمان الإجمالي، لكن مع ذلك لا يجوز أن يقعوا في خلل وهم في أوساط علمية، وفي بيوتهم من يحسن تعليمهم؛ ولذا من البر أن يخص المعلم أو المتعلم أقرب الناس إليه، وأحب الناس إليه، بشيء مما ينفعهم في دينهم.
مع الأسف أنه يوجد من كبار السن ذكورا وإناثا من لا يقرأ حرفاً من القرآن، حتى الفاتحة، وفي بيوتهم أفراد ممن يحفظ القرآن، أو يقرأ القرآن بالتجويد، ومع ذلك لا يقدم لهم شيئاً، من أبر البر أن تعلم أباك سورة أو سور من القرآن، أو أمك، وأيضاً ما يُحتاج إليه مما يصح به إسلامُ المرء.
هل يتصور أن امرأة عاشت في بيئة محققة للتوحيد، ودولة قامت على التوحيد، أن تسمع محاضرة من داعية –امرأة- تحذر من كلمة شركية وتبدأ بها هذه المرأة في أذكار النوم؟
هذه المرأة ما تفهم، سمعت هذه الكلمة وحفظتها فبدأت بها، أليس من أبر البر أن يعلم عوام المسلمين هذه العقائد التي تنجيهم من النار؟
قد يعذر المرء بجهله، لكن لماذا ننتظر أن يموت الوالد أو الوالدة على شيء من الشرك ولو لم يكن أكبر، ثم نقول بعد ذلك: نعذره بجهله؟ لماذا لا نعلمه ما يصحح اعتقاده؟
والبيوت ولله الحمد مملوءة بالمتعلمين -بل بالمعلمين- وإذا كان نفع العالم للبعيد دون القريب فهذا يشك في إخلاصه، لكن قد يوجد من الكبار من يتصدى لتعليم الناس، ونجد أولاده ما استفادوا منه، هل نقول: إن هذا قصر في حقهم، أو أنه حاول وما استطاع؛ لأن الهداية بيد الله؟
نعم هذا هو المظنون بأهل العلم.
ورأيت شاباً يلقن شيخاً كبيراً في فجر يوم الجمعة بعد الصلاة سورة الكهف كلمة كلمة، هو بعيد عنه من جهة النسب، لكن رأى أنه محتاج فإلى أن طلعت الشمس وهو يلقنه سورة الكهف كلمة كلمة، فلماذا لا نفعل هذا مع أقرب الناس إلينا؟
تجد الأم لا تقرأ، تجد الأب يحضر إلى المسجد، بل تجد المؤذن أول ما يحضر إلى المسجد، ثم يلتفت يميناً وشمالاً لا يتكلم بكلمة؛لأنه لا يقرأ القرآن، مثل هذا أليس من أعظم البر أن يعكف الولد على تعليمه بعض السور التي يقضي بها مثل هذا الفراغ ويكتب بها الأجور؟
فهذا من الأهمية بالغاية، يعني في غاية الأهمية.
هذا الكتاب شُرح شروحاً كثيرة منها بل ما يعد من أوائلها: تيسير العزيز الحميد، للشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد، المولود سنة 1200هـ، المتوفى سنة 1233هـ، شاب -رحمه الله-، وُشي به عند إبراهيم باشا فأمر الجنود أن يطلقوا عليه الرصاص فقتلوه، بعد أن غاضه بإحضار الملاهي والأصوات التي يكرهها -رحمه الله-، هذا أول الشروح لكنه لم يَكمل، وإلا فهو شرح موسع إلى باب ما جاء في المصورين.
ثم جاء الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الإمام المجدد، فاختصر وهذب هذا الشرح وأكمله في كتاب من أنفع الشروح لهذا الكتاب اسمه: (فتح المجيد) فحذف من تيسير العزيز الحميد ما لا يحتاج إليه من تكرار واستطراد وما أشبه ذلك، وأضاف ما تمس الحاجة إليه، وشروح لا تكاد تحصر وحواشي.
ومن هذه الشروح وهو شرح مختصر، وهو في غاية الأهمية والنفع اسمه: (قرة عيون الموحدين)، وهو لصاحب فتح المجيد الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وهو مختصر، والأول مطول.
ومنها شرح عثمان بن منصور، وهو كتاب موسع كما ذكرنا، وفيه ما فيه مما جعل نشره يتأخر، ثم نشر أخيراً، وهناك شروح أيضاً مختصرة من الشروح السابقة، مثل: (إبطال التنديد) للشيخ حمد بن عتيق، ومنها حواشي للشيخ عبد الرحمن بن قاسم، والشيخ سليمان بن حمدان، و(مقاصد التوحيد) للشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وعلى كل حال مثل ما ذكرنا ما من عالم إلا وله بصمة على هذا الكتاب، شرح هذا الكتاب إما بشرح مكتوب أو مسجل، أو متلقى في صدور الطلاب.
شرح الشيخ سليمان بن حمدان -على ذكره- يُعنى ببيان المسائل وشرحها وتوضيحها، كثير من الشراح أهمل الكلام عليها، وهي في غاية الأهمية، هي استنباط الشيخ بدقته من النصوص السابقة.
بعض المسائل قد يحتار فيها القارئ لا يجد لها رابطاً واضحاً بيناً وبين ما تقدم من النصوص، فالشيخ سليمان بن حمدان حرص على بيان هذه المسائل.
هناك شروح أيضاً مبسوطة ومسهلة وميسرة، كتبت على هذا الكتاب منها: شرح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، وشرح الشيخ صالح الفوزان، وشروح كثيرة يعرفها طلاب العلم، وهي موجودة ومتداولة، هذا بالنسبة لهذا الكتاب.
وأما بالنسبة لـ(سلم الوصول) فالشرح المعروف المتداول هو شرح المؤلف، شرح الناظم نفسه، الشيخ حافظ الحكمي اسمه (معارج القبول)، هذا شرح لا مزيد عليه، حقيقةً، بإفاضة شرح كتابه.
وأما بالنسبة لعقيدة السفاريني فشرحها مؤلفها في شرح مطول جداً، في مجلدين اسمه: (لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية في شرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية)، هذا الشرح مطول موسع، ولذا احتاج إلى اختصار، فاختصره شخص يقال له: محمد بن علي بن سلوم، وشرحه مطبوع، ووضعه مثل وضع عثمان بن منصور، قيل عنه: إنه بينه وبين أئمة الدعوة شيء من النفرة، واختصر شرح السفاريني على عقيدته الشطي في كتاب اسمه: (مختصر لوامع الأنوار البهية بشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية)، للشيخ حسن الشطي الحنبلي، وهذا مطبوع قديماً، من ثمانين سنة، مطبوع في دمشق؛ ولذا قد لا يوجد إذا بحث عنه.
وأيضاً اختصر لوامع الأنوار الشيخ محمد بن مانع، واقتصر منه على حاشية توضح ما يحتاج إليه من ألفاظ المتن، والشروح كلها مطبوعة ومتداولة.
وأيضاً الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- شرح هذه العقيدة بشرح مبسوط, وواضح جداً، يفهمه المتوسط من طلاب العلم، على عادته وطريقته -رحمه الله- في تذليل العلم لطلابه.
فيعتنى بهذه الشروح، وهناك شروح أيضاً تخرج تباعاً والمطابع ما زالت تتحفنا بين حين وآخر بهذه الشروح النافعة الماتعة.
يقول: هل الدروس في هذه الدورة الصيفية مرتبطة ببعض من حيث الشرح لعدم استطاعة حضور جميع الدروس؟
كل كتاب له شرحه الذي يستقل به، ولا ارتباط للسفارينية بكتاب التوحيد، وإن كان هناك تشابه كبير في مباحث الدرس الأول والثاني بين سلم الوصول وكتاب التوحيد.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"بسم الله الرحمن الرحيم": ابتدأ المؤلف -رحمة الله عليه- بالبسملة اقتداءً بكتاب الله -جل وعلا- حيث افتتح بها، وأجمع الصحابة على كتابتها في المصحف على خلاف بينهم هل هي آية أو ليست بآية، مع إجماعهم على أنها آية أو بعض آية من سورة النمل، وليست بآية من سورة التوبة، وهل هي آية من الفاتحة أو من جميع السور؟ أو آية لا من سورة بعينها، بل نزلت آية للفصل بين السور، وهذا ما يختاره شيخ الإسلام، والخلاف موجود مزبور في مكانه.
اقتداءً بالقرآن العظيم، وبسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو يفتتح رسائله بالبسملة، كما في كتابه لهرقل عظيم الروم، وغيره، كلها مفتتحة بالبسملة، وإذا كان القرآن جمع فيه بين البسملة والحمدلة فإن الرسائل النبوية تفتتح بالبسملة فقط، والخطب النبوية تفتتح بالحمدلة.
والكتاب الذي بين يدينا فيه بسملة وليس فيه حمدلة في أكثر النسخ، وإن وجد في بعضها كما أشار بعض الشراح وبعض المحققين إلا أن أكثر النسخ ليس فيها حمدلة كما صنع الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، حيث اعتبر الكتاب بمثابة الرسالة لطلاب العلم، والرسائل تفتتح بالبسملة فقط، مع أن الإمام مسلما افتتح كتابه بخطبة، بين فيها منهجه وصدرها بالحمدلة كالخطب؛ لأن الخطبة للكتاب.
وعلى كل حال الأمر في هذا سهل، فإذا حصل الابتداء بذكر الله مما هو أعم من البسملة والحمدلة كفى، لكن الجمع بينهما كما حصل في القرآن أولى.
جاء في الحديث: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر)) في رواية: ((بحمد الله))، وفي رواية: ((بذكر الله))، وفي رواية: ((بحمد الله والصلاة على نبيه))، إلى غير ذلك من الألفاظ التي حكم عليها بعض العلماء بجميع هذه الألفاظ، وبجميع الطرق حكموا عليها بالضعف وأنه لا يثبت منها شيء، وإن أثبت ابن الصلاح والنووي وجمع من أهل العلم لفظ الحمد فقط، وحكموا عليه بالحسن.
وعلى كل حال الاقتداء بالقرآن يقتضي هذا، يقتضي أن نفتتح بالبسملة والحمدلة، وإن كان بعض المعاصرين ممن ضاق نظره لما رأى بعض العلماء يضعف الحديث بجميع طرقه وألفاظه قال: إننا لا نعمل بحديث ضعيف،، لا نعمل بأحاديث ضعيفة، فجرد كتابه من البسملة والحمدلة؛ لأنه لا يعمل بالضعيف.
بل زاد بعضهم حتى قال في مقدمة كتابه: كانت الكتب التقليدية تفتتح بالبسملة والحمدلة.
هذا جهل مركب، يزعم أنه يعرف وهو في الحقيقة أجهل من الجاهل.
نظيره من سمع من يقول: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، قال: سبحان الله أنت ما وصلت الأربعين كيف تقول هذا الكلام، نعم.
وسمع بعضهم من يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لعائشة إذا صادفت ليلة القدر: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني))، قال: تظن أنك في ليلة القدر؟!.
هذا جهل، يعني إذا ربط شيء بشيء لا يقتضي تخصيصه به، لكن قد يكون من بلغ الأربعين أولى أن يقول: هذه الكلمة ممن لم يبلغها؛ لأن النعمة بالنسبة له اكتملت، ولا يمنع أن يقول الشاب الكبير والصغير رب أوزعني، يعني ألهمنى أن أشكرك، إذا ألهم الشكر فقد تمت عليه النعمة؛ لأن الشكر يقتضي المزيد، فكون الإنسان يستدرك على من يقول: رب أوزعني ولمَّا يبلغ الأربعين، هذا جهل، كما أن من يستدرك على من يفتتح كتابه بالبسملة والحمدلة لمجرد تضعيف من ضعف..، يعني هل المسألة لا تثبت إلا بهذا الحديث؟ أليس بالبداءة بها اقتداء بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-؟
إن لم يثبت القول ثبت الفعل.
ونظير ذلك شخص جلس بعد صلاة الصبح يذكر الله حتى ارتفعت الشمس ثم صلى ركعتين، فتجد من يقول له: لماذا تجلس والحديث ضعيف؟
ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يجلس، هذا على افتراض أن الحديث ضعيف، لكن بعض الناس إذا سمع شيئاً لم يحسن تطبيقه، والناس بأمس الحاجة إلى معرفة السنة، وإلى فقه السنة، وفقه تطبيق السنة؛ لأن بعض الناس قد يعرف السنة، لكن لا يحسن تطبيق السنة، ولا يفقه تطبيق السنة.
يقول: كانت الكتب التقليدية تُفتتح بالبسملة والحمدلة، لماذا؟ لأنه سمع الشيخ الألباني -رحمة الله عليه- يقول: "الحديث بجميع طرقه وألفاظه ضعيف"، وسمع الشيخ يقول: "إن الضعيف لا يعمل به في جميع أبواب الدين".
وهذا الذي قال هذا الكلام ليس من طلاب الشيخ، ولا من المعروفين عن الأخذ عن الشيخ، طلاب الشيخ لا يقولون مثل هذا الكلام؟ لكن وجد من يقول بالحرف، أنا قرأتها في كتاب من الكتب يقول: "كانت الكتب التقليدية تفتتح بالبسملة والحمدلة"، ما معناه؟
أن هذا مجرد فعل تتابعوا عليه يقلد بعضهم بعضاً من غير أصل ولا أثارة من علم، وهذا جهل مركب.
"بسم الله الرحمن الرحيم": الكلام على البسملة مذكور في الشروح وفي التفاسير وغيرها، في كلام طويل جداً لأهل العلم، في كل كلمة من كلماتها الأربع، فلسنا بحاجة إلى أن نكرره، مع أننا تكلمنا عليها مراراً في مناسبات كثيرة.
يقول -رحمه الله-:
"كتاب التوحيد": كتاب التوحيد مثل ما ذكرنا سابقاً: عنوان الكتاب الأصلي كتاب التوحيد، وهل هذه ترجمة داخل العنوان الأصلي أو أنها هي العنوان الأصلي، وقول الله تعالى هي معطوفة على التوحيد؟
يعني كتاب التوحيد وكتاب قول الله تعالى، هذا الأصل، مثل ما يقول البخاري: باب كذا وقول الله تعالى، وبعضهم يرفعها بناءً على أن الواو استئنافية.
والكتاب: مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة، والمصدر والمادة بجملتها تدل على الجمع والكتاب المراد به المكتوب الجامع لمسائل التوحيد.
والتوحيد: مصدر وحَّد يوحِّد توحيداً، التوحيد: جعل الشيء واحداً، ولذا جاء في الحديث المروي في السنن لمَّا تشهد أشار بأصبعيه فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أحِّد، أحِّد)): يعني أفرد من تَعبُد وأشر بأصبع واحدة؛ للإشارة إلى أنه واحد، المعبود واحد.
"وقول الله تعالى": الواو هذه عاطفة، والعطف على نية تكرار العامل، فكأنه قال: وكتاب قول الله تعالى.
وإذا قلنا: أنها استئنافية ضممنا ورفعنا القول "وقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات]". "{إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}": الآية تدل على الغاية والهدف الذي من أجله خلق الله الجن والإنس، وهي تحقيق العبودية لله تعالى، يعني الكتاب كتاب التوحيد، والآية تدل على العبودية؛ لأنه جاء تفسير بعض السلف {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}: يعني ليوحدونِ.
يعني إذا قلنا: {لِيَعْبُدُونِ}: المراد به العبادة: وهي اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
صارت دلالة الآية على الترجمة التي هي التوحيد، هاه..؟
طالب:.......
مطابقة؟
طالب:.......
المطابقة لو قلنا: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}: ليوحدون، نعم، نعم بدلالة التضمن، فالعبادة متضمنة للتوحيد؛ لأنها أعم من التوحيد؛ لأن العبادة تشمل العبادات البدنية والقلبية.
"{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}": هذه هي الغاية العظمى من خلق الجن والإنس، وإذا تخلى الواحد من الجن والإنس من المكلفين منهم عن تحقيق هذه الغاية صار لا فرق بينه وبين سائر المخلوقات، لا فرق بينه وبين البهائم غير المكلفة، إلا أن التبعة عليه أعظم؛ لأن غير المكلفين لا يعاقبون ولا يؤاخذون، ولذا يقول الكافر حينما يرى البهائم بعد الاقتصاص منها والمقاصة تكون تراباً، فحينئذ يقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} [(40) سورة النبأ].
فالمكلف عليه هذه المسؤولية العظيمة، الأمانة التي عجز عن حملها السماوات والأرض، وحملها الإنسان، فهو مكلف بهذه العبودية من غير اختيار، لا بد أن يحقق هذا الهدف، إذا لم يحقق هذا الهدف فإن مآله إلى العذاب -نسأل الله السلامة والعافية- كل بقدره وبحسبه، وبحسب ما يخل به من فروع هذه العبودية.
"{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}": هذا حصر، وقد يقول قائل: إن الجن والإنس لهم وظائف في هذه الحياة غير العبادة، وإذا نظرت بأحوال الناس وجدت أن العبادة بالنسبة لأوقاتهم إنما تستغرق جزءاً يسيراً لا سيما إذا اقتصر على الواجبات، وترك ما لا يؤاخذ بتركه فإن نسبة فعل هذه التكاليف إلى بقية وقته نسبة يسيرة، والصلاة كم تأخذ عليه في اليوم والليلة؟
ساعة أو ساعتين من أربعة وعشرين ساعة، هذا ما يتكرر في كل يوم، الصيام يأخذ عليه واحد على اثنا عشر من عمره، الحج في عمره مرة واحدة، وهكذا، وهو مخلوق لتحقيق العبودية، وتجد أكثر الوقت عنده في أمر دنياه، لكن الأصل أن المسلم متلبس بالعبادة في جميع أحواله، وإذا التفت إلى شيء من أمور دنياه فإنما هو من أجل تحقيق هذه العبودية؛ لأنه لا يمكن أن يحقق العبودية إلا بامتثال: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص]، لكن إذا استغرق وقته وجهده في أمور الدنيا، وجعل الدين تبع لهذه الدنيا، صار عبداً للدنيا، ((تعس عبد الدرهم، تعيس عبد الدينار))، وحينئذ يكون مخلاً بتحقيق الهدف الذي من أجله خلق، وهو تحقيق العبودية لله تعالى.
"{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}": لأنه يستشكل بعض الناس يقول: الناس عشرون ساعة أو أكثر من عشرين ساعة في غفلة!!
نقول: المسلم الأصل فيه أن لا يغفل عما خلق له، وإذا كان على باله تحقيق العبودية صار في عبادة، وإذا كان ينتظر الصلاة فهو في صلاة، وإذا نام من أجل أن يتقوى على طاعة الله فهو في طاعة، وإذا أكل من أجل أن يتقوى على الطاعة فهو في طاعة، فتصير أعماله كلها بما في ذلك ما نفعه محسوس، يكون كله من باب تحقيق هذه العبودية؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا تتم العبادة إلا به فهو عبادة.
"وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [(36) سورة النحل]": أولاً: كلمة التوحيد التي قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا))، وفي وراية: ((حتى يقولوا: لا إله إلا الله، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)) تحقيق هذه الكلمة الذي هو التوحيد بالإثبات والنفي، بإثبات الألوهية لله -جل وعلا- وحده؛ بدليل الحصر: ((لا إله إلا الله)): لا إله معبود بحق إلا الله -جل وعلا-، وفي معناه قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً}؛ لأن هذا التوحيد مما تتفق عليه الشرائع؛ {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}؛ {اعْبُدُواْ اللّهَ}: بمثابة: ((إلا الله))، {وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}: بمثابة: ((لا إله))، فهي تدل على كلمة التوحيد مما يدل على أن كلمة التوحيد مما اتفقت عليه الشرائع.
وأصول الأديان واحدة، والأنبياء كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد)): يعني الأصل واحد، أولاد العلات الأخوة لأب، فالدين الأصل الذي هو الأب واحد يشتركون فيه، لكن الأمات مختلفات، فالشرائع لكل نبي من الأنبياء شرعة ومنهاج، سبيل وسنة، الشرائع مختلفة، هي متفقة في كثير منها، لكنها أيضاً لكل زمان ولكل أمة من الأمم ما يناسبها من الشرائع، ينسخ منها ما لا يناسب الأمة التي تليها، ويبقى ما يناسبها معمولاً به، وكل نبي يبعث إلى قومه بما يناسبهم إلى أن جاء النبي الخاتم، خاتم الأنبياء -عليه الصلاة والسلام- فنسخ جميع الشرائع.
"{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}": اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً، "{وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}": الطاغوت فعلوت، والواو والتاء يؤتى بها للمبالغة كما في جبروت وملكوت ورحموت.
"{وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}": الطاغوت كما قرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- من الطغيان وهو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، وكل ما عبد من دون الله وهو راض فهو طاغوت، ما عبد من دون الله فهو طاغوت، ولا يلزم أن يُسجَد له ليكون معبوداً من دون الله، إذا أمروا بمعصية أو نهوا عن طاعة واستجيب لهم فقد اتخذوهم أرباباً من دون الله.
لما قال عدي بن حاتم ما عبدناهم، {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [(31) سورة التوبة]، قال: ما عبدناهم، يعني ما سجدنا لهم، قال: ((أليس يأمرونكم فتأتمرون وينهونكم فتنتهون؟ تلك عبادتهم))، فإذا كان يأمر الناس ويلزمهم بالمعاصي وينهاهم عن الطاعات ويأتمرون بهذه الأوامر، وينتهون عما نهاهم عنه فهذه عبادة، وحينئذ يكون طاغوتاً؛ لذا يقرر أهل العلم أن الطاعة بالمعروف، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكون المعبود راضياً قيد لا بد منه، وإلا فقد عبد من دون الله أناس أخيار منهم أنبياء، ومنهم أولياء، ومنهم صالحون، هل يقال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [(98) سورة الأنبياء]؟
إذا رضوا بذلك نعم.
"وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [(23) سورة الإسراء]": الآيات التي ساقها الإمام -رحمة الله عليه- في هذه الترجمة كلها تقرر معنى لا إله إلا الله، ففيها النفي والإثبات، الحصر بطريق النفي والإثبات.
"{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}": هذا حصر، حصر العبادة به -جل وعلا-، فلا يجوز أن يعبد غيره، {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}: وفي معنى الآية قول: لا إله إلا الله، {أَلاَّ تَعْبُدُواْ}: لا إله، {إِلاَّ إِيَّاهُ}: بمثابة إلا الله، {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
"وقوله: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(36) سورة النساء]": أمر بعبادة ونهي عن شرك، ففيها معنى لا إله، النفي معناه النهي، وهنا أمر بالعبادة ونهي عن الشرك، فالأمر بالعبادة، وهي إثبات العبادة لله -جل وعلا- والنهي عن الشرك، وهو نفي ما يعبد مع الله -جل وعلا- المنفي بقوله: لا إله.
"وقوله: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(151) سورة الأنعام]": هذا فيه تحريم الشرك، ومن لازم تحريم الشرك وجوب التوحيد؛ لأنه لا يتم تحريم الشرك ومنع الشرك والامتناع عن الشرك إلا بتحقيق التوحيد؛ لأنه إذا لم يتحقق التوحيد فالشرك حاصل؛ لأنه قد يقول قائل: إن الله حرم الشرك، لكن ما أمر بالتوحيد في هذه الآية، فالآيات السابقة فيها تقرير التوحيد ونفي الشرك، كما تدل عليه كلمة التوحيد، لكن هنا لايوجد تقرير للتوحيد، يوجد {حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}.
نقول: لا يتصور انتفاء شرك إلا بإثبات التوحيد.
طالب:.......
لماذا؟ لأنهما نقيضان، لا ضدان؛ لأنه لا يوجد شخص لا مشرك ولا موحد، الشرك مع التوحيد نقيضان، إذا وجد أحدهما ارتفع الآخر، وليسا بضدين بمعنى أنهما قد يرتفعان، ويحل محلهما غيرهما؛ لأن الفرق بين الضدين، وبين النقيضين: أن الضدين لا يجتمعان لكن يرتفعان، قد يرتفعان، السواد والبياض ضدان، لا يمكن أن يكون المحل أبيض أسود في آن واحد، لكن قد يرتفعان فيكون المحل أصفر أو أخضر أو أحمر.
لكن النقيضين لا يمكن أن يجتمعا ولا يمكن أن يرتفعا في آن واحد، والتوحيد والشرك من باب النقيض، فإذا وجد الشرك ارتفع التوحيد، وإذا وجد التوحيد ارتفع الشرك؛ لأنهما نقيضان؛ ولذا قال: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [(151) سورة الأنعام]، وأين دلالة إلا الله الذي هو التوحيد؟
"{أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}": لا إله، إلا الله إثبات للتوحيد، وإثبات لألوهية الرب -جل وعلا- وحده لا شريك له، نقول: إذا حرم الشرك فقد أوجب التوحيد؛ لأنهما نقيضان.
"قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى": يقول ابن مسعود، عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن بن أم عبد، صحابي جليل، مات في خلافة عثمان قديماً، ولذا لا يعد من العبادلة، العبادلة الأربعة ليس منهم ابن مسعود، إنما المراد بهم من تأخرت وفاتهم واحتاج الناس إلى علمهم وهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير، هؤلاء تأخرت وفاتهم، وإن كان في المكان الأعلى والموقع الأسنى ابن مسعود من جلة الصحابة -رضي الله عنه وأرضاه-.
يقول: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ": هل أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أراد أن يوصي فحصل الاختلاف فلم يوصِ -عليه الصلاة والسلام-، فلا وصية لأحد، لا لعلي بعينه، ولا لغيره بالنص، أما بالنسبة بالاستنباط فالإمامة بعده لأبي بكر -رضي الله عنه-، وهو الخليفة بعده بإجماع المسلمين، ومن طعن في خلافته فقد أزرى بالأمة بكاملها، وتنقص النصوص الدالة على فضله مما يوحي بخلافته بعده -عليه الصلاة والسلام-، وأنه أفضل الأمة بعد نبيها، أما تنصيص على أحد، ووصية بشيء بعينه إلا ما جاء من التوصية بالنساء، وما ملكت الأيمان، والتوصية بالصلاة، فهذه أشار إليها -عليه الصلاة والسلام- في آخر حياته، وهذا استنباط من ابن مسعود، وله القِدح المعلى فيما يتعلق بالقرآن الكريم.
قال: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ} [(151) سورة الأنعام]، إلى قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [(153) سورة الأنعام]": هذه كأنه أوصى بها؛ لاهتمامه بها، والعناية بشأنها، بحيث أُمر بها، قل يا محمد، تعالوا أيها المسلمون أتل ما حرم ربكم عليكم، فكأنها وصية، والوصية غالب ما تكتب في آخر الحياة، ويموت عنها الإنسان من غير تغيير ولا تبديل.
فهذه الآية من الآيات المحكمة التي طُبع عليها أمر الأمة بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- من غير تغيير ولا تبديل.
"الآية": والآيات, والحديث، إذا اقتصر على بعض الآية ثم قيل: الآية، أو ذكر بعض الآيات فقيل: الآيات، أو ذكر بعض الحديث فقيل: الحديث، كلها بالنصب، فكأنه قال: أكمل الآيةَ، أو أكمل الحديثَ، أو أقرأ الآية، أو اقرأ الحديث، ومنهم من يجوز الرفع.
قال: "وعن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- قال: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار، فقال لي: (( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟))".
"قال: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار": وسيأتي في المسائل وهي فوائد يستنبطها المؤلف -رحمه الله تعالى- من النصوص السابقة تواضع النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه يركب الحمار، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحله، مما يدل على التواضع، بدليل: "وحجَّ أنس على رحل ولم يكن شحيحاً"، يدل على أن الرحل مركوب متواضع، فعلى الإنسان أن يتواضع.
النبي -عليه الصلاة والسلام- ركب حماراً، وجاء في نصوص كثيرة أنه كان يركب الحمار، ويركب الدابة، ومع ذلكم يردف، يركب معه على الحمار شخص آخر.
"كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم-": ولابن منده جزء فيه: من أردف النبي -صلى الله عليه وسلم-، وزادوا على الثلاثين، فهذا فيه تواضع من النبي -عليه الصلاة والسلام- وفيه أيضاً جواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك، ونجد بعض الناس يشتري ويبالغ في شراء المركوب ويصرف في ذلك ما يصل به إلى حد السرف المحرم، ومع ذلك تجد في المقدمة السائق فقط، وتجده في الخلف بمفرده، يأنف أن يركب معه أحد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ركب الحمار، وأردف على الحمار.
لا بد أن يكون الحمار يطيق الإرداف؛ لأن الناس يتفاوتون، بعضهم يزن اثنين، فإذا أردفت واحداً من هذا النوع، قد لا تطيق الدابة، كل شيء له حمولته.
الآن في المصنوعات يقررون ما تحتمله هذه الآلة من الأجسام، تجد هذه السيارة حمولتها طن، وهذه خمسة طن، فإذا زدت عليها لا شك أنه يؤثر عليها.
تجدون في المصاعد حمولة ثلاثة عشر، أو خمسة عشر شخصا بحيث لا يزيد وزنهم عن ألف كيلو، تأتي بخمسة عشر شخصا على مائتين أو مائة وخمسين، أطنان هذه، تتأثر.
قد يقول قائل: تتأثر السيارة ثم ماذا؟ لأن الدابة إذا تأثرت تتألم، وألمها لا شك أنه يضر بها، وأمرنا بالإحسان إليها، ولا يجوز أن نحملها ما لا تطيق، لكن السيارة يقول: ملكي اشتريته بدراهمي، يكتبون حمولتها خمسة أطنان، أنا أحمل عشرة ما المانع؟
نقول: لا، هذا فيه إتلاف للمال، ولذا تجدون في الطرقات محطات وزن للسيارات؛ لأنها أولاً: تحميلها أكثر من طاقتها يضر بها ويتلفها ويسارع بتلفها، وأيضاً إضرار بالطرقات التي هي في الأصل لعموم المسلمين، فلا يجوز التعرض لها بما يمنع من الإفادة منها.
"كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على فقال لي: ((يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟)) فقلت: الله ورسوله أعلم": وفي المسائل التي يأتي ذكرها أن الصحابة قد لا يعرفون مثل هذه الأمور، بل لم يعرفوا هذه الأمور قبل أن يخبرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا هو الواقع، لايوجد مصدر من مصادر تلقي العلم الشرعي إلا عن طريقه -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك أجوبتهم: "الله ورسوله أعلم": يردون العلم إلى عالمه ولا يتخبطون أو يقولون بآرائهم، لكن لو اجتهد معاذ وقال: لعل المراد كذا، أو لعل حق الله على العباد كذا، أو لعل حق العباد على الله كذا، بحضرته -عليه الصلاة والسلام- فأقره نقول: هذا تشريع، لكن من تمام أدبهم أنهم يقولون: الله ورسوله أعلم، وهذا في حياته -عليه الصلاة والسلام- ظاهر؛ هو أعلم من غيره لا سيما فيما يتعلق بأمور الدين.
وماذا عن هذا الأمر بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، إذا سئلت عن مسألة لا تعرفها، فإن كانت من أمور الدين هل يجوز أن تقول: الله ورسوله أعلم، أو بعد وفاته تقول: الله أعلم؟
لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته لا يعلم شيئاً، أو على كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- في مسائل العلم الشرعي أعلم على كل حال، ولا علم إلا عن طريقه.
في أمور الدنيا مثلاً تقول: ما هذه السيارة؟ تقول: الله ورسوله أعلم؟
لا يمكن؛ الرسول لا يعلمها، الله -جل وعلا- يعلمها، يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن، ولا يكون أن لو كان كيف يكون؛ لأن الله -جل وعلا- أخبر عن أهل النار أنهم لو ردوا لعادوا، ولن يردوا، لكن لو ردوا لعادوا، وهذا ما كان ولا يكون أيضاً، لكن الله يعلم منهم أنهم لو ردوا لعادوا، ويعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، هذا لا إشكال فيه، تقول: الله أعلم.
ومن أدب المفتي إذا سئل عما يخفى عليه يقول: الله أعلم، وإذا أجاب بجواب أن يختم بقوله: والله أعلم،
وهذا من أدب الفتوى.
بالنسبة للرسول -عليه الصلاة والسلام- في حياته لا إشكال في مسائل الدين، لكن قد يخفى عليه ما لا يُحتاج إليه؛ لأنه لا يعلم إلا ما أعلمه الله -جل وعلا- لا سيما من أمور الغيب، {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [(188) سورة الأعراف].
في مسائل الدين لو سئلت عن مسألة من مسائل الحج، وهي تخفى عليك، مسألة نازلة، تقول: الله أعلم، هذا لا إشكال فيه، تقول: الله ورسوله أعلم باعتبار أنه أعلم من كل أحد في مسائل ما يتعلق بالدين، نعم؟
طالب:.......
حتى لو سئل من قبل غيره في مسائل الشرع التي تلقيت عن طريقه -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه أعلم بها، لكن الكلام فيما بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- هل نقول: إنه انقطع علمه بوفاته، أو نقول: إنه لا يزال مادام العلم كله عن طريقه فهو أعلم، ولا شك أن التعبير بهذا ما عهد ولا عرف بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- والأحوط والأولى والأحرى أن يقال: الله أعلم بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، ولو قال قائل: الله ورسوله أعلم، مستصحباً مثل هذا وأن الدين ما جاءنا إلا عن طريقه، وهو أعلم منا بجميع مسائل الدين، فقد يكون له وجه.
لما قال: "الله ورسوله أعلم": أجابه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأخبره بما سأل عنه، "قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً))": ((أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)): هذا حق، لكن هل الحق منحصر بهذا؟ إذا قلنا: يعبدوه بالمعنى الأعم فلا إشكال، يعبدوه يدخل فيها التوحيد، تدخل فيها الصلاة والزكاة، وجميع أبواب الدين.
"((ولا يشركوا به شيئاً))": بأن يصرفوا شيئاً من أنواع العبادة لغيره، وإذا قلنا: يعبدوه يعني يوحدوه فحقه الأعظم العبادة بمعنى التوحيد، والعبادة بمعناها الأعم.
"((أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً))": وهذا هو مقتضى كلمة التوحيد لا إله إلا الله التي تحقن الدم وتعصم المال.
"((ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله))": الله -جل وعلا- له حق على العباد بلا شك؛ لأنه هو الذي خلقهم، هو الذي أوجدهم، هو الذي يرزقهم، بيده أزمة أمورهم، فله حق عظيم عليهم، ((أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)).
"((وحق العباد على الله))": وهل للعباد على الله من حق؟ إذا قلنا: إن الوالد هو سبب وجود الولد، فحق الوالد على الولد أن يبره، وحق الولد على والده أن يحسن تربيته، نعم له حق عليه، حق شرعي، لكن إذا عرفنا أن حق الله -جل وعلا- على العباد ((أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً))، فحق العباد على الله، يعني هل هذا من باب المقاضاة والمجازاة؟ مادام وفوا حقه عليه أن يوفيهم حقوقهم؟!
لا يجب على الله شيء من قبل غيره، لكن الله -جل وعلا- أوجب على نفسه هذا الحق، وقضى على نفسه بهذا الحق، كما أنه حرم على نفسه الظلم.
والمعتزلة يسيؤون الأدب في مثل هذا الحق، فيوجبونه على الله -جل وعلا- كأنه معاوضة بين الخالق والمخلوق -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-، لكن الله أوجب على نفسه وألزم نفسه بهذا الحق فضلاً منه وتكرماً، ((وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً))
"((أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً))": لكن جاءت نصوص تدل على أن من ارتكب كذا فعقابه كذا، وعذابه كذا، ومتوعد بالعذاب، ومتوعد بدخول النار وإن كان موحداً، إذا كان من عصاة الموحدين الذين ارتكبوا بعض الكبائر التي توعد عليها بالنار، فهل يعارض هذا ما معنا من الحديث ((أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً))؟
إذا لا يشرك بالله شيئاً لكنه شرب الخمر، وتُوُعِّد أن يسقى من طينة الخبال، توعد الزاني وهو لا يشرك بالله شيئاً.
مقتضى هذا الحديث: "((حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً))": يبقى هذا بإجماله وتلك بتفاصيلها وبيانها لا يعارض بعضها بعضاً، فلا تضرب النصوص بعضها ببعض، إن من لا يشرك بالله شيئاً أن لا يعذب العصاة، العصاة متوعدون بالعذاب، وهم عند أهل السنة والجماعة تحت المشيئة.
لكن ألا يمكن أن يطلق الشرك على المعصية؟
((بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة))، فالذي يترك الواجبات أو يرتكب المحرمات لا يسلم من شوب شرك، وإن كان لا يخرجه من الملة، لكنه لا يسلم من شوب الشرك؛ لأن الذي بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، ولا شك أن من يترك الأمر أو يرتكب المحظور الممنوع أنه اتبع مَن دعاه إلى هذا المحظور، اتبعه وجعله إلهاً أطاعه ولو في هذه المسألة، فلا يسلم من شوب شرك، فلا تعارض.
"((أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً))": نكرة في سياق النفي، فتعم جميع الأشياء.
والشرك، لا يشرك بالله شيئاً، أدنى شيء، وأدنى شرك، ومفهومه أن المشرك يعذب؛ {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء]، فعذابه حتم.
والجمهور على أن الشرك الأكبر بل عموم أهل العلم على أن الشرك الأكبر لا يغفر، بينما الخلاف في الشرك الأصغر هل يغفر فيدخل تحت المشيئة أو لا يغفر فيدخل تحت عموم الآية: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دونَ ذلك لمن يشاءُ} [(48) سورة النساء]؟
أما الشرك الأكبر فحمل اتفاق أنه لا يغفر، وصاحبه خالد مخلد في النار، وأما بالنسبة للأصغر فمحل خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى -دخوله في الآية- وإن كان حكمه حكم مرتكب الكبائر أنه يعذب ثم يخرج من النار إلى الجنة.
ومنهم من يقول: إن حكم الشرك الأصغر حكم الكبائر -تحت المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء غفر له- ولكن الآية بعمومها يدخل فيها أنواع الشرك.
هذا يقول: أذكركم بانتهاء وقت الدرس الأول.
"قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس: فيه مشروعية تبشير المسلم بما يسره، فيه بشارة المسلم بما يسره.
"قال: ((لا تبشرهم فيتكلوا)) أخرجاه": يعني البخاري ومسلم، "في الصحيحين".
"((لا تبشرهم فيتكلوا))": مما يدل على أن بعض العلم يجوز حجبه وكتمانه إذا خشي منه الضرر على سامعه؛ لأن بعض الناس قد لا يحسن الإفادة من هذا العلم؛ ((حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله))؛ لأن بعض العلم لبعض الناس فتنة، وهذا مطَّرد؛ فنصوص الوعيد لا تلقى على خوارج، ونصوص الوعد لا تلقى على مرجئة؛ لأن هذه تزيدهم في بدعتهم، ومع ذلك الأصل نشر العلم، والأصل أن من تعلم علماً عليه أن يبلغه؛ ((بلغوا عني ولو آية)) ويبقى أنه على خلاف هذا الأصل أنه إذا خشي من الضرر أن يلحق المستمع يُحجب هذا العلم عن هذا المستمع.
"((لا تبشرهم فيتكلوا))": لأن من الناس من إذا سمع هذا الكلام، قال: أنا موحد، إذن لن أعذب، ويغفل عن النصوص الأخرى.
لكن معاذاً -رضي الله تعالى عنه- أخبر بها عند موته؛ تأثماً وخشيةً من الوقوع في الإثم المرتب على الكتمان الذي جاء ذمه في الكتاب والسنة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
طالب:.......
إيش هو؟
طالب:.......
لا، إذا كان يتضرر بها بعض الناس...