قرة عيون الموحدين - 15
أحسن الله إليك.
سم.
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام المجدد رحمه الله تعالى:
باب قول الله تعالى {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً} [سورة الأعراف:191-192] الآية.
قال الشارح- رحمنا الله تعالى وإياه ووالدينا ومشائخنا وجميع المسلمين-:
قوله باب قوله تعالى {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} [سورة الأعراف:191-192]."
تعقيب هذا الباب وإردافه بباب الاستغاثة بغير الله- جل وعلا- المناسبة ظاهرة بين هذا وذاك؛ لأنهم لا يخلقون شيئا فهم لا ينفعونه ولا يضرون، إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قيل في حقه {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران:128] وهو أشرف الخلق وأكمل الخلق وأفضل الخلق {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران:128] فكيف بمن دونه؟! لا يخلقون شيئا والله هو الخالق الرازق والمتصرف فلا يجوز صرف شيء من العبادة لغيره.
"وهذا مما احتج به تعالى على المشركين لما وقع منه من اتخاذ الشفعاء والشركاء في العبادة لأنهم مخلوقون فلا يصح أن يكونوا هم شركاء لمن هم خلقه وعبيده، وأخبر أنهم مع ذلك لا يستطيعون لهم نصرا أي لمن سألهم النصرة، ولا أنفسهم ينصرون، فإذا كان المدعو لا يقدر أن ينصر نفسه فلأن لا ينصر غيره من باب الأولى، فبطل تعلق المشرك بغير الله بهذين الدليلين العظيمين وهو كونهم عبيدا لمن خلقهم لعبادته، والعبد لا يكون معبودا والدليل الثاني أنه لا قدرة لهم على نفع أنفسهم فكيف يرجى منهم أن ينفعوا غيرهم فتدبر هذه الآيةِ وأمثالها في القرآن.."
الآيةَ..
أحسن الله إليك.
"فتدبر هذه الآيةَ وأمثالها في القرآن العظيم وقوله {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [سورة فاطر:13-14] إلى قوله {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [سورة فاطر:14] ابتدأ الله تعالى هذه الآيات.."
يعني لا تلازم بين السمع والإجابة، الغائب لا يسمع والحاضر يسمع لكن هل يلزم من سماعه أن يستجيب؟ لا تلازم بين السمع والاستجابة، قد يسمع لكنه لو سمعوا ما استجابوا لاسيما فيما لا يقدرون عليه، كم مستغيث بأقرب الناس إليه وأحبهم إليه لا يستطيع أن يغيثهم ولا ينجيهم من هلكته ولا من ورطته التي وقع فيها، فكيف بالعظائم التي لا يقدر عليها إلا الله- جل وعلا-.
"ابتدأ تعالى هذه الآيات بقوله {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ} [سورة فاطر:13] يخبر الخبير أن الملك لله وحده والملوك وجميع الخلق تحت تصرفه وتدبيره ولهذا قال {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} [سورة فاطر:13]."
القطمير اللفافة التي على النواة نواة التمر، فوقها لفافة رقيقة جدًّا ما يملكون مثل هذه، فكيف يملكون النفع والضر لمن دعاهم واستغاث بهم.
"فإن من كانت هذه صفته لا يجوز أن يرغب في طلب نفع أو دفع ضر إلى أحد سواه تعالى وتقدس، بل يجب إخلاص الدعاء له الذي هو من أعظم أنواع العبادة، وأخبر تعالى أن ما يدعوه أهل الشرك لا يملك شيئا وأنهم لا يسمعون دعاء من دعاهم، ولو فُرِض أنهم يسمعون فلا يستجيبون لداعيهم وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم أي ينكرونه ويتبرؤون ممن فعله معهم، فهذا الذي أخبر به الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأخبر أن ذلك الدعاء شرك به وأنه لا يغفره لمن لقيه به.."
شرك من قوله {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [سورة فاطر:14].
"فأهل الشرك ما صدقوا الخبير ولا أطاعوه فيما حكم به وشرع بل قالوا إن الميت يسمع ومع سماعه ينفع، فتركوا الإسلام والإيمان رأسًا كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة، وقوله في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال شُجَّ النبي -صلى الله عليه وسلم-."
امرأة في أقدس البقاع تتمسح بالحديد والشبك، الشباك الذي فوق حاجز في مقام إبراهيم، لما قيل لها هذا حديد لا ينفع جيء به من المصنع، قالت عندكم ما ينفع أما عندنا ينفع بالحرف، يعني من دون التصرف عندكم لا ينفع لكن عندنا ينفع، هكذا أجابت، فمثل هذه الأمور وهذه العظائم موجودة بكثرة في الأمة، يعني من سبر أحوال العالَم الإسلامي مع الأسف في دعائهم الأولياء والصالحين وغيرهم حتى دُعي غير الصالحين، دُعي من تُوُهِّم أنه مدفون هنا ودُفن دُعي، في تاريخ سيناء يقول هذه مقبرة الأولياء الصالحين ومقبرة الأولياء الشياطين! كيف أولياء وشياطين؟! كيف يجتمع هذا مع هذا؟! إلا أن الشيطان يلبس، مر بنا مرارا أن ضريح الشعرة من أكبر الأضرحة في مستوى العالم ضريح الشعرة، وفيه ما فيه ويُفعَل معه بعض الشرك الأكبر، ويباع الماء الذي يجري من تحت الضريح والغبار الذي يلتصق بجدرانه، يباع بأغلى الأثمان يباع بشعرة، قالوا توجد شعرة مدفونة هنا ممن؟ من عبد القادر الجيلاني والله المستعان
فكيف بعبد القادر؟!
أحسن الله إليك.
"قوله في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال شج النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بأحد وكُسِرَت رَباعيته فقال «كيف يفلح قوم شجوا نبيهم» فنزلت {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران:128] الآية وفيه عن ابن عمر أنه سمع رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر اللهم العن فلانا وفلانا بعدما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد فأنزل الله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران:128] وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران:128] وأسلم هؤلاء وحسن إسلامهم."
يعني مثل هؤلاء الذين علم الله أنهم يسلمون لا يُدعى عليهم، هذا يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يَعلَم ما سيكون، لا علم عنده بأن هؤلاء يسلمون، وعُوتِب في هذا وقيل له ليس لك من الأمر شيء، فمن دونه من باب أولى.
طالب: ...........
أين؟
طالب: ...........
لهؤلاء، العلماء ما فهموا من هذا، وفي الموطأ عن جمع من التابعين أنهم أدركوا الصحابة يدعون على أعيان الكفار، بأعيانهم وبجملتهم أيضًا.
طالب: أحسن الله إليك في التشهد حفظك الله قول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله...
جاء أن هذا في حياته، ثم بعد مماته تغير الصيغة، جاء عن بعض الصحابة لكن هذا فهمه، الصواب قول الجمهور أن هذا لفظ متعبد به شرعا لا يغيَّر كما جاء في القرآن من خطابه.
طالب: أحسن الله إليك طيب غيره إلى ماذا الصحابي...
السلام على النبي بعضهم فهم هذا لكن هذا لفظ متعبد به لا يغيَّر عن صيغته كما جاء من خطابه -عليه الصلاة والسلام- في القرآن ما يغيَّر.
أحسن الله إليك.
"قوله في الصحيح أي الصحيحين علقه البخاري عن حميد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه ووصله أحمد والترمذي والشافعي عن حميد عن أنس رضي الله عنه، وقد قال تعالى {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [سورة آل عمران:154] وقال تعالى {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأعراف:54] والآيات في هذا المعنى كثيرة، والمقصود أن الذي له الأمر كله والملك كله لا يستحق غيره شيئا من العبادة؛ ولهذا المعنى قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم- {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [سورة القصص:56]."
حرص على هداية عمه أبي طالب الذي ذهب عنه وعن دينه لكن ليس له من الأمر شيء -عليه الصلاة والسلام- {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [سورة القصص:56] هداية التوفيق والقبول لله جل وعلا لا شريك له فيها، أما هداية الدلالة والإرشاد والبيان هذه يملكها الأنبياء ويملكها من يقوم مقامهم من الدعاة أو المصلحين والقرآن يهدي.
"فالذي لس له من الأمر شيء وهو خيرة الله من خلقه مازال يدعو الناس أن يخلصوا العبادة للذي له الأمر كله وهو الله تعالى فهذا دينه -صلى الله عليه وسلم- الذي بعث به وأُمر أن يبلغه أمته ويدعوهم إليه كما تقدم في باب الدعاء إلى شهادة ألا إله إلا الله، فإياك أن تتبع سبيلا غير سبيل المؤمنين الذي شرعه الله ورسوله لهم وخصهم به، وقوله وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أنزل عليه {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [سورة الشعراء:214] قال «يا معشر قريش» أو كلمة نحوها «اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا يا عباس بن عبد المطلب».."
يا عباسُ..
يا عباسُ..
ابنَ..
"«يا عباسُ بنَ عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا»."
مبني على الضم في محل نصب؛ ولذلك نعته وتابعه يكون منصوبًا.
أحسن الله إليك.
يا عباسُ ابنُ..
ابنَ..
"«يا عباسُ بنَ عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ويا صفيةَ عمةَ رسول...»."
صفيةُ.. عمةَ..
"«ويا صفيةُ عمةَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا أغني عنكِ من الله شيئا»."
أقرب الناس إليه حتى بنته فاطمة قال «لا أغني عنكِ من الله شيئا سليني من مالي ما شئت» الشيء الذي لا يقدر عليه لا بأس، الشيء الذي لا يقدر عليه كيف يتصرف وهو لا يقدر، فكيف بمن هو دونه -عليه الصلاة والسلام-.
"«ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا» قوله فيه أي في صحيح البخاري، واختلف في اسم أبي هريرة وصحح النووي أن اسمه عبد الرحمن بن صخر وهو دوسي من حفاظ الصحابة."
اختلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من ثلاثين قولا، وهذه العادة فيمن يشتهر بالكنية يضيع الاسم، والعكس من يشتهر بالاسم تضيع كنيته يعني كثير من طلاب العلم ما يعرفون كنية قتادة لأنه اشتهر باسمه يعوز عليهم أن يقال قتادة أبو مَن؟ لأنه اشتهر وعرف باسمه، لكن إذا عرف بالكنية يختلف، أبو ثعلبة الخشني، أبو أيوب كذلك، جميع من اشتهر بالكنية حتى في عصرنا الحاضر اشتهر بعض الكتاب بكنيته فلا يُعرَف اسمه ألبتة عند كثير ممن يقرأ له، وأما الكنى ممن اشتهر بالأسماء فلا تكاد تعرف.
طالب: ...........
بعد الإسلام عبد الرحمن هذا المرجَّح عندهم.
طالب: ...........
من الأقوال اختلف في ثلاثين قول ليس قولا واحدا ولا اثنين ولا عشرة ولا عشرين أكثر من ثلاثين قولا.
"حفظ من الحديث ما لم يحفظه غيره كما في صحيح البخاري عن وهب بن منبه عن أخيه سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول ما من أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمر،و فإنه كان يكتب ولا أكتب مات سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة وهذا الحديث.."
ما روي عن أبي هريرة ثلاثة أضعاف أو أكثر مما روي عن عبد الله بن عمرو، مع أنه يقول لا يوجد أكثر إلا فلان فإما أن يكون على حسب ظنه؛ لأن هذا حفظ والحفظ ما يبين كثرة وقلة وهذا مكتوب عنده محمول الكتابة فيتصور أنه أكثر ما عنده، أو يقال أن هذا قبل الدعوة النبوية، دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- لما بسط أبو هريرة رداءه ثم ضمه ببركة دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- فصار أكثر من عبد الله بن عمرو وغيره.
"وهذا الحديث له طرق كثيرة في الصحيحين والمسند والسنن وغيرها قوله قال «يا معشر قريش» أو كلمة نحوها «اشتروا أنفسكم» أي بالإيمان بالله."
المعشر الجماعة الذين يضمهم وصف واحد، الرجال معشر والنساء معشر، والقبيلة معشر والشباب معشر والكهول معشر والشيوخ معشر.
أحسن الله إليك.
"«اشتروا انفسكم» أي بالإيمان بالله و رسوله واتباعه فيما جاءكم به مما أُنزل عليه من توحيد الله في العبادة وترك ما كنتم تعبدونه من دونه من الأوثان والأصنام، فإنهم بعد ذلك الشرك صاروا عبيدًا لمن لا يضر ولا ينفع ولا يستجيب ولا يسمع."
ماذا؟ فإنهم..
فإنهم بعد ذلك..
"فإنهم بعد ذلك الشرك صاروا عبيدا لمن لا يضر ولا ينفع."
كلها صحيحة، يعني بعد أن أشركوا صاروا وباتصافهم بهذا الوصف صاروا هذا واحد.
"فإنهم بعد ذلك الشرك صاروا عبيدا لمن لا يضر ولا ينفع ولا يستجيب ولا يسمع إلا هو وقد عرفوا أن ما كانوا يفعلونه من عبادة غير الله شرك بالله، فإنهم كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك."
ولذا لبى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتوحيد؛ نقضًا بما كان يلبي به المشركون من الشرك الذي يستثنونه إلا شريكا هو لك تعالى الله.
"تملكه وما ملك فسبحان الله كيف جاز في عقولهم أن المملوك يكون شريكا لمالكه وقد قال تعالى {ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } [سورة الروم:28-29] قوله «لا أغني عنكم من الله شيئا» هذا هو معنى ما تقدم من أنه تعالى هو المتصرف في خلقه بما شاء مما اقتضته حكمته في خلقه وعلمه بهم والعبد لا يعلم إلا ما علَّمه الله، ولا ينجو أحد من عذابه وعقابه إلا بإخلاص العبادة لله وحده والبراءة من عبادة ما سواه كما قال تعالى {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [سورة المائدة:72] والنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أنذر المقربين نذارة خاصة وأخبرهم بأنه لا يغني عنهم من الله شيئا وبلغهم وأعذر إليهم فأنذر قريشا ببطونها وقبائل العرب في مواسمها وأنذر عمه وعمته وابنته وهم أقرب الناس إليه وأخبر أنه لا يغني عنهم من الله شيئا إذا لم يؤمنوا به ويقبلوا ما جاء به من التوحيد وترك الشرك به وقوله «سليني من مالي ما شئتِ» لأن هذا هو الذي يقدر عليه -صلى الله عليه وسلم- وما كان.."
والمال أيضًا مال الله، لكن ينسب إلى من بيده من هو بيده على سبيل التوسع والتجوز {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ} [سورة النــور:33] والمعطي والمانع هو الله جل وعلا والذي بيده المال إنما هو قاسم يعطي من كتب الله له العطاء.
طالب: ...........
وين؟
طالب: ...........
{وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [سورة النــور:33].
طالب: ...........
لا، الرسول يقول «سليني من مالي» يقول الشارح أن هذا هو الذي يقدر عليه أن يعطيها من ماله ويقول أيضًا زيادة على ذلك المال مال الله أيضًا.
طالب: ...........
هو حج قبل الهجرة ووجده هذا في الصحيح في البخاري، وجده جبير بن مطعم وقد وقف مع الناس بعرفة وقد ضل بعيره فتعجب من كونه من الحمس وحج مع الناس ووقف، الحمس لا يتجاوزون مزدلفة لا يخرجون من الحرم فهذه حجة قبل الهجرة.
طالب: أحسن الله إليك في مسلم أو في..
في البخاري موجودة.
"قوله «سليني من مالي ما شئت» لأن هذا هو الذي يقدر عليه -صلى الله عليه وسلم- وما كان أمره إلى الله سبحانه فلا قدرة فلا قدرة لأحد عليه كما في هذا الحديث، ولما مات أبو طالب وكان يحوط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويحميه ولم ينكر ملة عبد المطلب من الشرك بالله وقال -صلى الله عليه وسلم- «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ما لم أُنهَ عنك» فأنزل الله تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [سورة التوبة:113] فأخبر أن أبا طالب من أصحاب النار لما مات على غير شهادة أن لا إله إلا الله فلم ينفعه حمايته النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- من أن يكون من المشركين ولا الاعتراف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الحق بدون البراءة من الشرك لأنه لم يبرأ من ملة أبيه، فكل تعلق على غير الله من طلب شفاعة أو غيرها شرك بالله يكون عليه وبالا في الدنيا والآخرة والشفاعة لا تكون إلا لأهل الإخلاص خاصة كما قال تعالى {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ} [سورة الأنعام:51] والآية في هذا المعنى كثيرة وكذلك الأحاديث والله أعلم وسيأتي في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد."
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.
بركة.