تعليق على تفسير سورة المائدة من أضواء البيان (22)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: سمعت مقولة لابن القيم وهي أن من أراد الإخلاص ينبغي أن يذبح حب المدح بسكين العلم، إلى آخر المقول.
ابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ- هذا في كتاب الفوائد يقول: من أراد الإخلاص فليُقبل على حب المدح والثناء فليذبحه بسكين علمه فإنه لا أحد ينفع مدحه ولا يضر ذمه إلا الله -جَلَّ وعَلا-، كما جاء في حديث الأعرابي الذي قال للنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: أعطني يا محمد فإن مدحي زين وذمي شين. قال: «ذاك الله».
يقول: فهل يصح أو تصح، وقد قال -جَلَّ وعَلا- على لسان إبراهيم -عليهِ السَّلامُ-: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84]؟
لا شك أن المدح يضر، وحبه والتطلع إليه لا شك أنه مؤثر على الإخلاص، مؤثر جدًّا على الإخلاص، وقد قال على لسان إبراهيم -عليهِ السَّلامُ-: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84]، ما قال: في المعاصرين، فالإنسان بعد موته يُمدح أو يذم لا يتأثر، يعني بعد موته لا يضره أن يمدح، ولا يتأثر أن يمدح، ولا يضره أيضًا أن يذم، {فِي الْآخِرِينَ} ما قال: في المعاصرين بحيث يمدح وهو يسمع، والله المستعان.
الثاني: هل يجوز مخاطبة أحد بضمير الجمع، مع أننا لا نكلم العظيم -جَلَّ جلاله- بل نقول: لا إله غيره، بضمير الإفراد؟
الله -جَلَّ وعَلا- يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، قال الإمام البخاري في تفسير سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} من صحيحه: والعرب تخاطب الواحد بضمير الجمع، هذا أمر لا بأس به ولا شك، وينبغي أن يُنظر في حال المخاطب: هل يستحق أو لا يستحق؟ وهل يتأثر أو لا يتأثر؟ والنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- مدح بعض أصحابه في وجوههم، وذم وحذَّر من المدح في الوجه، وقال: «احثوا في وجوه المداحين التراب». فالناس يتفاوتون: هناك من يتأثر من الكلمة، ومن تقال فيه القصائد، بل جاء فيه نصوص يُمدح، والصحابة جاء فيهم مدح بالقرآن، في بعضهم بأعيانهم ولو لم يكن هناك.. {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، وفي آخر سورة الليل: {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 21]، من هو؟ أبو بكر -رَضِيَ اللهُ عنهُ-. فالناس يتفاوتون، بعض الناس يصاب بشيء من الغرور، وبشيء من التيه والعجب والرياء، وبعض الناس لا يضره ذلك، والله أعلم.
طالب: .......
كراهية الذم من هذا النوع، إلا أنه قد يكره الذم؛ لأن الناس شهداء الله في أرضه، فهذا يؤثر فيه من جهة ما بدر منه لا من غيره، أنه يستحق أن يُذم ولا يستحق أن يمدح؛ لأن الناس شهداء الله في أرضه، فإذا كره؛ لأنه لا يستحق المدح، وإذا ذُم فإنه مستحق للذم فيكرهه من هذه الحيثية.
نعم.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ-: "وقد استدل به بعض العلماء على جواز إمساك الصيد الذي صِيد في الحل".
"استدل به" يعني حديث: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟».
طالب: "وإدخاله المدينة، وما كان محتملاً لهذه الاحتمالات لا تُعارض به النصوص الصريحة الصحيحة الكثيرة التي لا لبس فيها ولا احتمال. فإذا علمت ذلك، فاعلم أن العلماء القائلين بحرمة المدينة، وهم جمهور علماء الأمة، اختلفوا في صيد حرم المدينة، هل يضمنه قاتله أو لا؟ وكذلك شجرها؟ فذهب كثير من العلماء، منهم مالك، والشافعي في الجديد، وأصحابهما، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وعليه أكثر أهل العلم، إلى أنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام، فلم يجب فيه جزاء كصيد وَج".
طالب: .......
وادي وج بالطائف سيأتي ما جاء فيه مما يدل على أنه حرم محرم، ولكن الحديث ضعيف. نعم.
طالب: .......
الشافعية رأوا أنه حرام، وادي وَجّ.
طالب: ...
نعم. نعم.
طالب: "واستدلوا أيضًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «المدينة حرم ما بين عير وثور، فمن أحدث فيها حدثًا، أو آوى فيها محدثًا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً»، فذِكره -صلى الله عليه وسلم- لهذا الوعيد الشديد في الآخرة، ولم يذكر كفارةً في الدنيا، دليلٌ على أنه لا كفارة تجب فيه في الدنيا، وهو ظاهر. وقال ابن أبي ذئب، وابن المنذر: يجب في صيد الحرم المدني الجزاءُ الواجب في صيد الحرم المكي، وهو قول الشافعي في القديم، واستدل أهل هذا القول بأنه -صلى الله عليه وسلم- صرَّح في الأحاديث الصحيحة المتقدمة بأنه حرَّم المدينة مثل تحريم إبراهيم لمكة، ومماثلة تحريمها تقتضي استواءهما في جزاء من انتهك الحرمة فيهما".
لكن التشبيه لا يقتضي المشابهة من كل وجه، فالتشبيه في الإثم وقد ورد التأثيم صريحًا. نعم.
طالب: "قال القرطبي: قال القاضي عبد الوهاب: وهذا القول أقيس عندي على أصولنا؛ لا سيما أن المدينة عند أصحابنا أفضل من مكة، وأن الصلاة فيها أفضل من الصلاة في المسجد الحرام".
فيكون باب القياس قياس الأولى عندهم عند المالكية، ولكن المعروف ومذهب الجمهور أن مكة أفضل، والصلاة المضاعفات فيها أكثر.
طالب: "قال مقيده -عفا الله عنه-: ومذهب الجمهور في تفضيل مكة، وكثرة مضاعفة الصلاة فيها زيادةً على المدينة بمائة ضعف أظهرُ لقيام الدليل عليه، والله تعالى أعلم.
وذهب بعض من قال بوجوب الجزاء في الحرم المدني إلى أن الجزاء فيه هو أخذ سلَب قاتل الصيد، أو قاطع الشجر فيه.
قال مقيده -عفا الله عنه-: وهذا القول هو أقوى الأقوال دليلاً؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: أنه ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدًا يقطع شجرًا، أو يخبطه، فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يَرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم، فقال: مَعاذ الله أن أرد شيئًا نفَّلنيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبى أن يرده عليهم، رواه مسلم في صحيحه، وأحمد. وما ذكره القرطبي في تفسيره -رحمه الله- من أن هذا الحكم خاص بسعد -رضي الله عنه- مستدلاً بأن قوله: نفلنيه، أي أعطانيه، ظاهرٌ في الخصوص به دون غيره، فيه عندي أمران؛ الأول: أن هذا لا يكفي في الدلالة على الخصوص؛ لأن الأصل استواء الناس في الأحكام الشرعية إلا بدليل. وقوله: نفلنيه، ليس بدليل؛ لاحتمال أنه نفَّل كل من وجد قاطع شجر، أو قاتل صيد بالمدينة ثيابَه، كما نفَّل سعدًا، وهذا هو الظاهر.
الثاني: أن سعدًا نفسه رُوي عنه تعميم الحكم، وشموله لغيره، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن سليمان بن أبي عبد الله قال: رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلاً يصيد في حرم المدينة الذي حرَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلَبه ثيابه، فجاء مواليه، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرم هذا الحرم، وقال: «من رأيتموه يصيد فيه شيئًا فلكم سلبه»".
نعم؛ لأن مَن من صيغ العموم.
طالب: "فلا أرد عليكم طعمةً أطعمنيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
باعتباره فردًا من أفراد المخاطبين بالحديث.
طالب: "ولكن إن شئتم أن أعطيكم ثمنه أعطيتكم، وفي لفظ: «من أخذ أحدًا يصيد فيه فليسلبه ثيابه»، وروى هذا الحديث أيضًا الحاكم وصححه، وهو صريح في العموم وعدم الخصوص بسعد كما ترى، وفيه تفسير المراد بقوله: نفَّلنيه، وأنه عام لكل من وجد أحدًا يفعل فيها ذلك. وتضعيف بعضهم لهذا الحديث بأن في إسناده سليمان بن أبي عبد الله".
يعني مخاطبة الواحد، الأصل أن الناس سواء في الأحكام، ولذا ما قال أحد أخذًا من قول الله- جَلَّ وعَلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]، {خُذْ} مخاطبة للرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، ما قال أحد: إن هذا خاص بالرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.
طالب: .......
تفضل منه.
طالب: .......
ثمن السلب هذا تفضل من سعد. نعم.
طالب: "وتضعيف أحدهم لهذا الحديث بأن في إسناده سليمان بن أبي عبد الله غير مقبول؛ لأن سليمان بن أبي عبد الله مقبول، قال فيه الذهبي: تابعي وُثق، وقال فيه ابن حجر في التقريب: مقبول. والمقبول عنده كما بيَّنه في مقدمة تقريبه: هو من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يُترك حديثه من أجله، فهو مقبول حيث يتابَع، وإلا فليِّن الحديث. وقال فيه ابن أبي حاتم: ليس بمشهور، ولكن يُعتبر بحديثه. انتهى".
لكن ننظر هل توبع على رواية هذا الحديث أو لم يتابع؟
طالب: .......
بعد، نعم.
طالب: "وقد تابع سليمان بن أبي عبد الله في هذا الحديث عامر بن سعد عند مسلم، وأحمد، ومولًى لسعد، عند أبي داود، كلهم عن سعد -رضي الله عنه-، فاتضح رد تضعيفه مع ما قدمنا من أن الحاكم صححه، وأن الذهبي قال فيه: تابعي موثَّق. والمراد بسلَب قاطع الشجر أو قاتل الصيد في المدينة أخذُ ثيابه، قال بعض العلماء: حتى سراويله. والظاهر ما ذكره بعض أهل العلم من وجوب ترك ما يستر العورة المغلظة، والله تعالى أعلم".
طالب: .......
سلب كل شيء بحسبه، لكن الشيء الذي ينبغي أن يكون متفقًا عليه أن هذا السلب لا يتناول ما يستر العورة؛ لأن سترها واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
طالب: .......
يعني المتابع على أصله، المتابع على الأصل تدل على أن له أصلاً.
طالب: .......
على كل حال المتابعة على أصل الخبر تدل على أن للأصل أصلاً، ومعروف عند أهل العلم. نعم.
طالب: "وقال بعض العلماء: السلب هنا سلب القاتل، وفي مصرف هذا السلب ثلاثة أقوال؛ أصحها: أنه للسالب كالقتيل، ودليله حديث سعد المذكور".
نفلنيه، مما يدل على أنه لا.
طالب: "والثاني: أنه لفقراء المدينة. والثالث: أنه لبيت المال. والحق الأول. وجمهور العلماء على أن حِمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي تَقدم في حديث أبي هريرة المتفق عليه، أن قدره اثنا عشر ميلاً من جهات المدينة لا يجوز قطع شجره، ولا خلاه، كما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يُخبط ولا يعضد حمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»".
يعني هذا حمى، وليس بحرم، لكنه حمى لإبل الصدقة.
طالب: "«ولكن يُهش هشًّا رفيقًا». أخرجه أبو داود والبيهقي، ولم يضعفه أبو داود، والمعروف عن أبي داود -رحمه الله- أنه إن سكت عن الكلام في حديث، فأقل درجاته عنده الحسن".
لكن هو قال: ما سكت عنه فهو صالح، يعني ما فيه ضعف شديد بينته، وما سكتُّ عنه فهو صالح، كما جاء في رسالته لأهل مكة. الحافظ ابن كثير يقول: إنه وقف على نسخة من الرسالة، رسالة أبي داود أنه قال: وما سكت عنه فهو حسن. لكن أكثر النسخ العتيقة الموثقة: ما سكت عنه فهو صالح. والصالحية كما يقرِّر أهل العلم أعم من أن تكون للاحتجاج، بل تشمل الصلاحية للاستشهاد، فيدخل فيه الضعيف الذي ضعفه ليس بشديد، بدليل أن ما كان ضعفه شديدًا بينه، مفهومه أن ما كان ضعفه أقل من ذلك أنه قد لا يبينه.
طالب: "وقال النووي في شرح المهذب بعد أن ساق حديث جابر المذكور: رواه أبو داود بإسناد غير قوي، لكنه لم يضعفه. انتهى".
يعني سكت، "لم يضعفه" يعني سكت عنه.
طالب: "ويعتضد هذا الحديث بما رواه البيهقي بإسناده عن محمد بن زياد قال: كان جدي مولًى لعثمان بن مظعون، وكان يلي أرضًا لعثمان فيها بقل وقثاء، قال: فربما أتاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نصف النهار، واضعًا ثوبه على رأسه يتعاهد الحمى، ألا يُعضد شجره، ولا يُخبط، قال: فيجلس إليَّ فيحدثني، وأطعمه من القثاء والبقل، فقال له يومًا".
لأنه لإبل الصدقة، والحمى لإبل الصدقة، فعمر يتعاهد هذا من جهة مسئوليته عن إبل الصدقة. نعم.
طالب: "فقال له يومًا: أراك لا تخرج من هاهنا، قال: قلت: أجل، قال: إني أستعملك على ما هاهنا فمن رأيت يَعضد شجرًا أو يخبط فخذ فأسه وحبله".
سلب يعني من باب السلب. أو من باب التعزير، من باب التعزير له، وهو غير داخل فيما جاء عن النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في حديث سعد.
طالب: "قال: قلت: آخذ رداءه؟ قال: لا. وعامة العلماء على أن صيد الحمى المذكور غير حرام؛ لأنه ليس بحرم، وإنما هو حمًى حماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للخيل وإبل الصدقة والجزية، ونحو ذلك. واختُلف في شجر الحمى: هل يضمنه قاطعه؟ والأكثرون على أنه لا ضمان فيه، وأصح القولين عند الشافعية".
وإذا اختلفوا في شجر الحرم، وأنه لا يُضمن عند الأكثر؛ فلئلا يُضمن شجر الحمى من باب أولى.
طالب: .......
نعم، خذ فأسه وحبله، هذا إذا قلنا: إن حكمه حكم الحرم فيكون من السلب، وإذا قلنا: لا، هذا من باب التعزير لولي الأمر أن يعزر.
طالب: .......
نعم.
طالب: "وأصح القولين عند الشافعية وجوب الضمان فيه بالقيمة، ولا يُسلب قاطعه، وتصرف القيمة في مصرف نعَمِ الزكاة والجزية".
لأنه محمي لها.
طالب: "المسألة الثالثة عشرة: اعلم أن جماهير العلماء على إباحة صيد وَجّ، وقطع شجره، وقال الشافعي -رحمه الله تعالى-: أكره صيد وج، وحمله المحقّقون من أصحابه على كراهة التحريم. واختلفوا فيه على القول بحرمته، هل فيه جزاء كحرم المدينة أو لا شيء فيه؟".
كحرم المدينة عنده، يعني عند الشافعي.
طالب: "أو لا شيء فيه، ولكن يؤدب قاتله؟".
فاعله.
طالب: "ولكن يؤدب فاعله؟ وعليه أكثر الشافعية".
فاعله أعم من قاتله ليعم الصيد والشجر.
طالب: "وحجة من رواه أبو داود وأحمد والبخاري".
وحجة من قال بحرمة صيد وج ما رواه أبو داود.
طالب: .......
الثالثة عشرة، مركب مبني .......
طالب: .......
لا، ما بين إحدى عشر وتسعة عشر سواء كان على الفاعلة أو مركب أحد عشر.
طالب: "وحجة من قال بحرمة صيد وج ما رواه أبو داود، وأحمد، والبخاري في تاريخه، عن الزبير بن العوام -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «صيد وج محرم»، الحديث.
قال ابن حجر في التلخيص: سكت عليه أبو داود، وحسَّنه المنذري، وسكت عليه عبد الحق، فتعقَّبه ابن القطان بما نقل عن البخاري، أنه لم يصح، وكذا قال الأزدي. وذكر الذهبي، أن الشافعي صحَّحه".
طالب: .......
أنا رأيت الشيخ ابن باز -رَحِمَهُ اللهُ- يقرأ عليه التلخيص في الحج، قسم الحج من التلخيص في الحج، وهو فيه فوائد إضافة إلى ذكر الأحاديث المتعلقة بالمراد، وتخريج هذه الأحاديث، وفيه فوائد حديثية وفقهية؛ لأنه متعلق بكتاب فقهي، تخريج أحاديث كتاب فقهي.
طالب: .......
كل كتب التخاريج المتعلقة فيها فوائد، وتعرف التلخيص ملخص من كتاب ابن الملقن، ولا يأتي ربع الأصل، وقد طُبع قبل أصله بمائة سنة، لكنها شهرة الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- والقبول الذي وضعه الله له في الأرض.
طالب: .......
نعم، يزاد فوائد، لكن لا تأتي، لا تُذكر بالنسبة لما ترك.
طالب: "وذكر الخلال أن أحمد ضعفه، وقال ابن حبان في رواية المنفرد به، وهو محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي، كان يخطئ، ومقتضاه تضعيف الحديث، فإنه ليس له غيره، فإن كان أخطأ فيه فهو ضعيف، وقال العقيلي: لا يتابَع إلا من جهة تقاربه في الضعف".
يعني ضعفه ليس بشديد.
طالب: "وقال النووي في شرح المهذب: إسناده ضعيف. وذكر البخاري في تاريخه في ترجمة عبد الله بن إنسان: أنه لا يصح. وقال ابن حجر في التقريب في محمد بن عبد الله بن إنسان الثقفي الطائفي المذكور: لين الحديث، وكذلك أبوه عبد الله الذي هو شيخه في هذا الحديث قال فيه أيضًا: لين الحديث، وقال ابن قدامة في المغني في هذا الحديث في صيد وج: ضعَّفه أحمد، ذكره الخلال في كتابه العلل. فإذا عرفت هذا ظهر لك أن حجة الجمهور في إباحة صيد وج وشجره، كون الحديث لم يثبت، والأصل براءة الذمة، ووَجّ: بفتح الواو وتشديد الجيم، أرض بالطائف، وقال بعض العلماء: هو وادٍ بصحراء الطائف، وليس المراد به نفس بلدة الطائف".
تقدم في كلام ابن حجر في التلخيص: سكت عليه أبو داود وحسَّنه المنذري، وسكت عليه عبد الحق وتعقَّبه ابن القطان، بما نقل عن البخاري أنه لم يصح، وكذا قال الأسدي. أبو الفتح الأسدي صرَّح أهل الحديث النقاد منهم، وابن حجر في أكثر من موضع، بأن كلام ابن الفتح الأسدي غير مرضي؛ لأنه متهم ببدعة، فكيف يُرضى كلامه في الرواة وما يترتب على ذلك من الكلام في الأحاديث.
طالب: "وقيل: هو كل أرض الطائف، وقيل: هو اسم لحصون الطائف".
طالب: .......
سكت عليه عبد الحق في الجمع بين الصحيحين، وتعقَّبه ابن القطان، ويسكت.
طالب: .......
لا لا، في الأحكام ما هو بالجمع الصحيح، في الأحكام الكبرى.
طالب: "وقيل: لواحد منهما".
منها، أي من الحصون.
طالب: "وقيل لواحد منها، وربما التبس وج المذكور بوَحّ بالحاء المهملة، وهي ناحية نعمان. فإذا عرفت حكم صيد المحرم، وحكم صيد مكة والمدينة ووج مما ذكرنا، فاعلم أن الصيد المحرَّم إذا كان بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم، أو كان على غصن ممتد في الحل، وأصل شجرته في الحرم".
يعني يرجحون جانب الحضر.
طالب: "فاصطياده حرام على التحقيق تغليبًا لجانب حرمة الحرم فيهما. أما إذا كان أصل الشجرة في الحل، وأغصانها ممتدةً في الحرم، فاصطاد طيرًا واقعًا على الأغصان الممتدة في الحرم، فلا إشكال في أنه مصطاد في الحرم؛ لكون الطير في هواء الحرم".
طالب: .......
مثل ما قالوا في القلتين هي على التحديد أم على التقريب؟ هي معروفة عندهم من كذا إلى كذا، يعني هل دقة تحديد الحرم بحيث تكون قائمة من قوائم الطير داخل وقائمة خارج. نعم. هذه يذكرونها من ضمن ما يصورون من المسائل العلمية التي تُذكر للتنظير، ويذكرون الحكم بناءً على القواعد التي عندهم؛ تغليبًا لجانب الحضر.
طالب: "واعلم أن ما ادَّعاه بعض الحنفية، من أن أحاديث تحديد حرم المدينة مضطربة؛ لأنه وقع في بعض الروايات باللابتين، وفي بعضها بالحرتين، وفي بعضها بالجبلين، وفي بعضها بالمأزمين".
واللابتان هما الحرتان، والجبلان هما المأزمان، ولا اختلاف؛ لأن التحريم بين اللابتين من جهة الشرق والغرب، والجبلان من جهة الشمال والجنوب، فما فيه اضطراب ولا اختلاف نعم.
طالب: "وفي بعضها بعير وثور، غير صحيح؛ لظهور الجمع بكل وضوح؛ لأن اللابتين هما الحرتان المعروفتان، وهما حجارة سود على جوانب المدينة، والجبلان هما المأزمان، وهما عَير وثور، والمدينة بين الحرتين، كما أنها أيضًا بين ثور وعير، كما يشاهده من نظرها، وثور جُبيل صغير يميل إلى الحمرة بتدوير خلف أُحد من جهة الشمال".
وهو على هيئة الثور، وبعضهم أنكر هذه اللفظة باعتبار أن جبل ثور معروف، وفيه الغار المشهور بمكة وليس بالمدينة، لكن وُجد جبل صغير أو جبيل صغير موجود بالمدينة خلف أُحد صغير على هيئة الثور. وهو المقصود.
طالب: "فمن ادعى من العلماء أنه ليس في المدينة جبل يسمى ثورًا، فغلط منه؛ لأنه معروف عند الناس إلى اليوم، مع أنه ثبت في الحديث الصحيح.
واعلم أنه على قراءة الكوفيين: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ} الآية، بتنوين {جَزَاءٌ}، ورفع {مِثْلُ}، فالأمر واضح، وعلى قراءة الجمهور: {فَجَزَاءُ مِثْلٍ} بالإضافة، فأظهر الأقوال أن الإضافة بيانية، أي: جزاءٌ هو مثلُ ما قَتل من النعم، فيرجع معناه إلى الأول، والعلم عند الله تعالى".
ما الفرق بين القراءتين: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ} [المائدة: 95] قراءة الكوفيين، يعني جزاؤه الواجب عليه مثلُ ما قتل، المماثلة معروفة عند أهل العلم، مثلُ ما قَتل، هذا جزاؤه. أو {فَجَزَاءُ مِثْلِ} بالإضافة.
يقول: "وعلى قراءة الجمهور: {فَجَزَاءُ مِثْلِ} بالإضافة، فأظهر الأقوال أن الإضافة بيانية" أي جزاء هو مثل، وهناك: فجزاؤه مثل ما قتل من النعم، ويرجع المعنى واحدًا ما يختلف، والعلم عند الله.
والكلام على الآية، نحن انتهينا من الصيد وما يتعلق بالحرم، والآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، كلام طويل، وإلى آخر السورة، وننهيه إن شاء الله بالدرس القادم.