شرح كتاب التوحيد - 36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام المجدد -رحمه الله تعالى-:
"باب ما جاء في التنجيم.
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يُهتدى بها، فمن تأوّل فيها غير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلّف ما لا علم له به. انتهى. وكره قتادة تعلُّم منازل القمر."
تعلمَ.
"وكره قتادة تعلمَ منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب عنهما. ورخص في تعلُّم المنازل أحمد وإسحاق وعن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق النجوم.
الثانية: الرد على من زعم غير ذلك.
الثالثة: ذكر الخلاف في تعلم المنازل.
الرابعة: الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فيقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في كتاب التوحيد:
"باب ما جاء في التنجيم" التنجيم مصدر نجّم، مضعف، تنجيمًا، مثل كلم تكليمًا، والتنجيم يراد به اعتقاد تأثير الأجرام الفلكية ومنها النجوم على الحوادث الأرضية، هذا المراد بالتنجيم فيما يندرج تحت هذا الباب.
"قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث" هذا طريقه الاستقراء لما جاء في كتاب الله -جل وعلا- وقد يكون هناك حِكَم من خلقها أودعها الله -جل وعلا- فيها مما لا نعلمه ولا يجوز أن نعتقد فيها ونظن فيها غير ما أُطلِعْنا عليه من هذه الحكمة التي أطلعنا الله عليها.
"قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث" يعني ثلاث حكم أو لثلاث فوائد. "زينة للسماء" {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظاً} [سورة الصافات:6-7] الذي هو الثاني "رجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى" بها {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [سورة النحل:16] زينة للسماء، ولا شك أن السماء تزدان إذا كانت صافية ومظلمة ليست من الليالي المقمرة، تكون السماء مزينة بهذه النجوم التي منها أُخِذَ ما يزين به البيوت في سقفها مما يُسمى بالثريات، أُخذت من أين الثريات؟ من النجم الذي هو الثريا، الناس يزينون بيوتهم بهذه الإضاءات الكهربائية الملونة اللامعة، يسمونها ثريات، من أين جاءت هذه التسمية؟
من الثريا، وهي من هذه النجوم التي خلقها الله زينة للسماء، ومن تأمل في هذه النجوم ونظر إليها في ليلة صافية مظلمة يرى هذه النجوم المتلألئة المختلفة في ضوئها وفي ألوانها، منها ما يميل إلى الحمرة، ومنها ما يميل إلى الزرقة، ومنها.. وهذه الثريات الموجودة في الأسواق المتلألئة اللامعة التي يسمونها.. ومنها كرستال، ومنها أشياء كلها مقلَّدة على نجوم السماء، وإذا أرادوا أن يمدحوا شخصًا بلمعانه وتفوقه في أمر من الأمور قالوا: فلان نجم، فلان نجم، ما يدل على أن هذه النجوم زينة كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ} [سورة الصافات: 6-7].
"الثانية: رجومًا للشياطين" كان الشياطين والمراد بهم شياطين الجن؛ لأن شياطين الإنس لا يستطيعون الوصول إلى ما يصل إليه شياطين الجن، إلى ما يصل إليه شياطين الجن، فكانوا كما قالوا كما وصف سفيان: تراكم الشياطين فوق بعض بكفه، يطلع بعضهم فوق حتى يصلوا إلى ما يقرب إلى السماء الدنيا، فيسترقون السمع، وهذا قبل بعثته -عليه الصلاة والسلام- كثير جدًّا، ثم بعد أن بعثه الله -جل وعلا- صاروا يُرجَمون بالشهب من النجوم، فخف شرهم، وقلَّ استراقهم للسمع، "ورجومًا للشياطين" لكن هل الذي يحاول أن يطلع إلى هذه الأماكن يمكن أن يندرج في قوله: رجومًا للشياطين، يصير من شياطين الإنس؟ ممن حاول من الروس والأمريكان وغيرهم.
طالب: ...........
لا لا، ما هو في السماء الدنيا حتى النجوم حتى النجوم دون.
طالب: ...........
ما قصدوا ولا قربوا منه، ولا قربوا من موضعه، ولو حاولوا ذلك وكان هدفهم ذلك لرُجِموا كما رُجِم شياطين الجن.
طالب: ...........
أين؟
طالب: ...........
فيه قول لأهل العلم {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ} [سورة نوح:16] يقولون في ظرفية، يعني داخل النجوم، مع أن حقيقته ليست كذلك، بل هو دون بعض النجوم بدليل أنه يُرى في العين المجردة أنه وهو يمشي يسير في الليل يغطي بعض النجوم، مما يدل على أنه دونها، مما يدل على أنه دونها، والشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- ألّف رسالة في إمكان الصعود إلى الكواكب في إمكان الصعود إلى الكواكب ؛لأنها أثيرت قبل أربعين سنة، لما أن الروس قالوا: إنهم وصلوا وطار بها بعض المسلمين الذين لهم علم بما يُسمى بالهيئة أو الفلك، وصارت ضجة؛ لأن بعض المشايخ وبعض طلاب العلم رأوا أن هذه الآية {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} [سورة نوح:16] والشيخ الشنقيطي له كلام في المسألة، جعلوا أنها من المستحيلات؛ لأنها داخل السماء، والسماء محفوظة، ولكن الواقع يثبت خلاف ذلك، ومع ذلكم هم في أمر مريج، بعضهم يثبت، وبعضهم ينفي، وبعضهم.. هذه أمور مما لا ندركه بعقولنا ولا بعلومنا، نقول: الله أعلم، نقول: الله أعلم.
طالب: ...........
دون السماء نعم.
طالب: ............
زيناها بمصابيح، لكن المصابيح يلزم أن تكون لاصقة؟ ما يلزم أن تكون لاصقة.
طالب: ...........
كل ما في السماء مما يكون زينة لها، وعلامات يُهتدى بها، علامات يُهتدى بها في الأسفار، في الأسفار، ما كانت الطرق ميسرة ومعبدة، واللوحات الدالة على الطريق يمين يسار، ما فيه شيء أول وإلا صحاري..
والدلائل في طرق الناس يعني ضعيفة، ولا يهتدي بها ويستدل بها إلا الخرِّيت من الناس، ولذلكم كان يكثر الضياع، ويكثر الموت في الطرق، وليس عندهم من الدقة ما عند الناس اليوم من الكيلوات المضبوطة.
في معجم البلدان قال: فَيْد القرية التي قرب حائل، هنا يقول: في طريق الحاج بين مكة والبصرة، يعني موقع هذه البلدة بين مكة والبصرة، الذي يمسك هذا الوصف ذا ماذا يفعل إلا إن مسك الطريق المسلوك بحجاج البصرة والعراق، ويقع؛ لأنه في الطريق، لكن لو يروح يمينًا أو شمالًا انتهى.
وعلامات يهتدى بها الناس، كانوا يستدلون بالنجوم، ويعرفون أن هناك نجومًا جنوبية ونجومًا شمالية ونجومًا تطلع في الغرب ونجومًا.. يعرفونها، وكان الناس يتعلمونها إلى وقت قريب ويعلمون أولادهم إياها؛ لأن الناس كانوا ينامون في السطوح، ينامون ولا عندهم كهرباء والبلدان مظلمة، ويرونها بوضوح، فالوالد أو العالم يقول لطلابه، وهذا شيء أدركناه، وهذا كذا، وهذا كذا، وهذا كذا، والوالد يقول لأولاده، والناس يتوارثون هذه العلوم، ويستدلون بها على الطرق، ويستدلون بها على جهة القبلة؛ لأنهم يحددونها بجوار الكعبة، ثم إذا ابتعدوا عنها عرفوا الجهة، وعلامات يهتدى بها إذا غابت، هذه العلامات إذا غابت هذه العلامات ماذا يصنع السائر؟ يتيه، وأوردت البيت الذي قبل درسين أو ثلاثة من مرثية للشيخ محمد السبيل الشيخ عبد الله بن حميد يقول:
فيا خيبة الساري إذا غاب نجمه |
|
.............................. |
إذا غاب النجم خلاص يقف.
طالب: يضيع.
إما يضيع أو يجلس مكانه.
فيا خيبة الساري إذا غاب نجمه |
|
ويا لوعة الصادي إذا جف ماطر |
من أول في سنين مضت قبل تيسر الأمور إلى هذا الوقت، الناس إذا تأخر المطر، ولاسيما من في الصحاري خلاص يموتون عطشًا، يموتون عطشًا، ما فيه ماء، وما في البلدان وقرب الآبار وقرب موارد المياه، لذلك تجدون العرب إلى وقت قريب في البوادي أكثرهم رُحَّل، ما يلزمون مكانًا واحدًا، يتبعون الغيث.
وعلى كل حال هذه النجوم خُلِقت لهذه الحكم الثلاث: زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها، ويستدل بها على الجهة المطلوبة، وعلى القبلة، وعلامات يهتدى..
"فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ" يعني هذه العلامات الموجودة في النص علامات موجودة بالنص، "من تأول فيها غير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه"؛ لأنه قد يجعلها سببًا مما لم يرد به الشرع أنه سبب، ولا جرت العادة بأنه سبب، فيدخل في الشرك، فمن تأول فيها غير ذلك يعني غير الثلاث الحكم فقد أخطأ، وأضاع نصيبه، أضاع نصيبه من ماذا؟ فما له في الآخرة من نصيب، من خلاق، فضاع نصيبه.
"وتكلف ما لا علم له به"؛ لأن العلم لا يكون علمًا إلا إذا استند إلى دليل، ولا دليل، تكلف ما لا علم له به، ولذا تجدون من حاد عن الكتاب والسنة والتمس الهدى من غيرهما وتخبَّط يمينًا وشمالاً في علوم الأولين تجده ضائعًا، وذكر الألوسي في تفسيره عن الرازي وعن ابن عربي أشياء تتعلق بالأفلاك والكواكب، يعني ما نسبه إلى ابن عربي هذا شرك أكبر، ما فيه إشكال.. أنه وصل به الحد أنه يخاطب الكعبة فتدنو منه! يصير؟! لما جاور بمكة، وأنها تزور فلانًا وتزور فلانًا، ويخاطب النجوم!
نحمد الله على الاعتصام بالكتاب والسنة، هو المنجاة، والرازي له السر المكتوم في مخاطبة النجوم، ويُذكَر أنه تاب منه، ومنهم من ينفي نسبته إليه. وعلى كل حال الدخول في هذه الأبواب لا شك أنه خطر عظيم، ولا فائدة فيه غير هذه الثلاث الفوائد، ما فيه غيره، لا تدور شيئًا، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به، انتهى. وهذا عند البخاري معلَّقًا، ووصله غيره.
"وكره قتادة تَعلُّم منازل القمر" القمر له منازل كم؟ ثمانٍ وعشرون، له منازل، كل ليلة ينزل في منزل، ولا يُرى ليلتين إلى التاسع والعشرين والثلاثين، هذه المنازل معروفة عند العرب ومذكورة في الدواوين والكتب، واختلف في تعلمها، اختُلف في تعلمها، كره قتادة تعلّم منازل القمر، ومعلوم أن قتادة من السلف الذين يغلب إطلاقهم الكراهة على التحريم.
"ولم يرخِّص ابن عيينة فيه" فالمنع مذهب قتادة وابن عيينة سفيان، "ذكره حرب عنهما" حرب الكرماني له مسائل عن أهل العلم، وله مسائل كثيرة عن الإمام أحمد وإسحاق وعن جمع من السلف.
"ورخَّص" وهذا هو القول الثاني، "ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق"؛ لأنها يمكن تعلمها، ولا يترتب على تعلمها شيء، ما يترتب عليه شيء مُخِلّ، فهو أمر مدرَك وليس بغيبي، وليس من ادّعاء علم الغيب، ولذا رخَّص فيه الإمام أحمد وإسحاق.
طالب: ...........
كيف؟
طالب: ...........
يعني تريد أن تربط الكلام الثاني بالأول.
طالب: ...........
لا، هو فيه شيء ترى من مزلة القدم؛ لأن الإنسان قد يسترسل، وقد يستغرق في البحث والكتب التي بحثت من كتب الأولين في هذه الأمور فيها أشياء، فيُخشى على الإنسان أن يظن في أول الأمر، ثم يعتقد أن لها تأثيرًا من كثرة النظر في كتب القوم.
طالب: ...........
ماذا؟
طالب: ...........
هو يتكلم عن النجوم هناك وعلامات، ويستدل أيضًا بالشمس على موضع القبلة في النهار. على كل حال من يستدل بها على أمر مشروع، ويتعلم من أجل الاستدلال بها على أمر مشروع فتعلمه مشروع، ومن تكلّف فيها أمورًا ليست مشروعة فتعلُّمها غير مشروع.
طالب: ...........
كرهه؛ لأن هذا قد يجره إلى غيره، قد يجر إلى غيره؛ لأن إدامة النظر مع أنها محل اعتبار وتفكر في خلق السموات والأرض وما فيهما، ويستفاد منها من هذه الحيثية، لكن بعض الناس قد ينجرف إلى ما يقال، وينقل عن الأولين ممن يزعمون التأثير، فيقع في المحظور، فهو يريد أن يحسم المادة.
طالب: ...........
الفصول؟
طالب: ...........
يعني من يتعلم لمعرفة فصول السنة، ومتى يدخل كذا، وإذا دخل سهيل طاب الليل، وإذا طلع الثريا أمنت العاهة، يعني معرفة هذه الأوقات التي جرت العادة الإلهية فيها بأن وقت كذا وقت زراعة كذا، وقت دخول البرد، وقت دخول الرياح، ما فيه شيء، لكن الاسترسال في هذه الأمور قد يؤثر على بعض الناس.
ثم قال -رحمه الله- "وعن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا يدخلون الجنة»" وعن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا يدخلون الجنة» "«مدمن الخمر»" المكثر من شربه- نسأل الله العافية- الخمر حرام بالإجماع، وكبيرة من الكبائر، ورُتِّب عليه العقوبة في الدنيا والوعيد الشديد في الآخرة، إذا شربه ولو مرة ولم يتب وإذا كان مدمنًا له ومعتادًا له ومكثرًا من شربه صار الأمر أشد، حتى إنه جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث معاوية أنه يُقتل في الرابعة، أنه يقتل في الرابعة.
وللشيخ أحمد شاكر رسالة اسمها "كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر"، والمسألة عند أهل العلم خلافية، منهم من يقول: إن الحديث منسوخ، حديث معاوية والترمذي يقول: ليس في كتابي مما أجمع على على ترك العمل به إلا حديثان هذا الحديث، وحديث جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، هذان الحديثان الترمذي قال: ليس في كتابي مما أجمع على ترك العمل به سوى هذين الحديثين، قال ذلك في علل الجامع التي في آخر جامعه، وأضيف عليها من قبل الشراح حتى وصلت إلى العشرين، منهم من يقول: إنه حد الذي يقول منسوخ، وهو الجمهور يقولون خلاص لا يعمل به، ويكتفى بالحد على خلاف بينهم في الثمانين والأربعين، ومنهم من يقول: إنه حد، ويقتل في الرابعة، ومنهم من يقول: إنه تعزير وليس بحد، إذا رأى الإمام أن الناس تتابعوا على شرب الخمر ولم يردعهم الحد بالجلد فله أن يقتل، وشيخ الإسلام وابن القيم يميلان إلى هذا القول.
فمدمن الخمر هذه عقوبته في الدنيا، وفي حديث أبي موسى: ثلاثة لا يدخلون الجنة، ومنهم مدمن الخمر، ولا يدخلون الجنة، هذا من نصوص الوعيد التي قال بعض السلف: إنها تمر كما جاءت، كما جاءت، ومنهم من حمله على المستحل، ومنهم من قال: لا يدخلون الجنة من أول وهلة، بل يعذبون إن لم يعفُ الله عنهم.
وعلى كل حال الوعيد شديد "«ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم»" قاطع الرحم التي تجب صلتها من الأقارب بدءًا بالبر الذي هو بر الوالدين، والصلة التي تجب صلتها في الأرحام، والذين هم الأقارب، وترجم الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه باب البر والصلة والآداب، باب البر والصلة والآداب، فالبر للوالدين، والصلة للأقارب، والآداب مع عموم المسلمين.
«وقاطع الرحم» قاطع الرحم، وقطيعة الرحم جاء فيها النصوص، نصوص الوعيد الشديدة {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [سورة محمد: 22-23] قطيعة الرحم ولا تنزل الجنة على قوم فيهم قاطع رحم. وعلى كل حال الثلاثة من عظائم الأمور، كلها من الكبائر.
«ومصدق بالسحر» وهذا أشدها، مصدق بالسحر قد يقول قائل: ما مناسبة الحديث للتنجيم؛ لأن التنجيم نوع من السحر، وسبق الحديث «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» كما تقدم.
"رواه أحمد وابن حبان في صحيحه"
يقول -رحمه الله-:
فيه مسائل "فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق النجوم" الحكمة في خلق النجوم.
طالب: ...........
التأثير كون السحر مؤثِّرًا التصديق به هذا قول لأهل العلم، التأثير الحسي والتأثير المعنوي، كل يقول به، يتفقون عليه، «ومصدق بالسحر» ومنه النجوم كما تقدم في الحديث، «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه قال -رحمه الله- فيه مسائل..
قال -رحمه الله- فيه مسائل:
الحكمة في خلق النجوم يعني الحكَم الثلاث التي جاءت في كلام قتادة، وهذه تقدم الكلام فيها.
"الثانية: الرد على من زعم غير ذلك" وجاءت الإشارة إلى هذا في كلام قتادة أيضًا.
"ذكر الخلاف في تعلم النجوم" فالمنع من قبل قتادة وابن عيينة، والإباحة لأحمد وإسحاق.
"الرابعة: الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل" صدّق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل؛ لأنه قد يكذِّب وهو يراه مطابِقًا للواقع فيكذِّب؛ لأنه لو سأل كاهنًا أو عرافًا، ثم رأى كلامه مطابقًا للواقع فلا يجوز تصديقه، فإن صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد، وهذا كذبه، وهو مطابق للواقع من صدقه وهو يعرف أنه باطل هذا الأمر ما يكون أشد؟ ولذلك الشيخ يقول: "ولو عرف أنه باطل" كأن الأسلوب في هذه المسألة الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل دلالة الأسلوب من كلام الشيخ.
طالب: أنها أخف، أنها أخف.
طالب: ...........
يعني مطابق للواقع، إذا كان مطابقًا للواقع مثل ما ذكرنا في قصة لشخص حافظ للقرآن وإمام جامع تزوج، فدخلت عليه امرأة وطيبته من طيب معها، فأراد الزوجة وعجز عنها في اليوم الثاني والثالث والسابع، عجز، فذهب إلى ساحر -نسأل الله العافية- وقال له: هذا شيء لا أستطيعه، اذهب إلى فلان بالعراق، فذهب إلى فلان، وقال له: أعطني طاقيتك، وائتني غدًا، أعطاه إياه، وجاء من الغد قال: ما أستطيع، عجزت، اذهب إلى فلان بالبحرين، وذهب إلى فلان بالبحرين، وشرح له الحال، ما فصل له، قال: أنا دخلت على امرأة ومُنِعت منها قال: معلوم أنك دخلت في المكان الفلاني من امرأة اسمها كذا، ودخلت عليكم امرأة صفتها كذا، وصفها بدقة، وطيَّبتكم بطيب من هذه القارورة، ما هو إحراج؟! لأن غشيان هذه المواقع فتنة، فما كان منه إلا أن قال: صدقت -نسأل الله العافية-.
واستدل بالحديث صدقت؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» انظر الفتنة، والذهاب إلى هذه المواضع مزلة قدم، الآن ذهب إليه وحافظ للقرآن وخطيب جامع وقال له ما قال؛ لأنه أطلعه على شيء يصعب إنكاره إلا بعصمة إلهية، يعني مثل هذه الأمور، أحيانًا بعض الأمور الواقعية تفرض نفسها على الإنسان.
ولذلك يقولون: إن الخبر القطعي الذي لا يمكن تكذيبه، ومنه ما يدرك بالحواس، وهذا أدركه بحاسته، لكن الشرع يأمرك بتكذيبه، أولاً يأمرك ألا تأتي إليه، ولو ذهبت إليه وسألته من غير تصديق لم تُقبَل لك صلاة أربعين يومًا، وإذا صدقته «فقد كفر بما أنزل على محمد»، والآن الناس من أيسر الأمور أن يأتي بالجريدة، وفيها الأبراج والمنازل، وهم يقولون فيها: من كان مولودًا في برج كذا يحصل له كذا، والمولود في برج كذا هذا سعيد، وهذا نحس، وهذا ما أدري ماذا، ويرمي الجريدة بين نسائه وأولاده، والأصل أنه هو لا يجوز له النظر إليها، ولا يجوز له شراؤها، فضلاً عن أن يتيح النظر إليها لسذج من نساء وأطفال- نسأل الله العافية-. الناس يتساهلون في هذا كثيرًا، يشترون الجرائد ولا يدرون ما فيها؟ والأطفال يقرؤون في هذه ويسألون- نسأل الله العافية- الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر، ولو عرف أنه باطل.
طالب: ...........
لا، القلب اعتقد هذا، هذا متعلق بأمر الاعتقاد.
طالب: ...........
يكذبه، يكذبه.
طالب: ...........
نعم حصل مطابقة الواقع، ويجب عليه أن يقول: كذبت.
طالب: ...........
تفضَّل.
طالب: ...........
النص عام، النص عام: "من أتى كاهنًا" عموم، فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد وقلنا: إن التصديق والتكذيب له حقيقة شرعية، وله حقيقة عرفية، وله حقيقة لغوية، طابق الواقع حقيقة عرفية ولغوية صحيح، لكن الشرع يقول: كذبت الثلاثة الذين شهدوا على الزاني ورأوه بأعينهم وشهدوا عليه، رأوه بأعينهم طابق الواقع، رأوه يعني ما هم ينقلون عن أحد، هم صادقون أم كاذبون؟ {فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [سورة النــور:13] ولو كان خبرهم مطابقًا للواقع.