هذا الكتاب فيه شبه كبير برسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، مع اختلاف موضوع الكتاب، فالتدمرية: تمثل خلاصة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث كان سبب تأليفها أن بعض كبار تلاميذ ابن تيمية طلبوا منه أن يكتب لهم مضمون ما سمعوه منه في بعض المجالس حول التوحيد والصفات والشرع والقدر.
وكتاب ( كشف الشبهات ) يمثل خلاصة ومناقشات وقواعد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، وجواب شبهات المخالفين في باب التوحيد ، وما يضاده من الشرك ، فقد حوى – تقريبا – كل ما قاله واحتج به دعاة الشرك في الأولياء والأضرحة والقبور وغيرها – قديماً وحديثاً – وناقشها واحدة واحدة بأسلوب قوي متين يقطع دابر الشبهة من أساسها لمن رزقه الله فهما سليما، وعقلاً صحيحاً، وتجرد عن اتباع الهوى والتقليد الأعمى. وعنوان الكتاب يعكس موضوعه، فهو يكشف حقيقة شبهات أثيرت للتوسل بالقبور والأموات والأولياء وغيرهم. يقول سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – "هذا الكتاب جواب لشبه اعترض بها بعض المنتسبين للعلم في زمانه عليه، لما تصدى الشيخ لبيان التوحيد والدعوة إليه وتفصيل أنواعه اعترض عليه بعض الجهلة المتعلمين الذين أزّهم إبليس فجمعوا شبها شبهوا بها على الناس فأجابهم بهذا الكتاب وكشف شبههم". ويقول الشيخ عبد الله بن عقيل-رحمه الله-"يقال إن الذي أورده هذه الشبه الشيخ محمد بن عبد الله بن فيروز الأحسائي (ت: 1216) وهو ممن شرق بهذه الدعوة المباركة مع صلة قرابته نسباً وصهرا بالشيخ المجدد".
هو الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي، ولد الإمام محمد بن عبد الوهاب سنة 1115 هـ في مدينة العيينة قرب الرياض. تعلم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين، وقرأ على أبيه في الفقه، وتذكر المصادر أنه كان مشهوراً بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام.
وهكذا نشأ الإمام محمد بن عبد الوهاب فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق معرفته، ومكتبة جده الشيخ العلامة القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وكان يجالس بعض أقاربه من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم، وبيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم سيما الوافدين باعتباره بيت القاضي، ولا بد أن يتخلل اجتماعاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها الإمام محمد بن عبد الوهاب.
توجه الشيخ للرحلة في طلب العلم فرحل إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة، طلباً للعلم. ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام، ثم عاد إلى نجد يدعو الناس إلى التوحيد، ولم يثبت أن الإمام محمد بن عبد الوهاب قد تجاوز الحجاز والعراق والأحساء في طلب العلم. فتفقه على المذهب الحنبلي وتلقاه على يد والده بإسناد متصل ينتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل. كما تلقى علم الحديث النبوي ومروياته الحديثية لجميع كتب السنة كالصحاح والسنن والمسانيد وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم عن شيخيه: العلامة عبد الله الفرضي الحنبلي والمحدث الشيخ محمد حياة السندي وأسانيدهما مشهورة معلومة.
وبعد مضي سنوات على رحلات الشيخ العلمية عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين على العيينة أمير جديد يلقب بخرفاش بن معمر والذي لم يرق له بقاء الشيخ عبد الوهاب في القضاء، فعزله عنه، فغادرها الشيخ عبد الوهاب إلى حريملاء وأقام بها وتولى قضاءها. فأقام محمد في حريملاء مع أبيه يدرس عليه، ولقد ابتلي والده الشيخ عبد الوهاب فصبر على البلاء وثبت حتى جاوز الامتحان والابتلاء، وما ذلك إلا تأييد الله له بروح منه وتقويته لإيمانه.
أما عن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب فهي كثيرة جداً نذكر منها الكتب التالية: -
1. كتاب التوحيد: وهذه الرسالة هي من أشهر مؤلفاته، والاسم الكامل هذا الكتاب هو: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد. وذكر فيه معتقده حول حقيقة التوحيد وحدوده، والشرك ومفاسده.
2. كتاب كشف الشبهات: ونستطيع أن نسميه تكملة لكتاب التوحيد، والحقيقة أن جميع كتبه تتعلق بمحور واحد ويمكن أن يقال إنها كلها تكملة لكتاب التوحيد.
3. كتاب الأصول الثلاثة: وهي معرفة الرب، ومعرفة دين الإسلام، ومعرفة الرسول.
4. كتاب شروط الصلاة وأركانها: وقد شرحت هذه الرسالة شروط الصلاة وذكرت أركان الصلاة وواجباتها.
5. كتاب القواعد الأربع: حيث ذكر في هذه الرسالة اعتقاده في بعض مسائل التوحيد.
6. كتاب أصول الإيمان: وبين أبواب مختلفة من الإيمان بالأحاديث النبوية.
7. كتاب فضل الإسلام: وقد وضح فيه معتقده حول مفاسد البدع والشرك، وشروط الإسلام.
8. كتاب الكبائر: ذكر فيه جميع أقسام الكبائر، واحدة واحدة، مفصلة في أبواب، وقد دعمت الأبواب كلها بنصوص الكتاب والسنة.
9. كتاب نصيحة المسلمين: وهذا كتاب مستقل قد جمع فيه أحاديث تتعلق بجميع نواحي التعليمات الإسلامية.
توفي الإمام محمد بن عبد الوهاب عام (1206 هـ) في العيينة بقرب من الرياض، قال ابن غنام في الروضة (2/154): كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر. وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية، رحمه الله رحمة واسعة.