كتاب الصلاة (34)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجَمَعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"بَابُ أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِى الْمَسْجِدِ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أمُّ المؤمنين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِى، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ.

زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ".

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ ورسولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"بَابُ أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِى الْمَسْجِدِ".

الحِرَاب جمع حَربة، وهي النبل الذي جاء سابقًا في الأبواب السابقة أنه من دخل المسجد فليأخذ بنصالها؛ لئلا يؤذي بها أحدًا، وهنا ما ذُكر، بل من مقتضى لعبهم بها أن تترك نصالها، يعني رؤسها تترك، من غير إمساك، ولا يتم استعمالها على الطريقة التي يستعمل في الحروب وهي ممسكة، فهذا يخصص ما سبق.

واللعب المذكور في الحديث بالحِرَاب في المسجد كونه مما يُستعان به على الجهاد، وقتال الأعداء، ولذلك لمنفعته تُرِكوا يتعلمون، ويتعلم منهم من يراهم، ورأتهم عائشة -رضي الله عنها- والنبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يسترها؛ لتنقل هذا الخبر، والكيفية لمن لا يعرفها بعد رؤيتها، وعلى هذا ذكر الإمام البخاري أصحاب الحِراب في المسجد.

"قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

عندكم لقد؟ عندك أنت؟

طالب: لقد رأيت رسول الله.

الشيخ: ما هذه الطبعة؟ ... عندكم لقد رأيت؟

طالب: قد رأيت.

الشيخ: السلفية الأولى ما فيها لقد، ولذلك تذكر؛ لأنها موجودة في المتن، ولم يوجد مقارنة نسخ فيقول: موجودة في بعض النسخ دون بعض.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ".

ما علاقته بمالك؟

طالب: .......

من معه إرشاد الساري؟

طالب: .......

ما له علاقة بمالك؟ إرشاد الساري ماذا يقول؟

طالب: إرشاد الساري.

طالب: ابن يحيى القرشي العامري المدني.

الشيخ: نعم، ظننته ابن أخت مالك، الأويسي.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ".

صالح: هو ابن كَيْسان.

"عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِى".

يعني هي في الحجرة، هي في الحجرة، وتنظر إليهم من خلال الباب.

"عَلَى بَابِ حُجْرَتِى وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ".

ولذا ذُكر عن مالك أنهم يلعبون في رحبة المسجد، في رحبة المسجد وعائشة في المسجد.

"وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ".

الحبشة ضرب من سكان أفريقيا، والشُرَّاح يقولون: نوعٌ من السودان، ولا يقصدون بذلك الإقيلم أو شيءٌ من هذا، المقصود أن الحبشة بلد معروف، هاجر إليها الصحابة، وهؤلاء منها.

"وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ".

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

"يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ".

هي تنظر إليهم من بعيد، ومستورةٌ بالرداء، فلم تخالطهم، ولا ينظرون إليها؛ لأنها مستورة، ومثل هذا لا يُستدلُّ به على اللعب المستعمل به الآن، واللهو والتوسع فيه، ووجود النساء مع الرجال! لا يقول قائل إنهم يلعبون وفي المسجد أيضًا، وعائشة تنظر إليهم، ما فيه أدنى مستمسك لهؤلاء، نعم.

طالب: .......

"زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ".

يعني رأيت النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يُكَمَّل من الرواية السابقة، يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِى وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ" إلى آخر الحديث.

ما الذي زاده إبراهيم بن المنذر؟

طالب: ...... توصيف الفعل بالحِرَاب.

الشيخ: نعم، "بِحِرَابِهِمْ".

وهذا هو الشاهد من الحديث في الترجمة.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قَوْلُهُ "بَابُ أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ".

الْحِرَابُ: بِكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ جَمْعُ حَرْبَةٍ، وَالْمُرَادُ جَوَازُ دُخُولِهِمْ فِيهِ، وَنِصَالُ حِرَابِهِمْ مَشْهُورَةٌ".

بخلاف من يدخل المسجد ومعه حربة، والمسجد فيه أُناس غافلون عن هذا الداخل، وقد يغفل هو عن إصابة الناس، وأمَّا هؤلاء فهم متميزون، وليس في المسجد غيرهم، هم يعرفون كيف يتعاملون مع الحِرَاب مع أمثالهم ونظرائهم، ما هم مثل العامي الذي يدخل المسجد ما يدري عن شيء، ولا عرف أن هناك نصالًا، ولا حرابًا ولا شيئًا، قد يتعرض للأذى، بخلاف ما هنا.

"وَأَظُنُّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى تَخْصِيصِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ بِالنَّصْلِ غَيْرِ مَغْمُودٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّحَفُّظَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ صُورَةُ اللَّعِبِ بِالْحِرَابِ سَهْلٌ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْمُرُورِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ بَغْتَةً فَلَا يُتَحَفَّظُ مِنْهُ".

في الروايات السابقة جاء تفسير الشخص الذي أُمِر بالأخذ بنصالها، هذا جاء بهذه الحِراب للتوزيع، يوزعها بالمسجد، هو ليس من أهلها، ولكن يريد أن يُستعان بها على الجهاد، فمثل هذا لا بد أن يحتاج إلى تنبيه؛ لئلَّا يؤذي أحدًا، أمَّا هؤلاء فهؤلاء الحبشة مهرة في إمساك هذه الحِراب، والتعامل معها.

"قَوْله فِي الْإِسْنَاد: "عَن صَالح" هُوَ بن كَيْسَانَ".

هو أكبر من ابن شهاب سِنًّا، هو أكبر من ابن شهاب؛ فهذه من رواية الأكابر عن الأصاغر، وابن كيسان، صالح بن كيسان ما طلب العلم ولا طلب الحديث إلا متأخرًا، ذكروا أرقامًا في سنه، يختلفون، لكن أقل ما قيل عند طلبه العلم أقل ما قيل: خمسين، قيل: تسعين حينما بدأ طلب العلم، فلا يأس، فهو أكبر من ابن شهاب، وطلب العلم في هذه السن المتأخرة حتى صار من أكابر الآخذين عن ابن شهاب، فلا ييأس طالب العلم يقول: وصلت الثلاثين، تعديت الثلاثين. لا أمامك إن شاء الله وقتٌ طويل تطلب العلم، وتصير من كبار الآخذين عن شيوخك، ثم يأتي من يأخذ عنك، وهكذا، ويصير لك مثل أجورهم، مع النيَّة الصالحة، وإلا فبدون نيَّة لا شيء، بل العكس العلم ما تخرج منه كفاف لا لك ولا عليك.

طالب: ما ..... يا شيخ.

الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله، ما يذكره؟

طالب: .......

ما اسم هذا؟

طالب: .......

ابن أخت مالك، الأويسي.

طالب: .......

الشيخ: ولا يذكره في التقريب.

الطالب: ما أدري.

الشيخ: اقرأ، اقرأ، يحقق إن شاء الله.

طالب: هو موجود .....عن مالك ....عن عطاء.

الشيخ: في التقريب؟ لا، موجود، التقريب فرع على التهذيب.

"قَوْلُهُ: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا فِي بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ" فِيهِ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِد، وَحكى ابن التِّينِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ اللَّعِبَ بِالْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ وَالسَّنَةِ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن ترفع..}[النور:36]".

يعني كما قال النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد: «المساجد لم تُبنَ لهذا، إنما بُنيت للصلاة وإقامة ذكر الله»، إن كان هذا الحصر حقيقيًّا، فالحِراب ليس من ذلك، ولكنه حصرٌ إضافي، يبقى أن أهم ما تُبنى له المساجد الصلاة وذكر الله، وأيضًا هي لعموم المسلمين، فلا يمتنع فيها ما يَهُمُّ عموم المسلمين.

طالب: ........بعض الألعاب.

الشيخ: تشجع على الجهاد أم على الكمبيوترات.

الطالب: يحفظون القرآن ....

الشيخ: لا، هذا ليس بالقصد من التشجيع على ما يعين على جهادٍ وغيره، هذا القصد منه الترفيه عن هؤلاء الشباب وجذبهم إلى المساجد ما يصلح.

"وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ»، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي الْآيَةِ تَصْرِيحٌ بِمَا ادَّعَاهُ، وَلَا عُرِفَ التَّارِيخُ فَيَثْبُتُ النَّسْخُ، وَحَكَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَعِبَهُمْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ عَائِشَةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهَذَا لَا يَثْبُتُ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ لَعِبَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دَعْهُمْ، وَاللَّعِبُ بِالْحِرَابِ لَيْسَ لَعِبًا مُجَرَّدًا؛ بَلْ فِيهِ تَدْرِيبُ الشُّجْعَانِ عَلَى مَوَاقِعِ الْحُرُوبِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَدُوِّ.

 وَقَالَ الْمُهَلِّبُ: الْمَسْجِدُ مَوْضُوعٌ لِأَمْرِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَا كَانَ مِنَ الْأَعْمَالِ يَجْمَعُ مَنْفَعَةَ الدِّينِ وَأَهْلِهِ جَازَ فِيهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَى اللَّهْوِ الْمُبَاحِ، وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ أَهْلِهِ، وَكَرْمِ مُعَاشَرَتِهِ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ وَعَظِيمُ مَحَلِّهَا عِنْدَهُ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ، إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى.

قَوْلُهُ: "فِي بَابِ حُجْرَتِي" عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ: "عَلَى بَابِ حُجْرَتِي"، قَوْلُهُ: "يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ، وَأَجَابَ بَعْضُ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ صَغِيرَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَادَّعَى بَعْضُهُمَ النَّسْخَ بِحَدِيثِ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟»، وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ، وَسَيَأْتِي لِلْمَسْأَلَةِ مَزِيدُ بَسْطٍ فِي مَوْضِعِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى".

دخل ابن أمِّ مكتوم فجعلتا تنظران إليه، فأمرهما بالحجاب، فقالتا: إنه رجلٌ أعمى، فقال كما يقول الخبر: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟»، يعني إذا كان هو أعمى، فأنتما عمياوان؟! والمرأة مأمورة بغض البصر بالقدر الذي أُمِر به الرجل بغض البصر، ولكن الحديث ضعيف، الحديث «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا»، ضعيف.

طالب: ......

الشيخ: تنظر نظرًا عابرًا، ما هو بنظر تدقيق وشهوة.

طالب: ليس لذات الرجال.

الشيخ: هو النظر لعموم الرجال ما هو بأفرادهم.

طالب: ...

الشيخ: النظر للعموم، هذا استدلاله هو، لكن النظر إلى عموم الرجال، ما تنظر إلى رجلٍ بعينه، هي مأمورة بغض البصر، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ..}[النور:31]، كما أُمِر الرجال بغض البصر على حدٍّ سواء، أما تنظر للرجال وهم يصلون في مسجد أو تنظر إليهم وهم خارجون من مسجد عمومهم، ما تنظر إلى شخصٍ بعينه.

طالب: تنظر إلى شيخ.

الشيخ: ولا شيخ ولا شيء، الحكم واحد؛ لأن النساء مأمورة بالحجاب فيكون الأمر فيها أشد، لو وجدت كاشفة، مأمورة بالحجاب فيكون الأمر فيها أشد لو كانت كاشفة، وأما بالنسبة للنساء فالرجال كاشفون، والنظرة الأولى ليست كالنظرة الثانية، ومع ذلك أُمرت بغض البصر، وليس معنى هذا أن تغمض عينيها {..يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ..}[النور:31]، كما قيل في الرجال، نعم.

"قَوْلُهُ: "يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ، وَأَجَابَ".

الشيخ: بعده.

"قَوْلُهُ: "وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ"، يُرِيدُ أَنَّ إِبْرَاهِيم رَوَاهُ من رِوَايَة يُونُس وَهُوَ بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ كَرِوَايَةِ صَالِحٍ، لَكِنْ عَيَّنَ أَنَّ لَعِبَهُمْ كَانَ بِحِرَابِهِمْ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلتَّرْجَمَةِ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ يَقْصِدُ بِالتَّرْجَمَةِ أَصْلَ الحَدِيث لا خصوص السِّيَاقِ الَّذِي يُورِدُهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى طَرِيقِ يُونُسَ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ مَوْصُولَةً، نَعَمْ، وَصَلَهَا مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي طَاهِرِ بْنِ السَّرْح عَن بن وَهْبٍ، وَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بن عمر عَن يُونُس وَفِيه الزِّيَادَة".

طالب: ما هو .....

الشيخ: وفي يوم العيد، نعم.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِى الْمَسْجِدِ:

حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِى كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ، وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِى، وَقَالَ: أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِىَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا، وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لَنَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ»، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ»، رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ.

قَالَ عَلِىٌّ: قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، نَحْوَهُ، وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ.

الشيخ: في تقديم وتأخير؟

طالب: .......

في تقديم وتأخير "«وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ»، قَالَ عَلِىٌّ: قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ".

الطالب: يا شيخ في تعليق يقول: قوله: رواه مالك إلى صعد المنبر تأخر في النسخة المطبوعة تبعًا للسلطانية، والمثبت من نسختنا الخطية ومخطوطة المنزلي، ومخطوطة البقاعي وهو الموافق لفتح الباري، وانظر إرشاد الساري.

الشيخ: التقديم أم التأخير؟

الطالب: التقديم؛ لأنه تأخر عندكم.

الشيخ: يعني ثلاثة عشر أو اثني عشر؟ ورواه، قال يحيى، السلطانية حتى ما فيها تنبيه على التقديم والتأخير.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِى الْمَسْجِدِ".

"ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِى الْمَسْجِدِ" يعني مجرد الذكر للبيع والشراء، والعقود، وتُعلَّم في كتب العلم، لا أن المراد عقدُ البيع والشراء في المسجد، فرق بين أن تقول: حكم كذا حلال، حكم هذا مباح، وهذا ربا، وهذا يجوز، وهذا لا يجوز، مجرد ذكر، أو أن فلانًا اشترى أو باع، لكن أن يُعقد ويبرم العقد في المسجد فلا، لا يجوز.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ -:

"حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ".

وهو ابن المديني.

"قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ".

وهو ابن عيينة.

"عَنْ يَحْيَى".

ابن سعيد.

"عَنْ عَمْرَةَ"

بنت عبد الرحمن.

"عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ".

"أَتَتْهَا" القائل، المقصود أتت عائشة، بريرة أتت عائشة، لكن عمرة تحكي ذلك وتقول: إن بريرة أتتها، يعني أتت عائشة.

"تَسْأَلُهَا فِى كِتَابَتِهَا".

تسألها الإعانة والمساعدة في تأدية نجوم الكتابة.

"فَقَالَتْ".

عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قالت لبريرة.

"إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ".

كامل المبلغ، وتنتهي الكتابة.

"وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِى، وَقَالَ: أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِىَ".

يعني من نجوم الكتابة لا الكامل، واشترطوا أن يكون الولاء لهم، وأصرَّوا على ذلك.

"وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا، وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لَنَا".

إن دفعتي المبلغ كاملًا وتعتقي يصير الولاء لنا، كمَّلتي المبلغ وتعتق يكون الولاء لنا، وأصرَّوا على ذلك.

"وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لَنَا".

اشترطوا هذا.

"فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ".

أو "ذَكَرْتُهُ" بالتخفيف والتشديد، يعني ذَكَّرَتْهُ ما قيل، ما قالت عائشة وما رُدَّ به عليها.

"فَقَالَ: «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا»".

هؤلاء القوم عندهم خبر في حكم هذا الصنيع، وأن الولاء لمن أعتق، ومع ذلك خالفوه فاشترطوا الولاء، فلا يقول قائل: إن الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أمر عائشة أن تخدعهم ثم يحكم لها، يجوز؟ لا، فرصة، اشتري، وأنا أطلع على المنبر وأقول: فإن الولاء لمن أعتق. هذا ما يكون منه- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، هؤلاء القوم عندهم خبر من الحكم، وعاندوا وأصرَّوا فقال: اشتريها وأعتقيها.

"«فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ»".

من اشترط شرطًا يخالف حكم الله فإن الشرط حينئذٍ يكون باطلًا، ولو كان مائة شرط.

"َقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا، وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لَنَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ".

وفي نسخة: ذَكَرْتُهُ ذَلَكَ.

فَقَالَ: «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ»، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ»".

الأدب النبوي إذا أراد أن يُنكر لم يسمِّ، بل جاء بالخبر الذي يريده على سبيل الإجمال.

"«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ»".

هم يقولون: أعتقيها والولاء لنا، هذا ليس في كتاب الله، بل يخالف حكم الله.

"«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ»".

أو ليْسَتْ؟

طالب: .......

بالتي عندكم.

طالب: ليْسَ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ.

الشيخ: لا، "يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ" بالتذكير بناءً على واحدها، شروطًا عودًا على الواحدة، أو ليست كما عند الأصيلي، ليست، "لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ"، وإن كان العود على متأخر ذكرها فلا مانع.

"مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ".

هذا الثاني ما فيه إشكال.

"«مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ»".

روايةً أخرى: «وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْط».

"قَالَ عَلِىٌّ: قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ".

مع الأسف أنه في محلات التعامل أو البيوع الآجلة أنهم يكتبون عقودًا يضمِّنونها شروطًا ليست في كتاب الله، ويكثرون من هذه الشروط، ويجعلونها عشرة بنود أو عشرين بندًا، والمسكين الزبون المشتري المحتاج يجيء ولا يقرأ شيئًا، ويوقع، يوقع، وإذا جاء الوفاء قال: والله ما دريت، هذه إذا كانت ليست في كتاب الله فهذه باطلة من الأصل، ولو وقّع عليها، وإن كانت من الشروط الصحيحة، ولكنها في نظره ملزمة له، وفيها جور عليه، وقَبِل بذلك يتحمل إهماله.

"قَالَ عَلِىٌّ".

وهو ابن المديني.

"قَالَ يَحْيَى".

وهو ابن سعيد.

"وَعَبْدُ الْوَهَّابِ".

ابن عبد المجيد الثقفي.

"عَنْ يَحْيَى".

قال عليٌّ: قال يحيى، وعبد الوهاب عن يحيى وهو يحيى بن سعيد.

"عَنْ عَمْرَةَ، وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ".

صرَّح بالتحديث عنها.

"قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ".

أو "رَوَاهُ مَالِكٌ" بالواو أم بدون؟

طالب: رَوَاهُ مَالِكٌ.

"رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ".

نعم، هذا الذي في النسخة من الفتح موافق لما في السلطانية، وأنتم عندكم هذا مُقدَّم.

اقرأ.

طالب: ......

الشيخ: ذَكَّرْتُهُ، أين؟

طالب: .......

كأنها حدَّثته قبل ثم ذَكَّرته فيما بعد، وفي رواية: ذَكَرْت له، يعني ابتداءً.

طالب: .......هل يكتب؟

الشيخ: لا، المعتق المُكَاتِبْ.

الطالب: ........ لما قال في الأولى: "إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ"، هم قالوا فيها قالوا: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا......

الشيخ: نعم، ما يريدون أن يكون عقدهم ساريًا إلى الآخر.

الطالب: لو تمت على ما ذكرت ثم هي التي أعتقتها.

الشيخ: نعم؛ خلاص صاروا هم المعتقين، صارت إعانة منها.

طالب: بالنسبة يا شيخ ......

الشيخ: ليس بإبرام عقد، يعني ليس بإبرام عقد، ليس بكم تبيع السيارة، وأشتري منك وكذا، لا، أما إخبار مجرد رأى معه سيارة، وقال: كم اشتريت؟ وكم بعت؟ ما فيها إشكال.

طالب: .....

الشيخ: الميراث والنصرة.

طالب: ....

الشيخ: وأجر العتق.

طالب: .....

الشيخ: ماذا فيه؟

طالب: .......

البيع والشراء في المسجد ما يجوز، قال له: «لا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتك»، والبخاري ذكر حديث بريرة في خمسةٍ وعشرين موضعًا من صحيحه.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: الصرف.

الشيخ: ماذا؟

طالب: .......

ولا الصرف، الصرف بيع، والإجارة بيع.

طالب: على باب المسجد.......

الشيخ: الإجارة بيع، فلا يجوز داخل المسجد، في المسعى ما فيه إشكال؛ لأنه ليس من المسجد، نعم؟

طالب: أربعة وعشرين.

الشيخ: أربعة وعشرين! خمسة وعشرين موضعًا، ما عددت الأول؟ أربعمائة وستة وخمسين ما عددته أنت.

طالب: .......

حسبته؟ ما مشيته أنت، ماذا يترتب عليه؟

طالب: .....

الشيخ: التخطئة عند بعض الناس لها شأن.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: ....

الشيخ: إسماعيل بن أبي .....

طالب: ......

الشيخ: أريدكم أن تذاكروها، في التهذيب.

طالب: ....ابن أويس بن عمار.

الشيخ: نعم، نحن نقول لكم: احرصوا على الحفظ، وإدامة المراجعة، وكانت هذه الأسماء ما فيها إشكال، ولكن مع الوقت..

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قَوْلُهُ: "بَابُ ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ"

مُطَابَقَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِحَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ»، فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى بَيْعٍ، وَشِرَاءٍ، وَعِتْقٍ، وَوَلَاءٍ، وَوَهِمَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا البَاب فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْبَيْعَ".

الشيخ: الْكِتَابِ.

الطالب: نعم.

الشيخ: عَلَى هَذَا الْكِتَابِ.

"وَوَهِمَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ".

الشيخ: يعني من بعض الشُرَّاح.

الطالب: نعم.

"وَوَهِمَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَقَعَا فِي الْمَسْجِدِ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ التَّرْجَمَةَ مَعْقُودَةٌ لِبَيَانِ جَوَازِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ، لِلْفَرْقِ بَيْنَ جَرَيَانِ ذِكْرِ الشَّيْءِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَخَيْرٌ".

يعني لو أرد شخصٌ أن يشرح كتاب البيوع من البخاري أو من غيره نقول له: لا البيع والشراء ما يجوز في المسجد، ماذا تقول؟

الطالب: لا ليس له علاقة.

الشيخ: هذا ذكر، ليس بإبرام عقود، وليس القصد منه الكسب المادي.

"وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ؛ لِلْفَرْقِ بَيْنَ جَرَيَانِ ذِكْرِ الشَّيْءِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَخَيْرٌ، وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى اللَّغَطِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ لَوْ وَقَعَ".

ونقل الاتفاق فيه ما فيه، ما يُسلَّم.

الطالب: العبارة صريحة يا شيخ، والحنابلة ينصون على بطلان هذا البيع.

الشيخ: إيْ، معروفة، نقل الاتفاق فيه نظر.

الطالب: يا شيخ أنت ذكرت المسعى قبل قليل حتى لا ننسى .....

الشيخ: ماذا فيه؟

الطالب: إنه يجوز العقد فيه؟

الشيخ: ليس من المسجد.

الطالب: طيب؛ غيره يا شيخ مما أدخل في المسجد.

الشيخ: ولو دخل، ليس من المسجد.

طالب: ......

الشيخ: سيجيء التقاضي في المسجد، وفيه إقالة عن بعضه.

"وَوَقَعَ لِابْنِ الْمُنِيرِ فِي تَرَاجِمِهِ وَهْمٌ آخَرُ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ هُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ".

وستأتي، وكأنه يقول بدل ما يقلب ورقه ليصل إلى الباب، قلب ورقتين، ووقع نظره على قصة ثمامة، الأسير أو الغريم يُربط في المسجد.

"وَشَرَعَ يَتَكَلَّفُ لِمُطَابَقَتِهِ لِتَرْجَمَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِي النُّسَخِ كُلِّهَا فِي تَرْجَمَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فَسَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ بِتَرْجَمَةٍ أُخْرَى، وَكَأَنَّهُ انْتَقَلَ بَصَرُهُ مِنْ مَوْضِعٍ لموْضِع، أَو تصفح ورقة فَانْقَلَبت اثْنَتَانِ".

قَوْله "حَدثنَا سُفْيَان" هُوَ بن عُيَيْنَة، "عَن يحيى" هُوَ بن سَعِيدٍ، وَلِلْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى.

قَوْلُهُ: "قَالَتْ أَتَتْهَا" فِيهِ الْتِفَاتٌ إِنْ كَانَ فَاعِلُ قَالَتْ عَائِشَةَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ عَمْرَةَ، فَلَا الْتِفَاتَ".

أو تجريد، قالت: أتتها، إن كان المتكلم عائشة يكون فيه ما يسمى بالتجريد، أن يجرد المتكلم من نفسه شخصًا يتحدث عنه.

"قَوْلُهُ: "تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا" ضُمِّنَ تَسْأَلُ مَعْنَى تَسْتَعِينُ، وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهَا: أَهْلَكِ موَالِيكِ، وَحُذِفَ مَفْعُولُ: أَعْطَيْتُ الثَّانِي؛ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بَقِيَّةُ مَا عَلَيْهَا، وَسَيَأْتِي تَعْيِينُهُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: "وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً" أَيْ أَنَّ سُفْيَانَ حَدَّثَ بِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ".

طيب، "وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً" أَيْ أَنَّ سُفْيَانَ حَدَّثَ بِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ.

تقدَّم أنه حيث يريد التعليق يأتي بالواو، صفحة كم؟ ثلاثين.

الطالب: ثلاثة وعشرين.

الشيخ: ما الطبعة التي معك؟ ارفعها ارفعها.

طالب: .......

كم؟

هو بالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف، كما يستعمل المصنف غيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف.

الطالب: لكنها هذه ليست مطردة.

الشيخ: أنا نسختي معي، وأريتك المواضع كلها التي تأتي على القاعدة، وما يخالف القاعدة، هذا عيب الذي يراجع أكثر من نسخة.

"قَوْلُهُ: "ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ" كَذَا وَقَعَ هُنَا بِتَشْدِيدِ الْكَافِ فَقِيلَ: الصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ: "ذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ"؛ لِأَنَّ التَّذْكِيرَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ عِلْمٍ بِذَلِكَ".

"ذَكَّرْتُهُ" تكون أخبرته أوَّلًا ثم نسي، فذَكَّرته، وذَكَرْتُ لَهُ" أي ابتداءً، يعني ما تكون ذكرت ذلك له سابقًا ثم نسي فذَكَّرته.

"وَلَا يَتَّجِهُ تَخْطِئَةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِاحْتِمَالِ السَّبْقِ أَو لَا على وَجه الْإِجْمَال.

قَوْله: "يشترطون شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ" كَأَنَّهُ ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ جِنْسِ الشَّرْطِ".

ذُكِّرَ.

الطالب: نعم يا شيخ.

الشيخ: ليس ذُكِّرَ.

الطالب: مضبوطة يا شيخ ذُكِرَ.

الشيخ: ماذا؟

الطالب: كَأَنَّهُ ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ جِنْسِ الشَّرْطِ.

الشيخ: ذُكِّرَ ما أنث، ما قيل ليست.

"كَأَنَّهُ ذُكِّرَ بِاعْتِبَارِ جِنْسِ الشَّرْطِ، وَلَفْظُ مِائَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ".

يعني لو اشترط تسعة وتسعين شرطًا فهذا غير مقصود.

"قَوْلُهُ: "فِي كِتَابِ اللَّهِ" قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ لَفْظَ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْ قَوْلِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

هذا إذا كان المراد بكتاب الله القرآن، ولكن إذا كان المراد حكم الله فيشمل القرآن والسُّنَّة.

"فَإِنَّ لَفْظَ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْ قَوْلِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لَكِنَّ الْأَمْرَ بِطَاعَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَجَازَ إِضَافَةُ ذَلِكَ إِلَى الْكِتَابِ.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ جَازَ ، لَجَازَتْ إِضَافَةُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّسُولِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ تِلْكَ الْإِضَافَةَ إِنَّمَا هِيَ بِطْرِيقِ الْعُمُومِ لَا بِخُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَهَذَا مَصِيرٌ مِنَ الْخَطَّابِيِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ هُنَا الْقُرْآنُ، وَنَظِيرُ مَا جَنَحَ إِلَيْهِ مَا قَالَه ابن مَسْعُود لأم يَعْقُوب فِي قصَّة الواشمه مَا لي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ بقوله تَعَالَى: {..وَمَا أَتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ..}[الحشر:7]، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَيْ فِي حُكْمِ اللَّهِ، سَوَاءٌ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ أَمْ فِي السُّنَّةِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْمَكْتُوبُ أَيْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنَ الْبُيُوعِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا، وَاعْتَنَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ فَأَفْرَدُوهُ بِالتَّصْنِيفِ، وَسَنَذْكُرُ فَوَائِدَهُ مُلَخَّصَةً مَجْمُوعَةً فِي كِتَابِ الْعِتْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَصَلَهُ فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْهُ، وَصُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ، قَوْلُهُ: "قَالَ عَليّ" يَعْنِي بن عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَيَحْيَى هُوَ بن سعيد الْقطَّان، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَ الْبُخَارِيَّ عَنْ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ، حَدَّثَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ رِوَايَةَ سُفْيَانَ؛ لِمُطَابَقَتِهَا التَّرْجَمَة بِذكر الْمُنِير فِيهَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَنْ مَالِكٍ مُتَأَخِّرٌ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ.

قَوْلُهُ: "عَنْ عَمْرَةَ نَحْوَهُ" يَعْنِي نَحْوَ رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ أَنَّ بَرِيرَةَ فَذَكَرَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمِنْبَرِ أَيْضًا، وَصُورَتُهُ أَيْضًا الْإِرْسَالُ، لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَزَعَمَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَظَهَرَ بِذَلِكَ اتِّصَالُهُ، وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ التَّصْرِيحَ بِسَمَاعِ يَحْيَى مِنْ عَمْرَةَ، وَبِسَمَاعِ عَمْرَةَ مِنْ عَائِشَةَ، فَأُمِنَ بِذَلِكَ مَا يُخْشَى فِيهِ مِنَ الْإِرْسَالِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، وَفِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَتْنِي بَرِيرَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمِنْبَر أَيْضًا".

الشيخ: ماذا؟

الطالب: يقول ....أفرد تصنيف شرح للتعليق على حديث بريرة.

الشيخ: يعني في مصنف مفرد؟

طالب: ...

الشيخ: نعم، ذكره ابن حجر في قصتها فيما بعد، ما أذكرها الآن، هو في شيء مطبوع؟ حديث أم زرع موجود.

طالب: ....

الشيخ: لا، الذي فيه مائة فائدة أفرد، حديث القاضي عياض شرحه، حديث مطبوع.

الطالب: تقصد أي حديث يا شيخ؟

الشيخ: أحاديث أُفردت في الشرح.

الطالب: ابن رجب يفرد كثيرًا من الأحاديث.

الشيخ: لا يفرد بجزء، يفرد مائة فائدة، أكثر أقل، وحديث اليدين أيضًا أسقط.

الطالب: قصة جابر يا شيخ، ابن عباس، الوصية.

الشيخ: الأحاديث المطولة والتي فيها فوائد كثيرة جدًّا.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"باب التَّقَاضِى وَالْمُلاَزَمَةِ فِى الْمَسْجِدِ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَما رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ فِى بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى: «يَا كَعْبُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا»، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَىِ: الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «قُمْ فَاقْضِهِ»".

في قول الإمام -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"باب التَّقَاضِى وَالْمُلاَزَمَةِ فِى الْمَسْجِدِ".

التقاضي: طلب القضاء من قِبل الدائن، من الدائن للمدين، يطلب منه أن يقضيه دينه، والملازمة أي: ملازمة الدائن لغريمه، في المسجد: جار ومجرور متعلق بالتقاضي، والملازمة أيضًا يجوز التقاضي في المسجد، وتجوز الملازمة في المسجد، سيأتي ما يدلُّ على ذلك من الأحاديث.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ".

يعني هو المسندي.

"قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ".

ما علاقة عبد الله بن محمد بالبخاري؟

الطالب: الحميدي هو بن محمد؟

الشيخ: لا لا، الحميدي عبد الله بن الزبير.

ما علاقته بعبد الله بن محمد؟

الطالب: البخاري العلاقة بينهما.

الشيخ: بخارى، وانحل الإشكال؟!

فيه علاقة بينه وبين البخاري، ما تكميل اسمه؟

الجعفي مولاهم، وهذا عبد الله بن محمد المسندي الجعفي، إذ جد هذا هو معتق جد البخاري، نعم.

الطالب: عن عثمان بن عمر.

الشيخ: المناسبة بين هذا. البخاري يلحظ أشياء أحيانًا في التعقيب، في قصة بريرة والعتق روى عن شيخه الذي أعتق جَدَّهُ جَدَّه.

"قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ".

بن يزيد الأيْلي.

"عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ".

عن كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا وتاب الله عليهم، وعبد الله هو قائد أبيه بعدما عَمي.

"أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ".

"مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ".

يعني عن أبيه أو عن كعب عن أبيه كعب أنه تقاضى، الضمير يرجع إلى كعب.

"ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ".

عبد الله بن أبي حَدْرَد، وسيأتي ذكر اسمه فيما بعد.

"دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ".

يعني تقاضاه في المسجد، تقاضى هذا الدين كان عليه في المسجد.

"ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا".

وهذا طبيعي وعادي، في غالب الناس، تجد هذا المدين يماطل، والدائن محتاج فيُلِّحَ عليه، لكن يبقى، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ...}[البقرة:280]، وإن كان واجدًا ومطل فليُّ الواجد  ظُلمٌ يبيح عرضه وعقوبته.

"كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ، ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ فِى بَيْتِهِ".

البيت ملاصق للمسجد.

"فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ".

السجف: الستر، كره الصحابة -رضوان الله عليهم-، وشدَّدوا في أمر الستور في البيوت، والرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وضع على الحجرة السجف، يعني الستر، والحجرة إذا كشف الستر أو السجف فنادى يدل على أن الجدار هذا فيه نافذة أو باب، فالمستور الباب أو النافذة، هذا لا إشكال فيه، أما جدار صامت يُستر فهذا الذي كره السلف، خرج ابن عمر، وأبو ذر لما رأوا الستر في وليمة عرس، واجبة الدعوة، رجعوا، يشددون في هذا.

طالب: بيت ابن عمر.

الشيخ: بيت ابن عمر فيما بعد ستره، وهو كان قبل قد خرج، رضي الله عنه وأرضاه.

"فَنَادَى «يَا كَعْبُ»".

الدائن، يعني كعب بن مالك.

"قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا»، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَىِ: الشَّطْرَ.

يعني نصف دينك ضعه، ويكفيك النصف، طيب، إذا قال: هذا الدين ربحي فيه عشرة بالمائة، فكيف أترك خمسين؟! ضع الشطر، لكن من الآمر، ومن المشير؟ الرسول- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وبإمكان كعب أن يقول: أتأمرني؟

الطالب: أم تشفع؟

الشيخ: أم أنت شافع؟ ما قال هذا، وضع الشطر.

"قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «قُمْ فَاقْضِهِ»".

يعني ابن أبي حدرد، مادام خفض لك خمسين بالمائة من الدين، فما لك وجه بعد تطلب النظرة.  

"«قُمْ فَاقْضِهِ»".

نعم.

طالب: فيه إشارة.

الشيخ: عندهم الإشارات بالأصابع، لها دلالات.

الطالب: تدلُّ على معاني.

الشيخ: ماذا؟

الطالب: لها معاني.

الشيخ: لها دلالات، ممكن نعم، إذا قال هكذا يعني النصف، هذه معروفة، وإذا قال هكذا، فما معناها؟

طالب: .......

إشارة للفلوس.

وجلس عندي شيخ كبير تركي يناهز المائة، ولا يسمع ولا يبصر، وجلس عندي ماذا يقول؟ قال هكذا يعني أريد فلوسًا.

فالإشارة لها دلالاتها، تغني عن العبارة، وقد تكون أحيانًا أبلغ من العبارة، فقال له، أشاره إليه أن ضع الشطر.

في حديث صلاة الكسوف لما دخلت أسماء والناس يصلون مع النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- صلاة الكسوف كأنها أشارت ما الذي حصل، تقول لعائشة، فأشارت عائشة إلى السماء، لما قالت: آية، فأشارت عائشة برأسها أنْ نعم، آية، فأصابها الغشي، الله المستعان.

الطالب: وأشار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في صلاته عدة مواضع.

الشيخ: نعم، معروف، وأشار برد السلام.

الطالب: برد السلام، وامكثوا في مكانكم.

الشيخ: نعم.

"قَوْله: بَاب التقاضى.

أَي: مُطَالبَة الْغَرِيم بِقَضَاء الدّين، والملازمة أَي مُلَازمَة الْغَرِيم، وَفِي الْمَسْجِدِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرَيْنِ".

يتعلق بالتقاضي في المسجد، والملازمة في المسجد.

"فَإِنْ قِيلَ: التَّقَاضِي ظَاهِرٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ دُونَ الْمُلَازَمَةِ، أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرين، فَقَالَ: كَأَنَّهُ أَخذه من كَون ابن أَبِي حَدْرَدٍ لَزِمَهُ خَصْمُهُ فِي وَقْتِ التَّقَاضِي، وَكَأَنَّهُمَا كَانَا يَنْتَظِرَانِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَإِذَا جَازَتِ الْمُلَازَمَةُ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ، فَجَوَازُهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْلَى، انْتَهَى".

بعض الغرماء، يدخل المسجد، ويدخل غريمه وراءه ثم يُكَبِّر، فإذا كبَّر غريمه خرج، يكون أوعى وأورع منه، وأحرص على دينه، فما يقطع الصلاة من أجلها.

الطالب: يا شيخ، فَإِذَا جَازَتِ الْمُلَازَمَةُ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ، فيه حديث صحيح صريح ليس لك ذلك، قال: يا رسول الله، احبسه، قال: ليس لك ذلك؛ لأنه لم تثبت البيِّنة، ما قامت البيِّنة.

الشيخ: على كل حال ما فيه شك أن الملازمة من حق الغريم، إذا خرج ولم يعد.

الطالب: ما ثبت الدين يا شيخ، يلزمه الغريم.

الشيخ: لا لا، يثبت الدين.

الطالب: لا يا شيخ يقول: فَإِذَا جَازَتِ الْمُلَازَمَةُ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ، فَجَوَازُهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْلَى، نص صريح، ليس لك ذلك.

الشيخ: قال: فَإِذَا جَازَتِ الْمُلَازَمَةُ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ، يعني في أثنائها، حتى يتم الحكم، فَجَوَازُهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْلَى، يعني خلاص تعيَّن أنه له، وقبل مشكوك فيه، يعني يثبت أو لا يثبت.

"قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ عَادَةِ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَشَارَ بِالْمُلَازَمَةِ إِلَى مَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ هُوَ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ مَالٌ".

هذا اسمه.

الطالب: عبد الله بن سلامة.

الشيخ: من؟

الطالب: عبد الله بن سلامة.

الشيخ: عبد الله بن أبي حدرد، اسم أبوه؟

الطالب: سلامة.

نعم.

"أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، وَيُسْتَفَاد من هَذِه الرِّوَايَة أَيْضا تَسْمِيَة ابن أَبِي حَدْرَدٍ، وَذِكْرُ نِسْبَتِهِ.

فَائِدَةٌ:

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: لَمْ يَأْتِ مِنَ الْأَسْمَاءِ عَلَى فَعْلَعٍ بِتَكْرِيرِ الْعَيْنِ غَيْرَ حَدْرَدٍ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ رَاءٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ دَالٌ مُهْمَلَةٌ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: "عَنْ كَعْبٍ" هُوَ ابن مَالِكٍ أَبُوهُ، قَوْلُهُ: "دَيْنًا" وَقْعَ فِي رِوَايَةِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ أُوقِيَّتَيْنِ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.

قَوْلُهُ: فِي الْمَسْجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِتَقَاضِي.

قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَظَاهِرُ الرِّوَايَتَيْنِ التَّخَالُفُ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِاحْتِمَالِ أَن يكون مر بهما أَولًا، ثُمَّ إِنَّ كَعْبًا أَشْخَصَ خَصْمَهُ لِلْمُحَاكَمَةِ فَسَمِعَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْضًا وَهُوَ فِي بَيْتِهِ.

قُلْتُ: وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَارَ إِلَى كَعْبٍ بِالْوَضِيعَةِ، وَأَمَرَ غَرِيمَهُ بِالْقَضَاءِ، فَلَوْ كَانَ أَمْرُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ تَقَدَّمَ لَهُمَا لَمَا احْتَاجَ إِلَى الْإِعَادَةِ، وَالْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنْ يُحْمَلَ الْمُرُورُ عَلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ لَا حِسِّيٍّ".

ولا يمنع أنه يخرج إليهما من حجرته، وهما في هذا المكان مثلًا يمر بهما ويتعداهما ويأتون يتقاضون.

طالب: .....

الشيخ: ماذا؟

طالب: مرور الأول ذكر أن ....

الطالب: أجاب يا شيخ.

الشيخ: أجاب، نعم، وأمر كعبًا أن يضع، وأمر ابن أبي حدرد أن يقضي.

"قَوْلُهُ: سِجْفٌ بِكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، وَحَكَى فَتْحَ أَوَّلِهِ وَهُوَ السِّتْرُ، وَقِيلَ: أَحَدُ طَرَفَيِ السِّتْرِ الْمُفَرَّجِ.

 قَوْلُهُ: أَيِ الشَّطْرَ بِالنَّصْبِ أَيْ ضَعِ الشَّطْرَ؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ هَذَا، وَالْمُرَادُ بِالشَّطْرِ النِّصْفُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ.

قَوْلُهُ: لَقَدْ فَعَلْتُ مُبَالَغَةٌ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ.

 وَقَوْلُهُ: قُمْ خِطَابٌ لِابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْوَضِيعَةُ وَالتَّأْجِيلُ".

فيكون ضررًا على الدائن، ضررًا على الدائن، إذا كان فيه تأجيل فلا وضيعة، ما يُجمع له بين أن يُبخس من حقه والأمر يبقى على حاله مؤجلًا.

نعم.

"وَفِي الْحَدِيثِ: جَوَازُ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ، وَقَدْ أَفْرَدَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بَابًا يَأْتِي قَرِيبًا، وَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ مَنْعُهُ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ وَالْخَيْرِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَجُوزُ، وَبَيْنَ رَفْعِهِ بِاللَّغَطِ وَنَحْوِهِ، فَلَا.

 قَالَ الْمُهَلَّبُ: لَوْ كَانَ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ لَمَا تَرَكَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَبَيَّنَ لَهُمَا ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَلِمَنْ مَنَعَ أَنْ يَقُولَ: لَعَلَّهُ تَقَدَّمَ نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَاكْتَفَى بِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّوَصُّلِ بِالطَّرِيقِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى تَرْكِ ذَلِكَ، بِالصُّلْحِ الْمُقْتَضِي لِتَرْكِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُوجِبَةِ لِرَفْعِ الصَّوْتِ.

 وَفِيهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْإِشَارَةِ إِذَا فُهِمَتْ، وَالشَّفَاعَةُ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ، وَإِشَارَةُ الْحَاكِمِ بِالصُّلْحِ، وَقَبُولُ الشَّفَاعَةِ.

 وَجَوَازُ إِرْخَاءِ السِّتْرِ على الْبَاب.

والله المستعان.

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.