النفس تتشرَّف وتشرئبُّ إلى المدح، فإن وُجد من غيرها فرحتْ به، وإن لم يوجد مدح نفسه، فبعض الناس لا يصبر فيمدح نفسه إذا لم يُمْدَحْ، وهذا من الضعة بمكان عظيم؛ لأنَّ الناس ينفرون من تزكية النفس، ومع ذلك يقدم بعض الناس بكل صفاقة يمدح نفسه، ويثني عليها، والله تعالى يقول: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ} [النجم: 32].
قد يحتاج الإنسان إلى ذكر بعض محاسنه، لاسيما إذا ظُلم، فابن عمر رضي الله عنهما لما وُصف بالعي قال: «فإن من جمع كتاب الله فليس بعيي» [الطبراني في الكبير(13048)، وأبو نُعيم في الحلية 1/293].
وقد يحتاجون للمدح أحيانًا في مقابلة الذم بغير حق؛ دفاعًا عن النفس، لا لذات النفس وحظها، إنما ليُقبل ما يصدر عن هذه النفس، بل لو أن عالمًا ذُم فعلى الجميع أن يدافع عنه، وعليه أيضًا أن يبين ما يبطل هذا الذم، ولو كان في فحواه ما يقتضي المدح، فمثل هذا لا يدخل في النهي، والله تعالى يقول: {لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ} [النساء: 148].