شرح المقدمة من نونية ابن القيم - (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الآن أنت قرأت إلى آخر الفصل؟

طالب: نعم أحسن الله إليك.

نمضي عليها اليوم أم الدرس القادم؟

طالب: ............

والله ما أعرف.

طالب: على الأسبوع القادم ينتهي الفصل.

هو أكيد –إن شاء الله- الأسبوع القادم ينتهي، لكن إذا انتهى اليوم بعد...

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "وكفى بالعبد عمًى وخذلانًا أن يرى عساكر الإيمان وجنود السُّنَّة والقرآن" ما فيه شك أن الذي يرى من بلغوا رُتب الكمال أو قاربوها وتنافسوا فيها ولم يتأثر ولم يتحرك قلبه أنه شخصٌ بليد.

في هذا المسجد صلينا صلاة من الصلوات الجهرية، فقرأ الإمام -وفقه الله- قراءةً مؤثرة وبكى، وبكى بعض المأمومين، وكان بجانبي شاب في سِنه، قلت له –لأني أراه يعبث وهو يُصلي- قلت له: ما تأثرت؟ قال: بأي شيء؟ قلت له: ما غبطت الإمام؟ قال: من أجل ماذا؟ قلت له: أنت ما سمعت القراءة وبكاءه وبكاء الناس؟ قال: الله يوفقه.

فالناس- أقول: القلوب تتفاوت والعقول والإدراكات متفاوتة.

فالمؤلف –رحمه الله تعالى- يقول: "وكفى بالعبد عمًى وخذلانًا أن يرى عساكر الإيمان" الناس تتحرك في قلوبهم الغيرة لدينهم، ولمنافستهم ومسارعتهم إلى الخير، يقول واحد: إذا صففت بجانب شخص وقرأ سورة لم أحفظها ما نمت تلك الليلة، لكن النتيجة فعلت شيئًا؟ حفظت؟

يقول: "وكفى بالعبد عمًى وخذلانًا أن يرى عساكر الإيمان وجنود السُّنَّة والقرآن قد لبسوا للحرب لأمته" يعني: الدرع الذي يتقي به، والسلاح الذي يتذرع به، ويُقاتل فيه.

"وجنود السُّنَّة والقرآن" وتقديم السُّنَّة على القرآن من باب التقديم من أجل السجع.

"قد لبسوا للحرب لأمته" الدروع، واستعدوا لمواجهة الأعداء، والإنسان، بل من الناس من لا يُحرِّك ساكنًا، كعب وهو يحكي قصة تخلفهم عن غزوة تبوك، يقول: إنه يدور في أسواق المدينة، فلا يجد إلا شخصًا مغموصًا عليه في النفاق، المعذور ما عليه إشكال، يعني رجل حبسه العذر هذا ما فيه إشكال، لكن الذي ما عنده عذر هل يقول: أنا مثل فلان المعذور؟ لا.

في أيام الحج إذا تخلَّف الإنسان عن الحج بغير عذر، لكن الأعذار كثُرت، الآن المنع عُذر، لكن تخلف بغير عذر ووجد الناس ذهبوا إلى الحج والأمر الآن أشد؛ لأنه يسمع ويرى مواكب الحجيج وهي تنصرف من كذا إلى كذا، ويعجون بالتلبية والذكر، لا شك أنه يتأثر، ويتذكر مقالة كعب، نعم قد لا يُوصَف من تخلَّف بالنفاق، لكن إذا كان ما هناك عُذر والأمور ميسورة؟

وقصة حصلت قبل عشر سنوات هنا في الرياض، شخص كبير في السن صائم يوم عرفة، كبير يُحمَل، فلما أفطر مع غروب الشمس، ورأى الانصراف في التلفزيون بكى، فقال له ابنه: ما يُبكيك؟ قال: رأيت الناس يحجون، وأنا جالس بالبيت، قال: ودك أن تحج؟ قال: نعم، فهيأ السيارة وسوى له فراشًا، وحمله إلى تلك المواطن، وأدرك الوقوف قبل طلوع الفجر، وحج مع الناس، شخص معذور.

طالب: ................

بالرياض نعم.

{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:4]، شخص آخر بكى أبوه يُريد أن يحج مع الناس قال له: اركب، يذهب به إلى محل النقل الجماعي، وعندما وصل هناك ضاع الشايب، المعطي والمانع هو الله- جلَّ وعلا-، والمنَّة لله ورسوله على من هداه الله، بل الله يمُن عليكم، هذاك الولد البار ما له مِنَّة، الله يُمن عليه أن هداه لهذا العمل، ويسره له، والله المستعان.       

طالب: الاستعداد للجهاد يعني هل هو في معركة؟

من هو؟

طالب: ابن القيم.

لا لا، علمه ومنازلة أعداء مخالفين في الاعتقاد، ومنازلة الجهمية.

"وكفى بالعبد عمًى وخذلانًا أن يرى عساكر الإيمان وجنود السُّنَّة والقرآن قد لبسوا للحرب لأمته، وأعدوا له عدته"، يعني كما أمرهم الله –جلَّ وعلا-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال:60].

"ودارتْ رحى الحرب" يعني: بدأت "واشتد القتال، وتنادت الأقران: نزال نزال"، وهذا لا يُحرك ساكنًا، في السابق إن تيسر له أن يخرج ويطَّلع على بعض الأمور من بُعد كما سيأتي، الآن وأنت بفراشك ترى القتال والنزال وأنت على فراشك.

"وتنادت الأقران: نزال نزال" من منازلة الأعداء، وليس من النزول، وأصل المنازلة أيضًا من النزول قد ينزل المبارز من دابته إلى الأرض، فيدعو للمبارزة أو يُدعى إليها، فيذهب إليها، هذه منازلة ومبارزة ومقارعة، والأصل فيها النزول من الدابة إلى الأرض.

"وتنادت الأقران: نزال نزال وهو في الملجأ" {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة:57]، هؤلاء المنافقون، ومن لم يُوطِّن نفسه على الجهاد يُحدِّث نفسه بها، ويُجهِّز نفسه في أدنى لحظةٍ يُطلَب فيها.

"والمغارات والمُدَّخل مع الخوالف كمين" يعني مختفي مع هؤلاء المتخلفين من المنافقين والنساء والذراري الذين لا قتال عليهم.

"وإذا ساعد القدر" يعني كُتِب له أن يخرج، وعزم على الخروج لم يُشارك، طيب طالما أنت لن تُشارك فلماذا تخرج؟ قد يدعوه ما يُقال: ضميره أو تدعوه نفسه إلى المشاركة لما كان بعيدًا، ثم لما خرج جَبُن وخنس.

"وعزم على الخروج قعد فوق التل" يُراقب.

طالب ............

هو قُدِّر له ذلك، "ساعد القدر" القدر كله من الله –جلَّ وعلا-، والله أنا ما أرتاح لها، لكن ما أرى فيها شيئًا بيِّنًا.

"وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين" يُراقب يرى من غلب، الغلبة لمن.

"ينظر لمن الدائرة؛ ليكون إليهم من المتحيزين" هو مع من غلب.

"ثم يأتيهم وهو يقسم بالله" الذين لهم الدائرة، هذا المراقب من بُعد إذا حصلت الدائرة، فصارت لأهل الحق، جاء يُقسم الأيمان المُغلَّظة أنه معهم وردءٌ لهم؛ ليحوز وينال نصيبه من الغنيمة. 

يقول: "ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه إني كنت معكم" طيب كيف أنت معنا، أنت جالس بعيدًا؟ يعني بالقلب معكم.

"إني كنت معكم، وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين" إما أن يُعطَف عليه ويُعطى شيئًا يسيرًا من الغنيمة؛ مكافأةً له على شعوره الطيب لو صدق.

"وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين" يقول الله –جلَّ وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا * وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء:71-72] يتأخر {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} [النساء:72] قال: نصبر إلى أن نرى ما الذي تصير الأمور عليه، وقد يقول كما قيل: العجلة مذمومة، انتظر، {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} [النساء:72] الذي معهم صار مقتولًا، الحمد لله أني ما ذهبت، وما يدري هذا المسكين أنه لو قُتِل كان أفضل له، لكن الله المستعان.

{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} [النساء:73] نصر وغنيمة {لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء:73] تمنى لو كان معهم، فيفوز فوزًا عظيمًا بتحقق النصر ورفع راية التوحيد؛ ولتكون كلمة الله هي العليا، المنافق لا، يُريد غنيمة، يُريد أن يشارك في الغنيمة، {فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء:73] يعني: بنصيبي من الغنيمة.

قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} [النساء:141] ينتظرون {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:141] يعني نحن جاهزون مجرد ما ينثنون عليكم ننقض عليهم، ونمنعكم منهم، {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء:141] هذا المنافق المتربص لن يكون له سبيل على المؤمنين ولا غيره من الكفرة.

"فحقيقٌ بمن لنفسه عنده قدرٌ وقيمة أن لا يبيعها بأخس الأثمان"، بعض الناس نفسه هو يكره الموت، ويُحب الحياة حبًّا جمًّا، ولكنه في حقيقة أمره يبيع نفسه بأبخس الأثمان، ويشتري بآيات الله ثمنًا قليلًا، يترتب عليه هلاكه الدائم، والمسألة كل الدنيا ما تساوي شيئًا، هل هذا عرف قيمة نفسه؟ لو عرف قيمة نفسه لطلب لها من الثمن ما يُناسبها. 

"وأن لا يعرضها غدًا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان" إذا انكشف الأمر وانجلى الغبار، عرف ما قدَّمه ليومه، ما قدَّمه لحياته الدائمة السرمدية، إما أن يُسوِّف ويتمنى ولا يفعل، أو –نسأل الله السلامة والعافية- يفعل ما هو أشد من ذلك، ويُقدِّم القرابين من أجل حطام الدنيا، ويُضيِّع الآخرة. 

"وأن لا يعرضها غدًا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان، وأن يثبِّت قدمه في صفوف أهل العلم والإيمان" سواءً كان عالمًا أو متعلمًا، المتعلم قد لا يقوم بنفسه، ولكن ينضم إلى صفوف أهل العلم، ويلزمهم، ويصدر عن آرائهم، ويُفيد منهم إلى أن يستقل بنفسه، فيكون منهم.

"في صفوف أهل العلم والإيمان، وأن لا يتحيز إلى مقالةٍ سوى ما جاء في السُّنَّة والقرآن". المبتدعة هذا متحيِّز إلى مقالة الجهمية، وهذا متحيِّز إلى مقالة المعتزلة، وهذا متحيِّز على الخوارج، وهذا متحيِّز إلى الروافض وغيرها، وكلهم على ما يُخالف السُّنَّة والقرآن، فعلى الإنسان أن يختار لنفسه ما دل عليه الدليل من القرآن والسُّنَّة، وإذا خالفه المخالف كائنًا من كان ضرب بقوله عرض الحائط. 

"وأن لا يتحيز إلى مقالةٍ سوى ما جاء في السُّنَّة والقرآن فكأنْ قد كُشِف الغطاء" خلاص {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9] تُختَبر الضمائر ويُظهَر ما فيها.

"وانجلى الغبار، وأبان عن وجوه أهل السُّنَّة مُسفرةً ضاحكةً مستبشرة، وعن وجوه أهل البدعة عليها غبرة، ترهقها قترة"، وهذا يُدرَك عند الاحتضار، فكثيرٌ من أهل السُّنَّة تبيضّ وجوههم، وأهل البدع تسودّ وجوههم، وكذلك العُصاة في بعض المعاصي التي يرتكبها الإنسان ولا يُقيم لها وزنًا لها أثر عليه في حال احتضاره.

"وعن وجوه أهل البدعة عليها غبرة، ترهقها قترة"، والغبار والقترة والغيم لا شك أنه يحجب بعض الرؤية، ويُشوِّش، ويُعكِّر على الجو. 

"{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106]"، {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [آل عمران:106] يعني يُقال لهم: أكفرتم؟ {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [آل عمران:107]، ولا يمكن أن يستغني أحد عن رحمة الله مهما فعل، ومهما بذل، ومما عمِل، ومهما قدَّم، في الحديث قال النبي –عليه الصلاة والسلام-: «لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ أَحَدٌ منكم بِعَمَلِهِ» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ برحمته».

"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: تبيض وجوه أهل السُّنَّة والجماعة"، هذا مروي عن ابن عباس، ومن حيث الثبوت فيه كلام لأهل العلم، ولكن المعنى صحيح، والآية تؤيد، {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106]، ما فيه أحد يشك أن المطيع لله –جلَّ وعلا-، المؤتمِر بأوامره، المنتهي عن نواهيه، المتقي، هذا لا شك أنه ممن تبيض وجوههم، وأن العُصاة المُعرِضِين عن الله وعن أوامره ونواهيه ناهيك عن الكفرة والمنافقين أنهم تسودّ وجوههم.   

"وتسودّ وجوه أهل البدعة والفُرْقة" أهل البدعة تسودّ وجوههم، وهذا لوُحِظ في الدنيا، وبعض الفِرق الغالية تجد وجوههم تختلف في حال الصبا عنها في حال ما بعد التكليف، يظهر عليهم آثار شيء من القبح والغبرة، والله المستعان.  

قال –رحمه الله-: "فوالله لَمفارقةُ أهل الأهواء والبدع في هذه الدار أسهل من مرافقتهم".

"فوالله لَمفارقةُ أهل الأهواء والبدع" قُل مثل هذا في مفارقة العُصاة؛ لأنه "إذا قيل: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات:22]" أشباههم ونظراؤهم، يتمنى الإنسان أن يُحشر مع رجلٍ صالحٍ تقي، مع الأنبياء والصديقين، أو مع الفجرة والعصاة؟ ما فيه أحد يتمنى.

"فوالله لَمفارقةُ أهل الأهواء والبدع في هذه الدار أسهل من مرافقتهم" غدًا في الدار الآخرة "إذا قيل: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات:22]" أشباههم ونظراؤهم.

"قالَ أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - وبعده الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: أزواجُهم: أشباههم ونظراؤهم".

طالب ............

نساؤهم؟

طالب ............

لا لا، قد تكون زوجته من أصلح الناس أو العكس.

"أشباههم ونظراؤهم، وقد قال تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير:7]" يعني قُرِن بعضها ببعض الصالح مع الصالح، والفاسد مع الفاسد، والطالح مع الطالح وهكذا.

"فجُعِلَ صاحب الحق مع نظيره في درجته، وصاحب الباطل مع نظيره في درجته" ابن القيم رأى شيخه في المنام -شيخ الإسلام ابن تيمية- فقال له: ما فعل الله بك؟ فأشار إلى فوق، وسأله عن نفسه، قال: أنت الآن في طبقة ابن خزيمة إمام الأئمة.

مجموعة من طلاب العلم جالسون يتذاكرون، فقال واحد منهم: البارحة رأيت النبي –عليه الصلاة والسلام-، وقال الآخر: أنا رأيت الإمام أحمد، قال ثالث: أنا رأيت سفيان الثوري، وقال واحد: رأيت ابن القيم، وهكذا، مجموعة هم خيار طلاب علم، ثم جلس واحد يبكي، قالوا: ما يُبكيك يا فلان؟ قال: أنتم رأيتم الأخيار، وأنا ماذا رأيت البارحة؟ يقول: كأني في سطح ليس له جدران ويُلاحقني عبدٌ مجرَّد، انظر الفرق، أنت ودك أن تُحشر مع هذا أم مع هؤلاء؟ اختر لنفسك يا مسكين.

في وقت الإمكان ما فيه نسبة، {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات:22أنت الآن تخدم فلانًا، وتؤيد فلانًا، وإذا قال شيئًا صفَّقت له، ومدحته، وأثنيت عليه بالباطل لا بحق، وأنت تعرف ذلك في قرارة نفسك، تُحشر أنت وإياه غدًا، أو مع هؤلاء الأخيار الذين عاديتهم من أجله؟       

"وصاحب الباطل مع نظيره في درجته هنالك والله يعضُّ الظالم على يديه"، ما يستطيع، فهل يرجع؟ {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا} [المؤمنون:99-100]، ومع ذلك قال الله –جلَّ وعلا-: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام:28].

"هنالك والله يعضُّ الظالم على يديه إذا حصلت له حقيقة ما كان في هذه الدار عليه" تبيّن له، وقد يتبيّن له قبل، وتأتيه النُّذر، وتُورَد عليه الأدلة، وينصحه النصحاء ولا يرجع عن غيِّه وضلاله؛ لأمرٍ يُريد الله تعالى له.

"{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} [الفرقان:27-29]" هو قد يتخذ فلانًا خليلًا؛ جهلًا منه، أو إعجابًا به، أو طمعًا في دنياه، أو خوفًا من عقوبته، لكن على الإنسان أن يلزم ما جاء عن الله وعن رسوله وأن يصحب الأخيار.

إذَا ما صاحبت القَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ
 

 

وَلَا تَصْحَبْ الْأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي
 

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.

طالب: ..............

نعم، موجودة في عهد السلف، لكن حتى كلام ابن عباس فيه ما فيه، انظر تخريجه.

طالب: ..............

نعم ضعيف، بل ضعيفٌ جدًّا، مُجاشع بن عمرٍو متروك، ورماه بعضهم بالكذب.

طالب: ..............

لأن المناظرات تأتي، ولا يصلح أن نبدأ بها والأسبوع القادم يصير كله للمقنع إلى أن ينتهي.

طالب: .............

باب المسح على الخفين.

طالب: ..............

تخفيف، تخفيف.

طالب: .............

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.