تعليق على تفسير سورة آل عمران (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:33-34].

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اخْتَارَ هَذِهِ الْبُيُوتَ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاصْطَفَى آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- خَلَقَهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَهْبَطَهُ مِنْهَا، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ.

وَاصْطَفَى نُوحًا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَجَعَلَهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، لَمَّا عَبَدَ النَّاسُ الْأَوْثَانَ، وَأَشْرَكُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَا".

وأشركوا؟

طالب: "وَأَشْرَكُوا فِي دِينِ اللَّهِ".

في الله، عندنا وأشركوا بالله.

طالب: ..............

نعم في نسختين في دين الله، والباقي كلها بالله.

طالب: نُصحِّحها بالله؟

هذا الأصل الإشراك بالله ليس بدينه.

"وَأَشْرَكُوا باللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَا، وَانْتَقَمَ لَهُ لَمَّا طَالَتْ مُدَّتُهُ بَيْنَ ظَهْرَاني قَوْمِهِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا، فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا فِرَارًا، فَدَعَا عَلَيْهِمْ، فَأَغْرَقَهُمُ اللَّهُ عَنْ آخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى دِينِهِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ.

وَاصْطَفَى آلَ إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْهُمْ: سَيِّدُ الْبَشَرِ وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآلَ عِمْرَانَ، وَالْمُرَادُ بِعِمْرَانَ هَذَا: هُوَ وَالِدُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، أُمِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ".

يعني ليس المراد بعمران هذا والد موسى، موسى بن عمران، وإنما هو والد مريم بنت عمران، وبعضهم يخلط يظن أن مريم ابنة عمران أخت لموسى، بعض الناس الذي ما عندهم علم يظن هذا، بينهم بون شاسع في التاريخ.

طالب: ..............

نعم وقوله: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم:28] كأنه يظن أن هارون بن عمران أخو موسى.

"قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسار -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ يَاشَمَ بْنِ أَمُونَ بْنِ مَنْشَا".

"مِيشا" والتصحيف هنا وارد، كل كتاب من كُتب التواريخ يكتب لك الاسم غير ما كتبه الثاني، لكن الرسم يكون متقاربًا؛ لأن هذه أسماء مرت عليها القرون المتطاولة، ويصعب ضبطها بدقة، واتفاق الناس عليها كما هو الشأن في اتفاقهم على رسم المصحف وكلماته وجُمله، هذا المصحف مضمون حفظه، الآن النُّسخ نُسخ التفسير أو غيرها إذا نُسِخ أكثر من مرة وجدت التصحيف والتحريف والأغلاط الكثيرة، وقديمًا قيل: إن الكتاب إذا نُسِخ ولم يُقابل، ثم نُسِخ فلم يُقابل، ثم نُسِخ فلم يُقابل خرج أعجميًّا، فالمقابلة لا بُد منها، وهذه الأسماء تجدها في تاريخ ابن كثير على غير هذه الصفة، وفي تاريخ ابن الأثير كذلك، وتاريخ فلان، في التواريخ عمومًا تجد اختلافًا في الأسماء يعني تقديم حرف أو تأخير حرف أو إعجام حرف وإهمال حرف، فهي ليس متعبَّدًا بها.      

"بْنِ حِزْقِيَا بْنِ أحزيق بن يوثم بن عزاريا بن أَمْصِيَا بْنِ يَاوشَ بْنِ أجريهو بْنِ يَارِمَ بْنِ يَهْفَاشَاطَ".

أنت عندك "أحزيق" وعندنا "أحريق"، وعندك "يارم" وعندنا "يازم"، والكلام عليه فيما تقدم نفسه.

طالب: ..............

لغاتهم لغات أعجمية قبل العربية هذا.

طالب: ..............

كل أمة لها لغتها.

طالب: ..............

ما له داعٍ؛ لأنه لا يترتب عليه شيء، المقصود منه معروف آل عمران، يعني لو ذكر الأب والذي بعده؛ لئلا يلتبس، والباقي ليس له قيمة، لاسيما لا تجد التواريخ متفقة على مثل هذا الاسم.

"بْنِ إِسَا بْنِ أَبِيَّا بْنِ رُحبعَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-، فَعِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى، وَبِهِ الثِّقَةُ".

فالاصطفاء من الله –جلَّ وعلا- معروف أن الله اصطفى من بني آدم محمدًا –عليه الصلاة والسلام-، وخصَّه بمزيد من الفضائل والخصائص على غيره، واصفى من الأرض مكة، واصفى من الشهور رمضان، واصفى واصطفى... إلى آخره، وذلك مذكورٌ في مقدمة أو في أوائل زاد المعاد، في أوائل زاد المعاد ذكر هذا الاصطفاء، وأفاض فيه- رحمه الله-.

الآن كم بين عمران والد مريم أو قُل: عيسى ابن مريم كم بينه وبين سليمان بن داود؟ لعلهم عشرون شخصًا.

طالب: ...............

حوالي عشرين كيف عددت أنت اثني عشر؟

يعني ليسوا من المتقدمين سليمان وداود، كيف يُقال: إن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة؟! وهذا شيء كأنه مُتفق عليه بين المؤرخين، ولا شك أنه متلقى عن أهل الكتاب.

طالب: ...............

متى انتهت؟

طالب ..............

عمر الدنيا سبعة آلاف سنة يقولون، المؤرخون يُطبقون على هذا، ويُركِّبون على هذا أن عمر هذه الأمة ألف وأربعمائة سنة، لماذا؟ لأن عمر الدنيا سبعة آلاف، ونصيب هذه الأمة ما بين صلاة العصر إلى المغرب، وهذا يُعادل خُمس النهار، اضرب ألفًا وأربعمائة في خمسة فكم يطلع؟ سبعة آلاف، فيقولون: الساعة تقوم سنة ألف وأربعمائة، كل هذا تخمين ورجم بالغيب، ولا يستند إلى دليل، ليس فيه ما يدل عليه.

طالب: ...............

لأنهم يزعمون أنهم يعلمون، والله –جلَّ وعلا- كاد أن يُخفيها عن نفسه وعن جميع المخلوقات لا ملكٌ مُقرَّب ولا نبيٌّ مرسل يعلم متى تقوم الساعة.

طالب: ...............

ما عندهم.

طالب: ...............

أتوا بحجارة قالوا: هذه من سطح القمر وضعوها في زجاج، وكتبوا تواريخ عليهن، وبين واحدة والثانية مليارات السنين، انظر العلم الذي ليس مختومًا بــ(قال) الله وقال رسوله لا بُد أن يصل إلى هذه النتائج، العقول ما تصل بذاتها.

"قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:35-36].

امْرَأَةُ عِمْرَانَ هَذِهِ هي أَمُّ مَرْيَمَ –رضي الله عنهما- وَهِيَ حَنَّة بِنْتُ فَاقُوذَ".

عندنا "هَذِهِ هي أَمُّ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ عَلَيْهَا السَّلَامُ" بنت عمران ماذا عندك أنت؟

طالب: رضي الله عنهما.

الترضي والسلام كما في بعض النُّسخ دون بعض، مريم لا شك أنها صدِّيقة، ومن أهل الجنة، ولكن هل هي معدودة في الأنبياء أو لا؟ عامة أهل العلم أنه ليس في النساء نبية، وزعم ابن حزم أن في النساء ستًّا من الأنبياء، وكلامه مردودٌ عليه بالأدلة الصريحة من القرآن والسُّنَّة. 

"وَهِيَ حَنَّة بِنْتُ فَاقُوذَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتِ امْرَأَةً لَا تَحْمِلُ، فَرَأَتْ يَوْمًا طَائِرًا يَزقُّ فَرْخَهُ".

يعني يُطعِمه، تعرفون الطيور كيف تُطعِم أولادها.

"فَاشْتَهَتِ الْوَلَدَ، فَدَعَتِ اللَّهَ تعالى أَنْ يَهَبَهَا وَلَدًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهَا، فَوَاقَعَهَا زَوْجُهَا، فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَلِمَا تَحَقَّقَتِ الْحَمْلَ نَذَرَتْهُ أَنْ يَكُونَ {مُحَرَّرًا} [آل عمران:35] أَيْ: خَالِصًا مُفَرَّغًا لِلْعِبَادَةِ، وَلِخِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَتْ: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران:35] أَيْ: السَّمِيعُ لِدُعَائِي، الْعَلِيمُ بِنيتي، وَلَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ مَا فِي بَطْنِهَا أَذَكَرًا أَمْ أُنْثَى؟ {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} [آل عمران:36] قُرِئَ بِرَفْعِ التَّاءِ عَلَى أَنَّهَا تَاءُ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهَا، وقُرئ بِتَسْكِينِ التَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".

وكلاهما من القراءات المتواترة {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتُ} [آل عمران:36]، وحينئذٍ يكون من كلام أم مريم، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} [آل عمران:36] من كلام الله -جلَّ وعلا-.

"{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى} [آل عمران:36] أَيْ: فِي الْقُوَّةِ والجَلَد فِي الْعِبَادَةِ وَخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى".

وهذا من التشبيه الذين يقولون فيه: إنه مقلوب، وإلا فالأصل ليست الأنثى كالذكر؛ لأن وجه الشبه بينهما في الذكر أظهر منه في الأنثى، ومثله قولهم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة:275]، ومرادهم بذلك إنما الربا مثل البيع هو جائزٌ مثله على حد زعمهم.

"{وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} [آل عمران:36] فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ التَّسْمِيَةِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ السياق؛ لأنه شرع من قَبْلَنَا، وَقَدْ حُكِيَ مُقَرَّرًا، وَبِذَلِكَ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ قَالَ: «وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ وَلَد سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبِي إبْرَاهِيمَ»، أَخْرَجَاهُ، وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِيهِمَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ذَهَبَ بِأَخِيهِ، حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَنَّكه، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ لِي الليلة وَلَد، فَمَا أُسمِّيه؟ قَالَ: «اسْم وَلدِك عَبْد الرَّحْمَنِ». وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ أَبُو أسَيد بِابْنِهِ ليُحنّكه، فذَهَل عَنْهُ".

"فذَهَل عَنْهُ" يعني انشغل بغيره ونسيه.

"فَأَمَرَ بِهِ أَبُوهُ فَرَدّه إِلَى مَنْزِلِهِمْ، فَلَمَّا ذكرَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَجْلِسِ سَمّاه الْمُنْذِر.

فَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ سَمُرَة بْنِ جُنْدُب؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: «كُلُّ غُلامٍ رَهِين بِعقِيقتِهِ، يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، ويُسَمَّى وَيحْلَقُ رَأْسُهُ»، فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرْوِي: «ويُدَمَّى» وَهُوَ أَثْبَتُ وَأَحْفَظُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

بعض الأئمة يقول: «ويُدَمَّى» تصحيف عن يُسمَّى، ولعل من نطقها في لسانه شيء، ونسمع من بعض الناس من عندهم لثغة أو شيء يجعل السين دالًا، والأطفال هذا فيهم كثير.

وعل كل حال هذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة، ورواية الحسن عن سمرة مختلفٌ فيها؛ منهم من يقول: لم يسمع منه مطلقًا، ومنهم من أثبت سماعه منه، ومنهم من أثبت سماعه لحديث العقيقة الذي معنا.

ففي صحيح البخاري عن حبيب بن الشهيد أنه قال: قال لي ابن سيرين: سَل الحسن عمَّن سمعت حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، فحديث العقيقة ثبت سماع الحسن له من سمرة، وهذا في البخاري، وأما ما عداه فعامة أهل العلم على أنه لم يسمع منه.

طالب: ما معنى «ويُدَمَّى» لو صحَّت؟

أين؟

طالب: .............

ما يمكن حمله على معنًى الصحيح إلا أنه يعق عنه يُدمَّى له.

طالب: .............

لكن الأئمة قالوا: أنه يُدمَّى تصحيف عن يُسمَّى؛ لأن بعضهم عمِل بها؛ فصار يجرح هذا الطفل حتى يخرج منه الدم، وهذا معنى «ويُدَمَّى» عندهم.

"وَكَذَا مَا رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ سَابِعِهِ وَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ. فَإِسْنَادُهُ لَا يَثْبُتُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ، وَلَوْ صَحَّ لَحُمِل عَلَى أَنَّهُ أشْهَرَ اسمَه بِذَلِكَ يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

يعني الخبر الأول وأنه «وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ وَلَد سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبِي إبْرَاهِيمَ» سمعه من سمعه وما اشتهر بين الصحابة أنه وُلِد له ولد ولا اسمه، في اليوم السابع أشهر هذا الاسم، وعرفه الناس إن صح الخبر.

طالب: .............

الأمر فيه سعة، لكن العلماء يقولون: يوم سابعه مع العقيقة، ولكن الثابت في الصحيحين وغيرهما أنه لا مانع من التسمية في اليوم الأول.

"وَقَوْلُهُ إِخْبَارًا عَنْ أُمِّ مَرْيَمَ أَنَّهَا قَالَتْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:36] أَيْ: عَوَّذتها بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَعَوَّذَتْ ذُرِّيَّتَهَا، وَهُوَ وَلَدُهَا عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرزَّاق: أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ الزَّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «مَا مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا مَسَّه الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلّ صَارخًا مِنْ مَسِّهِ إيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَم َوابْنَهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:36]، أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ، عن بَقِيَّة، حدَّثنا الزَّبيدي".

الزُّبَيْدِيِّ.

"عن بقية حدثنا الزُّبَيديُّ".

وبقية بن الوليد مُدلِّس إذا كان بصيغة حدَّثنا .. عندك حدَّثنا؟

طالب: عن بقية حدَّثنا الزبيدي.

لكن عندنا بالعنعنة عن الزبيدي.

طالب: .............

عن الزبيدي عن الزهري.

طالب: .............

ماذا فيه؟

طالب: .............

"عن بقية، عن الزهري" في الأزهرية التي هي طبعة الشعب عنها وهي أقدم النُّسخ ما فيه عن الزبيدي.

طالب: .............

انظر ابن جرير.

طالب: .............

لكن التتبع زين.

طالب: .............

لكن الطبري موجود حتى بجزء الصفحة.

طالب: .............

الزُّبيدي بضم الزاي هو محمد بن الوليد بن عامر الحمصي، وهو ثقة، روى له الشيخان.

طالب: .............

لا، هي تدليس تسوية.

"وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ، عن بَقِيَّة، حدَّثنا الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بِنَحْوِهِ. ورَوَى مِنْ حَدِيثِ قَيْسٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ مَوْلُود إِلَّا وَقَدْ عَصَرَهُ الشَّيطانُ عَصْرَةً أَوْ عَصْرَتَيْن إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَمَرْيمَ»، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:36].

وَمِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ ابن وَهْبٍ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَجْلان مَوْلَى المِشْمَعَلِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيط، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَصْلِ الْحَدِيثِ. وَهَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبِه حِينَ تَلِدهُ أمُّهُ، إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعَنُ فَطَعَنَ فِي الحِجَاب»".

على كل حال الحديث صحيح، ولا إشكال فيه، وهو مخرَّجٌ في الصحيحين وغيرهما.

"قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37].

يُخْبِرُ رَبُّنَا أَنَّهُ تَقَبَّلَهَا مِنْ أُمِّهَا نذيرة، وأنه {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران:37] أَيْ: جَعَلَهَا شَكْلًا مَلِيحًا وَمَنْظَرًا بَهِيجًا، ويَسَّر لَهَا أَسْبَابَ الْقَبُولِ، وَقَرَنَهَا بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ تَتَعَلَّمُ مِنْهُمُ الْعِلْمَ والْخَيْرَ وَالدِّينَ. فَلِهَذَا قَالَ: {وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران:37]".

الآن في قوله: "وأنه {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران:37] أَيْ: جَعَلَهَا شَكْلًا مَلِيحًا وَمَنْظَرًا بَهِيجًا" هل هذا هو المقصود، أو أن النبات الحسن المؤثِّر هو العيش على دين الله ومراد الله والصلاح والاستقامة؟ ولذلك إذا دعا أحدٌ...

طالب: أو كلاهما.

لكن لو رأيت ولدًا مع أبيه، قلت: الله يُنبته نباتًا حسنًا، تُريده يعيش شكلًا جميلًا، يخطر على بالك هذا؟

طالب ..............

خلاص هو تصور وانتهى.

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

يعني خُلِقوا على هذه الآية تدعو أن الله يُزين صورته ممكن؟ أنت، أنت تقول: يمكن، نحن نناقش ابن كثير.

طالب: ............

"أَيْ: جَعَلَهَا شَكْلًا مَلِيحًا وَمَنْظَرًا بَهِيجًا".

طالب: ............

تدعو أن الله يُغير شكله؟

طالب: ............

لكن أنت إذا دعوت بهذه الدعوة؟

طالب: ............

أين؟

طالب: ............

لو كنت عارفًا كلام ابن كثير هل ابن كثير يقصد هذا أنك إذا دعوت لطفل مثلًا، وقلت: أنبته الله نباتًا حسنًا تقصد أن الله يُغير شكله إلى أملح وأحسن؟ مقصود عندك؟

طالب: ............

على كل حال المقصود النبات الحسن أن يعيش على دين الله ومراده مطيعًا لربه، مقتديًا بنبيه- عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ............

هذه هي أصح شيء.

"وَفِي قِرَاءَةٍ: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَنَصْبِ زَكَرِيَّا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ".

القراءة الأولى {وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران:37] بالتخفيف، وفي قراءةٍ {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} بتشديد الفاء.

طالب: ............

الأولى لا، الأولى {وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران:37].

طالب: ............

لا لا ما بصحيح "وَفِي قِرَاءَةٍ: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ" الثانية هي المشددة.

طالب: اللام هي المشددة.

ما تجيء، انطقها ما تجيء (كفَلَّها) لا ما تجيء.

طالب: ............

هي قراءات كلها متواترة بعد، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرٍو وابن عامر {وَكَفَلَهَا} مفتوحة الفاء خفيفة، وقرأها عاصم وحمزة والكسائي {وَكَفَّلَهَا} مشددة الفاء.

"أَيْ جَعْلَهُ كَافِلًا لَهَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ يَتِيمَةً. وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَصَابَتْهُمْ سَنَةُ جَدْب، فَكَفَلَ زَكَرِيَّا مَرْيَمَ لِذَلِكَ. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ كَوْنَ زَكَرِيَّا كَافِلَهَا لِسَعَادَتِهَا؛ لِتَقْتَبِسَ مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا نَافِعًا، وَعَمَلًا صَالِحًا؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ خَالَتِهَا، عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ: زَوْجُ أُخْتِهَا، كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ: «فَإِذَا بِيحيى وعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الخَالَةِ»، وَقَدْ يُطْلق عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ ذَلِكَ أَيْضًا تَوسُّعا، فَعَلَى هَذَا كَانَتْ فِي حَضَانَةِ خَالَتِهَا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى فِي عِمَارَةَ بِنْتِ حمَزَةَ أَنْ تَكُونَ فِي حَضَانَةِ خَالَتِهَا امْرَأَةِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ: «الخَالَةُ بِمَنزلَةِ الأمِّ»".

في كلام المؤلف –رحمه الله-: "وَإِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ كَوْنَ زَكَرِيَّا كَافِلَهَا؛ لِسَعَادَتِهَا" من سعادة الشخص أن تكون حضانته بيد صالح؛ ليُربيه ويُنشِّئه تنشئةً صالحة، بخلاف ما إذا كان الحاضن بخلاف ذلك، فإنه يُخشى عليه.

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا
 

 

عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
 

"لِسَعَادَتِهَا؛ لِتَقْتَبِسَ مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا" يعني بالقول وبالفعل.

"وَلِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ خَالَتِهَا، عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ: زَوْجُ أُخْتِهَا" زكريا أبو يحيى، وأمه إما خالة مريم أو أختها، وإذا كانت أم يحيى هي خالة لمريم إن كانت أختها فلا إشكال؛ لأن يحيى ابن هذه الأخت، وعيسى ابن أختها؛ فيكون الاثنان يحيى وعيسى ابني الخالة حقيقةً بدون تأويل، وهذا ما جاء في الصحيح في حديث الإسراء.

وإذا قلنا: إن أم يحيى خالة مريم، فمن باب التجوُّز حينما يُقال: الخالة بمنزلة الأم، وأيضًا العم عم الرجل صنو أبيه يعني مثل أبيه؛ فيكون أبًا من هذه الحيثية، والخالة أم من هذه الحيثية.   

طالب: ............

{أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا} [آل عمران:36] يعني: المستقبَل.

طالب: ............

يرزقها ولدًا نعم {وَإِنِّي أُعِيذُهَا} يعني: مريم {وَذُرِّيَّتَهَا} وهو عيسى- عليه السلام-.

طالب: ............

وعلى هذا تكون أختها أو خالتها؟ هو قدَّم هذا الكلام ونسبه لابن إسحاق وغيره، والخالة بمنزلة الأم.

طالب: ............

لا شك أن الحاضن له أثر كبير، وهو تنشئة الصبي والطفل على الدين والخير والصلاح يختلف عن أن ينشأ في بيئةٍ غير صالحة، وقد يخرج من هذه البيئة وإن كانت غير صالحة إذا أراد الله له السعادة قد يخرج صالحًا، وهذا كثير أيضًا في الوجود، لكن الأصل أن التنشئة كما قال الشاعر:  

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا
 

 

عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
 

ولا شك أن للوالدين أثرًا كبيرًا في صلاح الأولاد وفي فسادهم، قد يكونون سببًا في فسادهم، نسأل الله العافية.

طالب: ............

نعم يحصل، وهذا كثير، تجد أولاد المشايخ والعلماء تجد في بعضهم شيئًا من الانحراف، وبعض الغافلين الذين عندهم شيء من الصدود تجد يخرج من ذرياتهم طلاب العلم والمشايخ، كلمني واحد قال: والله ما دريت أن عيالي الاثنين حُفَّاظ إلى أن دُعِيت إلى حفل التحفيظ، فإذا باثنين من أولادي حُفَّاظ، وهو ما يدري؛ ولذلك كون الوالد يتعب على ولده ويُنشِّئه هذا الذي ينفعه كما قال –جلَّ وعلا-: {وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:24] يعني إذا ما ربيته صغيرًا قد لا تُصيبك هذه الدعوة ولو دعا لك.

"ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ سِيَادَتِهَا وَجَلَالَتِهَا فِي مَحَلِّ عِبَادَتِهَا، فَقَالَ: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} [آل عمران:37] قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَإِبْرَاهِيمُ النخَعيّ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَطِيَّةُ العَوْفي، والسُّدِّي: يَعْنِي وَجَدَ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ".

يعني كرامة من الله- جلَّ وعلا-.

"وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} [آل عمران:37] أَيْ: عِلْمًا، أَوْ قَالَ: صُحُفًا فِيهَا عِلْمٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ.  

وَفِي السُّنَّةِ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. فَإِذَا رَأَى زَكَرِيَّا هَذَا عِنْدَهَا {قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} [آل عمران:37] أَيْ: يَقُولُ مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا؟ {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37].

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا سَهْل بْنُ زنْجَلة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عبد الله بن لَهِيعَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- أَقَامَ أَيَّامًا لَمْ يَطْعَمْ طَعَامًا، حَتَّى شَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَطَافَ فِي مَنَازِلِ أَزْوَاجِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْئًا، فَأَتَى فَاطِمَةَ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّة، هَلْ عِنْدَكِ شَيْء آكُلُهُ، فَإِنَّي جَائِع؟» فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ بِأَبِي أنتَ وَأُمِّي، فَلَمَّا خَرَج مِنْ عِنْدِهَا بَعَثَتْ إِلَيْهَا جَارَةٌ لَهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقِطْعَةِ لَحْمٍ، فَأَخَذَتْهُ مِنْهَا فَوَضَعَتْهُ فِي جَفْنَةٍ لَهَا، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَأُوثِرَنَّ بِهَذَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَفْسِي وَمَنْ عِنْدِي. وَكَانُوا جَمِيعًا مُحْتَاجِينَ إِلَى شِبْعَةِ طَعَامٍ، فَبَعَثَتْ حَسَنا أَوْ حُسَينا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ: بِأَبِي أنت وَأُمِّي قَدْ أَتَى اللَّهُ بِشَيْءٍ فخَبَّأتُه لَكَ، فقَالَ: «هَلُمِّي يَا بُنيَّة» قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِالْجَفْنَةِ. فَكَشَفَتْ عَنِ الْجَفْنَةِ، فَإِذَا هِيَ مَمْلُوءَةٌ خُبْزًا وَلَحْمًا، فَلَمَّا نظرَتْ إِلَيْهَا بُهِتتْ وعرفَتْ أَنَّهَا بَرَكَةٌ مِنَ اللَّهِ، فحمدَت اللَّهَ وصلَّت عَلَى نَبِيِّهِ، وقدّمَتْه إلى رسولِ الله".

لأنه في الأصل شيء يسير جيء به لفاطمة –رضي الله عنها- شيءٌ يسير، لما كشفت عن الجفنة وجدتها مملوءة، نظير ذلك عائشة –رضي الله عنها- كانت صائمة، وقد أُعِد لها رغيف لتفطر عليه، فطرق سائل فأعطته إياه ما عندها غيره، وقُبيل الأذان يُطرَق الباب ويُدفَع إليها كبشٌ مُكفَّن، ما معنى مُكفَّن؟ بالخبز مُغطى بالخبز، وهذه أكلة معروفة في الحجاز يعرفونها إلى الآن المُكفَّن.

طالب: ............

ما سمعت أنت.

كبشٌ مُكفَّن: حنيذ مشوي وملفوفٌ بالخبز.

آثرت برغيف فعوَّضها الله خيرًا منه، تقول: من شخصٍ لم يُعرَف بعطاء، ما عمره دفع شيئًا، وهذا عند مالك في الموطأ. 

طالب: تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله.

تفدِّي والدها.

طالب: هل يُقال للأب: بأبي؟

تجري على اللسان من دون نظر.

طالب: ............

هو الحديث، الخبر ضعيف، فيه أكثر من مضعَّف، عبد الله بن صالح كاتب الليث، وعبد الله بن لهيعة ضعاف.

طالب: ............

هذا إذا زادت ثقته بالله وكملت فلا شك أن الله يُعوضه، وزاد يقينه وتوكله على الله فله ذلك وما فيه إشكال.

طالب: ............

عمر بن عبد العزيز لما تولَّى سلب أقاربه جميع ما لديهم من أمور الدنيا من ذهب وغيره حتى زوجته، ولم يترك لهم شيئًا لما مات، فقيل له قبل وفاته في ذلك: فقال: من كان منهم صالحًا فلن يُضيعه الله، ومن كان منهم فاسقًا فلا أُعينه على فسقه.

لكن هل هذا أكمل فعل عمر بن عبد العزيز أو قول النبي –عليه الصلاة والسلام- لسعد: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»؟ لا شك أن قول الرسول –عليه الصلاة والسلام- أكمل، لكن صنيع عمر بن عبد العزيز يدل على ثقة وتوكل على الله.

"فَلَمَّا رَآهُ حَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ: "مِنْ أيْنَ لَكِ هَذَا يَا بُنَية؟ قَالَتْ: يَا أَبَتِ، {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37] فَحَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَكِ -يَا بُنَيّة- شَبيهَةِ بسيدةِ  نِساء بَنيِ إسْرَائيلَ، فَإنَّها كَانَتْ إذَا رَزَقَهَا اللهُ شَيْئًا وَسُئِلَتْ عَنْهُ قَالَتْ: {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37]»، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِي، ثُمَّ أَكَلَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكَلَ عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَجَمِيعُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلُ بَيْتِهِ حَتَّى شَبِعُوا جَمِيعًا. قَالَتْ: وَبَقِيَتِ الْجَفْنَةُ كَمَا هِيَ، قالت: فَأَوْسَعَتْ بِبَقِيَّتِهَا عَلَى جَمِيعِ الْجِيرَانِ، وَجَعَلَ اللَّهُ فيها بركة وخيرًا كثيرًا".

النبي –عليه الصلاة والسلام- لما جيء له بالماء في جفنة، فأدخل يديه في الجفنة، فضاقت الجفنة بهم، ضاقت، وتوضأ منها جميع الصحابة، الرسول –عليه الصلاة والسلام- جعل الله فيه من البركة ما هو مثل هذا وأعظم- عليه الصلاة والسلام-.

نقف على هذا.