تعليق على تفسير سورة الأنفال من أضواء البيان (07)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-:
(وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَاتِلِ السَّلَبَ، هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَوْلُ الْإِمَامِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ» أَوْ يَسْتَحِقُّهُ مُطْلَقًا، قَالَ الْإِمَامُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْأَخِيرِ: الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالطَّبَرِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ).
والأخير، والقول الأخير وهو الاستحقاق المطلق سواء قال الإمام ذلك أو لم يقله، قال به هؤلاء من الأئمة، ومنهم من قال بالقول الأول وهو أنه لا يستحقه إلا إذا قال الإمام: «من قتل قتيلاً فله سلبه» قال به جمع من أهل العلم سيذكرهم المؤلف.
طالب: (وَمِمَّنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ: الَّذِي هُوَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا بِقَوْلِ الْإِمَامِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً» إِلَخْ، الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالُكٌ، وَالثَّوْرِيُّ. وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ ذَلِكَ: لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقِتَالِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى فَسَادِ النِّيَّةِ، وَلَكِنْ بَعْدَ وُقُوعِ الْوَاقِعِ، يَقُولُ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً... إِلَخْ).
إذا كان قبل القتال فالمقاتل يدخل وقد شرَّك هذه النية التي هي استحقاق السلب، وأما إذا بدأ في القتال وشرع فيه ثم قيل له ذلك فالأصل أنه دخل يجاهد في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله، وإن كان قد يعتريه ما يعتريه من مقاصد في أثناء ذلك، لكن هو أسهل من أن يدخل بنية مشروكة، يعني هي في السابق يطلب العلم على أهل العلم ثم بعد طلب العلم يحصل له من أمور الدنيا ما يحصل يصيروا قضاة، يصيرون دعاة ومعلمين، وكذا، هذا أسهل من أن يدخل الطالب وهو على بينة أنه سيتوظف، قبل أن يدخل يعرف.
طالب: .......
....... المقصود أنه من هذا النوع، كون الإنسان يدخل بنية صالحة ثم يعرض له ما يعرض أسهل من كونه يدخل من البداية بنية مشروكة أو فيها شيء من التشريك. وهذا أمر لا شك أنه مقلق عند كثير من طلاب العلم، ويسأل عنه كثيرًا أنهم جاءوا إلى هذه الدراسات النظامية الشرعية، وأنهم أمامهم الشهادات والمستقبل والوظائف وبناء الأسر وتملك ما يحتاج إليه من أمور الدنيا وهم يستصحبون هذه النية، بعضهم يقول: إنه جاهد ولم يستطع الدفع، فهل الحل أن يترك؟ لا ليس الحل أن يترك، الحل أن يستمر في المجاهدة، وإذا علم الله منه صدق النية أعانه على ذلك.
طالب: .......
هذا ما ينافي القصد الأول، لكن العلم والجهاد يجب أن تكون خالصة لله -جل وعلا- لا يشركها شيء، وهذا صُرِّح بجوازه من الله -جل وعلا-، فأنت أثبت التصريح بجواز التشريك في النية في العبادات الأخرى، وسمعنا وأطعنا.
طالب: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].
هو لله، الأصل أن كل الأمور لله حتى أمور الدنيا المحضة إذا أخلصت فيها لله، ونويتها لله، ولإعلاء كلمة الله، ونصر دين الله، والتقوي بها على طاعة الله صارت عبادات.
طالب: .......
نعم.
طالب: .......
في غير الوقت، في وقت آخر، ممكن، نعم.
طالب: .......
للنص.
طالب: وإذا فيه مسائل .......
نعم.
طالب: (وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: بِاسْتِحْقَاقِ الْقَاتِلِ سَلَبَ الْمَقْتُولِ مُطْلَقًا بِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ; لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَمْ يُخَصَّصْ بِشَيْءٍ، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ الْأَلْفَاظِ لَا بِخُصُوصِ الْأَسْبَابِ، كَمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا بِأَدِلَّةٍ: مِنْهَا: قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ السَّابِقِ ذكرِه).
ذكرُه.
(السابق ذِكْرُهُ، لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ، قَالُوا: فَلَوْ كَانَ السَّلَبُ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِمُجَرَّدِ قَتْلِهِ لَمَا احْتَاجَ إِلَى تَكْرِيرِ هَذَا الْقَوْلِ).
يعني في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «من قتل قتيلاً فله سلبه» هل هذا حكم أو فتوى.
طالب: .......
هذا منشأ الخلاف. إذا قلنا: فتوى صارت للناس كلهم، وإذا قلنا: حكم صار للسلطان خصوص، من قيل له ذلك.
طالب: .......
أظن القرافي أشار إلى شيء منها في الفروق.
طالب: (وَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ لِأَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّ فِيهِ: «ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟! فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ» اهـ).
مع أنه حكم أن الثاني شارك في القتل، وأنه قتله، ولكن ضربة هذا لو استقلت هل تقضي عليه وتقتله؟ والثاني كذلك؛ لأن بعضهم يقول: كيف -عليه الصلاة والسلام- يقول: «كلاكما قتله» ويخص أحدهما دون الآخر؟ لأنه لما رأى السيف والدم غير ممسوح رأى أن ما جاء من قتل هذا بهذا السيف أنه هو المؤثر، وأنه لو استقل لقتله، وأما الآخر فهو مكمل، ليس بمؤثر، وإلا ففيه إشكال.
طالب: .......
كيف تقول: قتلته، ولا تعطيه شيئًا؟ لو قال له: أنت ما قتلته أهون عليه من أن يقول: قتلته ولا يعطيه شيئًا.
طالب: .......
على كل حال هذا فعل المعصوم -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: .......
نعم، انتهى الكلام.
طالب: .......
طالب: ... الحديث.
«كلاكما قتله» من كلامه -عليه الصلاة والسلام-، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح هذا نقل عنه -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: (قَالُوا: فَتَصْرِيحُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْحَدِيثِ، الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، بِأَنَّ كِلَيْهِمَا قَتَلَهُ، ثُمَّ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِسَلَبِهِ، دُونَ الْآخَرِ، صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ، إِلَّا بِقَوْلِ الْإِمَامِ: إِنَّهُ لَهُ؛ إِذْ لَوْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ لَمَا كَانَ لِمَنْعِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ وَجْهٌ، مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَرَّحَ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ مَعَ مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ، رَجُلاً مِنَ الْعَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ لِخَالِدٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟ قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ، فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لك مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَاسْتَغْضَبَ، فَقَالَ: لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَرْعَى إِبِلاً، أَوْ غَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتَرَكَتْ كَدَرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدَرُهُ عَلَيْهِمْ».
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا: عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَرَافَقَنِي مَدَدِي مِنَ الْيَمَنِ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: فَقُلْتُ: يَا خَالِدُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ، هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَوْفٍ أَيْضًا، عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَرَافَقَنِي مَدَدِي مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، أَشْقَرَ، عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ، وَسِلَاحٌ مُذَهَّبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يَفْرِي فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، فَخَرَّ وَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ، وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِلْمُسْلِمِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ السَّلَبَ، قَالَ عَوْفٌ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا خَالِدُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِ اسْتَكْثَرْتُهُ، قُلْتُ: لَتَرُدَّنَّهُ إِلَيْهِ، أَوْ لَأُعَرِّفَنَّكَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ عَوْفٌ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ، وَمَا فَعَلَ خَالِدٌ»، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ اهـ. فَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ»، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ، إِذْ لَوِ اسْتَحَقَّهُ بِهِ، لَمَا مَنَعَهُ مِنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
والمنع لأمر خارج ليس لا لذات القتل أو عدمه، هو قاتل، وقضي له به أولاً، فلما تطاول على أميره حرمه النبي -عليه الصلاة والسلام- منه؛ تعزيرًا.
طالب: .......
لا لا هذا القاتل عمرو.
طالب: .......
جرده، تطاول عليه؛ لأنه قال: أنا قلت لك ولا أجبت، فأكد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن أبيت، وإن رغمت.
طالب: .......
أين؟
طالب: .......
يعني هل ثبت صحة ما قلت لك؟
طالب: .......
نعم، هذا قوله -عليه الصلاة والسلام- لما أغضب عوف بن مالك خالدًا.
طالب: .......
نعم، المددي هو القاتل وهو المسئول عنه.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
كيف؟
طالب: .......
أيهم؟
طالب: .......
لمطابقة المثال؟ إنما مثلكم ومثلهم، مثلكم أيها الحاضرون؟
طالب: .......
بالنسبة للصحابة هم الذين تعبوا، وحفظوا لكم الدين، وصفوه لكم، وأنتم جاءكم بدون كدر، هم الذين تحملوا المشاق في تثبيت هذا الدين.
طالب: (وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ: بَارَزْتُ رَجُلاً يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، فَقَتَلْتُهُ، وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ، فَأَتَيْتُ سَعْدًا، فَخَطَبَ سَعْدٌ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَلَبُ بِشْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنَّا قَدْ نَفَّلَنَاهُ إِيَّاهُ. فَلَوْ كَانَ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ قَضَاءً مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لَمَا أَضَافَ الْأُمَرَاءُ ذَلِكَ التَّنْفِيلَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ بِاجْتِهَادِهِمْ، وَلَأَخَذَهُ الْقَاتِلُ دُونَ أَمْرِهِمْ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي دَلِيلاً أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ; لِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
فَإِنْ قِيلَ: هِيَ شَاهِدَةٌ لِقَوْلِ إِسْحَاقَ: إِنْ كَانَ السَّلَبُ يَسِيرًا فَهُوَ لِلْقَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا خُمِّسَ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ ظَاهِرَهَا الْعُمُومُ مَعَ أَنَّ سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَثْرَةٌ زَائِدَةٌ، وَقَدْ مَنَعَ مِنْهُ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ.
تَنْبِيهٌ: جَعَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَنْشَأَ الْخِلَافِ فِي سَلَبِ الْقَاتِلِ، هَلْ يَحْتَاجُ إِلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ أَوْ لَا؟ هُوَ الِاخْتِلَافُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً» الْحَدِيثَ، هَلْ هُوَ حُكْمٌ؟ وَعَلَيْهِ فَلَا يَعُمُّ بَلْ يَحْتَاجُ دَائِمًا إِلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ، أَوْ هُوَ فَتْوَى، فَيَكُونُ حُكْمًا عَامًّا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ؟
قَالَ صَاحِبُ " نَشْرِ الْبُنُودِ شَرْحِ مَرَاقِي السُّعُودِ " فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَسَائِرُ حِكَايَةِ الْفِعْلِ بِمَا مِنْهُ الْعُمُومُ ظَاهِرًا قَدْ عُلِمَا، مَا نَصُّهُ: تَنْبِيهٌ: حَكَى ابْنُ رَشِيدٍ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فِي قَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ»، هَلْ يَحْتَاجُ سَلَبُ الْقَتِيلِ إِلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ حُكْمٌ فَلَا يَعُمُّ، أَوْ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَتْوَى؟ وَكَذَا قَوْلُهُ لِهِنْدٍ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فِيهِ خِلَافٌ، هَلْ هُوَ حُكْمٌ فَلَا يَعُمُّ، أَوْ فَتْوَى فَيَعُمُّ. قَالَ مَيَّارَةُ فِي " التَّكْمِيلِ ": وَفِي حَدِيثِ هِنْدٍ الْخِلَافُ هَلْ حُكْمٌ يَخُصُّهَا أَوِ افْتَاءٌ شَمَلْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي السَّلَبِ، هَلْ يُخَمَّسُ أَوْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: لَا يُخَمَّسُ).
ميارة هذا تعرف الشيخ، ميارة؟
طالب: .......
شارح منظومة ابن عاصم في القضاء.
طالب: .......
نعم، شارح منظومة ابن عاصم في القضاء.
طالب: .......
مالكي نعم.
طالب: (الثَّانِي: يُخَمَّسُ. الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ كَثِيرًا خُمِّسَ، وَإِلَّا فَلَا. وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَيُرْوَى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَكْحُولٌ. وَمِمَّنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ: إِسْحَاقُ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: لَا يُخَمَّسُ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ "، بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي قَدَّمْنَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا نَصُّهُ: " وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ، الَّذِي أَخْرَجَهُ بِهِ مُسْلِمٌ، وَزَادَ بَيَانًا أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يُخَمِّسُ السَّلَبَ" اهـ).
البرقاني له مستخرج على صحيح مسلم، فيروي الحديث الذي في صحيح مسلم بإسناده هو من غير طريق الإمام مسلم. قد يستغلق عليه الأمر فيخرجه من طريق صاحب الأصل، يعني ما يجد إسنادًا خاصًّا به في هذا الحديث.
المقصود أن قوله: بإسناده الذي أخرجه به مسلم، هذا يختلف عن طريقة المستخرجات، الأصل أن المتن الذي في مسلم يخرجه صاحب المستخرج من طريقه هو لا من طريق صاحب الأصل، وحينئذٍ إذا قال: بإسناده الذي أخرجه به، يحتمل أن يكون الكلام صحيحًا، ويكون البرقاني ما وجد إسنادًا من غير طريق مسلم فخرجه من طريقه؛ لأنه ضاق عليه المخرج، فخرجه من طريق صاحب الأصل. ثم هذا الحديث المستخرج على الأصل قد يكون فيه زيادة على الأصل كما هنا، هذه اللفظة ليست موجودة في الأصل، وإنما موجودة في المستخرج، وهذه من فوائد المستخرجات.
وما تزيد فاحكمن بصحته .......
وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ كَأَبي*** عَوَانَةٍ وَنَحْوِهِ ، وَاجْتَنِبِ
عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ لَهُمَا *** إذْ خَالَفتْ لَفْظاً وَمَعْنىً رُبَّمَا
وَمَا تَزِيْدُ فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِه *** فَهْوَ مَعَ العُلُوِّ مِنْ فَائِدَتِهْ
يعني فيها زوائد، ويحكم لها بالصحة إذا كانت أسانيدها صحيحة، وإلا فقد يضيق المخرج على صاحب المستخرَج، المستخرِج، على المستخرِج فيخرجه بإسناد قد لا يصل إلى درجة الصحة، نعم.
طالب: .......
يعني هذه الزيادة.
طالب: .......
لا، فيه زيادة.
طالب: لو قدر أنه يقصد نفس الإسناد بطريق مسلم نفسه .......
بعضهم يعلل الأحاديث بإعراض صاحب الصحيح عنه، وهذا بالنسبة للأحاديث الكاملة ليس بصحيح.
ولم يعماه ولكن قلما **** عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
لكن زيادة الألفاظ أو زيادة الجمل في حديث أصله في البخاري أو مسلم، ثم يأتي من يخرجه بهذه الزيادة، بعضهم يقدح فيها يقول: لو صحت لخرجها الإمام، وبعضهم يقول: إن الزيادة مقبولة لو كان الزائد ثقة، ما المانع من قبولها؟
طالب: .......
ليس بنفس الإسناد الذي خرجه به مسلم يكون استغلق عليه، ولا بد أن يكون فيه؛ لأن البرقاني متأخر عن مسلم، فيصير واسطة بينه وبين مسلم تكون الزيادة من طريق هذا الزائد، القدر الزائد في الإسناد، أو تكون من أحد الرواة الذين اتفقوا، المستخرِج والمستخرَج عليه اتفقوا على وجوده في إسناديهما، ولكنه أعرض عنها صاحب الصحيح وتركها؛ لعدم ركونه إلى ثبوتها، أو يحذفه اختصارًا أو شيء من هذا.
طالب: (وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّلْخِيصِ " فِي حَدِيثِ خَالِدٍ وَعَوْفٍ الْمُتَقَدِّمِ، مَا لَفْظُهُ: " وَهُوَ ثَابِتٌ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ قِصَّةٌ لِعَوْفٍ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَتَعَقَّبَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي " نَيْلِ الْأَوْطَارِ " بِمَا نَصُّهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْحُجَّةِ لَمْ يَكُنْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، بَلِ الَّذِي فِيهِ هُوَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَفِيهِ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِرَارًا " اهـ).
والتفصيل في حاله أن ما يرويه عن الشاميين صحيح، وما يرويه عن غيرهم فيه كلام لأهل العلم.
على كل حال كونه كون مثلاً ابن حجر أنه قال: ثابت في صحيح مسلم بما فيه هذه الزيادة وهي ليست عند مسلم هم يعنون الأصل ولا يعنون بالزيادة نعم، ولذا يقول الحافظ العراقي:
والأصل يعني البيهقي ومن عزا **** وليت إذ زاد الحميدي ميزا
يعني لو قابلت الأحاديث التي ذكرت في جامع الأصول أو في سنن البيهقي معزوة للبخاري أو مسلم لوجدت شيئًا من الاختلاف؛ لأنهما يعتمدان على المستخرجات، ما يأخذون الأحاديث بألفاظها من الأصول.
طالب: .......
المهم أنه ما موجود الأصل في مسلم، اللفظ بنحوه يعني قريب منه ليس بلفظه وإنما هو بمعناه، وهو لفظ مجمل ما يدرى ما فيه على هذا النحو.
طالب: (قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: وَقَدْ قَدَّمْنَا حَدِيثَ عَوْفٍ الْمَذْكُورَ بِلَفْظِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، فَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّوْكَانِيُّ -رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-. وَالتَّحْقِيقُ فِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ ضَعِيفَةٌ، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الشَّامِيِّينَ، دُونَ غَيْرِهِمْ).
إسماعيل بن عياش حمصي من الشام، وقد يضبط الإنسان حديث أهل بلده؛ لأنه تلقاها في الغالب في الصغر وضبطها و أتقنها، أو أنه لطول مجالسته إياهم تكررت عليه وضبطها، بخلاف ما يرويه عن غيرهم.
طالب: (قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَإِسْمَاعِيلُ وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، الَّذِي هُوَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو كِلَاهُمَا حِمْصِيٌّ، فَهُوَ بَلَدِيٌّ لَهُ: وَبِهِ تَعَلَمُ صِحَّةَ الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، مَعَ قُوَّةِ شَاهِدِهِ، الَّذِي قَدَّمْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ، بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ السَّلَبَ يُخَمَّسُ: بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ).
هنا يقول بسند على شرط مسلم، ما قال: بسند مسلم، إذا كان على شرط مسلم يكون مسلم -رحمه الله- قد أخرج لهم، ولا يلزم أن يكون في هذا الموضع، لو كان في هذا الموضع لقال: بسند مسلم، أما بسند على شرط مسلم يكون مسلم خرَّج لهم في مواضع قد تكون الصورة مجتمعة أو غير مجتمعة.
طالب: (وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: يُخَمَّسُ الْكَثِيرُ دُونَ الْيَسِيرِ: بِمَا رَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِائَةَ رَجُلٍ، إِلَّا رَجُلاً مُبَارَزَةً، وَأَنَّهُمْ لَمَّا غَزَوُا الزَّارَةَ، خَرَجَ دِهْقَانُ الزَّارَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ وَرَجُلٌ، فَبَرَزَ الْبَرَاءُ فَاخْتَلَفَا بِسَيْفَيْهِمَا، ثُمَّ اعْتَنَقَا فَتَوَرَّكَهُ الْبَرَاءُ فَقَعَدَ عَلَى كَبِدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ السَّيْفَ فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ سِلَاحَهُ وَمِنْطَقَتَهُ، وَأَتَى بِهِ عُمَرَ، فَنَفَّلَهُ السِّلَاحَ، وَقَوَّمَ الْمِنْطَقَةَ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَخَمَّسَهَا، وَقَالَ: إِنَّهَا مَالٌ. اهـ بِنَقْلِ الْقُرْطُبِيِّ. وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: وَفَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ، حِينَ بَارَزَ " الْمَرْزُبَانَ " فَقَتَلَهُ، فَكَانَتْ قِيمَةُ مِنْطَقَتِهِ، وَسِوَارَيْهِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَخُمِّسَ ذَلِكَ. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الْمُغْنِي ": وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِنِ اسْتَكْثَرَ الْإِمَامُ السَّلَبَ، فَذَلِكَ إِلَيْهِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ بَارَزَ " مَرْزُبَانَ " الزَّارَةِ بِالْبَحْرَيْنِ فَطَعَنَهُ، فَدَقَّ صُلْبَهُ، وَأَخَذَ سِوَارَيْهِ، وَسَلَبَهُ، فَلَمَّا صَلَّى عُمَرُ الظَّهْرَ أَتَى أَبَا طَلْحَةَ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالاً، وَأَنَا خَامِسُهُ).
بلغ مالاً يعني كثيرًا.
طالب: (فَكَانَ أَوَّلَ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ سَلَبُ الْبَرَاءِ، رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي السُّنَنِ. وَفِيهَا أَنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ بَلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا.
قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ دَلِيلاً عِنْدِي أَنَّ السَّلَبَ لَا يُخَمَّسُ؛ لِحَدِيثِ عَوْفٍ وَخَالِدٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَيُجَابُ عَنْ أَخْذِ الْخُمُسِ مِنْ سَلَبِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ، بِأَنَّ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ أَنَّ السَّلَبَ لَا يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ عُمَرَ: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَقَوْلَ الرَّاوِي: كَانَ أَوَّلَ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ لَمْ يُخَمِّسُوا سَلَبًا، وَاتِّبَاعُ ذَلِكَ أَوْلَى.
قَالَ الْجوزَجَانِيُّ: لَا أَظُنُّهُ يَجُوزُ لِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ سَبَقَ فِيهِ مِنَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْءٌ إِلَّا اتِّبَاعُهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الْمُغْنِي "، وَالْأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَا يُخَصَّصُ بِهَا عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الْآيَةَ).
تخميس عمر -رضي الله عنه- للسلب وبعد أن كان الحكم أنه لا يخمس، يدل على أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- لا يخمس في السلب، وأن أبا بكر كذلك، وأن عمر في صدر خلافته كذلك، وإنما هو اجتهاد رآه في أثناء ولايته، وله نظائر منها: إجراء الطلاق، ومسائل أخرى أجراها عمر باجتهاده، وهو خليفة راشد، أمرنا باتباع سنته، وعلى كل حال إذا وافقه الصحابة ولم يختلفوا في ذلك فالأمر معروف؛ لأنه لا بد أن يكون هناك ناسخ ولو لم نعلمه إذا اتفقوا على ذلك، وأما إذا اختلفوا فمسألة الاحتجاج بقول الصحابي معروف، ولذا هو في مسألة الطلاق، الأئمة الأربعة كلهم يُجْرون الطلاق على قول عمر.
طالب: .......
صلاة التراويح النبي -عليه الصلاة والسلام- ما تركها عدولاً عنها، وإنما تركها خشية أن تُفرض، فشرعيتها باقية.
طالب: .......
ما استقرأنا المسألة.
طالب: (وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَلَمْ يُقِمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُعْطَاهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي اشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ» الْحَدِيثَ، فَهُوَ يَدُلُّ بِإِيضَاحٍ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَعْطَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا قَتَادَةَ سَلَبَ قَتِيلِهِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ).
لعموم حديث: «لو يعطى الناس بدعواهم» يشمل هذا وغيره مجرد الدعوى، نعم إذا قامت القرائن ودلت على صدقه ينبغي أن لا يتردد في أنه يعطى السلب ولم يكن له مخالف يدعيه شخص آخر.
طالب: (فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ "، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ الْمُنْذِرِيَّ الشَّافِعِيَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْعَظِيمِ، يَقُولُ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَهَادَةِ الْأَسْوَدِ بْنِ خُزَاعِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنيسٍ، وَعَلَى هَذَا يَنْدَفِعُ النِّزَاعُ، وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ، وَيَطَّرِدُ الْحُكْمُ. اهـ.
الثَّانِي: أَنَّهُ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " صَدَقَ، سَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي "، الْحَدِيثَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ " صَدَقَ " شَهَادَةٌ صَرِيحَةٌ لِأَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَالِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ فِي بَابِ الْخَبَرِ، وَالْأُمُورُ الَّتِي لَمْ يَقَعْ فِيهَا تَرَافُعٌ قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَعَقَدَهُ ابْنُ عَاصِمٍ الْمَالِكِيُّ فِي تُحْفَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَوَاحِدٌ يُجْزِئُ فِي بَابِ الْخَبَرْ، وَاثْنَانِ أَوْلَى عِنْدَ كُلِّ ذِي نَظَرْ).
وبهذا تختلف الرواية عن الشهادة، الخبر رواية ويكتفى فيها بالواحد ولو كان امرأة، ولو كان عبدًا لأن هذه ديانة، بخلاف الشهادة التي في الغالب حقوقية.
طالب: (وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ ": إِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِجْزَاءِ شَهَادَةِ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: يَثْبُتُ ذَلِكَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ السَّلَبَ مَوْكُولٌ إِلَى نَظَرِ الْإِمَامِ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ، وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَهَا فَذَلِكَ لَهُ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ؛ لِوُرُودِ النَّصِّ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّلَبِ مَا هُوَ؟
قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ-: لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرَفَانِ، وَوَاسِطَةٌ: طَرَفٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ السَّلَبِ: وَهُوَ سِلَاحُهُ، كَسَيْفِهِ، وَدِرْعِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ ثِيَابُهُ. وَطَرَفٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السَّلَبِ: وَهُوَ مَا لَوْ وُجِدَ فِي هِمْيَانِهِ، أَوْ مِنْطَقَتِهِ دَنَانِيرُ، أَوْ جَوَاهِرُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَوَاسِطَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا: مِنْهَا فَرَسُهُ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ، فَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ: وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مِنْهُ، وَمِنْهَا مَا يتَزَيَّنُ بِهِ لِلْحَرْبِ، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ السَّلَبِ.
وَقَالَتْ: فِرْقَةٌ لَيْسَ مِنْهُ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ سحْنُونٍ إِلَّا الْمِنْطَقَةَ، فَإِنَّهَا عِنْدَهُ مِنَ السَّلَبِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَالسِّوَارَانِ مِنَ السَّلَبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
الطرف الأول الذي أجمع العلماء عليه وهو ما لا يستعمل إلا في الحرب هذا من السلب ولا خلاف فيه، ومنها ما يستعمل في الحرب وغيرها كالفرس فهذا محل خلاف، وأما القسم الثالث الذي يستعمل في غير الحرب هذا الأصل استعماله في الحرب لا يدخل دخولاً مباشرًا، وإنما قد يحتاج إليه مثل المال، يفقد سلاحه ويشتري به سلاحًا، لكن ليس بخصائص الحرب.
نعم.
طالب: (وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، وَفِيهِمُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَّ سُهْمَانَهُمْ بَلَغَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا - دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: " لَا تَنْفِيلَ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ "؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ نَفَّلَهُمْ نِصْفَ السُّدُسِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ نِصْفَ السُّدُسِ أَكْثَرُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ تَنْفِيلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الْأَقَلِّ، وَهُوَ وَاضِحٌ كَمَا تَرَى).
واحد على اثني عشر نصف السدس، السدس واحد على ستة ونصفه واحد على اثني عشر، نعم.
طالب: (وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ، فَالْحَدِيثُ مُحْتَمِلٌ لَهُ.
وَالَّذِي يَسْبِقُ إِلَى الذِّهْنِ، أَنَّ مَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ، وَالْخُمُسُ فِي ذَلِكَ وَاجِبٌ كُلُّهُ " اهـ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّنْفِيلَ مِنَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُتَقَدِّمُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي " الْفَتْحِ " مِنْ أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ).
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.