بلوغ المرام - كتاب البيوع (15)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:
باب: الغصب
عن سعيد بن زيد -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) متفق عليه.
وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة. رواه البخاري والترمذي، وسمى الضاربة عائشة -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-. وزاد: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء)) وصححه.
وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته)) رواه أحمد والأربعة إلا النسائي، وحسنه الترمذي، ويقال: إن البخاري ضعفه.
وعن عروة بن الزبير -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أرض غرس أحدهما فيها نخلاً، والأرض للآخر، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل يخرج نخله، وقال: ((ليس لعرق ظالم حق)) رواه أبو داود، وإسناده حسن، وآخره عند أصحاب السنن من رواية عروة عن سعيد بن زيد، واختلف في وصله وإرساله، وفي تعيين صحابيه.
وعن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر بمنى: ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)) متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الغصب
الغصب: مصدر غصب يغصب غصباً، ويطلق المصدر ويراد به اسم المفعول، يطلق على الغصب الذي هو فعل الغاصب، كما يطلق على المفعول الذي هو المغصوب، والغصب أخذ الشيء من صاحبه قهراً بغير حق وإلا فقد يؤخذ الشيء من صاحبه قهراً لكن بحق، والوعيد الثابت إذا كان بغير حق، وأما إذا كان بحق فلا يثبت فيه الوعيد.
يقول: "عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل" أحد العشرة المبشرين بالجنة "-رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً))" بهذا القيد ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) متفق عليه.
اقتطع يعني قطع وأخذ من ملك غيره شيئاً ولو يسيراً كالشبر فما فوقه، ومفهوم الموافقة الشيء الكثير يطوقه يوم القيامة، ومفهوم الموافقة ما قل على الشبر، الخبر له مفهوم أو لا مفهوم له؟ يعني من اقتطع أقل من شبر، يعني الشبر ما بين طرف أصبع الإبهام والخنصر، في الغالب يقارب ربع متر، لو قال: أنا ما اقتطعت شبر اقتطعت أقل من ذلك، ويتصور هذا في الدخول على الجار، وبعض الناس لا يحتاط لهذا الأمر، إذا أراد أن يعمر الأرض، ويبدأ بها، ويضرب الحاجز بينه وبين جاره يزيد ولو يسيراً، ويدخل في هذا الحديث نسأل الله السلامة والعافية، فيحتاط لهذا الأمر، ولذا جاء لعن من غير منار الأرض، ولو بشيء يسير، ما يلزم أن يغير منار الأرض بكيلو أو أكثر أو أقل، ولو شبر يدخل في هذا الوعيد الشديد، من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً؛ لأنه قد يقتطع أكثر من شبر لكن بحق، يعني لو أن شخصاً له دين على زيد من الناس ورفض أن يسدد الدين، وحلف بأن المدعي لا بينة عنده، ثم بعد ذلك هو جار له في أرض دخل عليه يسيراً فيما يقابل ما عنده من مال، هذا مبني على الخلاف في المسألة السابقة، مسألة الظفر، وعلى القول بعدم الجواز يدخل في هذا الوعيد أو لا يدخل؟ أما على القول بالجواز وأن له أن يأخذ من ماله ولو خفية بقدر ما عنده على هذا القول لا إشكال، وعلى قول ابن حزم إذا لم يأخذ يأثم، لكن على القول بعدم الجواز يدخل في الحديث أو لا يدخل؟ يعني هذا الوعيد الشديد من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، يعني هو بادل الظالم بظلم، يعني هل يتساوى مثل هذا مع الذي يقتطعه ظلماً بدون تأويل ولا وجه له البتة؟ ما يتساوى حتى على القول بعدم الجواز؛ لأن المسائل المختلف فيها والتي هي الترجيح فيها اجتهاد تختلف عن المسائل المتفق عليها، مثل هذا لا يجوز له أن يأخذ، يحرم عليه أن يدخل عليه على القول بعدم الجواز, لكن لا يعني أنه مثل من لا وجه له البتة، ولذا جاء القيد هنا ظلماً.
((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طُوقه أو طَوقه الله)) أكثر الروايات: طُوقه، ويحذف الفاعل للعلم به، وهنا الفاعل مذكور؛ طوقه الله: أي جعله طوقاً في عنقه، وقد اختلف في المراد بهذا التطويق؟ منهم من يجعله كالطوق يحيط بعنقه يوم القيامة من سبع أراضين، ليست أرض واحدة, وإنما من سبع أراضين، ومنهم من يقول: إنه يكلف أن ينقل هذه الأرض بجميع محتوياتها بترابها بصخورها من سبع أراضين يوم القيامة، ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) وهذا فيه الوعيد الشديد والتنفير من مثل هذا الصنيع، من الذين يهجمون على أملاك الناس، ويستولون عليها، ولهم وجود، شيء منه بتأويل، وشيء بغير تأويل صريح، نسأل الله السلامة والعافية، والمحق ظاهر في الدنيا قبل الآخرة، وقصة شخص حصلت قبل ثلاثين سنة، له أرض أو بيت احتيج لهذا البيت للمصلحة العامة، فقدرت قيمته بملايين، فأراد أن يجعل هذه الملايين في بضاعة تحفظها فقيل له: ما في أفضل من العملة الفلانية، اجعل هذه الملايين في العملة الفلانية؛ لأنها ثابتة، ما يوجد أثبت منها على وجه الأرض، فجعلها، ثم بعد ذلك حصل في هذه البلاد التي هذه عملتها ما حصل من حرب فنزلت ولا تسوى واحد من ألف من قيمتها، والخمسة عشر مليون صارت ما تساوي خمسة عشر ألف، فلما بحث عن السبب إذا به قد اعتدى على جارة له عجوز، ودخل على بيتها، فالظلم لا يدوم، الظلم عاقبته وخيمة في الدنيا قبل الآخرة نسأل الله السلام والعافية، والله -جل وعلا- حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرماً فهذا المسكين الذي يعتدي على أملاك الآخرين، ويعتدي عليها، ويأخذ منها، ويغير المراسيم والمنار والعلامات والحدود مثل هذا المسكين مثل هذا التصرف يمحق بركة ماله في الدنيا قبل الآخرة، وفي الآخرة الوعيد المذكور ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) في الحديث دليل على أن الأراضين سبع كالسماوات، وهذا من أصرح الأدلة على ذلك، وفيها في المسألة حديث: ((والأراضين السبع وعامرهن)) وفيه مما ليس بصريح: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(12) سورة الطلاق] فالأراضين السبع كالسماوات، وكونه يطوق من سبع أراضين يدل على أن الأراضين ملتصقة بعضها ببعض، هكذا قال بعض أهل العلم، ملتصق بعضها ببعض، إذ لو كانت مثل السماوات بينها فضاء اكتفي بتطويقه ما غصب، وهي الأرض الدنيا، لكن إذا كانت رتقاً ألا يمكن أن تكون واحدة كثيفة أو يقال: سبع؟ إذا كان ما بينها فراغ؟ يعني العلم بما تحت الأرض وبما لا تبلغه العقول ولم ترد به النصوص هذا ما يؤخذ إلا ما يفهم من النصوص فقط، يعني لو قالوا بهذا القول مثلاً أنها رتقاً، يعني ما بينها فضاء، ما بين الأراضين السبع فضاء، السموات معروف أن بينها فضاء، ولكل سماء عمارها، لو كانت ما بينها فضاء يقال: سبع وإلا واحدة؟ واحدة، والاستدلال بهذا الحديث أنها متلاصقة ما بينها فضاء لا يتم، وش المانع أن تكون سبع طبقات بعضها فوق بعض؟ يطوقها، ويعظم عنقه ليتسع لها، والقدرة الإلهية صالحة لمثل هذا، ضرس الكافر مثل أحد نسأل الله السلامة والعافية، وجلده ما بين منكبه وعاتقه، شيء جاءت به النصوص الصحيحة، فالقدرة الإلهية صالحة لمثل هذا، يقول أهل العلم: في الحديث أيضاً أن من ملك الأرض ملك ما تحتها، فليس لأحد أن يتصرف فيها، لا يحفر خندق ولا سرب ولا شيء، ويملك جميع ما تحتويه هذه الأرض إلى الأسفل، ما لم يضر بغيره، فله أن يحفر فيها ما شاء، ولا يمنع من ذلك، وله ما تشتمل عليه من جواهر وكنوز يملكها، وله أيضاً الهواء هواء هذه الأرض، فلا يأتي شخص يقول: أنت لك الأرض، صحيح لك الأرض، لكن أبى أحط جسر، جسر بين بيتي الذي هو بجوارك من يمين وبيتي الثاني الذي هو بجوارك من يسار..، ولا تملك السماء تملك الأرض، نقول: لا، يملك الهواء، وأهل العلم يقولون: إن الهواء له حكم القرار، لكن هل لمثل هذا إذا ملك أرض أن يقول: أنا أملك الهواء، نعم تملك الهواء، يقول: أنا لا أريد ولا الطائرات تمر من فوق أرضي، ما دام أملك الهواء، يجاب بمثل هذا أو ما يجاب؟ يملك أو لا يملك؟ أهل العلم يقررون أن الهواء له حكم القرار، وما دام ملك الأرض يملك الهواء ويملك إلى التخوم من الأسفل؛ لأنه إلى الأرض السابعة هنا ما دام اغتصب له شبر يطوق المغتصب والظالم إلى سبع أراضين، فهل له أن يمنع من يمر فوق هذه الأرض؟ ما يمنع، لو افترضنا مثلاً أنه في بيته وفي سطحه هو وأولاده، وشخص عنده طائرة خاصة من الطائرات الصغيرة رايح جاي يتفرج عليهم، يملك وإلا ما يملك؟ شو الضابط أجل فيمن يملك ومن لا يملك؟ الضرر إذا كان يتضرر بمثل هذا يملك، إذا كان لا يتضرر فلا، يعني لو مثلاً سلك جاء من فوق بيته، والسلك فيه ذبذبات وفيه أشياء يتضرر بها، يملك المنع، أو يأخذ بدل، كما هو المعمول به، المقصود أن الضابط الضرر كمن يستظل بجداره، الجدار له ظل يقي من حر الشمس، فجاء شخص وجلس يستظل به من حر الشمس، نقول: إذا كان لا يتضرر به لا يجوز له منعه، لكن إذا كان يتضرر هذا الجالس تحين الفرص بس متى يفتح الباب يلتفت، فقال له: قم، يملك، الضابط في مثل هذا الضرر، جاء في بعض الألفاظ بدل شبراً شيئاً، وهذه الرواية هي التي تجعل الرواية التي معنا لا مفهوم لها، بحيث لا يقول شخص: أنا والله ما اغتصبت شبر، والحديث نص على الشبر، إذاً فما دونه لا يدخل في الوعيد، نقول: يدخل في الوعيد في الرواية الأخرى، وعرفنا أن التطويق إما أن يكون طوقاً في عنقه، تكون هذه الأراضين السبع طوق في عنقه أو أنه يكلف نقل ترابها يوم القيامة، أو أنه يخسف به في هذه الأراضين السبع.
الحديث فيه دليل على أن غير المنقول يمكن غصبه، يتصور غصبه، والاستيلاء بالنسبة لكل شيء بحسبه، كما أن القبض الشرعي قبض كل شيء بحسبه، فيتصور غصب الأراضين والحديث صريح في الدلالة على ذلك، منهم من يقول: لا يتصور غصب إلا المنقول، كما أنه لا يتصور سرقة إلا المنقول، نعم السرقة لا تتصور، لكن الغصب يتصور، الغصب محرم، وبعضهم يجعل هناك قيد أن يكون المغصوب له قيمة، وش معنى له قيمة؟ يعني لو غصب شيئاً أو أخذ شيئاً من مال غيره لا يسمى غصب؛ لأنه لا قيمة له، شيئاً يسيراً، فالذي يدخل محل المكسرات مثلاً، كثير من الناس ما يتورع من هذا، وما عنده نية يشتري لكن يتذوق، هذه حبة من هذا، وهذه حبة من هذا، الحبة بمفردها ليست ذات قيمة وليست ذات بال، لكن لو تصور أن إنسان يتعيش عيشته كلها من هذا، يمر هذا المحل ثم الذي يليه ثم الثالث ثم الرابع إلى أن يشبع، يأخذ حبه من هذا، وحبه من الصنف الفلاني، وثالثة ورابعة وعاشرة، ثم ينتقل إلى المحل الثاني ومثله والثالث، مثل هذا لا شك أنه آثم، المحلات لا تمنع من ذوق المعروض للبيع، لكن بالنسبة لمن يريد الشراء.
يقول في الحديث الثاني: "وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه، فأرسلت أحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة" رواه البخاري والترمذي، وسمى الضاربة: عائشة، وزاد: فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء))".
النبي -عليه الصلاة والسلام- كان عند بعض نسائه وهي عائشة -رضي الله عنها-، جاءت تسميتها في كثير من الطرق، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين، جاء ما يدل على أنها زينب بنت جحش، وجاء ما يدل على أنها حفصة بنت عمر، وجاء ما يدل على أنها صفية بنت حيي، والهدايا كانت للنبي -عليه الصلاة والسلام- تتخول أن تكون في بيت عائشة، فعائشة لما أهدي للنبي -عليه الصلاة والسلام- في بيت عائشة جاءت عائشة بفهر يعني حجر محدد أو نحوه مثل الفأس فضربت القصعة، وهنا يقول: "فضربت بيدها" وفي بعض الروايات ما يدل على أنها بآلة فهر أو نحوه، "فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها -عليه الصلاة والسلام-" احتراماً لما فيها من طعام، ضم هذه القصعة، القصعة إناء من خشب معلوم المقدار، يكفي الخمسة أو ما بين الخمسة والعشرة، هذه القصعة ملك للمرسلة، اعتدت عليها عائشة -رضي الله عنها- وهذا من باب الغيرة، ويحصل بين الضرات مثل هذا، ويغتفر مثل هذا في باب الغضب، ولذا ما عزرها النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما ضمنها.
"فكسرت القصعة فضمها" ضم القصعة لتحفظ ما فيها ما من طعام احتراماً للطعام؛ ولكونه مال لئلا يهدر، "فضهما وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا))" من هذا الطعام، عائشة عندها قصعة مثل هذه، دفع القصعة الصحيحة للرسول، الخادم أعطاه القصعة الصحيحة، وحبس المكسورة، يعني أعطاه القصعة الصحيحة عوضاً عن القصعة التي كسرتها، فضمنها بمثلها، هل القصعة مثلية أو متقومة؟ مثلية أو قيمية؟ من أهل العلم أن المثلي خاص بالمكيل والموزون هو الذي ينضبط، أما القصعة ما تنضبط من كل وجه، قد تزيد وقد تنقص، وقد تكون أسمك، وقد تكون أنحف، ما تنضبط من كل وجه، فلا تتحقق المماثلة، وهنا دفع القصعة الصحيحة، وحسب المكسورة، في هذا تضمين المتلف بمثله، نعم؟
طالب:.......
يعني هل المتاع له أو لهن؟
طالب:.......
وما يدريك؟ بيته، لكن وش يدريك أنت؟
طالب:.......
لا ما يلزم، هو قد يقال بهذا، قد يقول بهذا: إن الكل له، الجميع له، ودفع السليمة للمرسلة من باب تعزير التي اعتدت على قصعة جارتها، لكن الأصل أن مثل هذه الأمور التي لا تنضبط تضمن بالقيمة عند جمهور أهل العلم، ويجيبون عن مثل هذا بأن الجميع له -عليه الصلاة والسلام-، هذا عند من يقول: إنه لا مثلي إلا المكيل والموزون، وما عداه يضمن بالقيمة؛ لأنه لا ينضبط، يقولون: إن الكل له -عليه الصلاة والسلام-، والذين يقولون: إن كل شيء يضمن بمثله، ويمكن أن تتحقق المساواة في مثل هذا، أما تحقق المساواة فيما تنتجه المصانع هذا ظاهر، ما تنتجه المصانع مساواته ظاهرة أو ليست ظاهرة؟ ظاهر، يعني لو جمعت ألف من مثل هذا تجد فروق؟ لا تجد فروق، لكن لو كانت يدوية؟ كل واحدة تختلف عن الثانية، على كل حال ما تنتجه المصانع المماثلة واضحة فيها، لكن ما تنتجه اليد لا بد من وجود الاختلاف، تجد الإنسان يعمل الشيئين، يصنع كرسيين بيده وتجد أن هذا غير هذا، لا سيما وأن الآلات كانت ما هي بدقيقة، وعلى كل حال أدخل الحديث من أجل ضمان المغصوب، والمعتدى عليه في حكم المغصوب، يعني المتلف في حكم المغصوب إذا تلف.
"فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة" هذا الحديث في البخاري، ورواه الترمذي، وسمى الضاربة عائشة" التي كسرت القصعة عائشة، والأمر كذلك في جميع الطرق، وأما بالنسبة للمرسلة فجاء ما يدل على أنها زينب بنت جحش، وجاء ما يدل على أنها حفصة، وجاء ما يدل على أنها صفية "وزاد: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء))" يعني تمت المعاقبة {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] فالطعام بالطعام، والإناء بالإناء، كأن القصعة التي كانت عند عائشة قبل أن يهدى إليها ما يهدي كان فيها طعام، عائشة أعدت طعام للنبي -صلى الله عليه وسلم- في قصعتها، ثم جاءت إحدى نسائه -عليه الصلاة والسلام-، إحدى الثلاث المذكورات فأرسلت طعاماً من عندها تنفح به النبي -عليه الصلاة والسلام- فمن باب الغيرة -وهذا واضح- لأن احتمال أنه يكون الطعام أجود، يعني عموم النساء هذا طبعهن، يعني لما تقدم طعام تعبت عليه وقدمته لزوجها ثم يأتي طعام من أحد، تخشى أن يقال: والله هذا أفضل، أو هذا أقل، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- ما عاب طعاماً قط، وتظن أن هذا فيه تدخل في شؤونها وفي نوبتها، فحملتها الغيرة على ما حصل، مع أنه جاء الأمر بالإهداء، بإهداء الطعام، وتكثير المرق، ((ولا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) يعني ولو كان شيئاً يسيراً تهدي إليها، المقصود أن هذا الحاصل، وهذا مما جبل عليه النساء، بغيرتهن على الأزواج، ومن الضرات، ولم يكلفها النبي -عليه الصلاة والسلام- غير ذلك، لكن لو لم يكن عندها قصعة فما الذي يحصل؟ تضمن بالقيمة، القصعة التي ضربتها عائشة فانكسرت، أمسكها النبي -عليه الصلاة والسلام- في يبت عائشة، يعني التصرف في مال الغير بما ينقص قيمته هل هو مبرر لإمساكه وإعطائه بدله؟ يعني من هذا الحديث نعم، إذا تصرف الإنسان بمال غيره بما ينقصه يضمنه كاملاً، ويمسك ما طرأ عليه النقص، ابن حزم يقول مثل هذا يجعل أو يفتح باب للظلمة، من أراد شيئاً من مال أخيه اعتدى عليه بما ينقصه، فقيل له: تضمنه، أنت محتاج إلى كتاب مثلاً بحثت عنه في المكتبات ما وجدته، فمسكت كتاب زميلك وشلت الجلد ورميته، اعتديت عليه، ونقصت قيمته، يعني كوننا نحكم بأن الكتاب لك وتضمن قيمته، أو تأتي ببدله قد يكون لك نظر أنت في هذا الكتاب، فهمنا وجهة نظر ابن حزم؟ يقول ابن حزم فيما نقل عنه يقول: إنه ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا، فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو غيره أو أكل غنمه، أو استحلال ثيابه، فقطعها ثياباً على رغمه، وأذبح غنمه واطبخها، وخذ الحنطة واطحنها، وكل ذلك حلالاً طيباً وليس عليك إلا قيمة ما أخذت، وهذا خلاف القرآن في نهيه على أن تؤكل أموال اليتامى بالباطل، وخلاف المتواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أموالكم عليكم حرام)) شوف ابن حزم من قوة حجته يعمد إلى أبشع الصور، فيرد بها ما يريد رده، ما قال ابن حزم: إن الإنسان إذا أراد كتاب أو شيء وما معه فلوس راح المكتبة ومزق أوراق وإلا نزع جلده وقالوا: خلاص عليك الكتاب بقيمته، قال: أنا والله ما عندي فلوس.....صار حيلة لئن يخرج بالكتاب، هذا سهل، هذا المثال متصور وسهل، يعني صاحب المكتبة لن يتضرر ضرر كبير، لكن جاء إلى مال يتيم، وفيه من الوعيد ما فيه، فيقول: ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا، فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو غيره أو أكل غنمه أو استحلال ثيابه بس غير معالمه، القمح اجعله دقيقاً، ثم قال: يا الله أكله أعطنا قيمته، هو هذا الذي يبي، هو ما تصرف هذا التصرف إلا ليأكل مال اليتيم والقيمة سهل، أو يريد هذا النوع من الثياب عند هذا اليتيم فيتصرف فيها فيقطعها، ثم يقال له: خذ هذه الثياب واضمنها، وقل مثل هذا في الغنم، التصوير بهذه الصور التي ذكرها ابن حزم تجعل الإنسان يقتنع بما يقوله ابن حزم بغض النظر عن كونه راجح أو مرجوح، وهذه طريقته -رحمه الله-، يعني يلزم الخصم، ويجعل طالب العلم متوسط التحصيل يقتنع بكل ما يقول، يقول: يقول: في الأصل استدل الحنفية بالحديث الذين قالوا: بأن العين المغصوبة إذا زال بفعل الغاصب اسمها، ومعظم نفعها تصير ملكاً للغاصب ثم يضمنها، تصير ملكاً له، الآن القصعة التي تكسرت ما أمسكها في يبت عائشة؟ استدلوا بهذا الحديث على أن التي تغيرت معالمها تصير ملكاً للغاصب، غصب كتاب ونزع جلده قال: خلاص..... تضمن قيمته، ويأتي بعض الطلاب -وهذه موجودة بعض الحيل عند بعض الطلاب وهي موجودة في غير بلادنا أكثر-، يصير عنده كتاب ناقص مجلد، الكتاب ما دام كامل يستحق ألف، وإذا نقص مجلد خمسمائة ريال، ثم يذهب إلى مكتبة عامة فيستعير منها هذا المجلد، ويكمل نسخته ويبيعها، ثم يذهب إلى المكتبة ويقول: ضاع، تلف، كم يستحق هذا المجلد؟ تجتمع اللجنة وتقرره بمائة ريال مثلاً، هو استفاد أربعمائة ريال مكسب، فمثل هذه الحيل لا تجوز بحال، وليس بمبرر أنهم يأخذون تأمين عليك، أو يسألون كم يستحق هذا الكتاب؟ وأحياناً يكون هذا الكتاب طبعة نادرة مثلاً، يأتي إلى المكتبة العامة ويستعير كتاب طبعة نفيسة أوروبية أو شبهها من الطبعات المنقرضة مجلد واحد، ثم نظام المكتبة يتصلون بالمكتبات ويقولون: كم يستحق هذا الكتاب بغض النظر عن طبعته؟ عندكم كتاب كذا؟ نعم عندنا، كم قيمته؟ عشرة، يضربونها في خمسة تطلع خمسين، وهذه الطبعة التي أخذها هذا الطالب تستحق ألف ولو كان مجلد واحد، ويظن أن عهدته وذمته برأت، لم تبرأ ذمته، بل عليه أن يبرأ مما أخذ، وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه، الحنفية قالوا: العين المغصوبة إذا تغيرت معالمها للغاصب، ويضمن قيمتها، يقول ابن حزم ويرد عليهم ويقول: ليس في تعليم الظلمة أكثر من هذا، نعلم الظلمة أن يأكلوا أموال الأيتام، طيب وأموال غيرهم؟ مثلهم، لكن هو يصور بصورة تجعل القارئ يقتنع، ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا، فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو أكل غنمه أو استحلال ثيابه تصرف بس، غير معالمها، اطحن القمح، اذبح الغنم، قطع الثياب وتصير لك، ثم بعد ذلك تضمن له القيمة، وفي هذا تعليم للظلمة.......، وعلى كل حال تقوم بما تستحق، يضمن قيمتها إذا أتلفها، وإذا كان تصرفه مما يزيدها؛ لأنه أحياناً التصرف يزيدها، هذا القمح إذا طحنه هو مآله إلى الطحن يزيده، ومع ذلك يؤخذ منه ويدفع الأرش، يدفع أرش جنايته، ما بين السليم والصحيح، وينظر في مقصده ويعامل بنقيض قصده.
الحديث الذي يليه: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته))".
الطالب.......
وش هذا؟ وش يصير؟
الطالب.......
طيب ولي الأمر ليس له أن يصنع هذا؟ لمن قام مقامه في الولاية ليس له أن يصنع مثل هذا أن يغرم الجاني ويدفع للمجني عليه؟ ليس له ذلك؟ يعني أليس لولي الأمر ما هو أعظم من ذلك؟ أقل الأحوال أن يكون تعزير،هاه؟
الطالب.......
لا لو قال المدعي: ما أريده، وأخذت هذه القصعة وأودعت بيت المال؛ لأن بعض الناس بغض النظر عن كون القصة لعائشة أو لغير عائشة، بعض الناس إذا تسومح معه يزيد، يتكرر منه هذا الأمر، يعزر، ولعل عائشة في القصة الثالثة هذه، ما يدرى عن قصتها مع حفصة ومع صفية.
يقول: "وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته)) رواه أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي".
ويقال: إن البخاري ضعفه، البخاري نقل عنه الخطابي في معالم السنن أنه ضعف الحديث، ونقل عنه الترمذي في سننه أنه قال: حديث حسن، حسنه، وعلى كل حال أبو زرعة يرى أن فيه انقطاعاً، لم يسمعه عطاء من رافع بن خديج، ففيه انقطاع، وتضعيفه بسبب هذا، لكن له شواهد تقويه، فأقل أحواله أن يكون حسناً.
((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)) هل يستوي الزارع قصداً والزارع جهلاً؟ هذا زرع بأرض قوم ويعرف بأن الأرض ليست له، وأنها لهؤلاء القوم، والآخر زرع في الأرض حرثها وزرعها يظنها أرضه، يظن هذه الأرض أرضه، وقل في مثل هذا في عمارة الأرض، جاء ليطبق الأرض فأخطاء فطبق الصك على أرض جاره، وعمرها وجاره ما يدري، يظنها لجاره، فلما انتهت العمارة وجاء التطبيق الحقيقي وجدت أرض الجار وأرضه بياض، ماذا نقول؟ يهدم الأرض أو يأخذ جاره أرضه بما بينهما من فرق؟ وإذا رفض الجار قال: لا أريد إلا أرضي ماذا يصنع؟ تقوم عليه العمارة أو تكون هدر أو تهدم؟ وهذا حاصل، حصلت، فما الصنيع؟ هنا يقول: ((من زرع في أرض قوم من غير إذنهم فليس له من الزرع شيء)) يعني من عمر ليس له من العمارة شيء ((وله نفقته)) أنفق على هذا الزرع والحب والماء والعمل يقوم هذا، افترضنا أن هذا الزرع مغله مائة ألف، ونفقته على هذا الزرع خمسين ألف، يستحق النفقة خمسين، وهذا ماشي في الزرع؛ لأن الربح يكون فيه ظاهر، في الغالب أن قيمة الزرع أكثر مما يتعب عليه في الغالب، لكن إذا عمر في هذه الأرض كلفته العمارة خمسمائة ألف، ثم صاحب الأرض الحقيقي لما دخل التخطيط ما يناسبه، هل نقول: ادفع الخمسمائة والعمارة لك، يقول: التخطيط ما يناسبني البتة، فهل يقال: مثل الزرع له نفقته ما أنفق على هذه العمارة وليس له غير ذلك؟ والعمارة لصاحب الأرض أو يختلف الأمر؟ وقد يكون المبلغ أقل لو تولاها صاحب الأرض، يقول: أنا لو عمرتها ما كانت ولا ثلاثمائة ألف، كيف أدفع خمسمائة والتخطيط لا يناسبني؟ فهل يقال: له ما أنفق ولك العمارة مثل ما لصاحب الزرع أم ماذا نقول؟
الطالب.......
يبيع عليه الأرض، طيب وهذا الجار من هنا أخي، وهذا خالي وهذا عمي، ما أنا مدور غيرهم، أنا أبي أرضي، القضاء له نظر في مثل هذه المسائل، يعني إذا كان موجود ويراه يومياً، وهو يزاول العمارة ولا ينكر عليه هذا له حكم، وإن كان غائب عن البلد ولا عرف ولا علم إلا بعد أن حضر هذا له حكم، فمثل هذه الأمور اجتهادية؛ لأن الضرر فيها كبير، وإذا ظهرت علامات الصدق على هذا الذي تصرف في أرض غيره له حكم، وإذا لم تظهر عليه علامات الصدق صار غاصب غصباً واضحاً له حكم، فمثل هذه الأمور تقدر بقدرها.
((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)) يعني إذا قدرنا أن الغلة تباع بمائة ألف، وأنفق عليها خمسين ألف، فلا يستحق إلا الخمسين والبقية لصاحب الأرض، لكن إذا زرع الأرض وغرسها، هو يحتاج إلى أن ينتظر الأرض لمدة سنة كي تنتج، وصاحب الأرض قد أدخل هذه الأرض إلى مكتب هندسي.
طالب:.......
عندك.
أقول: زرعها هذا قلنا له: انتظر يصير لك الزرع، وللعامل عمله، قال: أنا الآن أوراق الأرض هذه في مكتب هندسي، تخطط الأرض بنبيع، نسوي مخطط ونبيع، ماني منتظرها سنة، ماذا يقال للغاصب، الزارع بغير إذنه؟ نعم؟
طالب:.......
لا هذا دخل الأرض مكتب هندسي وتخطط علشان تباع مخططات، أراضي سكنية، من يعوض؟
طالب:.......
الغاصب؟ كيف يعوضه؟ هاه؟
طالب:.......
يعني تترك؟ يترك حتى يتم الزرع؟ البلدية يشترطون عليه يخطط ويزفلت ويشتغل، كيف يبي يشتغل بالأرض وذا زارعها هذا؟ ليس لعرق ظالم حق، مثل هذه الصورة يقال مثل هذا، يعني كونه أخطأ يتحمل خطأه، كونه غصب يزاد عليه، يمكن يعزر إضافة إلى كونه يهدر صنيعه.
ولذا في الحديث الذي يليه:
"عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- قال: قال رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أرض غرس أحدهما فيها نخلاً والأرض للآخر، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله".
...... يعني الحديث الأول ينزل على صورة، والحديث الثاني ينزل على صورة "وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله، وقال: ((ليس لعرق ظالم حق))" يقول: أنا تعبت، خسرت على الزرع، يقال: ما لك شيء، أنت الآن زرعت في أرض غيرك، يقول: والله ما دريت أن أحسبها لي، لا تحمل خطأك، تأكد تثبت، لكن إن كان يعرف أنه غاصب ومعتدي على غيره إضافة إلى ذلك يعزر.
"رواه أبو داود، وإسناده حسن، وآخره عند أصحاب السنن من رواية عروة عن سعيد بن زيد، واختلف في وصله وإرساله، وفي تعيين صحابيه" وعلى كل حال أقل أحواله الحسن؛ لأن له طرق.
عرفنا الفرق بين الحديثين، وأن الحديث الأول ينزل على صورة، والثاني ينزل على صورة، يعني الصورة الأولى: إذا كان صاحب الأرض لا يتضرر بالزرع، فحينئذٍ ينتظر ثمرة الزرع ويأخذ قيمة الثمرة، ويعطى ذاك ما تعب عليه، وفي الصورة الثانية: إذا كان صاحب الأرض يتضرر بالبقاء، فيقال لصاحب الزرع: شل زرعك، وأخرج زرعك.
في الحديث الأخير في الباب: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر في منى: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا))" الحديث في الصحيحين، ولو صدر به الباب لكان أولى لعمومه وشموله جميع أنواع الاعتداء على الأموال والأعراض والدماء.
عن أبي بكرة وهو نفيع بن الحارث -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر، يوم العيد في منى في خطبته الشهيرة: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم)) فلا تحل الدماء بحال إلا بحقها، ((وأعراضكم)) وكذلك الأعراض فلا يجوز انتهاكها بحال ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)) وعطف هذه الأمور الثلاثة على بعض لأنها تشترك في التحريم، بل التحريم الشديد كل هذه من كبائر الذنوب ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)) ثم شبهه هذا التحريم ((كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) اجتمع التحريم من ثلاثة وجوه، فهل يقال: إن المحرمات الثلاثة اليوم والشهر والبلد في مقابل المحرمات الثلاثة الدماء والأموال والأعراض؟ أو يقال: إن كل واحد من الثلاثة محرم كحرمة هذه الثلاثة؛ ليكون الأمر أشد؟ الذي يظهر أن كل واحد من هذه الأمور الثلاثة محرم كحرمة الأمور الثلاثة مجتمعة؛ لأن شأن الدماء عظيم ((ولا يزال المسلم في فسحة من دينه حتى يصيب دماً حراماً)) وجاء في آية النساء ما جاء من تعظيم شأن القتل، والأموال ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) وكذلك العرض، فهذه من الضرورات التي جاءت الشرائع بحفظها، وتواطأت عليها، فلا يجوز لإنسان كائناً من كان أن يعتدي على أحد لا في دمه، ولا في ماله، ولا في عرضه، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:.......
الزراعة في المسجد؟ يعنى يزرع شيئاً خاصاً به؟ بمعنى أنه يغرس نخل في المسجد فإذا أنتج هذا النخل أخذه له خاصاً به؟ نشوف بعض المساجد في رحابتها شيء من الزراعة، وفيها شيء من النخل، لكن الذي يظهر أن هذا مشاع لا يزرعه أحد لنفسه.
الطالب.........
لا لا لنفسه لا يجوز؛ لأن المسجد لا يملكه.
لا هذا حديث نبوي نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
عيد الميلاد هذا متلقىً من النصارى وغيرهم، فهو تشبه بهم، فلا يجوز بحال، وحينئذٍ لا يجوز التعاون عليه، ولا المشاركة فيه، بل ولا حضوره.
إذا وصلت البلد لأن المطلوب المحرم للسفر، وأما داخل البلد التي تمنع الخلوة، والمحرم ليس بمطلوب إلا إذا خشي عليها الفتنة، والمحرم الخلوة داخل البلد فيجوز له استخدامها إذا أمنت الفتنة.
إذا كانت من حذاء الرجال فهذا هو التشبه، وإذا كانت تختلف ولو كان الاختلاف يسيراً ويعرف أنها من لبس النساء فلا بأس.
نعم هذه السنن تتداخل.
الفاسق من المسلمين ليس بثقة عند أهل العلم-
يقول: هي ثقة ما أدري ما معنى الثقة؟ فمنذ سنين أعرفها اتفقت معها على أن أتاجر في بلدها بفتح محل للمأكولات السريعة، وليس فيها محرم من المأكولات، وأن أعطيها مبلغ تفتح به المحل، وتشتري البضاعة، وأن يعمل رجل قريب لها في المحل أعطيه أجرته، لكنني قد لا أسافر من بلدي ولن أرى هذا المحل فهل في عملي هذا شيء يخالف الشرع؟
نعم، أنت إذا أردت أن تتاجر فعليك بما أحل الله لك، وما أباحه لك، مما تجزم بحله، إما أن تباشره بنفسك أو توكل من يباشره ممن تثق به، كونها ثقة بمعنى أنها لا تسرق غير كونها ثقة في بيع المحرمات التي تتدين بها كالخمر والخنزير وما أشبه ذلك، فأنت تختلف معها في أمور كثيرة، الأمر الثاني: المسألة فيها سعة -ولله الحمد- من المسلمين من يقوم بهذا العمل من الرجال الثقات، يمكن أن تشترك أنت وإياه، منك المال ومنه العمل، والربح بينكما.
هذا يذكر أنه مدرس في مدرسة أهلية وينتهي دوامه في الساعة الواحدة ظهراً، فهل لصاحب المدارس أن يمنعه من الاستفادة بذلك الوقت الطويل بعد الدوام بعمل فيه فائدة لي ولغيري كحلقة تحفيظ القرآن، وإذا كان قد اشترط هذا في العقد وقبلته لحاجتي في العمل أو لقصوري في الرؤيا، ولكن اتضح لي بعد ذلك أنه لا بد من العمل في وقت الفراغ نظراً لحاجتي المادية، خاصة وأني مسئول عن أسرة بما لا يضر عملي الأصلي، فهل لي أن أخالف ذلك العقد أو ذلك الشرط؟
أما بالنسبة لوقت الدوام من السابعة إلى الواحدة فهذا ليس له أن تعمل به أي عمل إلا ما استثني شرعاً من صلاة الظهر براتبتها القبلية والبعدية، وما عدا ذلك فالوقت ليس لك، هناك أمور يمكن أن تعملها في هذا الوقت وتؤجر عليها ولا تضر بحال بصاحب العمل ومنعه لك منها لا يملكه كالذكر مثلاً، أو تلاوة القرآن حفظ مثلاً، بما لا يضر بالعمل بين الحصص، هذا لا يملكه، أما ما بعد الدوام فإن كان ما تعمله بعد الدوام يتعدى ضرره إلى ما تعاقدت عليه معه، كأن تدرس نفس المواد التي تدرس في مدرسته في بيتك مثلاً، ما يسمى بدروس خصوصية، ويتأثر بهذا التدريس أداء المدرسة وعطاء المدرسة فمثل هذا يملك المنع منه، أما ما لا يتأثر به عملك الأصلي وتدريسك في مدرسته لا يترتب عليه ما يؤثر عليه كسهر مثلاً، فهذا لا يملكه، ولي الأمر حينما منع من العمل للموظف خارج الدوام، منع من مزاولة العمل التجاري خارج الدوام رأى في ذلك مصلحة متعدية لغيرك، لا للإضرار بالعمل، وإنما أراد أن يستفيد الناس كلهم من فرص العمل، هذه وجهة نظرهم، وأما بالنسبة لمدير المدرسة فما يملك مثل هذا الأمر العام، هو يملك ما هو بصدده من مصلحة مدرسته فقط، فإذا كان مصلحته تتأثر وإلا فلا يملك المنع خارج الدوام.
إيش لن يعيد إلا بالضمان؟ كأنه لن يعير إلا بالضمان، وعلى كل حال هما احتمالان، وأبديناهما بالأمس، وصفوان معروف أنه لم يسلم بعد، فلن يعير إلا بالضمان، ويعلى مسلم، إذا قيل له: عارية مؤداة يعني إن سلمت وهو يتدين بالجهاد، ويأمل أن يضرب له بسهم وافر من الأجر بسبب هذه الدروع، هذا الفرق ظاهر بينهما، وهذا يمكن إحالة فرق الجوابين عليه.
نعم باعتباره هو الذي اشتراه بماله وورثه من بعده فمن ورث مصحفاً جاء الخبر في أنه يستمر عمله بعد وفاته، ويرجى ذلك -إن شاء الله تعالى-.
يسأل صاحب السيارة إن كانت أمارات التلف والخراب فيها قد ظهرت قبل ذلك فليس من ضمانك، أما إذا كانت سليمة وليس فيها أمارات ولا علامات، واستعمالك لها هو الذي أدى إلى خرابها فهي من ضمانك.
يقول: قد أفتيتني في الشهادة المحصل عليها من الغش، وكذا الأموال المتحصل عليها من قاعة الألعاب علماً أنني الشخص نفسه.. الأسئلة: هل بإمكاني أن أطلب من الشخص المسئول أن لا يتخذ هذه الشهادة بعين الاعتبار، أو يغير لي المهمة أو نوع العمل الذي ليس له علاقة مع الشهادة ولا يترتب عليه الراتب، والخبرة المكتسبة من هذا العمل هل بإمكاني أن استعملها في الأعمال أو في وظيفة جديدة إن أمكن من حصولي على عمل آخر حيث تصبح هذه الخبرة المكتسبة منه لا علاقة لها مع الشهادة والأموال الحلال، هل أستطيع أن أعمل في المحل الذي جهزته بأموال قاعة الألعاب من طلاء أو جبس وأجهزة تجارة مباحة دون نزع تلك الأمور أم لا بد من نزعها والتخلص منها؟ هل المتاجرة بالسلع المباحة... إلى آخره؟
هذا الذي عمل بشهادة مزورة مبنية على غش، هذه الشهادة يجب أن يتوب مما ارتكبه من هذا الغش؛ لأنه اقترف معصية فعليه التوبة والاستغفار والندم، ثم إذا تاب التوبة النصوح والتوبة تهدم ما كان قبلها، فما ترتب على هذه الشهادة الباطلة كله باطل هذا الأصل، والورع أن يتخلص من جميع ما اكتسبه بسببها، لكن إذا صعب عليه ذلك وشق عليه مشقة تجعله يعدل عن توبته فالله -جل وعلا- يفرح بتوبة عبده، ولا يمكن أن يقال: إن الله -جل وعلا- يضع من الحواجز ما يجعل التائب ينصرف عن توبته، وهو يفرح بها، فعلى هذا لو تخلص من شيء بقدر ما يظن أنه ترتب على هذه الشهادة ويكتفي، أو يمسك ما كان بسبب جهده البدني فلا مانع، ولو تخلص من النصف فقال بعض أهل العلم: إن الأموال المختلطة إذا تخلص من نصفها كفت، يكفي أن يتخلص من النصف كما قرر ذلك جمع من أهل العلم، ويفهم من تصرف عمر في بعض المواقف -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، وعلى كل حال إذا كان تخلصه من المال كله يكون سبباً لصده عن توبته فالتوبة تهدم ما كان قبلها.
جاء الأمر بتسوية الصفوف، ورتب على الاختلاف وعدم التسوية اختلاف القلوب، وهذا وعيد يدل على أن العدم محرم، عدم تسوية الصفوف، تسويتها واجب، للوعيد المرتب على ذلك، وجاء عن الصحابة أنهم يبالغون في ذلك، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يؤكد على هذا، يسوي الصفوف كما يسوي القداح، كما تسوى القداح، وجاء أيضاً تسويتها بالمحاذاة القدم والمنكب، لكن لا بد أن نفهم معنى المحاذاة؛ لأن بعض الناس إما أن يرص جاره رصاً يذهب عنه لب صلاته، ولا يجعله يفقه صلاته، هذا ليس مطلوب أبداً، أو يرى أن الإلصاق هو الأصل وهو المطلوب ويكفي، فيجعل بينه وبين جاره ذراع فيسد هذا الذراع بتوسيع ما بين القدمين، وهذا أيضاً ليس بشرعي، وليس هذا هو الحل، إنما المطلوب المحاذاة بالقدم والمنكب؛ لأنه إذا حاذى بالقدم بتوسيع ما بين القدمين ما حاذى بالمنكب، وجد الخلل وجدت الفرج فليس الحل أن يوسع ما بين القدمين، إنما الأصل والمطلوب ألا يأخذ الإنسان من الصف أكثر من حجمه، بمعنى أنه لو ألصق قدميه وأبعد قدمه عن قدم جاره، وحاذى بمنكبه ولم يوجد فرجة بينهم كفى، ومثل هذا لو ألصق قدمه بقدم جاره ومنكبه بمنكبه هذا هو الأصل، والتطبيق الحرفي لفعلهم -رضي الله عنهم-، وامتثالاً لما أمروا به ((حاذوا بين المناكب والأقدام)) فالمحاذاة المراد منها أن لا يوجد فرج في البدن كله، وبعض الناس تجد بدنه غير مستوي، عريض ما بين المنكبين ومن أسفل أقل أو العكس مثلاً، فمثل هذا يلاحظ، لا يضيق على الناس، وبعض الناس يجهل هذه الأمور ويضيق على من بجواره، وإذا جلس أو تورك جاره يتمنى النفس فلا يدركه، وبعض الناس تحتاج إلى سحب رجلك من تحت رجله، صحيح بعض الناس عنده حرص على تطبيق السنة، لكن ما يفقه السنة أولاً ولا يفقه كيف يطبق السنة؟ بعض الناس رجله مثل المبرد، بعض الناس رجله حساسة، مثل هذا يتعرض لبطلان صلاة جاره، فالمسألة مسألة تسديد ومقاربة وألا توجد الفرج، المقصود سد هذه الفرج، وليس المقصود سدها بإبعاد ما بين القدمين، ولا بالتراص الذي يذهب الخشوع، بعضهم الأصبع بالأصبع، وتكون أظافره كالحديد حتى وجد من يربي ظفر الأصبع الصغير الخنصر للدفاع عن نفسه، فصارت المسألة..، ما صارت عبادة وخشوع وتأله ومثول بين يدي الله -جل وعلا-؛ لأن بعض الناس صحيح والله يصعب عليك أن تسحب رجلك من تحت رجله، فهذا إساءة، هذا تعريض لصلاة جارك للبطلان وأنت لا تشعر، المقصود أن تكون المحاذاة بقدر جسمك، تأخذ مكان من الصف بقدر جسمك، بعض الناس يجعل مكانه أكثر من متر ونصف، يمد رجليه بحيث إذا سجد أو جلس صار فيه فرج، ما انحلت المسألة، وهو واقف فيه فرج؛ لأن المطلوب المحاذاة بالبدن كله، بالقدم، بالركبة، بالمنكب.
هذا أجبنا عليه بالأمس، وقلنا: إن تصوير ذوات الأرواح محرم، واستعمال المحرم حرام.
الكفالة تشمل كفالته من جميع النواحي، ككفالة الولد، بالمال والتربية والرعاية والعطف، هذه الكفالة التامة وما نقص من ذلك بحسبه، إذا كانت الكفالة في المال فقط لها نصيبها من الأجر، وإذا كانت الكفالة بالتربية والمال من غيره له نصيبه من الأجر -إن شاء الله تعالى-، ولن يحرم الأجر على كل حال.
هذه ليست من الإطالة؛ لأن صلاة الفجر، قرآن الفجر مشهود، وجاء النص على أن صلاة الفجر تطول فيها القراءة، القراءة بالخمسين والستين آية مناسبة جداً لصلاة الفجر، لكن الناس ما يتحملون، فينبغي تخولهم بهذا، لا يملون، ولا يكون الإمام سبباً لفتنة الناس عن صلاتهم وكراهيتهم لها، فعليه أن يسدد ويقارب، ويقرأ ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في مواضعه، لو قرأ يوم الجمعة بألف لام ميم السجدة، وسورة الإنسان طبق السنة، وإذا قرأ بغيرها، قرأ بقاف واقتربت والطور، وقرأ بالصافات، كل هذه سور جاءت النصوص بها، وعليه أن ينظر إلى حال الجماعة، والظرف الذي يعيشه، فإن كان في الصيف والليل قصير والحر شديد مثل هذا ينبغي أن يلاحظه.
الأصل أن الأصبع تبقى مرفوعة منحنية لا ممدودة وتحرك عند الشهادة، عند لفظ الشهادة؛ لأنها علامة على التوحيد، وتحرك أيضاً عند الدعاء.
يقول: إذا كان الأطباء المتخصصون قد قرروا أن المشروبات الغازية مثل البيبسي تضر بالجسم سواء كان عاجلاً أو مستقبلاً على جسم الإنسان فهل يجوز لها شربها؛ لأننا لا نشعر بضررها علينا، أم نتبع كلام أهل العلم والاختصاص من الأطباء الذين يقولون بضررها فهل المشروبات حلال أم حرام أم شبهة ينبغي تجنبها؟
أقل أحوالها الشبهة.
يعني الصيغ الواردة حينما يرفع من الركوع فيقول: اللهم ربنا ولك الحمد، هذه ثابتة في الصحيح، وإن قال ابن القيم: إنها لا تثبت، الجمع بين الواو واللهم، وربنا ولك الحمد، بالواو دون اللهم، والعكس، اللهم ربنا لك الحمد، وربنا لك الحمد، أربع صيغ.