بلوغ المرام – كتاب الأطعمة (2)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه (بلوغ المرام):
باب: الصيد والذبائح
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتُقص من أجره كل يوم قيراط)) متفق عليه.
وعن عدي بن حاتم -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟ وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
وعن عدي -رضي الله تعالى عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد المعراض فقال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) رواه البخاري.
وعن أبي ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكله ما لم ينتن)) أخرجه مسلم.
وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن قوماً قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: ((سموا الله عليه أنتم وكلوه)) رواه البخاري.
وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الحذف، وقال: ((إنها لا تصيد صيداً))
الخذف.
عندي بالحاء.
بالمعجمة رعاك الله؟
نعم.
وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف، وقال: ((إنها لا تصيد صيداً، ولا تنكأ عدواً، ولكنها تكسر السن، وتفقأ العين)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً)) رواه مسلم.
وعن كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمر بأكلها" رواه البخاري.
وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة)) متفق عليه.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبراً" رواه مسلم.
وعن شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته))
الذِبحة، الذِبحة، مثل الأولى، بالكسر.
((وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبح، وليحد))...
الذبحة مثل القتلة.
وعن شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)) رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) رواه أحمد، وصححه ابن حبان.
وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم، ثم ليأكل)) أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق، ضعيف الحفظ. وأخرجه عبد الرزاق...
فيه راوٍ، عندك فيه راوٍ؟ أخرجه الدارقطني...
أحسن الله إليك.
أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد...
تكرار، تكرار، أخرجه الدارقطني، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق، ضعيف الحفظ، كلام زائد.
وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- موقوفاً عليه.
وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ: ((ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أم لم يذكر)) ورجاله موثقون.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف --رحمه الله- تعالى-:
باب: الصيد والذبائح
الصيد والذبائح جزء من الترجمة السابقة التي هي الأطعمة؛ لأن ما يصاد وما يذبح من المطعوم، فلذلك جعلها باب من الكتاب السابق الشامل لما يصاد وما يذبح، وما يؤكل من اللحوم، فالأطعمة أعم من ذلك، حتى أن اللفظ ليشمل الماء.
"الصيد" ذكرنا في الدرس الماضي أنه يطلق ويراد به المصدر الذي هو الاصطياد، ويطلق أيضاً ويراد به المصيد، وهو ما يصاد، وهو من المشترك بينهما {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ} [(94) سورة المائدة] المراد به المصيد.
الصيد من أنواع الكسب، وهو من أوضحها في الحل؛ لأن الأصل فيه أنه حلال، إنما يصاد من مأكول غير مملوك لأحد، وقد جاء الأمر به بعد الحل {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] لكن أهل العلم قالوا: إن هذا الأمر للإباحة؛ لأنه تعقب حظراً ومنعاً، والأمر إذا جاء بعد الحظر يراد به الإباحة، هذا قول كثير من أهل العلم، وإن كان منهم من يرى أن الحكم يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر {فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] هذا أمر، إذا قلنا: إنه للإباحة بعد الانطلاق من المحظور {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] بعد المنع من البيع والتجارة، إذا انتهت صلاة الجمعة انتشروا، وابتغوا من فضل الله، هذا الأمر قالوا: للإباحة؛ لأنه بعد حظر.
لكن قول من يقول: إن الحكم يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر لا شك أنه أوضح؛ لأن الصيد لا سيما إذا لم يوجد سبيل إلى الطعام الذي لا تقوم الحياة إلا به سواه فإنه قد يتعين، شخص إما أن يموت أو يصطاد؟ يلزمه أن يصطاد، إذا كان قادراً على ذلك، ويخف هذا الأمر إذا كان عنده خيار آخر مفضول مثلاً عنده وجوه كسب مفضولة، يكون الصيد في حقه أفضل من سلوك الطرق المفضولة.
فأحكام الصيد تختلف، قد يضطر إليه الإنسان فيجب عليه، قد لا يضطر إليه، لكن يحتاجه فيكون الحكم فيه دون الحكم في الصورة الأولى، وقد يكون لمجرد المتعة مثلاً كما يفعله كثير من الناس، ليسوا بحاجة إلى الصيد، عندهم ما يقتاتونه القدر الزائد على كفايتهم، وكفاية من يمونون، ثم يخرجون إلى الصيد، والإكثار منه مذموم؛ لأنه يبعث على الغفلة، ومن تتبع الصيد غفل عما هو أهم منه.
وقد يحرُم إذا ألهى وشغل عن واجب، وكثير من الناس إذا خرج في رحلة صيد ينسى بعض ما أوجب الله عليه، فضلاً عن السنن والمندوبات والمستحبات، حتى الذكر ينسى، والصلاة تؤخر عن أوقاتها؛ لأن هذا الصيد المتبوع يستدرج الإنسان، يستدرجه، يطير من شجرة إلى شجرة، ثم يتبعه ولا يشعر حتى يخرج وقت الصلاة، وحينئذٍ يكون في هذه الصورة محرم.
الآلة التي يصاد بها: إما أن تكون حيواناً جارحاً، من كلب أو طائر ونحوهما، أو تكون آلة محددة تنفذ في جسم الصيد بحيث يخرج بسببها الدم المحتقن فيه.
من النوع الأول: الحيوان الجارح حديث أبي هريرة، الحديث الأول في الباب، وما يليه.
يقول المؤلف --رحمه الله- تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اتخذ كلباً))" من اتخذ (كلباً) نكرة في سياق الشرط، تعم جميع أنواع الكلاب؛ لأن بعض الناس يقول: هناك فرق بين كلب مؤدب معلم -يعني لغير الصيد- لأن هناك أماكن تبيع الحيوانات المؤدبة المعلمة التي إذا احتاجت لقضاء الحاجة ذهبت إلى مكان قضاء الحاجة، موجود حتى في أسواق المسلمين موجودة، ويبيعونها، يبيعون الكلاب، ويبيعون القطط وغيرها، مع أنه جاء النهي عن ثمن الكلب، وعن ثمن السنور، وعن ثمن..، ويستوي في ذلك هذا الكلب المؤدب، يعني لغير الصيد وغيره من الكلاب؛ لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم إلا ما استثني.
((من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية)) يعني يحرس الماشية من الذئاب والسباع، ومن السراق ((أو صيد)) يصطاد به ما يحتاج إلى أكله، (صيد) هذا هو الشاهد من الحديث للباب ((أو زرع)) يحفظ الزرع ممن يعتدي عليه، ويفسده، ويسرق منه ((انتقص من أجره كل يوم قيراط)).
في حديث ابن عمر لما ذكر هذا الحديث قال: "قال أبو هريرة: "أو زرع" وكان صاحب زرع" يقصد أبا هريرة، بعضهم فهم أن ابن عمر يتهم أبا هريرة في هذه الزيادة؛ لأنه محتاج إليها، والأمر بضد ذلك، وعكس ذلك، ابن عمر ما حفظ هذه الكلمة، وأبو هريرة حفظها؛ لأنها تهمه، كان صاحب زرع، فيضبط ما يهمه، وذكرت هذا في مناسبات سابقة، وقلت: على سبيل المثال أنه لو كان هناك محاضرة لطبيب مثلاً، وحضرها جموع من الناس، وتكلم عن مرض معين، وذكر العلاج النافع له، علاج مركب من عشرة أشياء مثلاً تجد المصاب بهذا المرض يضبط هذا العلاج، ويضبط مفردات هذا العلاج، بحيث لا يفوته شيء، بينما البقية يضبطون هذه الأجزاء العشرة؟ ما يضبطونها؛ لأنه ما تهمهم، فالذي يحتاج إلى الشيء يضبطه ويتقنه، ويقع في قلبه موقعاً بحيث لا ينساه، وكل إنسان مر عليه مثل هذا، إذا مر بك شيء ضبطه وأتقنته، يعني تجد الناس يستمعون مثلاً الأخبار في يوم الاثنين، وماذا يصدر عن مجلس الوزراء؟ نعم؟ صدر من مجلس الوزراء أمر يهم فئة من الناس، بقية الناس ما يهمهم، هل يضبطون مثل هذا الخبر مثلما يضبطه أصحاب الشأن الذين يهمهم؟ ما يضبطونه، تسأل من الغد ويش جاء في الأخبار؟ يقال لك: ما أدري والله، ويش جاء؟ سمعنا لكن الذي يهمه الخبر تجده يصغي ويحفظ ويضبط ما يحتاج إليه بخلاف غيره، ومثل هذا أبو هريرة -رضي الله عنه- صاحب زرع، فضبط هذه الكلمة وأتقنها كغيرها؛ لأن أبا هريرة حافظ الأمة.
فقول ابن عمر: "وكان صاحب زرع" لا يفهم منه أنه يقدح في أبي هريرة حاشا وكلا، إنما ليبين أن هذا الأمر يهمه فضبطه ونسيناه، ابن عمر ما عنده زرع.
((إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع)) ما استثني إلا هذه الثلاثة، هناك أمور ألحقها بعض العلماء بما ذكر لمطلق الحراسة مثلاً، حراسة البيوت مثلاً، بعضهم يقول: البيت الذي فيه أموال، وفيه ذراري ونساء أولى بالحراسة من الماشية، وأولى بالحراسة من الزرع، لكن هذه الحاجة موجودة في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يذكرها، فالأولى عدم الإلحاق.
هناك ما هو أهم مما ذُكر، فيكون عند أهل العلم من باب قياس الأولى، وهي ما يسمى مثلاً بالكلاب البوليسية، التي تكتشف الجرائم والمنكرات وأربابها، هذه قالوا: إنها من باب قياس الأولى، وإن كان من أراد أن يقف عند النص يقول: لا يستثنى إلا هذه الثلاثة فقط، وما عداها يبقى داخل في العموم، ولا شك أنها إذا جربت ووجدت نافعة لاكتشاف بعض الجرائم التي لا يكتشفها الإنسان بمفرده، فقياس الأولى الذي هو القياس الجلي عند أهل العلم معمول به.
((انتقص من أجره كل يوم قيراط)) قيراط، الإنسان يحرص على فعل الأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله -جل وعلا-، ويثقل بها ميزانه، ثم بعد ذلك تجد بعض الناس يفرط في مكتسباته، أمواله دونها الغلق والأبواب، فلا يستطيع أحد أن يصل إليها، ولكن أعماله التي هي أهم من هذه الأموال تجده يفرط ويتساهل ويتراخى، والمفلس كما في الحديث الصحيح: ((من يأتي بأعمال أمثال الجبال، ثم يأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا ثم يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته)) إلى أن يفلس لا يكون عنده حسنة، وقد يزيد في الأمر حتى تؤخذ من سيئاتهم وتلقى عليه، فيلقى في النار، هذا مفلس؛ لأنه تكلم في فلان، اغتاب فلان، ضرب فلان، أخذ مال فلان وهكذا، لكن هنا نظير ذلك، وقد يكون أشد تبعاً لتفسير القيراط.
((انتقص من أجره كل يوم قيراط)) يحرص على الأعمال الصالحة، يصلي الفجر مع الجماعة ويجلس، ويصلي الأوقات، وله نصيب من الأذكار والأوراد والتلاوة، وأعمال البر الأخرى، ثم بعد ذلك يقتني كلب، ينقص من أجره كل يوم قيراط، ثم ما الفائدة؟
اتخذه الكفار ولا يضر بعد الكفر ذنب، الكفار اتخذوه، وبالغوا في عنايتهم به، وجعلوه بمنزلة تفوق أولادهم، حرصوا عليه، وأنفقوا عليه، وأطعموه أفضل مما يطعمون، حتى أن بعضهم أوصى بجميع أمواله لهذا الكلب، كفار يعني لا يتوجه اللوم إليهم؛ لأنهم كفار، لكن الإشكال في بعض من يقلدهم من المسلمين ((لتتبعن سنن من كان قبلكم)) الكلب مؤذي ونجس وقذر ومخيف، ومع ذلك يتخذه بعض المسلمين في بيته، وبعضهم يفرش له في السيارة، فراش وثير، أفضل مما يجلس عليه هو، هذا هو التقليد الذي أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك ينقص من أجره كل يوم قيراط، والقيراط جزء من أربعة وعشرين جزءاً هذا تفسيره في الأموال، لكن ماذا عن تفسيره في الأعمال؟ هنا مسكوت عنه، لكن قيراط الصلاة على الميت اتباع الجنازة جاء تفسيره بأنه مثل الجبل العظيم، القيراطان مثل الجبلين العظيمين، وجاء تحديد في بعض الروايات مثل جبل أحد، فبعضهم يقول: إن القيراط هذا مفسر بالقيراط الذي، قيراط الأجر المرتب على صلاة الجنازة واتباع الميت وتشييعه؛ لأن النصوص يفسر بعضها بعضاً.
لكن إذا كان هذا هو التفسير ماذا يبقى لهذا المسكين؟ يمكن تذهب أعماله بيوم واحد -نسأل الله السلامة والعافية- عند مسلم في بعض الروايات: ((قيراطان)) ((انتقص من أجره كل يوم قيراطان)) هذا أشد، -نسأل الله السلامة والعافية-، ثم ماذا النتيجة؟ لا شيء، اللهم إلا التقليد، الإشكال أن بعض الناس يرى أن هذا هو التقدم، هذه هي الحضارة، هذه يعني نأخذ من الكفار ما لا ينفع بل يضر، ونترك ما ينفع، نعجز أو نكسل أو نتخاذل عما ينفع، يعني المسلمون ما قلدوا الكفار في الأمور النافعة فيما يجوز تقليدهم فيه من أمور الدنيا، قلدوهم فيما يضر.
((انتقص من أجره كل يوم قيراط)) وفي رواية عند مسلم: ((قيراطان)) وهذا يدل على تحريم اقتناء الكلب إلا ما استثني؛ لأن بعضهم يطلق الكراهة، لكن الحديث صريح في التحريم؛ لأن نقص الأجر إنما هو في الحقيقة عقوبة ولا عقوبة إلا على ارتكاب محرم.
قد يفرق بين قيراط الجنازة وقيراط الاقتناء بأن هذا فضل وهذا عقوبة، وفضل الله واسع يحتمل ما ذكر في الحديث، وعقوبته لا تصل إلى هذا الحد، وإن كان على خطر مقتني الكلب، يبقى أن تفسيره احتمال يعني ما هو بجزم، احتمال قد يقول قائل: لماذا لا نفسر القيراط بقيراط الدنيا جزء من أربعة وعشرين وجزءاً؟ فينقص من أجره في هذا اليوم جزء من أربعة وعشرين جزء مما اكتسبه من حسنات هذا اليوم؟ لكن إذا قيل: قيراط في هذا السياق على هذا التفسير يكون تخفيف من شأنه، والسياق سياق تعظيم وتهديد، ووعيد، فيبقى الأمر مجمل، والاحتمال قائم، لكن المجال أو السياق لا يؤيد أن يفسر بالجزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ لأن المقصود التنفير؛ لأن مقتني الكلب يقول: إذا عملت حسنات قرأت مثلاً جزء من القرآن، وفيه مائة ألف حسنة، يعني يمكن أن يتساهل بجزء من أربعة وعشرين جزء من هذه الحسنات الكثيرة، فالسياق لا يؤيد أن يفسر بجزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ لأن المقصود منه التخويف والتحذير، وأما كونه مثل قيراط الصلاة على الميت أو اتباع الجنازة فيبقى أنه احتمال، لكنه خطير، مثل جبل أحد ينقص من أجره كل يوم، ماذا يبقى للمسكين؟ وهذا أبلغ في الزجر، والحساب عند الله -جل وعلا-، العواقب والنهايات عنده، لكن هذا أبلغ في الزجر.
جاء في بعض الروايات كما ذكرنا: ((قيراطان)) بعض من يحقق ويجرؤ على تحقيق الكتب ذكر هذا الحديث وهو يحقق كتاب من كتب الحديث قال: وفي رواية: ((له قيراطان)) وفي رواية ووضع نقطتين وفتح قوس (له قيراطان) والأصل أن النقطتين تكون بعد (له) في رواية له -يعني لمسلم-: ((قيراطان)) يعني ينقص أو انتقص من أجره قيراطان، فبدلاً من أن تكون عليه صارت له، بسبب جهل هذا المحقق الذي يدعي التحقيق، الآن مسألة علامات ترقيم قلبت المعنى.
من أهل العلم من يرى أن القيراط يحمل على مقتني الكلب من البادية، والقيراطان محمول على من يقتنيه من الحاضرة؛ لأن البادية مألوف عندهم الكلب، ولا يتروع أطفالهم ولا نساءهم من صوته، فالأثر المرتب على اقتنائه أسهل من الأثر المرتب على اقتناء الحاضرة للكلب، إذا نبح الكلب في حي من أحياء الحاضرة يتروع الناس ما اعتادوه، فالأثر المترتب عليه أشد من الأثر المترتب على اقتناء البادية؛ لأنهم الكلاب قريبة منهم، ويسمعون أصواتها ويرونها، فالأمر عندهم أخف.
ومنهم من يقول: إن القيراطين محمولة على عمل الليل والنهار، بالنظر إلى عمل الليل وعمل النهار، قيراط من عمل الليل، وقيراط من عمل النهار، ورواية قيراط كما عندنا محمولة على أحد الوقتين، فذكر الراوي القيراط الذي ينقص من عمل النهار مثلاً أو عمل الليل، ولم يذكر الآخر، لكن الحديث صريح ((كل يوم)) واليوم يشمل الليل والنهار.
ذكروا في حكمة التحريم تحريم اقتناء الكلب قالوا: مسألة الترويع ترويع الآمنين وهذه ظاهرة، الأمر الثاني: أنه يمنع من دخول الملائكة، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، والأمر الثالث: أنه نجس، وينجس ما يباشره، ولذا جاء الأمر بغسل ما يلغ فيه الكلب سبعاً، وإحداهن بالتراب على ما تقدم.
قال -رحمه الله-: "وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه))" والكلب لا بد أن يكون معلماً بحيث يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا منع، وألا يأكل من الصيد هذا التعليل، إذا زجر امتنع، وإذا أرسل وأغري استرسل.
((إذا أرسلت كلبك)) يعني المعلم ((فاذكر اسم الله عليه)) لا بد من التسمية على المصيد، سواءً كان بكلب، أو طائر، أو آلة، أو مذبوح على ما سيأتي في قسم الذبائح؛ لأن الترجمة "الصيد والذبائح" هذا في الصيد، وسيأتي ما في الذبائح.
والتسمية شرط لحل المأكول سواءً كان مذبوحاً أو مصيداً بحيوان أو بآلة، من هم من يراها شرط مطلقاً {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام] مطلقاً يعني سواءً تركت عمداً أو سهواً، وهذا قال به بعض العلماء، وهو المعروف عند أهل الظاهر.
وذهب جمهور الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أنها شرط عند الذكر، وتسقط بالنسبة للناسي، وأما الشافعية فعندهم أن التسمية سنة وليست بشرط، المقصود أنه جاء النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، فلا بد من التسمية، وكونها تسقط مع النسيان أو لا تسقط هذا محل نظر عند أهل العلم، ومطلق الآية وعمومها يتناول الذاكر والناسي إلا أنهم استثنوا الناسي بقوله -جل وعلا-: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] بالآية، استثنوا الناسي، لكن النسيان القاعدة فيه عند أهل العلم أنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود، النسيان لا شك يرفع الإثم، فالذي يذبح ذبيحة، وينسى لا إثم عليه {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] لكن هذه التسمية المعدومة على القاعدة النسيان لا ينزلها منزلة الموجودة، هذه قاعدة معروفة عند أهل العلم، ومثله الجهل يعني لو أن إنساناً صلى بغير طهارة ناسياً هل يستطيع أن يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة]؟ لا يستطيع أن يقولها، لا يمكن أن يفتيه أحد بصحة صلاته، وإن كان ناسياً، لو صلى الظهر ثلاثاً، وقال: نسيت ركعة، هل نقول: إن نسيانه نزل المعدوم منزلة الموجود؟ ما يمكن يفتيه أحد بهذا، لكن لو نسي وصلى الظهر خمس {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] صلاته صحيحة، يجبر الزيادة بالسهو وصلاته صحيحة؛ لأن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم ولا عكس.
قد يقول قائل: إنه مع هذا لو حكمنا بعدم حل أكلها أن هذا فيه تضييع للمال، والناس يحتاجون لهذا الطعام، نقول: إذا نسي مرة وعوقب بمثل هذا العقاب فإنه لن ينسى بعد ذلك، فالقول بأنها شرط مطلقاً قول متجه، وإن كان جمهور أهل العلم على أن الناسي تسقط عنه التسمية.
((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه)) يعني مع إرساله تقول: بسم الله، كما أنك مع تحريك يدك بالذبح تقول: بسم الله، ومع إرسال السهم تقول: بسم الله، قالوا: ولا يناسب أن يقال: "الرحمن الرحيم" تقول: بسم الله، بينما في الأكل تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، في الأعمال المهمة تقول: بسم الله الرحمن الرحيم.
((فاذكر اسم الله عليه)) قالوا: لأن الرحمة لا تناسب القتل.
((فإن أمسك عليك)) يعني لك ومن أجلك ((فأدركته حياً فاذبحه)) أمسك الكلب هذا الطائر، وجاء به إلى صاحبه حياً ((فأدركته حياً فاذبحه)) يجب ذبحه، لماذا؟ لأنه مقدور على ذبحه، الأصل التذكية، لكن إذا لم يقدر عليها يقوم مقامها الصيد بالجوارح وبالسهام وبغيرها بالآلات، أما المقدور عليه فلا بد من تذكيته على ما سيأتي، أدركته حياً يعني قدرت على تذكيته فاذبحه.
((وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله)) لأنه أمسكه عليك، لكن إن أكل منه فلا تأكل، لماذا؟ لأنه أمسكه لنفسه بدليل أنه أكل منه.
((وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟)) الصيد أرسل إليه الكلب مع التسمية فغاب عن صاحبه، فتبعه صاحبه وإذا بالفريسة موجودة، وفيه كلبه وكلب آخر، لا يدري أيهما قتله؟ وحينئذٍ اجتمع حاظر ومبيح، كلبه مبيح، والآخر حاظر، أنت سميت على كلبك، ما سميت على الثاني.
((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟)) وسبب الترك احتمال أن يكون الكلب الثاني هو الذي قتل، طيب الذي قتل الثاني لا سيما إذا قلنا: إن التسمية تسقط في بعض الأحوال هو قتل بآلة قاتلة معتبرة شرعاً، سواءً كلبك وإلا كلب غيرك، ما الفرق بين كلبك وكلب غيرك؟ أنك سميت على كلبك، والثاني ما سميت عليه، فوجود هذا الاحتمال يحرم هذه الذبيحة، ويجعلها ميتة، فكيف إذا لم توجد التسمية أصلاً ولو كانت سهواً؟ يعني الآن التسمية احتمال أنها متروكة، واحتمال أنها مذكورة تبعاً لإيش؟ للكلبين، فإن كان كلبك أنت سميت على كلبك، لكن الكلب الثاني ما سميت عليه، وجود هذا الاحتمال، وتحريم الصيد بسبب هذا الاحتمال يقوي القول بوجوب التسمية مطلقاً، كيف؟ الآن عندنا خمسين بالمائة أن هذه الذبيحة أو هذا الصيد سمي عليه، فكيف إذا لم يوجد أدنى احتمال للتسمية؟ نسي.
قال: ((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟)) طيب قد يقول قائل: أنت أرسلت كلبك وسميت عليه، وشخص آخر أرسل هذا الكلب وسمى عليه، لا سيما إذا اجتمعا معاً عند هذه الفريسة صاحب الكلب أنت وصاحب الكلب الثاني تؤكل وإلا ما تؤكل؟ كل واحد منهما سمى على كلبه، نعم؟
طالب:.......
ليش؟
طالب:.......
كلهم سموا على الكلاب، كلهم سموا، وكلهم أرسلوها، اجتمعوا على هذه الفريسة قال: أنا أرسلت هذا الكلب وقلت: بسم الله، وقال هذا: أنا أرسلت هذا الكلب وقلت: بسم الله، لكن ما ندري أيهما الذي قتله؟ ويش المحظور من وجود المنع بسبب الكلب الثاني؟ نعم؟
أولاً: الكلب الثاني إذا جهل هل هو معلم أو غير معلم؟ أو له صاحب سمى عليه أو ما سمى؟ يتجه الكلام هنا، هذا ما فيه أدنى إشكال، ((فإنك لا تدري أيهما قتله؟)) كلبك تعرفه معلم وصيده مباح، وسميت عليه، لكن الثاني ما تدري، لكن جاءك صاحب الثاني وقال: معلم وسميت عليه، وأنت كلبك معلم وسميت عليه، ويش المحظور أن يؤكل؟ يقول: نقتسم هذا أنصاف، كل واحد له نصف، نعم؟
طالب:.......
ويش هو؟
طالب:.......
ما يظهر شيء يمنع، أما الحديث مع الجهالة ((فإنك لا تدري)).
((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره)) افترض أنت لك كلبين، عندك اثنين، ورأيت فريستين، أرسلت هذا لواحد وهذا لواحد، طارت واحدة فاجتمعا على واحدة وأنت سميت عليهم، يختلف عن الصورة السابقة؟ ما يظهر فرق.
قال: ((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكله)) لأن إرسالك كلبك هذا مبيح، ووجود الكلب الثاني حاظر لوجود الشك في توافر شروط القتل أو الصيد بالكلب..؛ لعدم علمنا بتوافر الشروط، ما ندري هل هو معلم؟ وما ندري هل سمي عليه أو ما سمي عليه؟
((فإنك لا تدري أيهما قتله؟ وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله)) التسمية لا بد منها ((فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل)) أرسلت السهم على طائر في شجرة، ثم بعد ذلك ما تدري هل أصابه أو لم يصبه بحثت عنه في الأرض ما سقط ما تدري عنه، ثم من الغد وجدته متعلق بالشجرة، أو بعيد عنك، وبعدت عنه، وظل ما تدري وين راح؟ ((غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت)) رده إلى مشيئته، هو حلال، لكن بعد غيابه يوم قد يكون فيه شيء من التغير، لم يبلغ إلى حد النتن الذي سيأتي الكلام فيه، لكن فيه شيء من التغير، قد تعافه النفس، فهذا متروك إليك ((إن شئت)).
الكسعي الذي يضرب به المثل: "ندمت ندامة الكسعي" ما قصته؟ رجل عنده سهام ويحسن الصيد فتمر به الحيوانات مما يؤكل فيرميها، وهو في ليل، ولا يعلم هل صادت أو ما صادت؟ فتركها، ثم ذهب إليها بعد مدة فوجدها بسهامه ماتت وقد تغيرت.
((وإن وجدته غريقاً)) طائر في شجرة وتحته بئر، ضربته بسهمك فوقع في البئر، فلا تدري هل مات بأثر سهمك أو بالغرق؟
قال: ((وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) لماذا؟ لأنه كالصورة السابقة اجتمع فيه مبيح وحاظر، اجتمع فيه مبيح وحاظر وغلب جانب الحظر.
أنت في مسجد، لكن المسجد هذا ما فيه مراوح، في مسجد ودخل طائر وجزمت أن أحد هذه المراوح تبي تضربه وتقتله، وقلت: بسم الله، ضربته المروحة وقسمته نصفين وسقط، تأكل وإلا ما تأكل؟ قلت: بسم الله، هاه؟
طالب:.......
ويش ما في...؟
طالب:.......
أنت قصدت الآن.
طالب:.......
ويش هو؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
لكنها محددة تقتل.
طالب:.......
ليس منه فعل، ليس منه فعل ألبتة، فلو مرت من عند سيارة فضربته فمات، لكن السيارة بالمثقل لا بالمحدد، أما المروحة واضحة أنها بالمحدد، ويبقى أنها ليست آلته، ولم يكن منه فعل، نعم منه التسمية، لكن إن أدركه حياً، إن أدركه حياً وذكاه حل له وإلا فلا.
((وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
ومفهوم قوله: ((وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله)) أنه إن أكل منه ولو جزءاً يسيراً أنه لا يأكل بعد؛ لأنه إنما أمسكه لنفسه لا لصاحبه.
عند المالكية وهو مروي عن علي -رضي الله عنه وأرضاه- أنه يأكل منه ولو أكل، وجاء في ذلك حديث عند أبي داود حديث أبي ثعلبة قال: يا رسول الله إن لي كلاب مكلبة، فأفتني في صيدها؟ قال: ((كل مما أمسكن عليك)) قال: وإن أكل؟ قال: ((وإن أكل)) في رواية أو حديث آخر: ((كله وإن لم تدرك منه إلا نصفه)) ولكن هذا الحديث مخرج في سنن أبي داود لا يعارض به ما جاء في الصحيح.
قال -رحمه الله-: "وعن عدي -رضي الله عنه- قال: "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد المعراض، فقال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) رواه البخاري".
المعراض: عصا غليظة في طرف، طرفها محدد، وقد يوضع فيه شيء من الحديد النافذ، فيشبه السهم، هذا المعراض إذا رماه صاحبه على المصيد على الصيد لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: أن ينفذ هذا المحدد في هذا المصيد فيحل، أو يضرب بعرضه فيموت بسبب ثقله فإنه حينئذٍ، يكون وقيذ، يعني موقوذ، فعيل بمعنى مفعول، والموقوذة حرام بنص القرآن.
قال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) لأنه مات بثقل هذا العصا لا بحده، والجرح لا بد منه وخروج الدم من الصيد لا بد منه، إن لم يخرج منه دم فإنه وقيذ؛ لأنه مات بالثقل بثقل الآلة لا بحدها.
يقولون: القتل بالمثقل هذا لا يبيح الصيد، لو جاء شخص بحجر كبير فألقاه على صيد فمات، وخرج منه دم؛ لأنه بسبب الثقل لا بد أن يخرج منه شيء، هو يتشقق جلده فيخرج منه دم، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ ما يكفي؛ لأنه مات بثقل الآلة لا بحدها، ومثل هذا لو دهسته سيارة ما يكفي؛ لأنه مات بالثقل لا بالحد، ولذا قال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ)).
"وعن أبي ثعلبة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله))" إذا أدركت بسهمك بحيث لا تشك أن هذا الصيد إنما مات بسهمك، بسببه، بنفوذه فيه.
((إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله)) غاب عنك ما تدري وين راح؟ ثم بعد ذلك وجدته من الغد أو بعد غد، فكله؛ لأن المسألة مسألة غلبة ظن ما في شك مثل الصور السابقة، هذه غلبة ظن.
((فكله ما لم ينتن)) يعني تتغير رائحته، وإذا أنتن صار عرضة للجراثيم، فيضر بآكله، فيمنع من هذه الحيثية للضرر.
النبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه اليهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة الرائحة، أكل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يقول: ((كله ما لم ينتن)) فما حكم أكل المنتن؟ يعني قد يترك الإنسان شيء من طعامه في الليل فيأتي إليه من الغد وقد تغير يأكل وإلا ما يأكل؟ لا شك أن هذا التغير على درجات، فإن كان في بدايته تغير يسير يغلب على الظن عدم الضرر منه فهو مثل الإهالة المتغيرة، وإن كان تغيره كثير، ويغلب على الظن أنه يضر بآكله فإنه حينئذٍ لا يجوز أكله.
قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن قوماً قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟" جاء في بعض الروايات في وصف هؤلاء القوم أنهم حديثو عهد بإسلام، بعض الروايات أنهم من الأعراب.
"لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا" هم مسلمون، وذبيحة المسلم حلال بالإجماع، وكون الإنسان يدري أو لا يدري لو فتح هذا الباب ما صلحت حال، وأمور المسلمين مبنية على السلامة، عقودهم صحيحة، ذبائحهم حلال إلا إذا علم أو وجد ما يضاد ذلك، يعني إذا عرف عن فلان من الناس وهو مسلم لا يذكر اسم الله عليه، على الذبيحة لا تؤكل ذبيحته ولو كان مسلماً، إذا علم من المسلمين من يتساهل في العقود بحيث لا يهتم لصحتها نحتاط في أمرنا معه، وإلا فالأصل السلامة.
هؤلاء القوم حديثو العهد بالإسلام أحياناً يقال: حديث عهد بإسلام، وأحياناً يكون حديث عهد بجاهلية، هل في فرق وإلا ما في فرق؟ نعم؟ في فرق وإلا ما في فرق؟ ما في فرق، حديث عهد بجاهلية تركاً، وحديث عهد في الإسلام دخولاً، ما في فرق، هو ترك الجاهلية ودخل في الإسلام.
"لا ندري أذكر اسم الله عليه؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((سموا الله عليه أنتم وكلوه))" وهذا فيه من السعة ما فيه، التوسعة على المسلمين لو الإنسان يشكك في كل ما رأى، كل ما أراد، ضاقت عليه حياته ولا يستقيم له حال، وهو في بلاد المسلمين وبين المسلمين وما يريده مستورد من مسلمين الأصل فيه أنه على طريقة المسلمين، فإذا ذهبت لتشتري شيء من الطعام لا سيما اللحوم فإذا كان مستورد من بلاد إسلامية هذا لا يتردد فيه، وإن كان حال كثير من المسلمين الآن التساهل، لكن هذا لا يغير الحكم، والورع شيء، لكن إطلاق الحكم بالحل والحرمة شيء آخر، كما أنك إذا وجدت لحماً مستورداً من بلاد أهل كتاب، فالأصل حل طعام أهل الكتاب، وصحة ذبح أهل الكتاب، فتأكل، لكن إن تورعت باعتبار أن أهل الكتاب انتسابهم إلى كتابهم وإلى ديانتهم في الغالب هي مجرد دعوى، إن تورعت هذا محمود، لكن يبقى أنك لا تقول: هذا حلال أو هذا حرام بمجرد ذلك، فكيف إذا كان من بلاد مسلمين؟
بعض المسلمين، من ينتسب إلى الإسلام من المبتدعة الذين عندهم بدع مغلظة تخرجهم من الدين وإن انتسبوا إلى الإسلام فهؤلاء لا تؤكل ذبائحهم؛ لما تلبسوا به من بدع مخرجة عن الملة.
قد يقول قائل: إن هذا اللحم المستورد من هذه البلاد، هذه البلاد سكانها خليط، من مسلمين، وممن ينتسب إلى الإسلام من المبتدعة الذين بدعهم مغلظة، ومن أهل كتاب، ومن غيرهم من ملل الكفر، هو مستورد من البلد الفلاني وفيه هؤلاء الأخلاط، هنا تقوى الشبهة، وحينئذٍ لا يؤكل إلا بعد التثبت، لا سيما إذا كان بعض المهن يزاولها، أو يغلب على الظن مزاولتها من فئة معينة لا تحل ذبائحهم، فإنه حينئذٍ عليه أن يمتنع، حتى يعرف أنه ذبحه مسلم.
وعلى كل حال في الجملة الحكم للغالب، إذا كان الغالب هم المسلمين، فالحكم لهم، وإن كان الغالب غيرهم فالحكم لهم.
قال -رحمه الله-: "وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف" نهى عن الخذف، يؤتى بحصاة صغيرة فتجعل بين أصبعين، إما السبابتين أو السبابة والإبهام، لماذا نهي عن الخذف؟ "قال: ((إنها لا تصيد صيداً))" يعني لو وجد صيد على شجرة ولو كان قريباً فأتيت بالحصاة وقذفتها إليه ما تصيد "((لا تصيد صيداً))" لكن لو كانت هذه الحصاة بما هو أقوى من الخذف بالأصبع بآلة التي إيش؟
طالب:.......
نبيطة وإلا نبيلة وإلا سمها ما شئت.
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
طيب، لو كانت بهذه، هذه الحصاة بهذه الآلة، وكان الناس يصطادون بها، هذه الحصاة إن كان لها طرف محدد، ونفذت في المصيد وجرحته صح الصيد بها، مثل الصيد بالرصاص، يعني يختلط على بعض الطلاب ما يذكر في كتب أهل العلم من الصيد بالبندق، يقول النووي: "إذا كان الرمي بالبنادق وبالخذف إنما هو لتحصيل الصيد" يعني بحيث يمنع الصيد من الطيران، ويسهل القبض عليه، إذا كان لمجرد ذلك ثم ذكي هذا انتهى ما في إشكال.
يقول: "إنما هو لتحصيل الصيد، وكان الغالب فيه عدم قتله، فإنه يجوز ذلك إذا أدركه الصائد وذكاه كرمي الطيور الكبار بالبنادق" هو لا يقصد البنادق الموجودة الآن التي تستعمل بالرصاص، هذه ما يختلف أحد في أنها آلة صيد، وأنه يحل ما صيد بها، لكن الكلام على ما يستعمل في وقتهم بالرمي بما يشبه البندق، نوع من المكسرات معروف، نعم هذا ما يقتل مثل الخذف، فيلتبس على بعض الطلاب الرمي بالبنادق الموجودة المستعملة للصيد وغيره، وفيها الرصاص النافذ، وفيها الملح والبارود أحياناً، فهذه تقتل، والصيد فيها صحيح وحلال، أما الصيد بالبندق الذي مستعمل قبل اختراع هذه البنادق الموجود في كتب أهل العلم الذي يمنعون من الأكل فيما صيد بواسطته، اللهم إلا إذا كانت كما قال النووي، إما تكسر الجناح وإلا تعيقه عن الطيران ثم تدرك حية، فتذكى هذا ما فيها إشكال، كما لو ضربها بعصا، فانكسر جناحها وسقطت، أو ضربتها المروحة وطاحت، أدركها حية ذكاها هذا ما أحد يمنع منه، هذا ما لم تكن مملوكة، لكن إذا كانت مملوكة، حمامة في مسجد من حمام الجيران مثلاً ضربتها المروحة وسقطت.
سيأتي في حديث كعب أن امرأة ذبحت شاة بحجر، وهي مملوكة لكعب، ليست لها، أنه يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه إذا خيف عليه من التلف، لكن أنت... دخلت المسجد وضربتها المروحة وطاحت قلت: أبا أذكيها، فجاء صاحبها فبدلاً من أن يقول: جزاك الله خيراً أدركتها حية وذكيتها ليحل أكلها، لكنها من النوع غالي الثمن، يقول لك: أنا اشتريتها بعشرة آلاف، ولو تركتها عالجناها وطابت، تضمن وإلا ما تضمن؟ في ضمان وإلا ما في ضمان؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
ما تموت، نعالجها وتشفى -إن شاء الله- تطيب.
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
هي ضربتها المروحة، كسرت الجناح وطاحت مثلاً.
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
قيمتها عشرة آلاف ويش...؟ ليست من الحمام الذي يقتنى للأكل، والجمل الذي يباع بمئات الألوف، بل بالملايين هذا ما يقتنى للحمل والركوب، وبعض أنواع الغنم التي يؤتى بها من بعض الجهات بعشرات الألوف هذه ما تقتنى للأكل، ومثلها أنواع من الحمام...، هذا يقول: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ} [(88) سورة هود] خشيت أن تموت فذبحتها.
الصيد كله في المباح الذي لا يملكه أحد، الأحكام المذكورة كلها فيما لا يملك، أما المملوك فلا يجوز الاعتداء عليه بحال، لكن إذا كان القصد الإصلاح، وغلب على الظن أنها تموت، فسيأتي في حديث كعب الذي بعد هذا الحديث شيء من أحكامه.
قال -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح))" ((لا تتخذوا شيئاً)) نكرة في سياق النهي ((فيه الروح)) أخرج من هذا العموم ما لا روح فيه ((غرضاً)) بأن يمسك يحبس يربط فيكون غرضاً للسهام، يتراماه الناس، وفيه روح، وقوله: ((شيئاً)) مثلما قلنا: نكرة في سياق النهي تعم جميع الأشياء التي فيها روح، سواءً كانت مأكولة أو غير مأكولة، سواءً كانت نافعة أو ضارة؛ لأن بعض الحيوانات يجب قتلها؛ لأنها تضر، وبدلاً من أن تقتل بطريقة مريحة لا تعذيب فيها يقول: هو مقتول مقتول نترامى عليه، نربطه ونترامى عليه، هذا لا يجوز، ولو كان مآله إلى القتل.
((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح)) يعني فيه الحياة والنهي الأصل فيه التحريم ((غرضاً)) لسهامكم؛ لأن فيه تعذيب لهذا المقتول ولو كان مستحقاً للقتل، وإن كان مما يؤكل فلا شك أن فيه إهدار لماليته وتضييع لهذا المال؛ لأنه لا يصح القتل بالسهم ونحوه بالنسبة للمقدور على ذبحه، وهذا ما دام ممسك فهو مقدور على ذبحه، فلا يجوز رميه بالسهام.
صحف بعضهم هذا الحديث، وقال: ((لا تتخذوا شيئاً فيه الرَوْح عَرْضاً)) عرضاً، يعني النوافذ التي تدخل معها الريح لا تتخذ عرض، فتجعل النوافذ بالطول هكذا، مثل النوافذ اللي فوق، هذه بالطول، فعلى هذا لا تتخذ بالعرض، إنما تتخذ بالطول، هذا تصحيف وقبيح وشنيع، وسببه الأخذ من الصحف، والتلقي تلقي العلم عن غير أهله، يعني وجد من صام رمضان وأتبعه شيئاً من شوال، ستاً، لكن صحفها الصولي فقال: شيئاً، والشيء ينطبق ولو على يوم واحد.
هذا التصحيف يعني فيه المؤلفات عند بالنسبة للحديث مؤلفات كثيرة، ومنهم من صحف القرآن، صحف بعض الألفاظ في القرآن، وسببه مثل ما قلنا: عدم الأخذ أخذ العلم عن أهله، ويسمع من بعض من ينتسب إلى العلم إذا تعاطى علماً آخر يسمع منه العجائب من التصحيف والتحريف، وأحياناً سوء الفهم.
وسمعت شيخاً كبيراً يقرأ: "سلمة بن كهبل" وسببه أنه ليس من أهل هذا الشأن، وفي كتب التصحيف الكثير من النوادر التي بعضها مضحك سواءً كان في النصوص، أو في كلام أهل العلم، وقد يتسبب التصحيف إلى خفاء المعنى، وعدم الوصول إليه بحال، التصحيف الكلمة إذا صحفت لم تصل إلى معناها ألبتة، حتى تصل إلى لفظها الحقيقي، تريد أن ترجع إلى كتب الغريب مثلاً في كلمة مصحفة، أو كتب الرجال في اسم مصحف، تصل إليه وإلا ما تصل؟ لن تصل إليه، جرب ابحث في الآلات عن اسم مصحف، هل تقف عليه وإلا ما تقف؟ لن تصل إليه.
مر ذكر نعيم بن سالم، قال المحقق: لم أجده في شيء من كتب الرجال، لكن لو عرف الاسم وجده في كل كتب الرجال، لا سيما الضعفاء، يغنم بن سالم، اسمه: يغنم، فرق كبير وين تبحث؟ نعيم ما في نعيم، فالتصحيف لا شك أنه يحول دون معرفة اللفظ الذي يترتب عليه المعنى والحكم، ومن ثم يخفى ما ترتب عليه من معنىً أو حكم.
قال بعد ذلك: "وعن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمر بأكلها" رواه البخاري" هذه المرأة هي جارية لكعب بن مالك ترعى غنمه، فعدا الذئب على واحدة منها، فأرادت أن تدرك فيها، أو أدركت حياتها، وبدلاً من أن تموت هدراً، وتضيع على صاحبها، كسرت حجراً، وصار لها حد، فذكتها بهذا الحجر.
"أن امرأة ذبحت شاة بحجر" والحجر إذا كان محدد ينهر الدم فإنه تجوز التذكية به، ولم يستثن من الأشياء المحددة التي تنهر الدم ((ليس السن والظفر)) على ما سيأتي، فإذا كان الشيء محدداً سواءً كان من الحجارة أو من الخشب، أو من الزجاج أو من الحديد إذا كان بهذا القيد ينهر الدم فلا إشكال في التذكية به.
امرأة عند كثير من عامة الناس أن المرأة لا تصح ذبيحتها، ولا يجوز تذكيتها، ولا يحل مذبوحها، وبعضهم يقصر ذلك على الحائض، وكل هذا لا أصل له، فالمرأة كالرجل.
"أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمر بأكلها" هذه الشاة ليست ملكاً لها، وإنما هي ملك لسيدها، فيصح التصرف لإنقاذ المال لإرادة الإصلاح، ممن يحسن الإصلاح؛ لأن بعض الناس قد يجتهد، ويريد الإنقاذ فيكون سبباً في الهلاك، لو أن شخصاً وجد آخر مغمى عليه مثلاً اجتهد فأعطاه علاج وزاد عليه المرض؛ لأنك ما تدري ويش سبب هذا المرض؟ فلا تقدم إلا على شيء تحسنه وتتقنه، لا تكون سبباً في زيادة المرض على صاحبه.
طالب:.......
هذا التصرف من هذه المرأة لا شك أنه في محله، إذ لو تركتها لماتت وذهبت هدراً على صاحبها، وفي مثل هذه الصورة يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه، وهذا فيما إذا خشي عليه التلف.
هناك أحاديث مثل ما أخرجه أبو داود من حديث رجل من الأنصار، قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأصاب الناس مجاعة شديدة، وجهد فأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي، إذ جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فرسه، فأكفأ قدورنا، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، وقال: ((إن النهبة ليست بأحل من الميتة)) هل هذا فيه إصلاح؟ إصلاح لمال الغير أو إصلاح للنفس؟ ما تصلح نفسك على حساب غيرك، فرق بين ما جاء في هذا الحديث وبين ما جاء في حديث الباب، كونك تسعى لإصلاح غيرك هذا مطلوب، بما لا يترتب عليه ضرر أعظم منه، فمثلاً إذا وجدت منزل صاحبك أو جارك يحترق، ثم اجتهدت وجئت بالماء الكثير الغزير فأغرقت هذا البيت، نفترض أن الذي احترق مكتبة، ثم أغرق هذه المكتبة وتلفت الكتب، والنار قد تبقي شيء، الماء أضر على الكتب من النار؛ لأن ما يبقى من الكتب النار لا تمنع من الاستفادة منه، لكن إذا كان ماء خلاص انتهى الكتاب، انتهى، لا يمكن أن يستفاد منه، فينظر الإنسان ويوازن بين المصالح والمفاسد المترتبة على عمله، وبين ما يتعدى ضرره، وما يكون ضرره قاصر، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من إدراكها إدراكاً تاماً، وإلا لو أخذنا هذا الحديث أصل، وطردناه في كل ما يظن فيه الإصلاح لدخلنا في أمور قد يكون ضررها أعظم من نفعها، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- أكفأ القدور مع أنهم بحاجة ماسة إلى هذا اللحم، أصابتهم مجاعة، كل هذا من أجل حسم المادة؛ لئلا يتصرف أحد في مال غيره، كثيراً ما يفعل بعض الشباب إذا خرجوا لنزهة فبحثوا عن شيء عن ذبيحة يأكلونها ما وجدوا أحد، وجدوا غنم، قالوا: نذبحها ونأكلها بنية الضمان، إذا جاء صاحبها نعطيه القيمة، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز، لا يجوز بحال.
من خشي على نفسه الهلاك فوجد مال غيره، إذا وصل إلى حد لا يستطيع معه البقاء، فإنه حينئذٍ يأكل، اختلف العلماء في الضمان هل يضمن أو لا يضمن إذا أكل؟ يعني إذا وصل إلى حد الهلاك، أما مجرد حاجة، أو مجرد تفكه، يحتاجون إلى شيء من اللحم، ومعهم ما يأكلون غيره، فهذا لا يجوز بحال.
قال -رحمه الله-: "وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل))" ((ما أنهر الدم)) يعني أجراه بنفوذه في جسم ما يراد قتله ((ما أنهر الدم)) يعني أجراه، رافع بن خديج قال: يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً، وليس معنا مدى، يعني ما معنا سكاكين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أنهر الدم)) قاعدة يدخل فيها كل ما ينطبق عليه إنهار الدم إلا ما استثني، ولا بد من ذكر اسم الله عليه ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر)) ليس: فعل ناقص من أخوات (كان) ترفع المبتدأ، وتنصب الخبر، والسن خبرها، ومنهم من يقول: إنها هنا بمعنى (إلا) أداة استثناء، والاستثناء هنا تام موجب يجب نصبه، وعلى كل حال لن يتغير وضعه، فهو منصوب على كل حال، سواءً قلنا: إنه خبر ليس أو مستثنى.
((ليس السن والظفر)) طيب السن ينهر الدم، الظفر ينهر الدم، ثم ذكر العلة -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((أما السن فعظم)) السن عظم، تقدم في الطهارة أنه لا يستنجى بعظم ولا روث ((أما العظم فلأنه زاد إخوانكم من الجن)) والذبح فيه يعرضه للتنجيس، ولذا قال: ((أما السن فعظم)) والعظم لا يجوز تنجيسه، لا باستنجاء ولا بذبح، لكن قد يقول قائل: بالنسبة لعظم البهائم يعود أوفر ما كان، لكن السن عظم إنسان، ولو سقط هذا العظم هل يستفيد منه الجن؟ هاه؟
طالب:.......
يستفيد منه الجن؟ سن إنسان سقط، أنت وجدت رجل حيوان عظم رجل مثلاً هذا يعود اللحم عليها أوفر ما كان ويستفيد منه إخواننا الجن، لكن سن إنسان سقط، ورماه في الأرض أو دفنه يستفيد منه الجن وإلا ما يستفيدون؟ لأننا نريد أن نربط بين البابين، وفيه إشكال من حيث التعليل، والجملة الثانية فيها أيضاً إشكال.
((أما السن فعظم)) يعني الآن عرفنا العلة أنه عظم، ثم ماذا؟ وبعدين إذا كان عظم؟ ويش السبب؟ هل لأن العظم زاد إخواننا الجن كما تقدم في الطهارة، أو لكونه عظم؟ نعم؟
طالب:.......
وعلى هذا يمنع الذبح بأي عظم كان سواءً كان عظم آدمي، عظم حيوان، عظم أياً كان؛ لأن العلة كونه عظم، طيب لماذا نهي عن الذبح بالعظم؟ الله أعلم، ولا نستطيع أن نقول: إنه مثل ما جاء في كتاب الطهارة أنه زاد إخواننا الجن، طيب افترض أن..، هذا العظم ويش يبي يعود أوفر ما كان؟ فنقف على هذا الحد.
طيب ((وأما الظفر فمدى الحبشة)) الحبشة هؤلاء في الأصل خليط من النصارى والوثنيين، ولا يجوز التشبه بهم في هذا، ولا في غيره، طيب مدى الحبشة يعني سكاكين الحبشة يذبحون بالظفر، طيب لو احتجنا إلى الظفر فيما يستعمل أو تستعمل فيه السكين؟ نقول: الظفر مدى الحبشة؟ اشتريت سواكاً طرياً عند باب المسجد، وتبي تدخل تصلي تنتظر حتى تذهب إلى البيت فتصلحه بالسكين، أو يمكن أن تصلحه بظفرك؟ يعني لو أردت أن تصلحه بظفرك وقال لك: هذا مدى الحبشة ما يجوز، انتظر حتى تذهب إلى البيت وتصلحه بمدى المسلمين، هاه؟
طالب:.......
يعني خاص بالذبح؛ لأن التعليل بقوله: ((فمدى الحبشة)) أنهم يستعملون الظفر بمثابة المدية، وإذا استعملناه بمنزلة المدية شابهناهم، وكما تستعمل الظفر في الذبح تستعمل في إصلاح كثير من الأمور، مما يقوم مقام المدية، وأيضاً الحبشة يذبحون بالسكين، هل يتصور أن الحبشي يذبح وينحر بعير بظفره أو بالسكين؟ لماذا لم نمنع عن مشابهتهم في ذبحهم بالسكين؟ نعم السكين هي الأصل، وهي مدية الناس كلهم، فما يشترك فيه الناس كلهم ما يقال فيه مشابهة، لكن ما يختصون به هذا اللي يمنع من أجل المشابهة وهو الظفر.
((ما أنهر الدم)) ويكون ذلك بنحر الإبل في طعنها بالحربة في الوهدة التي بين الصدر والعنق، وذبح ما عدا الإبل بقطع الحلقوم والمري والودجين، عندك أربعة أشياء: الحلقوم الذي هو مجرى النفس، والمري الذي هو مجرى الطعام، والودجان الذين هم مجرى الدم، فهل يشترط قطع الأربعة أو يكتفى ببعضها؟ محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يقول: يكفي الحلقوم والمري، فلو لم يقطع الودجين حلت الذبيحة، لكن الفائدة الأولى من الذبح والتنصيص في الحديث: ((ما أنهر الدم)) يجعل الودجين أهم من الحلقوم والمري، فمن أهل العلم من يرى الاقتصار على الحلقوم والمري، لكنه مع قطع الحلقوم والمري تنتهي الحياة يموت، وإن كان استخراج الدم كاملاً إنما يكون بقطع الودجين، فمنهم من اشترط الأربعة، لا بد من قطع الحلقوم والمري والودجين، ومنهم من يقول: الحلقوم والمري وأحد الودجين، ومنهم من يقول: يكفي الحلقوم والمري ولا داعي لقطع الودجين، ولا شك أن الأكمل قطع الأربعة، والكثير من أهل العلم يرون الحلقوم والمري مع أحد الودجين؛ لأن أحد الودجين لا بد منه من أجل إخراج جميع الدم من البدن، فيحرص الذابح على أن يقطع الأربعة يحرص أن يقطع الأربعة، وإن اكتفى بأحد الودجين مع الحلقوم والمري كفى عند كثير من أهل العلم.
قال -رحمه الله-: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبراً" يمسك وهو حي، ثم يرمى حتى يموت، وهذا قريب من اتخاذ ما فيه روح غرضاً بحيث يمسك ويتدرب عليه، وهنا يقتل صبراً، كثيراً ما يفعل مثل هذا بين يدي الظلمة يوثق ثم يرمى.
"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبراً" إنما إن كان صيداً فبالآلة أو بالحيوان المعلم، وإن كان مقدوراً عليه غير متوحش فيكون بالذبح الشرعي على ما تقدم، فلا يحبس، ثم يرمى؛ لأنه إذا حبس صار مقدوراً عليه، هذا إذا كان من الدواب المأكولة، وإذا كان من غير المأكولة فإن قتله بهذه الطريقة تعذيب له.
قال -رحمه الله-: "وعن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء))" أولاً: الإحسان مرتبة في الدين عالية أخص من مرتبة الإيمان والإسلام كما جاء في حديث جبريل.
الإحسان يكون في تعامل الإنسان مع ربه، ويكون مع نفسه، ويكون مع غيره، فالتعامل بالإحسان يورث المعاملة بالإحسان {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [(60) سورة الرحمن] فالذي يعامل الناس بالحسنى لا شك أن جزاءه حسن، والذي يعامل من أساء إليه بالحسنى لا شك أن ثوابه وأجره أعظم {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(96) سورة المؤمنون] لكن من أراد أن يعامل الناس بمثل ما عاملوه به، فإنه لا يعد ظالماً {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [(194) سورة البقرة] يعني لا تجوز الزيادة على ذلك، وإن كان أقل فهذا فضل وإحسان.
نأتي إلى موضوع الباب وهو ما يستحق القتل، كيف نحسن على من يستحق القتل من آدمي أو غيره؟ هذا مستحق للقتل، إما قصاص بأن كان قاتلاً، أو حد إذا كان زانياً محصناً، أو غير ذلك ممن يستحق القتل، كيف نحسن إليه؟ كيف نحسن إلى حيوان يظن كثير من الناس أنه لا يحس ولا يشعر؟ لا بد من الإحسان إليه، ((فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة)) القتلة فعلة، وهو اسم هيئة، هيئة القتل ((وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)) يعني هيئة الذبح.
ومن الإحسان إليه أن تحد الشفرة، بأن يجهز على المذبوح بسرعة، ولا يعذب بسكين كالة، أو يقتل بسيف كال، بحيث يضرب به مراراً، يضرب به مرة تزهق روحه، وأيضاً لا تحد الشفرة وهو ينظر، ولا تذبح الذبيحة وأختها تنظر إليها؛ لأن لها قوى مدركة تدرك بعض ما يضرها، نعم ليس لها عقول، ولذا لم تكلف بالتكاليف، لكن فيها قوى مدركة تدرك بها بعض ما ينفعها وبعض ما يضرها.
((وليحد أحدكم شفرته)) يعني سكينه ((وليرح ذبيحته)) بحيث يقطع ما يجب قطعه بمرة واحدة.
قال -رحمه الله-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) رواه أحمد، وصححه ابن حبان" وله شواهد كما ذكر الترمذي عن جابر وأبي الدرداء وأبي أمامة وأبي هريرة، فهو صحيح بشواهده ((ذكاة الجنين)) يعني ما في بطن مأكول اللحم من ناقة أو بقرة أو شاة وغيرها مما يذكى ((ذكاة الجنين)) سمي جنين لاجتنانه واختفائه واستتاره ببطن أمه، ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) ذكاة: الأولى مبتدأ، وذكاة: الثانية خبر.
جاء في بعض الروايات: ((ذكاة الجنين بذكاة أمه)) يعني أن ذكاة الأم تكفي لها ولجنينها، فإذا خرج الجنين من بطن أمه ميتاً بعد ذبحها فإنه يؤكل؛ لأن ذكاة أمه هي ذكاته، وذكاته بذكاة أمه، وفي بعض الروايات: ((في ذكاة أمه)) يعني في ضمنها، فلا يحتاج إلى تذكية مستقلة، وبهذا قال أكثر أهل العلم أنه لا يحتاج إلى تذكية إذا خرج ميتاً، أما إذا خرج حياً فإنه لا بد من تذكيته، ويكتفى بذكاة أمه إذا خرج ميتاً؛ لأنه جزء من أجزائها، جزء من محتوياتها كغيره مما يحتويه بطن هذه المذكاة، والحنفية يرون أنه لا بد من تذكيته، فإن خرج ميتاً فهو ميت، حكمه حكم الميتة لا يجوز أكله، وإن خرج حياً فلا بد من تذكيته.
ويختلف الحكم باختلاف الإعراب؛ لأن بعضهم يرويه ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) يعني كذكاة أمه يكون منصوب على نزع الخافض، فيجب أن يذكى مثل ما تذكى أمه، وعلى هذا يكون الحديث فيه فائدة وإلا ما فيه فائدة؟ إذا قلنا: ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) وأنه يذكى كما تذكى أمه، فما فيه فائدة الحديث، مؤكد لأحاديث التذكية كلها، وإذا قلنا: إن ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، أو في ضمن ذكاة أمه، قلنا: إن الحديث جاء بحكم جديد وهو مؤسس لا مؤكد.
منهم من يفرق بين الجنين إذا أشعر، وبين الجنين قبل أن يشعر، يعني إذا كان له شعر فحكمه حكم أمه، وإذا لم يشعر فلا، ويذكرون فيه عن ابن عمر خبراً عن ابن عمر مرفوعاًَ: ((إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه)) لكنه حديث ضعيف، وأيضاً هناك حديث ضعيف في الباب: ((ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر)) فالشعر وجوداً وعدماً لا يثبت، إنما ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) وهذا يشمل ما كان قبل الإشعار وما بعده، فتكفي تذكية أمه عن تذكيته، وهذا قول الجمهور.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المسلم يكفيه اسمه))" كيف يكفيه اسمه؟ لأنه عبد لله، هو عبد الله، سواءً كان اسمه عبد الله أو عبد الرحمن أو محمد أو أحمد، هو عبد لله، فاسمه مشتمل على ذكر الله ((يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح، فليسم، ثم ليأكل)) لكن الحديث ضعيف.
يقول الحافظ: "أخرجه الدارقطني، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق ضعيف الحفظ" يعني مضعف من جهة حفظه، فالخبر ضعيف، ولا يثبت مرفوعاً "وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس، موقوفاً عليه" نعم يصح موقوفاً على ابن عباس، لكنه لا يثبت مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- "وله شاهد عند أبي داود في مراسيله، بلفظ: ((ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر)) وقال: رجاله موثقون" فالموقوف صحيح على ابن عباس، والمرفوع ضعيف، إما لضعف راويه، أو لإرساله وجهل الساقط من إسناده، وعلى هذا يبقى اشتراط التسمية هو الأصل.
طالب:.......
الحديث ضعيف ما يحتاج إلى..، نعم ضعيف ما يعمل به.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...
"تقدم أنه نجس، وأنه يغسل ما يصيبه سبعاً ويترب، لكن الصيد مستثنى من هذا باعتبار أنه سوف يطبخ، وإذا كان فيه شيء مما يضر فإنه يزول بالطبخ.
جاء الأمر بقتل الكلاب في صحيح مسلم، ثم بعد ذلك نهي عنه، فتطرد عن هذا الحي بطريقة مناسبة.
وهل تمنع دخول الملائكة للحي؟
هي تمنع من دخول البيوت، البيت الذي فيه كلب أو صورة لا تدخله الملائكة، أما بالنسبة للأحياء، وبالنسبة للبراري والقفار فمثل هذه لم يرد فيها النص.
لا نأكلها.
ليتدرب عليه الصقر، يعني ترسل الحمامة ثم يرسل وراءها ليعلم، إذا كان لا يوجد وسيلة لتعليمه إلا بهذا فلا شك أن هذا مما يتجاوز؛ لأن المكاسب من وراءه أكبر، وإذا وجد وسيلة بأن يرسل شيء لا روح فيه تعين.
جاء في الخبر: ((لا قود إلا بالسيف)) فلو صح لكان قاطعاً لكل كلام، وفيه كلام لأهل العلم الحديث هذا فيه كلام، والقتل بالسيف من الماهر بالقتل هو أيسر وأريح أنواع القتل.
على كل حال لا بد من الإحسان في القتل والذبح، فإذا كانت هذه الأشياء تؤمله وتؤذيه فلا تجوز بحال.
عرفنا أنه إذا كان البلد بلاد مسلمين فلا إشكال فيما استورد منه، وكذلك إذا كانوا أهل كتاب؛ لأن طعامهم حل لنا، إذا عرفنا أنهم يذبحون بغير طريقتنا بطريقة محرمة فالمصعوقة وقيذة لا يجوز أكلها.
ابن العربي يقول: تحل ذبائحهم إذا ذبحوها بطريقة معتبرة عندهم، ولو لم تحل عندنا، ولا بد أن يكون هذا الاعتبار من أصل دينهم، بخلاف ما استحدثوه بعد أن تنصلوا عن دينهم.
لا، لا يصح، ما دام مات قبل أمه، إذا لم يمت بسبب تذكية أمه فلا يصح، فلا يؤكل؛ لأنه حينئذٍ ميتة.
عليه أن يضبط ما له وما عليه، عليه أن يضبط، ويميز أمواله عن أموالك، فيدفع مالك، ويأخذ ماله.
على كل حال مثل ما مضى، غلبة الظن تورث شبهة يمتنع من أجلها المسلم؛ لئلا يبني جسده على حرام، ولا على سحت، ويحتاط لنفسه، أما إذا كان في بلاد مسلمين، ويغلب على الظن أن الذابح مسلم مثل هذا الورع فيه ضعيف، وإذا قويت الشبهة تأكد الورع، أما إذا لم توجد شبهة فلا مجال لهذا الورع حتى أن بعضهم يعده وسواساً.
إذا كان في بلاد كفار وغلب على الظن من أن الذبح بطريقة محرمة عند المسلمين فلا يقدم عليه، لا يجوز له أن يقدم عليه إذا بلغه ذلك بطريق صحيح، أو وصل إليه بطريق رؤية أو نحوها.
ذكرنا مراراً حديث النهي عن قتل الحيوان إلا لمأكلة، فلا يقتل إلا ليؤكل.
مثل المسواك، مثل السواك.