بلوغ المرام - كتاب الجامع (09)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «العجلة من الشيطان» أخرجه الترمذي وقال حسن وتحسينه من تساهل الإمام الترمذي رحمه الله وإلا فالحديث ضعيف والعجلة هي السرعة والإسراع في الشيء بينما الأناة والتأني والرفق هذا محمود شرعًا والعجلة هذه التي هي الإسراع في الشيء هذه مذمومة شرعًا وجاء فيها ما يدل على ذلك وإن كان الحديث هذا ضعيفًا «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون امشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» هذه الصلاة التي هي أهم المهمات أمرنا بالأناة والتأني وعدم العجلة وعدم الإسراع إليها وهي الصلاة التي هي رأس مال المسلم عمود الإسلام وجاء في صلاة الجمعة ﮋ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﮊ الجمعة: ٩ وليس بين الحديثين تعارض إذ السعي المطلوب المبادرة والتهيؤ لها في وقت مبكر وأما إذا باشر المشي إلى المسجد فإنه يمشي بسكينة ووقار كسائر الصلوات جاء الأمر بالمسارعة والمسابقة إلى ما يرضي الله جل وعلا وليس في ذلك ما يقتضي العجلة المذمومة إنما فيه ما يقتضي المبادرة إلى أعمال الخير وعدم التأني فيها وعدم تأخيرها لئلا يطرأ على الإنسان ما يطرأ من موانع وليس في هذا ما يعارض ما جاء من ذم العجلة والحديث على كل حال ضعيف قال رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الشؤم سوء الخلق» أخرجه أحمد وفي سنده ضعف وهذا كسابقه ضعيف «الشؤم سوء الخلق» والشؤم كما هو معروف ضد اليُمن «إن كان الشؤم ففي الدابة والدار والمرأة» إن كان الشؤم فضد اليمن فكثير من النساء مباركة وكثير من الدور مباركة وكثير من الدواب مباركة وقل مثل هذا في السيارات وسائر المركوبات لكن بعضها يكون الشؤم عندها لا بها بمعنى أنه يقدر عليك هذا الأمر الذي لا تريده ولا ترضاه باقترانك مع اقترانك بهذه المرأة لا أنها هي مصدر شؤم أو يتشاءم بها بل الشؤم مكتوب عليك ومقدر ووجد ما كتب عليك وقدر عند اقترانك بهذه المرأة أو سكناك هذه الدار أو اقتناؤك لهذه الفرس لهذه الدابة فالشؤم منفي مطلقًا إنما هذه مقدرات كتبها الله جل وعلا تقترن ببعض الأشياء يعني لو قدر هذا مكتوب عليك أن أن تسكن دار فتنكسر بمجرد دخولك إياها هذا الكسر مكتوب عليك في اللوح المحفوظ قديم مقضي عليك ومقدر سكنت هذه الدار أو تلك الدار أو دار ثالثة أو رابعة في هذا نقص فتتعرض لهذا الكسر فأنت لما دخلت هذه الدار وانكسرت رجلك أو يدك أو ظهرك أو ما أشبه ذلك تصورت أنه بسبب هذه الدار مع أنه أمر مقضي عليك فتشاءمت من هذه الدار وقال لك الناس بعها ما فيها خير وقد يتكرر هذا الأمر وقد تشتري سيارة فتمكث معك عشر سنين ما صار معها أدنى إشكال ثم تقتني بعدها أخرى ففي أول يوم تصدم وفي يوم ثاني يحصل ما يحصل خلل تخبط تقلب إلى غير ذلك من الأمور فيقول هذه السيارة مشئومة ليست هذه أمور مكتوبة ومقدرة عليك حتى لو اشتريت سيارة ثانية غير هذه لحصل ما حصل لكن هذه النظرة القاصرة للناس الشؤم سوء الخلق» ما فيه شك أن سوء الخلق مذموم وأثق ما يوضع في الميزان حسن الخلق فسوء الخلق يجر على صاحبه ما يصل أحيانًا إلى القتل تجده إذا خاصم عند أدنى شيء وخلقه سيء بادر بالضرب والشتم مما يجعل خصمه يعتدي عليه بأكثر فمن هذه الحيثية هو ليس بمرضي ولا محمود ومذموم شرعًا وقد يظن الناس أن فيه شيء من الشؤم هذا الرجل سيئ الخلق يتعرض لأمور تضره في دينه ودنياه لكن ليس الشؤم مقترنًا به باعتبار أنه شؤم وإنما أمور مقدرة مقضية على هذا الإنسان حصلت عند هذا الأمر وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن اللعانين إن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة» أخرجه مسلم اللعان كثير اللعن فهي صيغة مبالغة صيغة مبالغة واللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله وهو محرم وجاء في الحديث الصحيح لعن المؤمن كقتله ولا يلزم أن أن يكون من أهل المبالغة في اللعن والإكثار منه مجرد اللعن محرم «إن اللعانين لا يكونون شفعاء» يعني لا يشفعون لغيرهم لأنهم بصدد أن يعاقبوا على لعنهم فكيف هم بحاجة إلى من يشفع لهم فكيف يشفعون لغيرهم شفعاء ولا شهداء يوم القيامة لا يشهدون على الأمم السابقة ولا للأنبياء السابقين أنهم بلغوا لأنهم ليسوا من أهل الشهادة ليسوا من أهل الشهادة مطعون في عدالتهم فكيف تقبل شهادتهم ومنهم من يقول ليسوا بشهداء يعني لا يثبت لهم حكم الشهادة ولو وجد سببها فيكون اللعن مانع من الشهادة في سبيل الله سواء كانت شهادة دنيا أو أخرى «ولا شهداء يوم القيامة» قال رحمه الله وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» أخرجه الترمذي وحسنه وسنده منقطع وتحسينه من قبل الإمام الترمذي رحمة الله عليه تساهل شديد بل حكم بعضهم بعض العلماء عليه بأنه موضوع وأما كونه ضعيف جدًا أو واهٍ فهذا حكم أهل العلم عليه لكن بعضهم حكم عليه بأنه موضوع «من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» نعم تعيير المسلم بذنب سواء كان تاب منه أو لم يتب هذا فيه من الشماتة بأخيه المسلم أما إذا تاب منه فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له كأنه قذفه بذنب جديد لم يعمله لأنه تاب منه وأما إذا لم يتب منه فإنه شماتة بأخيه المسلم وفي الغالب أن مثل هذا يعاقب بذنب سواء كان بنفس الذنب أو بغيره لأن الحديث لا يثبت وفي الغالب أن من يعير أخاه بالذنب أنه يشهد لنفسه ويزكي نفسه أنه بريء من هذا الذنب ومن غيره وإلا لو تصور أنه متلبس بذنب ما عيَّر أخاه بالذنب شغله عيبه عن عيب أخيه قال رحمه الله وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم أو ليضحك به» يعني بالكذب «ويل له ويل له» خرجه الثلاثة وإسناده قوي الحديث لا بأس به حسن وما روي بهذه السلسلة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري أبوه صحابي وهذه السلسلة مختلف فيها بين أهل العلم منهم من يقول ما يروى بها ضعيف ومنهم من يقول صحيح والتحقيق أن ما يروى بواسطتها حسن لأن بهزًا فيه كلام خفيف لأهل العلم لا يصل ما يرويه إلى درجة الصحيح بسببه وإن كان حسنًا «ويل للذي يحدث فيكذب» نسأل الله العافية «ويل للذي يحدث فيكذب» الكذب محرم بالكتاب والسنة محرم بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم وأعظمه الكذب على الله جل وعلا ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﮊ الزمر: ٦٠ ومن أظهر وجوه الكذب على الله جل وعلا الفتوى بغير علم ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﮊ النحل: ١١٦ فالذي يفتي بغير علم ويجرؤ على الفتيا بغير علم هذا داخل في قوله جل وعلا: ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﮊ الزمر: ٦٠ وكذلك من أعظم الفرية وأعظم الكذب على الله جل وعلا الزعم بأن له ولد أو إشراك أحد معه في العبادة ومن أعظم الكذب بعد الكذب على الله جل وعلا الكذب على رسوله -عليه الصلاة والسلام- «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» نسأل الله العافية حتى حكم بعض العلماء بكفر من كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- بكفر من تعمد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن عامة أهل العلم على أنه لا يكفر وإن كان جرمه عظيمًا ارتكب موبقة من الموبقات نسأل الله السلامة والعافية وابن الجوزي يقول ولا شك أن من تعمد على الكذب أن من تعمد الكذب على الله ورسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال أنه كافر هذا مُشرّع نسأل الله العافية هذا شريك لله زعم أنه شريك لله في التشريع فنسأل الله السلامة والعافية وعلى كل حال الكذب كبيرة وموبقة من الموبقات ومن عظائم الأمور لكنه لا يصل إلى حد الكفر «ويل» وادٍ في جهنم نسأل الله العافية لو سُيِّرت فيه جبال الدنيا لذابت من حره وهي كلمة عذاب نسأل الله السلامة والعافية يحصل بها التهديد والتخويف «ويل للذي يحدث فيكذب» طيب المصلحة «ليضحك به القوم» يعني بعض الناس يبرر إذا كذب أنه له مصلحة محسوسة يتخلص به من موقف يكسب به مالا يدفع به عن نفسه هناك مبررات يعني لكن يضحك القوم! هل هذا مبرر عند كل ذي عقل سليم هذا ليس بمبرر لكن نشوة الكلام والمزاح والهزل قد توقع الإنسان في مثل هذا شعر أو لم يشعر «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له» تأكيد لهذا العذاب الشديد المرتب على الكذب لإضحاك القوم أخرجه الثلاثة وإسناده قوي والمراد بالثلاثة أبو داود والترمذي والنسائي جاء استثناء صور من الكذب والكذب هو عدم مطابقة الكلام للواقع فجاء إباحة الكذب في الحرب «والحرب خَدعة» كما جاء في الحديث والكذب للإصلاح يوجد بين اثنين منافرة بين أخٍ وأخيه وبين ابن ووالده أو العكس وبين عام وآخر وبين جار وجاره ثم يأتي هذا المصلح فيقول أنا كنت البارحة عند فلان فإذا به يمدحك ويثني عليك ويعترف بالخطأ والزلل ثم يذهب إلى الآخر ويقول له مثل ذلك ثم يصطلحان هذا مستثنى ومثله في الحرب وأيضًا كذب الزوج على زوجته للإصلاح والزوج والزوجة على زوجها لتمشية الأمور بينهما لأنه لا تخلو حياتهما من مشاكل ثم بعد ذلك يريد أن يلطف الجو بشيء من الكذب الذي لا يترتب عليه مفسدة فهذا مستثنى عند أهل العلم وجاء ما يدل عليه أشار الشارح إلى نكتة لطيفة في قوله انظر في حكمة الله ومحبته لاجتماع القلوب انظر في حكمة الله ومحبته لاجتماع القلوب كيف حرم النميمة وهي صدق لماذا؟ لأنه يترتب عليها النفرة والإفساد النميمة صدق هذا هذا الرجل قال هذا الكلام لكن الذي نقل الكلام النمام القتات ما الذي يترتب على فعله الإفساد بين الناس كيف حرم النميمة وهي صدق لما فيها من إفساد القلوب وتوليد العداوة والوحشة وأباح الكذب وإن كان حرامًا إذا كان لجمع القلوب وجلب المودة وإذهاب العداوة فهذه اجتماع القلوب وتصافيها وإذهاب ما فيها من بغضاء وشحناء هذا من مطالب الشرع حتى أنه أباح الكذب بسببها وحرّم الصدق بسببها في باب النميمة نسأل الله العافية هناك صور مخالفة للواقع وهي موجودة في كلام العرب بل في بعض النصوص وموجود في تصرفات أهل العلم كالمبالغات المبالغة مخالِفة للواقع يعني لما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه» هذه مبالغة وهي مخالفة للواقع باعتبار أنه لا بد أن يضع العصا ولو عند النوم أقل الأحوال يضع العصا هذه مبالغة وإن كان فيها مخالفة للواقع إلا أنها مغتفرة ومستعملة ومن ذلكم المقامات ما فيه حدث ولا محدِّث ولا محدَّث حدث الحارث بن همام قال ما فيه حارث ولا همام إنما هي من نسج الخيال ويذكر قصة طويلة ويذكر يسرد أحداث هذه القصة وهي لا حقيقة لها ولا وجود لها ولم تحصل كمقامات الحريري والزمخشري والبديع وغيرهما هذه المقامات فيها فوائد لا شك لغوية وفيها أيضًا تنمية وتثقيف للذهن فأهل العلم تتابعوا على التأليف فيها وما فيه أحد فيما نعلم نص على تحريمها وحتى الحريري في نهايتها قال أرجو أن أخلص منها كفافًا لا لي ولا علي المناظرات المناظرات منها ما يجزم بأنه لم يقع مناظرة بين العلوم قال علم التفسير كذا قال علم الحديث كذا رد عليه علم الفقه بكذا ورد عليه علم النحو بكذا هذه مناظرات بين العلوم لا حقيقة لها مناظرة بين حيوانات كلام على ألسنتها ومناظرة بين فِرق وكتاب شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم مملوء من المناظرات قال السني قال القدري هذا أمر يتجاوز فيه أهل العلم للمصلحة الراجحة والمفسدة فيه مغمورة التمثيل مخالف للواقع يأتي شاب يمثل دور شيخ كبير ويتكلم على لسانه بكلام لم يحصل وآخر بالعكس وهكذا التمثيل مخالف للواقع وإن كانت المخالفة من حيث العمل فهي كذب عملي كذب عملي ومن أباحها قال إن فيها مصالح مترتبة عليها كالمصالح التي توجد في المناظرات وفي المقامات وغيرها لكن يبقى أن المقامات وُجدت عند أهل العلم والمناظرات وجدت في أوقات أهل العلم والمبالغات وجدت حتى في بعض النصوص لكن التمثيل حادث حادث طارئ يستدل بعضهم لجوازه بحديث الثلاثة الأقرع والأعمى والأبرص قالوا إن الملك جاء على صورة تمثيل جاء الأعمى بصورة أعمى وجاء الأبرص بصورة أبرص وجاء الأقرع بصورة أقرع هذا تمثيل لكن من الذي بعثه بهذه الصورة؟ هل هو بنفسه فعل بنفسه هذا إنما الذي صوره هذه الصورة هو الله جل وعلا وبعثه إلى كل واحد بصورته فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث والأظهر هو المنع قال رحمه الله وعن أنس رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كفارة من اغتبته أن تستغفر له كفارة من اغتبته أن تستغفر له» رواه الحارث بن أبي أسامة بإسناد ضعيف بل هو ضعيف جدًا واهٍ جدًا «كفارة من اغتبته أن تستغفر له» كونك تستغفر له هذا شيء طيب ويؤجر عليه إن شاء الله تعالى يصله ثواب هذا الاستغفار وهو دعاء منك له تطلب له المغفرة من الله جل وعلا فأنت مأجور وهو مأجور لكن هل يقاوم هذا الاستغفار هذه الغيبة؟ الخبر لا يثبت، قد يخفف من الوزر المرتب على هذه الغيبة بلا شك لكن كونه يمحوها محوًا نعم إذا أكثرت من الاستغفار وندمت على ما فعلت واستفاد أخوك من استغفارك يرجى إن شاء الله تعالى وإلا فالأصل أن من كانت عنده مظلمة لأخيه في عرضه أو في شيء فليتحلله منه فليتحلله منه قبل ألّا يكون دينار ولا درهم ما تستطيع أن تسدد يتحلل منه لكن أهل العلم يقولون إذا كان يترتب على إخباره إذا كان لا يعلم بذلك ويترتب على إخباره مفسدة أعظم من من من نفس الغيبة فإنه حينئذٍ يستغفر له ويدعو له ويثني عليه ويمدحه في الأماكن التي اغتابه فيها ولا يتحلل منه لئلا يترتب على ذلك مفسدة والناس يتفاوتون الناس يتفاوتون فبعض الناس ممكن أن تذهب إليه وتقول له فعلت كذا وفعلت كذا أنا تكلمت فيك في المجلس الفلاني وأنا الآن نادم على ذلك وأرجو أن تبيحني وتحللني ويحللك وبعض الناس لا يمكن بل يزيد من إصراره وعناده وحسب عقول وأديانهم الناس يتفاوتون في عقولهم ويتفاوتون في مداركهم وإلا فما الذي يضيرك أن تبيحه وتحلله ليثبت لك الأجر العظيم عند الله جل وعلا الزهري يرى أن التحليل لا يفيد ظلمته في عرضه لا بد أن يقتص منك ظلمته في ماله لا بد أن ترد عليه والتحليل بمجرده لا يفيد وجماهير أهل العلم بل عامة أهل العلم على أنه يفيد وهذا في الصحيح «من كانت عنده مظلمة لأخيه» في البخاري «أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألّا يكون دينار ولا درهم» إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه وهذا جزء من حديث المفلس جزء من حديث المفلس نسأل الله السلامة والعافية قال رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم» أخرجه مسلم وهو في البخاري أيضًا فالحديث متفق عليه «إن أبغض الرجال إلى الله» الله جل وعلا يحب ويبغض وهذه الصفات ثابتة بالنصوص الصحيحة الصريحة فيثبتها أهل السنة والجماعة على ما يليق بجلال الله وعظمته «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخَصِم» الألد يقول مأخوذ من لديدي من لدِيدَي الوادي وهما جانباه لأن الألد ما يكتفي برده مرة إذا خاصم إذا رُد عليه دعواه ولو برد مقنع دامغ لا يكتفي بهذا فيأخذ الموضوع من جانب إلى جانب ويلجلج حتى يظن أنه نجح في قضيته من أصحاب الخصومات الكثيرة صيغة مبالغة من يتولى الخصومات عن الناس وتجده يطيل الكلام ويكثر الحجج التي هي في الأصل غير مقبولة إلا أنه قد يكون عنده شيء من البراعة في ليّ الكلام وعنده قدرة على كسب القضايا وإن كان بغير حق لما أوتي من بيان هذا من كثرة الخصومات يتعوّد كيف يدخل وكيف يخرج وكيف يقنع الخصم وكيف يقنع القاضي هذا هو الألد الخصم الذي إذا رُد عاد كما هو الشأن في لديدي الوادي يعني جانبيه فتجده إذا رد من جانب جاء من جانب آخر وإذا رد من وجه جاء من وجه آخر وهذا في الخصومات لأنه قال «الخَصِم» والخصم فعل وفعل من صيغ المبالغة فهو كثير الخصومة فهذا فيه تحذير وتنفير من المهنة التي يمتهنها بعض الناس وهي ما يسمى بالمحامات بالمحامات تجده في أول الأمر عنده شيء من التحري والورع وأخذ العهود على نفسه ثم لا يلبث أن يقع فيما ذكر في هذا الحديث وفي غيره من علامات المنافق «إذا خاصم فجر» لأن أجرة المحامي كما يقولون على النجحان فلا بد أن يسعى جاهدًا لكسب القضية بحق وبغير حق من أجل أن يكسب الأجر المرتب عليها أما كون الإنسان يخاصم لاستيفاء حقه أو يتبرع للخصومة أو يستأجر لخصومة من لا يستطيع نيابة عمن لا يستطيع الخصومة هذا لا إشكال فيه لكن عليه أن يتحرى الحق ويتحرى الصدق يتحرى الصدق فلا يقول إلا حقًا بعض الفقهاء ذكر أنها أن من يكثر الخصومة تردّ شهادته لأنها تخل بالمروءة تخل بالمروءة قد لا تكون معصية بذاتها لكن الإكثار منها تجده في كل مجال يخاصم ويطالب ويتردد على المحاكم وعرفه القضاة بهذا وعرفه الناس بهذا قالوا إنه قليل المروءة لأن الأصل في المسلم أن يكون محتشمًا هاديًا جادًّا لا يتكلم إلا حينما يقتضي المقام الكلام وتجد هذا تعلم على كثرة الكلام ونزع جلباب الحياء لأن من صفات المؤمن أنه عيي جاء في وصفه أنه عيي يعني من قلة كلامه تجده لا يسترسل في الكلام بكثرة وهذا منهج السلف الصالح حتى في العلم كلامهم قليل لكنه مبارك وكثر الكلام عند المتأخرين ممن ينتسب إلى العلم حتى ظن بعض الناس أن من المتأخرين من هو أعلم من المتقدمين لكثرة كلامه وابن ابن رجب رحمه الله في فضل علم السلف على الخلف يقول من فضل عالمًا على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بسلف هذه الأمة لكن هناك قضايا ومواقف تحتاج إلى تجلية لها ذيول ولها ملابسات ولها تحتاج إلى توضيح كما هو شأن شيخ الإسلام ابن تيمية حينما يرد على المبتدعة يجتث جذور البدعة من أصولها فيحتاج إلى مقدمات ويحتاج إلى بسط في الكلام لأن الوقت الذي عاشه عاش وقت كلام وعاش فيه المتكلمون الذي أصلوا وأسسوا البدع وطولوا الكلام فيها وشققوها وفرعوها مثل هذا يحتاج إلى رد مفصل موسع كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية ولا يرد عليه كلام ابن رجب.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"يقصد بهذا البيت وإن كان لا يمكن أن يخاطب به من بكَّر للعلم لأن هذا فيه شيء من التحطيم لطلاب العلم لكن معناه صحيح كم من واحد يغدو مبكرًا إلى أمر دينٍ أو دنيا ثم يعتريه ما يعتريه من الخلل حتى يكون سعيه غير مجدٍ فهذا الذي هذا الحريص الجامع الجاشع سواء كان جامع للعلم قد يعتري هذا الجمع ما يعتريه من خلل في قصد وحينئذٍ لا ينتفع ولا ينفع وفي هذا تنبيه إلى أهم المهمات وهو الإخلاص في هذا الباب وكذلك قد يجمع بشره ونهم المال ثم يعتريه ما يعوقه عن الانتفاع به وهذا كثير ومشاهد كثير من الطلاب حرصوا على طلب العلم ثم بعد ذلك أصيبوا بشيء من الفتور فنسوا ما جمعوه لكن من حرص وبكّر إلى ما ينفعه هذا لا يلام هذا بذل السبب كون النتيجة ترتبت على هذا السبب أو لم تترتب هذا كله بيد الله جل وعلا.
القصاص الذين وجدوا في عهد السلف أولاً عهد السلف عهد علم مبني على نص وعلى الكتاب والسنة مبني على نص علم جادّ ووجد هؤلاء القصاص على زعمهم ليؤلفوا العامّة فيلتفتوا إليهم لأن العامة لا يصبرون على العلم الجادّ العلم المؤصَّل المبني على النص لأنهم ما هيئوا لأنفسهم لطلب العلم يعني فرق بين أن تجمع عامة وتبحث معهم مسائل فقهية أو قصص تاريخية أحب عليهم القصص لأن عقولهم لا تستوعب ما يقال في مسائل العلم فهؤلاء القصاص عمدوا إلى هؤلاء العامة وألفوهم بقصص وأخبار وفي هذه الأخبار ما تصح نسبته وما لا تصح نسبته فوجد في رواياتهم الأحاديث الضعيفة بكثرة ووجد الموضوع المكذوب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالتحذير منهم من هذه الحيثية من هذه الجهة وإلا لو وعظوا الناس واقتصروا على ما صح من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- إضافة إلى القرآن الذي جاء الأمر بالتذكير به (فذكر بالقرآن) : ٤٥ هذا الأصل بالتذكير أن يذكر الناس بالقرآن (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) ق: ٤٥ ويذكر أيضًا الناس بما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أما ما لا يصح من ضعيف وموضوع ومختلق ومكذوب ومصنوع هذه بضاعة القصاص الذين حذر منهم السلف.
ذكرنا مرارًا أن هذا داخل في النصوص وأنه محرم.
إذا كان هؤلاء الأيتام فقراء ويدفع إلى من يتولى الإنفاق عليهم لا بأس لأنه وكيل عنهم.
أمك لا تريد إلا الإصلاح لا تريد إلا الإصلاح لكن إذا كانت تعرف ويغلب على ظنها أن هذا الغطاء سوف يكتمها وينهي عنها ما تحتاجه من أكسجين ويترتب عليها الموت فهي آثمة وإذا غاب هذا عن بالها وأنها لا تريد بذلك إلا الإصلاح فلا شيء عليها إن شاء الله تعالى.
يعني فرق بين الصلاتين المجموعتين بساعة.
هل هذا الفعل جائز؟
جمهور أهل العلم أن هذا لا يجوز لأن الفصل بين الصلاتين المجموعتين في وقت الأولى لا يجوز إنما يجوز الفصل بين المجموعتين في وقت الثانية يعني لو كان لو صليت جمعت بين الظهر والعصر في وقت العصر وفرقت بينهما هذا ما فيه إشكال عند أهل العلم لكن في وقت الأولى لا، لا يجوز التفريق بينهما وشيخ الإسلام يرى أنه لا فرق في التفريق بين الأولى والثانية فيجوز التفريق بينهما في وقت الأولى والثانية لكن الجمهور بل الجماهير على أنه لا يفرق بينهما.
إذا كان الإنسان عاصيًا في سفره فإنه لا يجوز له أن يترخص لأن العاصي لا يعان ويخفف عنه في سفره أما إذا كان السفر مباحًا أو مستحبًا أو واجبًا فهذا لا مانع من الترخص فيه.