شرح رسالة أبي داود لأهل مكة (4)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهذا سؤال: أفكار متكررة....... ومن ثم أصبحت أغتسل هذا أجيب عنه سابقا.
سم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: ولا أعلم شيئا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب، ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذه الكتب شيئاً، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره، وأما هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي، فهذه الأحاديث وصولها ويعجبني أن يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويكتب أيضاً مثل جامع سفيان، وإنه أحسن ما وضع للناس من الجوامع، والأحاديث التي وضعتها في كتابي السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس والفخر بها أنها مشاهير، وإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم، ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً، فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدره أن يرده عليك أحد، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث، وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث ينشده كما تنشد الضالة فإن عرف وإلا فدعه، وإن من الأحاديث في كتاب السنن ما ليس بالمتصل. وهو مرسل....
لا قف على هذا.
أحسن الله إليك
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده رسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد: فيقول الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته: التزم البيان رحمه الله تعالى لما ضعفه شديد، أما ما ضعفه محتمل قريب يعتبر به، ويستفاد منه في التقوية فإنه لا يبين ضعفه، وإنما التزم بيان الوهن الشديد وقد وفى بذلك، ومنه ما لا يصح إسناده، وهذه الجملة إن رجعت إلى ما فيه وهن شديد الذي التزم بيانه فالأمر واضح؛ لأنه لم يصح إسناده بل كله لا يصح إسناده الذي التزم بيانه اللهم إلا أنه قد يصح الإسناد مع الوهن الشديد في متنه للمخالفة لكن منه ما يرجع وهنه الشديد إلى إسناده وهذا ظاهر ومنه ما يرجع وهنه إلى متنه لوجود المخالفة والشذوذ والعلة القادحة.
لكن هل وفَّى الإمام أبو داود بجمع ذلك، الناظر في كتابه يجد أنه يبين أحياناً ويترك أحياناً، فيه أحاديث ضعفها شديد ما تكلم عليها أبو داود، ولذا قال أهل العلم: إن الكلام أعم من أن يكون في الكتاب نفسه، بل قد يكون في الكتاب ويكون فيما سئل عنه من قبل الآجري أو غيره، وقد يكون البيان في بيان حال راويه الذي يُنقل عن أبي داود في كتب الرجال، أبو داود له أقوال في الرجال فإذا بين حال راو فكأنه بين حال المروي، وهذا كله التماس لأبي داود، وإلا فالأصل أنه يحاسب على هذه الكلمة، ويلزمه البيان في كل ما وهنه شديد، لكن قد تتنازع وجهات النظر في هذه الشدة، فقد تعتبره شديداً ويعتبره أبو داود ليس بشديد، فلا يلزم ببيانه، فيكون جملة من الأحاديث بهذه المثابة لا يلزم أبو داود بيانها وإن لزم على حد زعمك لكونك ترى أنه شديد وأبو داود ينازع في ذلك، لكن هل يلزم من هذا الكلام أو من هذا الالتزام من أبي داود أن نحكم على الأحاديث التي لم يبين أبو داود ضعفها أن ضعفها غير شديد؟ فنحتاج إليها في التقوية، وأما ما كان ضعفه شديد فلا يستفاد منه، أو نقول سواء بين أو ما بين مثل أحكام الترمذي، المتأهل عليه أن يدرس وينظر في واقع هذه الأحاديث ويجمع طرقها ويوازن بينها ويتكلم في رجالها ثم بعد ذلك يخرج بالنتيجة المناسبة حسب القواعد المقررة عند أهل العلم وبعد النظر في أقوال أهل العلم وأحكامهم؛ فالذي يريد تقليد أبي داود ويحاسب أبا داود على كلامه، يقول: إن البيان حصل فيما ضعفه شديد، إذاً الذي لم يبينه أبو داود إذاً ضعفه ليس بشديد، ولو كان شديداً لبينه، وحينئذ نقلده في هذا ونقول الضعف ليس بشديد ونقويه ونقوي به، لكن المتعين على طالب العلم المتأهل أن ينظر في الأسانيد سواء بين أو لم يبين قال صالح ويش معنى صالح على ما سيأتي، هذا كله في حق من أراد من أن يقلد، والذي شهر هذا الكلام كله وجعل له وقع في واقع طلاب العلم هو ابن الصلاح الذي عنده أن الاجتهاد انقطع، وليس للمتأخرين أن يصححوا ولا يضعفوا، إذاً يهتمون بكلام أبي داود، إذا قال صالح معناه صالح، فنقلد أبا داود مع الخلاف في معنى الصلاحية، وعلى كل حال طالب العلم المتأهل له أن ينظر، بل عليه أن ينظر في الأسانيد والمتون وينظر في الرجال، وينظر في السند من حيث الاتصال والانقطاع، وينظر في المتن من حيث الموافقة والمخالفة والعلة والشذوذ وحينئذ يحكم بالحكم اللائق على كل حديث حديث.
يقال: وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض: ما لم يذكر فيه شيء هذا يؤكد ويؤيد المفهوم الذي أبديناه سابقاً لجملته السابقة، أن ما فيه ضعف شديد يبينه، ويفهم منه أن ما لا بيان معه فإنه في حيز الصالح؛ لأنه يقول: وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض، إذا لم يبين فالمسكوت عنه منه الصحيح بل منه المخرج في البخاري ومسلم، ومنه المخرج في البخاري فقط، ومنه المخرج في مسلم فقط، ومنه ما يصح إسناده ومتنه مما لم يخرج في الصحيحين، ومنه ما هو حسن صالح للاحتجاج، ومنه ما هو ضعيف صالح للاعتبار، لكن ضعفه غير شديد؛ لأنه لم يلتزم البيان إلا في حال الضعف الشديد، إذاً الصلاحية أعم من أن تكون للاحتجاج أو للاستشهاد، وعلى كل حال الاحتجاج عنده واسع فهو يحتج بالحديث المرسل إلا إذا لم يكن في الباب غيره، ويحتج بالحديث الذي وهنه ليس بشديد إذا لم يكن في الباب غيره.
كلام أبي داود هذا قال فيه أبو الفتح اليعمري ابن سيد الناس قال: إنه مثل كلام الإمام مسلم في مقدمته، يقول: إن الحديث قد لا يوجد عند الطبقة العليا من الرواة الحفاظ الضابطون المتقنون، قد لا يوجد عندهم فيحتاج مسلم إلى أن ينزل إلى مثل عطاء، وليث بن أبي سُليم، ويزيد، وغيرهم.
يقول الحافظ العراقي:
وللإمام اليعمري إنما *** قول أبي داود يحكي مسلما
يعني من كلام مسلم.
حيث يقول جملة الصحيح لا *** توجد عند مالكٍ والنبلا
فاحتاج أن ينزل في الإسناد *** إلى يزيد بن أبي زياد
عطاء بن السائب وليث بن أبي سليم، ويزيد بن أبي زياد. قد نص عليهم في المقدمة، لأنه قد ينزل إلى حديث هؤلاء، فعلى هذا الأحاديث عنده درجات، والرواة عنده في صحيحه طبقات، إذاً ما الفرق بينه وبين قول أبي داود أن ما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض يعني بعضها غاية في الصحة وبعضها دون ذلك، وبعضها من قبيل ما يحتج به، إلا أنه لا يصل إلى درجة الصحيح كالحسن، وبعضها فيه ضعف لكنه ليس بشديد، كل ما سكت عنه على هذا التقسيم.
ابن الصلاح وتبعه الحافظ العراقي قالوا: إن ما سكت عنه أبو داود فهو حسن؛ لأن الصلاحية هذه دائرة بين الاحتجاج والاستشهاد فلا يمكن أن يعطى لفظ واحد أعلى ما دام فيه شيء ينزله عن درجة الأعلى؛ لأن الواقع يشهد بأن ما سكت عنه ليس بأعلى الدرجات، كما أنه ليس بأنزل الدرجات؛ لأنه صالح، ولذا حكم عليه ابن الصلاح بأنه حسن، لا يعطى الدرجة العليا ولا الدرجة الدنيا وتوسط في أمره وهو حسن، وذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله أنه وقف على نسخة من رسالة أبي داود رحمه الله أنه قال: وما لم أذكر فيه شيئاً فهو حسن، ولذا قال ابن الصلاح ما سكت عنه فهو حسن.
الحافظ العراقي يقول: قال - يعني: ابن الصلاح-:
قال: ومن مظنة للحسن *** جمع أبي داود أي في السنن
حيث يقول ذكرت فيه *** ما صح أو قارب أو يحكيه
الصحيح وما يقاربه وما يشبهه، ذكر الصحيح وما يقاربه، والحسن وما يشبهه، ما يقرب منه، واستدرك ابن سيد الناس الاستدراك الذي ذكرناه يقول: إن أبا داود أحاديثه متفاوتة فيها ما هو في أعلى الصحيح وما دونه وما دونه، ومسلم قسم روايات الصحيح وطبقات رجال الصحيح إلى الطبقات الثلاث، فما الفرق بين صنيع أبي داود وصنيع مسلم.
وللإمام اليعمري إنما *** قول أبي داود يحكي مسلما
حيث يقول جملة الصحيح لا *** توجد عند مالك والنبلا
فاحتاج أن ينزل في الإسناد *** إلى يزيد بن أبي زياد
يقول ما دام هذا التفاوت وهذا التدرج موجود عند مسلم وموجود عند أبي داود، إذن إيش الفرق؟
هلاَّ قضى على كتاب مسلم *** بما قضى عليه – يعني بما قضى على أبي داود- بالتحكم
أحاديث صحيح مسلم أيضاً حسنة، مثل ما جعلنا أحاديث سنن أبي داود حسنة، لكن يمكن أن يتنصل من هذا الاستدراك بأن يقال: إن مسلماً اشترط الصحة، وأبو داود لم يشترط الصحة، مسلم تلقته الأمة بالقبول، وأبو داود لم تتلقاه الأمة بالقبول، فظهر الفرق بين الكتابين، وحكم على كتاب أبي داود لأنه فيه.. واقع الكتاب يشهد بهذا، أما كونه يحكم على جميع ما سكت عنه أبو داود بأنه حسن كما قال ابن الصلاح فليس بصحيح، لماذا؟ لأن فيه الصحيح؛ بل في أعلى درجات الصحيح وهذا كثير، مما اتفق عليه الشيخان، وفيه مما أخرجه البخاري، وفيه مما أخرجه مسلم، كيف نقول هذا القسم حسن، وفيه هذه الأشياء، ومن الذي دعا ابن الصلاح أن يقول هذا الكلام؟ رأيه في انقطاع الاجتهاد في التصحيح والتضعيف، في الأزمان المتأخرة، فلا يستطيع أن يقال فيه صحيح وحسن من يميز لنا الصحيح مما دونه من الضعيف، لا نستطيع أن نميز وباب الاجتهاد مقفول مغلق ولا نستطيع أن نجعلها في أعلى درجات الصحيح؛ لأن فيه ما هو دون ذلك، ولا نستطيع أن ننزلها عن رتبة القبول لأنه صالح، إذن ما سكت عنه أبو داود فهو حسن، يعني بما في ذلك ما في الصحيحين، ولا شك أن مثل هذا الكلام جمود، جمود، لو أقل الأحوال لو استثنى ما في الصحيحين، وقال: إن ما في الصحيحين يقال له صحيح، مع أنه قال: ما في الكتاب مما لم يسبق له حكم من أهل العلم بالصحة في كتبهم، يعني ما يكفي أن ينقل عن البخاري أن هذا الحديث الذي في سنن أبي داود صحيح، ما يكفي، لماذا؟ لا بد أن ينص على صحة هذا الحديث في الكتاب، ينص عليه البخاري، ينص عليه أحمد، ينص عليه مسلم، ولعل إدخاله في الصحيحين دليل على صحته، فلا يدخل في كلام ابن الصلاح.
طالب:......... الحكم موجود.....
يكفي، يكفي يعني مجرد تخريج البخاري للحديث تصحيح، ومجرد تخريج مسلم للحديث تصحيح، هذا قد يستثنى من كلام ابن الصلاح؛ لأنه نص على صحته ولم يكن يعمل بالقول بالعمل، أما ما نقل عن الإمام أنه صحح حديث في سنن أبي داود، أو نقل الترمذي مثلاً عن البخاري أنه صحح حديثاً في جامع الترمذي أو في سنن أبي داود أو في غيرها، نعتمد على هذا التصحيح ولا نعتمد؟ حتى ينصوا على صحته في كتبهم، لماذا لا نقبل ما يروى عن الأئمة في تصحيح الأحاديث على رأي ابن الصلاح؟ لأننا نحتاج إلى معرفة ثبوته عندهم، نحتاج إلى معرفة ثبوت هذا القول عن هذا الإمام ونحن لا نستطيع أن نصحح ونضعف في الأحاديث إذاً لا نستطيع أن نصحح ونضعف فيما نقل عن الأئمة؛ لأن الطريق واحد في كيفية التصحيح والتضعيف، النظر في الأسانيد واحد سواء بحثنا إسناد مرفوع أو موقوف أو مقطوع أو من قول إمام، لا بد أن نجتهد في تصحيح وتضعيف هذه الأخبار، والباب مغلق عند ابن الصلاح، إذاً لا بد أن ينص الإمام على التصحيح أو التضعيف في كتابه، وابن الصلاح لم يوافق على هذا القول بل الذي اعتمده الأئمة في عصره ومن بعده إلى يومنا هذا أن المتأهل للتصحيح والتضعيف له أن ينظر في الأسانيد والمتون ويصحح ويضعف بل هذا هو المتعين على المتأهل.
وبعضها أصح من بعض: نعم هي متفاوتة.
وهذا لو وضعه غيري لقلت أنا فيه أكثر: هو الآن مدح السنن مدح كتابه، صح ولا لا؟ مدح الكتاب بكلام يغري به طلاب العلم، لا ليتفخر به ولا ليعجب بعمله، إنما هو ليغري به طلاب العلم، لكن لو أن هذا الكتاب صنفه غير أبي داود على هذه الكيفية يقول لقلت فيه أنا أكثر لمدحته أكثر مما مدحته لكونه كتابي، هذا لو وضعه غيري لقلت أنا فيه أكثر يعني من أساليب المدح والثناء.
قال: وهو كتاب لا ترد عليك كسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صالح إلا وهي فيه، لا ترد عليك كسنة إلا وهي في الكتاب، ومعناه أن كتابه استوعب ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما هذا الكلام؟ إما أن يقال إنه على حد ظنه ووهمه وإلا فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من الأحاديث الصحيحة بالأسانيد الصالحة ما لم يوجد في كتاب أبي داود، فيكون هذا على حد فهمه وعلى حسب اطلاعه، مع أنه اطلع على كتب الأئمة السابقين وأوصى ببعضها على ما سيأتي، وإذا نظرنا إلى واقع الكتب وجدنا في البخاري أحاديث كثيرة ليست في سنن أبي داود وفي مسلم أحاديث كذلك ليست في سنن أبي داود، وفي مسند أحمد مما يصح مما ليس بسنن أبي داود وهكذا، ويصفو من الصحيح بالأسانيد الصالحة مما ليس في هذه السنن من كتب الأئمة الشيء الكثير إلا أن يكون كلاماً استخرج من الحديث ولا يكاد يكون، يعني قد يكون حديث يستنبط منه حكم ولا يوجد في كتابي، لكن يوجد في كتابي ما يغني عنه ولو على سبيل الإشارة والاستخراج والاستنباط.
ثم قال بعد ذلك ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب: يريد أن يجعل كتابه مع القرآن الكريم فيهما كفاية، وتعلم كتابه بعد القرآن لازم لطلاب العلم، ولذا قال: ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب.
ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعدما يكتب من هذه الكتب: يعني الكتب التي تشتمل عليها سننه، كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الجهاد، كتاب الطلاق، كتاب السنة، كتاب الأدب إلى جميع أبواب سنن أبي داود ، يقول: ولا يضر رجلا أن لا يكتب من العلم بعدماً يكتب شيئا من هذه الكتب: من هذه الكتب، يعني كتب سنن، الكتب التي اشتمل عليها السنن، وأنتم تعرفون أن كتب أهل العلم، الكتاب الواحد مبني على كتب، والكتب مبنية على أبواب، والأبواب قد تكون مبنية على فصول، المقصود أن الكتاب يشتمل على كتب، من يكتب هذه الكتب لا يضره ما فاته من العلم؛ لأنه على حد زعم مؤلفه لأن هذا الكتاب جمع فأوعى ولا حاجة للناس بغيره، ولكن هذا الكلام إنما يراد به الإغراء، إغراء طلاب العلم من أجل الاهتمام بهذا الكتاب، ولم ترد حقيقة، لم ترد حقيقة هذا الكلام؛ لأن الصحيحين أولى من سنن أبي داود، فالذي يكتب الصحيحين مع القرآن ويقتصر عليهما له وجه، لا سيما إذا كان لا يستطيع الاستيعاب، ومن كتب المصحف وكتب البخاري وأراد أن يكتفي اكتفى لكن لا يسمى عالماً محيطاً بجميع أبواب الدين، ولا يمكن أن يتفقه الفقه التام الذي جاء مدحه في حديث معاوية وغيره حتى يعرف جميع أبواب الدين، وفي بعض الكتب من أبواب الدين ما لا يوجد في بعض.
ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذه الكتب شيئاً، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره: لا شك أن الكتاب في غاية الجودة وفي غاية الاستيعاب المناسب لطالب العلم بالنسبة لأحاديث الأحكام، حتى قال بعضهم إنه يكفي طالب العلم بالنسبة لأحاديث الأحكام سنن أبي داود.
وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره: وأما هذه المسائل والأحكام والفتاوى للأئمة المجتهدين مثل الثوري ومالك والشافعي، يسئل الإمام مالك فيفتي، ويسئل الثوري وله مذهب مستقل فيفتي وله أتباع الثوري كمالك والشافعي، إلا أنه انقرض، انقرض مذهبه، هؤلاء الأئمة المجتهدون يفتون، فأصول هذه المسائل في سنن أبي داود، لا سيما إذا كانت الفتاوى في الأحكام، فأصولها في مسائل أبي داود يستفاد منها ويعول عليها، ولا يحتاج على غيرها إلا نادراً على كلامه.
ويعجبني أن يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يعني لا يقصر على المرفوع، فيكتب مع المرفوعات أحاديث ما ينسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم من الموقوفات، لأنها عند جمع من أهل العلم حجة كالمرفوع، ومنهم من يرى أنها ليست بحجة لكن يحتاج إليها في فهم المرفوع، ويعرف قدر هذا الكلام من ينظر في صحيح البخاري إذا ترجم بكلام خفي غامض قد يكون الربط بينه وبين ما ترجم عليه من حديث مرفوع فيه خفاء، لكنه يردف الترجمة بأقوال الصحابة والتابعين مما يترجح به ما ترجم به وأخذه من ما ترجم عليه، فأقوال الصحابة والتابعين يستعان بها على فهم الأخبار المرفوعة عند من لا يحتج بها أما من يحتج بها فالأمر ظاهر.
ويكتب أيضاً مثل جامع سفيان الثوري فإنه أحسن ما وضع الناس من الجوامع، والمراد بالجامع الكتاب الذي يحتوي على جميع أبواب الدين فتجد فيه التوحيد والإيمان وتجد فيه الطهارة والصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد، وتجد فيه المعاملات وتجد فيه المغازي والسير والأقضية وتجد فيه أيضاً الأدب، وتجد فيه الرقاق والمواعظ وغير ذلك من الأبواب التي يحتاجها طالب العلم، هذا الكتاب يسمى جامع؛ لأنه يجمع جميع أبواب الدين، ومن الجوامع صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وجامع الترمذي، وجامع سفيان وغيرها من الجوامع، بخلاف السنن التي تختص بهذه الأحكام، بخلاف المصنفات التي يجتمع فيها كثير من الآثار وتغطي على الأخبار المرفوعة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وأيضا الموطآت التي هي مشبهة للسنن من جهة، ومشبهة للمصنفات من جهة.
والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث: هذه الأحاديث مشهورة وليست بالغرائب لا يعرفها العلماء، وإنما هي مشهورة مستفيضة عندهم، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث، يعني من كانت له رواية أو له يد في الرواية يعرف هذه الأحاديث، إذا كانت هذه الأحاديث معروفة عند أهل العلم فلماذا تكلف نفسك بتدوينها؟
قال: إلا أن تمييزها -يعني اختيارها وترتيبها وتنسيقها والترجمة عليها بالأحكام الشرعية- لا يقدر عليه كل الناس، فقمت بذلك تيسيراً على طلاب العلم، والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم، لماذا؟ قلنا: الغريب مقبول إذا كان سنده صالح ولم يتفرد به راويه وهو مما لا يحتمل تفرده أو لا يتضمن مخالفة فإنه حينئذ مقبول، لكن الغرائب فيها الضعف بكثرة بخلاف الروايات والأحاديث التي ووفق روايتها عليها، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم، ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً، فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أحد أن يرده عليك.
الآن بعض طلاب العلم ممن لهم يد في الصناعة الحديثية تجده مغرم بالغرائب ويترك الأحاديث المشهورة، تجد عنايته بفوائد فلان، وجزء فلان ومشيخة فلان، ومعجم فلان وهو لا يعرف من أحاديث البخاري شيئاً، ولا يعرف أحاديث مسلم شيئاً، ولا يعرف من أحاديث الكتب المشهورة شيئاً، فتجده مغرم بالغرائب سواء كانت من الأحاديث أو من الكتب، فعناية بعض طلاب العلم بفوائد فلان، العلماء يكتبون فوائد من مروياتهم، وأيضاً يكتبون مشيخات، ويكتبون معاجمَ فتجد بعض طلاب العلم له نهم بهذه الأمور التي يستغربها الناس، بحيث إذا أخرجها أو حدث بها فتن به الناس، والغرائب إنما يستعمل أكثرها القصاص؛ لأنها لا تدور كثيراً في مجالس الناس.
أما الكتب المشهورة يعني لو قام شخص وحدث بأحاديث من أحاديث البخاري أو من أحاديث الأربعين النووية أو من أحاديث رياض الصالحين، لكثرة ما يسمعها الناس ما يستغربون، لكن لو جاء بنوادر الأصول للحكيم الترمذي وحدث منه تجد الأنظار كلها مشدودة، والناس يميلون لمثل هذا الصنف مما يجلب الناس.
فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أحد أن يرده عليك إلا جاهل لا يدري أنه صحيح أو ليس له دراية بحديث بحيث لا يفرق بين ما في صحيح البخاري أو ما في نوادر الأصول أو في معاجم الطبراني أو غيرها، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث؛ لأن التفرد مظنة للغلط، والجمع أولى بالحفظ من الواحد، فإذا تفرد واحد بخبر مظنة أن يخطئ فيه، لكن إذا وافقه عليه جمع من الرواة فإنه يؤمن منه هذا الغلط، وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة فإن عرف وإلا فدعه: تسمع حديث لأول مرة تستغرب، يقول لا تستعجب اسأل عنه أهل العلم أنشده بينهم من يعرف هذا الحديث يا علماء؟ فإذا عرفوه كان كالضالة إذا نشد وعرفت، أما إذا لم يعرفوه فاعلم أنه غريب لا يعرفه إلا القليل من الناس وغالب الغرائب فيها ضعف؛ لأنها لم تتداولها الألسنة، لم تلكها الألسنة، ولم تتداولها أقلام العلماء بالنقد وغيره، فإن عرف الحديث فاقبله وإلا فدعه.
بالنسبة للبيان الذي التزمه أبو داود هذا الشيخ أورد الأحاديث التي بين الإمام أبو داود نكارتها في سننه وعددها اثنا عشر حديثا، حديث رقم تسعة عشر حديث الخاتم، وهو الذي ذكره الحافظ العراقي مثالا للمنكر.
قلت ماذا بل حديث نزعه خاتمة عند الخلاء ووضعه، قال: كان النبي عليه السلام إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، قال أبو داود: هذا حديث منكر إلى آخره، ثم الحديث الثاني رقمه مائتين واثنين قال: حدثنا يحيي بن معين إلى آخره.. كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ إلى آخر الحديث... قال أبو داود قوله: ((الوضوء على من نام مضطجعاً)) هو حديث منكر وأطال الكلام عليه، والحديث الثالث رقم ثمانية وأربعين ومائتين قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا الحارث بن وجيه إلى أن قال: ((إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا البشر))، قال أبو داود: الحارث بن وجيه حديثه منكر وهو ضعيف.
باب من لم ير الجهر بالبسملة حديث سبعمائة وخمسة وثمانين: حدثنا قطن بن نسير إلى أن قال في قصة الإفك لما نزلت البراءة قال: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} (11) سورة النــور، الآية، قال أبو داود: وهذا حديث منكر.
الحديث الخامس من باب إفراد الحج رقم ألف وسبعمائة وتسعين قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة أن محمد بن جعفر حدثهم عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كله وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)).
قال أبو داود: هذا منكر، يعني رفعه منكر وإلا فهو في قول ابن عباس.
الحديث السادس في باب الكحل عند النوم للصائم برقم ألفين وثلاثمائة وسبعة وسبعين قال: حدثنا النفيلي إلى أن قال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد المروَّح عند النوم وقال: ((ليتقه الصائم))، قال أبو داود: قال لي يحيى بن معين هو حديث منكر يعني حديث الكحل.
في الحديث السابع باب في أخذ الجزية: حدثنا عباس بن عبد العظيم إلى أن قال قال علي: لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ولأسبين الذرية فإني كتبت الكتاب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ينصروا أبناءهم، قال أبو داود: هذا حديث منكر بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً، قال أبو علي ولم يقرأه أبو داود في العرضة الثانية.
أبو علي من؟ اللؤلؤي إيش كنيته؟
طالب:......
راوي السنن.
نعم، المقصود أنه أحد رواة سنن أبي داود.
طالب:.......
هاه، الحديث ثلاثة آلاف وأربعمائة.
الحديث الثامن: باب الرجل يأكل من مال ولده، ثلاثة آلاف وخمسمائة وتسع وعشرين، قال أنه قال: ((ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم)) قال أبو داود حماد بن أبي سليمان زاد فيه: ((إذا احتجم)) وهو منكر.
الحديث التاسع في باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره، قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة إلى أن قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه)). قال أبو داود: هذا الحديث لم يسمعه جعفر من الزهري وهو منكر.
والحديث العاشر، ثلاثة آلاف وثمانمائة وثمانية عشر، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال أخبرنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن أيوب عن نافع عن أبي عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء...)) إلى أن قال: قال أبو داود هذا حديث منكر، قال أبو داود: وأيوب ليس هو السختياني.
الحديث الحادي عشر باب في جلوس الرجل، قال رحمه الله بإسناده إلى أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس احتبى بيده. قال أبو داود: عبد الله بن إبراهيم شيخ منكر الحديث.
والثاني عشر باب كراهية الغنى والزمر قال ثنا أحمد بن عبيد الله الغداني ثنا الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع قال: سمع ابن عمر مزماراً قال فوضع أصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال فقلت: لا- يعني انقطع الصوت-، قال فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا. قال أبو علي اللؤلؤي، هو؟ إيه هذا الإثبات. شككتوني. قال أبو علي اللؤلؤي: سمعت أبا داود يقول: هذا حديث منكر.
ما في غير هذه جزماً.
طالب: والله هذا في........
بحث في الآلات.
طالب: بالآلات وباليد.
إيه البحث اليدوي يحتاج، البحث أنا احتجت إلى توثيق راو في سنن ابن ماجة نص عليه في السنن أنه ثقة، فاحتجت إلى استعراض في سنن النسائي، في سنن النسائي احتجت إلى وقت طويل في استعراضه، لكن في الآلات ثواني، لكن أيهما أفضل؟ كم من فائدة حصلت عليها من الاستعراض، وأنت بهذه الآلة في ثانية وجزء من الدقيقة تحصل على كل ما تريد، لكن العاقبة لمن يتعب في تحصيل العلم، والعلم متين رتب عليه أجور، ورفع درجات في الدنيا والآخرة فلا يمكن أن يحصل بهذه السهولة.
طالب: .... ما تعطيك أحياناً أكثر من سبعين بالمائة.....
أحياناً لا تعطيك شيئاً، يكون الكلام مصحف ثم لا تحصل على شيء.
طالب: خصوصاً في النسائي لا يمكن في الآلة يكتب عمرو ما يطلع عمرو في نسخة النسائي، لأنها مضبوطة بعمر ومشكولة شكل، فعمرو بدون الواو، فيجي الطالب يكتب عمرو بالواو وما يطلع له شيء، فيظن أن الحديث ليس في النسائي وهي...
على كل حال جرد الكتب لا يعدله شيء.
طالب:.......
إيه، كيف
طالب:.......
اللي قال عنه أبو داود، الحديث آخر حديث، وعن ابن عمر ثابت لكن رفعه.
الاستئذان للأذان.
طالب:.... من اعتنى بسنن أبي داود.
شرح.
طالب: إيه نعم.
الخطابي هذا أفضل ما يُقرأ في كتب الشروح، شرح مختصر جداً ولطيف ومتين وفيه فوائد جمة تنفع طالب العلم على اختصاره، فهذا الكتاب نفيس على أن المسلك فيه أحاديث الصفات في الغالب التأويل.
طالب: الحنابلة ما لهم عناية.
الحنابلة؟
طالب: إيه.
ما أعرف إلا ابن القيم رحمه الله الذي كتب تهذيب السنن، وعرفنا أن التهذيب في بيان علل أبي داود.
طالب: ما لهم عناية بشرح..
أذان.
طالب:........
هاه.
مختصره شرح تهذيب سنن أبي داود
فيه عون المعبود أيضاً نافع، عون المعبود كتاب نافع لطالب العلم، وهو على طريقة أهل الحديث وفقه أهل الحديث، فيه بذل المجهود للسهارنفوري لكنه على طريقة الحنفية، طريقة الفقهاء، بدل المجهود، وأما عون المعبود فهو على طريقة أهل الحديث، هو كتاب نافع ونفيس، هناك شرح ابن رسلان أيضاً شرح طيب. فيه المنهل العذب المورود لمحمود خطاب السبكي شرح طيب ومرتب وفيه شيء من البسط إلا أنه لم يكمل، أكمله ولده، لكن على طريقة أراد أن تكون مثل طريقة الوالد فلم يستطع.
طالب:.......
والله عرض علينا غيره مشاريع ثانية، وهذه تحتاج إلى موازنة ومقارنة، لا هذه صعبة، الحكم على شيء بأنه أفضل، هذه اسأل عنها أهل الاختصاص، اسأل عنها أهل الطبعات لا سيما القديمة، الجديد هذا له أهله.
طالب:......
هاه، من هو؟
طالب:......
برنامجهم في وقته يصار ثلاث سنين، في وقته جيد، عرض علينا برنامج جديد قبل شهر أو شهرين شيء ما يخطر على البال، الله المستعان.
نعم سم.
طالب:.......
والله ما أعرف أنه موجود، لكن قد يوجد منه قطع مثل بعض الفهارس أحياناً يذكر قطع متناثرة.
نعم.
طالب: ......
هو في شرحه للبخاري وشرح أبي داود سلك مسلك التأويل وله رجعة عن هذا المذهب وذكر هذه الرجعة شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، وأنه يقول بمذهب أحمد بن حنبل في الصفات. نعم.
طالب:........
.... في هذه الطبعة.
طالب:......
صفحة..
طالب:.....
سبعين، الكلام الطويل هذا، ما كان بين الظاهر ثم يليه ما كان بين الظاهر من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالباً، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته: يعني إذا كان الراوي بحيث يعرفه الخاص والعام من طلاب العلم مثل هذا لا يحتاج إلى بيان، والحديث أيضاً إذا كانت نكارته وضعفه الشديد بين للخاص والعام قد لا يبينه، وهذه من الأجوبة التي يجاب بها عن سكوت أبي داود عن بعض الأحاديث.
النية معقودة على أن نكمل الرسالة غداً إن شاء الله تعالى. إن شاء الله نكمل الرسالة غداً، ويحل محلها ما تشيرون به، إن رأيتم صحيح مسلم وإن رأيتم الترمذي، ونشوف بعدها، أو خيار ثالث إن رأيتم أو يبقى المغرب بدون درس.
طالب:.....
هاه.
طالب:.....
لا، لو وضعنا فيه درس فعندنا ابن ماجة فابن ماجة لا شك أن وقته عسير على كثير من طلاب العلم، العصر. هاه، كمل وسجل والآن كامل موجود.
طالب: ..... العصر، يبقى المحل المغرب.
والله هذا طلب من كثير من الأخوة نقل سنن ابن ماجة إلى المغرب. كيف؟
طالب:........
مقدمة ابن ماجة، أو مقدمة صحيح مسلم ممكن، ليخف درس الفجر.
طالب:.......
مثل هذه الأفعال التي لا يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام على جهة التعبد تحتاج إلى نظر، الأسئلة كثيرة جداً.
"والله كأن الأخ ما فهم ما نقول، لا، لا يا أخي، اللي سكت عنها أفضل مما بينه.
طالب: فهو صالح.
لا، نص كلامه.
ذكرنا مراراً أن الهجر شرعي وأنه علاج، لكن إذا كان يترتب عليه مفسدة أعظم منه فالصلة أولى منه، إذا كان يترتب على الهجر مفسدة، لو هجر الابن أو طرد من البيت كما كان يُفعل قبل عشرين وثلاثين سنة الأمر ممكن يكون هذا علاج، وكان الشباب الصغار إذا هُجروا وطردوا من البيت رجعوا نادمين تائبين ملتمسين من آبائهم العفو عنهم، وأما الآن لو طرد الواحد منهم ولو كان صغير السن لوجد من يأويه، ووجد من يفتح له أبواب الشرور ما لا يخطر على باله، فكان أهل العلم إذا سئلوا عن شخص، إذا سأله أب عن ولده الذي يتساهل في الصلاة، وقد لا يصلي مع الجماعة، وقد يترك أحيانًا لا يتردد في قوله: اطرده هذا لا خير فيه، وكان هذا العلاج في ذلك الوقت له مردود إيجابي، ما هناك شلل ولا هناك اجتماعات ولا هناك استراحات يجتمع فيها بعض الشباب على مخدرات وعلى خَناء وعلى فجور وعلى قنوات، لا، أما الآن فالهجر بهذه الطريقة قد يكون ضرره أكبر من نفعه فعلى هذا الصلة إذا أجدت ظهرت فائدتها هي المتعينة.
الموجود الآن فيه ما هو ممنوع وفيه ما هو مباح، والأناشيد عموماً إذا ضبطت بضوابط شرعية النبي عليه الصلاة والسلام أُنشد بين يديه الشعر، أنشده حسان وغيره في المسجد أنشد أيضاً، لكن شريطة أن اللفظ يكون مباحًا، وأن لا تصحبه آلة، وأن يؤدى بلحون العرب لا بلحون الأعاجم ولا بلحون أهل الفسق فإذا توافرت فيه هذه الشروط فهو جائز، أما إذا صحبته آلة فالآلات ممنوعة، المعازف والمزامير والدفوف في غير الأعراس ممنوعة، وأما إذا كان لفظه محرماً فيحرم ولو كان نثراً ليس بشعر، وإذا أدي على لحون الأعاجم وأهل الفسق أيضاً فإنه ممنوع كما قرر ذلك الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرح البخاري.
وعلى كل حال الإكثار من هذه الأناشيد المباحة لا شك أنه يصد على ما هو أهم وأولى وقد جاء في الحديث الصحيح: ((لأن يمتلأ جوف أحدكم قيئاً حتى يريه خير له من أن يمتلأ شعراً))، فإذا امتلأ جوفه بهذا لا شك أنه.. ومعنى الامتلاء بحيث لا يستوعب غيره، أما من حفظ القرآن وحفظ ما يكفيه من السنة وحفظ من أقوال أهل العلم من المتون العلمية وحفظ مع ذلك أشعار لا بأس، الشعر ديوان العرب واهتم به أهل العلم وأوردوه في كتبهم وشرحوا به الغريب من اللغة؛ فضلاً على أن يكون الشعر قد حفظ به العلوم فالمناظيم العلمية في علوم الدين وما يعين على فهم الدين هذه كغيرها من المؤلفات.
نعم لابن القيم تهذيب السنن مطبوع أكثر من مرة ومع ذلك هو في بيان علل أبي داود، في بيان العلل، وأبدى الإمام الحافظ ابن القيم رحمه الله براعة فائقة في معرفة هذا النوع الدقيق من علوم الحديث وكتاب نفيس لا يستغنى عنه طالب العلم.
تحفظ الأشراف الطبعة الهندية جيدة ومتقنة، وأيضاً طبعة الشيخ بشار، الدكتور بشار عواد معروف بذل فيها جهداً طيباً في تصحيحها وترقيم الأحاديث ترقيم الأطراف، جهده مشكور لكن الذي عنده الطبعة الهندية لا يحتاج إلى طبعة بشار.
تذكرة الحفاظ طبع أربع مرات بالهند ولعل الطبعة الثالثة هي أجود هذه الطبعات بعناية الشيخ عبد الله المعلمي.