شرح الموطأ - كتاب الطهارة (5)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال الإمام يحيى:
باب: الوضوء من مس الفرج
عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: من مس الذكر الوضوء، فقال عروة: ما علمت هذا، فقال مروان بن الحكم: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ)).
عن مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت، فقال سعد: لعلك مسست ذكرك، قال: فقلت: نعم، فقال: قم فتوضأ، فقمت فتوضأت ثم رجعت.
عن مالك عن نافع أن عبد الله عمر كان يقول: "إذا مس أحدكم ذكره فقد وجب عليه الوضوء".
عن مالك عن هاشم بن عروة عن أبيه أنه كان يقول: "من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء".
عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: رأيت أبي عبد الله بن عمر يغتسل ثم يتوضأ، فقلت له: يا أبتي أما يجزيك الغسل من الوضوء؟ قال: بلى، ولكني أحيانًا أمس ذكري فأتوضأ.
عن مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر في سفر فرأيته بعد أن طلعت الشمس توضأ ثم صلى، قال فقلت له: إن هذه لصلاة ما كنت تصليها، قال: إني بعد أن توضأت لصلاة الصبح مسست فرجي، ثم نسيت أن أتوضأ، فتوضأت وعدت لصلاتي.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوضوء من مس الفرج
والفرج أعم من أن يكون قبلًا أو دبرًا، من ذكرٍ أو أنثى، وفي الباب ما ذكره مالك –رحمه الله-.
"عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: ومن مس الذكر الوضوء، فقال عروة: ما علمت هذا، فقال مروان بن الحكم: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ))".
حديث بسرة في نقض الوضوء من مس الذكر صححه جمع من أهل العلم، صححه أحمد وابن معين والترمذي والحاكم والدارقطني والبيهقي، وجمع من أهل العلم صححوه، وطعن فيه بعضهم بسبب مروان؛ لأنه هو قاتل طلحة، لكن قال عروة الراوي عنه: أنه لا يتهم في الحديث، وعلى كل حال الخلاف في المسألة بسبب ما ورد فيها هنا في حديث بسرة فيه الوضوء ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ)).
وفي حديث طلق بن علي سئل عن مس الذكر، فقال: ((إنما هو بضعة منك)) يعني كما لو مسست رأسك أو رجلك أو صدرك أو ظهرك فهو جزء منك؛ ولذا اختلف أهل العلم في ترجيح أحد الحديثين على الآخر، والأكثر على أن حديث بسرة أرجح من حديث طلق بن علي؛ لأن له شواهد من حديث أم حبيبة وأبي هريرة وغيرهما.
وقال بمقتضاه -أعني حديث بسرة- الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، ورأوه ناسخًا لحديث طلق بن علي؛ لأنه متأخر عنه، بسرة أسلمت عام الفتح، وطلق بن علي قدم على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يبني المسجد، يعني في أول الهجرة، فحديث بسرة ناسخ، هذا قول الأئمة الثلاثة.
والإمام أبو حنيفة يرى أن مس الفرج أو الذكر لا ينقض الوضوء مطلقًا؛ لحديث طلق بن علي، منهم من يرى أن حديث طلق بن علي صارف لحديث بسرة، حديث بسرة ((إذا مس أحكم ذكره فليتوضأ)) وفي رواية ((من مس ذكره فليتوضأ)) الأمر الأصل فيه الوجوب، وحديث طلق ((إنما هو بضعة منك)) صارف لهذا الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب، وكأن شيخ الإسلام يميل إلى هذا -رحمه الله-.
فحديث بسرة أرجح من حيث الصناعة، وهو متأخر أيضًا، فإذا أردنا الترجيح، فحديث بسرة أرجح، والعمل بالآخر من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وحديث بسرة متأخر على حديث طلق، لكن المقرر عند أهل العلم أنه إذا أمكن الجمع بين النصوص تعين على القول بالترجيح، قدم عليه، وقدم على القول بالنسخ؛ لأنه إذا أمكن الجمع فمعناه أننا نعمل بالنصين معًا، وأما الترجيح فهو عمل بأحد النصين، ومثله النسخ هو إهدار للنص الآخر.
لكن هل يتصور تقدم الصارف والمخصص والمقيد على المصروف والمخصوص والمطلق؟ يتصور هذا أم لا؟ تأملوا يا إخوان ليس بالأصل أن يأتي اللفظ العام ثم يأتي ما يخصصه، الأصل أن يأتي المطلق ثم يأتي ما يقيده، الأمر بالحزم والجزم أو النهي ثم يأتي ما يصرفه، ليس بهذا المتصور؟ هذا الأصل في الباب؟ نعم؟ ولذا يمنع بعضهم القول بالتخصيص إذا كان الخاص هو المتقدم على العام، هذا قول معتبر عند جمع من أهل العلم، فيكون العام ناسخًا؛ لأنه متأخر؛ لأن المتكلم حينما تكلم باللفظ الخاص، ثم أردفه باللفظ العام ما مراده باللفظ العام؟ هل المراد به الخصوص فيكون من العام المخصوص بما تقدم؟ أو يكون من العام الذي أريد به الخصوص؟ يعني لا يكون عامًّا..، وإذا قلنا: ننظر إلى الخاص وإن كان متقدمًا نقول: هذا عام مخصوص بما تقدم، والأكثر على أنه لا مانع أن يتقدم الخاص.
حينما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقطع الخفين في المدينة لمن لا يجد النعلين، ((وليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) هذا مقيد بالقطع، وفي عرفة بعد ذلك وقد شهدها من لم يشهد ما قاله -عليه الصلاة والسلام- من لم يحضر قوله -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة، جاء بلفظ مطلق: ((من لم يجد النعلين فليلبس الخف)) فهل نقول: بالقطع أو نقول: بالإطلاق؟ وحينئذٍ يكون القطع منسوخًا، عندنا مطلق ومقيد، لكن المقيد متقدم على المطلق، يعني هل قاعدة حمل المطلق على المقيد في جميع الصور ولو تقدم المقيد؟ حمل العام على الخاص في جميع الصور، ومثله ما عندنا، الصارف والمصروف، نقول في مثل هذه المسائل وإن كان التقعيد عند الجمهور لا ينظر إلى التقدم والتأخر إلا أنه في فروع المسائل قد يلجئون إلى مثل هذا الكلام، لا يختلف الحنابلة عن غيرهم في حمل المطلق على المقيد في مثل قطع الخف إذا لم نعرف تاريخًا، لكن الآن عرفنا التاريخ، الأمر بالقطع في المدينة قبل خروجه -عليه الصلاة والسلام- منها، وعدم ذكر القطع بعرفة بعد ذلك، يعني لو لم نعرف التاريخ لقلنا: يحمل المطلق على المقيد على الجادة؛ للاتحاد في الحكم والسبب، لكن عرفنا المتقدم والمتأخر، ولذا اختلف الأئمة في القطع، هل يقطع الخف أو لا يقطع؟ حتى عند من يقول بحمل المطلق على المقيد، بل لا أعرف من يخالف لو لم نعرف التاريخ في مثل هذه الصورة؛ لأنه اتحد الحكم والسبب، فإذا اتحد الحكم والسبب حمل المطلق على المقيد بالاتفاق، لكن الآن وجد خلاف، لماذا وجد خلاف؟ لتأخر المطلق، لتأخر المطلق وجد الخلاف، فيرى جمع من أهل العلم أنه لا بد من القطع، وآخرون يقولون: لا، ما يحتاج إلى القطع، طيب ما يحمل المطلق على المقيد؟ قالوا: لا، لو وجد التقييد لما جاء النص المطلق متأخرًا بحيث شهده من لم يشهد ولم يحضر النص المقيد، الآن ظاهر أم غير بظاهر؟
عندنا الآن صورة حمل المطلق هذا صورة من أربع صور، يعني اتحدا في الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد اتفاقًا، لكن لما عرف التاريخ وأن أحدهم متأخر، يعني لا سيما مع تأخر المطلق وجد الخلاف، ومثله لو تأخر العام عن الخاص، ونصوا على هذا في باب العام والخاص، من أهل العلم من لا يحمل العام على الخاص إذا تأخر العام، وهنا تأخر المصروف وتقدم الصارف، الإجراء الطبيعي الأصل في المسألة أن يتقدم المصروف ويتأخر الصارف، مثل العام والمطلق مع الخاص والمقيد، نحن الآن عرفنا التاريخ، وأن حديث طلق بن علي متقدم على حديث بسرة، فكيف العلم حينئذٍ؟ هو يُعرف تاريخ ورود النص بتاريخ إسلام الراوي، مما يعرف به تأخر إسلام الراوي وتقدمه، لا سيما وأن طلقًا ما لزم المدينة لما أسلم، جاء وقت بناء المسجد وذهب إلى قومه، ما يقال: إنه تحمله بعد ذلك، لا أبدًا.
طالب:.......
لا، هو الأصل عند الجمهور أنه للوجوب إلا أن يوجد صارف، شيخ الإسلام يرى أن مثل حديث طلق صارف للأمر، ولو تقدم عليه، والأئمة الثلاثة كما سمعتم مالك والشافعي وأحمد يرون النقض.
طالب:.......
هو مرجح من المرجحات، يعني مما يرجح به حديث بسرة أنه ناقل عن الأصل، وحديث طلق مبقٍ على الأصل، هذا من المرجحات، وهو أرجح من كل وجه، حديث بسرة أرجح من كل وجه، وهو متأخر، وهو أقوى من حيث الصناعة والعمل، عمل به جمهور أهل العلم، نعم.
ولذا الأئمة الثلاثة كلهم على العمل بحديث بسرة، الأئمة الثلاثة كلهم على العمل به، وأبو حنيفة يرى ترجيح حديث طلق؛ لأنه مبق على الأصل.
يقول: "دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: من مس الذكر الوضوء، قال عروة: ما علمت هذا" ما علمت هذا، الآن أيهم أعلم مروان أم عروة؟ عروة بلا شك، دل على أن الجهل ببعض المسائل لا يدخل النقيصة على العالم ولا يُنبز به، ولا يتنقص بسببه، إذ الإحاطة بجميع العلم لا سبيل إليها، وقد يكون عند المفضول ما لا يوجد عند الفاضل، كما هو معروف، وليس في هذا نقيصة على عروة بوجه.
"فقال مروان بن الحكم: أخبرتني بسرة بنت صفون أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا مس أحدكم ذكره))" يعني بلا حائل، وبباطن كفه؛ لحديث ((إذا أفضى)) والإفضاء إنما يكون بباطن الكف، كما قرر ذلك أهل اللغة، على كل حال الاحتياط الوضوء من مس الذكر، بعض الروايات: ((من مس فرجه فليتوضأ)) من حديث أبي هريرة وغيره، فيلحق به الدبر، فإذا مس القبل أو الدبر يتوضأ.
طالب:.......
لا، المسألة مفترضة أنه مغسول ونظيف وهو بضعة منك، كما في حديث طلق، لكن سدًّا لذريعة مسه بشهوة فيخرج منه شيء، بعضهم يقيد ذلك بالشهوة، فيرى أنه لا ينقض الوضوء إلا إذا مس بشهوة، نعم؟
طالب:.......
ما فيه فرق بين رجله وذكره في حديث طلق، ما فيه فرق؛ لأن كلها بضعة منك، ومعلوم أن المس ما يمكن أن يسأل عنه إذا كان بحائل.
طالب:.......
نعم في الصلاة لا بد أن يكون بحائل، نعم الرجل يمس ذكره في الصلاة بحائل، وهذا يستدل به من يقول بنقض الوضوء من مس الذكر، ويمكن حمل حديث طلق على مسه بحائل، وعلى كل حال مسه بحائل لم يقل أحد من أهل العلم بنقض الوضوء به، نعم؟
طالب:.......
مس ذكره إذا لم يكن نجسًا باقٍ على طهارته، مس ذكر الطفل كقبلة الطفل، وقبلة المحرم، وما أشبه ذلك ما في شهوة على ما سيأتي بالقبلة، هذا الذي يظهر من كلامه -رحمه الله-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مصعب" عمه "مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص" يعني أباه "حال قراءته للقرآن" يعني أضبط عليه، يتبع "فاحتككت" المقصود بذلك تحت الإزار "فقال سعد: لعلك مسِست" بكسر السين الأولى هو أفصح "بكفك ذكرك" يعني بلا حائل "قال مصعب: فقلت: نعم، قال: قم فتوضأ، فقمت فتوضأت ثم رجعت" هذا يدل على أن سعدًا -رضي الله عنه- يرى النقض بمس الذكر، وسعد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وفيه أيضًا أن سعدًا يرى أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، ولذلك قال له: قم فتوضأ.
الخبر الذي يليه: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا مس أحدكم ذكره فقد وجب عليه الوضوء" والبزار روى الخبر عن ابن عمر مرفوعًا، فقد وجب عليه الوضوء، والمراد به الوضوء الشرعي، لماذا؟ لأنه لا موجب للوضوء اللغوي، الوضوء اللغوي الذي بمجرد غسل اليدين إنما يستلزمه قذر، يعني وسخ أو نجس ولا موجب له، فدل على أن المراد الوضوء الشرعي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هاشم بن عروة عن أبيه أنه كان يقول: "من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء" عروة الذي قال في الخبر السابق: ما علمت هذا، لكنه بعد أن علم، وبلغه الخبر مرفوعًا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفتى به، "من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء" وهذا كسابقه، رواه البزار مرفوعًا عن عائشة -رضي الله عنها-.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: "رأيت أبي -عبد الله بن عمر- يغتسل ثم يتوضأ، فقلت له: يا أبتي أما يجزيك؟ -يكفيك- الغسل من الوضوء؟" يغتسل ثم يتوضأ "فقلت له: يا أبتي أما يجزيك -يكفيك- الغسل من الوضوء" لأن الغسل وضوء وزيادة، وعبادتان من جنس واحد، والتداخل في مثل هذا معروف، فتدخل الصغرى في الكبرى.
"أما يجزيك الغسل من الوضوء؟ قال: بلى" يجزي ويكفي "ولكن أحيانًا أمس ذكري" سهوًا أو عمدًا لتنظيف أو دلك، وما أشبه ذلك "فأتوضأ" أثناء الغسل، والمسألة مفترضة في شخص توضأ وضوءه للصلاة كما هو في الغسل الكامل، ثم اغتسل فوقعت يده على فرجه مثل هذا يعيد الوضوء، كصنيع ابن عمر.
يقول الباجي: إنما كان سؤال سالم أباه لما رآه يتوضأ بعد غسله الذي افتتحه بالوضوء؛ لأنه معروف أن الوضوء الكامل أن يغسل يديه وذكره وما لوثه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، الوضوء الكامل أو يؤخر غسل الرجلين، كما جاء في بعض الروايات، نعم، المقصود أنه يتوضأ، ثم يعمم بدنه بالماء على ما سيأتي، بعد هذا لا يحتاج إلى وضوء.
الباجي يرى أن سؤال سالم لأبيه عن إعادة الوضوء كيف يعيد وضوء، والوضوء تقدم قبل الغسل؟ فأجابه بأنه "ولكني أحيانًا أمس ذكري فأتوضأ" لأنه بمس ذكره انتقض وضوؤه الذي حصل قبل الغسل، والأصل الوضوء قبل الغسل، هذا السنة، فإذا مس ذكره نقض وضوءه السابق فيعيده بعد الغسل.
طالب:.......
لا، هذا هو عنده وضوء، وضوء طهارة شرعية، نقضت بمس الذكر، فيعاد، الحدث الأكبر ما يرتفع إلا بالغسل، معروف، لكن حتى الغسل إذا مضى بعضه، نضح الماء على رأسه، وافترض أنه ما هو متوضئ يقول: تكفيني الطهارة الكبرى، فنضح الماء على رأسه، وغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، على ما جاء، ثم مس فرجه، نقول: مس الذكر ناقض، لكن كونه ناقضًا، الآن المسألة دقيقة جدًّا، المسألة دقيقة، الآن هل مس الذكر ناقض للوضوء أو ناقض للغسل؟
طالب:.......
ولا ينقض الغسل؟
الآن افترضنا أن شخصًا أفاض الماء على رأسه، ثم غسل شقه الأيمن وشقه الأيسر قبل أن يكتمل الغسل مس ذكره، نقول: كمل الغسل، الغسل ما عليه، لكن عليك أن تتوضأ؛ لأن الوضوء الداخل في هذا الغسل انتقض.
طالب:.......
يستوي، وكلام الباجي ما له داع.
طالب:.......
ما يشق، لا، هو المسألة مفترضة فيمن يغتسل الغسل الكامل يغسل فرجه وما لوثه، ويتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على بدنه ولا يحتاج إلى مسه، فإذا مس ذكره بعد ذلك يعيد الوضوء على خلاف في المستحب، يعني تدخل الطهارة الصغرى في الكبرى بكمالها، معروف، نعم.
أحسن الله إليك
باب: الوضوء من قبلة الرجل امرأته
وحدثنا عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول: "قُبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء".
عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: "من قُبلة الرجل امرأته الوضوء".
عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: "من قُبلة الرجل امرأته الوضوء".
قال نافع: قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي.
مقلوب هذا، على أنه لا يوجد في أكثر النسخ، هذا الكلام كله التعقيب هذا ما هو موجود في أكثر النسخ، لا يوجد.
هذا يسأل يقول: هل في قول ابن عمر: إن هذه لصلاة ما كنت تصليها، يقول: هل كان ابن عمر يحافظ على صلاة الضحى أو لا يحافظ؟
الصلاة بعد طلوع الشمس، بعد أن طلعت الشمس وقضاء الفرائض لا يدخل في النهي، لكنه ما كان يصلي مع طلوع الشمس، ولو افترضنا أن الشمس قد طلعت وارتفعت، فمسألة الصلاة بعد طلوع الشمس وارتفاعها لمن جلس في المسجد مسألة مختلف فيها تبعًا لثبوت الخبر: ((من جلس في المصلى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين))... إلى أخره.
فالذي يثبت هذا الخبر يقول: هناك صلاة بعد ارتفاع الشمس، وعليها الثواب المرتب، والحديث لا يسلم من كلام لأهل العلم؛ لذا ابن القيم -رحمه الله- لما شرح حال الأبرار، وأنهم يجلسون بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ثم يصلون ركعتين، ثم انتقل إلى وصف حال المقربين، فقال: إنهم يجلسون بعد صلاة الصبح ثم إن شاءوا صلوا وإن شاءوا انصرفوا، هل هناك ملحظ أم ما في ملحظ؟
طالب:.......
أيهم أرفع درجة؟ المقربون أرفع، إذًا كيف يقول بالنسبة للأبرار أنه إذا طلعت الشمس صلوا ركعتين، ثم انصرفوا، وبالنسبة للمقربين إن شاءوا صلوا وإن شاءوا انصرفوا بدون صلاة؟
طالب:.......
بالنسبة لصلاة الضحى تأخيرها أفضل بلا شك، وكون الأبرار يصلون صلاة الضحى في أول الوقت، لا يعني أن المقربين لا يصلونها، الأمر الثاني: أن الأبرار يزاولون من أعمال الدنيا ما يزاولون، فهم ينصحون بأن يصلوا صلاة الضحى قبل أن يخرجوا من المسجد؛ لئلا ينشغلوا بأمور دنياهم عنها، فيتركوها، بينما المقربون تفرغوا لهذا الأمر، ولا يتصور منهم أنهم سوف ينسون صلاة الضحى.
طالب:.......
أقل الأحوال تصلى بنية الضحى، وإن ثبت الخبر ففضل الله واسع.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوضوء من قبلة الرجل امرأته
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول: "قُبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة" الملامسة: يعني الواردة في آية الوضوء {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] لامس ملامسةً، وهذه الصيغة تقتضي صيغة المفاعلة، أن تكون بين طرفين، هذا الأصل في صيغة المفاعلة، لكن قد ترد من طرف واحد، فقيل: سافر، سافر فلان هذا من طرفين أو من طرف واحد؟ من طرف واحد، طارق النعل كذلك، المقصود أن هذه الصيغة ترد ويراد بها وقوعها من طرف واحد.
الملامسة تختلف عن اللمس والمس أو لا تختلف؟ هناك في الذكر قال: مسستُ، فهو مس ومسيس، وهنا: لمس وملامسة، فهل المس غير اللمس والملامسة أم هو هو؟ أم ما هي الملامسة؟ أعم من أن تكون باليد ((إذا مس أحدكم امرأته)) وفي: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] فهل يختلف اللمس والمس والملامسة؟ طيب "نهي عن بيع الملامسة" لأن من أهل العلم من يرى تخصيص الملامسة بالجماع، في قوله: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] لتكون الآية مشتملة على الحدثين الأصغر والأكبر، من باب المقابلة.
يقول ابن عبد البر في الاستذكار: "اختلف العلماء من الصحابة فمن بعدهم في معنى الملامسة التي أوجب الله بها الوضوء لمن أراد الصلاة، بقوله {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] فقيل: الجماع، وقيل: ما دونه مما يجانسه، مثل القبلة وشبهها، ثم هل اللمس خاص باليد أو بسائر البدن؟ وهل يشترط فيه اللذة أو لا؟ الملامسة، المسألة مختلف فيها، هل تطلق أو تختص بالجماع كما قاله بعضهم، وهو مقتضى مذهب أبي حنيفة، الذي لا يرى النقض -نقض الوضوء- بالمس، واللمس مطلقًا، أو تتناول المس باليد، واللمس وما هو أعظم من ذلك، كما يقوله الثلاثة مالك وأحمد والشافعي، ثم يختلف هؤلاء فيشترط مالك وأحمد الشهوة، وأما الشافعي فيرى أن اللمس ناقض للوضوء مطلقًا بشهوة وبغيرها، ولذا يؤكدون -أعني الشافعية- على الاحتياط في المطاف، المالكية والحنابلة ما عندهم مشكلة في المطاف؛ لأنهم يشترطون الشهوة، الشافعية ولو من غير شهوة، حصل اللمس ولو من غير شهوة انتقض الوضوء، ثم بعد ذلكم يتبعه عدم صحة الطواف، والطواف تتسلسل المسألة قد يكون ركنًا لركن من أركان الإسلام، فهم يشددون في هذا.
هنا يقول ابن عمر: "قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء" ومع ذلكم خص ذلك باليد دون سائر البدن، لو لمسها برجله عليه وضوء أم ليس عليه وضوء؟ وخص ذلك باليد، لو لطم زوجته عليه وضوء أم ليس عليه وضوء؟ نعم مقتضى قول الشافعية أن عليه الوضوء، وعند مالك وأحمد لا وضوء عليه، طيب إذا مس الشعر والظفر ينتقض الوضوء أو لا ينتقض؟
طالب:.......
لماذا؟ لأنها في حكم المنفصل، الشعر والظفر على الخلاف بين أهل العلم، لكن الأكثر على أنها في حكم المنفصل؛ لأنها في حكم المنفصل.
طيب إذا حلف ألا يمس شاة مثلًا، ووضع يده على ظهرها يحنث أم لا يحنث؟
طالب:.......
لماذا؟ ما قلنا: الشعر في حكم المنفصل؟ إذا حلف ألا يمس امرأته فوضع يده فوق رأسها، لماذا؟ ما قلنا: في حكم المنفصل؟ نعم الأيمان والنذر مبنية على الأعراف عند الأكثر خلافًا لمالك.
بعد هذا يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء" امرأته مفعول للمصدر، وهذا من باب إضافة المصدر إلى فاعله "من قبلة الرجل امرأته الوضوء" لأنه من مشمول {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] يشترط في القبلة اللذة أم لا يشترط؟
طالب:.......
لا، العكس عند الشافعية، ما يحتاج لذة ولا شهوة، لكن هل يتصور قبلة بدون لذة؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
.......... لا هو أقرب ما يكون إذا كانت مريضة هي، أما إذا قدمت من سفر فالشوق موجود، نعم يتصور أن يقبل الرجل امرأته بلا شهوة جبرًا لخاطرها، أو في حالة مرض، أو ما أشبه ذلك، نعم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء" لأنه ملامسة وزيادة، هذا بالنسبة للامس فما حكم الملموس؟ اللامس عرفنا حكمه، وعرفنا أقوال أهل العلم، وأنه عند الثلاثة اللمس ينقض الوضوء على خلاف بينهم في اعتبار الشهوة، وعند أبي حنيفة لا ينقض، وأن الملامسة يراد بها الجماع، هذا بالنسبة للامس، فماذا عن الملموس؟
اللامس والملموس عند مالك سواء، يعني إذا وجدت شهوة من الملموس انتقض وضوؤه، إذا وجدت الشهوة من اللامس انتقض الوضوء، يعني الملموس يمكن يشتهي أو ما يمكن؟ ممكن، فإذا وجدت الشهوة من الملموس صار حكمه حكم اللامس عند الإمام مالك، وعند الحنابلة، ولا ينتقض ملموس عند أحمد ولو وجد منه شهوة، وعند الشافعي قولان كالمذهبين، هذه أقوال أهل العلم في هذه المسألة.
فلا شك أن الاحتياط مطلوب، والخروج من عهدة الواجب بيقين هو الأحوط، والأبرأ للذمة، والنص محتمل، وأقوال الصحابة مثلما سمعتم.
النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل بعض نسائه، وخرج للصلاة، هل نقول: إن هذا مرجح لقول أبي حنيفة؟ أما كونه قاضيًا على مذهب الشافعي، الذي يقول: ينتقض باللمس بشهوة أو بغير شهوة، وبالنسبة لقول مالك وأحمد احتمال، وهو ظاهر في الانتصار لمذهب أبي حنيفة، وعلى كل حال الاحتياط واللفظ -لفظ الآية- محتمل، وفهمه كثير من الصحابة على أنه مجرد اللمس، وإن كان ابن عباس يرى أنه الجماع، ابن عمر وغيره يرون أنه مجرد اللمس، وهو قول الأكثر، فالاحتياط للعبادة مطلوب، لكن لو قدر أن شخص قال: إنه صلى وانتهى، وقد قبل زوجته قبل ذلك أو مسها، أمره بالإعادة يحتاج إلى نص قاطع للعذر، والأدلة محتملة، فلا يؤمر بالإعادة حينئذٍ إلا من باب الاحتياط، إن كان يستروح إلى هذا، أما إلزامه فلا، لكن تقبيل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض نسائه.
طالب:.......
مسألة الاحتياط شيء، والإلزام شيء آخر، الإلزام لا بد من شيء يقطع العذر، يقطع الكلام، والآية محتملة، والنص أيضًا لا يسلم من مقال أيضًا كونه قَبّل.
طالب:.......
فيه كلام، النص فيه كلام، ما يلزم أن يكون من غير حائل، ما يلزم، وكونها مست قدمه، وهو يصلي بعد كذلك، المقصود يا إخوان أن المسألة محتملة مثلما سمعتم، وأقوال الأئمة مثلما ذكرنا، أما الأمر بإعادة الصلاة فلا بد فيه من نص قاطع، ولا نص قاطع، والنصوص كما سمعتم محتملة، والآية تحتمل الأمرين، والاحتياط وإبراء الذمة، والخروج من عهدة الواجب بيقين هذا أمر مطلوب. نعم؟
طالب:.......
يصير فهم من الآية، مثلما فهم ابن عباس.
يقول: سائل يسأل عن صيام ست من شوال هل لا بد فيها من النية؟ أم تعتبر مثل التطوع؟
أما بالنسبة للتبييت لا يلزم كغيره من التطوعات، أما تمييز كونه من الست مطلوب؛ لأن هذا شيء خاص.
ثم إذا كان الشخص يصوم يومًا ويترك يومًا قبل رمضان، واستمر على ذلك ولله الحمد، فكيف يصوم ستًا من شوال؟
الست تدخل في هذا، الست تدخل في صيام داود، وهي أيضًا تدخل في صيام البيض، تدخل في صيام الاثنين والخميس، هذه أمور من جنس واحد، كلها مؤدات، ليس بعضها مقضٍ وبعضها مؤدٍ، فهي عبادات متداخلة، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: العمل في غسل الجنابة
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله.
عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة.
عن مالك عن نافعٍ أن عبد الله بن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فأفرغ على يده اليمنى فغسلها، ثم غسل فرجه، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه، ونضح في عينيه، ثم غسل يده اليمنى ثم اليسرى، ثم غسل رأسه، ثم أغتسل وأفاض عليه الماء.
عن مالك أنه بلغه أن عائشة سئلت عن غسل المرأة من الجنابة، فقالت: لتحفن على رأسها ثلاث حفنات من الماء، ولتضغث رأسها بيديها.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: العمل في غسل الجنابة
يقول الله -جل وعلا-: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ} [(6) سورة المائدة] يعني اغتسلوا، بدليل قوله تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ} [(43) سورة النساء].
فيقول بعد هذا: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اغتسل" هل نقول: إذا أراد، أو إذا فرغ، أو إذا شرع؟ شرع اغتسل، يعني شرع بالغسل من الجنابة، يعني بسبب الجنابة فـ(من) سببية "بدأ بغسل يديه" بدأ بغسل يديه ثم بعد ذلكم يغسل فرجه، كما عند مسلم والترمذي والشافعي وغيرهم "ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة" مخرج للوضوء اللغوي "ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها" أي بالأصابع "أصول شعر رأسه" والتخليل مستحب، ولا يجب اتفاقًا "ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات" ففيه استحباب التثليث في الغسل، قال النووي : ولا نعلم فيه خلافًا، يعني التثليث، يعني كونه يفرغ على رأسه ثلاثًا، يغسل شقه الأيمن ثلاثًا، والأيسر كذلك، مستحب، فيقول النووي: لا نعلم فيه خلافًا إلا ما تفرد به الماوردي، فقال: لا يستحب التكرار في الغسل، يعني يعمم البدن بدون تكرار "بيديه، ثم يفيض" يعني يُسيل الماء على جلده كله، استدل بهذا من لا يشترط الدلك "يفيض" يعني يُسيل "الماء على جلده" فيستدل بهذا الجمهور على أن الدلك لا يدخل في مسمى الغَسل ولا الغُسل، المالكية يقولون: الدلك من مسمى الغسل، بينما الجمهور لا يقولون: الدلك، يعني لا يقولون بلزومه ولا اشتراطه لصحة الغسل، ومثله الوضوء، واللغة فيها ما يدل على ذلك، يقال: غسله العرق، غسله المطر يعني إذا وصل إلى بدنه، ولو لم يحصل معه دلك.
يقول ابن عبد البر: هذا أحسن حديث روي في ذلك، يعني الغسل، يعني حديث عائشة -رضي الله عنها-.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة" يعني بسببها، الفرق قال ابن التين: بتسكين الراء، ماذا يكون؟ الفرْق، ورويناه بفتحها، وجوز بعضهم الأمرين، قال النووي: الفتح أفصح وأشهر، وزعم الباجي أنه الصواب، يعني الفتح.
ولعل مستنده ما حكاه الأزهري عن ثعلب وغيره الفرَق بالفتح والمحدثون يسكنونه، وكلام العرب بالفتح، يدل على أنه لا يوجد سكون، يعني أيهما أولى أن يقال: أفصح أم هو الصواب؟ يعني كونه أفصح لا ينفي أن يوجد لغة غير فصيحة بالسكون، وكونه هو الصواب يدل على أن ما عداه خطأ.
حكى ابن الأثير أن الفرَق بالفتح ستة عشر رطلًا، والفرْق بالإسكان مائة وعشرون رطلًا، وهو غريب، كلام غريب، وعند مسلم قال سفيان: الفرق ثلاثة آصع، قال النووي: وكذا قال الجماهير، ثلاثة آصع، يعني كم رطل؟
طالب:.......
لكنه إذا كان من مادة واحدة ما يتغير، نعم الماء، الماء وزنه واحد، فإذا قورن وزنه بكيله، نعم ما تقول: الفرق ثلاثة آصع من كل شيء، أو ستة عشر رطلًا من كل شيء، لكن من الماء ما يتغير، الماء وزنه واحد، فما الفرق بين ثلاثة آصع كما قال سفيان في صحيح مسلم، وهو قول الجماهير كما قال النووي، وما ذكره أهل العلم من أنه ستة عشر رطلًا؟ لأن الصاع خمسة أرطال وثلث، إذًا الثلاثة الآصع ستة عشر رطلًا.
ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من أنه كان يغتسل بالصاع، وهنا يغتسل من إناء هو الفرَق من الجنابة، يعني جاء في الحديث -حديث في الصحيح في البخاري وغيره- أنه يغتسل هو وعائشة من إناء هو الفرق، فلا إشكال، وأيضًا كونه يغتسل من هذا الإناء الذي فيه ثلاثة آصع لا يختلف مع كونه يغتسل بالصاع؛ لأنه لا يلزم أن يستوعب جميع ما في هذا الإناء، فلا اختلاف بين هذا وذاك.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة" يعني بسببها "بدأ فأفرغ على يده اليمنى" أفرغ صب على يده اليمنى، يعني يكفئ الإناء باليسرى، فيصب على اليمنى "فيغسلها، ثم غسل فرجه" المعلوم أنه بشماله "ثم مضمض واستنثر" وقد مضى الكلام على حكم المضمضة والاستنشاق، وما قيل في حكمهما من قبل أهل العلم، وبعض من يقول بالاستحباب في الوضوء يقول بالوجوب في الغسل "ثم غسل وجهه" هذا من؟ ابن عمر "ثم نضح في عينيه" يعني رش الماء في عينيه، وهذا من اجتهاداته وشذائذه واحتياطه وتحريه.
يقول ابن عبد البر: لم يتابع ابن عمر على النضح في العينين أحد، وله شذائذ حمله عليها شدة التحري، ولا شك أن الزيادة على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو كان الحامل عليها التحري والتثبت والاحتياط، نعم، هذا لا يبرر الزيادة على ما جاء في الشرع، يعني بعض أهل العلم أثر عنهم أنهم يزيدون في الوضوء على الثلاث، بل على الأربع إلى أن يصلون إلى حد العشر مرات.
جاء في ترجمة ابن دقيق العيد، وترجمة الحافظ العراقي أنهم يزيدون، ويقول المترجمون: إن ذلك لا يخرجهم إلى حيز الابتداع، بل الحامل على ذلك الاحتياط، لكن هل الاحتياط في مثل هذا؟! يعني شيخ الإسلام -رحمه الله- فيما نقله عنه ابن القيم يقول: الاحتياط إذا أدى إلى ترك مأمور، أو فعل محظور، فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، يقول: هذا لا يدخلهم إلى حيز الوسوسة والابتداع، لا، هذا احتياط، ما هو بصحيح، يعني كون الشخص أعمى هل يبرر له العمى وعدم الإبصار أن يغسل العضو أكثر من ثلاث مرات، يقول: أنا ما بقي شيء، بقي بقعة، أنا استوعبت العضو ما استوعبت، فأنا أحتاط، المبصر معروف الذي يرى العضو وأنه استوعبه بالماء، لكن الكفيف يقول: أنا أغسل يدي، إلى أن أجزم أني عممت العضو بالماء، له ذلك أو ليس له ذلك؟
الذي يقول: أنا لا أدري وأنا أغسل حتى أقطع أني غسلت العضو كاملًا؛ لأنه يقول: احتمال فيه بقعة أنا ما أدري عنها، هل استوعبت أو ما استوعبت؟
طالب:.......
نعم، لكن هل تعتبر غسلة وهو شاك في استيعاب العضو؟ هذا الذي ينبهنا إلى مثل هذا أني حضرت وضوء بعض الكبار، الكبار يعني، مكفوفي البصر، ويزيد على المشروع بحجة أنه أعمى، ومع ذلكم إذا خشي ألا يسبغ فقطعًا سوف يسبغ بالثلاث، وإذا كان التردد بين الثلاث، وما زاد عليها، فليقتصر على الثلاث، ولو افترضنا أنه ما أتم غسله في الأولى والثانية، ثم عممه في الثالثة؛ لأنه إذا شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثًا يجعله مرتين أو ثلاثًا؟ يجعلها ثلاثًا، لماذا؟ لأنه إن كان في الحقيقة غسلها ثلاثًا ثم أراد أن يزيد رابعة من باب قطع الشك خرج إلى حيز البدعة، لكن إن كان في الحقيقة غسلها اثنتين ولم يزد على ذلك فهو ما زال في دائرة السنة، هذا في الصلاة في التردد ركعتين أم ثلاث، يبني على ما استيقن، لكن الوضوء، لماذا نفرق بين الوضوء والصلاة؟ هذا تردد هل صلى ركعتين أم ثلاثًا؟ نقول: يبني على الأقل؛ لأنه متيقن، لماذا؟ لأن الأقل ليس بشرع، لو تبين في الحقيقة أنه استيقن على الأقل، لكن لو توضأ مرتين أو ثلاث لا شك أنه مرتين، اجعلها ثلاثًا؛ لأنه لو فرض أنها مرتان شرعية، النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتين مرتين، لكن لو فرض أنها في الحقيقة ثلاث وزدت رابعة خرجت إلى حيز البدعة، فكونك تتردد بين بدعة وسنة الزم السنة ولو كانت أقل.
طالب:.......
أي يبني على الأقل لأنه مستيقن؛ لأن الصلاة باطلة لو نقص ركعة، لكن الوضوء لو نقص مرة ما بطل.
طالب:.......
لا، الصلاة فيها نصوص؛ لأنك لو نقصت من العدد بطلت صلاتك، الوضوء لو نقصت من ثلاث ما بطل، وسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتين مرتين، فكونك تتردد بين سنة وبدعة غير كونك تتردد بين صلاة صحيحة وصلاة باطلة، فهمت القصد؟
ويبقى أنه هذا الشك يبني عليه شك آخر، ثم بعد ذلك يخرج عن حيز السنة إلى الوسوسة؛ لأن مثل هذا الاحتياط في القدر الذي دونه مجزئ، لا سيما إذا تكرر مع الإنسان عليه أن يقطع؛ لئلا يوسوس، كل بدايات الموسوسين من هذا، بدايات الموسوسين كلها بسبب هذا.
هذه تسأل تقول: عليها قضاء من رمضان، هل تصوم ست من شوال قبل القضاء أم بعده؟
لا، تصوم ما عليها من واجب، ثم تتنفل بما شاءت، هذا هو المرجح، وإن كان....
طالب:.......
لا، لا، خلاص خرج وقتها، خرج وقتها.
يقول: إذا احتاج العضو إلى غسل أكثر لوجود أوساخ تحتاج إلى إزالتها؟
الأولى أن يغسل هذه الأوساخ قبل شروعه في الوضوء؛ لئلا يلتبس المشروع بغيره.
طالب:.......
نعم، غسل يده اليمنى، ما هو بغسل الوضوء، الغسل من أجل إدخالها في الإناء، أفرغ على يده اليمنى، أمال الإناء فغسل يده اليمنى قبل الشروع في المطلوب، ما هو بغسل الوضوء هذا، ما هو بغسل الذراع، غسل الكف.
"ثم غسل فرجه، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه، ونضح في عينيه" يعني رش الماء في عينيه، وهذا من احتياطه، ولم يتابعه عليه أحد "ثم غسل يده اليمنى ثم اليسرى" مع المرفقين، هذا الوضوء، معروف هذا الوضوء الذي يتقدم على الغسل "ثم اليسرى، ثم غسل رأسه" يعني مسح برأسه "ثم اغتسل" ولم يذكر غسل الرجلين؛ لأنه جاءت السنة بتقديم غسل الرجلين مع الوضوء، توضأ وضوءه للصلاة، وجاء تأخير غسل الرجلين بعد الغسل والانتقال من المكان، لا سميا إذا كان المكان فيه طين وما أشبهه.
"وأفاض عليه الماء" هذا تفسير لـ(اغتسل) "ثم اغتسل وأفاض عليه الماء" هذا عطف تفسيري.
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة سئلت عن غسل المرأة من الجنابة، فقالت: لتحفن على رأسها ثلاث حفنات من الماء، ولتضغث رأسها بيديها".
عن مالك أنه بلغه، في شرح الزرقاني قال: بلاغاته صحيحة، قال سفيان: إذا قال مالك: بلغني فهو إسناد قوي.
"أن عائشة سئلت عن غسل المرأة من الجنابة، فقالت: تحفن على رأسها ثلاث حفنات" والحفنات جمع حفنة مثل سجدة وسجدات، والحفنة ملء اليدين من الماء، الحفية والحثية بمعنى واحد "ولتضغث رأسها" قال ابن الأثير: الضغث: معالجة الشعر باليد عند الغسل، كأنها تخلط بعضه ببعض؛ ليدخل فيه الماء، يعني تحركه تخلط بعضه ببعض، لكي يدخل الماء إلى أصوله "بيديها" "قال مالك: ليداخله الماء، وليصل إلى البشرة" ليصل إلى بشرة الرأس، لكن هل يلزم نقض الشعر؟ يقول الإمام مالك: اغتسال المرأة من الحيض كاغتسالها من الجنابة، فلا يلزمها نقض الشعر، وقد أنكرت عائشة على عبد الله بن عمرو أمره النساء أن ينقضن رؤوسهن عند الغسل، وشددت النكير عليه في ذلك، حتى قالت: فليأمرهن بحلق رؤوسهن، وجاء الأمر بنقض الشعر، لكنه مصروف على سبيل الاستحباب، وقد أنكرت عائشة على عبد الله بن عمرو، جاء النقض في حديث لعائشة، وجاء عدمه في حديث لأم سلمة؛ ولذا يحمل بعضهم النقض على الشعر الكثيف الكثير، وعدمه على الشعر الخفيف؛ لأن هذه صغيرة السن شعرها كثير، وهذه كبيرة شعرها خفيف فلا يحتاج إلى نقض، لكن إنكار عائشة على عبد الله بن عمرو يدل على أنه غير لازم، نعم.
باب: واجب الغسل إذا التقى الختانان
عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يقولون: "إذا مس الختان الختان فقط وجب الغسل".
عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يوجب الغسل؟ فقالت: هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثل الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها، إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل".
عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: لقد شق علي اختلاف أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمر، إني لأعظم أن أستقبلكِ به، فقالت: ما هو؟ ما كنت سائلًا عنه أمك عنه فسلني عنه، فقال: الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال أبو موسى الأشعري: لا أسأل عن هذا أحدًا بعدكِ أبدًا.
عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقال زيد: يغتسل، فقال له محمود: إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل، فقال له زيد بن ثابت: إن أبي بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت.
عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا جاوز الختان الختان فقط وجب الغسل.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: واجب الغسل إذا التقى الختانان
ختان الرجل وختان المرأة.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يقولون: "إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل" يعني وإن لم يحصل إنزال "إذا مس الختان" موضع القطع من الرجل من ذكر الرجل "الختان" يعني موضعه من الأنثى "فقد وجب الغسل" وإن لم يحصل إنزال، والمراد بالمس والإلقتاء المجاوزة، وفي رواية الترمذي بلفظ: "إذا جاوز" وستأتي هذه الراوية "فقالت: "إذا جاوز الختان الختان" والمراد بذلك الإيلاج، ليس المراد به حقيقة المس؛ لأنهم يقولون: لو حصل المس من غير إيلاج لا يلزم منه الغسل، وهذا أمر مجمع عليه، فإذا حصل الإيلاج وجب الغسل حينئذٍ ولو لم يحصل إنزال، ومثل هذا الخبر مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا جلس بين شعبيها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) يعني وإن لم ينزل، فعلى هذا هو ناسخ للحديث الصحيح: ((الماء من الماء)) يعني الماء الذي هو الغسل من الماء الذي هو الإنزال، ومفهومه أنه لا غسل بغير إنزال، لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) يعني وإن لم ينزل، وإن لم يحصل إنزال، فحديث ((الماء من الماء)) منسوخ كما نص على ذلك عامة أهل العلم، الجمهور نصوا على ذلك، والترمذي أيضًا نص على ذلك في سننه.
وجاء التصريح، جاء أيضًا التنصيص عليه أن الماء من الماء كان رخصة، مفهومها أنه نسخ بعد ذلك، ونص على ذلك الترمذي وغيره.
والترمذي لما روى الحديث في جامعه بين أنه منسوخ، وفي علل الجامع قال: "بينا علته في الكتاب" فالترمذي سمى النسخ علة، ولا شك أنه علة من حيث العمل، لا من حيث الثبوت، الحديث ثابت، لكنه من حيث العمل به النسخ علة.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر" سالم بن أبي أمية "مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يوجب الغسل؟ فقالت" تلاطفه أو تعاتبه "هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة؟" كأنه قال: لا؛ لأنه ما يدري السبب؟ نعم، ثم أجابت "مثلك مثل الفروج" الفروج على زنة تنور، فرخ الدجاج "مثلك مثل الفروج يسمع الديكة" على زنة عنبة، جمع ديك، ذكر الدجاج "الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها" يصيح معها، ولا يدري ما السبب؟ "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل" هذا مستفتٍ، جاء يسأل، فهل يحسن أن يقال لكل مستفتٍ: أنت مثلك مثل كذا؟
طالب:.......
يعني كون الإنسان لا يحتاج إلى السؤال، خلونا نتنزل إلى هذا الحد، إنسان لا يحتاج إلى السؤال، هل يجاوب عن سؤاله إذا عرف منه أنه يتعلم، أو يقال: هذا السؤال لا يهمك؟ و((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) نعم، هنا قضية عين حصلت لطالب في الابتدائي، في المرحلة الابتدائية، عمره لا يجاوز العاشرة، سأل شيخًا كبيرًا من أهل العلم، لكن في أول التعليم الكبار يدرسون حتى في الابتدائية، فقال له: يا شيخ ما حكم حلق شعر الصدر؟ هذا عمره عشر سنين، صدره فيه شعر أم لا؟ استدعاه الشيخ وضربه، بكى الصبي، ثم قال الشيخ: كان الإمام أحمد يطلي جسده بالنورة، قال: أنا أريد هذا، ما أريد الضرب.
هذه قصة واقعة، أنا أريد مثل هذا، أنا أريد هذا، ما أريد الضرب، فما يمنع أن يأتي الصغير يسأل سؤال الكبار، لكن السبب في ذلك، يقول ابن عبد البر -رحمه الله-: "عائشة تعاتب أبا سلمة بهذا الكلام؛ لأنه قلد من لا علم له به، والعلم عندها لمكانها من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان أبو سلمة لا يغتسل من التقاء الختانين؛ لراويته عن أبي سعيد حديث: ((الماء من الماء)) هذا سبب المعاتبة، هذا قول، ويحتمل أن يكون هذا العتاب لأن سؤاله كان قبل بلوغه، هذا قاله الباجي، الأول قاله ابن عبد البر، وهذا قاله الباجي، وهو احتمال وجيه، ما زال صغيرًا، لا يحتاج إلى مثل هذا، فعاتبته، وهذا يحصل، الآن تسمعونه كثيرًا من بعض المفتين، يأتي واحد يسأل، "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" يجاب بمثل هذا، ولا شك أنه إذا غلب على الظن أن السائل له مقصد أو له هدف من سؤاله غير العمل، وغير العلم يصرف عن الجواب، بل لو وجه بكلام يردعه عن مثل هذا، كان من الأدب المطلوب، لكن إذا خفي الأمر على المفتي يجيب، هذا الأصل، فضلًا عن كونه يعرف أن هذا يريد أن يتعلم، أو له حاجة إلى هذا السؤال، جمع بعضهم بقوله: ((الماء من الماء)) بأنه إذا حصل في المنام أنه لا غسل إلا من الإنزال ((نعم إذا هي رأت الماء)) كما سيأتي، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: ((نعم إذا رأت الماء)) فلا غسل إلا من الماء، هذا قال به جمع من أهل العلم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى" عبد الله بن قيس الأشعري "أتى عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: لقد شق" يعني صعب علي "اختلاف أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به" يعني المواجهة في مثل هذه الأسئلة صعبة، لا سيما من رجل لامرأة أو العكس، ومع الأسف نسمع بعض الأسئلة فيها من التصريح ما لا يصرح به الرجال مع الرجال، يعني من بعض النساء، نعم الحياء في العينين، إذا كان السؤال في الهاتف الناس يأخذون راحتهم، لكن يبقى أن الحياء له نصيبه من الإيمان، الحياء من الإيمان، شعبة من شعب الإيمان، فإذا أمكنت التكنية فلا داعي للتصريح، يعني يأتي أحيانًا أسئلة وكثيرة، ما هي بقليلة، لا يحتمل سماعها، الرجل مع تكرر ما يرد عليه من هذه الأسئلة أحيانًا والله يخجل لا يستطيع أن يقول الجواب، وهذا يقول: "إني لأعظم أن أستقبلك به" نعم هي أم المؤمنين على كل حال، وهي مأمورة بالحجاب، والسؤال من وراء حجاب، ولا في أي إشكال، ما فيه إشكال -إن شاء الله-، يسألون، يقفون عند الباب ويسألون، ماذا يصير؟ نعم عند الحاجة إذا دعت الحاجة إلى ذلك لا بد منه، لكن ما هناك حاجة، يعني مسألة لها لفظان كلاهما يدل على هذه القضية، واحد صريح جدًّا، يعني شيء يستحيا من النطق به، والآخر يقوم مقامه، يعني من الأدب أن يكنى على الألفاظ المستبشعة، وهذا معروف في الشرع، وأن لا ينسب الإنسان لنفسه شيئًا قبيحًا، نعم، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك لا مانع، يعني عندنا في قصة أبي طالب، قال: هو على ملة عبد المطلب، الراوي ما يمكن يقول: أنا على ملة عبد المطلب، يسوق الكلام بلفظه، لكن الرواة كلهم في قصة ماعز كلهم قالوا: إني زنيت، للحاجة الداعية للتصريح، فإذا قامت الحاجة، ولا يوجد لفظ يقوم مقام هذا اللفظ المستبشع، الحمد لله شفاء العي السؤال.
"فقالت: ما هو؟" لأن الحياء الشرعي لا يمنع من مثل هذا عند الحاجة إليه "ما كنت سائلًا عنه أمك فسلني عنه" وفي صحيح مسلم: "فإنما أنا أمك" ولا شك أن زوجات النبي -عليه الصلاة والسلام- أمهات المؤمنين "فقال أبو موسى: الرجل يصيب أهله" يعني يجامع زوجته "ثم يكسل" يفتر "ولا ينزل، فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل".
يقول ابن عبد البر: "هذا وإن لم ترفعه عائشة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ظاهر، لم ترفعه في الصيغة ظاهر إلا أن له حكم الرفع بالمعنى؛ لأنه من المحال أن ترى عائشة أن قولها حجة على الصحابة المختلفين؛ لأنه شق عليه اختلاف أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-، فكيف تفصل بين خلاف الصحابة برأيها؟ يقول: له حكم الرفع؛ لأنه من المحال أن ترى عائشة أن رأيها وقولها حجة على الصحابة المختلفين، وورد عنها مثل هذا مرفوع عند أحمد والترمذي وغيرهم، نعم؟
طالب:.......
لا يمكن ألا يوجد عندها نص، وقد عاشت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحصل معها ومعه غسل باجتماع وانفراد، ما يمكن، لا يمكن أن نتصور أن عائشة ليس عندها شيء في الغسل.
طالب:.......
لا، فيما يخفى، لا في المعاشرة، فيما يخفى، يعني ترجح قول عائشة وإلا قول أبي بكر في المغازي مثلًا؟ فيما يخفى ترجح قول عائشة، فيما يظهر فيما يخص الرجال يرجح قول الرجال.
"فقال أبو موسى: لا أسأل عن هذا أحدًا بعدك أبدًا" ولا شك أنها أعرف.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب" الحميري المدني "مولى عثمان بن عفان أن محمود بن لبيد الأنصاري" صحابي صغير "سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد: يغتسل، فقال له محمود: إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل، فقال له زيد بن ثابت: إن أبي بن كعب نزع عن ذلك" يعني رجع "قبل أن يموت" هذا فيه دليل على أن الناسخ قد يخفى على بعض الصحابة، فيعملون بالمنسوخ، ثم إذا بلغهم الناسخ رجعوا إليه، وعلى هذا يحمل ما جاء في آية الرضاعة، عشر رضعات، كن فيما يتلى من القرآن، فنسخن بخمس، وتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن مما يتلى، يعني يتلوهن من خفي عليه نسخ اللفظ، فيدل على أن بعض الصحابة قد يخفى عليهم الناسخ، فيعملون بالمنسوخ، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وفي رجوعه دليل على أنه صح عنده أنه منسوخ، ولولا ذلك لما رجع.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل" رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة من الصحابة، وذكر الشافعي أن كلام العرب يقتضى أن الجنابة تطلق حقيقة على الجماع، ما يلزم أن يكون هناك إنزال، وإن لم ينزل، فإن كل من خوطب بأن فلانًا أجنب من فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل، يعني أن الإنزال ليس من مسمى الجماع، يعني الجماع هو مجرد الإيلاج، وليس من مسماه الإنزال.
طالب:.......
نعم إذا أولج؟
طالب:.......
ولو لم ينزل يجب عليه الغسل، ويجب عليه جميع الآثار المترتبة على الجماع، يجب فيه الحد، يجب فيه الجلد، يجب فيه الرجم، كل هذا إذا حصل الإيلاج، نعم؟
طالب:.......
أين؟
طالب:.......
السابق نعم، لبأبو ثم غسل فرجه، ثم مضمض، ثم غسل وجهه، ثم غسل رأسه، ثم اغتسل، مقتضى هذا أن غسل رأسه للوضوء، نعم، يعني هل هو غسل أم مسح؟ لأن قوله: ثم اغتسل غير غسل رأسه، أو نقول: إنه اقتصر على بعض الوضوء، ثم أفاض الماء على رأسه فغسله، ثم اغتسل في سائر بدنه، يعني باقيه، ما في فرق، بدليل أنه لم يغسل رجله، دل على أنه لم يمسح، ما دام يغسل رأسه نعم يحصل له غسل لا داعي لمسحه؛ لأنه لم يغسل رجليه أيضًا، فاقتصر على بعض الوضوء.
التثليث ذكرنا أن النووي نقل الاتفاق، إلا ما يروى عن الماوردي، الاتفاق على أنه مستحب، نعم على كل حال يفيض على رأسه ثلاثًا، يغسل شقه الأيمن ثلاثًا، الأيسر ثلاثًا وهكذا، يستحب عند عامة أهل العلم، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل
عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((توضأ واغسل ذكرك ثم نم)).
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كانت تقول: إذا أصاب أحدكم المرأة، ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل، فلا ينم حتى يتوضأ وضوءه للصلاة".
عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أراد أن ينام أو يطعم وهو جنب غسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه ثم طعم أو نام"
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل
يطعم يعني يأكل الطعام، والطعام يطلق على كل ما يساغ حتى الماء، وفي التنزيل: {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [(249) سورة البقرة] فأطلق الطعام على شرب الماء {فَإِنَّهُ مِنِّي} [(249) سورة البقرة] وفي زمزم أنها طعام طعم، والطعم هو الطعام.
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار" هكذا رواه مالك في الموطأ باتفاق رواته كلهم يقولون: عن مالك عن عبد الله بن دينار، ورواه مالك خارج الموطأ عن نافع بدل عبد الله بن دينار.
قال ابن عبد البر: "الحديث لمالك عنهما جمعيًا، لكن المحفوظ عن عبد الله بن دينار، وحديث نافع غريب" هكذا قال ابن عبد البر، لكن الحافظ ابن حجر قال: "رواه عن نافع خمسة أو ستة فلا غرابة" على كل حال هو ثابت من طريق نافع، كما أنه ثابت من طريق عبد الله بن دينار.
"عن عبد الله بن عمر أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب" فالحديث من مسند من؟ ابن عمر، من مسند ابن عمر، وفي بعض الروايات: عن عبد الله بن عمر عن عمر، ومقتضاه أنه من مسند عمر "أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((توضأ))" مراد الوضوء الشرعي ((واغسل ذكرك)) لأنه الأصل ((توضأ واغسل ذكرك)) الواو هذه تفيد ترتيب أم لا تفيد؟ نعم؛ لأن غسل الذكر قبل الوضوء، إلا إذا قلنا: إنه وضوء لغوي، يعني تنظف ((ثم نم)) والجمهور على أن هذا الأمر بالوضوء للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه، وهو شذوذ، جماهير أهل العلم على أنه للاستحباب، والأصل في الأمر الوجوب، الأصل في الأمر الوجوب، لكن لم يقل بالوجوب إلا أهل الظاهر، حكم أهل العلم على قولهم بالشذوذ، ومعروف الاعتداد بقول أهل الظاهر الأكثر على أنه لا يعتد بقولهم، كما صرح بذلك جمع من أهل العلم، يقول النووي: ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، بينما آخرون يرون أنهم من أهل العلم، ولهم عناية بالنصوص فينبغي أن يعتد بقولهم.
الصارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، ما الصارف؟
طالب:.......
هو لا يمس ماءً، لكن هذا ضعيف، ضعيف، نعم ما هو بغسل.
طالب:.......
يدركه الفجر، لكن هل معنى هذا أنه نام وأكل؟ غير لازم.
طالب:.......
((ثم نم)) طيب يعني الأمر بالنوم ليس بواجب، وإذًا الأمر بالوضوء ليس بواجب، هذا يسمونه دلالة الاقتران، ودلالة الاقتران ضعيفة أم قوية؟ ضعيفة، هم ينظرون إلى المعنى والعلة، يقولون: هذا الوضوء هل يرفع حدث؟ الوضوء المأمور به يرفع حدث؟ لا يرفع حدث، نعم هو يخفف، أيضًا رفع الحدث متى يطلب؟ نعم؟ عند أداء ما لا تصح إلا به، فالجمهور نظروا إلى المسألة من حيث المعنى، وإلا فالأمر ظاهر في الوجوب.
طالب:.......
نعم، لكن ورد في بعض الألفاظ ما يخفف: "إن شئت" أو فيه "كان لا يمس ماءً" ينام من غير أن يمس ماءً.
طالب:.......
نعم، توضأ إن شئت، كما في بعض الألفاظ، المقصود أن المسألة خفيفة.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تقول: "إذا أصاب أحدكم المرأة، ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل فلا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة" هذا بين أن المرد بالوضوء في الحديث السابق الوضوء الشرعي، طيب يتوضأ وضوءه للصلاة، توضأ وضوءه للصلاة ثم أحدث، نقول: أعد الوضوء؟ إذًا ما فائدة هذا الوضوء؟ لكن الآن خف بالوضوء، وانتقض هذا الوضوء، صار وجوده مثل عدمه. نعم؟
طالب:.......
نعم، هذا معروف، الوضوء يخفف، لكن قلنا: الوضوء رفع لبعض الحدث، انتقض هذا الوضوء، أحدث.
"قال مالك: لا يبطل هذا الوضوء ببول ولا غائط ولا بشيء إلا بمعاودة الجماع" يعني ما يؤمر بالوضوء مرة ثانية إذا أحدث إلا إذا عاود الجماع.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أراد أن ينام أو أن يطعم وهو جنب غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ثم طعم أو نام" نعم ما غسل رجليه، بقي عليه غسل الرجلين.
يقول ابن عبد البر: "أتبع ما تقدم بفعل ابن عمر أنه كان لا يغسل رجليه إعلامًا بأن هذا الوضوء ليس بواجب" نعم هو يقول: "أتبع ما تقدم بفعل بن عمر أنه كان لا يغسل رجليه إعلام بأن هذا الوضوء ليس بواجب، ولم يعجب مالكًا فعل ابن عمر، وقال بعضهم: إن ابن عمر كان يضره غسل رجليه لعلة كانت بهما" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"يعني هل المساجد كلها بهذه الصفة التي يقيم بجانبها؟ نعم، متصور هذا، متصور في الشرق، لكن ثلاث ساعات؟ على كل حال هو أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها، فإذا كانت هذه عادتهم وديدنهم يتفق مع من يصلي معه في أول الوقت ولا يؤخر الصلاة إلى مثل هذا التأخير.
هذا المسألة طرقت كثيرًا، والأشرطة موجودة، ولله الحمد.
يعني صلاة الصبح "وقد كان صلاها، قال سالم: فقلت له: إن هذه لصلاة ما كنت تصليها، قال: إني بعد أن توضأت لصلاة الصبح مسست فرجي، ثم نسيت أن أتوضأ فصليت الصبح، فتوضأت وعدت لصلاتي" أي أعدت الصلاة؛ لأنها بطلت، الصلاة الأولى باطلة لبطلان طهارتها بمس الفرج بعد الوضوء.
الأصل ((من مس ذكره) النص فيمن مس ذكره، أما ما كان بشهوة فهو في حكم ملامسة المرأة، إذا كان بشهوة فهو في حكم ملامسة المرأة على ما سيأتي.
يقول: في مسألة صلاة المسافر إذا خرج الوقت؟
صلاة المسافر إذا خرج الوقت قول مالك وأبي حنيفة والشافعية والحنابلة في ماذا؟
يعني صلاة المسافر إذا قضاها في الحضر أو العكس، هل هذا هو المراد؟ لأنه يقول: ما الراجح والصحيح في مسألة الصلاة للمسافر إذا خرج الوقت.
نعم يمكن إذا وصل إلى بلده، وانقطع الوصف الذي علق به الترخص، فإذا عاد إلى بلده وانقطع الوصف عند مالك وأبي حنيفة يصليها قصرًا؛ لأن القضاء يحكي الأداء، وعند الشافعية والحنابلة يصليها تامة؛ لأن الوصف انتهى، الترخص مرتبط بوصف والوصف انتهى.
على كل الطبعات من أفضلها طبعة محمد فؤاد عبد الباقي، طبعة فيها عناية ومرقمة ومفهرسة ومخدومة ومصححه ومتقنة.
وأما التمهيد طبع معروف كما هو الأصل في المغرب طبعة محققة على نسخ، وإن كان فيها شيء من الإعواز على ترتيب التمهيد الأصلي على شيوخ مالك تمهيد ابن عبد البر، هذا فيه صعوبة على الطلاب باعتبار أنه رتب الكتاب على الشيوخ، والشيوخ على الحروف، والحروف أيضًا على طريقة المغاربة، وليست على طريقة المشارقة، فطالب العلم يعنى بالتمهيد المرتب، وترتيب التمهيد للشيخ عطية محمد سالم طيب جدًّا، من أفضل ما خرج.
الاستذكار طبع مرارًا، والطبعة الأولى التي تقع في ثلاثين جزءًا لولا كبر الحجم، طبعة مناسبة لولا أن حجمها كبير.
يقول: أي الشروح التي ينصح بها لهذا الدرس؟
شروح ابن عبد البر لا يعدل بها غيرها، لكن فيها شيء من الطول، إذا ضاق الوقت فشرح الزرقاني شرح متوسط.
مما يدل عليه الدليل أن المضمضة والاستنشاق بكف واحد، بغرفة واحدة، فيأخذ بيده الماء فيدخل بعضه في فمه، والبعض الآخر في أنفه، ثم يمج ما في فمه، وينثر ما في أنفه، هذه واحدة، ثم الثانية كذلك، والثالثة كذلك، وإن فصل بينهما بأن جعل للمضمضة غرفة، والاستنشاق غرفة، مضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا فلا بأس، وإن مضمض ثلاثًا بغرفة واحدة، واستنشق ثلاثًا بغرفة واحدة فلا بأس، وإن جعل الست كلهن من غرفة واحدة، إذا كانت اليد كبيرة، وتستطيع ذلك فلا بأس، فالصور كلها جائزة عند أهل العلم، لكن أرجحها أن تكون المضمضة والاستنشاق بكف واحدة بثلاث غرفات.
نحن ذكرنا من خلال النصوص المجتمعة أن العلة مركبة من حضور المسجد ومن الأذى، فأحدهما لا يستقل بالحكم، مجرد حضور المسجد لا يكفي، فلو كان المسجد خاليًا ما فيه أحد لا مانع من أن يدخله من أكل الثوم أو البصل؛ لأنه لا يوجد من يتأذى به، كما أنه لو وجد من يتأذى في غير المسجد لا مانع فيه؛ لأن العلة مركبة من الأمرين، والله المستعان.
على كل حال إذا كان تأخير الصلاة بسبب إنقاذ حياة مسلم فلا بأس؛ لأن الصلاة تؤخر لما هو دون ذلك، للسفر، تؤخر للمطر، يسوغ الجمع في بعض الحالات لوجود المشقة، وابن عباس يقول: "أراد ألا يحرج أمته" فإذا ترتب على عملهم إنقاذ مسلم من هلكة، أو مما يقرب منها، لا بأس أن يؤخر الصلاة عن وقتها على ألا يكون ذلك ديدنًا لهم.
لا أخطأ هذا، ولا يريد ما كتب، يقول: إن المقصود بهم الكفار، لعله يريد المقصود بهم الملائكة، نعم، رجح شيخ الإسلام وابن القيم أن المقصود بهم الملائكة؛ لأنه قال: {الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] ولم يقل: المتطهرون، ومع ذلكم شيخ الإسلام يرى أن هذه تدل على أنه لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف، من هذه الآية، وإن كان من المقصود بها الملائكة، ظاهر؟
طالب:........
لا، لا، يقول: لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف من هذه الآية، وإن كان المقصود بها الملائكة، نعم؟
طالب:.......
يعني إذا كان هذا، هذا الكلام العظيم المحفوظ بين الدفتين لا يمسه إلا الملائكة الذين وصفهم الطهارة، فينبغي ألا يمسه من البشر إلا من اتصف بهذا الوصف.
الأحاديث غالبها موجود في الصحيحين، وما فيه شيء من الانقطاع والبلاغ يبين في وقته، لكن ما مر علينا من الأحاديث جلها في الصحيحين، أعني الأحاديث التي هي الأصول المرفوعة.
لا، ليس له دخل، النجاسة لا علاقة لها بالوضوء.
فريق ترك العمل وبدأ يعيش على مساعدات الدولة، والفريق الثاني واصل العمل، ويتمكن من أدائها مرة كل أسبوعين، مع جمع الأموال الضرورية للهجرة في غضون سنوات، فماذا نصنع؟
الجمعة لازمه لكل مستوطن مقيم في بلد، فإذا كانوا يستوطنون ويقيمون في هذا البلد تلزمهم الجمعة، وهي من فرائض الدين وشعائره، ولا يجوز تركها بحال، لا بد من إقامة الجمعة، ولو تأخر فعلها إلى آخر وقت الظهر، المقصود أنها لا تترك بأي حال، ولا يقدم عليها أي أمر من أمور الدنيا، والله المستعان.
يستوي في ذلك الجلوس والقيام، والمسألة مسألة الأريح للإنسان، إذا كان يرتاح للوضوء وهو جالس صار أفضل بالنسبة له، ومثله لو كان القيام أنسب له.
إذ تأكد أن هذا حصل قبل الصلاة يعيد الصلاة، لكن إذا وجد البلل في ثيابه، ولا يعرف هل حصل ذلك قبل الصلاة أو بعده فإنه لا يعيد.
بعض العلماء ويرجحه شيخ الإسلام أنه ما دام يسمى خف يمسح عليه ولو كان مخرقًا، والمعروف عند جمهور أهل العلم أنه إذا كان مخرقًا لا يمسح عليه؛ لأن ما بدا من القدم فرضه الغسل، ولا يجمع بين الغسل والمسح.
طالب:.......
المقصود أن ما ظهر فرضه الغسل بالنص، ما ظهر فرضه الغسل بالنص.
نعم يمتد إلى غروب الشمس، من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر.
إذا عاهد الله على أن لا يعود أو عاهد الله على أن يفعل ولم يفعل هذا يخشى عليه، لكن مجرد العود لا يقدح في التوبة الأولى، وتوبته تقبل -إن شاء الله- بشروطها.
يرد عليه بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويل للأعقاب من النار)) ((أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)) والمسح لا يتناول عند من يقول به لا يتناول الأعقاب، وأورده الطبري، أورد هذا الحديث يقول: يكفي المسح ومراده بالمسح هنا الغسل؛ لأنه أورد هذا الحديث في تفسير الآية، فما ينسب إلى الطبري من أنه يرى جواز المسح كقول الرافضة ليس بصحيح، نعم هو يقول: قراءة الجر تدل على المسح؛ لكنه مسح يراد به الغسل بدليل أنه فسر الآية بالحديث، وأما ما يذكر في كتب أهل العلم أن الطبري يوافق الروافض، فالمراد به ليس الإمام محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ الإمام المعروف، لا، فيه شخص يقال له: محمد بن جرير بن رستم الطبري، وهو من الشيعة، ولا يستبعد أنه يوجد مثل هذا.
سُقنا الخلاف سابقًا، وأن الشافعي يحمله على النوم المطلق، والإمام أحمد يقول: من نوم الليل؛ لمقتضى قوله: ((أين باتت؟)) والمبيت لا يكون إلا بالليل.
وهل يتنجس الماء الذي في الإناء إذا لم يغسل يديه؟
لا يتنجس؛ لأن اليد الأصل فيها الطهارة، وما عداه مشكوك فيه، فلا يتنجس الماء، لكن الخلاف في هذ الماء هل يرفع الحدث أو لا يرفعه؟ معروف يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-.
عند من يقول بوجوب الترتب ليس بصحيح، بل عليه أن يعيد غسل الذراعين، يعني غسل اليدين.
ما في أبدًا إعادة وضوء مع المس بحائل.
الأصل أن الليل يبدأ من غروب الشمس، لكن في حديث قيام داود كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، ثم ينام سدسه، لا بد أن يحسب من النوم الممكن، من صلاة العشاء، الحساب على هذا يكون من صلاة العشاء؛ لأنه لا يمكن أن ينام من المغرب إلى منتصف الليل، ولكي يكون القيام في الثلث الأخير؛ لأنه لو نام من غروب الشمس، أو حسبنا نصف الليل من غروب الشمس، لكان جل قيامه قبل الثلث الأخير، ففي مثل هذا النص يحسب من صلاة العشاء الذي يتسنى فيه النوم؛ لينام نصف المدة، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام سدسه، وإلا فالأصل أن الليل يبدأ من غروب الشمس.
لا يلزم؛ لأن الأثر لا يقتضي قرب المؤثر، قد يؤثر الشيء بقوته من بعيد.
وكيف نجمع بين كون الحرارة مصدرها الشمس وهذا الحديث؟
هذا الحديث ثابت صحيح لا إشكال فيه ولا مراء، ولا يمنع أن تكون هذا الحرارة من الأمرين معًا، من الشمس ومن فيح جهنم.
هذا لا شك أنه علة، علة لحكم، فإذا ارتفع الحكم تبعته العلة، يعني لو قيل مثلًا في أول الأمر لحوم الحمر الإنسية تؤكل، لماذا؟ لأنها طيبة، وقد جاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يحل لهم الطيبات، فهي طيبة نعم لما حرمت هذا الوصف الملازم للحل وهو كونها طيبة ألا يرتفع مع ارتفاع حكمها؟ يرتفع، فالعلة ترتفع بارتفاع الحكم بلا شك.
لو انتقل من مكان إلى مكان اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، وطلب التأسي به، مع أنه مسألة مكان حضر فيه الشيطان مسألة اطلع عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يلزم أن كل إنسان يطلع أن هذا المكان حضر فيه والمكان الثاني ليس فيه شيطان، لكن لو انتقل لا بأس، إذا لم يشق عليه، وقد يكون في بعض الأماكن لا يمكن الانتقال منها إلى مكان آخر، إذا كان البيت ضيقًا مثلًا، أو مثلًا الغرف الأخرى مسكونة من قبل أناس آخرين، وما أشبه ذلك، فيصلى على حسب حاله.
نعم عموم حديث: ((لا يسمع صوت المؤذن)) يشمل المنفرد لا سيما إذ كان في مكان لا يؤذن فيه.
نعم إذا أمكن ذبحها وهي حية حياة مستقرة ولو أطلق عليها الرصاص، فإذا ذكيت حلت.
حيث إنه يمنع هذا الذبح بالسكين فيتم إطلاق الرصاص عليها أولًا، كما أننا نجد دجاجًا وجدنا أن الشركة التي تقوم عليها للرافضة، فهل يجوز أكل هذا الدجاج الذي يذبحه الروافض؟
إن أدركوها حية حياة مستقرة ثم ذكوها فلا شيء في ذلك، لكن إطلاق الرصاص تعذيب.
قبل أن تموت حيث أنه يمنع هنا الذبح بالسكين، فيتم إطلاق الرصاص عليها أولًا، ثم....
هم على أساس أن النظام يمنع التذكية بالسكين، فليقولوا للنظام: إننا ذبحناها بالرصاص، ولكي تحل للمسلمين يذبحونها بالسكين؛ ليجمعوا بين هذا وذاك.
أما ذبائح المبتدعة فلا شك أن من بدعته مكفرة لا تحل ذبيحته، ومن كانت بدعته ما تصل إلى حد الكفر فذبيحته حلال.
طالب:.......
لأنه في الغالب أن المتعمد يصاحبه شهوة، لكن عموم حديث بسرة: ((إذا مس أحدكم ذكره)) والمس يقع على المتعمد وغير المتعمد، وفي الرواية الأخرى: ((من مس)) و(من) من صيغ العموم ((من مس ذكره فليتوضأ)) يشمل المتعمد وغير المتعمد ((فرجه)) ((من مس فرجه)) في بعض الروايات.
طالب:.......
نعم والتنصيص عليه، التنصيص على الدبر وارد في بعض الألفاظ؛ ولذا الترجمة عندكم، ماذا يقول الإمام؟ باب الوضوء من مس الفرج، والفرج أعم من أن يكون قبلًا كان أو دبرًا.