شرح الموطأ - كتاب البيوع (23)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزيه عنا خير الجزاء واغفر لسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في إفلاس الغريم
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل باع مبتاع فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً ووجده في عينه فهو أحق به وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع في أسوة الغرماء)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره)).
قال مالك -رحمه الله تعالى-: في رجل باع من رجل متاع فأفلس المبتاع فإن البائع إذا وجد شيئاً من ماله بعينه أخذه وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من الغرماء لا يمنعه ما فرق المبتاع منه وأن يأخذ ما وجد بعينه فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئاً فأحب أن يرده ويقبض ما وجده من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فإن ذلك له.
قال مالك: من اشترى سلعة من السلع غزلاً أو متاعاً أو بقعة من الأرض ثم أحدث في ذلك المشتري عملاً بنا البقعة داراً أو نسج الغزل ثوباً ثم أفلس الذي ابتاع ذلك فقال رب البقعة أنا آخذ البقعة وما فيها من البنيان إن ذلك ليس له ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح المشتري ثم ينظر كم ثمن البقعة وكم ثمن البنيان من تلك القيمة ثم يكونان شريكين في ذلك لصاحب البقعة بقدر حصته ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان.
قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم فتكون قيمة البقعة خمسمائة درهم وقيمة البنيان ألف درهم فيكون لصاحبه البقعة الثلث ويكون للغرماء الثلثان.
قال مالك: وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا ولحق المشتري دين لا وفاء له عنده هذا العمل فيه.
قال مالك: فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها المبتاع شيئاً إلا أن تلك السلعة نفقة وارتفع ثمنها فصاحبها يرغب فيها والغرماء يريدون إمساكها فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصه شيئاً وبين أن يسلموا إليه سلعته وإن كانت السلعة قد نقص ثمنها فالذي باعها بالخيار إن شاء أن يأخذ سلعته ولا تباعت له في شيء من مال غريمه فذلك له وإن شاء أن يكون غريماً من الغرماء يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته فذلك له.
وقال مالك: في من اشترى جارية أو دابة فولدت عنده ثم أفلس المشتري فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع إلا أن يرغب الغرماء في ذلك ويعطونه حقه كاملاً ويمسكون ذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في إفلاس الغريم
(إفلاس: مصدر أفلس يفلس إفلاساً فهو مفلس ويقال أفلس الرجل إذا لم يكن عنده فلوس لا درهم ولا متاع كما جاء في الحديث الصحيح: أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع يعني لا شيء له ومنهم من يقول أفلس يعني دخل في حيز الإفلاس والإفلاس صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير والفلس معروف أنه شيء يسير بالنسبة للدرهم والدرهم شيء يسير بالنسبة للدينار فالفلوس هذه العملة الصغيرة وجودها مثل عدمها في كثير من الأحيان مثل الدانق الدانق لا يشترى به شيء يعني الشيء اليسير وهو عبارة عن سدس الدرهم وكذلك الفلس شيء يسير فوجوده في حكم العدم فالمفلس الذي لديه فلوس وليس لديه دراهم ولا دنانير يعني لو أن غريماً في أيامنا هذه مدين عليه ديون ولديه مبالغ يسيرة عنده ريالات هل يؤثر هذا في فلسه لا يؤثر لأن هذه الريالات لو أعطاها الغرماء ما قبلوها ولذا يرى شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن له أن يتصدق بشيء منها من هذه الدراهم وإن كان مديناً ومعلوم أن وفاء الديون واجب والصدقة بالنسبة له مستحبة لكن لما كانت هذه الصدقة لا تؤثر في هذه الديون صار أمرها يسيراً فله أن يتصدق، يعني مثلاً فقير يملك عشرات أو مئات ثم يأتيه سائل فيعطيه عشرة أو ريال مثلاً أو خمسة هو مدين بدون كثيرة هل يلام على هذا أو لا يلام لا تؤثر بالدين لو أعطاها الغريم لن يقبلها أصلاً كان شخص من أهل العلم أيضاً مدين بخمسة عشر مليون وأدخل السجن بسببها فوجد شخصاً كبير السن في السجن فقال له ما الذي أجلسك هنا قال مدين بعشرة آلاف قال هذه عشرة آلاف خذها واخرج من السجن لأن عشرة آلاف بالنسبة للخمسة عشر مليون لو دفعها للدائن ما قبلها فمثل هذه الأمور والتصرفات اليسيرة التي لا تؤثر في الدين ولا يقبلها الدائن لا أثر لها المقصود أن المفلس من أنتقل من حال إلى حال من حال اليسر والغنى إلى حال الفقر والحاجة وكانت ديونه أكثر من موجوداته مما يجده مما يمكن أن يقضي به) إفلاس الغريم (الغريم: فعيل وهو الغارم المدين وسمي الغريم غريماً لأن دائنه يلازمه وجاء في قول الله -جل وعلا-: ((إن عذابها كان غراماً)) يعني ملازم للمعذبين كملازمة الغريم لغريمه لا يفوته).
قال: حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (أحد الفقهاء السبعة من التابعين ولذا الخبر مرسل) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل باع متاع فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً ووجده في عينه فهو أحق به وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع في أسوة الغرماء)) (أيما رجل: مركبة من أي التي تنوب مناب الشرط، وما المبهمة المزيدة التي لا أثر لها في الإعراب ولذا صح جر مضاف إليه صح دخولها بين المضاف والمضاف إليه لا أثر لها في الإعراب أيما رجلً: رجل مضاف إليه والمضاف أي ويصح أن يقال أيما رجلٌ فرفعه على البدلية من أي والتعبير بالرجل مع أن الحديث يشمل كل مبتاع حصل له ما يحصل مما ذكر في الحديث من الإفلاس يشمل الرجل والمرأة لكن لما كان البيع والشراء من أعمال الرجال ومن مهامهم عبر بالرجل تعبير أغلبياً، أيما رجل باع متاع فأفلس الذي ابتاعه منه: يعني الذي اشتراه منه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً: بهذا القيد وهذا القيد إنما يوجد بهذا الخبر المرسل وإن اختلف في وصله وإرساله فقد وصله عبد الرزاق وهو في جميع الموطئات مرسل، ولم يقيض الذي باعه من ثمنه شيئاً: يعني باع قطعة أرض بمائة ألف فأفلس المشتري البائع أحق بهذه الأرض لكن لو قدر أن صاحبها سلمه نصف القيمة خمسين ألف مفهوم هذا الكلام أنه أسوة الغرماء لا يستحق نزعها منه لو قال أنا أرد الخمسين الألف المفهوم من هذه الجملة أنه أسوة الغرماء ولو رد، ووجده في عينه: لم يتغير فيه شيء مفهومه أنه لو وجده متغير سواء كان بنقص أو بزيادة أنه ليس بأحق به من غيره اشترى كتاب مثلاً مجلد تجليد عادي فجاء المشتري نزع الجلد ثم أفلس هل نقول أن صاحب الكتاب البائع أحق به لأنه وجده بعينه أو وجده متغير وعكس ذلك في ما لو نزع الجلد التجليد العادي وجلده تجليد فاخر الصورة الأولى فيها نقص والثانية فيها زيادة أما في صورة النقص لو قبل البائع قال أنت نزعت الجلد لكن أنا أقبل هذه سلعتي بعينها هل هذه السلعة هي عين السلعة أو غير السلعة عين السلع لكنها نقصت عند المشتري وقبل البائع هذا النقص قبلها على نقصها يعني قياس الأولى أن يكون أحق بها مادام قبل لكن إذا كانت زادت يعني جلدها تجليد فاخر وتعب عليها وصارت قيمتها ضعف قيمتها بالسابق هنا لا يكون أحق بها وسيأتي في كلام مالك -رحمه الله- أن الزيادة في السلعة إذا كانت السلعة قد زادت زيادة متصلة أو منفصلة فالأمر إلى الغرماء إذا رضوا أن يردوها لهم ذلك وسيأتي في كلامه رحمه لله، فهو أحق به من غيره هذا المال الذي ابتاعه البائع أحق به من غيره، ،إن مات الذي ابتاعه: عرفنا أن مفهوم الجملة الأولى أنه إذا دفع إليه شيء من ثمنه فليس بأحق أما إذا أفلس المبتاع ووجد المال بعينه هو أحق به عن البائع لكن إذا مات المبتاع فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء، أخذ بهذا الحديث الإمام مالك والإمام أحمد وفرقوا بين الإفلاس والموت عملاً بهذا الخبر وهو وإن كان مرسلاً إلا أن مالك احتج بالمراسيل وأحمد في رواية يحتج بها إذا لم يكن في الباب غيرها ففرقوا بين الإفلاس والموت فجعلوا في صورة الإفلاس البائع أحق بها من غيره في صورة الموت الصورة الثانية صاحب المتاع في أسوة الغرماء، وقال الكوفيون بما فيهم الحنفية قالوا هو أسوة الغرماء مطلقاً فلم يعملوا بهذا الحديث لا أقول بالزيادات التي استقل بها المرسل حتى بما في الصحيحين أيما رجل أفلس فأدرك ماله بعينه فهو أحق من غيره فعندهم هو أسوة الغرماء مطلقاً لماذا؟! لأن المال بالإيجاب والقبول انتقل من البائع إلى المشتري والعقد الصحيح الذي تترتب عليه آثاره من انتقال الملك في العين المبيعة إنتقال تام من البائع إلى المشتري يقتضي أن لا رد ولا رجوع باستثناء الخيار والإقالة أما إذا لزم البيع وثبت فالبيع عقد لازم لكن الحديث المتفق عليه يرد هذا الكلام وقال الإمام الشافعي: وأحق به مطلقاً في الإفلاس والموت قول الشافعي مقابل قول الكوفيين الذي قالوا هو أسوة الغرماء مطلقاً والشافعي يقول: وأحق به مطلقاً في حال الإفلاس وفي حال الموت مادام وجد سلعته هو أحق بها فلم يعملوا بالجملة الشرطية في الرواية الأولى، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع في أسوة الغرماء، لأنها ضعيفة والشافعي متى يحتج بالمراسيل (كبار التابعين) يعني بشروط أربعة: منها ما في المرسَل ومنها ما في المرسِل: نذكر شرط واحد فقط:
·
أن يكون المرسِل من كبار التابعين وما ذا عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كبير أو متوسط هو متوسط لأن أباه عبد الرحمن بن الحارث له مجرد رؤيا وجده صحابي الذي سأل عن الوحي بقوله: كيف يأتيك الوحي يا رسول الله في الصحيح في البخاري فهو من أوساط التابعين فلا يندرج عليه شرط،
ولذا قال هو أحق به مطلقاً في الإفلاس والموت وكأن هذه الجملة لم يثبت عنده ما يشهد لها، لو أن مفلساً اشترى سلعة أو اشترى بيت بخمسمائة ألف ثم أفلس وصار مدين بمليون لصاحب هذا البيت خمسمائة ولغرماء آخرين خمسمائة ثم جاء صاحب البيت الذي باعه قال أنا أحق به بالنص قال الغرماء نحن مستعدون ندفع لك خمسمائة ويصير البيت لنا يعني إذا دفع الغرماء الثمن هل البائع أحق به نظراً لإطلاق الحديث وعمومه أو ليس بأحق به لأنه إنما صار أحق به لعلة وقد زالت هذه العلة بدفع القيمة والعلة هو استحق لئلا يضيع عليه ماله وقد دفع له ماله يستحق أو لا يستحق، إذا أصر وقال أنا عندي النصف أنا وجدت مالي عند رجل قد أفلس ولا أريد إلا مالي يعني هل معنى الإفلاس إبطال للبيع إذن بالرجوع لكن أن الإمام الشافعي يقول لا يسقط حقه هذا حق أتاحه له الشارع فلا يسقطه تدخل غير صاحب الشأن، لنفترض أن هذا البيت باعه بخمسمائة ووقت المطالبة هذه صار يستحق ستمائة فقال الغرماء نحن ندفع لك خمسمائة ونأخذ البيت قال لا أنا لا أريد إلا ما أتيح لي شرعاً فأنا أحق به منكم يتصور مثل هذه المشاحة فيما إذا زادت قيمة البيت لكن لو افترضنا العكس أحق به من غيره لو أن البيت بخمسمائة والآن ما يستحق إلا بثلاثمائة قال الغرماء ليس عندنا إلا بيتك استلم بيتك وقال أنا لا أريده له ذلك أو ليس له ذلك لو نظرنا إلى الصيغة فهو أحق به هل هذه تلزمه كونه أحق من غيره يعني إذا رضي أن يكون أسوة الغرماء أحد يلزمه بأن يأخذ السلعة لا أحد يلزمه لأن البيع لازم نعم وأحق بهذه السلعة إذا رضي وأما كونه يلزم بها وقد كسدت فمثل هذا لا يقول بها أحد، ووجه التفريق بين الإفلاس والموت أنه في حال الإفلاس الذمة قائمة وفي حل الموت الملك انتقل من المورث إلى الوارث والذمة ليست قائمة ففي هذا ضرر كبير على بقة الغرماء، يعني أنت افترض إذا وجد الإفلاس فقط أو الموت من غير إفلاس أو اجتمع الأمران موت وإفلاس يعني هذه القسمة الثلاثية يحتمل غيرها إما إفلاس فقط وعرفنا الحكم أو موت فقط من غير إفلاس مثل هذا ليس بأحق بها لأن الورثة مستعدين والدين مقدم على الإرث وعلى الوصية فهو من عين التركة يؤخذ إذا اجتمع الإفلاس والموت هل يقال أنه مات ولم يورث سوى هذا البيت وعليه ديون كثيرة نقول هو مفلس والعين قائمة فهو من هذه الحيثية يدخل في الحديث الثاني الذي ليس فيه تقييد بالموت وكونه قد مات وانتقل المال من المورث إلى الوارث وله غرماء آخرون فيختلف الموت عن الإفلاس المجرد في هذه الصورة ولذا اختلفوا فمنهم من سوى بين الموت والإفلاس ومنهم من فرق).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره)) (أيما رجل أفلس: هناك في تنصيص على البيع والشراء، فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره: فهذا أعم من مسألة البيع لأن الأولى فيها تنصيص على البيع وهذا يدخل فيها كل ما استولت عليه اليد قبل الإفلاس ثم حصل الإفلاس على أي وجه كان سواء عارية أو هبة أو غصب أو سرقة لكن النصوص الأخرى تبين أن هذه الأحقية في حال البيع يعني النصوص يفسر بعضها بعض وخير ما يفسر به الحديث الحديث لأنه في حال الهبة والهبة بعد القبض انتهت صارت مال هذا المفلس ليست مالاً للمهدي في حال الغضب والسرقة هو أحق بها مطلقاً ما انتقلت من يده الحكمية فهو حق مطلقاً وعلى هذا الحديث محمول على مسألة البيع، المقصود أن عمومه أن عموم الحديث هذا مفسر بما جاء في الحديث المبين وهو ماله المنازع فيه وهو ما خرج من يده من أجل أن ينازع فيه وما يلحق به يعني من باب أولى إذا لم يكن صفقة وما دامت الإحتمالات قائمة لابد أن تورد جميع الإحتمالات ويتحدث عنها الآن الشيخ يقول أنه كيف نعتمد في تفسير الحديث على حديث ضعيف أولاً معروف حكم الحديث الضعيف في مسألة الإحتجاج لكن ترجيح أحد الإحتمالين الذين يحتملهما الخبر يكون بالضعيف كما قرر ذلك ابن القيم في أحكام المولود قرر ابن القيم أن الضعيف يرجح به يعني إذا تساوت الاحتمالات يرجح بالضعيف، أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله: الرجل الأول في (أيما رجل) هو الرجل المشتري، والرجل الثاني (فأدرك الرجل) يعني البائع، إذا أعيدت النكرة معرفة فهل تكون عينها أو غيرها نعم تكون عينها مثال (إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلانا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسولا) فالرسول الثاني هو الأول فإذا أعيدت النكرة معرفة كانت عين الأولى لكن لو أعيدت نكرة مثل: جاءني رجل فأكرمت رجلاً فهي غيرها وهنا غيرها بلا شك لأن النكرة الأولى موصوفة والنكرة الموصوفة تفيد ما يفيده المعرفة أيما رجل أفلس هذه نكرة موصوفة وليست نكرة مطلقة جنس شائع أو لفظ شائع في جنسه بدليل أننا لكن لو قلنا أيما رجل لكن هي موصوفة لو قلنا أيما رجل باع على غيره فأدرك الرجل ماله بعينه هذه موصوفة لكن الوصف هنا أخرجها عن شيوعها أدركها عن شيوعها فصارت في حكم المعرفة فلم تكن إعادة النكرة معرفة هنا ولا يوجد عموم يعني النكرة تفيد العموم جنس شائع لفظ شائع في جنسه رجل إذا قلت جاء رجل شائع في هذا الجنس لكن لو قلت جاء رجل فقير قل هذا الشيوع وقرب من التعين والتحديد وهذا هو الذي جعل عادة النكرة هنا معرفة لا تكون عينها، فأدرك الرجل ماله بعينه: مال مفرد مضاف ويعم سواء كان مال من جنس واحد أو من أجناس يعني أموال بعينه يعني لم يتغير فيه شيء الأصل أن يكون لا تغير فيه بزيادة ولا نقصان فهو أحق به من غيره وقلنا أنه إذا نقص لا يخرجه هذا النقص عن كونه ماله وكون بعينه أما لو زاد ما صار بعينه فهو أحق به من غيره).
قال مالك -رحمه الله تعالى-: في رجل باع من رجل متاع فأفلس المبتاع فإن البائع إذا وجد شيئاً من ماله بعينه أخذه وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من الغرماء (باع عليه مثلاً عشر نسخ من كتاب ثم أفلس فلما جاء صاحب الكتب البائع قال أنا بعت خمس نسخ هذه الخمس الباقية هي عين ماله لا يخرجه كونه تصرف في بعضها عن كونها عين ماله) وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من الغرماء لا يمنعه ما فرق المبتاع منه وأن يأخذ ما وجد بعينه فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئاً فأحب أن يرده ويقبض ما وجده من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فإن ذلك له (يقول لا يمنعه ما فرق المبتاع منه أن يأخذ ما وجد بعينه فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئاً يعني افترض عشر نسخ من كتاب النسخة بمائة هذا ألف قال خذ مائتين مقدم مثلاً فلما جاءه بعد الإفلاس قال أنا بعت خمس نسخ قال ننزل نسختين ويبقى في ذمتك ثلاثمائة يكون فيها أسوة الغرماء فذلك له لأن ما وجده هو ماله بعينه).
قال مالك: من اشترى سلعة من السلع غزلاً أو متاعاً أو بقعة من الأرض ثم أحدث في ذلك المشتري عملاً بنا البقعة داراً أو نسج الغزل ثوباً ثم أفلس الذي ابتاع ذلك فقال رب البقعة أنا آخذ البقعة وما فيها من البنيان إن ذلك ليس له (لماذا لأن المتاع ليس بعينه تغيرت عينه) ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح المشتري ثم ينظر كم ثمن البقعة وكم ثمن البنيان (قدر ثمن البقعة بخمسمائة وثمن البنيان بألف من تلك القيمة) من تلك القيمة ثم يكونان شريكين في ذلك لصاحب البقعة بقدر حصته ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان.
قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم فتكون قيمة البقعة خمسمائة درهم وقيمة البنيان ألف درهم فيكون لصاحبه البقعة الثلث ويكون للغرماء الثلثان (هذا هو الظاهر أحياناً وقد حصل يكون لشخص بقعة أرض في مخطط ويكون لآخر بقعة فيشتبه على أحدهما هذه بهذه فيبني أرض صاحبه وقع خطأ فلما طبق المخطط وجد أن الأرض ليست له بعد أن بناها وشيدها ماذا نقول هنا هل نقول مثل رأي الإمام مالك تقوم البقعة وتقوم البنيان أو تقوم البقعة ويحصل تبادل بينه وبين الآخر ببقعته أو تباع عليه وتشترى منه بقعته أما إذا تعمد وقصد أن يعمر بقعة غيره أرض غيره يقول أعمر وإذا انتهينا العمر إن شاء لن يخسرنا لأنها قد تكون هذه البقعة متميزة إما كونها على شارعين أو شوارعها أفسح أو أقرب إلى المسجد أو ما شابه ذلك المقصود أن لها ميزة وهو يرغب في هذه الميزة فيقول نعمر هذه الأرض ولن نختلف بعدين إن شاء الله مثل هذا ليس لعرق ظالم حق لأنه ظالم غاصب أما بالنسبة إذا أخطأ أو حصل منه خطأ فالصلح لو قال صاحب الأرض نقدر أنا مني الأرض وأنت منك العمر هات فواتيرك وكم كلفك العمر وقيمة الأرض معروفة ونكون شركاء في هذه العمارة هل لمن عمرها أن يعترض ليس له أن يعترض لكن لو طلب الذي عمرها أن يقدر العمارة وتقدر الأرض ويكون شريك لصاحب الأرض وصاحب الأرض لا يريد يلزم أو لا يلزم هنا لا يلزم، لأنه معتد عليه).
قال مالك: وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا ولحق المشتري دين لا وفاء له عنده هذا العمل فيه.
قال مالك: فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها المبتاع شيئاً إلا أن تلك السلعة نفقة وارتفع ثمنها فصاحبها يرغب فيها والغرماء يريدون إمساكها فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصه شيئاً وبين أن يسلموا إليه سلعته (الآن هذه زيادة في ثمن السلعة هذه السلعة نفقت ارتفع ثمنها عشرة الكتب بدل من ألف ريال صارت تسوى ألفين وله غرماء آخرون قالوا لا نحن أحق بهذه السلعة ندفع له الألف إن رضوا أن يدفعوا له قيمة السلعة يقول الإمام مالك: فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصه شيئاً وبين أن يسلموا إليه سلعته وإن كانت السلعة قد نقص ثمنها فالذي باعها بالخيار (إذا كان الذي باعها صاحب السلعة الأول يريدها ولو نقصت الأمر لا يعدوه لأنها عين متاعه الذي باعه) فالذي باعها بالخيار إن شاء أن يأخذ سلعته ولا تباعت له في شيء من مال غريمه (يعني عشر نسخ بدل ما اشتراها بألف صارت تسوى خمسمائة إذا قال البائع أنا أقبل السلعة أقبل العشرة النسخ بألف هل يقال له لا تغيرت السلعة لا هو أحق بها من غيره لكن لا تباعت له لا يقول أنا أخذها بخمس وأطالبكم بالزيادة) ولا تباعت له في شيء من مال غريمه فذلك له وإن شاء أن يكون غريماً من الغرماء يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته فذلك له (إن أراد أن يكون أسوة الغرماء يعني نزلت قيمة السلعة عشر نسخ بخمسمائة وقال أنا لا أريدها عن ألف إنما تباع بخمسمائة ويأتي نصيبي مثل غيري بالمحاصة فذلك له)، (هناك في الأول نماء متصل وهنا نماء منفصل فهل حكم المنفصل هو حكم المتصل أو يختلف).
وقال مالك: في من اشترى جارية أو دابة فولدت عنده ثم أفلس المشتري فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع إلا أن يرغب الغرماء في ذلك ويعطونه حقه كاملاً ويمسكون ذلك. يعني مثل ما تقدم في النماء المتصل والأخير هنا نماء منفصل، وفي الحديث أيما رجل أفلس على كل حال الرجل معرفة هنا لأنه مقترن بأل ولأن فيها ما يدل على وصفه في معنى الحديث يعيني في سياق الحديث في ما يدل على وصفه بأنه الرجل البائع، وعلى كل حال الضرر لا يزال بالضرر وإذا تبين صدق هذا الشخص الذي بنى وأخطأ الصلح يكون مجاله لأنه ما نقول أو نلزم إنما تحل بشكل لا يكون فيه ضرر على أحد الأطراف ولو كان الضرر لا يزال بالضرر يعني لو قدرنا أن هذه الأرض بمائة ألف وعمرها بمليون نقول له اهدم لا ولو كان الضرر لا يزال بالضرر إلا إذا تبين أنه معتد لاشك أنه يعامل بالأشد.
باب ما يجوز من السلف
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إستسلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكراً فجاءته إبل من الصدقة قال أبو رافع -رضي الله عنه- فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقضي الرجل بكره فقلت لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أعطيه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء.
وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال استسلف عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خير منها فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهم التي أسلفتك قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: لا بأس بأن يقبض من أسلف شيئاً من الذهب أو الورق أو الطعام أو الحيوان مِن مَن أسلفه ذلك أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو عادة فإن كان ذلك على شرط أو وأي أو عادة فذلك مكروه ولا خير فيه، قال وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى جمل رباعياً خياراً مكان بكر إستسلفه وأن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- استسلف دراهم فقضى خيراً منها فإن كان ذلك على طيب نفس من المستسلف ولم يكن ذلك على شرط ولا وأي ولا عادة كان ذلك حلالاً لا بأس به.
(تقدم الكلام في بيع الحيوان بالحيوان وأن ذلك جائز، والأدلة التي ذكرها الإمام هناك -رحمه الله تعالى- للطرفين تقدمة مستوفاة، لكن إذا اقترض الإنسان من شخص شيئاً).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما يجوز من السلف (المراد من السلف هنا: القرض فإذا اقترض شيئاً فالأصل أن يرد مثله من الأشياء الربوية فإن اتفقا على الزيادة أو النقص لم يجوز لأن هذا عين الربا أما إذا لم يشترط أحدهما على الآخر وكان المقترض حسن القضاء فقضا أكثر من ما اقترض فنصوص الباب تدل على جوازه).
قال حدثنا يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال استسلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يعني اقترض) -عليه الصلاة والسلام- بكراً (وهو الفتي من الإبل) فجاءته إبل من الصدقة فقال أبو رافع فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقضي الرجل بكره فقلت لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً (يعني كبير في السن ومن خيار الإبل يستفاد منه على كافة الوجوه يعني ليس بصغير) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطيه إياه (وإنما جاز ذلك لأنه من باب حسن القضاء وليس من باب المشارطة لم يشترط المقترض هذه الزيادة ولو اشترط لكان من القرض الذي جر نفعاً وهو محرم بالإجماع) فإن خيار الناس أحسنهم قضاء.
قال وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال إستسلف عبد الله بن عمر (أي اقترض) من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خيراً منها (اشترى منه داهم ثم قضاه خيراً منها يعني في وصفها يعني قد تكون هذه مغشوشة أو قد تكون مكسرة أو في زناتها شيء من النقص فقضى خيراً منها من غير اشتراط ومن غير مواطئة لاشك أن هذا من حسن القضاء) فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي (يعني خشي أن يدخل عليها شيء من الربا) فقال هذه خير من دراهمي الذي أسلفتك، فقال عبد الله بن عمر قد علمت (يعني عندي خبر وما نسيت واقع دراهمك ودراهمي) قال عبد الله بن عمر قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة.
قال مالك: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه (فإذا كانت النفس طيبة فالأمر لا يعدوه ولا يعني أنه كل عقد تطيب به النفوس أنه يكفي لتحليله لا الرضا لابد منه لصحة البيع لكن الرضا وحده لا يكفي ما لم تقترن به الشروط الأخرى).
قال مالك: لا بأس بأن يقبض من أُسلف شيئاً من الذهب أو الورق أو الطعام أو الحيوان (أي شيء سواء كان ربوياً أو غير ربوي) مِن مَن أسلفه أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك على شرط منهما (أما إذا كان على شرط فهو القرض الذي يجر نفعاً) أو عادة (يعني جرت عادة هذه الشخص أنه كل ما اقترض زاد فعرفه الناس بذلك فصاروا يقرضونه من أجل الزيادة التي تعارفوا عليها مثل هذا العرف مثل النطق مثل المنطوق به مثل المشروط نطقاً لأن هذا شرط عرفي فكأنه منطوق به والشرط العرفي معتبر والمقاصد إذا ظهرت وجرت بها العادة صارت كالملفوظ بها والمشترط في النطق، يعني لو أن شخصاً قال لرجل أن زوجتك قد زنت فقال هي طالق ثم بعد ذلك تبين أن هذا المخبر كاذب لا يقع الطلاق لأن هذا كالمشترط في الطلاق كأنه قال إن كان الأمر كما ذكرت فهي طالق فلم يكن الأمر على ما ذكر فلا يستوجب الطلاق، وهنا إذا جرت العادة وتعارفوا واشتهر هذا الشخص بأنه يقضي أكثر مما أخذ في القرض وصار يقرض من أجل هذه الزيادة فهذا مثل المشترط اللفظي) فإن كان ذلك على شرط أو وأي (يعني وعد قال مثلاً أقرضني وأنا أزيدك يعني لم يكتبوا في العقد أنه يقرضه مائة ويزيده عشرة إنما مجرد وعد قال أقرضني وأرضيك قد يقولها بعض الناس أقرضني وأنا أرضيك فإذا كان لا يقرضه إلا من أجل هذه المواعدة فإنه لا يجوز لأن هذا القرض قد جر نفعاً) فإن كان ذلك على شرط أو وأي أو عادة فإن ذلك مكروه ولا خير فيه (لكنه المراد بالكراهة هنا التحريم) قال وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى جملاً رباعياً خياراً مكان بكر إستسلفه وأن عبد الله بن عمر إستسلف دراهم فقضى خيراً منها (استدل بالحديث المرفوع واستدل بالأثر على عادته -رحمه الله- لبين أن المرفوع محكم غير منسوخ) فقضى خيراً منها فإن كان ذلك على طيب نفس من المستسلف ولم يكن ذلك على شرط ولا وأي ولا عادة كان ذلك حلالاً لا بأس به (نعم إذا كان لديه مال لا أثر له في الدين يعني شخص مطلوب بمائة ألف وستطيع أن يحج بألف ولو ذهب بهذا الألف إلى الغارم أو إلى الدائن لن يقبله فمثل هذا لا يؤثر في حجه).
باب ما لا يجوز من السلف
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال في رجل أسلف رجلاً طعام على أن يعطيه في بلد آخر فكره ذلك عمر بن الخطاب وقال فأين الحمل يعني حملانه.
وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت رجلاً سلفاً واشترط عليه أفضل مما أسلفته فقال عبد الله بن عمر فذلك الربا، قال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن، وقال عبد الله السلف على ثلاث وجوه سلف تسلفه تريد به وجه الله فلك وجه الله وسلف تسلفه تريد وجه صاحبك فلك وجه صاحبك وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب فذلك الربا فقال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن قال أرى أن تشق الصحيفة فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلت وإن أعطاك دون الذي أسلفته فأخذته أجرت وإن أعطاك أفضل مما أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك ولك أجر ما أنظرته.
وحدثني مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه.
وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول من أسلف سلفاً فلا يشترط أفضل منه وإن كانت قبضة من علف فهو ربا.
قال مالك -رحمه الله- الأمر المجتمع عليه عندنا أن من استسلف شيئاً من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا بأس بذلك وعليه بأن يرد مثله إلا ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل فلا يصلح وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية فيصيبها ما بدا له ثم يردها إلى صاحبها بعينها فذلك لا يصلح ولا يحل ولم يزل أهل العلم ينهون عنه ولا يرخصون فيه لأحد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: بعد ما ذكر بعد ما يجوز من السلف:
باب ما لا يجوز من السلف
(وما تضمن شرط ينتفع به المقرض سواء كان في زيادة قدر ما اقترضه عند الوفاء أو في وصفه أن أي شيء يستفيد منه هذا المقرض)
يقول حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال في رجل أسلف رجلاً طعام على أن يعطيه إياه في بلد آخر (يستفيد أو لا يستفيد نعم هنا يستفيد يستفيد حملانه بدل أن يؤجل عليه يحمل إلى البلد الذي اشترط الوفاء به سقطت عنه هذه الأجرة فهو مستفيد) على أن يعطيه إياه في بلد آخر فكره ذلك عمر بن الخطاب وقال فأين الحمل يعني حملانه (يعني الأجرة لو قال مثلاً أقرضتك مائة صاع من التمر هنا ونحن مثلاً في الرياض على أن تسلمني إياه في رمضان بمكة أين الحملان هو الآن استفاد لكن لو قال أنها تحمل إلى مكة بمائة ريال وهذه مائة ريال مقدم مع القرض أيضاً مازال المسألة فيها خدمة وهو أنه يذهب ويحضر سيارة ويحضر ما تحمل عليه فأيضاً مثل هذا لا يسوغ، في آخر كتاب القرض من الزاد وشرحه وحاشيته قال في عبارة <ما لم تكن القيمة في بلد القرض أنقص> واستدرك الشارح وقال الصواب ما لم تكن أكثر، ثم المحشي استدرك على الشارح في مسألة في غاية الدقة والغموض فنريد من الإخوان أن يراجعوها ويحرروا هذه المسألة ويتأنوا في فهمها لأنها لا تفهم بسرعة يعني هي موجودة في الزاد وشرح الروض والحاشية، والزاد انتقده الشارح والمحشي انتقد الشارح وما يتعلق بهذا، اشترط أن يسدد القرض في بلد آخر فإذا كنت القيمة في البلد القرض أنقص أو في بلد القرض أكثر أيهما أولى بالقبول ننظر المسألة في ما بعد إن شاء الله تعالى).
قال وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت رجلاً سلفاً واشترط عليه أفضل مما أسلفته وقال عبد الله بن عمر فذلك الربا (لأنه قرض جر نفعاً) قال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن فقال عبد السلف على ثلاثة وجوه (إذا كنت تريد وجه الله فلك الأجر والثواب من الله -جل وعلا- وإن كنت تريد وجه صاحبك يعني تبذل معروف في شخص لا تنوي به التقرب إلى الله -جل وعلا- فلك ما أردت من صاحبك وإن كنت تريد غير ذلك ولذلك قال خبيثاً بطيب فذلك الربا) وقال عبد الله السلف على ثلاث وجوه سلف تسلفه تريد به وجه الله فلك وجه الله وسلف تسلفه تريد وجه صاحبك فلك وجه صاحبك وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب فذلك الربا (تأخذ خبيث بطيب تأخذ أفضل مما دفعت تشترط ذلك لأنه قال في السؤال واشترط عليه أفضل مما أسلفته هذا هو الربا) فقال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن قال أرى أن تشق الصحيفة (والوثيقة التي كتب فيها هذا القرض مزقها لأنك لو تركتها ثم جاء وقت السداد تكون نسيت أو يرثها عنك من يطالب الغريم بالأفضل فتكون التبعة عليك أنت الذي أبرمت العقد فيقول أرى أن تشق الصحيفة واحتمال أن ينكر المقترض إذا شقت الصحيفة إنكار المقترض أسهل من أن يقع في الربا ولذا يقول بعد المتساهلين في الفتاوى يقول تعامل بربا وسدد ديونك فنقول لا يسدد الديون ويبقى مدين إلى أن يموت بل يموت في عنقه دين أفضل من أن يأكل الربا نسأل الله السلامة والعافية) قال أرى أن تشق الصحيفة فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلت وإن أعطاك دون الذي أسلفته فأخذته أجرت وإن أعطاك أفضل مما أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك (لأن الشرط الذي اشترطه عليه ألغيته بقطع الصحيفة لكن لابد أن يكون الطرف الثاني على علم بذلك لألا يستصحب الشرط السابق) ولك أجر ما أنظرته (يعني ما أخرت علي الطلب).
وحدثني مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه (لأنه لو اشترط قدر زائد على ذلك لكان من القرض الذي جر نفعاً).
وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول من أسلف سلفاً فلا يشترط أفضل منه وإن كانت قبضة من علف فهو ربا (يعني مثل كلام ابن عمر، يعني ولو كان شيئاً يسيراً والربا لا يتسامح في شيء منه قل أو كثر ولذا يخطئ من يقول أنه يتجاوز عن يسيره كيسير النجاسة، والربا من أشد أنواع المحرمات فهو مغلظ فالمغلظ من قال أنه يتجاوز عن يسيره يعني أليس عند الحنابلة والشافعية أن ما لا يدركه الطرف من النجاسة لا يعفى عنه وكيف يعفى عن يسيره، فقياس مع الفارق ولا وجه له في هذا الباب).
قال مالك -رحمه الله- الأمر المجتمع عليه عندنا أن من استسلف شيئاً من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا بأس بذلك (يعني عليه أن يصف ما أقرضه وصفاً دقيقاً ليأخذ مثله فإنه لا بأس بذلك) وعليه بأن يرد مثله إلا ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل (يعني اقترض جارية، والذريعة إلى إحلال ما لا يحل وكيف يقترض وليدة ويشترط رد مثلها لأن القرض ليس ببيع فلا تكون ملك يمين بمجرد القرض) فلا يصلح وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية فيصيبها ما بدا له ثم يردها إلى صاحبها بعينها (لأن الأصل في القرض أن ترد العين وهو في القرض ما ملك اليمين وما ملك هذه الجارية ملك يمين فلا يجوز له أن يطأها) فذلك لا يصلح ولا يحل ولم يزل أهل العلم ينهون عنه ولا يرخصون فيه لأحد.
هذا والله أعلم، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
هي الأصل نعم جيدة بل ممتازة ممتازة وكل من طبع الكتاب بعدها فعمدته تعمده عليها.
عند التشهد تحرك عند التشهد يعني إذا قال أشهد ألا إله إلا الله رفع أصبعه وإذا دعا يحركها يدعو بها.
إن كان ظرفه مثل ظرفنا الذي نعيشه في حينا فلا وجه له المطر قد وقف والجو معتدل والأرض ليست وحلة ما له أدنى داعي الجمع.
أهل العلم يصرحون بالاستحباب بالاستحباب داخل الصلاة وخارجها.
هي صورة للطبعة السلطانية هي صورة للطبعة السلطانية فهي هي بل أفضل من أصلها هي أفضل من السلطانية الأصل لأن السلطانية في العرضة الأخيرة وجد فيها أخطاء يسيرة يعني في كل جزء خمسة ستة سبعة أخطاء فصححت في هذه الصورة واستعمالها سهل جدا وميسر ومخدومة بالأرقام وبالأطراف وبالإحالات بالتخريج فهي نافعة من كل وجه بينما السلطانية ليس فيها إحالات ولا ترقيم ولا أطراف ولا إحالة على تحفة الأشراف ولا تخريج من الكتب الستة الأصلية وورقها وورقها محترق أسود يصعب القراءة فيه والتعامل معها وهذه طبعة بل تصوير عن السلطانية تغني عنها وهي أفضل منها من وجوه يبقى مسألة من يهتم بالأصل والصورة والطبع والتصوير هذا هذه مسألة خارجة عن مسألة الإفادة.
طالب: ...................
فيها ترقيم وفيها.
طالب: ...................
لا، نفس الترقيم، زهير عليها الترقيم وعليها الإحالات وإحالة لتحفة الأشراف وإحالة للشروح فتح الباري بالرقم فتح الباري بالرقم رقم الحديث والعيني بالجزء والصفحة والقسطلاني بالجزء والصفحة وإحالة على تحفة الأشراف والحديث يكون خرجه من أصحاب الكتب الستة ممن وافق البخاري وتغليق التعليق يعني من كل وجه لا شك أنه توفيق هو ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ولذلك الإحالة لفتح الباري من هذه الطبعة على رقم الحديث موافق تماما لما في صحيح البخاري المطبوع مع فتح الباري اللي هو ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي نفسه.