السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الأئمة البخاري وغيره من أئمة الإسلام من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الله تعالى يقول: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب » في بعض الروايات «فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه» هذا الحديث العظيم القدسي الذي يضيفه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الله- جل وعلا- ومثل هذا يقال له عند أهل العلم الحديث القدسي أو الحديث الإلهي، جاءت أحاديث جمعت عند أهل العلم في مصنفات سموها الأحاديث القدسية، أو الأحاديث الإلهية؛ لأنها مضافة إلى الله- جل وعلا- وتفترق هذه الأحاديث الإلهية المضافة إلى الله- جل وعلا- عن القرآن الكريم وعن الحديث النبوي، فالفرق بينها وبين ما يضاف إلى الله- جل وعلا- من القرآن الكريم أن القرآن مصون من الزيادة والنقصان، ولا تجوز روايته بالمعنى، ومحفوظ بين الدفتين، من أنكر منه حرفًا كفر- نسأل الله السلامة والعافية-؛ لأن الأمة أجمعت على ما بين الدفتين، أما الأحاديث الإلهية القدسية فحكمها من حيث الثبوت ومن حيث جواز الرواية بالمعنى حكمها حكم الحديث النبوي بدليل أن الحديث الواحد من هذه الأحاديث الإلهية المضافة إلى الله- جل وعلا- تروى بألفاظ مختلفة وفيها زيادات ونقصان في بعض الروايات دون بعض، فليس حكمها حكم القرآن من هذه الحيثية، وإضافتها إلى الله- جل وعلا- لا شك أن الله قال مثل هذا الكلام ولو لم يكن بحروفه لثبوته عنه من طريق جبريل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عن جبريل فما صح منها فيجب العمل به، وهي مشابهة مثل ما قلنا للحديث النبوي من حيث أنها تجوز روايتها بالمعنى، وليست محفوظة من زيادة ولا نقصان بدليل أن الحديث الواحد مثل الحديث الذي معنا لو نظرنا إلى الروايات بين رواة الصحيح في البخاري وجدنا هناك فروقًا وإن لم تكن هذه الفروق مؤثِّرة «من عادى لي وليًّا» المعاداة تشمل المعاداة القلبية بالبغض والكره ونصب العداء والأذى هذه كلها معاداة، وهذا خلاف ما وصف الله به خيار هذه الأمة ممن يأتي من بعد الصحابة إلى قيام الساعة {وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [سورة الحشر:10] هذا وصفهم أما من كان على خلاف هديهم وطريقتهم وسنتهم فهم الذين عادوا أولياء الله- جل وعلا- والولي هو المؤمن التقي {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [سورة يونس:62-63] هؤلاء هم الأولياء، فليحذر المسلم أن يعادي أولياء الله المؤمنين المتقين لئلا يقع في هذه المحاربة التي لا يد له فيها ولا يستطيع المقاومة؛ لأنه في جميع تصرفاته وأنفاسه في أسْر الله -جل وعلا- فكيف يبارز ويحارب المأسور والله- جل وعلا- بيده أزمَّة الأمور كلها وله التصرف الكامل المطلق في خلقه، هذا وعيد شديد لمن يعادي هذه الفئة أو يبغض هذه الفئة من أولياء الله كما قال- جل وعلا- {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [سورة البقرة:275] إلى أن قال فأذنوا بحرب من الله ورسوله} من يطيق حرب الله- جل وعلا-؟! فمن عادى أولياء الله فقد بارزه بالمحاربة، وأولياء كما قلنا من جاء تفسيرهم في القرآن {الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [سورة يونس:63] «وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه» الفرائض التي يؤجر المسلم على فعلها ويأثم بتركها لا شك أنها أولى من الأعمال الصالحة التي لا يعاقَب على تركها، فالفرائض أفضل من النوافل «وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه» فإذا تقرب الإنسان إلى ربه- جل وعلا- بما افترض عليه نجا، لكن يبقى من يضمن لهذا المسلم الذي تقرب إلى الله بما افترض عليه ألا يكون في فرائضه شيء من الخلل؟ وحينئذ يحتاج المسلم إلى قدر زائد على الفرائض، في حديث ضمام بن ثعلبة لما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-يستثبت مما سمعه من أن أنه مرسَل من الله -جل وعلا- وأنه أُمر بالصلوات الخمس ثم قال هل عليَّ غيرها؟ قال «لا، إلا أن تطوَّع » ثم ذكر بقية الفرائض «لا، إلا أن تطوَّع» فليس مما يجب مما أوجبه الله على المسلم شيء غير ما ذكر من الفرائض، لكن القدر الزائد على الفرائض من النوافل كما جاء في الحديث الصحيح أنه حينما يحاسَب العبد ويرى الخلل في فرائضه يقال انظروا هل لعبدي من تطوع الإنسان، قد يقول أنا لا أعمل أكثر مما افترض الله عليه، نقول نعم إذا التزمت بذلك نجوت، لكن من يضمن لك عدم الخلل في هذه الفرائض «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه» وهنا مسألة عملية يزاولها الناس في أعمالهم يوميا، الموظف مثلا المتفق معه على ساعات من العمل، هذه الساعات فرائض يجب عليه أداؤها وعدم التفريط بشيء منها، بعض الناس يفرِّط يأثَم بهذا التفريط ويقول ويدَّعي أن له أعمالا يخدم بها الناس ويخدم بها هدف العمل الذي من أجله تعاقَد عليه، لا شك أن هذا نفل لكن يجب عليه أن يسعى في براءة ذمته من الواجب ثم يسعى في النفل؛ لأن الناس يتفاوتون، بعض الموظفين يسعى لإبراء ذمته مما أوجب عليه في هذا العمل، ثم إن كان عنده مزيد وقت فإنه يصرفه في الأعمال الصالحة من نفع الناس مما يحقق هدف العمل، مثال ذلك معلِّم علم شرعي في كلية شرعية نصابه اثنتا عشرة ساعة في الأسبوع أو عشر ساعات تجد بعض الناس يحرص على هذا النصاب بدقة ومع ذلك لا يزيد عليه وليس عنده أعمال أخرى، لكن الثاني يفرِّط بشيء من هذه الساعات إما من بعض هذه الساعات من أوائلها أو من أواخرها أو من أثنائها أو في بعضها لا يحضر في الكلية، ثم تجده في كل باب من أبواب الخير له فيه يد، تجد له دروسا في المساء أكثر من جدوله في الجامعة، هل هذا يعفيه ويبرئ ذمته من العمل الأصلي الذي وجب عليه بالعقد؟ لأن هذا موجود وهذا موجود، بعضهم يقول أنا أكمِّل هذا النصاب ولا أزيد عليه لأنه يقول: الله-جل وعلا- يقول: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، هذا مما افترضه الله علي خلاص، والثاني يقول: انظروا هل لبعدي من تطوع فإذا حصل خلل في الواجب كُمِّل من النوافل هذا له وجه وهذا له وجه، لكن على المسلم أن يسعى أولا في إبراء ذمته ثم يسعى للتكميل من النوافل، وهذا مثال تقريبي وهذا أمر واقع هذه مسألة واقعة، بعض الناس يقول: أنا ما دمت أحقق هدف الجامعة من نشر العلم الشرعي سواء كان في أروقة الجامعة أو في المسجد فيوجِد لنفسه الذريعة في التخفيف من العمل الرسمي نقول العمل الواجب هو الذي تعاقدت عليه وتأخذ عليه المقابِل من الراتب، والقدر الزائد في المساجد وفي غيرها هذا أجرك على الله- جل وعلا- ويكمَّل به ما يحصل من الخلل ويأتي ما في الجملة الثانية من الحديث مما ينفع في هذا المجال «ولايزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه لايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» هذه مرتبة بعد أداء الفرائض لا يقال له يتقرب بالنوافل ويفرط بالفرائض، لا يقال إن مثل هذا يتقرب بالنوافل حتى يحبه وهو مفرط بالفرائض إنما هذا قدر زائد على الفرائض؛ لأن الفرائض لا مساومة عليها جاء في الحديث «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل» الوضوء فرض لصلاة الجمعة، والغسل سنة عند عامة أهل العلم، هل السنة أفضل من الفرض؟ لكن لما كانت هذه السنة مشتملة على الفرض وزيادة كان أفضل وإلاَّ ما يتصور أن شخصا يغتسل ويترك الوضوء ويقول إنه عمل الأفضل لا بد أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم بعد ذلك يغتسل الغسل الأفضل، وهنا نقول «ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه» هذا بعد أن يستكمل الفرائض وتبرأ ذمته من الواجبات، «ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل» نوافل العبادات من الصلاة والصيام والصدقة والحج والذكر والتلاوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبر الوالدين وصلة الأرحام وغير ذلك مما يشترك فيه الواجب مع المندوب، فإذا برئت عهدته من الواجب عليه أن يسعى في أن يضرب بسهم وافر في كل باب من أبواب المندوبات ليدخل في هذا الحديث ليُعصَم من الزلل والخطأ «ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» إذا أحبه الله- جل وعلا- فحدِّث ولا حرج مِن فتح أبواب التوفيق والبركة في العلم والعمل والعمر والولد والمال والأهل وغير ذلك «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به كنت سمعه الذي يسمع به» بمعنى أن الله -جل وعلا- يحفظ سمعه فلا يسمع إلا ما يرضي الله -جل وعلا- فلا يسمع الحرام، فلا يسمع ما حرم الله عليه من غيبة وغناء ومزامير ونميمة وغير ذلك من أقوال الفحش والخنا والفجور، لا يسمع إلا الكلام الطيب «كنت بصره الذي يبصر به» فلا يرى في بصره بهذه النعمة التي أنعم الله بها عليه إلا ما يرضي الله- جل وعلا- فيحفظ الله سمعه ويحفظ الله بصره وبهذا تتحقق النعمة في هاتين الحاستين؛ لأن كثيرا من الناس يتمتع بالسمع يتمتع بالبصر وهي نعمة في الأصل، لكن إن استعملت فيما يرضي الله- جل وعلا- صارت نعمة، وإن استعملت فيما لا يرضيه صارت نقمة «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به» فلا تجده يرسل بصره إلا فيما يرضي الله- جل وعلا- أو في مباح، لكن لا يرسل بصره فيما يحرم عليه من النظر إلى المحارم- محارم المسلمين- أو شيء منكر لا يستطيع إنكاره، أو يعرِّض بصره أو سمعه لفتنة لا يستطيع إنكارها، أو يسمع شبهات أو شهوات أو ينظر إلى مغريات، كل هذا يُحفَظ إذا تقرب إلى ربه بالنوافل، فالنوافل سياج منيع يحفظ الواجبات ويحفظ الجوارح من انتهاك المحرمات «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها» يزاول بها الأعمال تحفظ من أن تزاول عملا محرما، كثير من الناس يفعل الواجبات لكن يفعلها على وجه فيه شيء من النقص ولا يحتاط لهذه الواجبات في التقرب إلى الله بالنوافل، فتجده يسهل عليه استماع المحرم، تجده يسهل عليه النظر إلى المحرم، وكثير من المسلمين الآن في الظروف التي نعيشها قد فتحت أبواب الفتن على مصراعيها تجده يقع في دعوة أم جريج شعر أو لم يشعر، التي دعت فيها على ولدها فلذة كبدها المشغول بعبادة، دعت عليه ألا يموت حتى يريه الله وجوه المومسات، تجد كثيرا من الناس على هذه القنوات وفيها من فيها من هذا الصنف، يسمع ويرى ويبصر ويرسل بصره ويتلذذ بهذا النظر- نسأل الله العافية- ويشوش قلبه وفكره ثم بعد ذلك يدعو فلا يستجاب له؛ لأنه فتح المنافذ إلى هذا القلب وشوَّش عليه وكثرة عليه الخواطر والهواجس التي تصده عن الالتجاء إلى الله- جل وعلا- وصدق اللجأ إليه والإخلاص له، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فلا تجده يبطش ولا يزاول عملا بيده إلا ما هو مباح أو مطلوب، بمعنى أنه واجب أو مستحب ورجله التي يمشي بها فلا تجده يمشي ولا يسعى إلا إلى شيء مشروع، أما إذا لم يحتط لنفسه ولم يأخذ من النوافل بنصيب ولا يتقرب إلى الله بالنوافل فإنه عرضة لأن يصل إلى الفرائض ويصلي إليها الخلل والنقص؛ لأنه مثل ما قلنا النوافل سياج منيع يمنع الإنسان من انتهاك المحرمات والتفريط في الواجبات، كما أن هذه الواجبات سياج منيع لأصل الدين، بنو إسرائيل ضربت عليهم الذلة والمسكنة لماذا؟ لأنهم كانوا يكفرون والكفر لماذا؟ {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ سبيل وطريق إلى الكفر، والكفر- نسأل الله العافية- سبيل إلى ما وراءه، المقصود أن التقرب بالنوافل يحفظ الفرائض والتقرب بالفرائض وعدم انتهاك المحرمات هذا يحفظ أصل الدين، فالذي يفرِّط بالنوافل لا شك أنه في طريقه إلى التفريط ببعض الواجبات، والذي يترك الواجبات وينتهك المحرمات لا يؤمَن عليه أن يزيغ قلبه في يوم من الأيام، فعلى الإنسان أن يهتم لنفسه ويحتاط لنفسه، كم من واحد رأيناه من أهل الديانة والاستقامة ثم بعد ذلك فرَّط في النوافل، ثم بعد ذلك أقدم على شيء من المحرمات ثم سهل عليه الأمر إلى آخره كما هو مشاهَد في القديم والحديث «ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن سألني لأعطينه» هذا الوعد بعد أن تقرَّب إلى الله بما افترض عليه ثم تقرب إليه بالنوافل حتى أحبه وحينئذ يكون قد تجاوز مرحلة الحرام وانتهاك المحرمات من باب أولى؛ لأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، والتخلية كما يقول أهل العلم قبل التحلية فيكون تركه للمحرمات مع إتيانه للواجبات ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية التي هي التقرب بالنوافل والإكثار منها حتى يصل إلى أن يكون وليًّا لله- جل وعلا- يحفظ سمعه، ويحفظ بصره، ويحفظ يده، ويحفظ رجله، ومع ذلك يحفظ قلبه الذي جميع خطابات الشرع تتوجه إليه والذي هو بمنزلة الملك بالنسبة للأعضاء، والذي هو إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله، ولئن سألني لأعطينه، بذل الأسباب لإجابة الدعاء ومنع الموانع التي تمنع من إجابة الدعاء، ولئن استعاذني لأعيذنه، فهناك أسباب لإجابة الدعاء وهناك موانع من قبول الدعاء كما جاء في الحديث الإلهي الآخر، حديث أبي ذر: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغُذِي بالحرام فأنى يستجاب له"؟! أشعث أغبر يطيل السفر، المسافر له دعوة مستجابة فهذه من أسباب إجابة الدعاء، يمد يديه إلى السماء وهذه أيضًا من أسباب إجابة الدعاء؛ لأن الله- جل وعلا- حيي كريم يستحيي أن يمد إليه عبده يديه فيردهما صفرا، فرفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء كالسفر، وهو أشعث أغبر منكسر القلب، والله- جل وعلا- مع المنكسرة قلوبهم كل هذه أسباب من أسباب إجابة الدعاء، يقول: يا رب يا رب والدعاء بهذا الاسم يا رب يقول أهل العلم أنه من أسباب الإجابة، ويقرر بعضهم أنه إذا قال يا ر ب يا رب خمس مرات أنه يجاب بدليل ما جاء في آخر سورة آل عمران ربنا ربنا ربنا ربنا خمس مرات ثم {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم} [ 2/61] إلى آخره، فالدعاء بهذا الاسم وتخصيص هذا الاسم بالدعاء أيضًا مظنة للإجابة، فأسباب الإجابة متوافرة ما الذي يمنع؟ أنى يستجاب له يعني استبعاد أن يستجاب لمثل هذا لماذا؟ لوجود المانع، مطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له استبعاد لوجود المانع؛ ولذا على المسلم إذا أراد أن يكون مستجاب الدعوة كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لسعد بن أبي وقاص «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» أما أن يخلط الإنسان ويأكل ما هب ودب وما وقع في يده من حلال أو من حرام أو من شبهة أو ما أشبه ذلك ثم يطلب إجابة الدعاء أنى يستجاب له؟! مطعمه حرام، كل جسد بُني على سحت فالنار أولى به، كيف يستجاب لمثل هذا؟ مشربه حرام، لا يتحرى فيما يأكل وفيما يشرب، وغذي بالحرام قبل ذلك من مال والديه أنى يستجاب لمثل هذا؟! المقصود أنه على الإنسان إذا أراد أن يدخل في "وإذا سألني لأعطينه وإذا أعاذني لأعيذنه" أن يحقق المقدمات السابقة بفعل الواجبات والتقرب بالنوافل، ومع ذلك إذا أراد أن يكون مستجاب الدعوة فلينظر إلى ما جاء في النصوص الأخرى من آداب الدعاء وأسباب القبول والإجابة وانتفاء الموانع.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.