شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (29)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: صلاة المسافر
قال -رحمه الله-: "وإذا كانت مسافة سفره ستة عشر فرسخاً، ثمانية وأربعين ميلاً بالهاشمي" وعرفنا أنها تقدر بالكيلوات بثمانين كيلاً "فله أن يقصر إذا جاوز بيوت قريته" وتقدم الكلام في المسافة هذه، وقرأنا ما جاء في الصحيح عن الصحابة، وما أردف بالأحاديث المرفوعة، وعرفنا من خلال ما ذكرناه في الدرس الماضي أن تقدير المسافة لا يدل عليه دليل يعتمد عليه في مثل هذا الحكم، لكن الإشكال يكمن في عدم اتحاد الأعراف، وعدم معرفة كثير من المسلمين في التحديد إذا رُد إلى العرف، مما يخشى بسببه ضياع هذه الفريضة العظيمة، فالتحديد الذي قدره أهل العلم، وجماهير أهل العلم على التقدير بالمسافة، يختلفون، منهم من يقول: يوم، ومنهم من يقول: يومين، ومنهم من يقول: ثلاثة، وتتفاوت بين أربعين إلى مائة وعشرين من الأكيال، هذا قول جماهير أهل العلم، لكن ليس عندهم ما يعتمد عليه في التقدير والتحديد، كما قال ابن قدامه وغيره، ولذا يرى شيخ الإسلام وجمع من أهل التحقيق أن مرد ذلك إلى العرف، فاللغة لا تساعد على التحديد، ولم يرد في الشرع ما يدل عليه، إلا أقوال صحابة على ما تقدم ذكره، وأما الأحاديث المرفوعة وهي أحاديث سفر المرأة بلا محرم هذه الأحاديث ما سيقت لبيان هذه المسألة، فدلالتها على ما يقرره أهل العلم ويستدلون به عليها دلالة فرعية، وعلى هذا فالأقوى من حيث الدليل عدم التحديد، وأن المراد أنه إذا وجد الوصف المؤثر الذي جاءت به النصوص وهو السفر أنه يتم الترخص، ويباح الترخص، وإذا عدم انتفى، فالنصوص علقت الترخص بوصف، فصار هذا الوصف مؤثراً في ثبوت الحكم وانتفائه، ولم يرد ولا يوجد في لغة العرب ما يحدد مسافة معينة لمسمى هذا الوصف الذي هو السفر، والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة لا تنهض على التحديد، نعم في أقوال الصحابة ما يدل على ذلك، فعن ابن عباس وابن عمر، وسبق أن قرأنا ما في الصحيح من ذلك، وقرأنا توضيح ابن حجر لهذه النصوص.
فأخيراً يقال: التحديد الذي يقول به جماهير أهل العلم لا يوجد دليل ينهض على الإلزام به، وأيضاً من جهة أخرى ترك ذلك إلى أعراف الناس مع تباين هذه الأعراف، واختلاط المسلمين بغيرهم وبعد العهد عن المصادر الشرعية واللغوية تجعل هذه الأعراف في كثير من الأحيان لا يمكن أن يستند إليها، يعني لو سألت أي شخص من عوام الناس عن معنى السفر، والدين للجميع من العرب وغيرهم، فكيف يرد مثل هذا الحكم الذي هو من أعظم الأحكام المتعلقة بأعظم الفرائض كيف يرد إلى اجتهادات الناس؟ فتجد من آثار ترك التحديد والفتوى بعدم التحديد تضييع كثير من المسلمين لعباداتهم من صلاة وصيام وغيرهما، نعم؟
طالب: عدم التحديد يفضي إلى......
وجود هذا التحديد في كلام الصحابة -رضوان الله عليهم- يجعل الإنسان يتهم نفسه، إما بالقصور أو بالتقصير عن البحث، وبحثنا في آخر الدرس الماضي أن القول إذا عمل به عموم الأئمة وأتباعهم من الصدر الأول إلى آخر الزمان، ولم يوجد لهم مخالف إلا النزر اليسير من أهل العلم علينا أن نتهم أنفسنا.
على كل حال مثل ما ذكرنا لم نقف على شيء يدل على التحديد الملزم الذي لا يحاد عنه، ثم هذا التحديد الذين يقولون به، مسألة ثمانين كيلو، هل هي تحديد أو تقريب؟ يعني نقص كيلو مثلاً أو كيلوين أو خمسة.
طالب:.......
على قول الوسط أنه يومين.
طالب:.......
لا، مثل ما ذكر، كيف من سبعين إلى تسعين؟
طالب:.......
لا، نقول: أربعين يوم وليلة، البخاري يوم وليلة أربعين كيلو، والحنفية ثلاث ليال مائة وعشرون، لكن الحنابلة والشافعية على أنه مسيرة يومين قاصدين، يعني ثمانين كيلو.
طالب:.......
يعني يحمل على أنه..، لا ما يمكن يسويه أحد، يمشي يوم وليلة ما يقف، ليس بصحيح.
طالب:.......
لا لا العبرة بسير الناس في وقت التنزيل، ولذلك من باب التمثيل جاء عن ابن عباس في صحيح البخاري من مكة إلى جدة، ومن مكة إلى الطائف، ومن مكة إلى عسفان، وهي مسافات متقاربة، فهذا أضمن للعبادات، وإن كان الدليل يضعف عن الإلزام به، وكان الشيخ ابن باز -رحمه الله- فيما ذكر في فتاويه أنه كان يقول بقول شيخ الإسلام، ثم لما رأى ما حصل من الناس من تفريط في أعظم العبادات العملية في الصلاة، ومثله في الصيام من الآثار المترتبة على القول بعدم التحديد رجع إلى القول بالتحديد، وهو قول عموم أهل العلم.
طالب: لكن أحسن الله إليك في كلام ابن عباس مثل ما بين جدة ومكة، مع اتساع المدن ضاقت المسافة.
ينظر، في وقته..، يعاد النظر، يعني قد يكون ما بين بلدين مسافة قصر في وقت، ولا يكون مسافة قصر في وقت؛ لأنه يحسب من مفارقة العمران، الآن امتدت مكة من جهة جدة أكثر من عشرين كيلو، وجدة أيضاً زحفت إلى مكة، فالآن ما بينهما لا يصل إلى ستين أو خمسة وستين كيلو.
طالب:.......
لا، نفس الشيء هذا، إذا رجعنا إلى القول نرجع من الأول؛ لأنه ليس منضبطا.
طالب:.......
لا، يمكن أن يقال: من يعرف ويجمع بين العرف والشرع وعنده من التقوى والورع ما لا تضيع معه العبادات يمكن أن يرد إلى العرف، والذي يخشى منه تضييع هذه العبادات، أو إذا ترك أو رد إلى العرف ما عرف، فالذي لا يعرف العرف كيف يحكم العرف؟
طالب:.......
على كل حال إذا رجح قول يرجح بجميع آثاره المترتبة عليه، الآن هم لا يختلفون فيما إذا وجدت المسافة والمدة في قطع هذه المسافة، يعني لو قلت من الرياض إلى مكة ثمانمائة كيلو تقطع في السيارة بعشر ساعات، أقل من يوم وليلة على التحديد الأول، لكنها يمكن تقطع بالأحمال في عشرة أيام، أو عشرين يوما، هذا اجتمعت المدة والمسافة مثل هذا ليس محل إشكال بالإجماع قصر، لكن لو قطع هذه المدة بساعة وقد وجد، الساعة ما تعد سفرا في العرف، فإذا رددناهم إلى العرف لا بد أن يختل إما الوقت وإما المسافة، وترتب من الآثار على القول بالإطلاق، ورد الناس إلى العرف، ترتب عليه من يذهب إلى الدراسة سنين، ويعتبر نفسه مسافراً يجمع ويقصر الصلاة، ويفطر في رمضان، ويجمع السنين ما يصوم، خمس سنين ست سنين ما يصوم، ويصلي في سكنه يجمع ويقصر، هل هذا مسافر؟ ويعد نفسه مسافرا، العرف يقول له: مسافر، أنا ما دمت في هذا البلد وسأرجع إلى بلدي أنا مسافر، فمثل هذا لا ينضبط، وإذا قلنا: إنه يعتبر مسافرا إذا سافر إلى بلد بعيد أو بلد أجنبي مثلاً في أوروبا أو في أمريكا، نعم مسافر في عرف الناس، لكن ماذا عما لو سكن الرياض عشر سنين ويرجع إلى القصيم؟ ماذا تقول له؟ وما الفرق حينئذٍ بين الرياض وأوروبا؟ يعني الآثار المترتبة على القول بالإطلاق وعدم التحديد لا شك أنه ترتب عليها- لا سيما مع تساهل كثير من المسلمين في أمور دينهم- ترتب عليها من ضياع العبادات ما يترتب، وهذا أمر مشاهد وملاحظ، مما جعل بعض أهل التحقيق يرجح القول بالتحديد، سواءً كان بالمسافة أو بالمدة؛ لئلا تضيع العبادات، وإن كان دليل التحديد لا ينهض مثل ما ذكرنا.
طالب:.......
لا بأس اجمع واقصر.
طالب:.......
يجمع ويقصر ما المانع؟
طالب:.......
لا لا مسافرون يا رجل، مائة وخمسون كيلو، سفر لا لا.
طالب: لكن إذا قيل يا شيخ: إن السفر ما فيه زاد وراحلة؟
ما جاء في سفر المرأة لا يمكن أن يورد هنا؛ لأن المرأة لا يجوز لها أن تسافر بمعنى أن تخرج من البلد بدون محرم ولو كيلو واحد، كونها نهيت أن تسافر يوما وليلة، ونهيت أن تسافر يومين، ونهيت أن تسافر ثلاثا كل هذه أمثلة.
طالب:.......
لا مفهوم للعدد هنا.
طالب:.......
هذه المسافات تختلف باختلاف الأوقات، ووعورة الطريق أيضاً له دور، لو كان جبال، تسافر عشرة أيام بعشرين كيلو لو كانت وعرة.
طالب:.......
أقل باعتبار المسافة المحددة عند أهل العلم، هم ضبطوا الوقت بيومين قاصدين، ثم نزلوا مسافة هذين اليومين القاصدين على الأرض في أرض متوسطة، فوجدوا ذلك أنها بهذا المقدار ستة عشر فرسخا ثمانية وأربعون ميلاً، إذا قلنا: مسافة يومين؛ لأن الإبل تقطع هذه المسافات في هذه المدة، فيتطابق عندهم المسافة والمدة، وهذه غير المدة التي يترخص فيها المسافر أربعة أيام، نعم؟
طالب:.......
هي المسألة مثل ما ذكرنا في الدرس الماضي من عضل المسائل ولن تنحسم؛ لأن القول بالتحديد هو قول عامة أهل العلم على اختلاف بينهم في المقدار، والذي يرد به على البخاري يرد به على الحنابلة والشافعية، والذي يرد به على الحنابلة والشافعية يرد به على الحنفية؛ لأنهم يجمعهم أن التحديد لا يدل عليه دليل ملزم، يبقى أن الأثر المترتب على الإطلاق ورد ذلك إلى العرف موجود في قول من يقول بعدم التحديد، فنظراً للآثار المترتبة على القول الآخر إضافة إلى أنه لم يقل به من الأئمة المتبوعين، ولا يُعرف عن أحد من الصدر الأول، يعني الأئمة كلهم على التحديد، وأتباعهم إلا من قلّ، يعني شيخ الإسلام، ابن قدامه، نفر يسير من أهل العلم.
طالب:.........
وين؟
طالب:.......
ابن عمر روي عنه التحديد مثل ابن عباس.
طالب:.......
هم ما عاشوا عصرنا الذي نعيشه، ما عرفوا أن الناس يسافرون يدرسون عشرين سنة ويقصرون ويجمعون، يقول: أنا مسافر ارجع إلى بلدي.
طالب:.......
ستة أشهر ينتظر، ينتظر الفرج، ينتظر الثلج.
طالب:.......
لكن أنت مع الذين يسافر عشرين سنة ويجمع ويقصر ويفطر؟
طالب:.......
ما أدري، إذاً انحلت المسألة.
طالب: هذا ما نوى الإقامة يا شيخ.
ما نوى إقامة يقول: لا أقضي حاجتي وأرجع.
طالب: يعتبر مقيما.
ليس مقيما عنده، يقول: مسافر أنا؛ لأنك رديته إلى العرف، العرف يقول: مسافر، كل الناس تقول: مسافر، مسافر يدرس ويرجع -إن شاء الله-، لو رددته إلى العرف هذا عرف الناس.
طالب:.......
والله هذا الذي جرى عليه عموم أهل العلم، حددوا المسافة، بل صرح بعضهم بأن قال: ولو قطعها في ساعة.
يقول: "فله أن يقصر إذا جاوز بيوت قريته" لأنه لا يتحقق الوصف إلا بهذا، لا يتحقق الوصف المؤثر الذي هو السفر إلا إذا جاوز بيوت قريته، ويعبر بعضهم بعامر القرية، بمعنى الخراب لا اعتداد به، لو كانت أطراف البلد خرابا غير مسكونة غير عامرة فإنه يبدأ من العامر، ويجمع ولو لم يجاوز هذا الخراب، فإذا جاوز العامر، وفارق هذا العامر فإنه يبدأ بالترخص على أن تكون الغاية قد بلغت المسافة التي حددها أهل العلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سافر من المدينة وغايته إلى مكة، سفر بجميع المقاييس وعلى جميع الأقوال سافر من المدينة إلى مكة، وجمع في أربعة أميال أو ستة أميال في ذي الحليفة، فإذا جاوز عامر القرية انتهى، بدأ الترخص.
يقول: "فله أن يقصر إذا جاوز بيوت قريته" ومنهم من يقول: إنه ما دام أزمع السفر، وعزم عليه، وبدأت المشقة من الاستعداد للسفر وهو في بيته له أن يجمع ويقصر ويفطر؛ لأنه متلبس بالمشقة حكماً؛ لأن أسباب أو العلة في الترخص هو المشقة.
طالب: أحسن الله إليك مرابع البلد مثل الاستراحات والمحطات تحتسب؟
إذا كانت عامرة مسكونة تحتسب، ويقول: وصلنا الرياض، تعدينا الرياض تحتسب، يعني الآن لو وصل إلى مطار الرياض ألا يقول: وصلنا الرياض، وما دام في مطار الرياض ما سافر بعد يقول: إلى الآن ما سافرنا، ما زلنا في الرياض، إذاً المطار من الرياض.
"فله أن يقصر إذا جاوز بيوت قريته إذا كان سفره واجباً أو مباحاً".
طالب:.......
مرجوح؛ لأن الوصف الذي علقت عليه الأحكام في نصوص الكتاب والسنة لم يتحقق بعد، وإن جاء عن بعض السلف عن أنس وابن سيرين وغيرهما أنهم أفطروا قبل أن يخرجوا من بيوتهم.
طالب:.......
لا لا، الآن ثبت الحكم رخصة، صدقة تصدق الله بها، وإلا كثير من المسلمين السفر أقل مشقة من الإقامة عنده في بيته، هذا واقع كثير من المسلمين من ذوي الدخول الضعيفة، بيوتهم فيها مشقة، وأسرهم أيضاً لديهم مشقة، ومزاولة أعمالهم التي يتكسبون من ورائها مشقة، لكن هذه لا تكفي ولا تنهض للترخص.
طالب:.......
هذا هو الأصل، الأصل فيه أنه قطعة من العذاب {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [(7) سورة النحل] نعم؟
طالب:.......
لا.
طالب:.......
لا، علق الحكم بوصف مؤثر هو السفر.
طالب:.......
ما يلزم، طرد وعكس ما يلزم.......
طالب:.......
لا، يدل عليها آثار.
"فله أن يقصر إذا جاوز بيوت قريته إذا كان سفره واجباً أو مباحاً" النبي -عليه الصلاة والسلام- سافر مراراً للحج وللعمرة وللجهاد، فأسفاره دائرة بين الوجوب وبين الاستحباب، وما عرف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه سافر سفراً مباحاً فضلاً عن غيره.
ولذا من أهل العلم من يقول: إنه لا يترخص إلا إذا سافر سفراً شرعياً واجباً أو مستحباً، ولا يترخص في السفر المباح؛ لأن هذا لم يحصل منه -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من قال: وهو الذي عليه المؤلف: إنه يترخص إذا سافر سفراً واجباً أو مباحاً، ومن باب أولى إذا كان مستحباً، ولا يترخص إذا كان السفر محرماً، وهذا قول جمهور أهل العلم أن العاصي في سفره لا يترخص، لا يعان في سفره؛ لأن هذه الرخص تعينه في سفره على قطع المسافات، تعينه، ومثل هذا ينبغي أن يوجد ما يعوقه عن قطع المسافات؛ لأنه سافر ليعصي؛ من أجل أن يحال بينه وبين معصيته.
هذا قول الجمهور أن العاصي لا يترخص {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} [(173) سورة البقرة] هذا عاصٍ فلا يترخص ولا بأكل الميتة، فهذا قول عامة أهل العلم، والحنفية يرون أن الوصف المؤثر هو السفر، والعاصي في سفره يقال له: مسافر، وما دام توفر الوصف المؤثر يترتب عليه الحكم الشرعي بغض النظر عن معصيته وطاعته، ويرون في هذا أن الجهة منفكة، يترخص وعليه إثم المعصية، لا سيما وأن عندهم أن قصر الصلاة واجب، وعزيمة، فإذا لم يترخص جمع بين محظورين العصيان في السفر وترك الواجب، فإذا ترخص كان أفضل ممن لم يترخص، بل يلزمه أن يترخص إذا قالوا بوجوب القصر، وميل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إلى قول الحنفية، أنه يترخص، وإن كان عاصياً في سفره، ولم ينظروا إلى العلة التي أبداها الجمهور في عدم الترخص.
"واجباً أو مباحاً" يعني سفر نزهة، سياحة، يترخص إذا وجد الشرط، وجد السفر "ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر" نية القصر واجبة لحديث عمر -رضي الله تعالى عنه-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وهذا ما نوى، ما نوى هذا القصر فليس له أن يقصر، وهذا هو المعروف عند الحنابلة والشافعية، لكن هل حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قصر الصلاة في السفر قال لأصحابه: إننا نريد أن نقصر؟ وما الذي يدري الكثير منهم لا سيما في أوائل الأمر أن الصلاة تقصر؟ لا بد من التنبيه على هذا.
قد يقول قائل: إن هذا التنبيه حصل بحديث عمر، وإذا حصل التنبيه الذي تلزم به الحجة لا يلزم التنبيه في كل مناسبة، فالنية لا بد منها، نعم نية الصلاة لا بد منها، نية التقرب إلى الله -جل وعلا- لا بد منها، ولكن مثل هذه النية التي تحتاج إلى تنبيه؛ لأن الأمور الدقيقة في دقائق المسائل لا بد من التنبيه على ما يؤثر فيها بخصوصه، لا سيما إذا قلنا بأن الأصل في صلاة السفر أنها ركعتان، الرباعية ركعتان، ويدل عليه حديث عائشة: أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فمثل هذا لا يحتاج إلى تنبيه، فأقرت صلاة السفر وزيد في الحضر إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة، وعلى هذا القصر إنما يكون للصلاة الرباعية، والإجماع قائم على أن المغرب لا تقصر، والفجر أيضاً لا تقصر، ويدل عليه حديث عائشة، والإجماع ثابت، إلا ما يذكر عن ابن دحية، ومن يقول بقوله: إن المغرب تقصر، وتكون ركعتين، لكن هذا قول محجوج بالدليل والإجماع.
"ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر" لأنه لم ينو، وحديث عمر نص في النية، لكن جمع من أهل التحقيق يرون أن هذا لا يحتاج إلى نية؛ لأنه لو احتاج لنبه عليه؛ لأنه مما يحتاج إليه كثيراً، والصحابة -رضوان الله عليهم- صلوا خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- وما حفظ عنه أنه قال نريد أن نقصر، بخلاف قوله في المسجد الحرام: ((أتموا فإنا قوم سفر)) نعم؟
طالب:.......
يعني إمام يريد أن يقصر، لكن هل في هذا مظنة إلى أن يخالف؟ في مكة وهذه واقعة، في مسجد من مساجد مكة في موسم الحج، المسجد فيه أكثر من عشرين صفا، وهؤلاء كلهم جاءوا لهذا المسجد ليصلوا خلف إمام المسجد الذي هو في الأصل مقيم، وإذا صلوا خلف المقيم يلزمهم الإتمام، دخلوا بهذه النية، فالذي حصل أنهم دخلوا بنية الإتمام؛ لأنهم ينوون الصلاة خلف مقيم، وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام، دخل شاب من الشباب المسافرين، وتقدم الناس، وصلى بهم الظهر ركعتين، وقال: أتموا، فماذا عن المسافرين؟ المقيم لا إشكال يتم، لكن المسافر يتم أو يقصر؟ لأنه دخل بنية الائتمام بمقيم.
طالب: نيته تابعة لنية إمامه يا شيخ.
الصورة واضحة أو ليست بواضحة؟
طالب:.......
الآن لما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرفة والمزدلفة جمع وقصر، والكلام فيها سيأتي -إن شاء الله- في المناسك.
طالب:.......
هذا الجمع وهذا القصر هل هو للسفر كما يقول الجمهور، أو للنسك كما يقول الحنفية؟ وما الذي يترتب على ذلك؟
الجمهور يقولون: للسفر، ويترتب عليه أن من لم تبلغ المسافة المقررة عندهم لا يجوز لهم الجمع ولا القصر، وعلى قول الحنفية يجمع معه ويقصر كل مصلٍ يصلي وراءه، ونستحضر ما ذكرناه سابقاً أنه لا يلزم تكرار القول في كل مناسبة إذا كان قد بلغ من يلزم بلوغه، يعني بين الحكم بدليله، فهل يلزم أن يبين في كل مناسبة؟ يعني هل هناك أعظم من النية بالنسبة للعبادات؟ وحديث عمر ما يحفظه إلا عمر، وقامت به الحجة، ولا يحتاج أن يكرر، فهل نقول إن الذين صلوا خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرفة ومزدلفة ممن لا يجوز له القصر من أهل مكة ومن لا تبلغ المسافة عندهم مسافة القصر هل نقول: إنه بلغتهم الحجة ولا تحتاج أن تكرر وصلوا الظهر في وقتها، والعصر في وقتها أربع أربع؟ أو نقول: إن الجميع صلوا خلفه -عليه الصلاة والسلام- جمعا وقصرا؟ وهل يلزم من عدم نقل ذلك عدم وقوعه؟ مسائل مهمة يمكن أن ترد في جميع الأبواب مثل هذه المسائل، يعني إذا تم تبليغ النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا الحكم في مناسبة وجاء مناسبات كثيرة تشبهها، وتندرج تحتها، هل يلزم أن يبين في كل موضع؟ أو نقول: تم البيان وانتهى؟
طالب:.......
قطع إيش؟
الخف؟
طالب:.......
هذه المسألة ذكرناها في وقتها، مسألة الخف ((إذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) قال هذا في المدينة، و في خطبة عرفة ما ذكر القطع، ولذا يختلف أهل العلم في القطع.
الذي يقول: إن المطلق يحمل على المقيد والقيد بين في مناسبة، ولا يلزم أن يبين في جميع المناسبات، يقول: يلزم القطع، وهذا قول الأكثر، وهو الجاري على القواعد، ومنهم من يقول: لا يلزم القطع، لماذا؟ لأنه بين صحيح في المدينة، ولم يبين في عرفة، وقد حضر معه في الموقف أضعاف من سمع منه في المدينة ممن لم يسمع الكلام الأول، وهذا وقت بيان، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فعلى هذا يكون ناسخا للأول، فما المرجح؟ الرسول ما بين في عرفة هل نقول: يلزم البيان، وقد بين في موقف شهده جمع، ولا يلزم أن يسمع الناس كلهم، كل فرد بمفرده يسمع الحكم؟ نعم؟
طالب:.......
ويش النسخ؟ يحتاج للمتأخر.
طالب:.......
التعارض يلزم عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة، هاه؟
طالب:.......
بين في المدينة ويحمل المطلق على المبين، وانتهى الإشكال، فلا بد من القطع، لكن ألوف مؤلفة حضرت وما سمعت في المدينة، ما سمعت الذي حصل في المدينة، فيلزم منه عدم البيان لهؤلاء، نعم؟
طالب:.......
يعني في عدم القطع؟ ومثله الجمع والقصر في عرفة ومزدلفة مثله؟
طالب:.......
ومثله القضايا الخمس التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام- من الزنا والرجم التي ليس فيها الجلد مع قوله في حديث عبادة: ((الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) نقول: خلاص بين في هذا الموضع، ولا يلزم أن يبين؟ فالقضايا الخمس كلها حصل فيها جلد وفيها رجم؛ لأنه تم البيان في موضع، ولا يلزم تكرار هذا البيان، أو نقول: كل قضية هي موضع حاجة، فلا بد من البيان؟ لا سيما إذا كان مما يمكن أن يخفى على عموم الناس، وهذه مسائل مؤثرة في الخلاف بين أهل العلم، مؤثرة يعني ما يقول الحنابلة عدم حمل المطلق على المقيد مع اتحاد الحكم والسبب، هذا محل اتفاق، لكن مع اتحاد الحكم والسبب ما حملوا المطلق على المقيد في مسألة قطع الخف، هاه؟
ماذا نقول؟
يعني مقيم خلف مسافر، المسافر يصلي ركعتين والقيم يصلي أربعا، هذا مقيم خلف مسافر، اختلفت صورة الصلاة فيها زيادة هنا يلزمه أن يستحضر أنه يصلي أربع ركعات، ولو نوى القصر مع الإمام بطلت صلاته، عكسه مسافر خلف مقيم يلزمه الإتمام، ولو قال: أنا لا أصلي إلا ركعتين لأني مسافر، ماذا عن صلاته؟ تبطل، لكن مسافر خلف مسافر لا يعلم أنه مسافر.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد...
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
لا، العكس، هو بين بالمدينة ولا بين لما كثر الناس.
طالب:.......
لا لا قاعدة حمل المطلق على المقيد تنطبق عليها انطباقا، وهي من المسائل المتفق عليها في هذه الصورة،
إذا اتفق الحكم والسب.
طالب:.......
إيه، نعم في الموقف إيه.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
غالباً هذا.
طالب:.......
يقول: إن البيان لا حاجة له؛ لأن الناس قد لبسوا، نفس الشيء رجعنا، نعم؟
طالب:.......
لا، أوضح من هذا ما ذكره الشيخ.
يقول: في قصة ذي اليدين إحدى صلاتي العشي رباعية سلم من ركعتين، وسلموا معه، هم داخلين بنية الإتمام، نعم؟
طالب:.......
نعم هو في وقت التشريع، وهم يظنون أن الحكم تغير، لكن حتى مع تغير الحكم متى يلزم العمل بالحكم؟ من بلوغه، وهم لم يبلغهم الحكم.
طالب: البلوغ العملي يا شيخ.
لا هو مما يدل على دقة التحديد في النية في مثل هذه المسائل، وأن القصر لا بد من نيته، وأن الجمع لا بد من نيته، وأن كذا مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعله ولم يبين أن هذا قدر زائد على ما جاء في حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) من النيات المجملة.
طالب:.......
هو في وقت التشريع دعونا من هذا، ويلزم الإئتمام به -عليه الصلاة والسلام- على أي حال لكن غيره من الأئمة؟ افترض أن شخصا مسافرا صلى خلف مقيم وسلم من ركعتين، وسلم هذا المسافر وخرج مع السرعان نقول: صلاته صحيحة أو باطلة؟ نبه الإمام وجاء بركعتين.
طالب: متى ما علم المأموم يلزمه يا شيخ أن يعيد.
يعني مقتضى قولهم: "وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام" هل هو وصف للصلاة أو وصف للإمام؟ يعني أن الصلاة صلاة مقيم بغض النظر عن كون الإمام مسافرا أو مقيما، أو المقصود الإمام هل هو مسافر أو مقيم؟ ويظهر مثل هذا الكلام في شخص مسافر صلى العشاء خلف مقيم يصلي التراويح، هو ائتم بمقيم الآن، هل يلزمه الإتمام أو ما يلزمه؟
طالب:.......
لكن الإمام مقيم مقتضى قولهم: "إن ائتم بمقيم" يعني هل الوصف الإقامة للإمام أو للصلاة؟
طالب:.......
لا تحددون بغير محدد، يعني الفقهاء قالوا كذا: "وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام" ونقول: يرد على هذا مثل هذا الذي صلى العشاء وهو مسافر خلف من يصلي التراويح وهو مقيم، يرد على هذا الإطلاق، الأمر الثاني: أننا لو قلنا: النظر إلى الصلاة ودخل الصلاة صلاة مقيم بغض النظر عن كونه مسافرا، الإمام مسافر يصلي المغرب، والصلاة لا تختلف بين الإقامة والسفر، وجاء مسافر ودخل معه يريد أن يصلي العشاء، هل يلزمه الإتمام يصلي أربعا أو يجلس بعد الركعتين باعتبار أن الثالثة زائدة في حقه؟ لأن الصلاة صلاة إقامة بغض النظر عن الإمام هل هو مقيم أو مسافر؟
طالب:.......
من هو؟
طالب:.......
الإمام نوى يصلي المغرب ثلاث ركعات، الصلاة صلاة إقامة لأن الصلاة لا تختلف في سفر ولا إقامة، فلا بد أن ننظر إلى الإطلاقات بدقة، قولهم: "وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام" هل النظر في الإقامة والسفر إلى الإمام أو الصلاة؟ إذا قلنا: الإمام فالذي يصلي خلف من يصلي التراويح يلزمه الإتمام، يصلي أربعا، وإن كان مسافرا؛ لأنه ائتم بمقيم، لكن ما الداعي لمثل هذا الكلام يلزمه الإتمام لماذا؟ لئلا يحصل الاختلاف بينه وبين إمامه، وإذا قلنا: يلزمه الإتمام والإمام يصلي من ركعتين وهو يعرف أنها تراويح، ركعتين، قلنا: الذي من أجله شرع هذا الحكم نعم وقع في مخالفته، وعلى هذا إذا صلى خلف من يصلي التراويح ركعتين وهو مسافر يصلي ركعتين.
طالب:.......
يسلم معه، هذا الباب من أكثر الأبواب تعقيداً، ومن أكثر الأبواب نوازل.
طالب:.......
ويش هي؟
طالب:.......
تحويل النية يعني نية فرض إلى نفل، ونفل إلى فرض، من الأدنى إلى الأعلى ما يجوز عندهم، والعكس يجوز.
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
إيه هذا بناءً على أيهما الأفضل، وأيهما العزيمة والثاني الرخصة؟ نعم؟
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
هذه مسألة الذي صلى بالمسافرين، مسافرين ومقيمين، قال: أتموا قام الناس كلهم يتموا؛ لأنهم دخلوا بنية الإتمام؛ لأن المسجد مسجد إقامة.
طالب:.......
من هو؟
طالب:.......
ما له وجه يصلي، ليست له أي ميزة يصلي بالناس، لا هو بالإمام الراتب، ولا له فضل ولا علم، إنسان عادي، لماذا يأثم الناس كلهم الذين وراءه يتمون؟
طالب:.......
كيف لو قصر؟
طالب:.......
دخلوا في الصلاة بنية الإتمام؛ لأن المسجد مسجد حضر.
طالب:.......
هذا الذي يظهر، ما دام دخلوا بنية الإتمام يلزمهم.
طالب: ألا يقال: نية المأموم فرع عن نية إمامه.
لا لا سنلغي كل المسائل، لا لا.
طالب:.......
لا، الأصل أنه ما يصلي مثل هذا، ليست له أي ميزة تجعله يؤم عشرين صفا كلهم يخالفونه في النية.
طالب: لو نبه.
لو نبه قال: توكل على الله، كيف ينبه؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
يلزمهم؛ لأنهم دخلوا بنية الإتمام.
طالب: طيب بالنسبة للمسافر الذي....
دخل بنية الإتمام.
طالب: صورة أخرى: المسافر الذي دخل يصلي في المسجد.....
وأتم الإمام؟
طالب: عرف أنه مسافر، دخل بعد..... ما عرف أن الإمام ليس مسافر....
طيب وتبين أنه مقيم؟
طالب: تبين أنه مقيم.
يلزمه الإتمام.
طالب: طيب.......
يا أخي يفرقون بين صلاة تصحح بالإجماع، وبين صلاة يختلفون فيها، صحيح يختلفون في هذه، أقول: يفرقون بين هذا وهذا.
طالب:.......
وأتموا، تابعوه.
طالب:.......
أنا أقول: كون الإنسان ينتقل إلى صلاة صحيحة بالاتفاق يختلف عن كونه ينتقل إلى صلاة مختلف في صحتها.
قال: "والصبح والمغرب لا يقصران" كما تقدم في حديث عائشة: ((إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فأنها تطول فيها القراءة)) كيف قال: المغرب وتر النهار وهي واقعة في الليل بعد غروب الشمس؟ يعني بعد انتهاء النهار بعد غروب الشمس، لكن لقربها منه والتصاقها به عدت منه، كما في حديث: ((شهرا عيد لا ينقصان)) ذو الحجة معروف أن العيد في وسطه، أو في ثلثه الأول، لكن شهر رمضان هو في عيد؟ العيد في شوال، لكن لقربه والتصاقه عد منه، مثل الصورة التي معنا.
هذا يقول مناسبة جداً يقول: هل يصح دخول المأموم الصلاة بنية الإمام، إن كان الإمام متماً أتم، وإن قصر قصر؟
يعني مثل من يقول: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، أو فهو فرضي، إن كان غداً من رمضان يعني التردد في النية، ومعلوم أن الجمهور لا يصححون مثل هذا، وشيخ الإسلام يقول: أبداً ليس له إلا هذا، نعم؟
طالب:.......
النية في الحج يعني تختلف عنها عن بقية العبادات، النية فيها سعة في الحج، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يقلبوا النية بعد ما قربوا من الفراغ من العمرة.
طالب: أحسن الله إليك من المسائل التي ذكر في الطبقات أن فيها خلاف بين الخرقي وأبي بكر مسألة النية.
إيه ماذا قال؟
يقول: المسألة الحادية والعشرون:
قال الخرقي: ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر، وبه قال الشافعي؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وهذا لم ينو القصر، وقال أبو بكر في الخلاف: يصح القصر بغير نية، ووجهه أن المصلي على ضربين متم ومقصر، ثم المتم لا يحتاج إلى نية الإتمام كذلك المقصر.
ما معنى لا يحتاج إلى نية؟ يعني يدخل يصير مع الإمام؟
طالب: هذا ظاهره لأنه الأصل.
لا، هذا غير هذه المسألة التي أشار إليها، غير الذي أفضنا فيه، هو مسافر وإمامه مسافر، هذه صورة، المصلي مقيم وإمامه مقيم، دخلت إلى المسجد المعتاد، مسجد جماعتك يصلون الظهر، هل تنوي أنك تصلي الظهر؟ لكن لا تنقض هذه النية، أنت ما أتيت إلا من أجل أن تصلي الظهر في هذا المسجد خلف هذا الإمام فلا يحتاج أن تبين، فلا تحتاج إلى نية؛ لأن مجرد دخولك معهم ومعرفتك حالهم بالتفصيل ما تحتاج إلى نية، أيضاً إذا كنت مسافرا وإمامك مسافر هذه أيضاً ما تحتاج إلى نية.
لكن بعض الناس مثل ما حصل في أول التشريع، هل يلزم أن ينوي القصر؛ لأن الإمام..؟ أو في مسألة ما إذا لم يضمن الإمام هل هو مسافر أو مقيم؟ هل يحدد نيته المطلوبة أو يطلق مع الإمام؟ مقتضى قول الخرقي أنه لا بد أن يحدد، إن لم ينو القصر ليس له أن يقصر ولو قصر الإمام، بينما كلام أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال، يقول: أبداً اتبع إمامك ما تحتاج إلى نية، وعلى هذا ينصب كلامه.
"وللمسافر أن يتم ويقصر" الجمهور على أن القصر رخصة، على خلاف بينهم في الأفضل، هل الأفضل القصر أو الإتمام؟ ومنهم من يقول: القصر عزيمة فيجب القصر وهو قول الحنفية، ويميل إليه شيخ الإسلام أيضاً، أنه عزيمة، والقول المعتمد أنه هو الأفضل، لكن لو أتم مسافر صحت صلاته، ولم يأثم بذلك، نعم خالف السنة، لكنه لا يأثم باعتبار أن القصر رخصة، وهو وإن كان أفضل إلا أن الإتمام صحيح، ولذا قال: "وللمسافر أن يتم ويقصر".
"كما له أن يصوم ويفطر" وجاء في الصحيح: سافرنا معه -عليه الصلاة والسلام-فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.
وعائشة أيضاً جاء في حديثها أنهم سافروا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-فمنهم القاصر، ومنهم المتم، وإن استبعد شيخ الإسلام -رحمه الله- ثبوت هذا الخبر، وجمع من أهل العلم يصححه.
قال: "وللمسافر أن يتم ويقصر" باعتبار أن القصر رخصة، وأن الإتمام جائز، وإن كان خلاف الأولى.
"كما أن له أن يصوم ويفطر، والقصر والفطر أعجب إلى أبي عبد الله -رحمه الله-" لأنه رخصة والله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:.......
لا، ما يبطل هذا وجوب يأثم به مثل من يقول..، مثل قولهم بوجوب صلاة العيد مثلاً يأثم، ولكن ما هو مثل..، ومثل الوتر عندهم، ومثل غسل الجمعة عند من يقول به، يأثم والصلاة صحيحة، ليس بشرط....
تستقدمه على أنه سائق، وتقدم على الجهات على أنه سائق، وللسائق من الإجراءات ما ليس للعامل في الورشة، فأنت مخالف في هذا، لكن لو استقدمته على أنه سائق، ثم بعد ذلك تبين أنه ليس لك به حاجة، ونقلت كفالته إلى غيرك هذا أمره ثاني، والثاني لا يحتاجه لقيادة مثلاً يحتاجه لعمل آخر الأمر فيه سعة.
أولاً: يختلف أهل العلم في تفضيل القراءة من المصحف على الحفظ، كثير من أهل العلم يرى أن القراءة من المصحف أفضل من القراءة من الحفظ، لكن قد يترتب على إدامة القراءة من المصحف نسيان الحفظ، فكون الإنسان يعتمد على حفظه هذا يضمن له عدم النسيان.
يبقى النظر في المفاضلة بين المصحف المكتوب على الورق المتوارث من الصدر الأول، منذ أن كتب المصحف إلى يومنا هذا، والمقارنة بينه وبين هذه الآلات المحدثة التي فيها الخير والشر، هذه الآلات محدثة، ومع ذلك تستعمل في الخير والشر، أما المصحف فإن استعماله لا يكون إلا في الخير هذا من جهة، وإلا فالأصل أنه لو كانت هذه الآلات استعمالها في الخير المحض قلنا: إن هذه كتابة وهذه كتابة، وهذا لوح يمكن أن يقرأ منه، وذاك لوح سواء كان من ورق أو من خشب، أو من زجاج أو من غيره لا فرق، لكن يبقى أن ما توارثته الأجيال جيل عن جيل من صدر الأمة إلى يومنا هذا لا شك أنه لا يعدل عنه إلا مع عدمه.
طالب: أحسن الله إليك ألا يستأنس بأنه يقع في القلب من احترام هذا المصحف المكتوب في الورق ما لا يقع في القلب من تعظيم هذا الموجود في الجوال.
نعم الشيخ يقول: من الفروق أيضاً أن المسلم جُبل على تعظيم المصحف؛ لأنه كما أشرنا خاص بكتاب الله -عز وجل-، بينما هذه الآلات المحدثة ليس لها من الهيبة والتقدير والاحترام ما للمصحف، وأحكام المصحف معروفة في الشرع كثيرة جداً، وألف فيها مؤلفات، بينما هذه الجوالات باعتبار أنها تستعمل في القرآن وفي غيره لا يكون لها من التقدير والاحترام مثل ما للمصحف.
أيضاً القرآن في المصحف ثابت موجود على كل حال، وفي الجوال ليس بثابت، قد يمسح القرآن ويوضع مكانه شيء آخر، وأثناء وجوده وتخزينه في ذاكرة الجوال ليس وجوده مثل وجوده على الورق، وجوده في الجوال مثل وجوده في الذهن، مثل وجوده في الحفظ في الحافظة، وحينما يضع النبي -عليه الصلاة والسلام- رأسه في حجر عائشة وهي حائض وفي جوفه كتاب الله، وتسرح شعره، ترجله، وفي جوفه كتاب الله لم يأخذ الحكم الذي هو مقرر للمصحف، وفي البخاري: أن السلف و جمع من التابعين منعوا مس المصحف، ولو من وراء الجلد، أو من وراء ما يحفظ به من كيس ونحوه، هذا قول لبعض السلف، ومدون في صحيح البخاري، فعلى هذا المصحف له هذه الهيبة، وله هذه الأحكام، بخلاف ما إذا كان بالجوال، وفي الحقيقة لو بحثت عن المصحف ما وجدت شيئا، فأشبه ما يكون بالحافظة التي يستودع فيها القرآن وغيره في صدور الرجال، لا تثبت له أحكام المصحف، نعم إذا كان المصحف بارزاً على شاشة الجوال مثل الورق مثل اللوح الذي يكتب فيه القرآن، لكن إذا كان مخفياً في ذاكرته يعاد متى ما طلب، فأشبه ما يكون بما في صدور الرجال، ليست له الأحكام الثابتة للمصحف، يعني لو كسرت هذا الجوال تجد شيئا مما خزن فيه؟ ما تجد شيئا، فهو أقرب ما يكون بالحافظة التي في صدور الرجال، والأحكام حينئذٍ تختلف.
طالب:.......
يبقى أن المصحف له أحكام تخصه لا يشاركه فيها الجوال، ومثل ما قلنا: الرسول -عليه الصلاة والسلام- يضع رأسه في حجر عائشة وترجله وفي جوفه كتاب الله، وتمسه بدون طهارة وهي حائض، والتنصيص على هذا كونها تذكر أنها ترجل النبي -عليه الصلاة والسلام- وتباشر جسده وهي حائض يدل على أن للحائض من الأحكام ما ليس للطاهرات، واستدل به أهل العلم على أن الحائض لا تمس المصحف، ولا تقرأ القرآن؛ لأن التنصيص على ذلك يدل على أن الطاهرة بخلافها.
طالب:.......
نعم فيه أخطاء، لكن أنت افترض في مصحف مراجع بدقة ليس فيه أخطاء، أما إذا كان فيه أخطاء هذا شيء ثاني.
هذا أهل السير يذكرونه، ويتواردون على ذكره ويتناقلونه، أما أنا فلم أبحث عن درجته.
منذ ثمان سنين، تطهر قبل صلاة الفجر، لكن قبل دخول وقت الفجر وإلا بعده؟ كونها تطهر قبل صلاة الفجر وبعد طلوع الفجر هذا ما عليها شيء، وإذا كانت تطهر قبل طلوع الفجر فعلى الخلاف بين أهل العلم في نهاية وقت صلاة العشاء الذي يقول: إنه يستمر إلى طلوع الفجر يقول: العشاء لا إشكال في وجوبها ولزومها، وأما المغرب فقول لجمع من أهل العلم أنها تقضي ما فاتها وما يجمع إليها، لكن على القول الثاني والمنصوص عليه في حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم وغيره أن وقت صلاة العشاء إلى منتصف الليل، وهذا هو المرجح، فعلى هذا لا يلزمها شيء.
يسن له رفع يديه بعد الركعة الثانية له التي هي الثالثة بالنسبة للإمام؛ لأن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته كما سبق تقريره.
طالب: لكن هل يرفع من باب المتابعة أحسن الله إليك؟
لا لا ما يرفع؛ لأنها أولى بالنسبة له ، وليس محلا للرفع.