شرح مختصر الخرقي - كتاب الطلاق (02)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسأل يقول متى تتوقف الدروس؟
آخرها الأربعاء إن شاء الله تعالى.
طالب: يعني آخرها هذا الأسبوع.
هذا الأسبوع نعم، آخرها الأربعاء نهاية الأسبوع الماضي قالوا هذا الأسبوع فيه اختبارات، ونحن ما حسبنا لهذا حسابا ظنا منا أن الاختبارات تبدأ في الأسبوع اللاحق وإلا ملاحظة الطلاب والإرفاق بهم لا شك أنه مطلوب لأن القصد مصلحة الجميع.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- وطلاق الزائل العقل بلا سكر لا يقع" وهذا محل إجماع، من زال عقله بجنون أو نوم أو إغماء مثل هذا لا يقع طلاقه وهذا محل اتفاق؛ لأن القلم رفع عن ثلاث، أما من زال عقله بتسبب منه كالسكر مثلاً لأنه هو المتسبب فإن في هذه المسألة ثلاثة أقوال أو ثلاث روايات عن الإمام أحمد، والعلماء يختلفون في مثل هذا، منهم من يلزمه بتبعات تصرفاته؛ لأنه هو الذي سبب وليس إلزامه من باب التكليف وإنما هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، فيكون من باب الحكم الوضعي لا التكليفي، ومنهم من يقول زال عقله فأشبه المجنون ولا فرق وهذه رواية عن الإمام أحمد، وثالث الروايات التوقف، ومنهم من يقول أن التوقف ليس بقول ولا ينسب للمتوقف قول ففي المسألة روايتان هما قولان لأهل العلم، ومع ذلك العلماء يذكرون التوقف في كثير من المسائل لاسيما من العالم المجتهد الذي نظره في المسائل ثاقب وقوله فيها نفيًا وإثباتًا معتبر، إذا توقف بعد النظر في الأدلة فإن هذا التوقف له دلالته لم يتوقف من فراغ.
طالب: .........
كيف؟
طالب: .........
حكمه لازم لكنه مع ذلك التوقف له دلالته، يعني لا يجرؤ أحد أن يلغي هذا التوقف من هذا الإمام فيسهل علينا أن نفتي بهذا أو ذاك، بل هذا التوقف نأخذ له حسابه بحيث لا نتعجل في هذه المسألة فنميل إلى أحد القولين بدون تثبت هذه فائدته وإلا الساكت لا يعرف له قول، في صحيح البخاري- رحمه الله تعالى- يقول الإمام- رحمة الله عليه- باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وغيرهما والغلط في النسيان والطلاق والشرك وغيره لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى» وتلا الشعبي {لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [سورة البقرة 2/286] وما لا يجوز من إقرار الموسوس، جاءني واحد في هذا المسجد مدرس في آخر العام يقول: قلَّ عدد الطلاب في الفصل الذي أدرس فيه وفي الفصل المجاور فقال لي الأستاذ الذي يدرس الفصل المجاور هات طلابك مع طلابي وتوكل على الله، قلت بصرك بلهجته هو، يقول لماَّ خرجت ما أدري أنا أجاوب عن ضم الطلاب بعضهم إلى بعض، سألني هل طلقتك زوجتك أو لا، فقلت نعم، هذا كلامه، قال وما لا يجوز من إقرار الموسوس مثل الجنون هذا ضرب من الجنون، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للذي أقر على نفسه، ماعز أقر على نفسه بالزنا «أبك جنون» مما يدل على أن الجنون مؤثر في الإقرار وفي بعض الروايات ما ذكرها المؤلف «أشربت خمرًا؟» مما يدل على أن السكران لا يؤاخذ بإقراره، لكن هناك فرق بين المسائل، رجل جاء تائبًا مقدما نفسه للحد ليُرجم مثل هذا يبحث له عن مثل هذه الأعذار، لكن لو جاء آخر مؤذي معروف بالفساد يقال له أشربت خمرًا؟ وقد أقر بما يدينه؟ لا شك أن المسائل تتفاوت، وقال علي: بقر حمزة خواصر شارفي، عنده شارفان ناقتان أعدهما لوليمة فاطمة حينما تزوج أعدهما للوليمة، فجاء حمزة العم وهو سكران فبقر بطونهما فطفق النبي -صلى الله عليه وسلم- يلوم حمزة، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه ثم قال حمزة وهل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قد ثمل، فخرج وخرجنا معه، وقال عثمان: ليس لمجنون ولا لسكران طلاق، وقال ابن عباس: طلاق السكران والمستكره ليس بجائز، وقال عقبة بن عامر: لا يجوز طلاق الموسوس، وقال عطاء: إذا بدأ بالطلاق فله شرطه إذا بطا بالطلاق فله شرطه، وقال نافع طلق رجل امرأته ألبتة إن خرجت يعني كأنه قال إن خرجت فأنت طالق ألبتة، وقال ابن عمر: إن خرجت فقد بتت منه وإن لم تخرج فليس بشيء، قال الزهري فيمن قال إن لم أفعل كذا وكذا فامرأتي طالق ثلاثًا يسأل عما قال وعقد عليه قلبه حين حلف بتلك اليمين جعله من قبيل اليمين؛ لأن القصد منه الحث أو المنع، فإن سمى أجلاً أراده وعقد عليه قلبه حين حلف جعل ذلك في دينه وأمانته، وقال إبراهيم: إن قال لي لا حاجة لي فيك نيته وطلاق كل قوم بلسانهم، وقال قتادة: إذا قال إن حملت فأنت طالق ثلاثًا يغشاها عند كل طهر مرة إذا حملت يعني في المستقبل لماذا يغشاها عند كل طهر مرة لتحمل ثم تطلق؟
طالب: .........
ما فهمت ماذا أقصد أنا، إذا قال: إذا حملت فأنت طالق ثلاثًا يغشاها كل طهر مرة إذا اتفقوا على أنها لا تحمل لئلا تطلق عندهم أولاد وعندهم.
طالب: .........
قد تحمل من هذه المرة ثم يغشاها ثانية وقد طلقت منه، فإن استبان حملها فقد بانت منه، وقال الحسن: إذا قال الحقي بأهلك نيته، قال ابن عباس: الكنايات معروفة أنه لا بد فيها من نية على ما سيأتي، وقال ابن عباس الطلاق عن وطر والعتاق ما أريد به وجه الله تعالى، قال الزهري: إن قال ما أنت بامرأتي نيته وإن نوى طلاقًا فهو ما نوى، وقال علي: ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ، وقال علي: وكل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه، قال- رحمه الله- حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام قال حدثنا قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» وقال قتادة: إذا طلق في نفسه فليس بشيء يعني أنه يكون من حديث النفس، قال- رحمه الله- قال حدثنا أصبغ قال حدثنا أخبرنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن رجل أو عن جابر أن رجلاً من أسلم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد فقال إنه قد زنا فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات فدعاه فقال «هل بك جنون؟ هل أحصنت؟» قال نعم فأمر به أن يرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل ثم ساق قصة ماعز مطوّلة بأطول من هذا، بعد ذلك قوله باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-«الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى» اشتملت هذه الترجمة على أحكام يجمعها أن الحكم إنما يتوجه على العاقل.
أحضر لنا الجزء التاسع يا أبا عبد الله ويقرأ أحد.
طالب: .........
جمز يعني هرب.
أحد يقرأ؟ جزاكم الله خيرا.
تقرأ يا شيخِ؟
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد، قال-رحمه الله تعالى-:
قوله باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى» اشتملت هذه الترجمة على أحكام يجمعها أن الحكم إنما يتوجه على العاقل المختار العامد الذاكر وشمل ذلك الاستدلال بالحديث؛ لأن غير العاقل المختار لا نية له فيما يقول أو يفعل وكذلك الغالط والناسي والذي يكره على الشيء، وحديث الأعمال بهذا اللفظ وصله المؤلف في كتاب الإيمان أول الكتاب ووصله بألفاظ أخرى في أماكن أخرى وتقدم شرحه مستوفى هناك، وقوله الإغلاق هو بكسر الهمزة وسكون المعجمة الإكراه على المشهور قيل له ذلك لأن المكره يتغلق عليه أمره ويتضيق عليه تصرفه، وقيل هو العمل في الغضب وبالأول جزم أبو عبيد وجماعة، وإلى الثاني أشار أبو داود فإنه أخرج حديث عائشة «لا طلاق ولا إعتاق في غلاق» قال أبو داود: والغلاق أظنه الغضب، وترجم على الحديث الطلاق على غيظ ووقع عنده بغير ألف في أوله وحكى البيهقي أنه روي على الوجهين، ووقع عند ابن ماجة في هذا الحديث الإغلاق بالألف وترجم عليه طلاق المكره، فإن كانت الرواية بغير ألف هي الراجحة فهو غير الإغلاق قال المطرزي قولهم إياك والغلق أي الضجر والغضب، ورد الفارسي في مجمع الغرائب على من قال الإغلاق الغضب وغلّطه في ذلك، وقال إن إطلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب.
إن طلاق.
عفوا.
إن إطلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب.
لأنه ما عرف أن أحدًا طلق وهو يضحك ما فيه إلا في حال الغضب لكن الغضب درجات الذي يعي ما يقول ويفهم ما يقول ويفقه ما يقول هذا يختلف حكمه عن الذي يصل به الغضب إلى حد يشبه فيه المجنون لا يعي ولا يفهم.
وقال ابن المرابط الإغلاق حرج النفس وليس كل من وقع له فارق عقله ولو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان.
ولذلك إذا جاء المستفتي يقول إنه طلق وهو غضبان لا بد من الاستفصال؛ ولذا بعضهم فرق بين التصرفات فجاءه شخص قال غضبت على زوجتي فطلقتها، قال: ما سبب الغضب وما الباعث عليه؟ قال ذهبت لتحضر الشاي فتأخرت فغضبت وطلقتها قال هذا ليس بغضب، وإن كان بعض الناس-نسأل الله العافية-من أدنى شيء، والثاني قال طلقت وأنا غضبان، قال: ما سبب هذا الغضب؟ قال: قالت لعن الله والديك، قال: الآن ما تطلق مع أنه بمقابل المسألة الثانية بعض الناس يسمع مثل هذا الكلام ولا يتأثر كثيرا.
وليس كل من وقع له فارق عقله ولو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول فيما جناه كنت غضبانا انتهى، وأراد بذلك الرد على من ذهب إلى أن الطلاق في الغضب لا يقع وهو مروي عن بعض متأخري الحنابلة ولم يوجد عن أحد من متقدميهم إلا ما أشار إليه أبو داود، وأما قوله في المطالع الإغلاق الإكراه وهو من أغلقت الباب وقيل الغضب واليه ذهب أهل العراق فليس بمعروف عن الحنفية وعُرِّف كذا يا شيخ؟ وعُرِّف بعلة الاختلاف المطلق إطلاق أهل العراق على الحنفية.
وعُرِف.. هي المسألة عامة ليست في الطلاق، يعني إذا أطلق أهل العراق يعني في عرف كثير من الناس المراد بهم الحنفية، لكن قوله عُرِف بعلة الاختلاف المطلق، إطلاق أهل العراق على الحنفية كأن التعبير فيه ركيك.
يمكن مراده ظاهر أن فيه اختلافا على من يقع هل يقع على الحنفية أو يقع على غيره لكن.
لكن المسألة اصطلاحية، وإذا أطلقه الفقيه الشافعي عندك.
يقول فمراده مقابل المراوزة.
نعم.
وإذا أطلقه الفقيه الشافعي فمراده مقابل المراوزة منهم، ثم قال: وقيل معناه النهي عن إيقاع الطلاق البدعي مطلقًا والمراد النفي عن فعله لا النفي لحكمه كأنه يقول بل يُطلِّق للسنة كما أمره الله، وقول البخاري والكُرْه هو في النسخ بضم الكاف وسكون الراء وفي عطفه على الإغلاق نظر إلا إن كان يذهب إلى أن الإغلاق الغضب ويحتمل أن يكون قبل الكاف ميم لأنه عطف عليه السكران فيكون التقدير باب حكم الطلاق في الإغلاق وحكم المكره والسكران والمجنون إلى آخره، وقد اختلف السلف في طلاق المُكره فروى ابن أبي شيبة وغيره عن إبراهيم النخعي أنه يقع قال لأنه شيء افتدى به نفسه وبه قال أهل الرأي، وعن إبراهيم النخعي تفصيل آخر إن ورَّى المكره لم يقع وإلا وقع، وقال الشعبي إن أكرهه اللصوص وقع وإن أكرهه السلطان فلا، أُخرجه والا..؟
فلا.
وإن أكرهه السلطان فلا، أخرجه ابن أبي شيبة ووجه بأن اللصوص.
إن أكرهته زوجته الأولى يقع، هذا يقع كثيرا يعني ويحصل الطلاق بسبب زوجته الأولى هذا إكراه أو لا؟ طيب شخص هدد امرأته بالطلاق أن يقع عليها في رمضان تكون مكرهة أو غير مكرهة؟
طالب: ...........
ما هو؟
طالب: ...........
يفتون الآن بأنها مكرهة وسيأتينا ضابط الإكراه في كلام المؤلف.
وقال الشعبي إن أكرهه اللصوص.
طالب: ...........
وقال.
وقال.. سيأتي.
وقال الشعبي إن أكرهه اللصوص وقع وإن أكرهه السلطان فلا أخرجه ابن أبي شيبة ووجه بأن اللصوص من شأنهم أن يقتلوا من يخالفهم غالبًا بخلاف السلطان.
طيب صار أمرهم أشد.
طالب: لعله العكس يا شيخ.
طالب: ...........
والله كأن العكس هو الأصوب لأن التوجيه يدل على أمر اللصوص من شأنهم أنهم يقتلوا من يخالفهم غالبًا بخلاف السلطان.
طالب: ...........
حتى السلطان الأعظم ما يصل إلى حد القتل إلا إذا كان ظالما فيكون مثل اللصوص؛ لأن التوجيه وجهه بأن اللصوص أو وُجه بأن اللصوص من شأنهم أن يقتلوا من يخالفهم غالبًا بخلاف السلطان تقتضي أن يكون أمر اللصوص أشد.
طالب: لعله يحمل على كلام إبراهيم النخعي السابق قال لأنه شيء افتدى به نفسه فروى ابن أبي شيبة وغيره عن إبراهيم النخعي أنه يقع وقال لأنه شيء افتدى به نفسه فكذلك هنا افتدى نفسه فيقع بناء على.
طيب السلطان.
لا يفتدي بنفسه لأنه لا يخاف القتل.
طالب: ...........
نقلا عن الشعبي؟
طالب: ...........
إن أكرهه السلطان.
طالب: ...........
لا، العكس.
طالب: نعم لكن عكس الحكم بس.
نعم عكس الحكم موافق للتوجيه المذكور.
طالب: هو موافق للتوجيه أحسن الله إليك.
نعم لأن الإكراه درجات، منهم من لا يرى الإكراه دون الإلجاء وهذا يذكرونه في كتب الأصول فيمن أكرهت على الزنا أو أكره عليه مع أن منهم من ينازع في كون الرجل يكره على الزنا، وعلى كل حال المتجه العكس.
طالب: ...........
والسلطان كذلك.
طالب: ...........
لا، هو يكرهه على أمر آخر ويحلفه بالطلاق كأخذ البيعة لولي العهد مثلاً، السلطان أحيانًا يكرهون على ذلك ويحلفون الطلاق، لكن مالك الإمام مالك-رحمه الله-لم يوقع الطلاق ممن أكره عليه.
طالب: ...........
المقصود أن الكلام عكس التوجيه هذا الذي عندنا.
وذهب الجمهور إلى عدم اعتبار ما يقع فيه واحتج عطاء بآية النحل {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [سورة النحل 16/106] قال عطاء الشرك أعظم من الطلاق أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح، وقرره الشافعي بأن الله لما وضع الكفر عمن تلفظ به حال الإكراه وأسقط عنه أحكام الكفر فكذلك يسقط عن المكره ما دون الكفر؛ لأن الأعظم إذا سقط سقط ما هو دونه بطريق الأولى، وإلى هذه النكتة أشار البخاري بعطف الشرك على الطلاق في الترجمة، وأما قوله والسكران فسيأتي ذكر حكمه في الكلام على أثر عثمان في هذا الباب، وقد يأتي السكران في كلامه وفعله بما لا يأتي به وهو صاح لقوله تعالى {حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [سورة النساء 4/43] فإن فيها دلالة على أن من علم ما يقول لا يكون سكرانًا، وأما المجنون فسيأتي في أثر علي مع عمر، وقولُه وأمرِهما فمعناه هل حكمهما واحد أو يختلف؟ وقوله والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره أي إذا وقع من المكلف ما يقتضي الشرك غلطًا أو نسيانًا هل يحكم عليه به؟ وإذا كان لا يحكم عليه به فليكن الطلاق كذلك وقوله.
يعني سبق اللسان مثل من قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك ما أوخذ على ذلك.
وقوله وغيره أي وغير الشرك مما هو دونه، وذكر شيخنا ابن الملقن أنه في بعض النسخ والشك بدل الشرك قال وهو الصواب وتبعه الزركشي لكن قال: وهو أليق، وكأن مناسبة لفظ الشرك خفيت عليهما ولم أره في شيء من النسخ التي وقفت عليها بلفظ الشك، فإن ثبتت فتكون معطوفة على النسيان لا على الطلاق، ثم رأيت سلف شيخنا وهو قول ابن بطال وقع في كثير من النسخ والنسيان في الطلاق والشرك وهو خطأ والصواب والشك مكان الشرك انتهى، ففهم شيخنا من قوله في كثير من النسخ أن في بعضها بلفظ الشك فجزم بذلك. واختلف السلف في طلاق الناسي فكان الحسن يراه كالعمد إلا إن اشترط فقال إلا أن أنسى أخرجه ابن أبي شيبة، وأخرج ابن أبي شيبة أيضًا عن عطاء أنه كان لا يراه شيئًا ويحتج بالحديث المرفوع الآتي كما سأقرره بعد وهو قول الجمهور، وكذلك اختُلف في طلاق المخطئ فذهب الجمهور إلى أنه لا يقع، وعن الحنفية ممن أراد أن يقول لامرأته شيئًا فسبقه لسانه فقال أنت طالق يلزمه الطلاق وأشار.
يعني أراد أن يقول أنت طاهر فقال أنت طالق وعن الحنفية ممن.
وعن الحنفية ممن أراد أن يقول لامرأته شيئًا فسبقه لسانه فقال أنت طالق يلزمه الطلاق، وأشار البخاري بقوله الغلط والنسيان إلى الحديث الوارد عن ابن عباس مرفوعًا «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» فإنه سوى بين الثلاثة في التجاوز فمن حمل التجاوز على رفع الإثم خاصة دون الوقوع في الإكراه لزم أن يقول مثل ذلك في النسيان، والحديث قد أخرجه ابن ماجة وصححه ابن حبان واختلف أيضًا في طلاق المشرك فجاء عن الحسن وقتادة وربيعة أنه لا يقع، ونسب إلى مالك وداود وذهب الجمهور إلى أنه يقع كما يصح نكاحه وعتقه وغير ذلك من أحكامه، قوله وتلا الشعبي {لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [سورة البقرة 2/286] رويناه موصولاً في فوائد هنّاد بن السري الصغير من رواية سليم مولى الشعبي عنه بمعناه، قوله: وما لا يجوز من إقرار الموسوس بمهملتين والواو الأُولى مفتوحة والثانية مكسورة، قوله: وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للذي أقر على نفسه «أبك جنون؟» هو طرف من حديث ذكره المصنف في هذا الباب بلفظ «هل بك جنون؟» وأورده في الحدود ويأتي شرحه هناك مستوفى- إن شاء الله تعالى- ووقع في بعض طرقه ذكر السكر، قوله وقال علي بقر حمزة خواصر شارفي..
وقع في بعض طرقها «أبك جنون؟» «هل بك جنون؟» وفي رواية «هل شربت خمر؟» وفي رواية «استنكهوه» يعني شموه.
قوله وقال علي بقر حمزة خواصر شارفي الحديث هو طرف من الحديث الطويل في قصة الشارفين وقد تقدم شرحه مستوفى في غزوة بدر من كتاب المغازي وبقر بفتح الموحدة وتخفيف القاف أي شق.
ومنه سميت البقرة والبقر لأنها تبقر الأرض تشقها للحرث، ومنه سمي الباقر يقولون لأنه بقر العلم.
والخواصر بمعجمة ثم مهملة جمع خاصرة، وقوله في آخره أنه ثمل بفتح المثلثة وكسر الميم بعدها لام أي سكران وهو من أقوى أدلة من لم يؤاخذ السكران بما يقع منه في حال سكره من طلاق وغيره، واعتَرض المهلب بأن الخمر حينئذٍ كانت مباحة قال فبذلك سقط عنه حكم ما نطق به في تلك الحال، قال وبسبب هذه القصة كان تحريم الخمر انتهى وفيما قاله نظر، أما أولاً: فإن الاحتجاج من هذه القصة إنما هو بعدم مؤاخذة السكران بما يصدر منه ولا يفترق الحال بين أن يكون الشرب مباحًا أو لا، وأما ثانيًا: فدعواه أن تحريم الخمر كان بسبب قصة الشارفين ليس بصحيح فإن قصة الشارفين كانت قبل أحد اتفاقًا؛ لأن حمزة استشهد بأحد وكان ذلك بين بدر وأحد عند تزويج علي بفاطمة، وقد ثبت في الصحيح أن جماعة اصطبحوا الخمر يوم أحد واستشهدوا ذلك اليوم فكان تحريم الخمر بعد أحد لهذا الحديث الصحيح، قوله: وقال عثمان ليس لمجنون ولا لسكران طلاق وصله ابن أبي شيبة عن شبابة ورويناه في الجزء الرابع من تاريخ أبي زرعة الدمشقي عن آدم بن أبي إياس كلاهما عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال قال رجل لعمر بن عبد العزيز طلقت امرأتي وأنا سكران فكان رأي عمر بن عبد العزيز مع رأينا أن يجلده ويفرق بينه وبين امرأته حتى حدثه أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه أنه قال ليس على المجنون ولا على السكران طلاق، فقال عمر تأمرونني وهذا يحدثني عن عثمان فجلده ورد إليه امرأته، وذكر البخاري أثر عثمان ثم ابن عباس استظهارًا لما دل عليه حديث علي في قصة حمزة، وذهب إلى عدم وقوع طلاق السكران أيضًا أبو الشعثاء وعطاء وطاوس وعكرمة والقاسم وعمر بن عبد العزيز ذكره ابن أبي شيبة عنهم بأسانيد صحيحة، وبه قال ربيعة والليث وإسحاق والمزني واختاره الطحاوي واحتج بأنهم اجمعوا على أن طلاق المعتوه لا يقع، قال: والسكران معتوه بسكره وقال بوقوعه.
لكن المجنون بغير اختياره والمعتوه والسكران باختياره وهو المتسبب هذا الفرق.
وقال بوقوعه طائفة من التابعين كسعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم والزهري والشعبي، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة، وعن الشافعي قولان المصحح منهما وقوعه والخلاف عند الحنابلة.
يعني يكون وقوعه قول الأكثر.
والخلاف عند الحنابلة لكن الترجيح بالعكس، وقال ابن المرابط إذا تيقنا ذهاب عقل السكران لم يلزمه طلاق وإلا لزمه وقد جعل الله حد السكر الذي تبطل به الصلاة ألاَّ يعلم ما يقول، وهذا التفصيل لا يأباه من يقول بعدم طلاقه.
نعم هذا التفصيل لا يأباه من يقول بعدم طلاقه إذا كان يعقل ولو كان سكران ولو شرب الخمر فإنه يلزمه.
وإنما استدل من قال بوقوعه مطلقا بأنه عاص بفعله لم يزل عنه الخطاب بذلك ولا الإثم لأنه يؤمر بقضاء الصلوات وغيرها مما وجب عليه قبل وقوعه في السكر أو فيه، وأجاب الطحاوي بأنه لا تختلف أحكام فاقد العقل بين أن يكون ذهاب عقله بسبب من جهته أو من جهة غيره إذ لا فرق بين من عجز عن القيام في الصلاة بسبب من قبل الله أو من قبل نفسه كمن كسر رجل نفسه فإنه يسقط عنه فرض القيام، وتُعُقب بان القيام انتقل إلى بدل وهو القعود فافترقا، وأجاب ابن المنذر عن الاحتجاج بقضاء الصلوات بأن النائم يجب عليه.
نعم لكن إذا كسر رجله من أجل أن يجلس في الصلاة هم افترضوا هذه المسألة، الحمق أحيانا يصل إلى هذا الحد- نسأل الله العافية- هو لا شك أنه آثم لكن ما يكلفه أحد بالقيام وهو لا يستطيع.
يؤذن أبو عبد الله يا شيخ؟
نعم.
المؤذن يؤذن.
وأجاب ابن المنذر عن الاحتجاج بقضاء الصلوات بأن النائم يجب عليه قضاء الصلاة ولا يقع طلاقه، فافترقا وقال ابن بطال: الأصل في السكران العقل والسكر شيء طرأ على عقله فمهما وقع منه من كلام مفهوم فهو محمول على الأصل حتى يثبت ذهاب عقله، قوله وقال ابن عباس.
قد يكون في سياق كلامه وهو سكران ما يدل على أنه يعقل، يعني إذا كان كلامه منتظما ومقرونا بأمور وقعت بينهما دقيقة هذا يدل على أنه يعقل فيؤاخذ به، وإذا لم يدل دليل على ذلك وجاء بكلام هذيان لا يعرف أوله من آخره حينئذ يلحق بالمجنون.
قوله: وقال ابن عباس طلاق السكران والمستكره ليس بجائز وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور جميعا عن هشيم عن عبد الله بن طلحة الخزاعي عن أبي يزيد المزني عن عكرمة عن ابن عباس قال ليس لسكران ولا لمضطهد طلاق، المضطهد بضاد معجمة ساكنة ثم طاء مهملة مفتوحة ثم هاء ثم مهملة هو المغلوب المقهور، وقوله: ليس بجائز أي بواقع إذ لا عقل للسكران المغلوب على عقله ولا اختيار للمستكره، قوله: وقال عقبة بن عامر لا يجوز طلاق الموسوس أي لا يقع لأن الوسوسة حديث النفس ولا مؤاخذة بما يقع في النفس كما سيأتي.
لكن بعض الموسوسين يخرج هذا من كونه حديث نفس إلى كونه واقعا يتكلم به، يقول جلس على سريره لما استيقظ في الصباح ويقول أنا ما أدري والله أنا ذكرت الله أولا قلت للزوجة جهزي الفطور وتأخرت علي وما أدري أنا طلقت أو ما طلقت هذا كثير في تصرفاتهم.
قوله: وقال عطاء إذا بدأ بالطلاق فله شرطه تقدم مشروحًا في باب الشروط في الطلاق، وتقدم عن عطاء وسعيد بن المسيَّب والحسن وبينت من وصله عنهم ومن خالف في ذلك، قوله: وقال نافع طلق رجل امرأته البتة إن خرجت فقال ابن عمر أن خرجت فقد بُتَّت منه وإن لم تخرج فليس بشيء، أما قوله ألبتة فإنه بالنصب على المصدر، قال الكرماني: هنا قال النحاة قطع همزة ألبتة بمعزل عن القياس انتهى.
مع أن المرجح عند كثير منهم أن الهمزة همزة قطع.
وفي دعوى أنها تقال بالقطع نظر فإن ألف البتة ألف وصل قطعًا، والذي قاله أهل اللغة ألبتة القطع وهو تفسيرها بمرادفها لا أن المراد أنها تقال بالقطع، يعني النظر زاغ من المعنى إلى اللفظ.
وأما قوله بُتَّت فبضم الموحدة وتشديد المثناة المفتوحة على البناء للمجهول ومناسبة ذكر هذا هنا وإن كانت المسائل المتعلقة بالبتة تقدمت موافقة ابن عمر للجمهور في ألا فرق في الشرط بين أن يتقدم أو يتأخر وبهذا تظهر مناسبة أثر عطاء وكذا ما بعد هذا، وقد أخرج سعيد بن منصور من وجه صحيح عن ابن عمر أنه قال في الخلية والبتة ثلاث، قوله: وقال الزهري فيمن قال إن لم أفعل كذا وكذا فامرأتي طالق ثلاثًا يُسأل عما قال وعقد عليه قلبه حين حلف بتلك اليمين، فإن سمى أجلاً أراده وعقد عليه قلبه حين حلف جُعل ذلك في دينه وأمانته أي يدين فيما بينه وبين الله تعالى أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مختصرا، ولفظه في الرجلين يحلفان بالطلاق والعتاقة على أمر.
بعض المطلقين يخفي على من يفتيه ويبرز له السؤال ويسأله بطريقة تجعله لا يوقع الطلاق وهو في تصرفه هذا ما ضحك على المفتي هو ضحك على نفسه؛ لأن المسألة دين، إما أن يعاشر زوجته بحلال أو بحرام، المفتي ليس له إلا الظاهر، نعم ينبغي أن يحتاط المفتي أو يستفتي من المستفتي، وإذا صيغ له السؤال بصيغة لا يقع فيها الطلاق ليس له ذنب.
أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مختصرًا ولفظه في الرجلين يحلفان بالطلاق والعتاقة على أمر يختلفان فيه ولم يقم على واحد منهما بينة على قوله قال يدينان ويحملان من ذلك ما تحملا، وعن معمر عمن سمع الحسن مثله، قوله: وقال إبراهيم إن قال لا حاجة لي فيك نيته أي إن قصد طلاقًا طلقت وإلا فلا.
لا بد من القصد في هذا لأنه ليس بصريح.
قال ابن أبي شيبة حدثنا حفص هو ابن غياث عن إسماعيل عن إبراهيم في رجل قال لامرأته لا حاجة لي فيك قال نيته، وعن وكيع عن شعبة سألت الحكم وحمادًا قالا إن نوى طلاقًا فواحدة وهو أحق بها، قوله: وطلاق كل قوم بلسانهم وصله ابن أبي شيبة قال حدثنا إدريس قال حدثنا ابن أبي إدريس وجرير فالأول عن مطرف والثاني عن المغيرة كلاهما عن إبراهيم، قال طلاق العجمي بلسانه جائز، ومن طريق سعيد بن جبير قال إذا طلق الرجل بالفارسية يلزمه، قوله: وقال قتادة إذا قال إذا حملت فأنت طالق ثلاثًا.
طالب: ...........
وهو قاصد له يقع.
طالب: ...........
الذي يسأل عنه كثيرًا إرسال الطلاق بالجوال هذا مثل الكتابة والكتابة لها حكم النطق.
طالب: ..........
على مثل ماذا؟
طالب: .........
أو العكس هي تقول هو سكران وهو يقول لا، من يقبل قوله المثبت أو النافي؟ أو نرجع إلى الأصل عدم السكر الأصل أنه يعقل.
قوله: وقال قتادة إذا قال إذا حملت فأنت طالق ثلاثًا يغشاها عند كل طهر مرة فإن استبان حملها فقد بانت منه وصله ابن أبي شيبة.
لأنه قال إذا حملتِ.
طالب: .........
لا، لا يحق له إلا واحدة فإذا أرادوا أن يمتنعوا عن الحمل لئلا يقع الطلاق لهم ذلك؛ لأن الطلاق علق بالحمل، وإن استعملوا موانع محققة الأثر لهم ذلك؛ لأن الطلاق معلق بالحمل.
طالب: .........
أين؟
طالب: .........
المقصود أن الحمل يصير واقعا بالفعل.
طالب: .........
ينتظر.
طالب: .........
على كل حال إذا خرج التحليل يمتنع منها لأنه أحيانًا قد يحصل أشياء لاسيما في السابق في بطن المرأة يغلب على ظنها أنه حمل وهو في الحقيقة ليس حملا.
قوله: وقال قتادة إذا قال إذا حملت فأنت طالق ثلاثًا يغشاها عند كل طهر مرة فإن استبان حملها فقد بانت منه وصله ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروة عن قتادة مثله، لكن قال عند كل طهر مرة ثم يمسك حتى تطهر وذكر بقيته نحوه، ومن طريق أشعث عن الحسن يغشاها إذا طهرت من الحيض ثم يمسك عنها إلى مثل ذلك، وقال ابن سيرين يغشاها حتى تحمل وبهذا قال الجمهور واختلفت الرواية عن مالك.
وإن كانت قد حملت من الوطء الأول فوطؤه الثاني في غير محله فالكلام الأول هو المتجه.
واختلفت الرواية عن مالك ففي رواية ابن القاسم إن وطئها مرة بعد التعليق طلقت سواء استبان بها حملها أم لا.
طالب: ..........
تعد رجعة لكن المسألة.
طالب: ..........
ألبتة؟ لا، ما له شيء، إن كان ألبتة لا.
واختلفت الرواية عن مالك ففي رواية ابن القاسم إن وطئها مرة بعد التعليق طلقت سواء استبان بها حملها أم لا، وإن وطئها في الطهر الذي قال لها ذلك بعد الوطء طلقت مكانها، وتعقبه الطحاوي بالاتفاق على أن مثل ذلك إذا وقع في تعليق العتق لا يقع إلا إذا وجد الشرط قال فكذلك الطلاق فليكن.
القول المنسوب لمالك رحمه الله غريب، والطلاق مُعلق بالحمل فلا يقع إلا إذا وقع ما علق عليه.
قوله: وقال الحسن إذا قال الحقي بأهلك نيته، وصله عبد الرزاق بلفظ هو ما نوى، وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن الحسن في رجل قال لامرأته اخرجي استبرئي اذهبي لا حاجة لي فيك هي تطليقة إن نوى الطلاق، قوله وقال ابن عباس الطلاق عن وطر والعتاق ما أريد به وجه الله أي أنه لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته إلا عند الحاجة كالنشوز بخلاف العتق فإنه مطلوب دائمًا والوطر بفتحتين الحاجة قال أهل اللغة.
والبابان متضادان هذا مكروه عن الشارع وهذ محبوب ومرغب فيه ويتشوف الشرع إليه.
والوطر بفتحتين الحاجة، قال أهل اللغة: ولا يبنى منها فعل قوله، وقال الزهري: إن قال ما أنتِ بامرأتي نية وإن نوى طلاقًا فهو ما نوى، وصله ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري في رجل قال لامرأته لست لي بامرأة قال هو ما نوى، ومن طريق قتادة إذا واجهها به وأراد الطلاق فهي واحدة، وعن إبراهيم إن كرر ذلك مرارًا ما أراه أراد إلا الطلاق، وعن قتادة إن أراد طلاقًا طلقت وتوقف سعيد بن المسيب.
لأنه ليس بصريح.
وقال الليث هي كِذبة، وقال أبو يوسف ومحمد لا يقع بذلك طلاق.
لأنه ليس بلفظه يعني ولا وجدت نيته عندهم.
نقف على هذا وننظر في كلام المصنف.
نجعل فيه موقف يا شيخ؟
نعم إن احتجناه.
يقول المصنف- رحمه الله تعالى- "وإذا عقل الصبي الطلاق فطلق لزمه" الصبي إذا عقل يعني ميَّز إذا عرف الجواب وفهم الخطاب وعرف الآثار المترتبة على الطلاق فإنه يقع طلاقه، وهذا الذي رجحه المؤلف، ومن أهل العلم من يقول إن الصبي كما رفع عنه القلم في العبادات رفع عنه القلم في هذا الباب؛ ولذلك الاستدلال على عدم طلاق المجنون بحديث رفع القلم عن النائم فالصبي مثله، والذي يطلق عنه وليه كما أن الذي يقبل عنه النكاح وليه فلا يقع طلاقه، العلماء يقبلون رواية الصبي المميز وقد يحتاجون إلى شهادته في بعض الظروف والأحوال وقبلت شهادته في بعض الأمور.
طالب: ..........
فيما بينهم، نعم بين الصبيان.
طالب: ..........
نقول قبلوا شهادته في بعض الأحوال، وقبلوا روايته في قول عامة أهل العلم إذا ميز وعرف الخطاب، وفهم الجواب رده فإنه حينئذ يكون مقبولا، ومنهم من يقيد ذلك بالعشر، فإذا بلغ العشر وقع طلاقه لأنه وصل إلى حد يضرب على العبادات كالصلاة فقريب من التكليف.
طالب: ..........
نعم لكن أنا لا أقول، أنا ما استدللت بهذا على كلام المؤلف لا، لا، على أنه لا يقع حتى يبلغ حتى يحتلم، هنا يقول إذا ميز وعقل وقع طلاقه "ومن أكره على الطلاق لم يلزمه".
طالب: أحسن الله إليك ألا يقال بأنه كعقود البيع والشراء.
لا، هو يجاز في الشيء اليسير في البيع والشراء ويصح إذنه في دخول البيت عند الشافعية والحنابلة، بعض التصرفات يرتبون عليها آثارها لكن الأصل أن القلم مرفوع حتى يبلغ يحتلم.
طالب: ..........
إمامته صحيحة لحديث عمرو بن سلمة في الصحيح.
طالب: ..........
رفع الإثم لكن الآثار المترتبة على مثل هذا العمل من هذا الصبي، صبي لا يقدر المصالح والمفاسد ففي حكم من لا يعقل- الصبي الصغير- ولا قبلنا قبوله للنكاح فكيف يقبل طلاقه؟ الذي يقبل عنه في النكاح وليه فالذي يطلق عنه وليه "ومن أُكره على الطلاق لم يلزمه" طلاق المكره كما تقدم في كلام البخاري وفي الشرح لكن ما حد الإكراه الذي لا يلزم الطلاق معه؟ هل هو الإلجاء كما قالوا في الإكراه على الزنا في كتب الأصول بحيث لا يكون له أدنى تصرف مع هذا الإكراه؟ أو أنه بمجرد أن يضرب ضربًا خفيفًا أو يهدد ويتوعد أو يهدد بأخذ شيء من ماله أو يهدد بضرب ولده؟ قال "ومن أكره على الطلاق لم يلزمه ولا يكون مكرها حتى ينال بشيء من العذاب" شيء من العذاب الذي يطيقه أو الذي لا يطيقه؟ الذي يسهل عليه أو الذي يشق عليه جدًّا؟ هذه أمور متفاوتة يترك في تقديرها للقاضي والمفتي كما هو شأن الغضب، الغضب يقدره المفتي في درجته التي يقع معها الطلاق أو الدرجة التي لا يقع معها الطلاق "حتى ينال بشيء من العذاب مثل الضرب" الضرب يتفاوت يعني أي شخص يضرب بكف يقال له طلق زوجتك ويطلقها ونقول ما وقع؟ إلاَّ بضرب مبرح يعني لا يحتمله "مثل الضرب أو الخنق" الخنق الأخذ بالرقبة حتى يكاد ينقطع النفس أو الغم بخرقة ونحوها، وإن وضع في هذه الخرقة شيء يؤذيه فالأمر أشد كما فعل أتباع تيمور في دمشق، جاءوا بالخرق ووضعوا فيها الغبار ووضعوها على الفم والأنف للناس كلهم- نسأل الله العافية- حتى إذا أشرف على الموت رفعها هل يحتاج إلى أن يصل الأمر إلى هذا؟! أو يُغطس في الماء حتى ينقطع نفسه، ويقال له طلق؟! لا يلزم أن يكون إلى هذا الحد "أو الخنق أو عصر الساق" أحيانًا عصر اليد، بعض الناس عنده قوة ونشاط بحيث إذا عصر اليد غاب العقل أو عصر أشياء أشد، هناك في البدن أمور أشد "وما أشبهه ولا يكون التواعد كرهًا" أو إكراهًا كرهًا والتوعُّد هو أن يتهدده إن لم يطلق فعل به كذا من الأذى ويشدِّد عليه في الكلام، قد يتوعده ويهدده بالقتل إن لم يفعل فإن كان ممن له سلطة وله سوابق في مثل هذا وأنه ينفذ ما هدد به فهذا لا شك أنه إلجاء، وإن كان بعض الناس يهدد أو ما يهدد كله واحد لا يلتفت إليه لأنه ما عرف بشدة بطش أو بأس أو شيء من هذا، مثل هذا لا يكفي مجرد التهديد.
طالب: ..........
نعم لا بد.
طالب: لكن إذا عرف الشخص أنه إذا توعد.
إذا قال فعل.
طالب: نعم أنفذ وعيده.
هذا يكفي وعيده.
طالب: ..........
وهو لا يريد زوجته إنما ينقل كلام غيره ما قصد زوجته.
طالب: ..........
نعم الحاكي ليس مثل...
طالب: ..........
مثل ما يصح نكاحه يصح طلاقه.
طالب: فيما بينهم.
نعم.
طالب: ..........
إن زنا مثل ما جاء في حديث ماعز لكن فتح الباب هذا وإشهاره بين الناس فيه إشكال كبير من مثل ماعز حتى يقال؟!.
"