شرح مختصر الخرقي - كتاب قطاع الطريق (03)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تذاكرنا مع الإخوان أن هذا الأسبوع هو آخر أسبوع في الدراسة، وأن الذي يليه هو أسبوع الاختبارات، وفيه اختبارات في هذا الأسبوع، لكن هي غير الاعتيادية، إنما هي اختبار تعارض أو اختبار.. المقصود أننا من أول ما بدأنا التدريس ما درسنا في الأسبوع الأخير، الشيخ إبراهيم- جزاه الله خيرًا- من حرصه قال: دعنا نذكر للإخوان ونستفتي على الأسبوع الأخير، وهو العادة ما جرت بأن فيه دروسًا؛ لأنه قد يقول بعضهم: تصير ظروفه مناسبة، ولا يتضرر بالحضور، لكن البقية لهم حق ممن له ارتباط مباشر بالاختبارات، وأنا أعرف أن هذا ليس خاصًّا بالطلاب، يوم كنا ندرس بالجامعة أنا أعرف أن الأسابيع الأخيرة هي أشق أيام الدراسة عبء وشغل. وعلى كل حال الحضور طيب، لكن النفس عزفت عن التدريس تبعًا للعادة، وإذا كان الحضور طيِّبًا اليوم فقد لا يكون طيبًا بكرة وما بعده، فجريًا على العادة أن الاختبارات وأنتم جئتم بناءً على أن فيه درسًا، واستفتينا على هذا، والله المستعان، لكن نرى مسألة المحاربة عند شيخ الإسلام، وجدتها أم لا؟
طالب: ............
اللجنة؟
طالب: ............
اقرأ.
طالب: الأسبوع القادم ما فيه شيء يا شيخ؟
الأسبوع القادم هذا الأسبوع ما فيه شيء، بكرة ما فيه شيء، اليوم ما فيه شيء، لكن من أجل الحضور يعني..
طالب: كلهم شياب ...
نعم الذين تخلفوا، الذين ما جاؤوا هم الشباب.. نحن ما عندنا إلا اثنان شياب.. ما فيه إلا أنت وإياه.. لا والله، والشيخ أكبر منكم.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ولمجلس هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- قرار في هذا الشأن جاء فيه:
إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادًا، المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحاري والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء -رحمهم الله تعالى-.
والذي مشى عليه المؤلف الخرقي أنه خاص بالصحاري والقفار، ولا يدخل في ذلك ما يحصل في المدن والقرى؛ لأن فيها من يغيث إذا استصرخ المعتدى عليه يجد من يغيثه، ويجد المكان الذي يأوي إليه، ويغلق على نفسه، وهذا قول معروف عند أهل العلم، لكن القول الثاني أيضًا معتبر أنه ليس في كل وقت يجد من يغيثه، إذا كان في شارع ولا يوجد مكان صاد ما حوله أحد، هذا مثله مثل الصحراء.
ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحاري والقفار، كما هو الراجح من آراء العلماء -رحمهم الله تعالى- قال ابن العربي، يحكي عن وقت قضائه: رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة، فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها، ومن جملة المسلمين معه، فاحتملوها ثم جد فيهم الطلب، فأخذوا وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين، فقالوا: ليسوا محاربين؛ لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج فقلت لهم: إنا لله وإنا إليه راجعون، ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم...
إذا دخلت الحرابة في الأموال النصاب في السرقة ربع دينار، فهل يوجد عاقل يقول: إن اغتصاب المرأة أقل من ربع الدينار أو ثلاثة دراهم؟! ما يتصور هذا.
فقلت لهم: إنا لله وإنا إليه راجعون، ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة، ولو كان فوق ما قال الله ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج، انتهى والله أعلم.
كمِّل.
انتهى.. هذه الفتوى انتهت فتوى اللجنة.
لجنة أم هيئة؟
الهيئة أم اللجنة نسيت..
طالب: هيئة كبار العلماء.
الهيئة يصير قرارًا، ولا يصير..
طالب: قرار.
نعم لكن ما يصير بهذا الاختصار، لا بد من مقدمات وخاتمة هذا كلام ابن العربي هنا.. تحقيق المحاربة المسألة الرابعة.
المسألة الرابعة: في تحقيق المحاربة وهي إشهار السلاح قصد السلب مأخوذ من الحرب من الحرب وهو استلاب ما على المسلم بإظهار السلاح عليه والمسلمون أولياء الله بقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ} [سورة يونس:62-63] وقد شرح ذلك مالك شرحًا بالغًا فيما رواه ابن وهب عنه قال ابن وهب: قال مالك: المحارب الذي يقطع السبيل، وينفِّر بالناس في كل مكان، ويظهر الفساد في الأرض، وإن لم يقتل أحدًا إذا ظهر عليه يُقتل وإن لم يُقتل فللإمام أن يرى فيه رأيه، وإن لم يَقتل فللإمام أن يرى فيه رأيه بالقتل أو الصلب أو القطع أو النفي. قال مالك: والمستتر في ذلك والمعلن بحرابته سواء، وإن استخفى بذلك وظهر في الناس إذا أراد الأموال، وأخاف فقطع السبيل، أو قتل، فذلك إلى الإمام يجتهد أي هذه الخصال، أي هذه الخصال شاء، وفي رواية عن ابن وهب، أن ذلك إن كان قريبًا وأخذ بحدثانه فليأخذ الإمام فيه بأشد العقوبة، وفي ذلك أربعة أقوال:
الأول: ما تقدم ذكره لمالك، الثاني: أنها الزنا والسرقة والقتل قاله مجاهد، الثالث: أن المجاهر بقطع الطريق والمكابِر باللصوصية في المصر وغيره قاله الشافعية ومالك في رواية والأوزاعي، الرابع: أنه المجاهِر في الطريق لا في المصر قاله أبو حنيفة وعطاء.
المسألة الخامسة في التنقيح: أما قول مجاهد فساقط إلا أن يريد به أن يفعله مجاهرة مغالبة فإن ذلك أفحش في الحرابة، قال القاضي- رضي الله عنه-: ولقد كنت أيام تولية القضاء.
هذه المسألة.
وأما قول من قال إنه سواء في المصر والبيداء فإنه أخذ بمطلق القرآن، وأما من فرق فإنه رأى أن الحرابة في البيداء أفحش منها في المصر؛ لعدم الغوث في البيداء، لعدم الغوث في البيداء وإمكانها في المصر، والذي نختاره أن الحرابة عامة في المصر والقفر، وإن كان بعضها أفحش من بعض، ولكن اسم الحرابة يتناولها، ومعنى الحرابة موجود فيها ولو خرج بعضًا..
ولو خرج بعضًا كيف بعضًا؟!
ولو خرج بعضًا من في المصر لقتل بالسيف.
خرَّج.
ولو خرَّج بعضًا مَن في المِصر لقُتل بالسيف، ويؤخذ فيه بأشد ذلك..
يستقيم؟
لا، الكلام قلق، العبارة قلقة.. بعضًا كذا مضبوطة.
سيظهر..
طالب: ..........
لا، يقول خرج بعضًا.. اقرأ سيستقيم يجيء الفاعل..
ولو خرج بعضًا من في المصر لقُتل بالسيف ويؤخذ فيه بأشد ذلك لا بأيسره..
العبارة..
ما تجيء.
ما تجيء، العبارة قلقة.
فإنه سلب غيلة وفعل الغيلة أقبح من فعل الظاهرة.
طالب: ..........
نعم، خرَّجه خرَّجه.
ولو خرَّج بعضًا من في المصر لقُتل بالسيف ويؤخذ فيه بأشد ذلك لا بأيسره فإنه سُلِب غيلة أو سَلْب غيلة، وفعل الغيلة أقبح من فعل الظاهرة، ولذلك دخل العفو في قتل المجاهرة، فكان قصاصًا.
هذه مسألة الاستدراج يأتي إلى شخص يطمع فيه ويقول له: عندي كذا أبيعه عليك إما سيارة أو نتاج مزرعة أو شيء، ويروح به يحتال عليه فيقتله.
وفعل الغيلة أقبح من فعل الظاهرة، ولذلك دخل العفو في قتل المجاهرة فكان قصاصًا ولم يدخل في قتل الغيلة وكان حدًّا فتحرر أن قطع السبيل موجب للقتل في أصح أقوالنا خلافًا للشافعي وغيره.
انتهى يا شيخ.
طالب: ..........
أين؟
طالب: ..........
نعم.. خرَّج المحارب المحارب الذي فيه الكلام.
نقرأ كلام شيخ الإسلام؟
طويل؟
كل هذا يا شيخ؟
كم؟ بدايته معروفة؟
نعم، بدايته ثلاثمائة وتسعة.
الخلاصة في أوله؟....
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
فصل: ومن ذلك عقوبة المحاربين وقطاع الطريق الذين يعترضون الناس بالسلاح في الطرقات ونحوها يغصبوهم المال مجاهرة من الأعراب والتركمان والأكراد والفلاحين وفسقة الجند أو مردة الحاضرة أو غيرهم.
على وقته اشتهروا بذلك، أقول في وقت الشيخ اشتهروا بذلك.
أو مردة الحاضرة أو غيرهم قال الله تعالى فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ} [سورة المائدة:33].
قد حصل قبل استتباب الأمن في هذه البلاد من بعض البادية ممن فيه نوع دين مع جهل، يعرفون بأسمائهم يقول في النهار يسلب ويأخذ الأموال من المارَّة، ويقوم الليل، يقوم الليل، معروف بعينه، يعني ما هو افتراضي، ويرون أن الجهة منفكة، يعني هذا لله، وهذا رزقهم! نسأل الله العافية! الجهل الجهل.
طالب: يقولون من هذا الجنس إن امرأة خرج أولادها لقطع الطريق وما يسمونه بالحنشل، ثم جاؤوا بشيء معهم، وكانت صائمة فقالت: أعطوني أفطر على الكسب، تفطر على الكسب!
عندنا في شرقي الجهة هذي طلعوا ولد معه دراجة، جاء ولد الجيران وأخذه، جاء أبو الولد ذا وطرق على أبي الجيران وقال له: نريد دراجة الولد، قال: تشتريه، ما عندنا لك دراجة، المسألة خلاص دخل في ملكهم كسب يسمونه كسبًا، نسأل الله العافية، ولذلك إذا تأملنا في نعمة الأمن نجد أنه لا يعادلها شيء، يعني رأس مال الدين معروف هذا مفروغ منه، لكن لا يتيسر الدين إلا بأمن يعني تقوم بشعائر حتى الصلوات التي هي أخص العبادات لا تقوم إلا بأمن، حتى في الأندلس ما استطاعوا أن يصلوا ببيوتهم؛ لأن النصارى خلعوا الأبواب، ويدخلون عليهم في كل وقت، والله المستعان.
قال الله تعالى فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سورة المائدة:33] وقد روى الشافعي -رحمه الله- في مسنده عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قَتلوا ولم يأخذوا المال قُتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالاً نفوا من الأرض، وهذا قول كثير من أهل العلم كالشافعي وأحمد، وهو قريب من قول أبي حنيفة -رحمه الله-.
بناءً على أن أو للتنويع والتقسيم، وأنهم أنواع وأقسام، وكل نوع له حكمه، وليست للتخيير، أما رأي مالك الذي تقدم ذكره فهو على أن أو للتخيير.
ومنهم من قال: للإمام أن يجتهد فيهم فيقتل من رأى قتله مصلحة، وإن كان لم يقتل، مثل أن يكون رئيسًا مطاعًا فيهم، ويقطع من رأى قطعه مصلحة وإن كان لم يأخذ المال مثل أن يكون ذا جلد وقوة في أخذ المال، كما أن منهم من يرى أنهم إذا أخذوا المال قتلوا وقطعوا وصلبوا. والأول قول الأكثر، فمن كان من المحاربين قد قتل فإنه يقتله الإمام حدًّا، لا يجوز العفو عنه بحال بإجماع العلماء، ذكره ابن المنذر. ولا يكون أمره إلى ورثة المقتول بخلاف ما لو قتل رجل رجلاً؛ لعداوة بينهما أو خصومة أو نحو ذلك من الأسباب الخاصة، فإن هذا دمه لأولياء المقتول إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا عفوا، وإن أحبوا أخذوا الدية؛ لأنه قتله لغرض خاص، وأما المحاربين فإنما يقتلون..
وأما..
وأما المحاربون فإنما يقتلون لأخذ أموال الناس فضررهم عام بمنزلة السراق، فكان قتلهم حدًّا لله، وهذا متفق عليه بين الفقهاء، حتى لو كان المقتول غير مكافئ للقاتل، مثل أن يكون القاتل حرًّا، والمقتول عبدًا أو القاتل مسلمًا، والمقتول ذميًّا أو مستأمنًا، فقد اختلف الفقهاء هل يقتل في المحاربة، والأقوى أنه يقتل؛ لأنه قُتل للفساد العام حدًّا كما يقطع إذا أخذ أموالهم، وكما يحبس بحقوقهم، وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة.
طالب: ..........
لا، لكن القتل متحتم لا يرجع فيه إلى أولياء المقتول، ولا تشترط فيه المكاتبة؛ لأن المسألة مسألة إفساد في الأرض، ما هو لأنه قتل شخصًا، وكذلك لو قتل ولده فإنه ينفذ فيه القتل؛ لأنه مفسد لا لوصف القتل فقط.
طالب: ..........
لا، يقتلوا أو يصلبوا.
طالب: ..........
من أخاف الناس يدخل في الحرابة على التقسيم المذكور في الآية، من أخاف الناس، أخاف السبيل، يعني من أخاف الناس، ونشر الذعر بينهم هذا هو الضابط عند أهل العلم في الحرابة.
طالب: ..........
لا شك أن هذا عقوبته مغلظة، ويجب كفه، لكن هذا يحصل بالتدريج، يعني ما يأتي دفعة واحدة، ما هو مثل الحرابة قد تقع دفعة واحدة، لكن مثل هذا يأتي بالتدريج ويجب كفه من أول الأمر بعقوبة مناسبة، وإن لم يرتدع ورجع زيد عليه في العقوبة.
وإذا كان المحارِبون الحرامية جماعة فالواحد منهم باشر القتل بنفسه والباقون له أعوان وردء له فقد قيل: إنه يُقتَل المباشر فقط، والجمهور على أن الجميع يقتلون، ولو كانوا مائة، وأن الردء والمباشر سواء.
كما لو اشترك جماعة في قتل واحد يقتلون كلهم.
وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين، فإن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قتل ربيئة المحاربين، والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عالٍ ينظر منه، ينظر منه لهم من يجيء، ولأن المباشِر إنما تمكن من قتله بقوة الردء ومعونته، والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم»..
ماذا؟
ويرد متسريهم على قعدهم كذا يا شيخ؟ ويرد متسريهم على قعدهم.
نعم.
ويرد متسريهم على قعدهم يعني أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالاً فإن الجيش يشاركها فيما غنمت؛ لأنها بظهره وقوته تمكنت، لكن تنفل عنه نفلاً فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينفِّل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس، فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس، وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية؛ لأنها في مصلحة الجيش، كما قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- لطلحة والزبير يوم بدر؛ لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم، وهكذا المقتتلون على باطل لا تأويل فيه مثل المقتتلين على عصبية ودعوى جاهلية كقيس ويمن ونحوهما هما ظالمتان كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال: «إنه أراد قتل صاحبه»، أخرجاه في الصحيحين.
وتضمن كل طائفة ما أتلفته للأخرى من نفس ومال وإن لم يعرف عين القاتل؛ لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد وفي ذلك قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [سورة البقرة:178] وأما إذا أخذوا المال فقط ولم يقتلوا كما قد يفعله الأعراب كثيرًا، فإنه يقطع من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى عند أكثر العلماء كأبي حنيفة وأحمد وغيرهم، وهذا معنى قوله تعالى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ} [سورة المائدة:33] تقطع اليد التي يبطش بها والرجل التي يمشي عليها وتحسم يده ورجله بالزيت المغلي ونحوه؛ لينحسم الدم فلا يخرج فيفضي إلى تلفه، وكذلك تحسم يد السارق بالزيت، وهذا الفعل قد يكون أزجر من القتل\ن فإن الأعراب وفسقة الجند وغيرهم إذا رأوا دائمًا من هو بينهم مقطوع اليد والرجل ذكروا بذلك جرمه فارتدعوا، بخلاف القتل فإنه قد ينسى، وقد..
خصوصًا إذا قتل ودفن نسي، لكن إذا عاش بين الناس قد يعيش دهرًا طويلاً وهو مقطوع اليد لا شك أنه يتذكرونه ولا ينسون جنايته فيرتدعون، وكونهم يرتدعون برؤيته هذه الحكمة من التشريع، ولذلك ما جاء في الزاني أنه يقطع ذكره؛ لأنه ما فيه ارتداع مستور.
وقد يؤثِر بعض النفوس الأبية قتله على قطع يده ورجله من خلاف، فيكون هذا أشد تنكيلاً له ولأمثاله، وأما إذا شهروا السلاح ولم يقتلوا نفسًا ولم يأخذوا مالاً ثم أغمدوه أو هربوا وتركوا الحراب فإنهم ينفون، فقيل: نفيهم تشريدهم فلا يُترَكون يأوون في بلد، وقيل: هو حبسهم، وقيل: هو ما يراه الإمام أصلح من نفي أو حبس أو نحو ذلك.
والقتل المشروع هو ضرب الرقبة بالسيف ونحوه؛ لأن ذلك أروح أنواع القتل، وكذلك شرع الله قتل ما..
يعني فيه إراحة للمقتول، وفيه إحسان إليه، وقد أمرنا بأن نحسن القتلة، بخلاف الأنواع الثانية المستعملة في البلدان الأخرى من أنواع القتل التي منها الشنق.
وكذلك شرع الله قتل ما يباح قتله من الآدميين والبهائم إذا قُدر عليه على هذا الوجه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» رواه مسلم، وقال: «إن أعف الناس قتلة إن أعف الناس قتلة أهل الإيمان»، وأما الصلب المذكور فهو رفعهم على عال ليراهم الناس ويشتهر أمرهم، وهو بعد القتل عند جمهور العلماء ومنهم من قال: يصلبون ثم يقتلون وهم مصلوبون، وقد جوز بعض العلماء قتلهم بغير السيف حتى قال: يتركون على المكان العالي حتى يموتوا حتف أنوفهم بلا قتل.
فأما التمثيل في القتل فلا يجوز إلا على وجه القصاص، وقد قال عمران بن حصين -رضي الله عنهما-: ما خطبنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطبة إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة حتى الكفار إذا قتلناهم فإنا لا نمثِّل بهم بعد القتل، ولا نجدع آذانهم وأنوفهم، ولا نبقر بطونهم إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا فنفعل بهم مثلما فعلوا.
يعني كما فعل العرنيون في الرعاة فعل بهم كما فعلوا من باب المماثلة لا من باب المثلة.
فإنا لا نمثل بهم بعد القتل، ولا نجدع آذانهم وأنوفهم، ولا نبقر بطونهم إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا فنفعل بهم مثلما فعلوا، والترك أفضل، كما قال الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ} [سورة النحل:126-127] قيل: إنها نزلت لما مثل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد -رضي الله عنهم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بضعفي ما مثلوا بنا»، فأنزل الله هذه الآية، وإن كانت قد نزلت قبل ذلك بمكة مثل قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [سورة الإسراء:85]، وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [سورة هود:114]، وغير ذلك من الآيات التي نزلت بمكة ثم جرى بالمدينة سبب يقتضي الخطاب فأنزلت مرة ثانية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «بل نصبر»، وفي صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش أو في حاجة نفسه أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله تعالى وبمن معه وبمن معه من المسلمين خيرا ثم يقول: «اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله ولا تغلُّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا».
ولو شهروا السلاح في البنيان لا في الصحراء لأخذ المال فقد قيل: إنهم ليسوا محاربين بل هم بمنزلة المختلس والمنتهب؛ لأن المطلوب يدركه الغوث إذا استغاث بالناس، وقال أكثرهم: إن حكمهم في البنيان والصحراء واحد، وهذا قول مالك في المشهور عنه والشافعي وأكثر أصحاب أحمد وبعض أصحاب أبي حنيفة، بل هم في البنيان أحق بالعقوبة منهم في الصحراء؛ لأن البنيان محل الأمن والطمأنينة، ولأنه محل تناصر الناس وتعاونهم فإقدامهم عليه يقتضي شدة المحاربة والمغالبة، ولأنهم يسلبون الرجل في داره جميع ماله، والمسافر لا يكون معه غالبًا إلا بعض ماله، وهذا هو الصواب لاسيما هؤلاء المتحزبون الذين تسميهم العامة في الشام ومصر المِنسَر.
أو المَنسَر.
نعم، لفظ حقيقة عرفية سادت في وقت من الأوقات في وقت شيخ الإسلام، قد لا يسعفها اشتقاق لغوي، قد تندرس.
طالب: ............
ما معناها؟
طالب: ............
ما أدري والله.
وكانوا يسمَّون ببغداد العيارين، ولو حاربوا بالعصا والحجارة المقذوفة بالأيدي أو المقاليع ونحوها فهم محاربون أيضًا، وقد حكي عن بعض الفقهاء: لا محاربة إلا بالمحدد، وحكى بعضهم الإجماع على أن المحاربة تكون بالمحدَّد والمثقَّل وسواء كان فيه خلاف أو لم يكن، فالصواب الذي عليه جماهير المسلمين أن من قاتل على أخذ المال بأي نوع كان من أنواع القتال فهو محارِب قاطع، كما أن من قاتل المسلمين من الكفار بأي نوع كان من أنواع القتال فهو حربي، ومن قاتل الكفار من المسلمين بسيف أو رمح أو سهم أو حجارة أو عصا فهو مجاهد في سبيل الله.
وأما إذا كان يقتل النفوس سرًّا لأخذ المال مثل الذي يجلس في خان يكريه لأبناء السبيل، فإذا انفرد بقوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم، أو يدعو إلى منزله من يستأجره لخياطة أو طب أو نحو ذلك فيقتله ويأخذ ماله، وهذا يسمى القتل غيلة، ويسميهم بعض العامة المعرِّجين، فإذا كان لأخذ المال، فهل هم كالمحاربين، أو يجري عليهم حكم القَود؟ فيه قولان للفقهاء أحدهما أنهم كالمحاربين أنهم كالمحاربين؛ لأن القتل بالحيلة كالقتل مكابرة كلاهما لا يمكن الاحتراز منه، بل قد يكون ضرر هذا أشد؛ لأنه لا يدرى به، والثاني أن المحارب هو المجاهر بالقتال، وأن هذا المغتال يكون أمره إلى ولي الدم، والأول أشبه بأصول الشريعة، بل قد يكون ضرر هذا أشد؛ لأنه لا يدرى به، واختلف الفقهاء أيضًا فيمن يقتل السلطان كقتلة عثمان -رضي الله عنه- كقتلة عثمان وقاتل علي -رضي الله عنهما- هل هم كالمحاربين فيقتلون حدًّا أو يكون أمرهم إلى أولياء الدم على قولين في مذهب أحمد وغيره؛ لأن في قتله فسادًا عامًّا، والله أعلم. فصل..
خلاص قف عليه..
اللهم صل على محمد... اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...
طالب: ............
لا وصية لوارث، لا وصية لوارث إلا إذا رضي.. إذا رضوا الأمر لا يعدوهم، لكن لا وصية لوارث..
طالب: تنبه يا شيخ على أن اليوم آخر يوم..
نعم ما سمعت؟!
طالب: يسألون بعضهم يا شيخ.
ألم نتفق على أن اليوم آخر الدروس وغدا وما بعده ما فيه شيء؟! إلا في الأسبوع الثاني من الفصل الثاني، يعني تبدأ الدروس في الأسبوع الثاني من الفصل الثاني على العادة.
طالب: ............
عرضت باللجنة وأكثرهم يقولون: لا...