شرح أبواب الصلاة من سنن الترمذي (04)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه تعالى-:
باب: ما جاء في تعجيل العصر
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها".
وفي الباب عن أنس وأبي أروى وجابر ورافع بن خديج -رضي الله عنهم-، ويروى عن رافع أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تأخير العصر ولا يصح.
حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، منهم عمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
قال -رحمه الله-: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن: أنه دخل على أنس بن مالك -رضي الله عنه- في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد فقال: "قوموا فصلوا العصر" قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» هذا حديث حسن صحيح.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فيقول الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في تعجيل العصر" أي في تعجيل صلاة العصر بعد التحقق من دخول وقتها بمصير ظل الشيء مثله.
قال -رحمه الله-: "حدثنا قتيبة" وهو ابن سعيد "قال: حدثنا الليث" وهو ابن سعد "عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة" ابن شهاب محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة أم المؤمنين "أنها قالت: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها".
"والشمس في حجرتها" والشمس الواو هذه حالية، والشمس يعني نورها وضوؤها في حجرتها يعني في داخل حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها، وكانت حجرتها ضيقة، وجدارها أقل من مساحتها بشيء يسير، جدارها أقل من مساحتها، لأنه لو كان أكثر من مساحتها وقلنا: إن الوقت يدخل حين مصير ظل كل شيء مثله، قلنا: إنه غطى الشمس كاملة، لو قلنا: إن الجدار بمساحة الأرض لكنه أقل منها، فالمستفاد من هذا الحديث تعجيل صلاة العصر في أول وقتها.
"في حجرتها" المراد به في جدارها الشرقي، "لم يظهر" يعني لم يرتفع، لم يرتفع من الظهور وهو العلو، ومنه قوله -جل وعلا-: {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [(33) سورة الزخرف] يعني يرتفعون، فدل هذا على أن الشمس ما زالت في الحجرة، والحجرة صغيرة، ففيه دليل على أن الصلاة تعجل في أول وقتها، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما.
قال -رحمه الله-: "وفي الباب عن أنس" يعني في باب تعجيل صلاة العصر عن أنس، وهو في الصحيحين أيضاً "وأبي أروى" عند البزار "وجابر" بن عبد الله في الصحيحين "ورافع بن خديج" أيضاً عند البخاري ومسلم.
قال الترمذي: "ويروى عن رافع أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تأخير العصر ولا يصح".
"ويروى عن رافع" يعني ابن خديج "أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تأخير العصر ولا يصح" وهو مخرج عند البخاري في تاريخه الكبير والدارقطني والبيهقي في سننهما، وكلهم نصوا على ضعفه، البخاري والبيهقي والدارقطني، كلهم أخرجوه وضعّفوه.
"قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" وعرفنا أنه في الصحيحين وغيرهما "وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم عمر" يعني التنصيص على بعض الصحابة هل يعني أن من عداهم من الصحابة يرون عكس هذا القول ونقيض هذا القول؟ يعني حينما يُنص على عمر -رضي الله عنه- أنه يرى التعجيل فهل معنى هذا أن أبا بكر يرى التأخير؟ عثمان يرى التأخير؟ علي يرى التأخير؟ لا، إنما يذكر من تيسر له ذكره، يذكر من تيسر له ذكره، ولا يعني..، إلا إذا نص عليهم قال: وفلان وفلان وفلان يرون التأخير، إنما لا يقال من مفهومه كلامه: أن أبا بكر يرى التأخير، أن عثمان يرى التأخير، أن علياً يرى التأخير، هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنهم لم يلتزموا بالاستيعاب، لم يلتزموا باستيعاب الأقوال، بل يقتصر على البعض لا سيما من وجد منه نص قولي في المسألة، أو عرف عنه في مسألة اشتهرت أنه عجّل أو أخر.
"منهم عمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس، وغير واحد من التابعين تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" والليث والأوزاعي، وهو الحق الذي دلت عليه النصوص الصحيحة الصريحة من فعله -عليه الصلاة والسلام-.
الحنفية يرون تأخير العصر ويرون أن وقتها لا يبدأ إلا من مصير ظل الشيء مثليه، وسبق ذكر قولهم ودليلهم، وأنهم استدلوا بحديث القيراط «إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً نصف النهار بقيراط، ثم استأجر أجيراً إلى وقت العصر بقيراط، ثم استأجر أجيراً إلى غروب الشمس بقيراطين، فاحتج أهل الكتاب فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً» فسبق بيانه والاستدلال منه للحنفية، مع أنهم تركوا الأحاديث الصحيحة الصريحة التي دلالتها أصلية في هذا الباب سيقت لبيان المواقيت، وهذا ضرب مثل، ومعلوم أن الأمثال لا يلزم فيها المطابقة من كل وجه.
وأيضاً وقت الظهر أطول من وقت العصر في كل زمان ومكان حتى على القول بأنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله كما سبق تقريره، ذكرنا في درس مضى بالنسبة لوقتنا هذا مثلاً وفي بلدنا هذا، يؤذن للظهر في الثانية عشرة وعشر دقائق، ويؤذن للعصر في الرابعة إلا ثلث، الثالثة وأربعين دقيقة، وبينهما ثلاث ساعات ونصف بينما بين أذان العصر وأذان المغرب ثلاث ساعات فقط أو ثلاث وخمس، ثلاث وأربع دقائق اليوم، أو ثلاث، فالظهر أطول حتى على القول بأن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله.
محمد بن الحسن في موطَّئه ينتصر لإمامه أبي حنيفة، ويقول: العصر سُميت عصراً لأنها تعتصر ويضيَّق عليها، هل تعتصر بالكيفية؟ في الكيفية تعتصر؟ يعني بدلاً من أن تصلى الظهر بعشر دقائق تصلى بثلاث دقائق العصر تعتصر أو أربع دقائق؟ لا، ليس هذا المراد، في الكمية بدلاً من أن تصلى أربع تصلى ثلاث؟ لا، لم يبق إلا اعتصار وقتها، هذا كلام محمد بن الحسن في موطئه، ويرون أن وقتها من مصير ظل كل شيء مثليه إلى أن تصفّر الشمس فوقتها ضيق جداً.
صاحب الهداية من الحنفية وهو المرغيناني يعلل تفضيل التأخير بتكثير النوافل، لماذا؟ لأن النوافل تنقطع بصلاة العصر، فيقول: لماذا نقطع النوافل بصلاة العصر نؤخر صلاة العصر؟ ولا نزال نصلي نوافل ونكثر من النوافل وحينئذٍ يكون تأخير صلاة العصر أفضل، ومثل هذا الكلام تعارض به النصوص؟ الكلام لا شك أنه من حيث هو صحيح النوافل تنتهي بصلاة العصر، لا صلاة بعد العصر؛ لأن ما بعد أداء صلاة العصر وقت نهي، يقول: بدلاً من أن نصلي بعد مصير ظل كل شيء مثله مباشرة نصلي العصر نصلي بعد مصير ظل كل شيء مثليه، ونستغل هذه الساعة بنوافل، لكن هذا التعليل عليل بالنسبة لما يقابله ويعارضه من النصوص.
قال -رحمه الله-: "حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك" أنس بن مالك في آخر عمره ابتلي بأمراء يؤخرون الصلوات، فكان -رضي الله عنه- يصلي الصلاة في أول وقتها ثم يصلي معهم لعدم الشقاق والنزاع، يصلي الصلاة في أول وقتها ثم يصلي معهم.
"عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف" العلاء "من" صلاة "الظهر" يعني صلى الظهر مع هؤلاء الأمراء في آخر وقتها، انصرف من صلاة الظهر فدخل على أنس في بيته، ودار أنس بجنب المسجد بجوار المسجد، قال أنس: "قوموا فصلوا العصر" لماذا؟ لأنهم صلوا الظهر في آخر وقتها "قوموا فصلوا العصر" يعني في أول وقتها، قوموا فصلوا العصر "قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تلك صلاة المنافق»" أي العصر التي تؤخر حتى تصفر الشمس أو تكاد أن تغرب «تلك صلاة المنافق» التي أخرت إلى آخر وقتها، وفي هذا تصريح بذم تأخير صلاة العصر، تصريح بذم تأخير صلاة العصر؛ لأنه قال: "«صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس»" ينتظرها، وهذه جملة استئنافية فيها بيان للجملة السابقة "«يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان»" قربت من الغروب؛ لأن الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان، ولذا نهي عن الصلاة في هذين الوقتين، وكذلك إذا قام قائم الظهيرة.
«حين كانت بين قرني الشيطان» لأن الشيطان إذا قربت الشمس من الطلوع أو الغروب قارنها؛ لأن من الناس -من المشركين من الكفار- من يسجد للشمس، فإذا قارنها اكتفى بأن يرى هذا السجود وكأنه له، ولا شك أن سجودهم للشمس طاعة للشيطان، فسواءً سجدوا للشمس أو سجدوا له هي في النهاية طاعة له.
تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان، إذا كان الإنسان جالس ينتظر ارتفاع الشمس فمرت به آية سجدة، حال بزوغ الشمس الذي هو أشد وقت النهي، أو يقرأ القرآن وهو ينتظر المغرب فمرت به آية سجدة حال غروب الشمس وهي تغرب بين قرني شيطان فهل يسجد أو لا يسجد؟ تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان، والمشابهة مطابقة بين هذه السجدة المفردة التي هي في الأصل للتلاوة وبين سجود عبدت الشمس لها، فهل يسجد القارئ أو لا يسجد؟
عندنا أحاديث النهي: «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» "وثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب".
الكلام في ذوات الأسباب والتطوع المطلق هذا مضى الكلام فيه مراراً، والذي رجحناه فيما سبق أن الوقتين الموسعين لا مانع من فعل ذوات الأسباب فيها، لكن الأوقات الثلاثة المضيقة لا يفعل فيها شيء من التطوعات ولو كان ذا سبب.
نأتي إلى هذه السجدة المفردة التي توافق وتطابق سجود من يسجد للشمس حينما تطلع بين قرني شيطان، وقت طلوعها وغروبها، هل يسجد أو لا يسجد؟ المشابهة تامة، والنهي إنما هو عن الصلاة "ثلاث ساعات كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي، والسجدة المفردة عند كثير من أهل العلم ليست بصلاة، وابن عمر يسجدها على غير طهارة، فهل نقول: النهي عن الصلاة وهذه ليست بصلاة؟ أو نقول: إذا كان النهي عن الصلاة المشتملة على السجود لعدم المشابهة فالنهي عن السجدة المفردة التي تكون فيها المشابهة تامة من باب أولى؟ نعم؟
طالب:.......
يسجد وإلا ما يسجد؟ الخلاصة؟ هاه؟
طالب:.......
اعتبرنا أنه ما هو بصلاة، لكن النهي عن الصلاة لماذا؟ لئلا نشابه الكفار وهم يسجدون، يعني النهي عن عموم الصلاة لوجود السجود فيها، صلى لكن في الأوقات الثلاثة نعم باعتبارها صلاة، الكلام لأهل العلم "وأن نقبر فيهن موتانا" هل يشمل الصلاة أو خاص بالدفن؟ المعروف عند الجمهور أنه على الصلاة، لكن يبقى أن المطابقة إنما تتم بالسجود، والسبب سبب النهي إنما هو السجود، ودخول السبب في الحكم قطعي، دخول السبب في النص المشتمل على الحكم وهو المنع هنا قطعي عند أهل العلم، يعني إذا نهي عن الصلاة وأكثر أفعالها ما في مشابهة، قيام وركوع وجلوس ما في مشابهة، المشابهة في السجود، فهل ينهى عن السجود لتحقق المشابهة بالمطابقة أو نقول: في شرعنا السجدة ليست بصلاة وما دون الركعة لا يسمى صلاة والنهي إنما جاء عن الصلاة؟ ترى الملحظ دقيق في مثل هذه المسألة، يعني من باب التنظير: السعي بين العلمين، السعي الشديد بين العلمين في المسعى سببه امرأة، سعي امرأة، امرأة سعت سعياً شديداً في هذا المكان، والعلماء يقولون: إنه لا يشرع السعي للمرأة، فما دام السبب امرأة لماذا لا يشرع السعي للمرأة؟ في مشابهة بين المسألتين، لماذا لا يشرع للمرأة؟ لئلا تتكشف، والمحافظة على سترها أولى من المحافظة بالإتيان بمثل هذا السعي بين العلمين، وأيضاً السعي لهذه المرأة لم يكن على سبيل التعبد، وإنما هو رغبة أو رهبة، ولذا لو خافت امرأة على نفسها وجرت جرياً شديداً خافت من سبع، خافت من وحش من وحوش سواءً كان البهائم أو البشر فجرت سعت سعياً، تلام وإلا ما تلام؟ ما تلام، ولو ترتب على ذلك انكشاف شيء من بدنها، ما تلام، وهاجر حينما جرت وسعت في الوادي بين العلمين، وإن كان العلمين وضع للدلالة على هذا الوادي، ما سعت على سبيل التعبد، والمحافظة على الستر أولى من المحافظة على تطبيق هذه السنة، هذه مسألة، لكن مسألتنا نعود إليها، وهي هل يسجد الإنسان وقت الطلوع فيشبه أو يشابه الكفار في سجودهم للشمس ووقت الغروب فيشابههم؟ أو نقول: إنما نهينا عن الصلاة والسجود ليس بصلاة؟ من يعتبر السجود صلاة والمعروف عند الحنابلة أنه يشترط لها جميع ما يشترط للصلاة، وتفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم، هذا أمر واضح ومفروغ منه، لا يسجد، لكن الذي يقول: ليست بصلاة، ولا يمكن أن يطلق على أقل من ركعة صلاة، هذا لا يمتنع عنده أن يسجد.
وأصل السجود سجود التلاوة سنة عند جمهور أهل العلم، فلو اتقاه الإنسان في هذا الوقت لكان أحوط له، لو لم يسجد في هذا الوقت لا سيما وقت بزوغ الشمس أو وقت غروبها لكان أحوط له، والسجود ليس بواجب ولا يأثم بتركه، وإن كان واجباً عند الحنفية، ويرجحه شيخ الإسلام، لكن جماهير أهل العلم على أنه سنة.
«حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً» قام هذا الشخص الذي يرقب الشمس ويصلي صلاة المنافق يؤخرها إلى آخر وقتها، قام فنقر أربعاً، نقر أربعاً يعني كما ينقر الغراب والطائر الحب حينما يلتقطه من الأرض، إن نظرنا إلى الطائر وهو يلتقط الحب هل يتأخر في أخذ الحب من الأرض أم يأخذه بسرعة؟ بسرعة، «فنقر أربعاً» يعني ركعات «لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» ويراد بذلك التخفيف -تخفيف السجود- بحيث لا يمكث إلا بقدر وضع الغراب منقاره فيما يريد التقاطه.
الإنسان إذا تأخر على شيء فعله بسرعة، يعني لو أن الإنسان أجل الوتر إلى قبيل طلوع الفجر، تجده يصلي ركعة أو ثلاث بسرعة لا يذكر الله فيها إلا قليلاً، ولا يدعو ولا يخشع، لماذا؟ لأنه أخرها إلى هذا الوقت الضيق، وهنا أخر الوقت صلاة العصر إلى هذا الوقت فنقرها، وبعض النقارين يحتج بحديث معاذ حينما طول، حينما قرأ البقرة وقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أفتان يا معاذ؟ أيكم أم الناس فليخفف» يقول الشيخ سعد بن عتيق: وليس في هذا حجة للنقارين؛ لأن الذي قال: «فليخفف» أم الناس بالصافات، وقرأ في المغرب بالطور، وقرأ بقاف واقتربت، وقرأ بسور طوال وسور صغار، لكن مراعاة المأمومين وملاحظتهم أمر لا بد منه، فلا يطيل عليهم بما يشق عليهم.
«لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» هذه صفة المنافقين -نسأل الله العافية- {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [(142) سورة النساء] وبعض المسلمين لا يقوم إلى الصلاة إلا وهو كسلان، إذا أيقظ لصلاة الصبح تجده يتثاقل ويتلوم ويتبرم ولا يقوم إلا على حد الإقامة أو بعد الإقامة، لا يقوم إلا وهو كسلان، هل نقول: إنه بهذا الوصف صار منافقاً؟ هو أشبه المنافقين، لكن ليس بمنافق، والفرق بينه وبين المنافق أن المنافق لولا رؤية من يراه ما صلى أصلاً، إنما يصلي من أجل الناس، وهذا المسلم يصلي ولو لم يره أحد، لكنه أشبه المنافقين بالتثاقل عنها.
«فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» والحديث عند مسلم وأبي داود والنسائي "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في مسلم وغيره.
سم.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في تأخير صلاة العصر:
حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد تعجيلاً للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلاً للعصر منه".
وقد روي هذا الحديث عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه، ووجدت في كتابي أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في تأخير صلاة العصر" تأخير صلاة العصر لا يراد به التأخير الذي يراه الحنفية من اعتصار وقتها إلى آخره قبيل أن تصفرَّ الشمس، ليس هذا هو المراد، وإنما يراد به عدم العجلة والمبادرة في صلاة العصر بعد دخول وقتها مباشرة؛ لأنه في الحديث الأول قد يفهم منه أنه بمجرد مصير ظل كل شيء مثله تقام الصلاة، يؤذن لها ثم تقام، لا، تؤخر قليلاً، تأخيراً نسبياً، والتقديم والتأخير أمور نسبية، فالتعجيل بحيث لا يتمكن المصلي من الوضوء، وصلاة أربع ركعات التي جاء الحث عليها، خلاف هديه -عليه الصلاة والسلام-، هذا التعجيل خلاف هديه -عليه الصلاة والسلام-، لكن التأخير إلى ما يراه الحنفية وغيرهم أيضاً هو خلاف هديه -عليه الصلاة والسلام-، إنما تؤخر بعد دخول وقتها تأخيراً يمكن من الاستعداد لها، وصلاة أربع ركعات، وقراءة شيء يسير من القرآن لمن تعجل، بحيث يلحق من تأخر شيئاً يسيراً، ولا يعد هذا تأخير، وإنما هو تأخير نسبي، وليس التأخير الذي يحتج به الحنفية.
قال -رحمه الله-: "باب: ما جاء في تأخير صلاة العصر".
قال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد تعجيلاً للظهر منكم" يعني يبادر بصلاة الظهر وأنتم تؤخرونها، "وأنتم أشد تعجيلاً للعصر منه" والتعجيل والتأخير المذكوران في الحديث لا يعني أنه تعجيل لا يمكن من فعل ما كان يفعله -عليه الصلاة والسلام- ويحث عليه من فعل الرواتب، والتأخير لا يعني أكثر من ذلك، إنما هو تعجيل وتأخير نسبي، أحياناً تجد بعض الأئمة يعجل صلاة بالنسبة لسائر الناس، ويؤخر أخرى بالنسبة لهم.
دعونا من بعض الناس الذين يفعلون ذلك تبعاً لظروفهم وفراغهم وشغلهم؛ لأنه يوجد من الناس من يفعل هذا، إذا كان لديه ارتباط وإلا شيء عجل، وإن كان ارتباطه قبل الصلاة أخّر، هذا لا عبرة به، لكن بعض الناس يكون عنده ديدن يعجل الظهر مثلاً ويؤخر العصر، لملاحظة بعض الأمور الطارئة التي قد تكون بالنسبة لبعض المصلين معه؛ لأن هناك حدث أمور، ولها أثر، فعند الناس ما كان عندهم دوام يلتزمون به، الناس عندهم دوام الآن، فبعض المسئولين يقول: نؤخر صلاة الظهر إلى قُبيل نهاية وقت الدوام، لماذا؟ لأن إقامة الصلاة في أثناء الدوام تخل بالدوام، وما دمنا في الوقت ما المانع أن نؤخرها من أجل أن يجتمع الموظفون وكلهم يصلون ثم ينصرفون؟ وهذا يفعل في بعض المدارس، يؤخرون الصلاة إلى قرب نهاية الدراسة ثم بعد ذلك يصلون فينصرفون، وقد يُعجِّلون العصر مثلاً لا سيما إذا كان الدوام في رمضان لئلا يشق عليهم أن يؤخروا الصلاة بعد وقت الدوام بكثير يصلون ثم ينصرفون إلى بيوتهم ليرتاحوا بعد الدوام.
هناك أمور لا شك أنها أثَّرت على أداء الصلوات تقديماً وتأخيراً، يعني في إطار الوقت الشرعي، وقد يكون وجد عند هؤلاء ما يقتضي شيئاً من ذلك، فهم يؤخرون الظهر أكثر مما كان يؤخرها النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمور اقتضت ذلك، وإذا كانت هناك أعذار تبيح ترك الجماعة عند أهل العلم فلئن يباح تأخير الصلاة شيئاً يسيراً عن وقتها -تأخيراً نسبياً- يكون من باب أولى، نظراً للمصالح الراجحة، وأم سلمة تقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد تعجيلاً للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلاً للعصر منه" يعني أنهم يعجلون العصر، لا يؤخرونها، لكنهم يعجلونها أكثر من تعجيل النبي -عليه الصلاة والسلام- "وأنتم أشد تعجيلاً للعصر منه" بخلاف الظهر.
وقلنا: إن التعجيل والتقديم والتأخير أمور نسبية، ولا يراد بذلك التعجيل إما قبل وقتها أو في أول وقتها الذي لا يمكن معه المصلي من ما ندب إليه أو لا يتمكن من القيام بشروط الصلاة قبلها، هذا التعجيل ليس بمطلوب، وليس من هديه -عليه الصلاة والسلام- أنه يؤذن فيقيم، إلا ما كان في وقت الجمع بين الظهرين بعرفة، والعشاءين بمزدلفة.
"قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن عُلية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه" عن ابن جريج يعني بدل عن أيوب، عن ابن جريج يعني بدلاً من أيوب، وكلاهما عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة، فهذه متابعة لابن جريج أو من ابن جريج لأيوب السختياني، وكلاهما ثقة.
قال: "ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم -هو ابن علية- عن ابن جريج وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية" بشر بن معاذ متابع لعلي بن حجر "قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح".
قوله: "وجدت في كتابي"... إلى آخره، هذه زيادات من نسخة من النسخ يذكر فيها من تابع علي بن جعفر وبشر بن معاذ ومن تابع أيوب وابن جريج.
هذه لا توجد في أكثر النسخ، "وجدت في كتابي" هذا يسمى وجادة وإلا ما يسمى وجادة؟ وجدت في كتابي، الرواية بالوجادة من طرق التحمل المعروفة عند أهل العلم، وإن كان أكثرهم يحكم عليها بالانقطاع، ويقول: إن فيها شوب اتصال، وجدت في كتابي، هل بالضرورة أن يكون قد رواه مباشرة عن شيخه هذا؟ ومن القائل: وجدت في كتابي؟ هل هو الترمذي أو الراوي عنه؟ الذي يظهر أنه في كتاب الراوي عن الترمذي، وجدت في كتابي عن المؤلف -رحمه الله تعالى-، قال: أخبرنا علي بن حجر، فهذه وجادة، فهل رواها عن الترمذي بطريق الإخبار كما في سائر الكتاب أو وجدها وجادة في كتابه من غير رواية بالتحديث أو الإخبار؟ وكثيراً ما يقول عبد الله بن أحمد: وجدت بخط أبي، وهذا موجود في المسند كثير.
فالرواية بالوجادة معروفة عند أهل العلم لكنها المحكوم عليها عند أكثرهم بالانقطاع، قالوا: وفيها شوب اتصال، لكن لا بد أن يجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه؛ لأنه قد يجد كلام في كتابه أُدخل بغير خط الشيخ، وحينئذٍ لا يجوز له أن يرويه عنه، يعني التعاليق، التعليقات على الكتب من هذا النوع، تجد كتاب عليه تعليق، اشتريته مستعمل وجدت عليه تعليقات بخط شخص لا تشك في خطه تقول: وجدت بخط فلان، وإذا كنت لا تعرف الخط تقول: وجدت بخط أو وجدت على هامش كتاب كذا خط نسبة قول إلى قائل مثلاً، وجدت معلقاً عليه اختار شيخ الإسلام ابن تيمية كذا، هل تنسب هذا القول لشيخ الإسلام أو تذكر أنه وجادة؟ وجدته على حاشية كتاب الترمذي منسوب إلى شيخ الإسلام، فمثل هذا لا يجزم بنسبته حتى تجزم بخط الكاتب وأنه ثقة إذا نسب لا ينسب إلا عن تيقن، أما إذا شككت في الخط فلا تنسب.
وعلى كل حال التثبت في مثل هذا لا سيما فيما يشك فيه مطلوب، أما إذا كان معروف مشهور عن شيخ الإسلام أنه يقول مثل هذا الكلام هذا لا ما يحتاج تطلب له تأكد ولا سند، فما يوجد بحواشي الكتب هل تنسب إلى من نسبت إليه، مثلاً وجدت الترمذي قرئ على الشيخ فلان، وعليه تعليقات، هل تجزم أن هذه التعليقات من الشيخ فلان أو قد تكون اجتهادات من صاحب النسخة؟ منها ما هو اجتهاد؛ لأن بعض الطلاب يجتهد ويراجع الشروح وينقل من الشروح ويعلق، فلا تجزم بنسبة هذا الكلام إلى الشيخ وإن قلت: وجدت بحاشية كتاب الترمذي أو جامع الترمذي المقروء من قبل فلان ابن فلان على فلان، تبين الواقع كما هو؛ لأن من بركة العلم إضافة القول إلى قائله، لكن أسوأ من هذا بكثير أسوأ من ترك الإضافة أن يضاف القول خطأ إلى غير قائله.
"وجدت في كتابي قال: أخبرني علي بن حجر" يقول الشيخ أحمد شاكر: هذه الزيادات من أول قوله: "ووجدت في كتابي" من نسخة (ع) وهي زيادات جيدة زاد لنا بها إسنادان لهذا الحديث، زاد بها إسنادان لهذا الحديث، وأراد الترمذي -لأنه قال في الأخير: وهذا أصح- وأراد الترمذي بكل هذا أن إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية روي عنه هذا الحديث من طريقين، أحدهما: عن ابن جريج والآخر عن أيوب، ورجح الترمذي أن الأصح أن ابن علية رواه عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة.
أيوب ثقة حافظ لا مغمز فيه ولا مطعن، وابن جريج كذلك ثقة، لكن ما الذي جعل الترمذي يرجح رواية ابن جريج على رواية أيوب؟ وهل نحن بحاجة إلى هذا الترجيح أو لسنا بحاجة؟ لأنه ما في اختلاف ولا تعارض؟ نعم اختلاف في إسناد، لكن ما في تعارض في المتن، ألا يمكن أن يروى الحديث من طريقين من طريق أيوب عن ابن مليكة ومن طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة؟ هذا مثل ما ذكرنا مراراً أن هذه وظيفة المتأخر، ليس عنده أكثر من هذا، لكن الأئمة قد يحكمون على حديث يرويه أيوب بأنه خطأ، وما تجد فيه مخالفة ولا معارضة، يقول: أخطأ فيه أيوب، وهو ثقة حافظ ثبت، ما في أدنى إشكال، والسبب ما أشرنا إليه في درس الأمس؛ لأن عندهم من القرائن ما يستدلون به على خطأ بعض الرواة، وضبط بعضهم، وإن كان الجميع ثقات، وليس عندنا من القرائن ما نستدل به على مثل ما فعلوا.
يقول الشيخ أحمد شاكر: "وهي زيادات جيدة زاد لنا بها إسنادان لهذا الحديث، وأراد الترمذي بكل هذا أن إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية روي عنه هذا الحديث من طريقين: أحدهما عن ابن جريج والآخر عن أيوب، ورجح الترمذي أن الأصح أن ابن علية رواه عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة".
يقول: "وهذا الترجيح عندنا تحكّم لا دليل عليه" إن أراد بالدليل الذي نفاه دليل ظاهر يدركه كل أحد فهذا الكلام صحيح، وإن أراد أن الدليل من القرائن الخفية التي تخفى على المتأخر ويدركها المتقدم فكلامه ليس بصحيح، يقول: وهذا الترجيح عندنا تحكم لا دليل عليه؛ لأن علي بن حجر رواه عن ابن علية على الوجهين كما ترى، وعلي بن حجر ثقة حافظ متقن، فلا نرميه بالوهم في روايته عن ابن علية في أيوب إلا لدليل صحيح قوي، ولم يوجد.
مثل ما قلنا: إذا أراد بالدليل الظاهر الذي يدركه كل أحد من متقدم ومتأخر نقول: كلامك صحيح، ما فيه شيء، وإن أراد بالدليل الخفي من القرائن التي لا يدركها إلا من عاش في عصر الرواية، أو ساوى ووازى من عاش في عصر الرواية بكثرة المروي والمحفوظ فنقول: هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الإمام قد يقول هذا الكلام خطأ، طيب ليش خطأ؟ الله أعلم، ما يذكر لماذا صار خطأ، وهذا أكثر تعليل الأئمة الكبار بهذه الطريقة، ابن أبي حاتم يقول: سألت أبي وأبا زرعة عن كذا فقالا: خطأ، منكر، ويش الدليل؟ ما ذُكر، فمن تأخر عنهم قد لا يدرك بعض هذه الأمور.
قال: وأما رواية بشر بن معاذ وغيره للحديث عن ابن علية عن ابن جريج فإنما تكون تأييداً لرواية ابن حجر الثانية، وإثباتاً لأن ابن جريج حفظه عن ابن علية من الطريق الأخرى، يعني كونه جاء من طريقين، من طريق علي بن حجر وبشر بن معاذ كلاهما عن إسماعيل بن علية عن بن جريج لا يعني أن ما جاء عن علي بن حجر عن إسماعيل بن علية عن أيوب خطأ، هذا ما يريد أن يقرره الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-.
نعود إلى الخبر -خبر أم سلمة- هل خبر أم سلمة مرفوع أو موقوف؟ الخبر مرفوع وإلا موقوف؟ "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد تعجيلاً للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلاً للعصر منه" هي تضيف التعجيل والتأخير إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من فعله فهو مرفوع، تضيف التعجيل لصلاة الظهر والتأخير لصلاة العصر، وعرفنا المراد بالتعجيل والتأخير في مثل هذا تضيفه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرفوع، قد يكون هذا من اجتهادها، نعم قد تهم في مثل هذا قد يوجد الخطأ في مثل هذا لا سيما إذا طال الزمان، وأم سلمة تأخرت كثيراً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى عاصرت من يؤخر الصلاة شيئاً من التأخير، المقصود أن هذا حكمه الرفع؛ لأنها أضافته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو صحيح على كل حال.
سم.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في وقت المغرب:
حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب".
وفي الباب عن جابر وزيد بن خالد وأنس ورافع بن خديج وأبي أيوب وأم حبيبة وعباس بن عبد المطلب -رضي الله عنهم-، وحديث العباس قد روي موقوفاً عنه وهذا أصح، والصنابحي لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صاحب أبي بكر -رضي الله عنه-.
حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم من التابعين اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها، حتى قال بعض أهل العلم: ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد، وذهبوا إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث صلى به جبريل وهو قول ابن المبارك والشافعي.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في وقت المغرب" يعني وقت صلاة المغرب وتقدم في حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى المغرب في أول وقتها حين غابت الشمس، حين وجبت الشمس، تقدم هذا في أحاديث، ثم صلى به في اليوم الثاني في الوقت نفسه، وقلنا: إن في هذا دليلاً لمذهب الشافعي الذي يرى أنه لا وقت لصلاة المغرب أكثر من هذا، من أن يستعد لها بالوضوء، وصلاة ثلاث ركعات، وبعد ذلك يأثم الإنسان إذا أخرها؛ لأنه خرج وقتها؛ لأنه صلاها في اليومين في وقت واحد، مما يدل على أنه ليس لها إلا وقت واحد، والجمهور على أن لها وقتين: أول وآخر كغيرها من الصلوات، وجاء البيان في حديث عبد الله بن عمرو وغيره، ووقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق.
قال: "حدثنا قتيبة" هو ابن سعيد "قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل" المدني ثقة "عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع" تقدم لنا أن الترمذي ليس فيه ولا حديث ثلاثي، وهذا الحديث رباعي فيعد من عواليه، من العوالي، وابن ماجه فيه أحاديث ثلاثية، حديث الترمذي هنا رباعي، ابن ماجه فيه أحاديث ثلاثية يسيرة، وأظن الترمذي فيه حديث أو حديثين نسيت الآن، أبو داود ليس فيه حديث إلا ما ذكر من الاختلاف في حديث أبي برزة في الحوض هل هو ثلاث أو رباعي؟ والصحيح أنه رباعي، القصة ثلاثية والحديث رباعي، هذه الأحاديث العوالي الثلاثيات في البخاري منها: اثنان وعشرون حديثاً، منها حديث الباب، في البخاري ثلاثي؛ لأنه يرويه من طريق المكي ابن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، وأكثر الثلاثيات في صحيح البخاري بهذا الإسناد، المكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، وعدتها اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، في ابن ماجه أيضاً شيء يسير، والترمذي أظن فيه حديث أو حديثين نسيت، أبو داود ما فيه إلا حديث أبي برزة مختلف فيه، ومسلم ليس فيه ثلاثيات، عواليه رباعيات، وأما بالنسبة لمسند أحمد لتقدمه ففيه أكثر من ثلاثمائة حديث ثلاثي، المقصود أن الحديث الذي معنا من ثلاثيات البخاري، والمراد بها ما يكون إسناده بين المؤلف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في ثلاثة من الرواة فقط.
قال: "عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي المغرب إذا غربت الشمس" يعني مباشرة "وتوارت بالحجاب"، توارت يعني غابت، اختفت بالحجاب الذي يغطيها عن الناظرين، وتوارت بالحجاب هو تفسير للجملة الأولى "إذا غربت الشمس".
"قال أبو عيسى: وفي الباب عن جابر بن عبد الله" وهو عند أحمد في المسند "والصنابحي" وهو عند الطبراني "وزيد بن خالد" عند الطبراني أيضاً "وأنس" بن مالك "ورافع بن خديج" في المتفق عليه "وأبي أيوب" عند أحمد وأبي داود "وأم حبيبة" يقول الشارح: ينظر من أخرجه "وعباس بن عبد المطلب" عند ابن ماجه "وابن عباس" أول حديث في المواقيت، مر بنا، وأيضاً عن أبي هريرة وقد تقدم في الحديث الثالث من أحاديث المواقيت.
يقول: "وحديث العباس" يعني الذي أشار إليه، وهو موجود عند ابن ماجه "قد روي موقوفاً عنه وهو أصح" يعني رفعه مرجوح، الأصح في حديثه أنه موقوف عليه.
"والصُّنابحي لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو صاحب أبي بكر -رضي الله عنه-".
فيكون حديثه مرسلاً، حديث العباس موقوف، وحديث الصنابحي مرسل.
"قال أبو عيسى: حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح" وأخرجه الجماعة إلا النسائي.
قال الترمذي: "وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم من التابعين اختاروا تعجيل صلاة المغرب" لحديث الباب، ولحديث رافع بن خديج الذي أشار إليه في الصحيحين "كنا نصلي المغرب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فينصرف أحداً وإنه ليبصر مواقع نبله" متفق عليه.
إذا انصرفوا من الصلاة يبصرون مواقع النبل حينما ينتبلون بالسهام، فينظرون المكان الذي يقع فيه السهم، هذا دليل على تعجيل صلاة المغرب، ولحديث عقبة بن عامر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تزال أمتي بخير -أو على الفطرة- ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» رواه أحمد وأبو داود.
قال: "وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم من التابعين اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها" يعني وإن كان الوقت يمتد إلى مغيب الشفق، لكنه يكره تأخيرها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- واظب على تعجيلها، وإن أجاز تأخيرها إلى مغيب الشفق، وكرهوا تأخيرها، "حتى قال بعض أهل العلم" وهو قول الشافعي على ما تقدم: "ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد" وهو أول الوقت "وذهبوا إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث صلى به جبريل" يعني في أول الوقت على ما تقدم في اليومين، "وهو قول ابن المبارك والشافعي" وقال الأكثرون: لها وقتان: أول الوقت غروب الشمس وآخره ذهاب الشفق الأحمر..
"نقول: لو قيل هذا في وقت الزوال الأرض لم تخزن الحرارة كثيراً كان أقرب من أن تكون في أثناء وقت صلاة الظهر لم تخزن الأرض، الأرض خزنت، الأرض تشبعت بالحرارة حرارة الشمس.
لا شك أنه أفتى من أفتى بجواز وصحة السعي فيه، وفيهم من تبرأ الذمة بتقليده، فمن اعتمر وسعى في هذا المسعى مقلِداً لمن تبرأ الذمة بتقليده مثل الشيخ ابن جبرين، لا سيما إذا كان من عامة الناس الذي ليست لديه أهلية النظر فمثل هذا تصح عمرته؛ لأنه قلد من تبرأ الذمة بتقليده، ومن توقف لتوقف أكثر الكبار في هذا المسعى فلا شك أنه على الجادة، لكن يبقى أن من اعتمر من عامة الناس مقلداً للشيخ ابن جبرين ومن أفتى بالجواز، والشيخ تبرأ الذمة بتقليده، عمرته صحيحة، ولا يلزمه شيء، لا دم ولا غيره.
وأما بالنسبة لرأيي المطلوب في هذا السؤال وفي غيره من الأسئلة حقيقة السعي لا يصح إلا بين الصفا والمروة، والبينية لا بد من تحققها، ولا يعرف تحقق هذه البينية إلا من أدرك الجبلين قبل التصرف فيهما، أما من لم يدرك الجبلين قبل التصرف فيهما فهذا ليس له أن يتكلم في هذا الباب؛ لأن أقوال المؤرخين مختلفة ومضطربة، والبحوث التي قُدمت في هذا الباب أيضاً فيها اضطراب كبير، لا يتسنى معه القطع والجزم بأن هذا طول الصفا أو هذا طول المروة، فالذي أدرك والشيخ ابن جبرين -حفظه الله- يقول: أنا حججت سنة تسع وستين يعني قبل التصرف بسنين وكان المسعى أوسع من هذا، لكنه في الجملة كلام غير محدد، كونه مجرد أوسع، أوسع من أي جهة؟ أوسع من جهة المسجد أو من الجهة الأخرى؟ الله أعلم.
المقصود أن مثل هذا الذي لم يدرك الجبلين قبل التصرف فيهما لا يسعه في هذا الباب إلا السكوت حتى يجزم بذلك من أدرك، والمسألة يعني منتظرة من قبل الكبار، كبار العلم والسن أنهم يتفقون على شيء معين، ثم يفتى به، وأما بالنسبة لي الآن فأنا متوقف.
إذا لم يصلها في السفر يعني أدركته في السفر وأراد قضاءها في الحضر أو العكس فإنه يقضيها تامة، هذا قول جمهور أهل العلم.
أما كتاب التلخيص هذا لم أطلع عليه، وأما بالنسبة لفتح الباري فهو موجود ومعروف، وتحقيقه في الجملة من أفضل الموجود، لا يقال: إنه بلغ الغاية، لا، الكتاب ما زال بحاجة إلى مزيد من التحقيق، ما زال بحاجة إلى مزيد من التحقيق فهو صحح بعض الكلمات التي وجدت في الطبعات السابقة، لكنه لم يقف ولم يعتمد مخطوطات، ووقع في أشياء، لكن من ميزة هذه الطبعة أن فيه أكثر من مائة وخمسين مسألة عقدية دونت وعرضت على الشيخ عبد الرحمن البراك -حفظه الله- فعلق عليها، إضافة على تعليقات الشيخ ابن باز، ولا يقال: إن الشيخ عبد الرحمن البراك قرئ عليه الكتاب كاملاً وعلق عليه، هذا الكلام ليس بصحيح، لا، انتقي مسائل فقرئت عليه فعلق عليها، وتعليقاته نافعة.
صحيح.
واقتضى أن يكون مالك ابناً لبحينة وهذا غلط؛ لأنها أمه، هو إنما هو زوجها، نعم مالك هي أم عبد الله، وهي زوجة مالك، كما يقال: عبد الله بنُ أبي بنُ سلول مثله، لكن لو كان الثالث أباً للثاني لتعين الجر.
هل هذا سهو من النووي -رحمه الله-؟ وأن يقصد أنه لا يكون ابن وصفاً لمالك لأنه لا يمكن أن يضاف الاسم إلى ابن؟
يقول: ولو قرئ بإضافة مالك إلى ابن.
لا، الأصل أن ابن إذا وقعت بين علمين فيصح أن تعرب وصف، نعت، ويصح أن تعرب بدل، ويصح أن تعرب عطف بيان، وهي حينئذٍ تكون تابعة لما قبلها.
هذا فيه غرر وجهالة، فمن الناس من يأكل بعشرة، ومن الناس من يأكل بثلاثمائة.
معلوم أن الثوري متقدم على ابن عيينة، وقد اشتركا في بعض الشيوخ وبعض التلاميذ، اشتركا لكن إذا كان بين سفيان وأصحاب الكتب الستة واحد فقط فالذي يغلب على الظن أنه ابن عيينة، وإذا كان بينهما اثنين فالذي يغلب على الظن أنه الثوري، وهي قاعدة ذكرها الذهبي -رحمه الله تعالى-، في آخر الجزء السابع من سير أعلام النبلاء يمكن التمييز بين السفيانين في الأسانيد كما أنه يمكن التمييز أيضاً بين الحمّادين بواسطة هذه القاعدة.
فالنهي عن الصلاة قبل الزوال من أجل أن جهنم تسجر في هذا الوقت فيكون الإبراد ليس للمشقة وإنما من أجل أثر هذا الحر الذي هو من فيح جهنم؟
على كل حال العلة معقولة وهي شدة الحر: «إذا اشتد الحر فأبردوا» فالمرأة وهي بيتها لا يضيرها، لا حر عليها، سواءً كان في أول الوقت أو آخره، والإبراد المراد به أن يكون للجدران ظل يستظل به الخارج إلى الصلاة، والمرأة في بيتها في كن وظل.
إذا قلنا: إنها أداء قلنا: إنه صلى الصلاة في وقتها، وإذا قلنا: صلاها قضاء، قلنا: إنه صلاها بعد خروج وقتها، ومعروف أنه إذا صلاها في وقتها لم يأثم، إذا كانت صلاته أداء في الوقت فإنه لا يأثم بذلك، وإذا صلاها بعد أن خرج وقتها فإثمه عظيم، لا سيما إذا كان متعمداً لذلك، وإذا أدرك ركعة من الوقت قبل خروجه فقد أدرك الوقت، كما جاء في: «من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» نعم أدركها على خلاف بين أهل العلم في الإدراك هل تكون كلها أداء أو يكون ما أدركه في الوقت أداء وما أدركه بعد الوقت قضاء؟ لكن قوله: «فقد أدرك الصبح» يدل على أنها كلها أداء، وأن الوقت يدرك بإدراك الركعة، وأكثر العلماء على أنه يدرك بإدراك أدنى جزء بدليل من أدرك سجدة كما في بعض الروايات.
لا، تأتي بالدعاء للكبار ثم تثني بالذكر الوارد والدعاء للصغار.
الأصل فيه ما يتفقان عليه ويشترطانه بينهما من الشروط الجائزة، والمسلمون على شروطهم إلا ما استثني، فإذا وجد بينهما عقد فيه الشروط بينهما لزم العمل به من الطرفين، إلا شرط ليس في كتاب الله، من الشروط التي تحل الحرام أو تحرم الحلال، أما إذا كانت الشروط جائزة فلا بد من العمل فيها، إلا إذا ظهر أنه لا يمكن تحقيقها، فيتفق على شيء يمكن تحقيقه، ويكون بالنظر إلى هذه الشروط مع الأجرة؛ لأنه قد يشترط صاحب العمل على العامل شروط بأجرة مرتفعة، ثم يتبين أن هذا العامل لا يستطيع تحقيق هذه الشروط فيتفقان على التجاوز عن بعض هذه الشروط مع التجاوز عن بعض الأجرة.
وهل يجوز لرب العمل أن يقول: إنني أبني تعاملي على الشك لا على حسن الظن، دون أن يضع الضوابط اللازمة لحفظ الأموال؟
هذا لا يجوز أن يبني أمره على الشك، لا سيما إذا كان العامل مسلماً، فيبنى التعامل معه على حسن الظن، لكن يبقى أنه إذا بدر منه شيء يخالف ما يقتضي حسن الظن فعلى رب العمل وصاحب العمل أن يحتاط لعمله.
نعم يصدق عليه أنه بنى مسجد، لا سيما إذا كان المسجد له معالمه، له محرابه ومنارته، وله أموره الرسمية بحيث سجل في الأوقاف، ورتب له إمام ومؤذن، مع أن له منارة ومحراب هذا يسمى مسجد، ولا يجوز بيعه بحال حينئذٍ.
لا إنكارك عليهم هو الأصل، إنكارك عليهم هو الأصل، ويتجاوز في مثل هذه المناسبات عن استعمال الدف في مثل الأعراس والأعياد، لكن بقدر ما يحقق هذا الأمر من دون توسع، ومن دون استرسال فيه؛ لأن الأصل في المسلم أنه جاد في جميع أموره.
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
لا، الأصل أنه للنساء.
نعم ذكرنا بالأمس أن الخميس اسمه تاريخ الخميس من أحوال أنفس نفيس، هذه سيرة نبوية مطبوعة في مجلدين، وينقل عنه، وينقل أيضاً، يقول: أورد الكرماني في مناسكه، مناسك الكرماني غير الكرماني الشارح، والمناسك مطبوعة محققة.
لا بد من إتمامها إذا أتم بمقيم لزمه الإتمام، وكذلك لو صلى خلف من يصلي المغرب لزمه الإتمام.
في زماننا لا شك أن الأمور رتبت ونظِّمت، وصار الاختلاف فيها والتقديم والتأخير وإن كان تبعاً للنصوص لا شك أنه يؤثر على كثير من الناس في أمور دنياهم، ومع ذلك المسألة شرعت لدفع المشقة، فإذا وجدت هذه المشقة فتدفع.
مسألة التورق هي: أن يحتاج الإنسان إلى مبلغ من المال ولا يجد من يقرضه ولا من يتعامل معه بمعاملة مجمع عليها كالسلم مثلاً، فإذا احتاج إلى ذلك فلم يجد من يقرضه ولم يجد من يتعامل معه بسلم ونحوه من المعاملات المجمع عليها لا مانع حينئذٍ من مسألة التورق، لكن لا بد من مراعاة جميع ما تتطلبه العقود الصحيحة، بأن يكون البائع الأصلي مالك للسلعة ملكاً تاماً مستقراً، يملك السلعة، ثم يأتي هذا المحتاج إلى هذا المالك فيقول له: أنا أريد هذه السيارة، وقد تكون السيارة غير مملوكة للمالك، لكن لا يبرم معه أدنى عقد، لا مانع أن يعده لكن يبرم معه عقد قبل أن يملك السلعة؟ لا، يكون حينئذٍ باع ما ليس عنده، ولا يجوز ذلك، يملك السلعة ملك تام مستقر، ثم يبيعها على هذا المحتاج بثمن أكثر من قيمتها الحالّة إلى أجل، إلى أجل معلوم، ثم يقبضها ويحوزها المشتري الثاني ثم يبيعها على طرف ثالث، وعامة أهل العلم على جوازها، جماهير أهل العلم على الجواز، عمر بن عبد العزيز وقبله ابن عباس وبعده شيخ الإسلام ابن تيمية يقولون بمنعها وتحريمها، وأنها إضافة إلى أنها صورة من صور الربا أنها تحايل عليه، لكن عامة أهل العلم بما فيهم الأئمة الأربعة وأتباعهم كلهم على جوازها، ولا يوجد حل لكثير من احتياجات الناس إلا بها، لكن ينتبه الإنسان إلى أنه لا يحق له أن يأخذ أموال الناس تكثُّراً، وإنما تكون بقدر الحاجة مع نية الأداء.
لا، هذا هو التشبه بعينه.
نعم هو حديث ثابت، يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب.
وهل تكون قبل التسبيح أو بعده؟
الظاهر أنها قبل التسبيح؛ لأنه جاء في بعض روايات الحديث أنه وهو ثانٍ رجليه، يعني قبل أن يتحرك مما يدل على المبادرة بها.
هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن البخاري ومسلماً لم يعما جميع الصحيح، ولم يستوعباه، بل يوجد من الأحاديث الصحيحة الأصول في كتب السنة غير الصحيحين الشيء الكثير، لكن قال بعضهم: إنه لم يفتهما إلا الشيء اليسير؛ لم يفت الصحيحين إلا الشيء اليسير، وهو قول أبي عبد الله بن الأخرم، وقال النووي: إنه لم يفت الخمسة إلا القليل.
ولم يعماه ولكن قلما
ورد لكن قال يحيى البرُ
عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
لم يفت الخمسة إلا النزرُ
"وفيه ما فيه" أيضاً، يعني حتى قول النووي فيه ما فيه كناية عن ضعفه.
وفيه ما فيه لقول الجعفي:
أحفظ منه عشر ألف ألفِ
يعني من الصحيح أحفظ مائة ألف، البخاري -رحمه الله-.