اسم (سعيد) الذي يدور كثيرًا في كتب التفسير وفي كتب القراءات هو ابن جبير كما هو معلوم، وهو الذي أشار إليه الزمزمي في منظومته، لا سعيد بن المسيّب، وقد فضّل النبي –صلى الله عليه وسلم- أهل العلم بالقرآن عن غيرهم، ففي الصحيح: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [البخاري: 5027]، وسعيد بن جبير –رحمه الله- أشهر من سعيد بن المسيب –رحمه الله- في هذا الباب، مع أن سعيد بن المسيب أفضل التابعين على الإطلاق في قول للإمام أحمد، فيقال في تبيين هذا الأمر: قد يعرض للمَفُوق في باب ما يجعله فائقًا في أبواب أخرى، والتفضيل في وصف لا يعني التفضيل المطلق، وكون زيد من الناس له عناية بالقرآن فهو من خيرهم بلا شك، لكن يبقى أن لو كان غيره له نفع عام في الأمة، وله أثر في حفظ الدين من جهة أخرى، يقوم بما لا يقوم به غيره، فهذا قد يفضل على الأول، وكون إبراهيم -عليه السلام- أول من يكسى يوم القيامة، لا يدل على أنه أفضل من محمد –صلى الله عليه وسلم-، وفي الحديث: «أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة»، فإذا قام -عليه الصلاة والسلام- من قبره، يقول: «فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش» [البخاري: 2412]، فهذا لا يعني أن موسى –عليه السلام- أفضل من محمد –صلى الله عليه وسلم-.