بلوغ المرام - كتاب الصلاة (14)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة, وإذا كبر للركوع, وإذا رفع رأسه من الركوع" متفق عليه.
وفي حديث أبي حميد عند أبي داود: "يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر".
ولمسلم عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- نحو حديث ابن عمر ولكن قال: "حتى يحاذي بهما فروع أذنيه".
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه" و(كان) تدل على الاستمرار، وأنه ملازم لهذا، "يرفع يديه حذو منكبيه" حذو مقابل، والمنكبين: تثنية منكب، وهو مجتمع رأس العضد مع الكتف "إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع, وإذا رفع رأسه من الركوع" في ثلاثة مواضع، دل هذا الحديث عليها، أنه يرفع إلى أن يوازي ويقابل بيديه منكبيه، وفي حديث: "إلى فروع أذنيه" إلى فروع أذنيه، ومنهم من يقول: إن له أن لا يرفع إلى الأذنين بل يوازي المنكبين، ومنتهى الرفع إذا رفع يكون إلى فروع الأذنين، ومن أهل العلم -الشافعي- من جمع بجمع حسن بأن قال: "ظهور الكفين حذو المنكبين، وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين"، وهذا خلاف ما يفعله كثير من الناس في رفعهم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه، كثير من الناس يرفع رفعاً هو أشبه بالعبث، مجرد ما يقول بيده كذا هاه، ما يرفع ولا شبر، يعني ما تصل إلى سرته بعض الناس، هذا عبث، أنت المفترض أنك مسلم تقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- تحرص على معرفة السنة، تحرص على تطبيق السنة، تحرص أيضاً وتفقه كيف تطبق هذه السنة؟ بعض الناس عند الرفع يمسك بأذنيه، هذا موجود، أو يضع إبهاميه في سماخيه، كل هذا خلاف السنة، فلا الغلو والزيادة على القدر المشروع ولا الجفاء والتقصير عن القدر المشروع، فيرفع يديه حذو منكبيه، يجعل ظهور كفيه حذو المنكبين، والأصابع تصل إلى فروع الأذنين، وبذلك تجتمع النصوص، أما متى يرفع؟ فالرفع مقارن للنطق، ينبغي أن يقارن النطق، "يرفع يديه إذا افتتح" وفي رواية: "حين يكبر للصلاة" حين يكبر، يعني وقت التكبير، مع التكبير، لكن إن تقدم الرفع على التكبير أو تأخر عنه فلا بأس، رفع يديه ثم كبر، كبر ثم رفع يديه كل هذا ثابت.
مواطن الرفع: عند تكبيرة الإحرام، هذا لا يختلف فيه بين المذاهب الأربعة، بعض المذاهب البدعية لا ترى الرفع مطلقاً حتى عند تكبيرة الإحرام، والحديث رد عليهم، المواضع التي ترفع فيها اليدان عند تكبيرة الإحرام، وعرفنا أن هذا محل اتفاق بين المذاهب، لم يخالف في هذا من المذاهب المعتبرة أحد، عند الركوع والرفع منه يخالف في ذلك الحنفية، والجمهور على أن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه سنة، سنة خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله-، هناك موضع رابع ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر إذا قام من الركعتين، إذا قام من الركعتين بعد التشهد الأول يرفع، وهذا هو الموضع الرابع، الحنابلة لا يثبتون هذا الموضع، لا يثبتون هذا الموضع، وإنما يكتفون بالثلاثة التي دل عليها هذا الحديث وما جاء في معناه، لا يثبتون الموضع الرابع لماذا؟ يعني هل خفي الحديث على إمامهم؟ هل خفي الخبر على كبار الأصحاب من الحنابلة؟ لا يقولون بهذا، الحديث لم يخف على الإمام أحمد، حديث ابن عمر، ولم يخف على كبار أصحابه بعد تدوين الكتب كالبخاري مثلاً، البخاري معروف لدى الخاص والعام، هل هؤلاء العلماء تعصبوا للإمام، وهل الإمام أعرض عن هذا الحديث من غير حجة؟ الحديث لم يثبت عند الإمام أحمد مرفوعاً، الراجح عند الإمام أحمد وقفه، وهو عند البخاري مرفوع، ترجح لديه رفعه، وأخرجه في الأصول معتمداً عليه، وهذه مسألة لا بد أن ينتبه لها، كثير من طلاب العلم ينتقص المذهب، لماذا؟ إذا انتقص مذهب الإمام أحمد ففي المذاهب الأخرى ما هو نظير هذا السبب الذي انتقص به الإمام أحمد ومذهب الإمام أحمد، لا تجد آحاد المتعلمين إلا في القليل النادر يعتذر لهؤلاء الأئمة، ولو قرأ في رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ابن تيمية عرف كيف يعتذر للأئمة، هل الإمام أحمد مطالب بتصحيح البخاري؟ هو أعظم من البخاري، هو أعظم من البخاري، فالإمام أحمد لا يثبت عنده الخبر مرفوعاً، وهو من أهل النظر والاجتهاد، إمام من أئمة المسلمين في هذا، ومن أهل الورع والتقوى، ومن أهل الاقتداء والائتساء، لكن طالب العلم في مثل هذه الأوقات هل يرفع يديه بعد الركعتين لأن الخبر ثبت في أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-؟ أو يوازن بين أحمد والبخاري؟ نقول: ارفع يديك لكن لا تلم غيرك، شخص اقتدى بإمام تبرأ الذمة بتقليده ما يلام إذا كان من أهل التقليد، لكن أنت وقد تأهلت للنظر وتيسر لك البحث في الكتب، وعرفت أن هذا الخبر ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا مندوحة لك عن العمل به، لكن يبقى أنه يحفظ للأئمة أقدارهم، لماذا الإمام أحمد لا يرفع يديه بعد الركعتين؟ نقول: لم يثبت عنده الخبر مرفوع، والأئمة كثير من مخالفاتهم للنصوص إما لأن الخبر لم يبلغهم البتة، لا يفترض في إمام من أئمة المسلمين أن يحفظ جميع ما روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، إما أن يكون الخبر لم يبلغهم، أو يكون الخبر قد بلغهم على وجه لا تثبت به الحجة عندهم؛ لأن الإمام ما هو مكلف باجتهاد غيره، فهذه مسألة لا بد من التنبه لها، وهي أيضاً تجعلنا لا نلقي بالكلام على عواهنه بين آحاد المتعلمين، يعني الشخص الذي يقول عليه بتقليد الأئمة الكبار المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين، طيب إذا جاءك مثل هذا الحديث، وأنت تريد أن تحاكي المتقدمين ماذا تصنع؟ هل عندك معرفة وإحاطة بحيث تكونت لديك ملكة تحكم على الأحاديث من خلالها بقرائن؟ إلى الآن ما تأهلت، فعليك أن تتأهل قبل ذلك، ثم إذا تأهلت صرت أهلاً للنظر في الأحاديث والموازنة بينها لا بأس، لكن إذا كلف الطالب المبتدئ باقتفاء أثر المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين، وجاءه مثل هذا الحديث ماذا يصنع؟ ماذا يصنع؟ يقلد أحمد أو يقلد البخاري، كل منهما إمام، المقصود أن على طالب العلم المبتدئ ومن في حكمه أن يطلب العلم على الجادة، على الجادة وأن يتواضع في طلبه العلم، وأن يعرف للناس أقدارهم، وينزل الناس منازلهم، والله المستعان.
الرفع -رفع اليدين- سنة عند جماهير أهل العلم، رفع اليدين في المواضع الثلاثة أو الأربعة سنة عند جماهير أهل العلم لم يقل به إلا نفر يسير من أهل العلم.
"في حديث أبي حميد" الذي تقدم شرحه في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو مخرج في الصحيح، لكن رواية أبي داود وهي زيادة صحيحة، هناك: رفع يديه حذو منكبيه، وهنا: "يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر" والمقصود من هذه الزيادة ليس المقصود الرفع عند تكبيرة الإحرام؛ لأنها تقدمت، إنما المقصود الرفع في المواطن الأخرى، ولذا على المؤلف أن يقول: الحديث..، ثم يكبر الحديث، ليعرف القارئ أن المقصود من إيراد هذا الحديث المواضع الأخرى، فأفاد هذا الحديث رفع اليدين في المواضع الثلاثة كسابقه.
"ولمسلم عن مالك بن الحويرث نحو حديث ابن عمر" الذي سبق في ذكر المواضع الثلاثة لرفع اليدين، "لكن قال: "حتى يحاذي بهما فروع أذنيه" وهذه في صحيح مسلم، وعرفنا كيف نوفق بين هذه الرواية التي تدل على أن الرفع يصل إلى فروع الأذنين، إلى فروع الأذنين يعني أطراف الأذنين، والتوفيق بينه وبين حديث: "حتى يحاذي بهما منكبيه" وأن ظهور الكفين يكون إلى المنكبين، وأطراف الأصابع تكون إلى فروع وأطراف الأذنين، وإن اقتصر على محاذاة المنكبين ولم يصل إلى فروع الأذنين تارة ورفع يديه حتى تصل إلى فروع الأذنين تارة فكل هذا ثابت، لكن يصل إلى هذا الحد، أقل الأحوال المنكبين، إما أن يرفع إلى السرة كما يفعل البعض..، كثير من الناس، ..... إيش؟ هذا رفع ذا؟ هذا عبث، أو يرفع قدر زائد ويمسك بأذنيه، أو يدخل إبهاميه في سماخيه، هذا أيضاً مبالغة لم يرد بها شرع، بعضهم يأخذ مدة وهو ممسك بأذنيه، كل هذا خلاف السنة، نعم.
"وعن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه- قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره" أخرجه ابن خزيمة".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن وائل بن حجر... قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده اليمنى على يده اليسرى" يعني أمسك بيده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ ووضع اليدين "على صدره" أخرجه ابن خزيمة" وهو صحيح بشواهده، وإن كان أصل الحديث في ابن خزيمة فيه مؤمَل بن إسماعيل وهو سيء الحفظ، لكن الحديث له شواهد يصح بها، يصل بها إلى درجة الصحيح لغيره، فهذه هي السنة، وهذا أقوى ما جاء في موضع اليدين، يضع اليمنى على يده اليسرى على صدره، الحديث إذا نظرنا إلى مفرداته فيها ضعف، لكن بمجموعها ترتقي إلى درجة الاحتجاج، والناس في هذا بين غالٍ وجافٍ، السنة وضع اليد على اليد اليمنى على اليسرى على الصدر، على الصدر هنا، وهناك من يغلو فيرفع يديه ويضعهما في عنقه، في عنقه، وقد يستدل لمثل هذا بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] أي ضع يديك على النحر قيل هذا، وهذا فيه بعد شديد، المراد بالنحر هنا نحر ذبح النسك، ذبح النسك، صلِ لربك صلِ صلاة العيد، وانحر وتقرب إلى ربك بذبح النسك، والمرجح عند الحنابلة تحت السرة، تحت السرة يضع يديه كيف؟
طالب:.......
فوق أو تحت؟
طالب:.......
فوق السرة، فوق السرة يعني تحت الصدر وفوق السرة، جاء فيه خبر لكنه ضعيف، جاء فيه خبر لكنه ضعيف، فأقوى ما يروى في هذا أن تكون اليدان يقبض باليمنى على اليسرى فوق أو على صدره كما هنا، النووي في كتابه المنهاج، المنهاج للنووي في أي علم يبحث؟
طالب:.......
شرح صحيح مسلم لابن الحجاج؟ نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:......
لا، المنهاج متن من متون الشافعية، شرح بشروح كثيرة، (تحفة المحتاج) (نهاية المحتاج) (مغني المحتاج) (السراج الوهاج) كتب كثيرة شرحت هذا الكتاب، فهو متن معتمد عن الشافعية، يقول: "ويجعل يديه تحت صدره" تحت صدره، وهذا قريب من قول الحنابلة، تحت صدره، والنص الذي معنا: "على صدره" على صدره، فهذا أولى ما يقال في هذا الباب، يوجه بعض الشراح يقول: كأنهم جعلوا التفاوت بين الصدر وما فوق السرة تفاوت يسير لا يؤثر، على كل حال نتقيد بما ورد، وأقوى ما في الباب حديث وائل بن حجر.
يذكر عن مالك الإرسال إرسال اليدين، الذي ذكره مالك في الموطأ ما ذُكر هنا، وضع اليد اليمنى على اليسرى على صدره، ويروى عن مالك الإرسال، وصار إلى هذه الرواية أكثر المالكية، لكن المعروف عن مالك -رحمه الله تعالى- وهو المذكور في الموطأ وضع اليدين على الصدر كقول من يستدل بهذا الحديث وهو أولى وأصح ما ورد في الباب، نعم.
"وعن عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) متفق عليه، وفي رواية لابن حبان والدارقطني: ((لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب)) وفي أخرى لأحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان: ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم?)) قلنا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب, فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها))".
عبادة بن الصامت أحد النقباء شهد البيعة في العقبة الأولى والثانية والثالثة كما ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب، فهو من كبار الصحابة، من الأنصار.
يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن))" (لا) كما هو معروف نافية، ونافية للجنس ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) متفق عليه، والتقدير إما أن يقال: لا صلاة موجودة لمن لم يقرأ بأم القرآن، وهذا هو الأصل في النفي نفي الذات، أو لا صلاة صحيحة مجزئه مسقطة للطلب، أو لا صلاة كاملة لمن لم يقرأ بأم القرآن، فهل نستطيع أن نقول: لا صلاة موجودة لمن لم يقرأ بأم القرآن؟ أو قد توجد صورة الصلاة؟ هل نستطيع أن ننفي وجود الصلاة؟ يعني كما تقدم في حديث المسيء: ((صلِ فإنك لم تصلِ)) هل النفي لوجود الصلاة صورة الصلاة أو للصلاة المجزئة الصحيحة المسقطة للطلب؟ المجزئة الصحيحة، عندنا هذا تقدير ولا يمكن أن يقدر لأنه قد يصلي الإنسان بدون الفاتحة، يعني صورة ظاهرة، وهذه حقيقة عرفية للصلاة، لكن الحقيقة الشرعية للصلاة نعم، الصلاة الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب، فإذا لم نستطع أن ننفي الحقيقة العرفية، ننظر إلى الحقائق الأخرى؛ لأن الأصل في الكلام المنفي نفي الحقيقة، المثبت إثبات الحقيقة، فلا نستطيع أن ننفي الحقيقة العرفية، توجد صلاة يقرأ ويكبر ويقرأ ويركع ويرفع ويسجد صلاة في ظاهرها لا إشكال فيها، في ظاهرها، فهذه صلاة عرفية.
الصلاة في حقيقتها الشرعية المقصود بها الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب، الذي لا يؤمر بإعادتها، هذا احتمال، الاحتمال الثالث أنه قد تنفى..، ينفى الشيء مع وجود حقيقته العرفية، ومع وجود حقيقته الشرعية لكن مع نفي الكمال عنه، لكن أيهما الأصل؟ الأصل نفي الحقيقة العرفية، إذا لم نتمكن من نفي الحقيقة العرفية فلا بد أن ننفي حقيقة؛ لأن النفي متجه إلى الحقائق، لكن إن لم نستطع أن نفي الحقيقة العرفية ولا الحقيقة الشرعية لوجود ما يصحح مثل هذه العبادة من أدلة أخرى اتجهنا إلى التقدير الثالث وهو نفي الكمال، فهي متسلسلة، نفي الحقيقة العرفية، لكن لا يمكن، نفي الحقيقة الشرعية وهي أقرب إلى الحقيقة العرفية ممكن، النفي مع الاحتمال الثالث وهو نفي الكمال ممكن لكنه أبعد عن الحقيقة من الاحتمال الثاني.
وعلى هذا لا صلاة صحيحة ولا صلاة مجزئة لمن لم يقرأ، لمن، و(من) من صيغ العموم تشمل كل مصلٍ، تشمل كل مصلٍ، فالحديث دليل على أن قراءة فاتحة الكتاب ركن في الصلاة بالنسبة لكل مصلٍ، وعندنا من أنواع المصلين: الإمام والمأموم والمنفرد والمسبوق، عندنا: إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق، القسمة إيش؟ رباعية، دخول الإمام والمنفرد هذا لا إشكال فيه، يبقى عندنا المأموم وفيه الخلاف الطويل، ويبقى عندنا المسبوق ولولا حديث أبي بكرة لدخل المسبوق في عموم الحديث، لكن من الذي أخرج المسبوق حديث أبي بكر، وأنه جاء أبو بكر بعد ركوعه -عليه الصلاة والسلام- فركع دون الصف، هل قرأ الفاتحة؟ نعم ما قرأ الفاتحة، إذن المسبوق لا قراءة عليه، ويكون مخصوص من عموم هذا الحديث، فعندنا لزوم الفاتحة لكل مصلٍ حتى المسبوق إمام مأموم، منفرد، مسبوق، وهذا قيل به، قال به أبو هريرة -رضي الله عنه-، قال به أبو هريرة، يقول به جمع من أهل العلم، إلى الشوكاني -رحمه الله- قال به، فالبخاري -رحمه الله تعالى- بجزء القراءة نص عليه، فالفاتحة لازمة لكل مصلٍ، الذي يدرك الإمام في الركوع فاتته الركعة، ولو أدرك الركوع لماذا؟ لأنه لن يقرأ بفاتحة الكتاب، فعندنا أبو هريرة، البخاري، الشوكاني قراءة الفاتحة فرض، بل ركن لكل مصلٍ بما في ذلك المسبوق، الشافعية عندهم قراءة الفاتحة تلزم كل مصلٍ إلا المسبوق، لعموم الحديث وعمومه مخصوص بحديث أبي بكرة انتهينا من المسبوق.
المذاهب الأخرى، المذاهب الأخرى تلزم الإمام والمنفرد، وأما المأموم فقراءة الإمام قراءةً له، ومنهم من يفرق بين ما إذا كانت الصلاة جهرية وبين ما إذا كانت الصلاة سرية، فتلزم في الصلاة السرية دون الجهرية لما يعارض مثل هذا الحديث من قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] وإذا قرأ –يعني الإمام- فأنصتوا، أنت مأمور بالإنصات لا بالقراءة، لكن نقول: هذا عموم، إذا قرأ أي قراءة أنصت، إذا قرئ القرآن على أي وضع كان أنصت، نستثني من ذلك ونخصص هذه العمومات بحديث عبادة بن الصامت، نقول: إلا فاتحة الكتاب وعليه تدل الروايات الأخرى.
"في رواية لابن حبان والدارقطني: ((لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب))" حديث أبي هريرة: ((كل صلاة لا يقرأ بها بفاتحة الكتاب فهي خداج)) ناقصة، "في أخرى لأحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان: ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم?)) قلنا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب))" في حديث أبي هريرة السابق: ((اقرأ بها في نفسك يا فارسي)) ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) فهذا دليل على أن الفاتحة تلزم المأموم، وهذا هو المرجح أن الفاتحة تلزم كل مصلٍ، إمام ومأموم ومنفرد ويستثنى من ذلك المسبوق.
أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- لا يرى لزوم قراءة الفاتحة لأي مصلي، إنما عليه أن يقرأ القرآن، يقرأ ما تيسر من القرآن، وتقدم في حديث المسيء: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) وجمهور أهل العلم حملوا ما تيسر على الفاتحة؛ لأنها هي المتيسرة غالباً، لكي تتفق النصوص، ولا يعارض حديث المسيء بحديث عبادة بن الصامت المتفق عليه.
على كل حال نعود فنقول: الفاتحة تلزم كل مصلي عند أبي هريرة، البخاري، الشوكاني، الشوكاني نص على هذا في النيل، وإن كان في فتاويه (الفتح الرباني) له قول آخر، تلزم كل مصلي قول البخاري، وقبله أبو هريرة.
القول الثاني: تلزم الإمام والمأموم والمنفرد دون المسبوق لحديث أبي بكرة.
القول الثالث: تلزم الإمام والمنفرد والمأموم لا قراءة عليه إما مطلقاً أو في الجهرية دون السرية لتعارض الأحاديث، أو لا تلزم الفاتحة أصلاً بل اللازم ما تيسر من القرآن كقول أبي حنيفة -رحمه الله-.
والكلام والمناقشات في هذه المسألة في الفاتحة وقراءة المأموم.
يقول: ما صحة حديث: ((من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له؟))
الحديث ضعيف، وهو عمدة من يرى عدم القراءة بالنسبة للمأموم، لكنه حديث ضعيف.
((ما لي أنازع القرآن؟)).. الحديث، ((ما لي أنازع القرآن؟)) ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟)) نص، قلنا: نعم، ((ما لي أنازع القرآن؟)) ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟)) قلنا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)) هذا نص ((فإنه لا صلاة لم يقرأ بها)) وهذا الحديث حسنه الترمذي وغيره، وهو قابل لأن يصحح، قابل لأن يصحح، المقصود أنه يحتج به، من يقول بقراءة المأموم خلف الإمام وهو المرجح يتحين ليجمع بين النصوص أن يقرأ في سكتات الإمام والإمام ينبغي له أن يترسل في قراءته ولا يستعجل ولا يحدر القراءة ويجعل هناك وقت لرد النفس يتمكن فيه المأموم من القراءة لئلا يقع في حرج؛ لئلا يعارض النصوص التي تأمره بالسكوت إذا قرأ الإمام مع أنه لا يفرط بما جاء في حديث عبادة وغيره من لزوم القراءة، نعم.
"عن أنس -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين)" متفق عليه، زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" وفي رواية لأحمد والنسائي وابن خزيمة: "لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" وفي أخرى لابن خزيمة: "كانوا يسرون" وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم خلافاً لمن أعلها".
وعن نعيم، بعده.
"وعن نعيم المجمر قال: "صليت وراء أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- فقرأ: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] قال: "آمين" ويقول كلما سجد وإذا قام من الجلوس: "الله أكبر، ثم يقول إذا سلم: "والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه النسائي وابن خزيمة".
نعم بعده.
"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] فإنها إحدى آياتها)) رواه الدارقطني, وصوب وقفه".
نعم، هذه مسألة البسملة، وهل تقرأ في الصلاة أو لا تقرأ؟ وإذا قرأت هل يجهر بها أو يسر بها؟ وهذا في الصلاة الجهرية.
"عن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين) متفق عليه، زاد مسلم: "لا يذكرون {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول قراءة ولا في آخرها" يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين) وعرفنا فيما سبق أن الصلاة تفتتح بالتكبير، ولعل المراد بالصلاة قراءة الصلاة، القراءة في الصلاة، أما الصلاة فتفتتح بالتكبير على ما تقدم، وكون القراءة تفتتح بـ(الحمد لله رب العالمين) لا ينفي مشروعية التكبير، ولا دعاء الاستفتاح على ما تقدم، كما أنه لا ينفي الاستعاذة والبسملة، ونفي جميع ذلك عدا تكبيرة الإحرام مذهب مالك على ما تقدم، الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، والاستفتاح ثبت بالنصوص الصحيحة الصريحة "رأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟" قال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي)).. إلى آخر الحديث، وغير ذلك من أحاديث الاستفتاح التي تقدمت، فالصلاة تفتتح بالتكبير، وبعد التكبير دعاء الاستفتاح -وإن خالف فيه الأمام مالك- بعده التعوذ، وبحثنا بالأمس هل التعوذ من أجل القراءة أو هو ملحق بالاستفتاح؟ والصواب أنه للقراءة {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [(98) سورة النحل] ثم البسملة وهل هي من الفاتحة أو ليست من الفاتحة؟ وهل يجهر بها إذا جهر بالفاتحة أو يسر بها؟ هذا محل البحث.
"كانوا يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين)" ويستدل بهذا من يقول: إن البسملة لا يجهر بها، لا يجهر بالبسملة؛ لأن القراءة تفتتح بـ(الحمد لله رب العالمين) مباشرة بدون بسملة، وإن قرئ قبلها ما قرئ سراً كالاستفتاح والتعوذ والبسملة، وهذا ما يدل عليه حديث الباب.
"زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها"، زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله" ومقتضاه أنهم لا يذكرونها لا سراً ولا جهراً، هذا مقتضى النفي، يشمل الجهر والإسرار، لكن الإنسان لا ينفي إلا ما يعلم، فالإسرار الذي لا يعلم به فليس له أن ينفي، ولذلك أعلت هذه الرواية، أعلت هذه الرواية في صحيح مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" الراوي لما سمع الصحابي يقول: "كانوا يفتتحون القراءة بـ(الحمد لله رب العالمين) ظن أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا سراً ولا جهراً، فصرح بذلك، صرح بما فهمه، فهم من النص الصحيح: "كانوا يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين) فهم من ذلك أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة..، وزاد مؤكداً: "ولا في آخرها" مع أنه ليس في آخر الفاتحة بسملة، لكنه محمول على بسملة السورة التي تليها، بهذا أعلت هذه الرواية، الراوي ظن من خلال الرواية الصحيحة: "أنهم كانوا يفتتحون القراءة بـ(الحمد لله رب العالمين) أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن، ومثل الحافظ العراقي بهذا على علة المتن.
وعلة المتن كنفي البسملة |
|
إذ ظن راوٍ نفيها فنقله |
هذا على حسب ظنه، فنقل ذلك رواية، فهم ثم صرح بفهمه على أنه مروي، نسبه إليهم، فأعلت بهذا.
وعلة المتن كنفي البسملة |
|
إذ ظن راوٍ نفيها فنقله |
"وفي رواية لأحمد والنسائي وابن خزيمة: "لا يجهرون بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)"، "لا يجهرون"، ومفهوم "لا يجهرون" أنهم يسرون، "وفي أخرى لابن خزيمة: "كانوا يسرون" صرح بالمفهوم وجعله منطوقاً، يقول الحافظ ابن حجر المؤلف: "وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم", "زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا آخرها" يعني جهراً، يعني جهراً، بل كانوا يسرون بها، وحينئذٍ تجتمع الروايات، وينتفي التعليل للرواية، وإذا أمكن نفي التعليل لرواية في الصحيح فالمطلوب حماية جناب الصحيح، وصيانة الصحيح من الوقوع فيه بقدر الإمكان تجيب عن الصحيح، بقدر الإمكان تجيب عن الصحيح، فإذا أمكنك أن توجه رواية: "لا يذكرون" بما تفيده الروايات الأخرى بحيث توفق بين هذه الروايات يتعين عليك ذلك، وصيانتك وحمايتك للصحيح حماية للدين، حماية للدين، فبدلاً من أن نقول: رواية الصحيح معلة، نقول: "لا يذكرون" يعني لا يجهرون، بل يسرون بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) ولهذا قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم خلافاً لمن أعلها".
ومن خلال هذه الأحاديث السنة أن تقرأ البسملة، تقرأ البسملة، لكن سراً لا جهراً، تقرأ البسملة سراً لا جهراً، والخلاف هذا فرع عن الخلاف في البسملة، وهل هي آية من الفاتحة ومن كل سورة بعدها أو ليست بآية؟ فالإجماع قائم على أنها بعض آية من سورة النمل، بعض آية في سورة النمل، كما أن الإجماع قام على أنها ليست بآية من سورة براءة، يبقى الخلاف فيما عدا ذلك، فمن أهل العلم من يرى أنها آية، ومنهم من يرى أنها ليست بآية لا من الفاتحة ولا من غيرها، ومنهم من يقول: هي آية من الفاتحة دون غيرها، ومنهم من يقول: هي آية واحدة كررت في مائة وثلاثة عشرة موضعاً للفصل بين السور، للفصل بين السور، يعني فرق بين أن تكون البسملة آية واحدة وبين أن تكون مائة وثلاثة عشرة آية، وكأن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يميل إلى أنها آية واحدة لا من سورة بعينها وإنما تنزل للفصل بين السور، يستدل من يقول بأنها آية من كل سورة إجماع الصحابة على كتابتها في المصحف، يقول: أجمع الصحابة على كتابتها في المصحف فهي آية إذ كيف يدخلون في القرآن ما ليس منه.
الطرف الآخر الذين نفوا كونها آية ولا من الفاتحة ولا من غيرها وجود الخلاف فيها، قالوا: لو كانت آية لما ساغ الخلاف فيها هل هي آية أو ليست بآية؟ لأنه لا يسوغ الخلاف في حرف من القرآن، فضلاً عن آية أو كلمة أو....
كونها آية من سورة الفاتحة أو ليست بآية مسألة خلافية، الشافعية يرونها آية، وهو رواية في المذهب عند الحنابلة، وغيرهم لا يرونها آية، الفاتحة سبع آيات، سبع آيات، وهي السبع المثاني، هناك خلاف شاذ القول بأنها ست آيات أو ثمان آيات، هذه أقوال شاذة، لكن المعتمد بل نقل عليه الاتفاق أنها سبع آيات، ويدل عليها قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي} [(87) سورة الحجر] المراد به الفاتحة، فهي سبع آيات، فإذا اعتبرنا البسملة آية جعلنا الآية الأخيرة آية واحدة {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آية واحدة، أو نجعلها آيتين كما هو في المذاهب الأخرى، يستدل من يرى أنها ليست بآية بقوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين)) ما قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ((فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين)) إلى آخره.
المقصود أن المسألة طويلة وألفت فيها الكتب، ألف فيها الكتب، ومسألة الجهر والإسرار جاء فيها ما سمعتم مما يدل على الإسرار، وجاء ما يدل على الجهر كما في حديث نعيم المجمر، قال: "صليت وراء أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، سمي مجمراً لأنه أمر بتجمير مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- كل جمعة حين ينتصف النهار في زمن عمر -رضي الله عنه-.
يقول نعيم هذا: "صليت وراء أبي هريرة -رضي الله عنه- فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم)" جهراً وإلا أسر؟ جهراً، "ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: (ولا الضالين) قال: "آمين" فدل على أن بسم الله الرحمن الرحيم يجهر بها، والحديث السابق يدل على أنهم كانوا يسرون بها، ولا يجهرون بها، وعلى كل حال من حيث الدليل الإسرار أقوى، الإسرار أقوى، لكن لو جهر بها أحياناً لا بأس، ولو قدر أنك تصلي خلف إمام يجهر بالبسملة الأمر فيه سعة، ولذا يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحم الله الجميع- في رسالته إلى أهل مكة يقول: "ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة، لكن لا نصلي خلف من لا يطمئن في صلاته" نصلي خلف الشافعي المسألة خلافية والنصوص محتملة، والأمر الخلاف فيها سهل، أمرها هين، كونه جهر أو ما جهر نعم الأقوى عدم الجهر، لكن لا تصادر الأقوال الأخرى، يعني إذا ترجح عند إنسان قول ليس معناه أن تلغى الأقوال الأخرى التي لها حظ من النظر.
"فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن" التي هي سورة الفاتحة "حتى إذا بلغ ولا الضالين قال: آمين" آمين هذه ليست من الفاتحة اتفاقاً، لكن يسن أن تقال بعد قراءة الفاتحة داخل الصلاة وخارج الصلاة؛ لأنها إذا قيلت داخل الصلاة فخارج الصلاة الأمر فيه أوسع.
"حتى إذا بلغ: "ولا الضالين" قال: "آمين" ويأتي الكلام عن التأمين، التأمين قول: "آمين" ما هو بالتأمين على..، التأمين التجاري هذا، "ويقول كلما سجد وإذا قام من الجلوس: "الله أكبر" هذه تسمى تكبيرة إيش؟ هاه؟ الانتقال، وتكبيرات الانتقال وقول سمع الله لمن حمده سنة عند جمهور أهل العلم، وعند الحنابلة واجبة من واجبات الصلاة، واجبة من واجبات الصلاة؛ لأنه لم يذكر ولا في حديث واحد من أحاديث صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى من غير تكبير، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فدل على وجوب تكبيرات الانتقال، ووجوب سمع الله لمن حمده على ما سيأتي.
"ثم يقول إذا سلم -أبو هريرة إذا سلم-: "والذي نفسي بيده" وكثيراً ما يقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه اليمين ((والذي نفسي بيده)) (بيده) فيه إثبات اليد لله -عز وجل- على ما يليق بجلاله وعظمته، كثير من الشراح يقولون: والذي روحي في تصرفه، والذي نفسي بيده، بعضهم يقول: روحي في تصرفه، كثير من الشراح يقول هذا، لكن هل هذا مقبول؟ هذا فرار من إثبات صفة اليد، لكن إذا قاله من عُرف بإثبات الصفات يقال: خطأ؟ عرف بإثبات الصفات يقول لله -سبحانه وتعالى- يد حقيقية تليق بجلاله وعظمته، لا تشبه يد المخلوقين، نقول: ما في أحد روحه ليست في تصرف الله -عز وجل-، نقول: كلام صحيح، لكن من يقول بذلك ليحيد به عن إثبات صفة اليد لله -عز وجل- يرد عليه.
"والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فكونه يفعل هذا الفعل موقوف عليه من فعله، ثم يقول: إنه شبيه بصلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون له حينئذٍ حكم الرفع فما فعله يتشبه فيه بصلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرفوع حكماً "رواه النسائي وابن خزيمة" وهو حديث صحيح.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] فإنها إحدى آياتها))" والحديث نص في أن البسملة آية من آيات الفاتحة، يستدل به وبمثله الشافعية، لكنه حديث ضعيف، حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج، ((فاقرءوا {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] فإنها إحدى آياتها)) "رواه الدارقطني, وصوب وقفه" يعني الدارقطني في السنن رواه موقوفاً ومرفوعاً، لكنه في العلل صوب وقفه على أبي هريرة، يعني من اجتهاد أبي هريرة، فليس فيه دليل على أن البسملة آية من آيات الفاتحة؛ لأنه حديث ضعيف، نعم.
"وعنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته، وقال: ((آمين)) رواه الدارقطني وحسنه, والحاكم وصححه.
ولأبي داود والترمذي من حديث وائل بن حجر نحوه".
نعم "وعنه" يعني عن أبي هريرة راوي الحديث السابق "قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من قراءة أم القرآن -الفاتحة- رفع صوته وقال: ((آمين))" آمين بالمد، وقاله بعضهم بالقصر: أمين، ويروى عن جعفر الصادق التشديد آمّين، ومعنى آمّين يعني قاصدين، والأكثر على أنها آمين بمعنى: يا الله استجب، استجب دعاءنا، والمؤمِن داعٍ، المؤمن داعي، مشارك للداعي فهو داع {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} [(89) سورة يونس] فالداعي هو موسى -عليه السلام- وهارون يؤمن، فسمى التأمين دعوة، فمن أمن على دعاء فهو داعٍ به.
"إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته" وفي هذا رفع الصوت بالتأمين للإمام والمأموم، والأمر بذلك ظاهر، "فإذا قرأ: "ولا الضالين" فقولوا: "آمين" وثبت أن المسجد كان يرتج من اجتماع صوتهم بالجهر بالتأمين "رواه الدارقطني وحسنه" الدارقطني "والحاكم وصححه" ولا شك أنه بما يشهد له من حديث وائل بن حجر الذي يليه صحيح لغيره، "رفع صوته فقال: آمين" وصحح من قبل جمع من أهل العلم كالحاكم والبيهقي وغيرهما.
وعلى كل حال هو بما بعده من حديث وائل بن حجر قابل للتصحيح فهو صحيح لغيره، وهنا يقول: وجاء في الحديث في البخاري وغيره حديث: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) ((إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفيه أيضاً: ((إذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين)) فالكل يقول: آمين، الإمام والمأموم كلاهما يقول: آمين، ويرفع بذلك صوته، فالتأمين سنة، قول: آمين بعد الفراغ من سورة الفاتحة (آمين) ويجهر به من قبل الإمام والمأموم خلافاً للحنفية، خلافاً للحنفية، وعرفنا الضبط الجماهير بأنها بالمد (آمين) بالمد والتخفيف، وقال بعضهم بالقصر: (أمين) وقال بعضهم بالمد والتشديد ويكون حينئذٍ معناها قاصدين، لكن الصحيح الأول.
طالب:......
لا، هو حرم نفسه، حرم نفسه، وجاء بلفظ لا يجزئ.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هو لا شك أنه تأثر ببيئته الأشعرية، وفي كتابه -أعني فتح الباري- نقل أقوالهم وأقوال غيرهم، يعتني بأقوال السلف ويذكر أقوال المخالفين لمسائل الاعتقاد، وهو مضطرب لا ينسب إلى مذهب معين، وإن كانت بيئته أشعرية؛ لأنه أحياناً يرجح أقوال السلف.
إيش التعصب؟ التعصب لمن؟ إن كان التعصب للحق فمطلوب من كل مسلم أن يتعصب للحق.
أكثر من كتاب طبع بهذا الاسم، لكن المعروف..، أنا أعرف ثلاثة كتب طبعت بهذا، والذي يغلب على الظن أن السائل يسأل عن الباعث الحثيث للشيخ أحمد شاكر، الباعث الحثيث تعليقات على اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر، والأصل للحافظ ابن كثير اختصر فيه ابن الصلاح.
الفردوس للديلمي؟
هذا كتاب جمع فيه مؤلفه أحاديث لا خطام لها ولا زمام، بل ما تفرد به صاحب الفردوس، أو مسند الفردوس للولد وهو أمثل من أصله فهو ضعيف عند أهل العلم.
...................................
ج ومسند الفردوس ضعفه شُهر
شرح الخطابي نفيس: (معالم السنن) على اختصاره، وإذا قرئ معه (عون المعبود) أو (بذل المجهود) أو (المنهل العذب المورود) للشيخ محمود خطاب، كفى -إن شاء الله-، مع تهذيب ابن القيم الذي لا يستغني عنه طالب علم.
النسائي شروحه في غالبها مختصرات، (زهر الربى) للسيوطي، وحاشية السندي، والتعليقات السلفية، هناك أيضاً شرح معاصر مطول على سنن النسائي للشيخ محمد علي آدم معاصر موجود، يبلغ الأربعين مجلداً، ولكنه الآن يسعى لاختصاره ليكون في نصف هذا الحجم.
أصل لهذه المسألة بخصوصها قد لا يوجد، لكن عمومات في الشريعة، كون الإنسان يشهر إسلامه له أصل، كثير من الصحابة أشهروا إسلامهم بين الملأ وأعلنوه، وفي المسجد أيضاً ليعرف الناس أن هذا صار أخاً لهم، له ما لهم، وعليه ما عليهم من الحقوق، وتكبير الناس فرحاً بذلك لا يوجد ما يمنع، وأيضاً مصافحتهم له، واحتفاؤهم به، وعناقهم إياه، كل هذا من باب التشجيع على مثل هذا العمل الطيب، والفرح بما يسر المسلم.
معروف أن الفقهاء ينصون على أن المرأة تجتمع وتلتئم وتنظم لكونه أستر لها، لكن في الصحيح -في صحيح البخاري-: "كانت أم الدرداء تجلس جلسة الرجل، وكانت فقيهة" ولا يعرف شيء يخص النساء في هذا الباب، فالأصل أن النساء داخلات في خطاب الرجال.
يبيع السواك إن أراد الجنس، جنس السواك، لا بأس، لكن هو لا يبيع سواك واحد، وجمع السواك إيش؟
طالب:......
إيش؟ جمع السواك؟
طالب:......
هاه؟
طالب:......
جمع السواك، سُوك، سُوك.
يقول: يبيعه بين الأذان والإقامة ما حكم ذلك؟
البيع بين الأذان والإقامة لا بأس به، لا بأس به، إنما الممنوع البيع بعد نداء الجمعة الثاني، أو إذا كان هذا البيع عقد يمتد إلى أن يفوت الجماعة فهذا يمنع لهذا لما يفضي إليه.
هذا ما سمع الكلام الذي كرر كثيراً، أعيد مراراً وأن المسبوق لا تلزمه الفاتحة، يستثنى من عموم الحديث المسبوق لحديث أبي بكرة، فإذا وجد الإمام وهو راكع وأمكنه الركوع معه أدرك الركوع، هذا كرر مراراً.
نعم تجب عليه قراءة الفاتحة.
وهل يتعارض ذلك مع الأمر بالإنصات؟
لا يتعارض ذلك مع الأمر بالإنصات، إذا قُرأ فأنصتوا مخصوص بلزوم قراءة الفاتحة، وهو مخصوص من عموم هذا الحديث وغيره.......
الهيثمي لو اعتنى بقدر ما عنده من علم بالحديث، وحكم على الأحاديث بعد النظر التام فيها، لكن غالب أحكامه مختصرة، وكثيراً ما يقتصر على قوله: رجاله موثقون، ويكتفي بهذا، طيب موثقون ماذا تعني موثقون؟ يعني إذا صدر من أي إمام من أئمة الحديث توثيق لهذا الراوي ولو كان الجمهور على خلافه صار موثقاً، لا يعني أنه موثق يعني ثقة، لا، ورواته ثقات إلا فلان، فيه فلان، وفيه كلام، يعني ما يصدر أحكام دقيقة يصدر عنها طالب العلم وإلا فهو إمام من أئمة هذا الشأن.
والزيلعي لا سيما في نصب الراية يفيض في تخريج الأحاديث، والكلام على رواتها، عنده نفائس في كتابه هذا، لكنه لم يبرأ من تأثير المذهب، فإذا تكلم في الأحاديث التي يستدل بها الحنفية لا شك يجيد، لكن إذا استدل بأحاديث أو ذكر أحاديث الخصوم يسميهم خصوم، من المذاهب الأخرى قد يحمله مذهبه من حيث يشعر أو لا يشعر على عدم الدقة في بعض الأحكام على بعض الأحاديث، وعلى كل حال يستفاد من هذه الكتب، يستفاد من هذه الكتب ولا يسلم القياد بإطلاق لهؤلاء، وإن كانوا من علماء هذا الشأن.
نفس السؤال السابق، المسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة، المسبوق غير مطالب بقراءة الفاتحة، وهو مخصوص من عموم حديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) فاتحة الكتاب عرفنا أنها ركن بالنسبة للإمام والمأموم والمنفرد مع ذكر الخلاف الذي ذكرناه، والمسألة الخلاف فيها كبير يحتاج بسطها إلى وقت، وهي لازمة في كل ركعة، في كل ركعة، وإن قال بعضهم: بأنها تجزئ قراءتها مرة واحدة، لكن المتجه والمرجح أنها تجب في كل ركعة من ركعات الصلاة.
ما أدري ويش اللي دخل التفسير عندنا؟ تفسير البيضاوي تفسير متوسط، وهو تفسير بالرأي، وفيه بعض المخالفات العقدية، لكن العناية به من قبل أهل العلم ظاهرة، عليه حواشي كثيرة، ومفيد ونافع لا سيما فيما يتعلق بالصناعة اللفظية، نافع، لكن من أراد أقوال السلف في التفسير فعليه بتفسير ابن كثير فهو تفسير متوسط، وفيه أقوال السلف، على كل حال هذا يسال عن تفسير البيضاوي، تفسير البيضاوي طبع مراراً كثيرة، في تركيا طبع يمكن عشر مرات، وطبع معه حواشي مطولة ومختصرة، مطولة ومختصرة، فالأفضل للإنسان أن يأخذ حاشية من هذه الحواشي، وهي مصورة موجودة على أن يقتني صورة عن الطبعات القديمة، وإلا فالحواشي طبعت طبعات أخيرة بصف جديد فيها أخطاء كثيرة، يعني لو اعتنى بصورة من طبعة بولاق لحاشية الشهاب، واستفاد من التفسير وما كتبه صاحب الحاشية في ثمانية مجلدات، يعني يرجع إلى الحاشية عند الحاجة.