بلوغ المرام - كتاب الصلاة (26)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
قال شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-:
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا, ولا تكبروا حتى يكبر, وإذا ركع فاركعوا, ولا تركعوا حتى يركع, وإذا قال: سمع الله لمن حمده, فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد, وإذا سجد فاسجدوا, ولا تسجدوا حتى يسجد, وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً, وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) رواه أبو داود وهذا لفظه، وأصله في الصحيحين.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً فقال: ((تقدموا فأتموا بي, وليأتم بكم من بعدكم)) رواه مسلم.
وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرة بخصفة, فصلى فيها, فتتبع إليه رجال, وجاءوا يصلون بصلاته".. الحديث, وفيه: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) متفق عليه.
وعن جابر قال: "صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أتريد أن تكون يا معاذ فتانا? إذا أممت الناس فاقرأ: بالشمس وضحاها, وسبح اسم ربك الأعلى, واقرأ باسم ربك, والليل إذا يغشى)) متفق عليه, واللفظ لمسلم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- في قصة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس وهو مريض قالت: "فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر, فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً, يقتدي أبو بكر بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" متفق عليه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف, فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة, فإذا صلى وحده فليصلِ كيف شاء)) متفق عليه".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه الأحاديث تندرج تحت الشق الثاني من شقي الترجمة: باب صلاة الجماعة والإمامة، فالأحاديث التي قرأت تندرج في الإمامة في أحكامها وصفة الإمام وواجب المأموم.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا, ولا تكبروا حتى يكبر, وإذا ركع فاركعوا, ولا تركعوا حتى يركع))".. الحديث، هذا الحديث رواه أبو داود، وأصله في الصحيحين، الحديث بحروفه في الصحيحين في الجمل الأولى: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا)) هذا في الصحيحين، ((ولا تكبروا حتى يكبر)) هذه ليست في الصحيحين، ((وإذا ركع فاركعوا)) في الصحيحين، ((ولا تركعوا حتى يركع)) ليست في الصحيحين، ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا...، وإذا سجد فاسجدوا)) هذا في الصحيحين، ((ولا تسجدوا حتى يسجد)) هذا ليس في الصحيحين، ((وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً)) كذلك، ((وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) وهذا من الصحيحين، إذن ما معنى قوله: "وأصله في الصحيحين"؟ الحديث يكون في كتاب من كتب السنة الدواوين المعتبرة كالسنن والمسانيد ويكون له أصل في الصحيح، ويكون ما في الفرع أتم مما في الأصل، يكون جزء منه أو جملة أو جمل منه في الصحيح، والباقي لا يوجد في الصحيح، إذن أصله في الصحيح لأنه حديث واحد.
في الحديث يقول: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) يعني: إنما جعل هذا الشخص المتصف بهذا الوصف الذي هو الإمامة إنما جعل ليؤتم به، في بعض الروايات: ((فلا تختلفوا عليه)) ومقتضى هذا أن يقتدى به ويؤتم به في جميع أفعال الصلاة، وفي جميع أقوالها حتى النية، هذا مقتضى العموم: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) يعني لكي يؤتم به، فلا تختلفوا عليه في شيء من الأشياء، لا في الأفعال ولا في الأقوال ولا في النيات هذا الأصل، لكن جاء ما يخرج بعض الصور من هذا العموم، يأتي في حديث معاذ إخراج النية في صلاة المفترض خلف المتنفل، وهذا ستأتي الإشارة إليه، في صلاته -عليه الصلاة والسلام-، وهو مسافر يقصر الصلاة والناس خلفه يتمون، يخرج صورة من صور النية، وصورة من صورة تطابق الأفعال؛ لأن الذي يقصر يصلي ركعتين والمأموم يصلي أربع على هذا اختلفنا عليه، على كل حال هذا العموم مخصوص بصور، وما عدا هذه الصور تجب موافقة الإمام من قبل المأموم، إمام لا يرفع يديه مع التكبير للافتتاح ولا للركوع ولا للرفع منه ولا من القيام من الركعتين، إذا كان الإمام لا يرفع يديه نقول للمأموم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه لا ترفعوا أيديكم؟ أو نقول: هذا أمر مشروع لا يترك من أجل مخالفة الإمام؟ أمر مشروع ثابت في حق الإمام والمأموم إن أحسن الإمام وأتى به فله، وإن أساء فعليه، ويبقى أن المأموم مطالب بمثل هذا.
الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة التي يسميها الفقهاء جلسة الاستراحة، يعني ما ترجح عنده أن جلسة الاستراحة مطلوبة من كل مصلي، يعني المتجه عنده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعلها في آخر حياته لحاجته إليها، والمأموم يتجه عنده أنها مشروعة لكل مصلي، وهي ثابتة في حديث مالك بن الحويرث وجاءت في بعض طرق حديث المسيء وحديث أبي حميد ولها أدلة، نقول: لا تجلس بعد الركعة الأولى والثالثة لأن الأمام لا يجلس؟ نقول: اجلس يا أخي، وليس في هذا مخالفة، المقصود أن المطلوب ما طلبه الشارع من المصلي يأتي به ولو خالف الإمام سواءً كان عن اجتهاد أو تفريط، لا يتابع الإمام في ترك السنن ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) هذا حصر، حصر حقيقي وإلا حصر إضافي؟ يعني الإمام ليست له إلا هذه الصفة أو له صفات أخرى بهذا الوصف الذي هو الإمامة؟ يعني هل هذا الحصر (إنما) حرف حصر بمثابة ما وإلا فهل هذا حصر حقيقي؟ يعني ما في عمل للإمام إلا ليؤتم به ليكون الحصر حقيقياً أو له أوصاف أخرى غير الائتمام؟ دعنا من كونه يصلي لنفسه يؤدي يسقط فرض عن نفسه هذه مسألة أخرى للمقيد بالوصف الذي هو الإمامة، قد يزيد في صلاته مما لا يشرع له -للمأموم- أن يتابعه عليه، وقد يزيد المأموم قد ينقص الإمام، هذا مسألة الائتمام مسألة أخرى، لكن أقول: هل للإمام..، هل لنصب الإمام حكمة شرعية، علة شرعية غير الائتمام، القراءة والمأموم مأمور بالإنصات، ((إذا قرأ فأنصتوا)) هل يؤتم بالإمام في القراءة مع أن قراءة المأموم مرتبطة بقراءة الإمام، الآن السؤال واضح وإلا ما هو بواضح؟ عندنا إمام عينه الشارع إمام ليقتدي به المأموم هل لهذا الشخص بهذا الوصف الذي هو الإمامة فائدة غير الاقتداء؟ إن كان هناك فائدة غير الاقتداء قلنا: الوصف إضافي، أعظم ما في الإمام الاقتداء والباقي أمره أخف، نعم، يعني هل الحكمة من شرعية أو تقديم إمام يصلي بالناس هي مجرد أن يقتدي به المأمومون، ويتبعوه في أفعاله وأقواله؟ أو هناك حكم أخرى؟ هذه فائدة من شرعية الجماعة، ضامن، الإمام ضامن، بمعنى أن المأموم لو فرط في شيء من الواجبات يتحمله الإمام، لكن مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) يعني يؤتم به في الصلاة لا خارج الصلاة، هذا الأصل في نصب الإمام، هل هناك فائدة غير الاقتداء من نصب هذا الإمام حتى لا يختلف عليه؟ هذه حكمة أو مشروعية صلاة الجماعة، القراءة ما هي باقتداء صحيح، يعني ما هو معنى هذا أنه إذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال المأمومون: الحمد لله، هذا..، ليس معنى هذا إذا قرأ فاقرءوا ليكون اقتداء، إذا قرأ فأنصتوا فهذا مما يستثنى مما ذكر، إذن الحصر هنا إضافي، ((ليؤتم به)) يعني ليقتدى به، ((فإذا كبر فكبروا)) (إذا) جملة شرطية ((إذا كبر فكبروا)) والفعل الماضي في الحديث هنا: ((إذا كبر)) يعني فرغ من التكبير؛ لأن الفعل الماضي يطلق ويراد الفراغ منه كما هو الأصل، ويطلق ويراد به الشروع فيه، ويطلق ويراد إرادة الفعل، فعندنا: ((إذا كبر فكبروا)) إذا فرغ من التكبير كبروا، ويؤكد مفهوم هذه الجملة، هذه الجملة لها منطوق ((إذا كبر فكبروا)) إيش مفهوم هذه الجملة؟ أننا لا نكبر حتى يكبر الإمام وهو منطوق الجملة التي تليها: ((ولا تكبروا حتى يكبر)) هذه الجملة مؤكدة لمفهوم الجملة الأولى.
((وإذا ركع فاركعوا)) يعني أخذ في الركوع وشرع فيه، ولا يمكن أن يقال: إذا فرغ من الركوع، ولا يمكن أن يقال: إذا أراد الركوع، وإذا ركع فاركعوا مفهوم هذه الجملة أننا لا نركع حتى يركع الإمام، ويؤيدها ويشهد لهذه الجملة منطوق الجملة التي تليها.
((ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده)) سمع الله لمن حمده، العلماء يقولون: سمع بمعنى أجاب، الشراح يقولون: سمع بمعنى أجاب، وعلى كل حال فيه إثبات السمع لله -جل وعلا-، فيه إثبات السمع لله -جل وعلا-، وقد ثبت السمع بالأدلة القطعية من نصوص الكتاب والسنة.
((إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا)) الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، "فقولوا" المأموم يقول: اللهم ربنا لك الحمد, أو يقول: اللهم ربنا ولك الحمد، وهي ثابتة أيضاً في الصحيح بالجمع بين اللهم والواو، أو قولوا: ربنا لك الحمد بدون اللهم والواو، أو ربنا ولك الحمد بالواو دون اللهم، فهي أربع صيغ تقدمت الإشارة إليها، أربع صيغ وكلها ثابتة خلافاً لابن القيم الذي ينفي ثبوت الجمع بين اللهم والواو وهو في الصحيح.
((إذا قال -الإمام-: سمع الله لمن حمده فقولوا)) يعني معاشر المأمومين: ((اللهم ربنا لك الحمد)) العطف بالفاء يقتضي أنه لا فاصل بين قول الإمام..، بين فراغ الإمام من قوله: سمع الله لمن حمده وبين قول المأموم: اللهم ربنا ولك الحمد، من الذي يقول: سمع الله لمن حمده في الحديث؟ الإمام، ومن الذي يقول: اللهم ربنا لك الحمد؟ المأموم بدليل؟
طالب:......
شو النهي؟ والمأموم منهي أن يقول: سمع الله لمن حمده؟ هو ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يجمع بينهما، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يجمع بينهما، ولذا يرى الشافعية أنه يجمع بينهما كل مصلٍ إمام ومأموم ومنفرد كلهم يقولون: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، الحنفية يقولون: الإمام يقول: سمع الله لمن حمده ولا يقول: ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد ولا يقول: سمع الله لمن حمده.
الحنابلة يقولون: الإمام يجمع بينهما لأنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمأموم يقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد؛ لأن العطف بالفاء يقتضي أنه لا فاصل بين فراغ الإمام من قول: سمع الله لمن حمده وبين قول المأموم: ربنا ولك الحمد، وإذا كان لا يوجد فاصل بينهما إذن متى يقول المأموم: سمع الله لمن حمده؟ إذن هذا خاص، وإن كان ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأسوة والقدوة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- غالب أحواله الإمامة، فعمله محمول على الإمام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في أفعاله منها ما يحمل على عموم الأحوال فيشمل جميع المسلمين، وهذا هو الأصل في الاقتداء والائتساء، ومنها ما لا يمكن حمله على جميع الأحوال لمعارض راجح، النبي -عليه الصلاة والسلام- متى يأتي لصلاة الجمعة؟ للخطبة، يأتي للخطبة، يأتي فيصعد المنبر، هل نقتدي به -عليه الصلاة والسلام- في هذا بمعنى أننا لا نأتي إلا مع دخول الخطيب؟ أو لنا ما يخصنا من النصوص: "من جاء في الساعة.."، "من راح في الساعة الأولى.."، "من راح في الساعة الثانية.."؟ وعمله محمول على الأئمة لأنه بوصفه إمام -عليه الصلاة والسلام- له مثل هذا الفعل، فيقتدي به الأئمة في ذلك، ولذا لا يشرع للإمام أن يروح في الساعة الأولى أو في الساعة الثانية أو في الثالثة، اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام- بهذا الوصف الذي هو الإمامة.
((وإذا سجد فاسجدوا)) يعني إذا شرع وأخذ في السجود فاسجدوا، يؤكد مفهوم هذه الجملة منطوق الجملة التي تليها: ((ولا تسجدوا حتى يسجد)) كسابقاتها ((وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً)) وهذه الجملة كالجمل السابقة لا توجد في الصحيح؛ لأنه قد يقول قائل: إنه لا يحتاج إلى ذكرها لأن الصلاة من قيام هو الأصل، ((إذا صلى قائماً)) هل يتصور أن المأمومين يجلسون مع معرفة ما جاء في حديث عمران بن حصين: ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) وغيره مما يدل على أن القيام ركن من أركان الصلاة؟ فهذا لا يحتاج إلى ذكر، ولذا لا يوجد في الصحيحين، يوجد في سنن أبي داود، لكن الذي يحتاج إلى ذكر الجملة التي تليها، ((وإذا صلى قاعداً -يعني لعذر- فصلوا قعوداً أجمعين)) القيام مع القدر في الفريضة ركن من أركانها، وفي النافلة نصف الأجر، الصلاة صحيحة وله نصف الأجر، صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم، هنا في الفريضة قعد الإمام لعذر فصلوا قعوداً أجمعين، حال كونكم مجتمعين، وفي كثير من الروايات: أجمعون، وهو تأكيد لضمير الجمع في قوله: ((صلوا)) تأكيد لضمير الجمع، والمعنى متقارب.
((إذا صلى قاعداً)) ومعلوم أنه في الفريضة لا بد من عذر، وإلا فالقيام ركن، قلنا: النافلة تصح من قعود على النصف، إذا صلى الأمام في صلاة التراويح أو في صلاة التهجد قاعد من غير عذر صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ يصلي المأموم خلفه قيام وإلا قعود؟ قعود، لهم الأجر كامل وإلا النصف؟ من غير عذر، لكن هم يقولون: نبي الأجر كامل ما جينا ندور نصف الأجر، عندنا هنا النص صريح: ((إن صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) أو ننتهي من الفريضة ثم نعود إلى النافلة؟ قال بموجب الحديث الحنابلة، وقالوا: إذا صلى الإمام لكن بقيود، أولاً: أن يكون الإمام الراتب، إمام الحي إذا ابتدأ كل كلمة لها مفهوم "إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة من قعود لعلة يرجى برؤها -لعلة يرجى برؤها- فإن المأمومين يلزمهم أن يصلوا قاعدين"، إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً لعلة يرجى برؤها، أن يبتدئ الصلاة من قعود، أن يكون هو إمام الحي الراتب، أن تكون علته وعذره يرجى برؤه، فإنه يجب على المأمومين أن يقتدوا به في قعوده فيجلسوا فيصلوا جالسين.
إذا جاء شخص طارئ، شخص طارئ مريض قال: أبا أصلي بكم بيجلس، نصلي قعود وإلا قيام؟ قيام؛ لأن الصلاة ما ابتدأت من قعود، وأيضاً لأن الإمام ليس بإمام الحي، إذا طرأ على الإمام بعد أن افتتح الصلاة قائماً ما يجعله يعجز عن القيام فجلس في الركعة الثانية أو الثالثة يتمون من قعود أو من قيام؟ من قيام؛ لعلة يرجى برؤها، ما نأتي بإمام الحي وقد قطعت رجلاه ولا يستطيع القيام ونجعله يصلي بالناس من أجل أن نصلي جالسين؛ لأن هذه العلة لا يرجى برؤها، لماذا الحنابلة قيدوا هذا الحكم بهذه القيود ولا إشارة فيها في الحديث؟ هم يقولون مثل هذا الكلام ويقيدون بهذه القيود لئلا يتعارض هذا الحديث مع ما سيأتي، حديث سيأتي في إمامة أبي بكر، صلاته بالناس في أول الأمر، ثم مجيء النبي -عليه الصلاة والسلام-، فجاء فجلس عن يسار أبي بكر، وستأتي تكملة البحث عند شرح هذا الحديث.
على كل حال الحنابلة عرفنا مذهبهم، إذا ابتدأت الصلاة من قعود، والإمام إمام الحي، لا يؤتى بإمام طارئ يصلي بالناس لا ميزة له على غيره، فلا بد أن تبتدئ الصلاة من قعود، والإمام علته يرجى برؤها، فإنه يلزمه القعود عملاً بهذا الحديث.
المالكية ماذا يقولون؟ المالكية يقولون: لا تصح إمامة القاعد، كيف لا تصح إمام القاعد؟ يرون في ذلك حديث: ((ولا تتابعوه في القعود)) ((لا يؤمن أحد بعدي قاعداً قوماً قياماً)) وهذه أحاديث ضعيفة لا تقاوم مثل هذا الحديث، فعندهم لا تصح إمامة القاعد لا من قيام ولا من قعود.
الحنفية والشافعية يقولون: تصح إمامة القاعد، لكنه لا يتابع على القعود استدلالاً بما سيأتي في قصة مرض النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلاة أبي بكر، وافتتاح أبي بكر الصلاة بالناس من قيام، ومجيء النبي -عليه الصلاة والسلام- وجلوسه عن يساره والمأموم قيام؛ لأن الصلاة افتتحت من قيام فتكمل قيام، ومثل هذه الصورة تخرج بالقيد الأول عند الحنابلة، الحنفية والشافعية يرون أن هذا الحديث منسوخ، منسوخ بما فعله -عليه الصلاة والسلام- في آخر أمره في مرض موته، وهذا الحديث سيأتي، وبقية المباحث نتركها إلى الحديث اللاحق -إن شاء الله تعالى-.
هناك أشياء لم يشر إليها في الحديث لكنها معلومة: ((ولا تسجدوا حتى يسجد)) ((وإن صلى قائماً)) وإلا إيش..؟ إلى آخره، لكن السلام؟ يتقدم على الإمام بالسلام؟ ((لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف)) فلا يجوز أن يسلم المأموم قبل سلام إمامه.
الحديث الذي يليه: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم.." لكن لو قدم المؤلف -رحمه الله تعالى- الحديث الثاني عشر قبل هذا لكان أولى.
يقول: "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي, وليأتم بكم من بعدكم)) رواه مسلم".
وهذا التأخر احتمال أن يكون تأخرهم في بيوتهم وفي أعمالهم، وأن يكون تأخرهم وهم موجودون في المسجد، يوجد من يتأخر وهو في المسجد جالس، تقام الصلاة ويشرع فيها وهو جالس في آخر المسجد، فعلى مثل هذا أن يتقدم، وبعض الناس يبادر يأتي مع الأذان مثلاً، ويجلس ومجرد ما يسمع الإقامة يقوم، وهذا نوع ثالث من التأخر، لكنه يكبر في أدنى مكان عنده، وهذا ملاحظ في المساجد الكبيرة التي يصلي فيها الجموع الغفيرة كالحرمين مثلاً، لأنه، يقول: إن ذهبت إلى الصف الأول فاتت ركعة، الحرم المكي أو المدني طول المسافة، مسافة طويلة جداً إلى الصف الأول، وتجد الناس أوزاع، خمسة في صف، عشرة في صف، اثنان في صف، ثلاثة عند الباب، دعونا من الذين هم خارج المسجد هؤلاء حكمهم آخر، من كان في محيط المسجد داخل سور المسجد صلاته صحيحة إذا لم يكن فذاً، لكن كم فاته من الأجر والفضل بسبب هذا التأخر، يصلي في أدنى مكان، يفوته أجر الصف الأول أو الذي يليه، ويفوته أيضاً صلة وصل الصفوف، ولذا جاء الأمر بذلك، رأى في أصحابه تأخراً -عليه الصلاة والسلام- فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي)) هذا الأصل، الأصل أن من يحضر مبكر إلى المسجد يتقدم إلى الصف الأول ((فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم)) قد يكون هناك معارض لما حث عليه وحظ عليه في الصف الأول، حلقة علم في آخر المسجد، إن جلس في هذه الحلقة فاتته الصفوف العشرة أو العشرين الأولى، وإن تقدم إلى الصف الأول ما سمع الدرس هذه مسألة، وهذا من باب تعارض النوافل.
مسألة أخرى، لو تقدم إلى الصف الأول فاتته تكبيرة الإحرام، ومسألة ثالثة لو تقدم إلى الصف الأول أو الثاني فاته ركعة، ومعلوم أن من يقضي الصلاة لا سيما في الأماكن المزدحمة يحصل له ما يحصل من مرور الناس بين يديه وتشويشهم عليه، ثالث يقول: إن تقدمت إلى الصف الأول وفاتني ركعات، فاتني صلاة جنازة مثلاً، وهنا تتعارض عنده سنن، فماذا يقدم؟ هل نقول له: تقدم إلى الصف الأول أو الذي يليه أو الذي يليه بحسب ما يتيسر لك واترك مسألة تكبيرة إحرام أو ركعة أولى، ولو اقتضى ذلك أن يفوتك ركعة أو ركعتين ويشوش الناس عليك، يمرون بين يديك، أو لو فاتتك صلاة جنازة؟ أو نقول: لا، صلِ في مكانك لا تصلي فذ، وفي سور المسجد وصلاتك صحيحة، وأدرك الصلاة كاملة وسلم مع الإمام ولا أحد يشوش عليك، وتدرك صلاة الجنازة وهكذا، فهنا تتعارض سنن، ما الذي يقدم من هذه السنن؟
أهل العلم يقررون قاعدة، وهو أن المحافظة على الأجر المرتب على العبادة نفسها أولى من المحافظة على الأجر المرتب على مكانها أو زمانها ما لم يكن المكان أو الزمان شرط، أما إذا كان المكان شرط قد يقول: أنا عندي غرفة خارج الحرم مريحة ومكيفة وأضبط الصلاة وأخشع في صلاتي ولا يمر أحداً بين يدي، نقول: لا يا أخي، نعم هذا الخشوع مما يطلب للصلاة، نقول: أدخل، يقول: حر، نقول: ولو كان حر، المكان شرط لصحة الاقتداء.
أقول: المحافظة على الأجر المرتب على العبادة نفسها أولى من الأجر المرتب على مكانها أو زمانها هذه قاعدة، إذا كان الإنسان يتيسر له أن يطوف بجوار الكعبة، لكنه لا يحضر من قلبه شيء، أو يطوف من وراء الناس بسكينة ويحصي طوافه، ويحضر قلبه ويذكر الله على الوجه المأمور به أيهما أفضل؟ نقول: ابعد يا أخي، ونقول مثل هذا في الصلاة، يعني الصلاة في الصف الأول في الأماكن المزدحمة ترى يترتب عليها إضاعة أشياء كثيرة، أحياناً الإنسان من شدة الزحام ما يكمل صلاته، وقد لا يتيسر له ركوع ولا سجود، فهل مثل هذا نقول له: زاحم في الصفوف الأولى ولو ترتب على هذا ما يترتب عليه من خلل في الصلاة؟ على كل حال المسألة مسألة فضائل، ولا بد أن نوازن بين هذه الفضائل، نعم هناك سنن، وهنا ترغيب في هذه السنن، لكن نفقه كيف نطبق هذه السنن بما لا يتعارض مع ما هو أقوى منها، يعني طرف الصف الأول، يمين الصف الأول افترض أنه ما فرش، وفي بقايا من أسمنت، وبقايا من أشياء لا يرتاح الإنسان في الجلوس عليه، كأنه جالس على شوك، أو الصف الثاني أيهما أفضل؟ الصف الثاني على القاعدة لماذا؟ لأن هذا محافظة على لب الصلاة الذي هو الخشوع، وهناك محافظة على مكانها.
وعلى كل حال على الإنسان أن يحرص على جميع السنن، يحرص على تطبيق السنن، وعلى الفقه في كيفية تطبيق هذه السنن، يعني يحصل جدال وخصام ونزاع شديد، بل قد يحصل مضاربة عند الصف الأول، هذا الذي حرص والباعث عليه الحرص في تطبيق هذه السنن، هل هذا فقه كيف يطبق السنة؟ وقد ترتب على تطبقها أمور محظورة، أقول: لا بد من الفقه في هذه الأمور، في كيفية التطبيق، ولا بد من الموازنة، فهناك سنن تتعارض في مثل هذه الصور، فهل نقول: احرص على الصلاة من أولها إلى آخرها وأدها في مكان وأنت مرتاح لو صار بينك وبين الإمام مفاوز في الحرمين مثلاً؟ لكن لا تصلِ منفرداً، ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) على ما سيأتي، معك مجموعة في سور المسجد صلاتك صحيحة وبالإجماع، لكن فاتتك أجور، فرطت بأجور.
وعلى كل حال الظرف أو الظروف في هذه الأماكن التي يرتادها الفئام من الناس لا شك أنها..، لا بد من تجاوز كثير من الأمور، يعني الصلاة بين السواري في أوقات الزحام مثلاً، نقول: الصلاة بين السواري مكروهة، لكن في رمضان ويش با تسوي في الحرم المكي؟ نقول: لا تصلِ بين السواري؟ وين تروح؟ لا بد أن تصلي بين السواري، أقول: لا بد من تجاوز بعض هذه الأمور لعدم القدرة على الإتيان بجميع ما حث عليه الشارع، لكن إذا تزاحمت المسائل سواءً كانت كلها واجبات أو كلها مستحبات لا بد من المفاضلة بينها، على أن لا نعرض جوهر الصلاة للخلل.
هنا يقول: "رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم))" تكملة للحديث تمامه: ((لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل-)) في بعض الروايات: ((في النار)) يعني من كان ديدنه التأخر عن الصلاة من غير عذر، من كان ديدنه التأخر عن الصلاة هذا لا شك أنه فيه وصف راسخ، وإن شئت فقل: ملكة من ملكات المنافقين، إذا كان ديدنه كذلك، فإنه لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل- في النار، كما جاء في بعض الروايات، وبعض الناس يتذرع في التأخر عن الصلاة وعدم التقدم إليها؛ لأنه بصدد تحصيل مصالح، إيش هذه المصالح؟ ولتكن هذه المصالح تأليف مثلاً، أو تعليم علم أو قراءة في القرآن مثلاً، جالس في البيت يقرأ القرآن ولا يطلع إلا إذا سمع الإقامة، هل هذا أفضل من الذي تقدم إلى الصلاة ينتظر الصلاة؟ لا سيما إذا كان ممن يقتدى به........ أو للتأخر في الخروج من المسجد تجد مجموعة من عامة الناس يقلدونه ويجلسون حتى تطلع الشمس وعلى خير -إن شاء الله-، والمسجد اللي ما فيه أحد ما في أحد، خلاص، الناس ينظرون إلى أهل العلم وإلى طلاب العلم نظرة تختلف، ولذا شرعت الصلاة في المساجد من أجل أن يقتدي الجاهل بالعالم، وشرع أيضاً بعض الصلوات لا سيما النوافل في البيوت من أجل أن يقتدي أهل البيت من نساء وأطفال وذراري يقتدون به في صلاتهم.
((تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم)) يعني من بعدكم في الزمان أو في المكان؟ اللفظ محتمل، يعني من جاء من التابعين يقتدي بالصحابة، هذه مسألة، الصف العاشر الذي لا يرون الإمام مثلاً، أو الصف الثالث الرابع يأتمون بمن أمامهم، ولذا يقول: ((وليأتم بكم من بعدكم)) الإمام قدوة يأتم به من يراه من المصلين، لكن من لا يراه من المصلين يقتدي بمن يرى، وليأتم بكم من خلفهم، وإلا لو قلنا: إنه لا يقتدي بالإمام إلا من يراه ويسمع صوته في المساجد الكبيرة التي تجمع العدد الجم الغفير من الناس والمسألة مفترضة بدون مكبرات معناه ينقطع الاقتداء، لكن هذا الحديث فيه ما يدل على أن المأمومين بعضهم يصلح أن يكون قدوة لبعض، وعلى هذا يرى بعضهم وإن كان الجمهور على خلافه أنه إذا كبر للركوع وركع قبل أن يرفع الصف الذي أمامه أنه يدرك الركعة ولو كان الإمام قد رفع، لكن الجمهور أبداً، الاقتداء مرتبط بالإمام، إذا رفع الإمام فاتت الركعة، ولا شك أنه إذا استغلق واستحال الاقتداء بالإمام فالاقتداء بمن وراءه سائغ بهذا الحديث، وقل مثل هذا في المسبوقين، اثنان دخلا إلى المسجد فاتهم شيء من الصلاة لأحدهما أن يقتدي بالآخر، بعد سلام الإمام الأول، فيكون إمام ومأموم، ويش المانع؟ يقتدى به؛ لأن كل منهما في حكم المنفرد، والإمامة سائغة في مثل هذه الصورة، لكن إذا شك الثاني كم فاته من الصلاة ودخل معه واحد صلى ركعة وسلم بناءً على اللي فايتهم واحد، والثاني ما يدري هل هي ركعة وإلا ركعتين شاك، هل يقتدي بزميله ويصلي ركعة ويسلم أو يقول: إنه يبني على الأقل ويأتي بركعتين؟ هو شاك، والشك: استواء الطرفين، وصاحبه الذي دخل معه معروف أن اللي فائتهم شيء واحد، مقدار الفائت واحد بين الاثنين، هذا جزم أو غلب على ظنه أنهم فاتهم واحدة وسلم، ترجح أحد الطرفين بالنسبة للثاني بسلام الأول فصار عنده الفوات بركعة واحدة من باب غلبة الظن، يعني........ خمسين بالمائة أنه واحدة أو خمسين بالمائة أنها اثنتين، لما سلم زميله -صاحبه الذي دخل معه- من ركعة واحدة طلعت النسبة إلى سبعين بالمائة، صار عنده غلبة الظن، لكن هل يعمل بغلبة الظن أو يعمل بالأقل لأنه المتيقن؟ وهل يفرق بين المبتلى وغيره؟ يعني مراعاة شخص مرة في الشهر أو مرة في السنة تردد هل نقول: رجح بصنيع صاحبك أو ابنِ على الأقل واخرج من عهدة العبادة بيقين؟ وشخص كلما صلى ما يدري كم فاته، نقول: هذا يقتدي به، فنفرق حينئذٍ بين المبتلى وبين غيره، شخص إذا سلم ما يدري كم صلى وفي كل فرض نقول: مثل هذا مبتلى لا يعقل من صلاته شيء يقتدي بمن جواره؛ لأنه مبتلى، وصلاة جاره ترجح عنده غلبة الظن، والعمل بغلبة الظن معروف عند أهل العلم، لكن إذا كان ما حصل مثل هذا إلا مرة في السنة، نقول له: تبني على اليقين وتزيد ركعة وتسجد بعد السلام ترغيماً للشيطان، نعم وتخرج من عهدة الواجب بيقين، هذا في غير المبتلى، أما المبتلى لو يقال له مثل هذا الكلام يمكن يزيد، وأيضاً إذا كان قد زاد في صلاته وسجد سجدتين صار ترغيماً للشيطان، شفعنا له صلاته على ما تقدم، وعندي أنه يفرق بين المبتلى وغيره.
يقول: "وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرة بخصفة فصلى فيها"، "احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرة بخصفة" حصير من سعف النخل اتخذ حجرة من هذا الحصير فصلى فيها، وفي بعض الروايات: "احتجز" يعني اتخذ حاجزاً يحجز بينه وبين الناس في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، "فصلى فيها فتتبع إليه رجال" يعني من التتبع وهو الطلب للاقتداء به والائتساء به في صلاته -عليه الصلاة والسلام-، "وجاءوا يصلون بصلاته" يصلون بصلاته فريضة وإلا نافلة؟ نافلة، معلوم أنه في رمضان -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ليلة ثم الثانية كثر العدد، ثم الثالثة أو الرابعة لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم، وفي هذا دليل على مشروعية صلاة النافلة جماعة على ألا تشبه بالفريضة، يعني لو اعتاد بعض الناس أنه لا يصلي الرواتب إلا جماعة، نقول: لا يا أخي ابتدعت، لكن لو صلاها مرة مرتين لا بأس، وقد اقتدى ابن عباس بالنبي -عليه الصلاة والسلام- على ما سيأتي في النافلة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- صلى جماعة في المسجد نافلة، فينبغي أن تفعل أحياناً، وإذا وجههم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الأفضل صلاة الجماعة نافلة لا بأس، لكن هناك ما هو أفضل ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) وبدل أن تصلوا معي في هذه الحجرة صلوا في بيوتكم، "لا تشبهوا بيوتكم بالقبور"، "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً"، "صلوا في بيوتكم" ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) فينبغي أن يجعل المسلم ولا سيما طالب العلم في بيته مكاناً يؤدي فيه نوافله وتطوعاته الراتبة وغير الراتبة، مكان يتعاهده بالتنظيف والتطييب ولا يشبه بيته بالمقبرة التي لا يصلى فيها: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) وهذا النص قيل في المدينة، ما يقول قائل: أنا أغتنم شرف البقعة فأصلي في الحرم لأنها أفضل، نقول: لا يا أخي هذا النص قيل في المدينة، لا سيما الحرم المدني الذي التضعيف خاص به ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه)) قد يقول قائل: أنا بأغتنم هذا التفضيل وأصلي النوافل في المسجد، نقول: لا يا أخي هذا الحديث قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في مدينته، في بلدته، وفي مسجده، فأنت تصلي في البيت أفضل من صلاتك في المسجد ولو كان الحرم، أما بالنسبة للحرم المكي حدوده فيها سعة، المسجد الحرام يشمل كل الحرم عند جمهور أهل العلم، أما بالنسبة للمدني فما حاطه السور، ومثل هذا الحديث حمل بعض أهل العلم أن يخصوا التضعيف بالفريضة، لماذا خص التضعيف بالفريضة؟ ((صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة)) خاص بالفريضة دون النافلة، صلاة بألف صلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام- في الفريضة دون النافلة؟ لئلا يتعارض مع مثل هذا الحديث، يعني لو قلنا: إن التضعيف شامل للفريضة والنافلة وقلنا: إن البيوت في المدينة لا تضعيف فيها، التضعيف خاص بمسجده ألا يحصل تعارض هنا؟ في تعارض وإلا ما في؟ لأنه قد يقول: أنا أريد ألف صلاة ونترك التفضيل ذا؛ لأنه قد يكون أفضل بشيء يسير، وهناك محقق...... ألف ضعف، فلماذا لا أصلي؟ نقول: هذا النص قيل في المدينة، وأفضل صلاة المرء في بيته في المدينة أفضل من المسجد إلا المكتوبة، وهذا ما جعل بعض العلماء يرون أن التضعيف خاص بالفرائض دون النوافل.
"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم"، معاذ -رضي الله عنه- يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، يصلي صلاة العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم، يصلي فريضته مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يأتي إلى قومه فيصلي بهم نافلة، وهو من أقوى الأدلة على جواز وصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، ومعروف أن المذهب عند الحنابلة لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، والقول الآخر عند أهل العلم صحة ذلك، ودليلهم حديث قصة معاذ، فيقول ناظم الاختيارات يقول -وهو يتحدث عن صلاة المفترض خلف المتنفل-:
وعند أبي العباس ذلك جائزٌ |
|
لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ |
يقول: "صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم" وفي رواية: "قرأ البقرة" وبعض الروايات: "قرأ النساء"، "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أتريد يا معاذ أن تكون فتانا?))" وفي وراية: ((أفتان يا معاذ؟)) يعني هل تريد يا معاذ أن تفتن الناس وتصرفهم عن صلاتهم بسبب التطويل؟ لأن الذي يفتن الشيء عن دينه يعني يصرفه عنه، يصرفه عن دينه، أتريد أن تكون فتاناً؟ تصرف الناس عن صلاتهم وأهم عباداتهم بتطويلك؟ ((إذا أممت الناس فاقرأ: بالشمس وضحاها, وسبح اسم ربك الأعلى, واقرأ باسم ربك, والليل إذا يغشى)) يعني لا تطيل على الناس "متفق عليه" فأمر معاذاً أن يقرأ بهذه السور وما هو في مقدارها من الآيات؛ لئلا يكون سبباً في انصراف الناس عن الصلاة أو عن حضور الجماعات، بهذا يفتتن الناس، وجاء الأمر بالتخفيف ((من أم الناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة)) وهؤلاء تجب مراعاتهم، إذا صلى الإنسان لنفسه فليطول ما شاء، لكن من أم الناس عليه أن يخفف، هذا هو الأصل التخفيف، لكن يبقى أن المسألة مرتبطة بالجماعة، فإذا علم الإمام أن الجماعة لا يكرهون التطويل، بل يرغبون فيه فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى المغرب بالأعراف، وصلى بالطور، صلى بالمرسلات، صلى بـ(ق)، صلى بـ(آلم) السجدة، المقصود أنه صلى بطوال، ولا تعارض، هذا لا يعارض هذا، لا شك أن الناس فيهم المعذور، وفيهم من عنده حاجة، فيهم كبير، فيهم مريض يحتاج إلى مراعاة، لكن إذا جزم الإمام أنه لا يوجد فيهم من هذه الأنواع أحد، بل يجزم ويغلب على ظنه أن الجماعة يرضون يطلبون التطويل بعض الجماعة، لا سيما إذا كان الإمام خاشع في صلاته، يقرأ القرآن كما أمر، قراءته تؤثر في المصلين، مثل هذا الناس يطلبون التطويل منه، وعرفنا أن الحديث فيه..، صحة صلاة المفترض خلف المتنفل مسألة خلافية بين أهل العلم والحديث نص فيها.
يقول -رحمه الله-...
عرفنا أن بالأمس أن إعادة الصلاة يختلف حكمها عن حكم ابتدائها، فيعيد الصلاة هنا، ومن صلى في رحله يعيد الصلاة، سبق هذا الكلام، فلا يتعارض مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته افتتح سورة المؤمنون فأخذته سعلة فركع.
في الحديث الذي يليه: يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- في قصة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس وهو مريض" يعني في مرض موته -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الآخر من أموره -عليه الصلاة والسلام- "قالت: فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر" والذي يجلس في اليسار هو إيش؟ الإمام "فجلس عن يسار أبي بكر فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً" وعلى كل حال اختلف العلماء في صلاته -عليه الصلاة والسلام- هذه هل كان إماماً أو مأموماً؟ لكن أكثر الروايات على أنه جلس عن يسار أبي بكر وهو في الصحيح، واليسار هو موضع الإمام، يعني من الطرائف أنه جاء سؤال يقول: اثنان يصليان إمام ومأموم، فدخل ثالث ودفع الأيمن ليتقدم، تقدم الأيمن وتمت الصلاة، الصلاة صحيحة وإلا ليست صحيحة؟ هو دفع المأموم، المأموم هو الأيمن، صلاة صحيحة وإلا غير صحيحة؟ صلاة وقعت وانتهت ومن جهال، يبدو أن الثلاثة كلهم جهال، وكون المأموم ينقلب إلى إمام هذا هناك ما يدل له في صورة الاستخلاف، وكون الإمام يصير مأموماً له هذا الحديث، فيمكن أن تصحح هذه الصورة لا سيما مع الجهل.
"فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر" وهو موضع الإمام "فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" هذا هو دليل الحنفية والشافعية في أن المأموم يلزمه أن يصلي قائماً خلف إمامه القاعد، ويقولون: إن هذا الحديث متأخر عن الحديث الأول فهو ناسخ، وتأخره أمر محقق مؤكد هذا متأخر، لكن الحنابلة يجمعون بما سمعت، يوفقون بين هذه النصوص بما سمعنا، إذا ابتدأ إمام الحي، إذا ابتدأ هنا ابتدأت الصلاة من قيام، وهم يشترطون لصلاة المأموم قاعداً خلف القاعد أن تفتتح الصلاة من قعود، وهنا افتتحت الصلاة من قيام، والذي افتتح إمام الحي وإلا غيره؟ غيره، المقصود أن القيود التي وضعها الحنابلة منضبطة، وعلى كل حال من قال بالنسخ له وجه كما قال الحنفية والشافعية، والعمل على آخر الأمرين منه -عليه الصلاة والسلام-، فمن قال بالنسخ فله وجه وهو مسبوق من قبل جمع من الأئمة، ومن قال بالصلاة -صلاة المأموم- بالقيود التي ذكرها الحنابلة للتوفيق بين هذه النصوص له وجه.
أما ما يستدل به المالكية من عدم صحة إمامة القاعد فأحاديث ضعيفة،..... الإمام الراتب، إذا صلى الإمام، ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) الإمام، إمام الحي لكي يقطعوا الطريق على الكسالى ناس والله ما ودهم يصلون قيام، فينظرون وين؟ يتلفتون يشوفون لهم مقعد يصلي بهم، يعني شخص ما له ميزة ليش يصلي جالس؟ ما هو بإمام هذا جايبينه من أدنى مكان، تقول: الإمام يعني الإمام المرتب، والإمام المرتب من قبل ولي الأمر هو إمام الحي، أو بالاتفاق اتفقوا عليه فصار إمام، فالإمام لا شك أن له وقعه في الشرع، كل من طرأ عليه يبي يصلي جالس، يقول: يا الله تقدم يا أبو فلان، اترك الكرسي اللي جالس عليه وتعال مدد بها المحراب ونصلي وراك جالسين، لا يا أخي، لا، لا بد أن يكون له وصف معتبر، ولا وصف معتبر إلا لإمام الحي، فهو مجعول، يسار الإمام؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أدار ابن عباس فجعله عن يمنيه، وسيأتي من يثبت أنه جلس عن يسار أبي بكر فهو إمام بلا شك، الذي يثبت هؤلاء المالكية يقولون: هو ليس بإمام -عليه الصلاة والسلام- إنما هو مأموم، ولذا يضطرون إلى تأويل: "جلس عن يساره" أو ينفونها؛ لأنهم لا يرون إمامة الجالس أصلاً، فخلافهم من هذه الحيثية.
طالب:.....
يعني افتتح الصلاة قائم؟ لا، لا بد أن تفتتح الصلاة من جلوس، إذا طرأ له عذر وجلس ما عليهم يتمون قيام، ولو كان غير إمام الحي، ما في شيء، المقصود أن هذه القيود لتسويغ الصلاة من قعود خلف الإمام.
أبو بكر عن يمين النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يقول قائل: هل يسوغ لشخص يأتي ويصلي عن يمين الإمام والمسجد فيه مساحات؟ بل فيه صف ناقص في الأخير يقول: أنا با أدخل أصلي جنب الإمام، طيب ويش اللي حثك على هذا؟ يقول: ((خير صفوف الرجال أولها)) دعنا من قصة أبي بكر، وهو مكانه الذي افتتحت الصلاة فيه، وأراد أن يتأخر فأشار إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يثبت، لكن شخص يقول: لا أنا بصلي جنبه هذا فاضي، المحراب يسع خمسة أنا بجلس جنب الإمام ويش اللي يمنع؟ وأبو بكر صلى بجنب النبي -عليه الصلاة والسلام- أريد أن أتقدم ((خير صفوف الرجال أولها)) هو أريد فضيلة الصف الأول، يحصل له ذلك أو لا يحصل؟ لماذا؟ نعم الصف الأول هو الذي يلي الإمام، لو قدر أنه ضاق المسجد وتقدم ناس وصاروا بجوار الإمام نقول: هذا صف حاجة، وليس بصف طبيعي تترتب عليه الأحكام، صف حاجة، فضله بعد آخر صف، آخر صف أفضل من هذا الصف لأنه صف حاجة، وقل مثل هذا في الدور الثاني أو في قبو أو خارج المسجد كل هذه صفوف حاجة، ولو كانت أقرب إلى الإمام؛ لأن بعض الصور في المسجد لا سيما الحرم المكي هناك من هو أقرب إلى الكعبة من الإمام في بعض الجهات، هل نقول: إنهم أفضل من الصف الذي يلي الإمام لقربه من الكعبة؟ المسألة عاد تحتاج إلى بسط، ولعله يتيسر فرصة لشرحها.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف, فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة, فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء)) متفق عليه".
((إذا أم أحدكم الناس فليخفف)) لمثل ما جاء في حديث: ((أفتان يا معاذ؟)) ((أتريد يا معاذ أن تكون فتاناً؟)) التخفيف مطلوب لئلا يفتن الناس، ينفر الناس، وفيهم أيضاً من يحتاج إلى التخفيف، فيهم هذه الأنواع الصغير الذي لا يحتمل طول القيام، فيهم أيضاً الكبير العاجز، فيهم الضعيف، ضعيف البنية، نضو الخلقة الذي لا يستطيع أن يطيل القيام، فيهم صاحب الحاجة الذي شغلته حاجته عن الإقبال على صلاته، مثل هؤلاء يخفف من أجلهم، إذا صلى وحده الإنسان فليطول كيف شاء، فليصلِ كيف شاء، يعني لقائل أن يقول: أنا الآن منفرد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((فليصلِ كيف شاء)) مضى على دخول وقت صلاة العصر ثلث ساعة أقاموا الناس وأنا في البر لا أسمع أذان أبي أقيم، لكن فليصلِ كيف شاء، أنا بقرأ القرآن كامل، نقول: لك ذلك وإلا لا؟ ما هو بقائل: ((فليصلِ كيف شاء)) يقول: أنا بقرأ القرآن كامل، أبا أصلي مع دخول وقت صلاة العصر وبأقرأ القرآن كامل، امتثالاً لهذا ((فليصلِ كيف شاء)) في أحد يمنعه؟ لكن من يمنعه أن يقرأ في الأولى بالبقرة والثانية آل عمران ولو انتهى الوقت، في ما يمنع؟ دعونا من كونه يقرأ القرآن كامل فيضيع وقت المغرب ووقت العشاء هذا ممنوع لأنه تسبب في تضييع أوقات، يخرج صلوات عن أوقاتها، لكن ما هو مخرج شيء، الفريضة ما تدخل في النهي، يقول: أبطول كيف شئت، أبقرأ في الأولى البقرة، وفي الثانية آل عمران، وبعد يمكن بعد يضيف لهن النساء، ويسلم مع غروب الشمس "فليطول كيف شاء" أو بعد غروب الشمس.
طالب:......
هو ما هو يخرج، من أدرك ركعة، وأدرك ركعة قبل غروب الشمس، يعني لو قرأ مثلاً بعد دخول وقتها قرأ عشرة مثلاً وقف على يونس، وأدرك الركعة الأولى قبل غروب الشمس لا سيما في الصيف، وجاب بقية الركعات بعد الغروب، المسألة مسألة حكم شرعي يا الإخوان، حكم ((فليصلِ كيف شاء)) من يمنعه من قراءة عشرة أجزاء؟ ويش يقول؟
طالب:......
ما في تفريط، ما أخر الصلاة عن وقتها، صلى، شرع في الصلاة في وقتها ((من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب فقد أدرك العصر)) هو أدرك ركعة أو ركعتين بعد، ما تفوته يقول: أنا بصلي ها الركعتين الطوال إلى غروب الشمس، ويأتي بعدهن بركعتين بعد الغروب ما يضر، يعني مقتضى هذا الحديث أن يصلي كيف شاء؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- افتتح البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وأطال الركوع والسجود، ويسأل ((إذا صلى وحده فليصل كيف شاء)) من أم الناس فليخفف الفريضة؛ لأنه إن صلى صلاة الليل مثلاً ومعه ضعيف وكبير وذو حاجة وتهجد والناس يصلون يقرؤون أجزاء من القرآن، يقول: لا أنا بقرأ آية يا أخي ورائي ضعفاء وورائي..، في صلاة التهجد يطاع؟ نقول: لا، طول يا أخي، هذه نفل اللي قادر أن يقوم يقوم وإلا يجلس، فيها سعة، لكن النهي في الفريضة لا مندوحة للإنسان من عملها....، هو مسافر هو مخيم مائة كيلو عن البلد.
طالب:.....
نعم مفاد الحديث أن ما في ما يمنع أبداً، أن يصلي العصر كله، إيش اللي يمنع؟ تؤخرها كامل، يعني ما تقيم إلا أن يطلع الوقت، أما من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ما في تفريط هذا، أما أن تفتتح الصلاة بعد خروج وقتها هذا تفريط، هو شرع فيها في أول وقتها، وكبر وقرأ في الركعة الأولى عشرة أجزاء، أو خمسة في الأولى وخمسة في الثانية وانتهى، أنه لو أدرك ركعة من العصر في الوقت وثلاث بعد الوقت، أو ركعة من الصبح والأخرى بعد خروج الوقت، العلماء يختلفون في القضاء والأداء، نقول: في القضاء والأداء، بعضهم يقول: ما فعله داخل الوقت أداء، وما فعله بعد خروج الوقت قضاء، ومعروف حكم القضاء، على كل حال إطلاق الحديث يدل على أنه لا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى-، يطول كيف يشاء.
طالب:......
إيه من أهل العلم من يشترط لأن تكون الصلاة أداءً تكون ركعة كاملة ((من أدرك ركعة)) وفي رواية: ((سجدة)) وفسرت في الصحيح: "والسجدة إنما هي الركعة" ويعبر بالسجدة عن الركعة والعكس، من أدرك سجدة يراد بها الركعة {وَخَرَّ رَاكِعاً} [ص:24] يعني: ساجداً {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] يعني ركوعاً، ما يمكن أن يدخلوا سجداً، المقصود أنها تطلق السجدة ويراد بها الركعة والعكس.
صلاة العشاء شرع فيها بعد مغيب الشفق إلى منتصف الليل، إطلاق الحديث يدل على أنه ما في شيء.
اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم المسألة خلافية بين أهل العلم بالنسبة للقراءة خلف الإمام، فمنهم من يرى أن قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، ولا يقرأ المأموم شيئاً، ((وإذا قرأ فأنصتوا)) مطلقاً سواءً كان في السرية أو في الجهرية، ومنهم من يفرق فيقول: المأموم لا يقرأ في الجهرية ويقرأ في السرية، ومنهم من يرى أن المأموم تلزمه القراءة ولو جهر الإمام، في الفاتحة في جميع الركعات، ويسنده أيضاً حديث عبادة: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهذا هو المرجح أن كل مصلي تلزمه الفاتحة في كل ركعة سوى المسبوق.
أتمها؟
طالب: أتمها.
على كل حال ما دام في شك وتسبيحهم يرجح إحدى طرفي التردد، فيكون إتمامه الصلاة غلبة ظن، فعليه أن يرجع، ما دام شك يلزمه أن يرجع، لا سيما إذا سبح به اثنان فأكثر، أما لو سبح به واحد مع معارضة فعله لا يلزمه الرجوع.
طالب:......
وحينئذٍ يلزمه أن يرجع، الصلاة انتهت، ويبدو أنه يجهل الحكم، وما دام انتهت والمسألة زيادة في الصلاة فصحيحة -إن شاء الله تعالى-، لكن لو كان نقص يؤمرون بالإتمام.
يقول من السويد: يقول: هذا السؤال يقول: سافر لدولة غربية تعرف على فتاة طلبت منه أن يتزوجها علماً أنها نصرانية وعن استعداد لتغيير دينها إلى الإسلام، يقول: لكنه واثق أنها تقول ذلك فقط لترغبه في الزواج منها، وقد تنازلت عن جميع حقوقها المالية من مهر ومصرف بعد الزواج ومسكن؟
الأصل أن نساء أهل الكتاب حل للمسلمين لكن الخطر لا سيما في مثل هذه الظروف التي نعيشها على الشخص نفسه وعلى نسله من الزواج من غير المسلمة، وما تنازلت هذه التنازلات إلا لمقابل، تنازلت عن المهر، والمهر أمر لا بد منه في النكاح، تنازلت عن المصرف والنفقة، الأمر لا يعدوها، تتنازل عن المسكن الأمر يخصها، لكن يبقى أنه ما الداعي لهذه التنازلات، الإنسان قد يقدم على خطبة غير المتدينة سواءً كانت تتدين بديانة أخرى كاليهودية والنصرانية أو بديانة الإسلام من فرقة أو مذهب آخر غير أهل السنة، أو من أهل السنة ممن يتساهل في أمر الدين، الإنسان عليه أن يبحث عن ذات الدين ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) وقد يخيل للإنسان والأمور بمقاصدها أنه يبحث عن امرأة ولو لم تكن دينة صالحة، من أجل أن يكسب الأجر في دعوتها، وقد يبحث عن امرأة ولو كانت متلبسة ببدعة لتكون هدايتها على يديه، وقد يقدم على الزواج من يهودية أو نصرانية ليدعوها إلى الإسلام، والدال على الخير كفاعله، لكن هناك خطر عظيم، عمران بن حطان تزوج امرأة على مذهب الخوارج رجاء أن تهتدي على يديه فما الذي حصل؟ غلبته وصار من رؤوس الخوارج -نسأل الله العافية-، وكم من شخص تأثر بالمرأة، كم من شخص، يعني ذكر من تنصر، وذكر من انسلخ من دينه، وذكر من تساهل بالفرائض والواجبات، تساهل بالشعائر بسبب المرأة، هناك منظر لا أنساه طيلة حياتي، شاب من الشباب لحيته تغطي صدره، وحريص على طلب العلم، ينتقل من شيخ إلى آخر، وفجأة رأيته حليقاً، وسألت عن السبب فإذا به قد تزوج امرأة اشترطت عليه أن يحلق لحيته، فعلى الإنسان أن يعتني بهذا الأمر ويهتم له، يبحث عن من تعينه في دينه، ولا يقدم على نكاح امرأة لا يدرى أتهتدي أو يضل بسببها؟ والتوجيه النبوي: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) والله المستعان، فهذه ما تنازلت عن هذه الأمور إلا وقد قصدت شيء، وقد يكون هذا أسلوب من أساليب الدعوة عندهم، وقد سلكوا أساليب شتى في تنصير المسلمين.
تقطع صلاة الرجل، يقطع صلاة الرجل..، أو صلاة أحدكم إذا مر بين يديه أحد الثلاثة: المرأة والحمار والكلب، فهي تقطع صلاة الرجل، وتشغل باله، فعليه أن يعيدها، ولا تقطع صلاة المرأة، نعم.
طالب:.....
في كل مكان، الحكم واحد، لكن هذا بالنسبة إذا استتر، أما إذا لم يستتر فليس له أن يدفع، وإذا شق عليه الدفع في أماكن الزحام كالحرمين النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار في الحرم، والناس يطوفون بين يديه، فيهم الرجال وفيهم النساء إذا شق، المشقة تجلب التيسير.
طالب:......
لا، الطفلة لا؛ لأنه جاء تقييد المرأة بالحائض، ومعنى الحائض يعني مكلفة.
طالب:......
كيف؟
طالب:.....
أهل العلم يقولون: الأسود لأنه شيطان، نعم.
القرآن محفوظ مصون عن التحريف وعن الزيادة والنقصان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] هناك قصة ذكرها البيهقي وغيره أن القاضي يحيى بن أكثم دعا يهودياً إلى الإسلام فلم يستجب، ولم يسلم، وبعد عام كامل جاء اليهودي إلى القاضي يحيى بن أكثم فأعلن إسلامه، فسأله عن السبب، قال: السبب أنه طيلة هذا العام انشغل بنسخ التوراة، نسخ مجموعة من التوراة وحرفها وزاد فيها ونقص، فعرضها على اليهود فباعها عليهم واشتروها وقرؤوا فيها بعد أن زاد فيها ونقص وقدم وأخر وحرف ثم نسخ نسخ من الإنجيل وصنع فيها مثل ما صنع في التوراة، وعرضها في سوق النصارى فاشتروها، ولزموها وقرؤوها ثم نسخ نسخ من القرآن وتصرف فيه شيء يسير جداً لا يكاد يذكر، يقول: فلما عرضت هذه النسخ في سوق المسلمين كل من طالع نسخة رماها في وجهه، يقول: عرفت أن هذا الدين محفوظ وهو يهودي، يقول يحيى بن أكثم: لما قال لي هذا الكلام حججت والتقى بسفيان بن عيينة وقال له..، ذكر له هذه القصة، فقال: يا أخي هذا في القرآن منصوص عليه، بالنسبة لكتابنا جاء فيه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] لم يوكل حفظ القرآن لأحد من البشر، وإنما تكفل الله -جل وعلا- بحفظه، وأما الكتب الأخرى السماوية استحفظوا عليها، استحفظ اليهود على التوراة، استحفظ النصارى الإنجيل، استحفظ غيرهم على كتبهم فلم يحفظوا وضيعوا وحرفوا، كما قال الله عنهم في محكم التنزيل، فهذا الكلام ليس بصحيح أبداً، والواقع يشهد بأنه باطل.
نعم هذه مفاضلة بين سنن، ولا شك أن العلم مقدم على جميع النوافل.
هذا كذب، والكذب لا يجوز لا على المسلم ولا على الكافر.
لا، لا، يرجى برؤه مستقبلاً، وهو إمام الحي يرجى برؤه مستقبلاً، لكن إذا كان لا يرجى برؤه فيبحث عن غيره.
عليك أن تلبس لباس المسلمين ولا يجوز لك تقليد الكفرة، واللباس يقرر أهل العلم أنه عرفي باستثناء ما جاءت النصوص بمنعه، فإذا تعارف الناس في بلد من البلدان على لباس معين يلبس، وهم في هذه البلدان يلبسون الغالب البنطلون، وما يغطي على البدن، لكن لو كان البنطلون هذا لا يلبسه إلا الكفار قلنا: هذا من لباس الكفار، لكن مع الأسف الشديد أن المسلمين قلدوا الكفار في كثير من أقطار المسلمين، ثم صار هذا لباسهم، فالذي يلبس البنطلون مثلاً في مصر أو في الشام أو في الهند أو في غيرها من البلدان التي يكثر فيها المسلمون هل يقال: إنه يقلد الكفار في هذا مع أن عامة الناس على هذا؟ هم يقلد بعضهم بعضاً، نعم أول ما لبس البنطلون في ديار المسلمين هذا تقليد، تشبه محرم، ثم يبقى بعد النظر في هذا البنطلون إذا كان يبين العورة أو ينحسر عن بعض مواطن العورة، أو ينزل عن حد الكعب أو غير ذلك من الأمور الممنوعة يمنع من أجلها، على كل حال اللباس عرفي، عرفي وإن اعتز بدينه في بلاد الكفار وقال: إنني من المسلمين ولبس لباس المسلمين، ولو عُد نشازاً بين الكفار، ما في بأس، هذه عزيمة يثاب عليها -إن شاء الله تعالى-، لكن إذا كان يواجه مضايقات ويقول: أنا أقلد المسلمين في ديار المسلمين يلبسون هذه الألبسة، فإذا كان نظره وتقليده للمسلمين لا شيء عليه -إن شاء الله تعالى-، فلا يلزم بالثوب.
إذا ثبت أنه لا يصلي بالكلية فعقده غير صحيح، لا بد من تجديد العقد، ونظراً للخلاف في المسألة فالعقد الأول عقد شبهة تثبت به أحكام الزواج، لكن لا بد من تجديده، ينسب إليه الأولاد، ولا يلزمه التفريق حتى..، لكن تجديد العقد لا بد منه.
أولاً: هذا تعذيب للحيوان لا يجوز؛ لأنه تعذيب للحيوان، فإن أدرك بعد رميه بالرصاص أدركت فيه الحياة المستقرة وذكي الذكاة الشرعية جاز أكله، مع أن رميه بالرصاص محرم، إذا لم يكن صيداً.
إي نعم من خصف، من خصف، الخصف: هو من سعف النخل، الخصف والحصير يصنع من سعف النخل، وهو معروف الخصف معروف، نعم.
يعني السروال الصغير هو الشرت اللي تبين منه الركبة؟ الصبي الصغير الأصل أنه غير مكلف، غير مكلف ويؤمر بالصلاة إذا تم له سبع سنين ويضرب عليها لعشر من باب التمرين، والتمرين بالصلاة ينبغي أن يشمل التمرين بشروطها وأركانها، فيمنع من الصلاة بهذا اللباس القصير.
الخلاف القوي في الرمي ليلاً يجعل الرمي في النهار على أي وجه كان، مع تحقق وقوع الحصى في المرمى أفضل على كل حال، الرمي في النهار بعد الزوال، أفضل من الرمي ليلاً لقوة الخلاف، مع أنه يتيسر بالليل أن يرمي على الوجه المطلوب، ويدعو الدعاء المطلوب، لكن الخلاف في المسألة قوي.
نعم يجوز أن تستمع للقرآن وتتفكر وتتدبر وتتعظ وتتأمل لكن لا تسجد، حتى ولو قلنا: إن سجود التلاوة ليس بصلاة، ولو قلنا: إن سجود التلاوة ليس بصلاة لا تشترط له الطهارة.
نعم ذكرنا مراراً أن المرجح أنه ركن على كل مصلٍ إلا المسبوق، المسبوق كما سيأتي في حديث أبي بكرة لا تلزمه قراءة الفاتحة، يتابع الإمام وتسقط عنه قراءة الفاتحة، نعم.
الأصل أن الجماعة مثل ما تقرر عند أهل العلم واجبة للصلاة، وأن الصلاة حيث ينادى بها يعني في المساجد، إذا وجدت هذه المساجد لا بد من الصلاة في المساجد، ولا يجوز أن تعطل المساجد، لكن إذا كان في بلد لا يوجد فيه مسجد، ونودي للصلاة بأي مكان شريطة أن يكون مكاناً طاهراً خالياً من الشواغل مما يفتن المصلي بصلاته في غير المواطن السبعة فعموم حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) يشملها، والله المستعان.
لو يذكرنا أحد الأخوة بحكم صلاة الجماعة الخلاف والأدلة.
طالب:......
عند من؟ الحنابلة واجبة على الأعيان بدليل؟ حديث: الهم بالتحريق، وغيره؟ من أظهر أدلتهم الأعمى، حديث الأعمى ابن أم مكتوم: ((أتسمع النداء؟)) قال: نعم، قال: ((أجب لا أجد لك رخصة)) {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [(43) سورة البقرة] الجماعة في صلاة الخوف فكيف بالأمن؟ أدلة كثيرة متظافرة على أن الجماعة واجبة على كل مسلم حر مكلف.
القول الثاني: القول بأنها سنة، قول من؟
طالب:......
المالكية والحنفية، دليلهم؟ بسبع وعشرين درجة، أو بخمس وعشرين درجة، وجه الاستدلال؟ ولا يمكن أن يجتمع الفضل مع الإثم، نقول: يمكن أن يجتمع مع انفكاك الجهة، وهو مأجور على أداءه الصلاة، وآثم لتركه الواجب وهو صلاة الجماعة، نظير من صلى وبيده خاتم ذهب أو على رأسه عمامة حرير هو آثم لكنه مأجور على صلاته لانفكاك الجهة.
القول الثالث؟
طالب:......
نعم فرض كفاية عند الشافعية؛ لأنها شعار يكتفى فيه بالبعض، لكن هذا قول لا يعلم له دليل بين إلا إن كانوا أرادوا الجمع بين دليل أدلة الفريقين فحملوا أدلة الوجوب على بعض الناس، وحملوا دليل المالكية والحنفية على البعض الآخر، فقالوا بأنها واجبة على الكفاية، لكن من أقوى ما يرد به عليهم حديث: الهم بالتحريق؛ لأن الجماعة قد قامت في مسجده -عليه الصلاة والسلام- به وبأصحابه فلا داعي للتحريق لو كانت فرض كفاية، الظاهرية ورواية عن أحمد يميل إليه شيخ الإسلام أنها شرط لصحة الصلاة.
بلى، وهذا الذي قررناه ((أتسمع النداء؟)) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)).
الحديث حسن، لكن وقته لم يأتِ بعد، ولا شك أن الأمر والنهي ينفع، والتأثير موجود -ولله الحمد-.
العلم يحتاج إلى أولاً: نية صالحة، نية صالحة، فالعلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة التي لا تقبل التشريك، فإذا أقبل طالب العلم وقد توفرت لديه الآلة من حفظ وفهم وكانت نيته صالحة في الغالب يفلح، على أن يعنى بعلمه، ويعنى بما حصله، ويزاحم الشيوخ، ويتردد على الدروس، ويسمع ما سجل على المتون، ويفرغ ويكتب ما يسمعه، يقيد ويلزم من يرى أنه يفيده من أهل العلم في الغالب يفلح -إن شاء الله تعالى-، لكن إذا كان يتخبط يوماً يقرأ في هذا الكتاب، ويوماً يقرأ عند هذا الشيخ، ويوماً ينتقل إلى هذا البلد ويوم..، هذا ما يفلح، إضافة إلى أن العلم إنما يثبت بالمذاكرة، لا بد أن يقرأ الدرس قبل الحضور إلى الشيخ، ثم ينصت ويدون ما يسمع، ثم يذاكر بما سمعه بعض زملائه، وبعض الإخوان يحضر الدرس ثم يترك الكتاب إلى موعد الدرس اللاحق، وهذا في الغالب أنه لا يفلح بهذه الطريقة، العلم لا يضبط بهذه الطريقة، والله المستعان، نعم، انتهى؟