بلوغ المرام - كتاب الصلاة (27)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

قال الإمام ابن حجر -رحمه الله-:

"وعن عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- قال: قال أبي: "جئتكم من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً قال: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم, وليؤمكم أكثركم قرآنا)) قال: "فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني فقدموني, وأنا ابن ست أو سبع سنين" رواه البخاري وأبو داود والنسائي.

وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله, فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة, فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة, فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً -وفي رواية: ((سناً))- ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه, ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه)) رواه مسلم.

ولابن ماجه من حديث جابر: ((ولا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابي مهاجراً, ولا فاجر مؤمناً)) وإسناده واهٍ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمرو بن سلمة" أبي يزيد أو أبي بريد على خلاف في ذلك الجرمي، اختلف في رؤيته، أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمَّ قومه في عهده، والقرآن ينزل، وهل رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقدم مع أبيه أو لم يقدم؟ محل خلاف بين أهل العلم.

يقول -رضي الله عنه-: "قال: قال أبي: "جئتكم والله" بعد أن وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، أبوه سلمة بن نفيع يقسم أنه جاء من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً مرسل من عند الله رسالةً "حقاً" حقاً مصدر مؤكد، فقال بعد كلام سبق، بعد أن علمهم مواقيت الصلاة قال لهم بعد ذلك: ((فإذا حضرت الصلاة)) يعني دخل وقتها ((فليؤذن أحدكم)) يعني من غير اشتراط في المؤذن ((وليؤمكم أكثركم قرآناً)) وبهذا يفضل جمع من أهل العلم الإمامة على الأذان؛ لأن الإمامة لها شروط فيها أولويات، فيها مقدم وغيره، أما الأذان يؤذن أحدكم، وإن كان أهل العلم يشترطون في المؤذن أن يكون ثقة، أميناً، صيتاً يبلغ الناس، ويعلمهم بدخول الوقت، ((أحدكم)) يعني ممن يصلح للأذان؛ لأن (أحدكم) مفرد مضاف يعم جميعهم، لكن إن شئت فقل: إنه من العام الذي أريد به الخصوص، لو قدر أن فيهم الأبكم يشمله هذا العموم؟ لا يشمله هذا العموم، وجد فيهم من يتكلم لكن لا يستطيع رفع الصوت -وهذا موجود في الناس- لا يصلح للأذان؛ لأن الأذان وظيفة شرعية الهدف منها إخبار الناس بدخول وقت الصلاة، فالذي لا يتحقق فيه الهدف الشرعي لا يصلح للأذان، ولا بد أن يكون المؤذن مع كونه صيتاًَ أن يكون أميناً عارفاً بالأوقات، يكون أمين مؤتمن؛ لأن غير الأمين، غير الثقة في هذا الباب لا يأمنه الناس على عباداتهم، لا يأمنه الناس على أوقات الصلاة، ولا على وقت اللزوم، ولا على وقت الإفطار، فهي وظيفة شرعية تترتب عليها أحكام، عارف بالأوقات، الجاهل الذي لا يدري متى يدخل وقت الظهر ولا وقت العصر، ولا يخرج وقت المغرب هذا ما يصلح أن يكون مؤذن، لا بد أن يكون عارفاً بالأوقات.

((وليؤمكم أكثركم قرآناً)) والقصة تدل على أن المراد بالأكثر قرآناً والمراد بالأقرأ كما سيأتي في الحديث اللاحق حديث أبي مسعود أنه الأحفظ؛ لأنهم بحثوا ونظروا فلم يكن أحد أكثر قرآن منه، من هذا الصبي، ولذا قدم على غيره مع وجود من هو أكبر منه، والسن له دور في التقديم كما سيأتي، فدل على أن الأهم في الإمامة أن يكون أكثر قرآناً، يعني أحفظ للقرآن، لكن القرآن له متعلقات فمن الناس من يحفظ حروفه، لا على الوجه الشرعي، يحفظ لكن عنده أخطاء كثيرة في الأداء، ومن الناس من هو أكثر ولا يفهم معانيه، ومن الناس من هو أكثر قرآناً ولا يعمل بما تضمنه من أوامر ونواهي، فهل معنى الحديث هذا والحديث الذي يليه: ((أقرأهم لكتاب الله)) أنه الأحفظ بغض النظر عن الوجوه الأخرى أو لا بد من توافر الجميع يكون أحفظ أكثر قرآن كما هو منطوق هذا الحديث، وهو أيضاً أعرف بكيفية أدائه ومعانيه وفهمه؟ وأيضاً أجود صوت مثلاً مما يرجح به أن يكون صوته له تأثير، يؤدي القرآن على الوجه المأمور به شرعاً، فلا شك أن هذه النصوص تحتمل كل ما يتعلق بالقرآن، وإن كان حديثنا هذا صريح في أن المراد به أكثرهم جمعاً للقرآن، والسبب في كون هذا الصبي أكثرهم جمعاً للقرآن أنه يتلقى، يتقلى الركبان الذين يمرون بهم بقبيلتهم -حيهم- ممن وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأخذ عنه شيئاً من القرآن، ورجع إلى قومه، هذا يتلقى الركبان، وهذا من التلقي المأمور به، لا التلقي المنهي عنه، تذهب الوفود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتعلمون ما يتعلمون منه من قرآن وأحكام وسنة وآداب، ثم يعودون إلى قبائلهم وأحيائهم فيتلقاهم مثل هذا الحريص، فيأخذ عنهم ما سمعوه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو السبب في كونه أكثرهم قرآناً.

يقول: "فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرآناً فقدموني بين أيديهم" يعني إماماً لهم في الصلوات المندوبة والمفروضة؛ لأن الحديث سياقه سياق الفرائض؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- علمهم الأوقات، والأوقات إنما هي للفرائض، ثم قال: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم)).. إلى آخره، فالسياق سياق فرائض، وبهذا يرد على من قال: إنه يؤمهم في النوافل، ولا يصححون صلاة المكلف خلف الصبي المميز، من أهل العلم من يرى أن الصلاة لا تصح خلف الصبي لماذا؟ لأن صلاته نافلة والمكلف مفترض ولا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، والحديث حجة عليهم؛ لأن سياق الحديث سياق الصلاة المفروضة، "فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست -سنين- أو سبع سنين" لا شك أن هذا الصبي مميز، والتمييز لكم؟ كم يميز الصبي؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) لم يعلق الأمر بالتمييز، وهذا ابن ست أو سبع، هذا المميز إذا فهم الخطاب ورد الجواب المطابق يكون مميزاً، لكن هو لا يؤمر بالصلاة قبل سبع، قبل ثمان سبع سنين، يعني لو جاء طفل عمره خمس سنوات يحسن الصلاة وأراد أن يصف في الصف مميز والواقع يشهد بأن بعض من بلغ الخمس سنين يميز، ومحمود بن الربيع عقل المجة التي مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهه وهو ابن خمس سنين في الصحيح، فهل يقال: هذا الطفل ابن خمس سنين وجوده مثل عدمه في الصف وهو كالفرجة لأنه لم يؤمر بالصلاة؟ أو نقول: إنه مادام مميز يصلي بعد ما في إشكال وهذا ابن ست سنين وأم الناس؟ يعني هل هناك حد فاصل لمن يتاح له أن يصاف الكبار أو ليس هناك حد؟ منهم من يجعل الحد الفاصل السبع، تمام السبع؛ لأنه مأمور بالصلاة، وما قبل ذلك غير مأمور بالصلاة، إذن وجوده كالفرجة في الصلاة، لكن هذا ابن ست أو سبع أم الناس ما هي بمسألة يصف مع الناس، لا، هذا إمام لهم، فهل الأمر معلق بالتمييز أو معلق ببلوغ السبع سنين؟ في الأحكام العامة الشرع يضبطها بضابط لا يتغير ولا يتفاوت، ولا يصير فيه مجال للأخذ والرد، من الأطفال من يميز لأربع سنين، ومن الأطفال من لا يميز ولا لتسع سنين، ومثل هذا الاضطراب لا تعلق به أحكام شرعية؛ لأنه قد يأتي الرجل بولده ابن ثلاث سنين، ويقول: ولدي مميز إيش فيكم؟ يأتي به ابن أربع سنين ويشغل الناس ويؤذيهم ويعبث بالمسجد وبالمصاحف، ويقول: لا ولدي مميز، كيف نمنعه من الصلاة؟ ويوجد الطفل ابن ثمان وتسع سنين في الشارع يلعب فإذا قيل لأبيه، قال: ابني مسكين ما ميز، فهذا فيه مجال؛ لأنه قد يميز لأربع وقد لا يميز إلى تسع، لكن الشارع في مثل هذه الأحوال يضبط بضابط يحكم غالب الناس، ولذا قال: ((مروهم بالصلاة لسبع)) تسعة وتسعين بالمائة من الناس ميزوا في السبع، النادر واحد بالمائة هذا ما له حكم، لذلك ما يترك مثل هذه الأمور للناس، ولدي والله ميز، ولدي ما ميز، لا، قال: ((مروهم بالصلاة لسبع)) والتمييز قد يكون قبل سبع، لكن ما يؤمر بالصلاة ولو كان مميز، لكي نسد الباب على من يريد أن يعبث بالمسجد ولده ويدعي أنه مميز.

فمثل هذه الأمور الأحكام العامة يضبطها الشارع بضابط ثابت لا يتغير، حد محدد، ولذا التكليف..، التكليف لما كان أمراً خفياً ربط بأمور يتفاوت فيها الناس، وجعل أقصاه حد يتفق فيه كل الناس، الإنبات يتفاوتون فيه الناس، الإنزال يتفاوت فيه الناس، وهذه أمور خفية، قد تقول: لماذا لا يصلي ولدك؟ ولدك مكلف لماذا..؟ يقول: لا يا أخي ولدي ما كلف، هذا أمر خفي، لكن ثم بعد ذلك يأتي الحد الذي لا يمكن يتجاوز أحد وما كلف،...... خمسة عشر سنة، فأمور الشارع مضبوطة، منضبطة؛ لئلا يترك مجال للتلاعب والأخذ والرد، هنا ابن ست سنين أو سبع سنين يعني إذا قلنا: إنه ابن سبع سنين اتفقت النصوص، واطرحنا الأقل باعتباره مشكوك فيه اللي هو ست.

إمامة الصبي المميز الذي بلغ سبع سنين مختلف فيها بين أهل العلم، منهم من لا يرى صحتها في الفرائض؛ لأنه متنفل فلا يؤم المفترض، ومنهم من يقول: صحيحة، ما دام يضبط الصلاة، ويعرف أحكام الصلاة، ويحفظ القرآن إمامته صحيحة، والحديث نص في صحتها، فالقول بصحة صلاة إمامة المميز ابن سبع سنين لا إشكال فيها من هذا الحديث، والحديث الذي يليه يشهد لمعناه، وهو أن أولى الناس بالإمامة الأكثر حفظ للقرآن.

يقول: "وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يؤم القوم أقرؤهم))" (يؤمُ القومَ) القوم: فاعل مؤخر، حكم تأخيره؟ يجب تأخير الفاعل هنا؛ لأنه مشتمل على ضمير يعود على متأخر، فلو أخرنا المفعول -متأخر رتبة- فلو أخرناه لفظاً لعاد الضمير على متأخر لفظاً ورتبة وهذا شاذ، يقول ابن مالك -رحمه الله تعالى-:

وشاع نحو: "خاف ربه عمر"

 

وشذ نحو: "زان نوره الشجر"

لا يجوز أن يعود الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة، هذا يعود على متقدم في اللفظ، وإن تأخرت رتبته لأنه مفعول والأصل فيه أن يؤخر.

((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) الأقرأ هنا هو الأحفظ، الأحفظ لكتاب الله, الأكثر حفظاً لكتاب الله -جل وعلا-، ويدل له الحديث السابق.

يرى أكثر الأئمة أن الأولى في الإمامة الأفقه....... مذهب الحنفية، مذهب المالكية، مذهب الشافعية يقولون: الأولى بالإمامة الأفقه، طيب مخالفة للنص: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) قالوا: الحديث خرج مخرج الغالب، حال الصحابة -رضوان الله عليهم- الأقرأ هو الأفقه، وليس غيرهم مثلهم، ويعللون قولهم بأن ما يحتاج إليه من القرآن في الصلاة مضبوط، يعني لو وجدنا فقيه يحفظ المفصل، وعامي يحفظ القرآن كامل، نقول: الذي يحتاج إليه من القرآن مضبوط، يمكن ضبطه يعني، الذي يحفظ المفصل يكفيه في الإمامة، لكن المحتاج إليه في الفقه غير مضبوط، قد يعرض للإمام ما يفسد صلاته ولا يشعر إذا كان غير فقيه، فلا يصلح أن يكون إمام في هذه الصورة، كلام وجيه وإلا غير وجيه؟ النص: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) لو قلنا بقول هؤلاء الأئمة إيش يكون معنى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) الأعلم بالسنة هو الفقيه، إذن نلغي هذه الجملة، لو كان المراد بالأقرأ الأفقه ألغينا الجملة الثانية ما لها داعي، ويبقى أن الأقرأ والأحفظ لكتاب الله -عز وجل- هو الأولى بالإمامة، وإن كان غيره أفقه منه، وهذا من الوجوه التي يرفع بها حافظ القرآن والمعتني بالقرآن ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين)) أكثر حفظ تقدم لها، ولو كان خلفك إمام من أئمة المسلمين لكن لا يحفظ القرآن كامل، فيبقى أن الراجح في هذه المسألة يقدم الأكثر قرآناً على من هو أقل منه في حفظ القرآن ولو كان أعلم منه بكثير، ويكون هذا من رفعته، وإن كان غيره أفقه منه، نعم إذا أخطأ في صلاته ينبه، والمفترض أن حامل القرآن ينبغي أن يكون له عناية بغيره مما يعين على فهم القرآن من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأقوال أهل العلم الموثوقين، حيث تكون المسألة متكاملة، لكن إذا وجدنا حافظ لا يعرف شيئاً من الفقه، وفقيه مدرك في الفقه إدراكاً تاماً لكنه لا يحفظ إلا شيء يسير من القرآن نقول: لا، يقدم الأقرأ بهذا النص ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) يأتي هنا بعد إشكالات كثيرة، هناك قال: ((أقرؤهم)) المسألة مرتبطة بالحروف، وهنا قال: ((أعلمهم بالسنة)) ولو أن عندنا شخصين كلاهما حافظ للقرآن، حافظ للقرآن متقن، مجود، ضابط، وأحد الاثنين يحفظ مائة ألف حديث، والثاني ما يحفظ ولا ألف حديث، لكن الأول الحافظ ما يفهم من معانيها شيء، ولا يستطيع أن يستنبط منها شيء، والحافظ الألف مستفيد من هذه الأحاديث فائدة تامة، يستنبط منها، ويتفقه ويفقه من هذه الألف من يقدم؟ يقدم الثاني؛ لأنه ما قال: الأحفظ للسنة، قال: الأعلم بالسنة، وهذا مما ينبغي أن يفرق فيه بين الكتاب والسنة، الكتاب لا بد من أن تتقن حروفه ويتقن حفظه؛ لأنه لا بد أن يؤدى كما هو بحروفه، بمدوده، بحركاته، بشداته، السنة الرواية بالمعنى يجيزها جمهور أهل العلم، لكن أعظم من الحفظ الفهم، اللي هو الثمرة العظمى من التفقه في السنة، ولا يعني هذا أن الإنسان يقلل من حفظ السنة، لا، السنة أصل أصيل في تأصيل العلم الشرعي، لكن مع ذلك الفهم أمر لا بد منه، ولذا قال: ((فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً)) في الحفظ والفهم على حد سواءً ((فأقدمهم هجرة)) يعني أقدمهم انتقال من بلد الكفر والشرك إلى بلد الإسلام، فالهجرة: هي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام، وهي واجبة، وباقية إلى قيام الساعة، وأما حديث: ((لا هجرة بعد الفتح)) فالمراد به لا هجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت دار إسلام، من أهل العلم من يقول: لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، ولا شك أن الفضل اختلف بعد الفتح {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [(10) سورة الحديد] لا شك أن أوقات الحاجة والشدة تجعل بعض الأعمال المفوقة فائقة لشدة الاحتياج إليها، أما في وقت السعة يخف الأمر، ولذا يقول بعضهم: لا هجرة بعد الفتح فضلها وأجرها كفضل الهجرة قبل الفتح، من تقدمت هجرته أفضل ممن تأخرت هجرته، وهذا بعد الاستواء بالكتاب والسنة.

النووي في شرح مسلم يقول: أولاد المهاجرين لهم حكم آبائهم في التقديم، نعم إن كانوا هاجروا معهم ما يخالف لا بأس، الكلام وجيه، من ولد بعد هجرة المسبوق بالهجرة مثلاً من أولاد المهاجر الأول، الوظائف الشرعية تورث وراثة وإلا بالكفاءة؟ بالكفاءة، ولذا يقول الشوكاني: ليس في الحديث ما يدل عليه، الحكم يتعلق بالأب، هذه أمور ما تورث.

((فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً)) يعني أقدمهم إسلاماً، فأقدمهم إسلاماً، لماذا لا يقدم الأقدم إسلام على الأقدم هجرة؟ لنفترض شخص أسلم في السنة الأولى من البعثة ولا هاجر إلا في السنة التاسعة من الهجرة، شخص أسلم قبل الهجرة بسنة وهاجر في السنة الثانية، يعني هذاك أسلم قبله بعشر سنوات، والثاني هاجر قبل الثاني بثمان سنوات أو سبع سنوات، المهاجر الأول الذي هاجر أولاً يقدم على الثاني ممن تأخرت هجرته ولو تقدم إسلامه، الآن الإسلام: انتقال من كفر إلى إسلام، الهجرة هو مسلم، لكن هو باقٍ في بلاد الكفر، هذا للتنفير من الإقامة بين أظهر المشركين، الآن الأثر المترتب على الإسلام في الحقيقة لشخص مسلم وإلا كافر، أسلم وبقي بين الكفار هذا يستحق التقديم لأنه أقدم إسلاماً، الثاني: أسلم بعده بسنين، لكنه هاجر قبله بسنين لا شك أنه أولى منه بالتقديم وإن تأخر إسلامه، وإن كان أثر الإسلام أعظم من أثر الهجرة؛ لأن الإقامة بين أظهر الكفار خطر على المسلم نفسه، وفيه أيضاً تكثير لسواد الكفار، ولذا جاء تعظيم شأن الهجرة فقدم الأقدم هجرة على الأقدم إسلام، سلماً، -وفي رواية: ((سناً)) يعني الأكبر، الكبير له نصيب في الشرع من التقدير بنصوص كثيرة، لما أراد أن يتكلم صاحب الشأن أخو المتقول مع وجود من هو أكبر منه قيل له: كبر كبر، فلا شك أن السن له قدر في الشرع، وجاء تقديم الأكبر والكبير، واحترام الكبير، وهذا من احترامه، تقديمه من احترامه.

((ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه)) يعني في ملكه إذا كان إمام أعظم، أو في ولايته إذا كان أمير، أو في بيته إذا كان صاحب بيت، صاحب البيت سلطان، أو في مؤسسته أو في شركته أو في..، هو رئيس الدائرة سلطان فيها، مدير المدرسة سلطان فيها، لا يفتأت عليه، ((إلا بإذنه)) لو أن الإمام الأعظم أذن لواحد من الناس أن يصلي، صاحب البيت أذن لزيد من الناس أن يصلي لا بأس به؛ لأن هذا حقه وهو صاحب الشأن، لكن التقدم بين يديه من غير إذنه لا شك أنه افتئات عليه.

((ولا يقعد في بيته على تكرمته)) يعني ما يوضع له من فراش وتكأة لا يجلس فيها أحد إلا بإذنه؛ لأن الجلوس من غير إذنه افتئات عليه، وهو سلطان في هذه البقعة.

قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم أبا بكر في الإمامة مع أن في الصحابة من هو أقرأ منه، قدم أبا بكر في الإمامة ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) مع أنه في الصحابة بالنص من هو أقرأ منه، أبي أقرأ من أبي بكر، ابن مسعود، في مخالفة لهذا الحديث أو ليست بمخالفة؟ نعم، الآن عندنا النص: ((يؤم القوم أقرؤهم)) وثبت بالنص أن أبياً أقرأ من أبي بكر لماذا ما قال: "مروا أبياً فليصلِ بالناس" على شان تطرد الأحاديث.

طالب:......

لا هذه إمامة واحدة، إمامة صلاة، يأذن لمن شاء، يعني الآن لو في بيتك ضيوف وأنت الأحق بالإمامة صح وإلا لا؟ بهذا النص، فهل لك أن تتجاوز ما جاء في الحديث؟ عندك عشرة من الإخوان منهم من يحفظ القرآن كاملاً، ومنهم من يحفظ النصف، ومنهم من يحفظ جزء واحد، هل لك أن تقول: صل بهم يا فلان وهو لا يحفظ إلا جزء واحد أو تنظر في هذا الحديث؟ أنت الأحق، لكن هل لك أن تتجاوز ما جاء في هذا الحديث وتريد من شئت بغض النظر عن ما جاء في النصوص من أسباب التقديم؟ المسألة شرع، شرع لا بد أن يطرد، أنت فهمت الإشكال اللي أوردت الآن؟ أنت نفسك عندك في بيتك عشرة لا يجوز لأحد أن يؤم إلا بإذنك، أنت الأحق بالإمامة في هذا البيت، وأنت مستثنى من قوله: ((يؤم القوم أقرؤهم))، أنت مخصص لعموم قوله: ((يؤم القوم أقرؤهم)) فأنت أذنت هل تأذن للأقرأ لأن هذا النص..، يؤيده النص؟ أو تقول: أنا الإذن لي أأذن لمن شئت الأقرأ ما يلزم أقرأ اللي حافظ جزء يتقدم، ولو........ الإخوان كلهم، امتثالاً لهذا النص، لماذا لم يقدم النبي -عليه الصلاة والسلام- أبي مع وجود..؟ قدم أبا بكر مع وجود من هو أقرأ منه؟ نعم؟

طالب:......

نعم يعني تقديم أبي بكر مشتمل على مصلحة عظمى، مصلحة عظمى، وهي الإشارة إلى تقديمه في الإمامة والخلافة بعده، نعم قد يعرض للمفوق ما يجعله فائق، فهذا عارض لا شك أن له حظه من التقديم، أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجعله الخليفة من بعده، فلو قدم غيره..، ولذا بم استدل الصحابة على تقديم أبي بكر في الإمامة العظمى؟ رضيه النبي -عليه الصلاة والسلام- لديننا أفلا نرضاه لدنيانا، لكن لو قدم أبي، أقرؤكم أبي، نعم، صار إشكال عظيم عند اختيار خليفة، فليس في هذا دليل على صرف الحديث عن ظاهره.

الحديث الذي يليه: حديث ابن ماجه: "ولابن ماجه من حديث جابر: ((ولا تؤمن امرأة رجلاً, ولا أعرابي مهاجراً, ولا فاجر مؤمناً)) وإسناده واه" الحديث منكر، ضعيف جداً، فيه عبد الله بن محمد العدوي متهم، وفيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف عند الجمهور، على كل حال الحديث منكر لا يفيد شيئاً.

 

نأتي إلى جمله: ((ولا تؤمن امرأة رجلاً)) الأئمة الأربعة كلهم على أن المرأة لا تصح إمامتها، إمامتها للرجال، وإن أجاز أبو ثور إمامة المرأة مطلقاً، وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يوجد أحفظ منها، وسيأتي ما في حديث أم ورقة من فقه -إن شاء الله تعالى-، وعلى كل حال المرأة لا تؤم الرجال في قول عامة أهل العلم.

((ولا أعرابي مهاجراً)) تقدم أن من وجوه التقديم قدم الهجرة، إذا وجد اثنان كلاهما مهاجر، كلاهما مهاجر، فيقدم الأقدم هجرة، فكيف إذا وجد مهاجر وغير مهاجر؟ نعم، فيقدم المهاجر على غير المهاجر، إضافة إلى ما في وصف الأعرابي، ما يتصف به الأعرابي غالباً من جهل، وما يتصف به المهاجر من علم.

((ولا فاجر مؤمناً)) إمامة الفاسق جمع من أهل العلم يرون أن إمامة الفاسق لا تصح، الحنابلة يقولون: "ولا تصح خلف فاسق ككافر" والأكثر على أنه أن من صحت صلاته صحت إمامته، من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته، صلاة الفاسق صحيحة مسقطة مجزئة، مسقطة للطلب، مجزئة، وإن كانت غير مقبولة؛ لأن الله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، ومعنى كونها غير مقبولة أن الآثار المترتبة عليها من الثواب لا يستحقه هذا العاصي، ولذا يشدد الحنابلة في أمر الفاسق، الفاسق محقق الفسق، لكن ماذا عن مظنون الفسق؟ أما محقق الفسق الحنابلة لا يصححون إمامته، ويصححها غيرهم، مظنون الفسق جاء في كتب الفقهاء: تصح إمامة الجندي وولد الزنا إذا سلم دينهما، يقولون: هذا مظنة، مظنة لأنه خلق من نطفة غير شرعية فهو مظنة للفسق، ولذا هذه المظنة ليس لها حكم، يقول: الجنود في من قديم الزمان، يعني في عصر القرون المفضلة الجنود عندهم تجاوزات، ولذا يقولون: تصح؛ لأن هذا أمر مظنون لا يعلق به حكم شرعي "تصح إمامة ولد الزنا والجندي بشرط إذا سلم دينهما" فمرد ذلك إلى سلامة الدين، وعلى كل حال إذا صححنا إمامة الفاسق فلا يحتاج أن نشترط إذا سلم دينهما.

سم.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-:

"وعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رصوا صفوفكم, وقاربوا بينها, وحاذوا بالأعناق)) رواه أبو داود والنسائي, وصححه ابن حبان.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير صفوف الرجال أولها, وشرها آخرها, وخير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها)) رواه مسلم.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة, فقمت عن يساره, فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه" متفق عليه.

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقمت ويتيم خلفه, وأم سليم خلفنا" متفق عليه, واللفظ للبخاري.

وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو راكع, فركع قبل أن يصل إلى الصف, فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((زادك الله حرصاً ولا تعد)) رواه البخاري.

وزاد أبو داود فيه: "فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف".

وعن وابصة بن معبد الجهني -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده, فأمره أن يعيد الصلاة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه, وصححه ابن حبان.

وله عن طلق: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)).

 وزاد الطبراني من حديث وابصة: ((ألا دخلت معهم أو اجتررت رجلاً?)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رصوا صفوفكم, وقاربوا بينها, وحاذوا بالأعناق))" قاربوا بينها، بعض الروايات: ((ولا تدعوا فرجات للشيطان)) وفي رواية: ((فو الذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين تدخل في خلل الصف كأنها الحذف)).

((وحاذوا بالأعناق)) وفي رواية: ((بالمناكب)) "رواه أبو داود والنسائي, وصححه ابن حبان" التراص في الصف وهو أمر نسبي لا يعني أن الإنسان يرص غيره حتى يذهب عنه الخشوع في الصلاة، نعم كثير من الناس يحرص على تطبيق هذه السنن والصحابة -رضوان الله عليهم- كما في البخاري حتى صار أحدهم يلصق كعبه بكعب الآخر، وعقبه بعقب الآخر، يحرصون على تطبيق السنة، والحرص مطلوب لا سيما من طالب العلم، لكن لا بد من الفقه في هذا التطبيق، هل معنى هذا أننا نزاحم من يصلي بجوارنا حتى ننفره من الصلاة؟ بعض الناس حساس عنده حساسية، بعضهم عنده نفرة من القربة منه، لا يطيق أن تمس قدمه، هذا مثل..، هذا إذا رأيت منه هذه النفرة فدع بينك وبينه شيئاً يسيراً بحيث لا يكون فرجة في الصف، لكن حقق المصلحة والهدف الشرعي من هذا التراص، وإلا الأصل أن يتراص المصلون حديث أبي داود، الذي خرجه أبو داود من حديث جابر بن سمرة: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟)) قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: ((يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف)) يتراصون في الصف، نعم التراص مطلوب، لكن ليس معنى التراص الالتصاق بحيث لا يستطيع الإنسان أن يتنفس، وليس معنى هذا أننا نتراص بالأقدام ونهمل بقية الجسم؛ لأن المطلوب المحاذاة والتراص بالأقدام، والمحاذاة بالأعناق والمناكب، بمعنى أن الإنسان يأخذ حيزاً من الصف بقدره، بقدره؛ لأن بعض الناس ترونه إذا كان هناك فرجة من يمين ومن يسار ذراع من يمين وذراع من يسار، مد رجليه، هذه محاذاة أو تراص؟! هل المطلوب المحاذاة بالأقدام فقط؟ يعني النصوص المجتمعة تدل على أن الإنسان يأخذ من الصف حيز يكفيه، يكفي بدنه كاملاً، ليس معنى هذا أنه إذا وجدت فرج ما يمد الرجلين بحيث..، هذا ما هو بتراص هذا؛ لأن المحاذاة كما تكون بالأقدام تكون بالمناكب أيضاً، وليس المراد من التراص بحيث يضغط الإنسان في الصف يتمنى التنفس ولا يستطيع، ويذهب بلب الصلاة اللي هو الخشوع، المسألة لا يترك فرج وخلل في الصفوف للشياطين، ولا يتراص ويتضاغط الناس بحيث لا يستطيع الإنسان أن يؤدي الصلاة على الوجه المشروع.

((رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها)) هذا بعض المساجد يجعلون بين الصفين ثلاثة أمتار أو مترين، لا سيما إذا وجد مثلاً عمود، والصف الذي بعد العمود يضيق عليه الصف لقرب العمود منه ثم يتجاوزن صف ثاني، هذا ما فيه مقاربة بين الصفوف،...... مقاربة بين الصفوف، لا تترك فرصة، يعني بقدر الحاجة، يعني كم يكفي الإنسان لموضع سجوده؟ يكفيه متر متر وعشرين؟ لا تزيد يا أخي إلى مترين، ما قاربت بين الصفوف.

((وحاذوا بالأعناق)) كيف تتم المحاذاة بالأعناق؟ كيف تتم هذه المحاذاة؟ بمعنى أن الأعناق يكون على خط مستقيم، وهذا من المبالغة في تقويم الصفوف، وإلا الأقدام تكفي، إذا كانت الأقدام على خط واحد نعم، صارت الأعناق على خط واحد، نعم قد يكون في الصف أمور لا يمكن تحقيقها، مثل شخص نحيف وشخص بدين، ويش تحاذي من هذا؟ النحيف كيف يحاذي البدين هذا؟ يحاذيه بالأقدام، لو زاد من وراء ومن قدام هذا لا يمكن تحقيقه، وهي مسألة الكرسي بالصف، يوجد إشكال كبير الكرسي، كيف يحاذي الناس وهو على الكرسي؟ بم تكون المحاذاة على الكرسي؟ بالمناكب، يعني يصير جالس كذا على الكرسي والناس بجوار منكبه، وإذا أراد أن يسجد يتقدم؟ يعني ما في مانع أنه يتقدم على الصف بحيث يساوي الإمام؟ إذا نزل يبي يسجد من الكرسي يتقدم في السجود والجلوس موافقاً الصف؟

طالب:......

أرجله هو، هو اللي يتراص برجليه على الأرض، يصير على الصف، هذا بالأقدام يعني، هو لا بد من الإخلال بشيء من الحد إن حاذى بالأقدام ما حاذى بالمنكب، وإن حاذى بالمنكب تقدمت الأقدام فما المعتبر؟ يعني العبرة بحال القيام، العبرة بحال القيام، طيب حال القيام المنظور فيها إلى الأقدام أو إلى المناكب؟ طيب والأقدام؟ يلصقون القدم بالقدم وشلون يلصقونه؟ سبحان الله مريض وجالس رجليه مع رجلين الناس يا أخي، مسألة ترتب الأذى على هذا الكرسي بمعنى أننا إذا قلنا: يحاذيهم بمنكبه، فإذا سجد يتقدم، وإذا تقدم في السجود وهو في الصف الثاني آذى الصف الأول، وإن تأخر آذى الصف المؤخر فكيف يصنع؟ لا بد من معالجة وضعه بما لا يترتب عليه أذىً لأحد هذا أول شيء؛ لأن هذا المتعدي يختلف عن القاصد، ثم بعد ذلك ننظر في أمره، إن كان يريد أن يسجد على الأرض يحاذي بالأقدام، وإذا كان يسجد على الكرسي...، بعضهم يستطيع أن يقف في حال الوقوف وفي وقت السجود الركب ما تطاوع يجلس على الكرسي ويسجد، مثل هذا يحاذي نعم بالمناكب، لا شك أن هؤلاء يتفاوتون، هؤلاء يتفاوتون، منهم من يستطيع القيام ولا يستطيع السجود، ومنهم من يستطيع الركوع والسجود ولا يستطيع القيام، فهذا ينظر في وضعه، فإن كان ممن يستطيع القيام يحاذي بالأقدام، وإن كان ممن يستطيع السجود يحاذي بالمناكب، من وظيفة الإمام كفعله -عليه الصلاة والسلام- أن يتفقد الصفوف، ويقوم هذه الصفوف كما تقوم القداح، لكن هذه الخطوط في الفرشاة وفي البلاط حكمها؟ الآن هي معتمدة في غالب مساجد المسلمين منها هذا المسجد فيه خطوط الناس يصفوا على الخط الأسود مثلاً حكمها؟ لا شك أنها تسهم مساهمة قوية في تعدل الصفوف، فهل نقول: إنها مشروعة لأنها تحقق مصلحة ولا يترتب عليها أدنى مفسدة؟ أو نقول: هي محدثة والمسألة مسألة عبادة وقام سببها في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعلها؟ ولا في بأس أن الناس يصلون في المساجد الكبيرة على هيئة شبه محاريب يعني مائل الصف وإلا........، لا شك في ظهور مصلحتها، لا أحد ينازع في هذا، يعني فيها الآن مجال أخذ ورد وجدال ونقاش هل تزال وإلا تبقى وإلا..؟ مثل مكبر الصوت، إذن ما فيها بأس -إن شاء الله-، أما القاعدة التي قعدها أهل العلم أن ما وجد ما قام سببه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعله داخل في حيز البدعة، لكن هل السبب الذي قام في عهده -عليه الصلاة والسلام- في مسجده مساوٍ للسبب القائم في عهدنا من كل وجه، وإمكان الفعل في عهده -عليه الصلاة والسلام- هل هو مثل إمكان الفعل في عهدنا؟ مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- غير مفروش، بالرمل، كيف يستطاع أن توضع الخطوط في الرمل؟ الأمر الثاني: الحاجة الداعية لهذا الفعل هل هي مساوية للحاجة الداعية في عهدنا؟ مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- يمكن نصف ها المسجد أو أقل، وتعديل الصفوف متيسر، لكن في المساجد الكبرى كيف يتم تسوية الصفوف تسوية الصفوف من تمام الصلاة؟ من تمام الصلاة، من تمام الصلاة، فهل من المصلحة أن تزال هذه الخطوط أو تبقى؟ مصلحتها ظاهرة بلا شك، لكن هذا الكلام قد يجر إلى أمور لا يوافق عليها القائل، إذا قلنا: كل ما يحقق مصلحة بغض النظر عن مقدار هذه المصلحة والآثار المترتبة على هذه المصلحة، وأن يدخل في حديث: ((من سن في الإسلام سنة حسنة)) وفي الجملة ما في شك أن هذا حسن، لا يختلف أحد في أن هذه الخطوط حسنة تضبط الصفوف، في هذا العصر لا يمكن ضبط الصفوف إلا بهذه الطريقة، نعم؟

طالب:......

الذي هو بمثابة مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمسجد غير المفروش أيضاً، لا يمكن تحقيق هذه المصلحة فيه، ففي مسجده -عليه الصلاة والسلام- السبب قائم، لكن قوة هذا السبب ليست مثل قوة السبب في عصرنا، إمكان الفعل في عهده -عليه الصلاة والسلام- ليس بمثابة إمكان الفعل في عهدنا؛ لأن مسجده -عليه الصلاة والسلام- غير مفروش، وكونك تحط خط ويطأه واحد اثنين خلاص يروح، فما يحقق المصلحة المرجوة منه، إضافة إلى تساهل الناس في هذه العصور، والناس بحاجة إلى ما يعينهم على إتمام صلاتهم، والمسألة اجتهادية، يعني من قال: تزال هذه الخطوط له وجه، ومن قال: هي محققة مصلحة عظمى هي من تمام الصلاة ولا يترتب عليها مفسدة مثل غيرها من الوسائل مكبرات الصوت وغيرها، الإضاءة وما أشبهها كلها محدثات، لكن الذي ينبغي أن يوصى به ألا نسترسل في هذه المحدثات، يعني نأخذ منها بقدر الحاجة، تلاحظون بعض الناس أمور لا حاجة لها ولا داعي، تجدوه بحاجة مثلاً إلى إنارة في المحراب ليقرأ الإمام وينفع المصلين، لكن ويش الداعي أن يضع ثرية بمائة ألف أو كذا على المحراب؟ قدر زائد على الحاجة، ويش الداعي أن يضع محسنات صوت بألوف وما أشبه ذلك تردد الكلام وراءه؟ هذا ما له داعي، هذا قدر زائد على الحاجة، ينبغي أنه يقتصر منه على قدر الحاجة.

الأشرطة وسيلة حفظ ليس مباشرة لعبادة محضة، يعني الصلاة عبادة محضة لا يجوز التصرف فيها بزيادة ولا نقصان لا في كيفية ولا في وسيلة، احتاج الناس إلى من يبلغ صوت الإمام نعم فاتخذ المبلغ، واختلفوا في جواز الاقتداء بهذا المبلغ، جاءت هذه المكبرات واستغني عن المبلغ مع أنه يوجد في بعض الجهات هذه المكبرات والمبلغ أيضاً، أقول: الاسترسال في مثل هذه الأمور ينبغي أن يكون بقدر الحاجة؛ لأنه بصدد عبادة محضة الأصل فيها الاقتداء، وأي خلل فيها يخالف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو ابتداع، لكن يبقى أن من هذه الأمور المخالفة ما مصلحته أعظم من مفسدته، فينظر إليه بقدره.

إمكان التطبيق ما هو مثل إمكان التطبيق عندنا، فننظر إلى المسألة من جهتين: مسألة قوة السبب، ومسألة إمكان التطبيق، لا بد من..، إذا تطابق قوة السبب مع قوة السبب عنده وتطابق إمكان التطبيق عندنا مع إمكان التطبيق عندهم، فلا بد من النظر إلى هذه الأمور، والحاجة داعية بلا شك.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير صفوف الرجال أولها, وشرها آخرها))" ((خير صفوف الرجال أولها, وشرها آخرها)) لا شك أن الأفضل الصف الأول، وجاء في فضله نصوص: ((لو يعلمون ما في النداء والصف الأول لأتوهما ولو حبواً)) وفي رواية: ((لاستهموا)) اقترعوا، فإذا دخل اثنان وفي الصف الأول فرجة لا تسع إلا واحد، فالقرعة، دخلا في آن واحد، هذا كله من زيادة الأجر والفضل المرتب على الصف الأول، وهذا يحثنا على التقدم إلى الصلاة.

((وشرها آخرها)) يعني خيرها أكثرها أجراً، وأعظمها فضلاً ((وشرها)) يعني أقلها أجراً ((آخرها)) لأن أفعال التفضيل ((خير صفوف الرجال أولها)) على وجهه، اشترك الأول والذي يليه والذي يليه في الخير، لكن الأول زاد في هذا الوصف، زاد في الخيرية، لكن نأتي إلى الشق الثاني: ((شرها آخرها)) مقتضى أفعل التفضيل أن يكون هذه الصفوف اشتركت في الوصف الذي هو الشر، لكن زاد الآخر على الذي قبله، لكن المراد بالشر هنا النسبي، ولا شك أن الخير في الأكمل، الذي دونه خير بلا شك، لكن هذا النقص من الكمال شر، شر نسبي؛ لأنه....... الحسابات هل من الخير أن تبيع هذا البضاعة بمائة أو بتسعين؟ بمائة، إذن هذه العشرة خير وإلا شر اللي نقصت لما بعته بتسعين؟ شر نسبي........، إذن هذه العشرة التي نقصت شر وإن كانت التسعين خير، ولذا قالوا في قوله: ((شرها آخرها)) يعني أقلها أجراً، ليس معنى الشر معناه العرفي المتبادر، لا، لكن الخير والشر أمور نسبية، فالأكثر خير والأقل شر، بالنسبة لما هو أكثر منه، والأقل خير بالنسبة لما هو أقل منه، والأقل شر بالنسبة لما هو فوقه وهكذا، ولذا قد يقول قائل: خير وشر أفعل تفضيل، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا} [(24) سورة الفرقان] ممن؟ من أصحاب النار، لكن هل أهل النار في خير؟ لا، مقتضى أفعل التفضيل أن يكونوا في خير، لكن أهل الجنة أكثر منهم خير، لا، نقول: أفعل التفضيل ليست على بابها فأهل النار في شر، وهنا نقول: شرها يعني أقلها أجراً وإن كان في خير، الذي صلى في الصف العاشر نقول: أنت في شر، واللي فيه الخير يدور أجر، ويحصل له الأجر -بإذن الله- بوعده الصادق؟ يحصل له أجر لكنه بالنسبة لمن تقدم فعله لا شك الذي فوت عليه هذه المصلحة شر.

((وخير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها)) الرجال مطالبون بالجماعة وبالتقدم إليها، والنساء بيتها خير لها، لكن إذا جاءت وبادرت مع أول الأذان، وصارت في الصف الأول، نقول: شرها أولها، يعني إن قدم ............ الناس؛ لأن الأصل القرار في البيوت، ولذا قيل في الحديث: ((خير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها)) ومنهم من ينظر إلى السبب، وهو أن الأول من صفوف النساء يقرب من الآخر من صفوف الرجال، فلكون الصف الآخر قريب من صفوف النساء صار شراً، ولكون الصف الأول من النساء قريب من صفوف الرجال صار شراً، ولبعد الصف الأول عن النساء صار خير، ولبعد الصف المؤخر عن الرجال بالنسبة للنساء صار خيراً، هذا إذا كان المسجد يصلي فيه رجال ونساء، افترضنا أن النساء في مكان مستقل في الدور الثاني، ما في قرب من الرجال بحال من الأحوال، هل نقول: انتفت العلة فيشملها ما في الحديث الأول، فيبقى خير الصفوف أولها حتى بالنسبة للنساء؟ يفرق بين الرجال والنساء، هذا مما يختلف فيه الرجال عن النساء، يعني المقصود من الحديث كله الحث على التقدم إلى الصلاة؟ ومقصود الحث على تأخر النساء عن الجماعة هذا الكلام، لكن إن قلت: بالنسبة للرجال تقول: بالنسبة للنساء، أما إذا قلنا: العلة معقولة وهي أن سبب تفضيل صفوف الرجال الأولى على الأخيرة واضح، تفضيل صفوف النساء الأخيرة على الأولى واضح إذا كان هناك رجال ونساء واضح؛ لأنه كلما بعدت المرأة عن الرجال أفضل لها، وكلما بعد الرجل عن النساء أفضل له، افترضنا أن هذه العلة ارتفعت ولا وجود لها، النساء في الدور الثاني، هل نقول: إن المرأة التي تصلي هنا أفضل من المرأة التي تصلي هناك في الدور الثاني أو العكس؟ أهل العلم يقولون: إن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، لكن متى تكون العلة مؤثرة هذا الأثر؟ العلة المنصوصة هي المؤثرة، أما العلل المستنبطة اللي يستنبط عالم هذه العلة، ويجي عالم يستنبط يقول: لا، العلة الثانية، غير منصوصة، علل اجتهادية ما تؤثر مثل هذا الأثر، فيبقى أن صفوف الرجال مطلقاً سواءً كان معهم نساء أو ليس معهم نساء أولها خيرها وشرها آخرها، وصفوف النساء مطلقاً معهم رجال أو بدون رجلها خيرها آخرها وشرها أولها؛ لأن العلة مستنبطة، ما في علل منصوصة من الشارع، كلها علل اجتهادية، فنغير ما جاء في الحديث من أجل هذه العلل المستنبطة؟ لو كانت العلة منصوصة على العين والرأس، يدور معها الحكم وجوداً وعدماً إقراراً للأصل وهو أن بيتها خير لها {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] ومعلوم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من المسجد، الحديث واضح ولا اجتهاد مع النص، تكون آخر شيء على الجدار، ويش المانع؟ جماعة نساء في مكان مستقل نقول: خيرها آخرها....... قدام، تحرص على الصف المؤخر؛ لأنه جاء في النص في الصحيح: ((شرها أولها)) ليس لنا أن نجتهد إلا لو كانت العلة منصوصة مأخوذة من النص نفسه، أما علل مستنبطة نغير فيها أحاديث؟ لا، يبي يجيك مستقبلاً ما تدري ويش يجيك؟ يمكن يظهر علة غير ما ذكره أهل العلم، نغير النص مرة ثانية على شان العلل المستنبطة المبنية على أفهام؟ ما تدري، هو ما في شك أن في الحديث تعضيد لقرار المرأة في بيتها، وأن صلاتها في بيتها أفضل لها، وأنها كلما اختفت حتى في بيتها في غرفتها أفضل من البيت اللي هو بقية أجزاء البيت وهكذا، فالمرأة مطلوب منها الستر، وأن تقر في بيتها، ولا يراها الرجال ولا تراهم، هذا الأصل، لكن الآن الدعوات بخلاف هذا، إنسان كامل عامل مؤثر شأنه شأن الرجل، نصف المجتمع، يريدون أن يخرجوا هذه النساء على تعاليم الدين بهذه الحجج، والله المستعان.

جاء في الحديث أمر أولو الأحلام والنهى أن يتقدموا فيلوا الإمام ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) يعني الكبار العقلاء، لا يترك المجال للسفهاء، للصبيان، للصغار، فهل معنى هذا حث الكبار على التقدم أو طرد الصغار من الصفوف الأولى؟ نعم حث الكبار على التقدم، وليس معناه طرد الصغار؛ لأن من سبق إلى مباح -كما تقول القاعدة الشرعية- أحق به، ولا يجوز للأب أن يقيم ولده ليجلس في مكانه، لا يجوز له ذلك، فمعنى هذا حث الكبار على التقدم إلى الصلاة والصفوف الأولى، وهم أولى بذلك من الصغار ((ليلني)) تقدموا، يجب عليك أن تتقدم، لكن هل إدراك أول الجماع واجب وإلا سنة؟ هل التقدم إلى الصلاة والصف الأول واجب وإلا سنة؟ يعني شخص ما يجي إلا مع الإقامة تقول: فعل محرم؟ آثم؟ لا، الأمر للاستحباب، الأمر للاستحباب.

حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة" هي الليلة التي بات فيها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخالته ميمونة بنت الحارث "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فقمت عن يساره" صف عن يسار الإمام "فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه" هذا موقف الواحد مع الإمام، الشخص الواحد إذا أراد أن يصلي مع الإمام يقف عن يمنيه، ولو وقف عن يساره تصح صلاته وإلا ما تصح؟ لا تصح، لا بد أن يقف عن يمينه، لو وقف وراءه؟ لا تصح؛ لأنه فذ، منفرد، إذن لا بد أن يقف عن يمنيه إذا كان هناك أكثر من واحد يصليان، الاثنان يصليان خلفه، وإن كان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فعله ابن مسعود، ولعله لضيق المكان، وإلا فالأصل أن يتقدم الإمام في هذه الصورة.

وهنا فيه دلالة الحديث على صحة صلاة المتنفل بالمتنفل، إمام في النافلة يصلي بمن يقتدي به، وعرفنا فيما تقدم لما اتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- الحجرة من حصير، وثابوا إليه، وتتبعوه، وصلوا وراءه، وفي رمضان انقطع في الليلة الثالثة أو الرابعة، يدل على أن الجماعة للنافلة لا بأس بها ما لم تتخذ عادة، يعني إن صلوا جماعة أحياناً لا بأس، وهذه المسألة تقدمت.

"جعلني عن يمينه" الأكثر على أنه لا بد أن يكون مساوياً له، يحاذيه بالأقدام، بالمناكب، يصافه، مثل ما يصف المأموم مع المأموم في الصف، ويرى الشافعية أن الإمام يتقدم على المأموم شيئاً يسيراً لكي يتميز الإمام من المأموم، في بعض ألفاظ حديث ابن عباس: "فقمت إلى جنبه" ومقتضى هذا أنه محاذياً له.

"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقمت ويتيم" من يعرب؟ قمت على الضمير المتصل، يجوز ولا ما يجوز؟ يعني هذا التركيب جائز؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ العطف على الضمير -ضمير الرفع- المتصل من غير فاصل يجوز وإلا ما يجوز؟ "أنا ويتيم" هذا الأصل، لكن مذهب الكوفيين الجواز، وعليه جاء هذا الحديث وإلا فالأصل أنه لا بد من الفاصل.

وإن على ضمير فرفع متصل

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

فقمت أنا ويتيم "فافصل بالضمير المنفصل * أو فاصل ما" أي فاصل.

أو فاصل ما وبلا فصلٍ يرد

 

في النظم فاشياً وضعفه اعتقد

هذا كلام ابن مالك، هنا ورد في غير النظم، هل يصلح أن يكون هذا الحديث دليل للكوفيين في تجوزيهم مثل هذا؟ يصلح وإلا ما يصلح؟ يعني هل يحتج بالحديث على قواعد العربية أو لا يحتج؟ أو هو من قول الصحابة، أقحاح الصحابة، أو من أقوال التابعين؛ لأنه في عصر الاحتجاج، نعم الاحتجاج بالحديث بالعربية، مسألة مختلف فيها بلا شك؛ لأن الحديث يجوز روايته العلماء بالمعنى، فما المانع أن يكون هذا التغيير من بعض من تأخر ممن لا يحتج بقوله؟ فالمسألة خلافية بين أهل العلم، هل يحتج بالحديث في قواعد العربية أو لا يحتج؟ على كل حال من أراد بحث هذه المسألة فليطالع مقدمة خزانة الأدب، المطلوب خزانة الأدب لمن؟ للبغدادي هنا، في شرح شواهد شرح الكافية، خزانة الأدب لابن حجة الحموي هذا كتاب من الأدب المتأخر اللي فيه شيء من الركة، في كتاب خزانة الأدب كتاب صغير في العربية لا أعرف مؤلفة، معاصر، لكن العبرة بكتاب البغدادي نعم، البغدادي هذا كتاب الخزانة مطبوع في ثلاثة عشر جزءاً، طبعته القديمة في أربعة مجلدات، طبع محققاً في ثلاثة عشر جزءاً، وهو كتاب نفيس في شواهد في شرح الكافية، وبحث هذه المسألة واستوفاها في مقدمة الكتاب، وفي رسالة لامرأة عراقية في الاحتجاج بالحديث في العربية.

"فقمت ويتيم خلفه" اليتيم اسمه: ضمرة، أو ضميرة بن سعد، وأم سليم، هي أم أنس، واسمها: مليكة "وأم سليم خلفنا" وفي رواية: "صففت أنا واليتيم خلفه، والعجوز من وراءنا" فدل على أن المرأة لا تصاف الرجال، وأن الاثنين مقامهما خلف الإمام، والمرأة تقف خلف الرجال، وبعض أهل العلم يبطل الصلاة إذا تقدمت المرأة صفوف الرجال أو صفت مع الرجال في صفهم، ولا شك أن هذا في حال الاختيار لا يجوز، لكن في حال اضطرار مثلاً في أوقات مواسم في أماكن تجمعات كبيرة يعني قد يأتي الإنسان لا يجد إلا مكان في الحرم مثلاً في أيام حج أو في رمضان، نعم لا يجوز له بحال أن يصف جنب امرأة، لكن وجد صف طويل فيه، التفت وإذا به امرأة في أقصاه بعيدة عنه، فيدرك الصلاة، يحصل الصلاة، وإن كان فيه امرأة، هذه حاجة، كما يقال: لك أن تصف في الشارع إذا ضاق المسجد، والله المستعان.

وذهب بعض العلماء على إبطال الصلاة في الصف الذي فيه امرأة، فضلاً عن أن تكون المرأة أمام الصف، وهذا معروف عند الحنفية، ولا شك أن إذا كانت المسألة مسألة اختيار، وفي حال السعة لا يجوز للرجل أن يصاف المرأة، وهنا: "وأم سليم خلفنا" وهل يستوي في المرأة أن تكون محرماً أو أجنبية؟ رجل فاتته الصلاة فأراد أن يصلي هو وزوجته، أراد أن يصلي هو وزوجته يقول: نصير جماعة أحسن من لا شيء، تصلي بجانبه أو من خلفه؟ زوجته، هذه فيها العجوز ذي؟ أم أنس، إذن المرأة مقامها خلف الرجال ولو كانت من المحارم.

مصافة الصبي: عرفنا إمامة الصبي، الآن مصافة الصبي، (اليتيم) كبير وإلا صغير؟ غير مكلف؛ لأنه لا يتم بعد احتلام، فإذا كان مكلفاً فإنه حينئذٍ لا يسمى يتيم، فدل على أنه صبي، فتصح مصافة الصبي.

يقول في الحديث: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو راكع, فركع قبل أن يصل إلى الصف, فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((زادك الله حرصاً ولا تعد))" أبو بكرة: نفيع بن الحارث انتهى إلى الصف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع، فخشي أن تفوته الركعة فركع دون الصف، ركع دون الصف، ثم مشى وهو راكع إلى الصف، فذكر ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((زادك الله حرصاً)) هذا لا شك أنه يدل على حرص، لكن هل كل حرص ممدوح؟ الحرص الذي يبعث على عمل السنة لا شك أنه ممدوح، الحرص الذي يبعث على التقدم إلى الصلاة ممدوح، لكن الحرص الذي يبعث على الإسراع في المشي مثلاً وعدم السكينة والوقار في الائتمام، هذا حريص، لا شك أنه حريص يريد يدرك الصلاة، لكن هذا الحرص ممدوح؟ أو يمدح الحرص ويذم الأثر المترتب عليه؟ ولذا قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((زادك الله حرصاً)) لو زاد حرص عن حرصه الذي هو فيه هل يصنع مثل هذا الصنيع؟ نعم، هو حريص جاء مع الركوع، لو زاده الله حرصاً على ذلك جاء قبل الإقامة، فدعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا، وأثنى عليه بحرصه؛ لأنه حرص ممدوح، الحرص على الخير، وعرف أبو هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- بحرصه على الخير، ولذا سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن بعض المسائل التي تدل على بذلك، ((زادك الله حرصا ولا تعد)) بصنيعك هذا بأن تحضر إلى الصلاة وأنت منبهراً؛ لأنه مع هذا الحرص، ومع الإسراع يصاب بالبهر الذي هو تردد النفس بسرعة، وهذا لا شك أنه مخل بالخشوع، ولذا أمر من يأتي إلى الصلاة بعد الإقامة أن يمشي وعليه السكينة والوقار، ((ولا تعد)) يعني لا تعد لمثل هذا الفعل، تأتي متأخر مسرعاً وتركع دون الصف، لكن عملك صحيح، وصلاتك صحيحة؛ لأنه لم يأمره بالإعادة.

 

وفي بعض الروايات: ((ولا تُعِد)) صلاتك صحيحة ومجزئه لا تعد صلاتك، وإن كان جزءاً منها وقع خلف الصف؛ لأنه ركع دون الصف في بعض الروايات: ((ولا تعدو)) من العدو وهو الإسراع، وعلى كل حال هذا العمل صحيح، وإن كان خلاف الأولى، الأولى أن يأتي الإنسان إلى الصلاة بسكينة ووقار، فإذا حصل مع هذا أن الإمام ركع وهو بسكينة ووقار وركع دون الصف ثم لحق بالصف عمله صحيح، والحديث يدل على أن بعض الركعة خلف الصف ما لم تكن ركعة كاملة صلاة صحيحة، ويدل أيضاً على سقوط الفاتحة عن المسبوق، المسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة، هذا مسبوق ولم يدرك إلا الركوع، ولم يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بإعادة الركعة؛ لأن الفاتحة فاتته، فالفاتحة تجب على كل مصلٍ إلا المسبوق، إلا المسبوق، هذه مسألة تقدمت، وإن قال أبو هريرة والإمام البخاري والشوكاني: إن الفاتحة لازمة لكل مصلٍ حتى المسبوق، فالمسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة، "رواه البخاري" زاد أبو داود فيه: "فركع دون الصف, ثم مشى إلى الصف" مسألة الصلاة -صلاة المنفرد أو الفذ خلف الصف- ستأتي -إن شاء الله تعالى-.

يقول: متى يخرج وقت صلاة الظهر والعصر؟ يقول: الرجاء الإيضاح بالساعة؟

وقت صلاة الظهر يبدأ من زوال الشمس، من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله، ثم بعد ذلك يحضر ويدخل وقت صلاة العصر عند مصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس، كما في حديث عبد الله بن عمرو، بالساعة التقاويم -الحمد لله- موجودة، وهي تختلف من وقت إلى آخر، ومن أسبوع إلى أسبوع، ومن يوم إلى يوم، وليست ثابتة لتحدد بالساعة، لكن الثابت ما جاء في النصوص أن وقت صلاة الظهر يبدأ من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء مثله، ما لم يحضر وقت العصر، وحينئذٍ لا اشتراك بين الظهر والعصر في وقت واحد كما يقول الإمام مالك -رحمه الله-، ينتهي وقت صلاة الظهر عند مصير ظل الشيء مثله، وفي هذا الوقت الذي هو النهاية يبدأ وقت صلاة العصر إلى غروب الشمس، ولا اشتراك بينهما، نعم.

يقول: أليس الله -عز وجل- إذا أشرك أحد به فلن يقبل توبته، فكيف المؤمنين السابقين كانوا يعبدون الأصنام ومن ثم اتجهوا إلى عبادة الله؟

من قال بهذا أن الله لا يقبل توبة المشرك؟ لا يقبل عمل المشرك ما دام مشركاً، أما إذا تاب {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [(53) سورة الزمر] لم يستثنِ ذنباً من الذنوب مع التوبة، لم يستثنَ ذنب من الذنوب حتى الشرك، وأبو بكر وعمر كانوا مشركين، ومع ذلكم صاروا هم خيار الأمة لما أسلموا، فالمشرك تقبل توبته، وحينما يقرر أهل العلم عدم قبول التوبة لنوع أو لفئة من الفئات فمرادهم بذلك في الدنيا، وأما في الآخرة إذا توافرت شروط التوبة من الذي يحول بينهم وبين خالقهم، ورازقهم أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، لكن التوبة مقبولة اتفاقاً من المشرك إذا أسلم.
ما أدري من أي جاءه هذا اللبس؟ {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] يعني حال الشرك لا يمكن أن يغفر للمشرك، المشرك لا يغفر له إلا بتوبة، فإذا تاب تاب الله عليه، والتوبة تهدم ما كان قبلها، نعم.

هذا يسأل يقول: الوضوء واستقبال القبلة وستر العورة شرط في الصلاة المفروضة الواجبة فإن لم يجد الماء تيمم وإن لم يعرف اتجاه القبلة فله أن يجتهد ويصلي؟

معلوم أن الاجتهاد في المواضع التي لا يمكن فيها معرفة القبلة بيقين في البراري مثلاً، في البلدان التي لا يوجد فيها محاريب إسلامية، له أن يجتهد.
السؤال يقول: فإن لم يجد ما يستر به عورته فما العمل؟ يصلي على حسب حالة أو ينتظر حتى يجد؟
يصلي على حسب حاله، إن وجد ما يكفي بعض العورة يستر السوأتين يحرص على ذلك، فإن لم يكفهما إذا كان يكفي إحدى السوأتين مثلاً، وجد ما يكفي المغلظة إما الدبر وإما القبل فإن لم يكفهما فالدبر، يعني مر علينا في الحديث: إن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، والعكس بالنسبة للنساء، وهذا في الأماكن التي فيها الرجال والنساء ظاهر وواضح، لكن ماذا عما لو كان النساء في محل محجوب عن رؤية الرجال؟ نفس النص، يعني ما يتغير، أبدى بعض أهل العلم علل وهو أن السبب في تفضيل الصفوف المؤخرة نعم البعد عن الرجال لكنها علل..، الصفوف الأولى مستنبطة وإلا منصوصة؟ مستنبطة، لذا لا يعول عليه.
طالب:.......
طالب العلم عليه أن يتأدب مع شيخه؛ لأن الشيخ بشر يمل ويضجر ويقلق فلا بد من ملاحظة نفسه ووضعه النفسي، ومع هذا على طالب العلم أن يتأدب في كيفية إلقاء السؤال، وفي انتقاء السؤال، وفي الأسلوب الذي يعرض به السؤال، بعض الطلاب يسأل ما حكم كذا يا شيخ؟ تجيبه، حكمه جائز، طيب الشيخ فلان يقول: حرام، هل هذا أسلوب؟ أنت تريد أن تلقن الشيخ هذه الفتوى وتأتي به على ما تريد، نعم قد يكون الشيخ..، قد يغفل عن هذه الفتوى، قد يكون الشيخ بحاجة إلى التنبيه على مثل هذه الفتوى، لا سيما إذا كانت ممن يعتد بقوله من أهل العلم، لكن ليست بهذه الطريقة، إذا قال لك: حلال، مباح، جائز، تقول: ما رأيك فيمن يقول: كذا؟ بأسلوب مناسب، لا بد من الأدب، مثل ما ذكرنا الشيخ شأنه شأن غيره، بشر، فعلى الطالب أن يتحمل ويصبر على جفاء الشيخ لا سيما إذا..، مع طول الوقت يمل الشيخ، وعليه أن يعامل الشيخ بأدب، وعلى الشيخ أيضاً في المقابل أن يرفق بطلابه، وأن ينبسط معهم، ويرحب بهم، وما نال هذه الأجور إلا بسببهم، فعلى كل من الطرفين أن يتحمل الآخر، وأن يتعامل مع الآخر بأدب، والشرع كله مبني على الأدب والاحترام، إنما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- ليتمم مكارم الأخلاق -عليه الصلاة والسلام-.

هل المسبحة تحقق مصلحة لا يحققها غيرها؟

المسبحة إنما هي لعد التسبيح وضبط العدد، وتقوم الأصابع وهي الأصل في هذا، وهي مستنطقة تدفن مع الإنسان، وتبعث معه، وتستنطق يوم القيامة، وتشهد للمسبح بها، المسبحة لا تصحبه، ولذا وجه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى التسبيح بالأصابع، والمسبحة في حكم الحصى، نعم قد لا يشدد في أمر المسبحة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر على أم المؤمنين، إنما وجهها إلى الأكمل والأفضل، هذا إذا سلمت المسبحة من مشابهة الكفار أو المبتدعة الغلاة، أو ما أشبه ذلك، فأقل أحوالها أنها خلاف الأولى، نعم.

...... يقول: أنا شاب في عمر الزهور وأدرس في اليمن...... اقتصادية، وحينما ذهبت إلى بعض المعاهد الأجنبية لكي أدرس فيها، فسألت بعض الناس فقالوا: إنها معاهد تنصير، يقول: نعم في الحقيقة من........

لا يجوز لك أن تتعلم فيها؛ لأن خطرها على الدين، وأمر الدين وشأنه عظيم، فالمحافظة عليه أولى عليه من المحافظة على كل شيء، وعلى كل ثمين، المحافظة على الدين أولى من المحافظة على البدن، فضلاً عن غيره، وتكفف الناس وسؤال الناس خير من الدراسة في مثل هذه المدارس، ورأس المال هو الدين، دينك دينك، فإنما هو لحمك ودمك، فإذا لم تحرص على هذا الدين، ولو هيئت لك جميع أسباب الراحة، ولو يسرت لك جميع أمور دراستك، فالعيش مع الجهل وخلف أذناب البقر خير من التعلم في هذه المدارس التي خطرها ظاهر على الدين، والله المستعان.

ما أجبتم -حفظكم الله- عن مسألة عدم تقديم الأقدم إسلاماً على الأقدم هجرة؟

قلنا: إن الشرع جاء بتحريم البقاء بين أظهر الكفار، وجعل للهجرة شأن، وجعل للهجرة شأناً؛ لأن البقاء بين أظهرهم تكثير لسوادهم، وفي الحديث قدم الأقدم هجرة على الأقدم إسلاماً، من باب الحث على تقدم الهجرة وعدم البقاء بين أظهر الكفار.

يقول: إذا كان المصلي ضيف في بيت فاسق فلمن تكون الإمامة؟

الأصل أن صاحب البيت هو صاحب السلطان، فلا يجوز له أن يفتأت عليه في سلطانه، إن كان ممن لا يرى صحة إمامة الفاسق عليه أن يخرج من هذا البيت، ويبحث عن مكان يصلي فيه، وإن كان يرى الصحة وصلى وراءه أو استأذنه بأدب وأسلوب بأن يصلي وأذن له، الأمر لا يعدوه.

يقول: هل وردت أحاديث مخصصة يقولها الإمام عند تسوية الصفوف، وما حكم قول غيرها مثل قول الإمام دائماً: أغلقوا جوالتكم -رحمكم الله-؟

نعم جاء ما يدل على الأمر بتسوية الصفوف ((سووا صفوفكم)) ((استووا)) جاء الأمر بهذا ((سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)) ويقوم مقامها ما يؤدي معناها، وإذا احتيج إلى التنبيه على شيء بعينه مما يشغل المصلين فلا مانع من ذكره، لا مانع من ذكره، إذا كان هناك شيء يشوش على الناس مكيف مزعج مثلاً، يقال: يا فلان طفي المكيف، أو أغلقوا هذا، أو جوال يغلقوا الجوال إيش المانع؟ لأن هذا من تحصيل مصلحة الصلاة، لا سيما إذا كانت هذه الجولات نغماتها من النغمات المحرمة الموسيقية التي أفتى أهل العلم بتحريمها، قد يتعين على الإمام لا سيما إذا سمع شيئاً من ذلك أن ينبه عليه ويزجر، ويتعين على من سمع هذا المنكر أن يغيره، وأقل الأحوال باللسان، ومع الأسف الشديد أن كثير من المساجد المسلمين شبهت بكنائس النصارى، الناس يصلون والموسيقى تصدح على مرأى ومسمع من الناس كلهم، ومع الأسف قد تصلي في مسجد فيه خمسة صفوف ولا واحد يرفع بذلك رأس، هذه مصيبة هذه.

يقول: قرأت من كتب أن مصليات النساء في المساجد بدعة؛ لأنها لم توجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأيكم؟

الاختلاط، اختلاط الرجال بالنساء لا سيما في أوقات الفتن محرم، وعزل الرجال عن النساء في هذه الأوقات التي تعظم فيها الفتنة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

يقول: إن لم يكن المصلي واضع سترة أمامة فكم المسافة التي يسمح بها بالمرور من أمامه؟

أهل العلم يقدرون ثلاثة أذرع، يكفيه ثلاثة أذرع، على أنه إذا لم يستتر ليس له أن يدفع، وليس له أن يمنع؛ لأن الأمر بالدفع، الأمر بمنع المرور بين يديه مقرون بالاستتار ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)) نعم.

يقول: إذا صلى المأموم عن يسار الإمام جاهلاً فما حكم صلاته؟ ولو وقف ثلاثة مأمومين عن يمين الإمام وليس خلفه فما حكم صلاتهم؟

إذا صلى عن يسار الإمام فصلاته ليست بصحيحة، قد يعذر بجهله؛ لكن الصلاة في الأصل ليست صحيحة، فيؤمر بإعادتها ولو احتياطاً، أما إذا صلوا عن يمينه ولو كانوا أكثر من واحد فالصلاة صحيحة، والأصل أن موقف هؤلاء خلف الإمام، نعم.