تعليق على تفسير سورة النساء من أضواء البيان (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يسأل عن درس الثلاثاء، هل سيكون المغرب أم العشاء من أجل صيام عاشوراء؟

نعم العشاء على المعتاد، إذا كان يوم صيام فالدرس العشاء، إن شاء الله تعالى.

طالب: ............

ما هو يعلن؟

طالب: ............

لا، درس الثلاثاء هل سيكون المغرب أم العشاء من أجل صيام عاشوراء.

طالب: ............

الحادي عشر فيه كلام بعد أنه ما يصير فيه درس أصلاً.

طالب: ............

نعم ما يكون إلا خيرًا إن شاء الله؛ لأن فيه عارضًا، والنية أنا نعوضهم الأسبوع القادم، إن شاء الله يصير فيه درسان؛ المغرب والعشاء يوم الأربعاء، أما الثلاثاء فهو كالإثنين العشاء.

الكلام الذي ذكرناه عن التفسير ما يتعلق بالأئمة الأربعة وما حصل لهم من بعض الولاة من الأذى، نعم كأن المناسب له {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [سورة البقرة:124]؛ لأنه جاء به مثالًا على ظلم بعض الولاة.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-:

"قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [سورة النساء:101] معناه ينالونكم بسوء، فروع تتعلق بهذه الآية الكريمة على القول بأنها في قصر الرباعية على ما يفهم من حديث يعلى بن أمية عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عند مسلم وأحمد وأصحاب السنن كما تقدم."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،

فقد تقدم في كلام المؤلف ما يشير إلى أنه يرجِّح أن الآية في صلاة الخوف، ولذلك أطال في صلاة الخوف، وذكر الصور وهنا على القول.. يقول على القول بأنها في قصر الرباعية، والآية ذُكر فيها وصفان كل واحد منهما يصح أن يعلَّق به الحكم وهو القصر والخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [سورة النساء:101] فالقصر موجود ووصف منصوص عليه، وكذلك الخوف منصوص عليه في الآية، فأيهما أولى بأن يعلَّق به الحكم؟

طالب: ............

لا، يعني هل المراد القصر في السفر؟ الضرب في الأرض هو السفر، وصف يصح أن يكون.. لأن عندنا من الأحكام ما يكون أصليًّا في النص، ومنها ما يكون تبعيًّا، فأيهما الأصلي؟ وأيهما التبعي؟ أو كلاهما أصلان؟

طالب: ............

إذا ضربتم نعم.

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

فاهمين المقصود أم ما هو مفهوم؟ لأن الشيخ فيما تقدم يرى أن الخوف هو الأصل، ولذلكم يقول فروع تتعلق بهذه الآية الكريمة على القول بأنها في قصر الرباعية، على أن الحكم الأصلي المقصود في الآية القصر في السفر لا الخوف، وعلى كلام الشيخ على أن الحكم الأصلي الخوف والقصر جاء تبعًا، ويترتب على هذا أنه إذا قلنا: إن الآية سيقت أصالة لحكم القصر؛ وأنه هو الأصل في الآية، والخوف تبع له يختلف الحكم؛ لأن من أهل العلم من لا يرى الحكم التبعي، الدلالة التبعية، بخلاف وأن الحكم يقتصر فيه على الدلالة الأصلية، وما عدا ذلك لا يلتفت إليه في كلام الشاطبي.

 وهذا تعرضنا له في الموافقات، وذكرنا له أمثلة، يعني في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للحائض، لعائشة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» استدل بالحديث من يقول: إن الحائض تقرأ القرآن لأن الحاج يقرأ القرآن، لكن هل الحديث دلالته الأصلية سيقت لهذا؟ لا، وله نظائر، المقصود أن أيهما الأصل؟ وأيهما الفرع؟ أو هما أصلان؟ لأن الخوف شرط في القصر في دلالة الآية، في دلالة الآية بغض النظر عما يبينه في الحديث من أنه صدقة تصدق الله بها.

انتهى الشيخ من الكلام على صلاة الخوف، وبدأ الآن -رحمة الله عليه- يبيِّن أحكام القصر وأقوال أهل العلم فيه، ذكر حديث يعلى بن أمية عن عمر -رضي الله عنهما أو رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عند مسلم، ولما استشكل عمر الشرط شرط القصر بالخوف فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «صدقة تصدق الله به عليكم، فاقبلوا صدقته، فاقبلوا صدقته»، وهذا أمر والخلاف في وجوب القصر أو رخصة، وهل هو أفضل من الإتمام أو الإتمام أفضل منه كلام طويل لأهل العلم، والمفسِّر -رحمة الله عليه- المؤلف يعرض لشيء منه.

"الفرع الأول: أجمع العلماء على مشروعية قصر الرباعية في السفر خلافًا لمن شذ وقال: لا قصر إلا في حج أو عمرة، ومن قال: لا قصر إلا في خوف، ومن قال: لا قصر إلا في سفر طاعة خاصة، فإنها أقوال لا معوَّل عليها عند أهل العلم، واختلف العلماء.."

أولاً: الترخص في السفر ثبتت به الأدلة الصحيحة الصريحة، لكن اختلفوا هل يترخص في كل سفر؟ في كل سفر سواء كان طاعة أو مباحًا أو معصية أو يترخص في سفر الطاعة فقط كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما سافر إلا في حج أو عمرة أو غزو فيقتصر على نظير ما فعله -عليه الصلاة والسلام- ويبقى السفر المباح على المنع أو يترخص في كل سفر مباح ومن باب أولى سفر الطاعة؟ كما هو قول الجمهور، والحنفية يرون أنه في كل سفر ولو كان سفر معصية، ولو كان سفر معصية أنه يترخص، وعليه معصيته، ويرون أن الجهة في مثل هذا منفكة، يرون أن الجهة منفكة مع أنك لو نظرت إلى المسألة بنظر دقيق وجدت أن الجهة لا تنفك؛ لأنه إذا أُذن له في السفر وفي الترخص والجمع والمسح وما أشبه ذلك كأنه يعان على معصيته بتوفير الوقت له، ولذا جمهور أهل العلم يرون أنه لا يقصر في سفر المعصية، والأكل من الميتة أبيح للضرورة {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} [سورة البقرة:173]، فاستثني من يعصي أو من يأكل حال تلبسه بالمعصية، فالعاصي لا يترخص، ولا يعان على معصيته في قول الجمهور.

طالب: ............

سفر المعصية ما يعصى الله فيه قطع طريق أو سفر ليخرج على إمام أو ليفجر بامرأة و.... كثير.

طالب: السفر إلى بلاد الكفر..

السفر إلى بلاد الكفر نعم معصية لا يجوز.

طالب: ............

سيأتي بالوقت والمسافة.

"واختلف العلماء في الإتمام في السفر هل يجوز أو لا؟ فذهب بعض العلماء إلى أن القصر في السفر واجب، وممن قال بهذا القول أبو حنيفة -رحمه الله-، وهو قول علي وعمر وابن عمر، ويروى عن ابن عباس وجابر، وبه قال الثوري، وعزاه الخطابي في المعالم لأكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار، ونسبه إلى علي وعمر وابن عمر وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن قال: وقال حماد بن أبي سليمان: يعيد من صلى في السفر أربعًا. انتهى منه بواسطة نقل الشوكاني -رحمه الله-.

وحجة هذا القول الذي هو وجوب القصر ما قدمنا من الأحاديث عن عائشة وابن عباس وعمر- رضي الله عنهم- بأن الصلاة فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر، ودليل هؤلاء واضح.."

يعني من الحديث أن الصلاة فرضت ركعتين، وبقيت صلاة السفر على فرضها الأول ركعتين، وزيد في الحضر، وزيد في الحضر إلا الصبح، فإنها تطوَّل فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار، المغرب في الليل أم في النهار؟

طالب: ............

ما هي بين إذا غابت الشمس انتهى النهار.

طالب: ............

لكن غابت الشمس فيه نهار؟ يمكن أن تصلى قبل غروب الشمس في النهار؟ لا، فكيف صارت وتر النهار؟

طالب: ............

القرب والملاصقة له أثر كما في الحديث «شهرا عيد لا ينقصان، شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة» رمضان فيه عيد، أو العيد في شوال؟ في شوال، لكن لقربه وملاصقته لشهر رمضان أضيف إليه.

"وذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز الإتمام والقصر كما يجوز الصوم أو الإفطار إلا أنه اختلفوا هل القصر أو الإتمام أفضل؟ وبهذا قال عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وعائشة- رضي الله عنهم- قال النووي في شرح المهذَّب: وحكاه العبدري عن هؤلاء، يعني من ذكرنا، وعن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس والحسن البصري ومالك وأحمد وأبي ثور وداود، وهو مذهب أكثر العلماء. وروى البيهقي عن سلمان الفارسي في اثني عشر من الصحابة، وعن أنس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود وابن المسيب وأبي قلابة، واحتج أهل هذا القول بأمور: الأول قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [سورة النساء:101] الآية؛ لأن التعبير برفع الجناح دليل لعدم اللزوم.

الأمر الثاني.."

الحنفية في طرف، والجمهور في طرف في هذه المسألة، كما أن الحنفية في السعي في طرف والجمهور في طرف، والاستدلال بهذه الآية نظير استدلال الحنفية، استدلال الجمهور بهذه الآية في رفع الجناح، وأنه لا يقتضي الوجوب نظير استدلال الحنفية على عدم ركنية السعي من قوله- جل وعلا-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة:158] يعني بالصفا والمروة، مما يدل على عدم وجود السعي عند الحنفية، فهما قولان متقابلان، وحجتهما تكاد تكون متطابقة.

"الأمر الثاني: هو ما قدمنا في حديث يعلى بن أمية عن عمر بن الخطاب من أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال في القصر في السفر: «صدقة تصدق الله بها عليكم» الحديث، فكونه صدقة وتخفيفًا يدل على عدم اللزوم. الأمر الثالث: هو ما رواه النسائي والبيهقي والدارقطني عن عائشة -رضي الله عنها- أنها اعتمرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفطر هو -صلى الله عليه وسلم- وقصر الصلاة وصامت هي وأتمت الصلاة فأخبرته بذلك، فقال لها: «أحسنت». قال النووي في شرح المهذب: هذا الحديث رواه النسائي والدارقطني والبيهقي بإسناد حسن صحيح، قال: وقال البيهقي في السنن الكبرى: قال الدارقطني: إسناده حسن، وقال في معرفة السنن والآثار هو: إسناد صحيح.

قال -مقيده عفا الله عنه-: الظاهر في أن ما جاء في هذا الحديث من أن عمرة عائشة المذكورة في رمضان لا يصح؛ لأن المحفوظ الثابت بالروايات الصحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر في رمضان قط؛ لأنه لم يعتمر إلا أربع عمرات الأولى: عمرة الحديبية التي صده فيها المشركون عن البيت الحرام عام ست. الثانية: عمرة القضاء التي وقع عليها عقد الصلح في الحديبية، وهي عام سبع. الثالثة: عمرة الجعرانة بعد فتح مكة عام ثمانٍ، وكل هذه العمر الثلاث في شهر ذي القعدة بالإجماع، وبالروايات الصحيحة. الرابعة: عمرته مع حجه في حجة الوداع، ورواية النسائي ليس فيها أن العمرة المذكورة في رمضان، ولفظه: أخبرني يحيى بن محمد الصوفي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا العلاء بن زهير الأزدي قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة أنها اعتمرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، حتى إذا قدمت مكة قالت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، قصرتُ وأتممتُ وأفطرتُ وصمتُ قال: «أحسنت يا عائشة وما عاب علي» انتهى.

الأمر الرابع: ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في السفر ويتم، ويفطر ويصوم، قال النووي في شرح المهذب: رواه الدارقطني والبيهقي وغيرهما، قال البيهقي: قال الدارقطني: إسناده صحيح، وضبطه ابن حجر في التلخيص بلفظ يقصر بالياء.."

في الحديث الصحيح أنهم كانوا يسافرون معه -عليه الصلاة والسلام- ومنهم الصائم ومنهم المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صام في سفر حتى إذا بلغ كراع الغميم أفطر، ومعروف حكم الصيام في السفر؛ لأنه فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفعله أصحابه معه، فحكمه عند أهل العلم تبع للمشقة، فإذا لم يشق توجه الصيام، وإذا شق مشقة يسيرة فليس من البر، وإذا زادت المشقة فأولئك العصاة، في هذا كله جاءت الأحاديث كما هو معروف.

"وضبطه ابن حجر في التلخيص بلفظ يقصر بالياء، وفاعله ضمير النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتتم بتاءين، وفاعله ضمير يعود إلى عائشة، فيكون بمعنى الحديث الأول، ولكن جاء في بعض روايات الحديث التصريح بإسناد الإتمام المذكور للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال البيهقي: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال: أنبأنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا المحاملي قال: حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عمر بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في الصلاة ويتم ويفطر ويصوم. قال علي: هذا إسناد صحيح. انتهى. قال البيهقي: وله شاهد من حديث دلهم بن صالح."

علي هذا هو الدارقطني.

"والمغيرة بن زياد وطلحة بن عمرو وكلهم ضعيف.

الأمر الخامس: إجماع العلماء على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام، ولو كان القصر واجبًا حتمًا لما جاز صلاة أربع خلف الإمام، وأجاب أهل هذا القول عن حديث عمر وعائشة وابن عباس بأن المراد بكون صلاة السفر ركعتين، أي لمن أراد ذلك."

يذكر عن الشعبي أن المسافر لا يلزمه الإتمام خلف المقيم، وعامة أهل العلم على أنه إن صلى خلف مقيم لزمه الإتمام.

"أي لمن أراد ذلك، وعن قول عمر في الحديث تمام غير قصر بأن معناه أنها تامة في الأجر، قاله النووي، ولا يخلو من تعسف، وأجاب أهل القول الأول عن حجج هؤلاء قالوا: إن قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [سورة النساء:101] في صلاة الخوف كما قدمنا فلا دليل فيه لقصر الرباعية."

نعم، عوَّل على الوصف الثاني، وأن الآية سيقت لبيان حكم صلاة الخوف لا لبيان حكم قصر الصلاة في السفر.

"قالوا.. في صلاة الخوف كما قدمنا فلا دليل فيه لقصر الرباعية قالوا: ولو سلمنا أنه في قصر الرباعية فالتعبير بلفظ: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة:233] لا ينافي الوجوب كما اعترفتم بنظيره في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة:158]."

الآية هذه نزلت على سبب، وأنهم كانوا يطوفون بين الصفا والمروة؛ لأن على الصفا صنمًا وعلى المروة صنمًا، فلما جاء الله بالإسلام وأمروا بالسعي تحرجوا من السعي بينهما، لما كانوا يسعون بينهما من أجل الصنمين، فجاء رفع الجناح المستصحب من العهد السابق أثناء وجود الصنمين، لا جناح عليكم؛ لأن الحكم جاءت به الشريعة، وجاء به النص، وفعله النبي- عليه الصلاة والسلام- وأمر به، فالاستصحاب الأصل لا جناح فيه.

"لأن السعي فرض عند الجمهور.

 قوله في الحديث «صدقة تصدق».."

وعن قوله يعني أجابوا عن قوله في الحديث.

"وعن قوله في الحديث: «صدقة تصدق الله بها عليكم» بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقبولها في قوله: «فاقبلوا صدقته»، والأمر يقتضي الوجوب، فليس لنا عدم قبولها مع قوله -صلى الله عليه وسلم-: فاقبلوها، وأجابوا عن الثالث والرابع بأن حديثي عائشة المذكورين لا يصح واحد منهما، واستدلوا على عدم صحة ذلك بما ثبت في الصحيح عن عروة أنها تأولت في إتمامها ما تأول عثمان، فلو كان عندها في ذلك رواية من النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يقل عنها عروة: إنها تأولت، وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله-.."

استدلوا على عدم صحة ذلك، الأحاديث مصححة من قبل جمع من أهل العلم، وبعضهم حسنها، فهم ردوا ذلك بأنه لو كان عندها رواية من النبي -عليه الصلاة والسلام- لما تأولت قالت: كنت أفعل الإتمام بإقراره -عليه الصلاة والسلام-، ما قالت إنها تأولت مثل ما تأول عثمان، هذا أمير المؤمنين، وبمنزلة أبيهم والبلدان، كلها خاضعة، وكلها بلدانه، وهي أمهم وكأنها في أولادها وفي بيتها، هذا تأويل، فتأولت مثل ما تأول عثمان، فلو كان عندها نص صحيح بأنها كانت تتم بإقراره -عليه الصلاة والسلام- لقالت: كنت أتم في حياته -عليه الصلاة والسلام- ولم ينكر علي، هذه حجة من يقول بـ أو برد ما يروى عن عائشة أنها أتمت معه -عليه الصلاة والسلام-.

ومنهم من يقول كما سيأتي في كلام ابن القيم وما ينقله عن شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه لا يعقل ولا يتصور من أم المؤمنين أن تسافر وتخالفه، أو أنها تخالفه في حياته وتوافقه بعد مماته أو العكس في كلام ابن القيم -رحمه الله-.

"وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد ما نصه: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث كذب على عائشة، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة النبي- صلى الله عليه وسلم- وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصرون، ثم تتم هي وحدها بلا موجِب، كيف وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر، فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله، وتخالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحاب.."

العلماء يختلفون في معنى فُرضت، معنى فُرضت هل هي أُوجبت وكُتبت أو أنها قُدرت؟ وكل على مذهبه في جواز الإتمام وعدمه.

"وقال الزهري لهشام بن عروة لما حدثه عن أبيه عنها بذلك: فما شأنها كانت تتم الصلاة؟ فقال: تأولت كما تأول عثمان، فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حسَّن فعلها وأقرها عليه، فما للتأويل حينئذٍ وجه، ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير، وقد أخبر ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ولا أبو بكر ولا عمر، أفيظن بعائشة أم المؤمنين مخالفتهم، وهي تراهم يقصرون؟ وأما بعد موته -صلى الله عليه وسلم- فإنها أتمت كما أتم عثمان، وكلاهما تأول تأويلاً، والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له، والله أعلم، انتهى محل الغرض منه بلفظه.

قال مقيده -عفا الله عنه-: أما استبعاد مخالفة عائشة -رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته مع الاعتراف بمخالفتها له -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته فإنه يوهِم أن مخالفته بعد وفاته سائغة، ولا شك أن المنع من مخالفته في.."

التأويل الموجود بعد وفاته هو موجود في حياته، فهي أم المؤمنين بعد وفاته، كما أنها أمهم قبل وفاته.

"ولا شك أن المنع من مخالفته في حياته باقٍ بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم-، فلا يحل لأحد ألبتة مخالفة ما جاء به من الهدى إلى يوم القيامة فعلاً كان أو قولاً أو تقريرًا، ولا يظهر كل الظهور أن عائشة تخالف هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- باجتهاد، ورواية من رأى أنها تأولت تقتضي نفي روايتها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا في ذلك، والحديث المذكور فيه إثبات أنها روت عنه ذلك، والمثبِت مقدَّم على النافي، فبهذا يعتضد الحديث الذي صحَّحه بعضهم وحسَّنه بعضهم كما تقدم، والتحقيق.."

طالب: .......

يعني ليبرر فعل عائشة بتنظيره بفعل عثمان -رضي الله عنه-، وعثمان من الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا بالاقتداء بهم، وعائشة تأوَّلت مثل ما تأوّل كما فعل عثمان، يعني اقتدت به في ذلك، وهو أهل أن يُقتدى به؛ لأنه من الخلفاء الراشدين، وغاب عنه ما ترويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك؛ لأنها هي لو سُئلت وقالت: تأولت، لو كانت هي القائلة لاتجه الكلام، لكن لما ينقل عنها لا يلزم أن يكون هو الدليل فقط.

"والتحقيق أن سند النسائي المتقدم الذي روى به هذا الحديث صحيح، وإعلال ابن حبان له بأن فيه العلاء بن زهير الأزدي وقال فيه: إنه يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، فبطل الاحتجاج به، مردود بأن العلاء المذكور ثقة كما قاله ابن حجر في التقريب وغيره، وإعلال بعضهم له بأن عبد الرحمن بن الأسود لم يدرك عائشة مردود بأنه أدركها، قال الدارقطني: وعبد الرحمن أدرك عائشة، فدخل عليها وهو مراهق، وذكر الطحاوي عن عبد الرحمن أنه دخل على عائشة في الاستئذان بعد احتلامه، وذكر صاحب الكمال أنه سمع منها، وذكر البخاري في تاريخه وابن أبي شيبة ما يشهد لذلك، قاله ابن حجر. وإعلال الحديث المذكور بأنه مضطرب؛ لأن بعض الرواة يقول: عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة، وبعضهم يقول: عن عبد الرحمن عن عائشة مردود أيضًا بأن رواية من قال عن أبيه خطأ، والصواب عن عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة، قال البيهقي بعد أن ساق أسانيد الروايتين: قال أبو بكر النيسابوري: هكذا قال أبو نعيم: عن عبد الرحمن عن عائشة، ومن قال عن أبيه في هذا الحديث فقد أخطأ. انتهى."

لولا التنصيص من الأئمة على أنه خطأ لساغ أن يصحح الجميع ويقال: كان يرويه عن أبيه ثم سمعه منها مباشرة فرواه عنها، وله نظائر كثيرة في السنة، له نظائر، ومن هذا النوع ما يسمى عند أهل العلم: المزيد في متصل الأسانيد.

"فالظاهر ثبوت هذا الحديث، وهو يقوي حجة من لم يمنع إتمام الرباعية في السفر، وهم أكثر العلماء، وذهب الإمام مالك بن أنس إلى أن قصر الرباعية في السفر سنة، وأن من أتم أعاد في الوقت؛ لأن الثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يواظب على القصر في أسفاره، وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان في غير أيام منى، ولم يمنع.."

في غير أيام منى، هذا عائد إلى عثمان لا إلى الجميع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبا بكر وعمر كانوا يقصرون الصلاة في منى.

"ولم يمنع مالك الإتمام؛ للأدلة التي ذكرنا، والعلم عند الله تعالى."

كيف ما يمنع الإتمام، وأن من أتم أعاد في الوقت، يعني لمن يمنعه مطلقًا أو مادام في الوقت فإنه يعيد، وهذا يخالف ما اصطلح عليه في تفسير أو في معنى السنة، وإن كانت السنة عند المالكية تختلف عن السنة عند أكثر أهل العلم الذين يفسرون السنة بأنها ما يثاب فاعلها، ولا يعاقَب تاركها، فإذا كان يثاب ولا يعاقب فإن التارك لا تلزمه إعادة على كلام المالكية.

"الفرع الثاني: اختلف العلماء في تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة، فقال مالك والشافعي وأحمد: هي أربعة بُرُد، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، وتقريبه بالزمان مسيرة يومين سيرًا معتدلاً."

مالك والشافعي وأحمد يقولون: المسافة أربعة بُرُد يعني بالكيلوات تعادل ثمانين، البريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، وتقريبه بالزمان مسيرة يومين سيرًا قاصدًا، يعني معتدلاً كما يقول أهل العلم. وعندهم اختلاف في قدر الميل معروف، على كل حال خلافهم في المسافة طويل، وله أدلة، فمنهم من يرى اليومين تبعًا لما جاء في نصوص سفر المرأة تسافر يومين، وتسافر ثلاثة أيام، وتسافر يومًا، وبهذا أخذ البخاري -رحمه الله- أن مسافة القصر مسافة يوم، وعلى كل حال النصوص لا تنهض بالتحديد الدقيق بهذه الطريقة، لكن اعتمادها من قِبَل جمهور أهل العلم؛ لضبط الصلاة؛ لئلا تضيع الصلاة عند عامة الناس، ولو أحيل العوام على العرف لضاعت الصلاة عندهم، ولما فتح المجال في المدة لمن يسافر، ولا يحدد له، ولا يضرب له مدة، سافروا، يسافرون السنين، السنتين والثلاث والأربع، بل أكثر من ذلك، ويقصرون ويجمعون ويفطرون باعتبار أنهم مسافرون، ولايزالون في السفر باعتبار أنهم ليسوا في بلدانهم.

 والمسألة مردها إلى العرف، لكن من الذي يضبط العرف؟ ولذا كان الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- يفتي بما يقول به شيخ الإسلام أن مرد ذلك إلى العرف، فلما رأى تضييع الصلاة والصيام من كثير من العامة بل بعض طلاب العلم، رجع إلى قول الجمهور، فصار يفتي سواء كان في المسافة أو المدة.

طالب: .......

لا بد من النزول نعم لا بد من النزول.

طالب: .......

سيأتي، تكلم عليها الشيخ ما ترك شيئًا إذا تولى شيئًا إذا تولى طبخ شيء أنضجه -رحمة الله عليه-.

طالب: .......

هذا كثير عند المالكية وفي الموطأ مر بنا كثير من هذا.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

أنا ما علقت عليه؟! ما سمعت؟! ما علقت عليه أنا؟! قلت: مقتضى قوله بأن القصر سنة، عدم الإعادة؛ لأن هذا تعريف السنة، هذا مر بنا أمثلة كثيرة في الموطأ.

طالب: .......

حتى ولو كان الإجماع مضبوطًا ومنضبطًا، يعني النووي يحكي الإجماع، وابن قدامة يحكي الإجماع، لا شك أن لهذا القول هيبة، واتفاق الأئمة الأربعة يعني لو وجد قول في مسألة لم يقل بها أحد من الأئمة الأربعة، طالب العلم ينبغي أن يتثبت في هذا القول، ولا يعتمده إلا بعد أن يراه كالشمس.

وأما قول الشوكاني: ودعاوى الإجماع التي ينقضها بعض أهل العلم فتجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، كيف لا يهاب الإجماع؟! كيف لا يهاب الإجماع؟!

الشوكاني -رحمه الله- فيه من صفة ابن حزم من الجرأة والقوة والظاهرية فيه شوب، لكن مع ذلك هم علماء، والشوكاني صاحب حديث وسنة، لكن ما هو معصوم، كونه لا يهاب الإجماع لا بد أن يهاب الإجماع.

"وعندهم اختلاف في قدر الميل معروف، واستدل من قال بهذا القول بما رواه مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه ركب إلى ريم، فقصر الصلاة في مسيره ذلك."

في البخاري عن ابن عباس أنه حدد المسافة من مكة إلى جدة، ومن مكة إلى الطائف، ومن مكة إلى عسفان، هذه مسيرة يومين، هذه المسافات ثمانون كيلو كلها، لكنها بدأت تنقص؛ لتقارب البلدان، ولذا ما يفتى بأن من يسافر إلى جدة يقصر ويجمع من أهل مكة أو العكس أو الطائف؛ لأنها تقاربت فقلَّت المسافة.

"قال مالك: وذلك نحوًا من أربعة بُرُد، وريم موضع قال بعض شعراء المدينة:

فكم من حرة بين المنقى

 

إلى أحد إلى جنبات ريم

وبما رواه مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر ركب إلى ذات النُّصُب فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك: وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد، وبه قال مالك إنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل.."

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

وبما قال مالك أنه.. يعني يستدل بكذا وبكذا وبما رواه.. ماذا عندك؟

وبما قال..

وبما قال مالك..

"وبما قال مالك إنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، وفي مثل ما بين مكة وجدة، قال مالك: وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر فيه الصلاة إلي، وبما رواه مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة، كل هذه الآثار مذكورة في الموطأ، وممن قال بهذا ابن عمر وابن عباس كما ذكرناه عنهما.

وقال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: وكان ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- يقصران ويفطران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخًا. انتهى. وبه قال الحسن البصري والزهري والليث بن سعد وإسحاق وأبو ثور، نقله عنهم النووي."

لا شك أن هذه المسافة بالوسائل القديمة فيها مشقة، وفيها وقت، اليومان ليست سهلة على المسافر مع مشقة السفر وصعوبة الوسائل، لكن الآن المسافة تقطع في أقل من ساعة، في أقل من ساعة، الثمانون الكيلو أقل من ساعة، وقال بعض الفقهاء -وأظنه موجودًا في الإقناع- إن هذه المسافة معتبرة ولو قطعها في ساعة، ولو قطعها في ساعة، فعلى هذا الذي يسافر هذه المسافة ولو بالسيارة يترخص.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

هذا الكلام نعم هذا كلامهم.

طالب: .......

كل ما.. الرد إلى العرف لا شك أن النصوص فيها إطلاق، ما فيها تقييد لا بمسافة ولا بمدة ولا.. ولذلك يختلف أهل العلم.. ومن لا يتبع أو ينظر إلى اتباع المذاهب وما أشبه ذلك تجده لا يقول بشيء من هذا، وشيخ الإسلام من أبعد الناس عن التقليد، ثم جاء بعده من جاء من العلماء، ولكن النظر فيه إلى مصلحة الصلاة ومصلحة العبادات، الصيام، الذين سافروا والذين ذهبوا، لكن أمورًا لا تنضبط، بعض الناس إذا قلت له: لا تجمع، ولا تقصر، يقول: لست مسافرًا على السيارة، سأبحث لي عن دابة حتى أجمع.. معلوم أن من سافر ليترخص، من سافر من أجل الترخص كمن سافر؛ ليفطر مثلاً، يجوز أن يفطر؟ ما يجوز عند أهل العلم، ولا يجوز له أن يفطر ألبتة من سافر؛ ليفطر، لكن من لبس؛ ليمسح، لبس الخف؛ ليمسح، يجوز أم ما يجوز؟

ما الفرق؟

طالب: .......

هذا يريد أن يتخلص من غسل الرجل، وغسل الرجل فرض من فروض الوضوء، وويل للأعقاب من النار، يريد أن يتخلص من هذه الأمور، فيلبس الخف، وفي حكمه الجورب الذي نستعمله الآن، فيريد أن يتخفف، ما وده أن يتعب في غسل الرجل أو.. يعني إذا وجدت المشقة وجد البرد، ووجد كذا فما يخالف، لكن يلبس، ما فيه أدنى مشقة، الماء متيسر، وغسل الرجل متيسر، لكنه يريد أسرع له، فيلبس؛ ليمسح، ما هو مثل من سافر؛ ليفطر.

طالب: .......

هو الكل؛ ليتخلص، هذا يتخلص من غسل الرجل، وهذا يتخلص من الصوم، نريد فرقًا ظاهرًا وإلا لا نخالف في الجواز ونفعله -الله يعفو ويسامح- لا نخالف في الجواز بالنسبة للمسح إذا قلنا: إن هذا يطبق رخصة، وهذا رخصة من الله-جل وعلا-، فاقبلوا رخصته، إذًا السفر رخصة من الله.

طالب: يعاقب بنقيض قصده يا شيخ.

والذي لبس ليمسح ما يعاقب؟ المشكلة أنا مستصحبون الحكم المقرَّر من غير نظر في الفروق، ودنا فرق مؤثِّر بين مسألتين.

ماذا يقول الشيخ؟

طالب: السفر ليس مقصودًا لمن أراد الفطر، ليس مقصوده السفر في الأصل، مقصوده الفطر.

وهذا ليس مقصوده اللبس في الأصل؛ لأن مقصوده المسح.

طالب: اللبس ليس فرضًا -حفظكم الله- ليس اللبس فرضًا، لكن الأصل في الصيام أنه فرض.

طالب: .......

لا، الذي سافر من أجل أن يفطر؛ ليتحايل بها على إسقاط الواجب فمن أوجد حيلة ليخرج بها من الواجب، أو ليرتكب محرمًا أشبه اليهود بلا شك، لكن هل الذي مسح أسقط واجبًا؟ أو انتقل من واجب إلى بدل، إلى بدل مأذون به شرعًا، هذا الفرق.

طالب: .......

على كل حال مثل هذه الأمور يجب التنبه لها.

"وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا يجوز القصر في أقل من مسافة ثلاثة أيام، وممن قال به أبو حنيفة، وهو قول عبد الله بن مسعود وسويد بن غفْلة.."

غفَلة.

"وسويد بن غفَلة والشعبي والنخعي والحسن بن صالح والثوري، وعن أبي حنيفة أيضًا يومان وأكثر يومان وأكثر.."

وأكثر الثالث.

"يومان وأكثر الثالث، واحتج أهل هذا القول بحديث ابن عمر وحديث أبي سعيد الثابتين في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم»، وبحديث مسح المسافر على الخف ثلاثة أيام ولياليهن، ووجه الاحتجاج بهذا الحديث الأخير أنه يقتضي أن كل مسافر يُشرع له مسح ثلاثة أيام، ولا يصح العموم في ذلك إلا إذا قدر أقل مدة السفر بثلاثة أيام؛ لأنها لو قدرت بأقل من ذلك لا يمكنه استيفاء مدته لانتهاء سفره، فاقتضى ذلك تقديره بالثلاثة، وإلا لخرج بعض المسافرين عنه."

يعني هل يلزم كل مسافر أن يترخص فيمسح ثلاثة أيام؟ معناه لا بد أن تسافر ثلاثة أيام حتى تمسح ثلاثة أيام أو لا تمسح، أصلاً هذا الكلام ما قال به أحد، وأما لا تسافر المرأة ثلاثة أيام فالعدد لا مفهوم له، مفهومه ملغى؛ لأنه جاء يوم، تسافر يومًا، وجاء بالإطلاق بمنع السفر مطلقًا من غير ذي محرم، فلعلها قضايا أعيان، سئل عن المرأة تسافر ثلاثة أيام، هل تسافر بلا محرم؟ قال: لا تسافر ثلاثة إلا مع ذي محرم، وجاء دونها يومين، وجاء يوم واحد، فالعدد لا مفهوم له، فبقي الوصف المؤثِّر في المنع، وهو السفر، فإذا تحقق الوصف امتنع السفر من غير محرم.

"والاستدلال بالحديثين غير ظاهر فيما يظهر لي؛ لأن المراد بالحديث الأول أن المرأة لا يحل لها سفر مسافة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم، وهذا لا يدل على تحديد أقل ما يسمى سفرًا، ويدل له أنه ورد في بعض الروايات الصحيحة: لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم، وفي بعض الروايات الصحيحة: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة، وفي رواية لمسلم: مسيرة يوم، وفي رواية له: ليلة، وفي رواية.."

إذا عرفنا أن العلة في السفر بلا محرم الخوف على المرأة، فسفر ساعة كسفر ثلاثة أيام؛ لأنها مدة تكفي لحصول المحظور.

"وفي رواية له: ليلة، وفي رواية أبي داود: لا تسافر بريدًا، ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وقال البيهقي في السنن الكبرى: وهذه الرواية في الثلاثة، واليومين، واليوم صحيحة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم-.."

وكأن.

"وكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن المرأة تسافر ثلاثًا من غير محرم؟ فقال: «لا»، وسئل عنها تسافر يومين من غير محرم؟ فقال: «لا» ويومًا؟ فقال: «لا». فأدى كل واحد منهم ما حفظ، ولا يكون عدد من هذه الأعداد حدًّا للسفر. انتهى منه بلفظه، فظهر من هذا أن الاستدلال على أقل السفر بالحديث غير متجه كما ترى لاسيما أن ابن عمر راويه قد خالفه كما تقدم، والقاعدة عند الحنفية أن العبرة بما رأى الصحابي لا بما روى."

يعني كما قالوا في غسل ما ولغ فيه الكلب قالوا: يغسل ما ولغ فيه الكلب ثلاثًا، ثلاثًا لماذا؟ لأن أبا هريرة يرى هذا الرأي، قالوا: أبا هريرة روى السبع، قالوا: العبرة بما رأى لا بما روى خلافًا للجمهور الذين يرون أن العبرة بما روى لا بما رأى.

"وأما الاستدلال بحديث توقيت مسح المسافر بثلاثة أيام بلياليهن فهو أيضًا غير متجه؛ لأنه إذا انتهى سفره قبلها صار مقيمًا، وزال عنه اسم السفر، وليس في الحديث أنه لا بد من أن يسافر ثلاثة، بل غاية ما يفيده الحديث أن المسافر له في المسح على الخف مدة ثلاثة أيام، فإن مكثها مسافرًا فذلك، وإن أتم سفره قبلها صار غير مسافر، ولا إشكال في ذلك، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن القصر يجوز في مسيرة يوم تام، وممن قال به الأوزاعي وابن المنذر، واحتجوا بما تقدم في بعض الروايات الصحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم-."

هذا رأي البخاري أيضًا مسافة القصر يوم رأي البخاري -رحمه الله-.

"واحتجوا بما تقدم في بعض الروايات الصحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أطلق اسم السفر على مسافة يوم، والسفر هو مناط القصر، وبما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام، وظاهر صنيع البخاري أنه يختار أنها يوم وليلة؛ لأنه قال: باب في كم يقصر الصلاة؟ وسعى النبي- صلى الله عليه وسلم-.."

سمى.

"وسمى النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا وليلة سفرًا؛ لأن قوله: وسمى النبي إلى آخره بعد قول في كم يقصر الصلاة؟ يدل على أن ذلك هو مناط القصر عنده كما هو ظاهر."

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

يومين مع الليالي بليالي ما تجيء يومين غير الليالي، يسافر يومين ويقيم بالليل؟!

طالب: .......

لا لا، إذا أطلق اليوم فالمراد بليلته، إذا أطلق اليوم فالمراد بليلته، لو كان على ما تقول لصار مسافة يومين وليلة؛ لأن هذه الليلة لا بد منها، هل يرجعون لبلدهم أو تريدهم يريحون فلا يُحسب من المسافة؟ يعني هذا قصدك؟

طالب: .......

العبرة بما قال ابن عباس -رضي الله عنه- من مكة إلى جدة، ومن مكة.. يعني مسافات متقاربة من مكة إلى الطائف مسيرة يومين.

طالب: .......

يعني يومين قاصدين بدون الليل وبيوم وليلة يمشي أربعًا وعشرين ساعة حتى يوافق اليومين ما هو مرتاح أبدًا؟! لا بد من الاختلاف.

طالب: .......

لكن أبو يوم وليلة يمشي أربعًا وعشرين ساعة حتى يوازي من سافر يومين؟!

طالب: .......

جزء من الليل يدوخه بساعة من الليل إذا مشى النهار كله ومشى ساعة من الليل يقدر أن يواصل إذًا ما نقول: ليل، وأنت على كلامك لا بد أن يمشي أربعًا وعشرين ساعة حتى يوازي من مشى يومين قاصدين.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: ......

يومين يوم وليلة ما يمكن، طيب يوم وليلة، خل الجمهور بالصيف مثلاً يوم بالنهار لكن هل هو مثله في الشتاء؟! المسألة كلها تقريبية ما هنا شيء..

ولذلك الذين يبحثون هل التحديد.. هل المسافة بالتحديد أو بالتقريب؟ ولو صارت تسعًا وسبعين كيلو بدل ثمانين على كلامهم لا بد من التحديد، مع أن النصوص ما تدل على تحديد بعينه ثمانين كيلو، ولو صارت تسعًا وسبعين..

طالب: .......

المذهب إلا بالتحديد وبالتقريب بعد أيضًا ما ينضبط، كل هذه الأمور مبناها على سماحة الشريعة مع الانضباط.

طالب: .......

نعم من مفارقة البنيان، وسيأتي إن شاء الله.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد..

طالب: .......

كل يوم بيومه، إذا فارقت اليوم وبنوا بناية جديدة لا بد أن يفارقها.

طالب: .......

المسافر.. لو كنت متنفلاً لأتممت، يقول ابن عمر: لو كنت مسبحًا لأتممت.. اصبر.. هل يفهم منه قياس العكس؟

هل لو كنت متمًّا لتنفلت فيرد ما تقول؟ لكن الأصل أنه مسافر ويقصر، لكن هذا من باب أمر عارض طارئ ما هو الأصل عندهم.

طالب: .......

وهو مسافر لا، ما هو مخير.

طالب: يترك؟

يترك على الأصل.

طالب: .......

لأنه عارض ومكتوب له هو أقام؟

 يوم صلى خلف مقيم في طريق هل يُسمى مسافرًا أم مقيمًا؟ والمسافر يكتب له ما كان يعمله مقيمًا، مع أن المسألة ما هي محل اتفاق، من أهل العلم من يقول: يتنفل ما المانع؟

طالب: .......

 

الأولى ألا يتنفل.

"