عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (14)

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الجمعة

الحديث الأول:

عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رجالاً تماروا في منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أي عود هو؟ فقال سهل: من طرفاء الغابة، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عليه فكبر، وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر، ثم ركع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: ((يا أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي؛ ولتعلموا صلاتي)) وفي لفظ: فصلى وهو عليها، ثم كبر عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الجمعة

باب متفرع عن كتاب الصلاة، فالجمعة صلاة، تشملها النصوص العامة التي جاءت في الصلاة، وما يخصها فيما جاء بالتشديد بشأنها، والاهتمام بها، الجُمعة بضم الجيم، والميم الجمهور على ضمها جُمُعة، وجاء تسكينها وهي قراءة الأعمش، يعني قراءة العامة بضم الميم، قرأ الأعمش بتسكينها، جُمْعة، ونطقت من قبل العرب بفتح الميم جمَعة، كهمزة ولمزة وهزأة، كما أنها ذكرت بكسرها، جمِعة، لكن الأكثر على الضم ضم الميم، والتسكين سائغ، وكان العرب يسمون هذا اليوم يوم العروبة، وهذا اليوم يوم عظيم شأنه، اختلف في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة، ولا شك أنه بالنسبة للأسبوع أعظم أيام الأسبوع، وهو يوم هذه الأمة الذي أدخره الله لها، وأظل عنه الأمم السابقة، اختار اليهود السبت، واختار النصارى الأحد، ولذا جاء في الحديث في الصحيفة المشهورة، صحيفة همام، وهي مخرجة في الصحيحين وغيرهما ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة)) نحن الآخرون يعني بالنسبة للزمان، والسابقون يوم القيامة، اليهود غداً، والنصارى بعد غد؛ لأن الجمعة ثم السبت ثم الأحد، وعلى هذا يكون الأول في أيام الأسبوع المعتمد عند الناس السبت، السبت هو الأول، ومن باب أخذ الأولية من التسمية كأن العرب لما نطقوا بالأحد، الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، السبت، أنها على هذا الترتيب الأحد هو الأول، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

طيب الأحد هو الأول...

طالب:........

لا حتى من التسمية، الأحد هو الأول، والاثنين هو الثاني، والثلاثاء هو الثالث، واضح مطابقة الأسماء للأرقام، لكن مقتضى ((نحن الآخرون السابقون)) يدل على أن الجمعة قبل السبت؛ لأنه هو آخر أيام الأسبوع، وعلى كل حال هذا اليوم شأنه عظيم، والصلاة المفروضة فيه صلاة الجمعة شأنها أيضاً عظيم، وجاء في شأنها، والتشديد من التفريط فيها من النصوص ما جاء ((من ترك ثلاث جمع متواليات طبع الله على قلبه)) وأهل العلم يقررون أن ترك الجمعة والتساهل في أمرها يقولون: من باب تيسير العسرى، ما معنى هذا الكلام؟ هاه؟ إيش معناه؟

طالب:........

لا ما هو بعسير، هو يسير لكن..، {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [(8-10) سورة الليل] ييسر له النار نسأل الله السلامة والعافية، وجاء في التشديد فيها ما جاء، نصوص كثيرة فيها، لا شك أن هذا الذي ينام ويترك الجمعة ميسر للعسرى للنار، نصوص الوعيد الشديدة التي جاءت فيها، يختم على قلبه، وعلى خلاف بين أهل العلم في ترك الصلاة وهي واحدة منها، لكن شأنها عظيم، وهي صلاة مستقلة كالصبح لا تجمع ولا يجمع إليها، والمراد بالباب الصلاة صلاة الجمعة، باب صلاة الجمعة.

الحديث الأول: "عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رجالاً تماروا" يعني تجادلوا وتنازعوا "واختلفوا في منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أي عود هو؟" هل من الخشب الأثل؟ أو النخل؟ أو من أي شجر هو؟ "من أي عود هو؟ "فقال سهل: من طرفاء الغابة" يعني من شجر الطرفاء الموجودة في الغابة "وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عليه" يعني قام على المنبر، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستند إلى جذع قبل اتخاذ المنبر، يستند إلى جذع، يقف مستنداً عليه، ولما اتخذ المنبر وهجر الجذع، حن الجذع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، حن إليه -عليه الصلاة والسلام-، فأتخذ المنبر من أجل أن يصعد عليه، يكون من ثلاث درجات ليرى ويُرى؛ لأن الرؤية لها أثر في الرائي، رائي القول، رائي القائل ورائي العامل، يعني حينما صلى لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- على المنبر رأوه؛ لأن الإمام إذا كان على الأرض قد يخفى أمره على الصف الثاني والثالث والرابع ومن بعده، قد يراه الصف الأول لا سيما القريب منه، لكن إذا كان على المنبر رأوه جميعاً، القائل أيضاً له أثر، رؤية القائل لها أثر في نفس المستمع، ولذا تجدون من يقرب من الإمام تكون فائدته أكثر، وكذلك من يقرب من المعلم في الدرس لا شك أن فائدته أعظم، ولذا جاء الحث على القرب من الإمام، والتبكير إلى الجمعة، وجاء في خبر: أن الأقرب إلى الإمام هو الأقرب إلى الله -جل وعلا- يوم المزيد.

قرب بقرب والمباعد مثله

 

بعد ببعد حكمة الديانِ

لكن الحديث فيه كلام، والحث على التهجير سيأتي -إن شاء الله تعالى- في حديث في الباب، لا شك في أمره.

طالب:........

نعم، يعني هل المطلوب المسارعة إلى الصف الأول والمحافظة عليه وعلى يمين الصف، ولو كان يساره أقرب، أو على الصف الأول مع كون الوسط الثاني أقرب؟ نعم؟ النصوص الأكثر في المحافظة على الصف الأول، لو يعلمون ما في.. إيش؟

طالب:........

وأيضاً؟

طالب:........

لا، لا ((لو يعلمون ما في النداء والصف الأول... ولو حبواً)) المقصود أن الصف الأول جاء فيه من النصوص أكثر، ولذا يسأل كثير من الطلاب هل نحافظ على الصف الأول إذا كان الدرس في مؤخرة المسجد، أو نقرب من الدرس؟ لأنه إن قربوا من الدرس وجلسوا إلى نهايته فاتهم الصف الأول، وإذا جلسوا في الصف الأول لا سيما وأن الأسباب التي تبلغ الحاضر قد تكون لمن بعد عن الدرس أوضح ممن قرب منه؛ لأن السماعات واللواقط تكون على الحيطان، نعم؟ القرب لا شك ((فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه)) هذا يدل على مزاحمة الشيوخ، والحرص على هذا؛ لأن لا يفوت شيء من العلم؛ لأن بعض الأمور قد لا يتبينها السمع مع غيبة الشخص، لكن إذا اجتمع السمع مع ضعفه، مع ملاحظة كيفية أداء الكلمة من الشيخ يتوافر هذا على هذا، وتثبت، على كل حال القرب هو أفضل من البعد.

طالب:........

على كل حال الذي جاء في الصف الأول أكثر.

طالب:........

عن كل خير، على كل حال التبكير مطلوب، والتأخر على حسبه إن كان تأخر عن مستحب فهو مكروه، وإن تأخر عن واجب فهو محرم، والتأخر عن مخرج فأمره أعظم.

طالب:........

....... يقدم.

طالب:........

على كل حال يعرفون يدبرون أمورهم، إذا هناك بضاعة تبي تفوت يعرفون يصرفون أنفسهم.

اليوم عمال يشتغلون عند باب المسجد بآلات أزعجت الناس، ونقول لهم: صلوا، يقولون: ما أقام، الله المستعان.

"وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عليه" يعني مصلياً "فكبر -عليه الصلاة والسلام-" يعني للإحرام "وكبر الناس وراءه" إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا "كبر الناس وراءه وهو على المنبر" والمنبر ثلاث درجات "ثم ركع وهو على المنبر، فنزل القهقرى" ثم ركع فنزل، مقتضى العطف بالفاء أنه نزل راكعاً، في لفظ: "ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى" لا يلزم منه أن يكون نزوله حال الركوع، وإنما بعد الرفع منه؛ لأن ثم تقتضي العطف مع التراخي.

"ثم ركع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر" يعني عند أصله الذي هو أساسه "ثم عاد" يعني عاد إلى المنبر صعد عليه، حتى فرغ من آخر صلاته على الطريقة التي أدى عليها الركعة الأولى "ثم أقبل على الناس فقال: ((يا أيها الناس))" يعني من رأى ويسمع ((إنما صنعت هذا)) صنعت وفعلت هذا ((لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي)) لأنه القدوة، وهو الأسوة، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فأراهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كيفية الصلاة ليتم الامتثال "((ولتعلموا صلاتي)) وفي لفظ: صلى عليها ثم كبر، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى" صلى ثم كبر، كيف صلى ثم كبر؟

طالب:........

صلى يعني أراد الصلاة "ثم كبر عليها، ثم ركع وهو عليها..." إلى آخر الحديث، المقصود أن صلاة الجمعة..، الآن الصلاة التي صلاها صلاة جمعة وإلا لا؟ هذه صلاة جمعة وإلا صلاة فرض عادي وإلا نفل وإلا وش تصير؟ هل هي صلاة الجمعة لندخلها في باب الجمعة؟ لا هو أدخل الحديث من أجل المنبر، أي نعم، دخل الحديث من أجل المنبر، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

اللي يظهر أنها صلاة عادية، صلاة فرض من الفروض أو للتعليم، جاء في الترمذي: صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، المقصود أن الحديث إنما أورد من أجل المنبر، وأن الجمعة تكون خطبتها على المنبر.

طالب:........

لا سجد على الأرض، في أصل المنبر، فيه النزول أثناء الصلاة وهو حركة، وإذا قلنا: إن المنبر ثلاث درجات لزم عليه أن يتحرك ثلاث، وهم يمنعون ثلاث حركات متوالية في ركن واحد، ويبطلون الصلاة بهذا، في ركن واحد إيه، الجواب؟

طالب:........

ولا لحاجة ممنوع، ثلاث متوالية تعتبر كثيرة في ركن واحد، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

لا، مثل هذه ما يدرى هل هي نفل أو فرض؟ لها احتمالات، وصلاة..، على الاحتياط، كيف يجاب عنه؟ يعني هل فيه ما يدل على أنه صلى على الدرجة الثالثة؟ منهم من يقول: لا يلزم أن يكون صلى على الدرجة الثالثة، فإذا صلى على الدرجة الأولى أو الثانية صار صلى على المنبر، اللفظ يحتمل، الأمر الثاني أنه احتمال أنه نزل درجة وهو راكعاً، فلما رفع من الركوع نزل البقية.

طالب: احتمال ينزل الثلاث بحركة واحدة.

ثلاث يعني بحركة واحدة ينزل درجتين؟ حمل أمامة بنت زينب مرة واحدة هذه، مرة واحدة.

طالب:........

تقدم.

طالب:........

معروف إيه.

طالب:........

ما يلزم خطوتين توصله، خطوتين ترجعه وتقدمه.

طالب:........

عامة أهل العلم على هذا، كأنهم يتفقون على هذا، وأن الثلاث كثيرة.

طالب:........

هم تأخروا، لكن يمكن الصف الأخير وصل إلى مكان الناس، يمكن، ولا يلزم منه أن يكون كثيراً.

المقصود أن مثل هذه الحركة، ومثل حمله أمامة بنت زينب وجاءت من القدوة والأسوة فلا ينكر على من فعل مثل هذا.

طالب:........

فتح الباب وتقدمه من أجل السترة، المقصود أن الحركات مثل هذه...

طالب:........

أيوه؟

طالب:........

لا لا في الفريضة، صلاة الظهر، بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني جاء وهو حامل أمامة، متى ينتظرونه؟ ينتظرونه في صلاة الفرض، جاء في بعض الطرق أنها الظهر.

طالب:........

يقولون هذا، يعني مثل القراءة في المصحف، يحتاج إلى حمل ويحتاج إلى وضع، يعني من باب أولى.

سم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل))

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل))" من جاء منكم الجمعة، مفهومه الذي لا يجيء إلى الجمعة لا يلزمه الغسل؛ لأن المسألة شرطية ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل)) فمفهوم الشرط أن الذي لا يريد الإتيان إلى الجمعة لا يغتسل كالنساء مثلاً، ومن لديه عذر يبيح له ترك الجمعة فإنه لا يغتسل، فالغسل إذاًَ لحضور صلاة الجمعة ((من جاء منكم)) ممن يتأتى إليه خطاب الأمر بالجمعة ((من جاء منكم الجمعة)) والمراد الصلاة ((فليغتسل)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وجاء في الحديث المخرج في مسلم: ((غسل الجمعة)) وفي رواية: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)) فعندنا اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وغسل الجمعة واجب.

طالب:........

عجيب.

أجل ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ما في إلا الحائض اللي تصلي مختمرة، وإذا طهرت تجدع الخمار صح؟

طالب:........

إيه.

أنت ما شاء الله عليك، وارث الشوكاني أنت.

إذاً نقول: الحائض عليها أن تختمر، لا يقبل الله صلاتها إلا بخمار، والطاهرة ما تختمر، صح؟ لا محتلم يعني مكلف، يعني بلغ الحلم، كما أن الحائض من بلغت الحلم بالحيض؛ لأنه غالب ما تبلغ به النساء، والاحتلام غالب ما يبلغ به الرجال.

طيب ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل)) اللام لام الأمر، وعامة أهل العلم على أن غسل الجمعة سنة وليس بواجب.

طالب:........

((ومن اغتسل فالغسل أفضل)) هذا صارف لهذا الحديث؛ لأن الأمر مشترك بين الوجوب والاستحباب، فيوجد من يصرف، لكن اللفظ كيف يصرف؟ واجب، كيف نصرف كلمة واجب؟ يعني إذا استطعنا أن نصرف الأمر افعل أو فليفعل لأن هذا مشترك بين أهل العلم بين الوجوب والندب، فإذا صرف عن أصله الذي هو الوجوب احتمل الندب، هذا ما فيه إشكال، لكن كلمة واجب كيف نستطيع صرفها؟ يا إخوان خلونا خطوة خطوة، وبكلام يمشي ما نريد، دعونا من كلمة واجب متأكد، وإلا ما أدري...، لا ما ينفع، عندنا الذي يمكن صرفه الأمر، وما يأتي بلام الأمر يمكن صرفه، لكن لفظ واحد، يعني لو تقول: جاء زيد، تستطيع أن تصرفه إلى ذهب زيد، ما يمكن، ما يمكن تصرفه إلى ذهب زيد؛ لأن هذا لفظ نص في المسألة، أنا أقول: صيغة الأمر ولام الأمر تحتمل الأمرين، فإذا تعذر الأصل فيها لوجود ما يعارضه استطعنا أن نصرف، لكن اللفظ الواحد كيف نصرفه ودلالته واحدة؟ خلونا مسألة مسألة، أنا أريد أن أقرر شيء؛ لأنهم يقولون: واجب على كل محتلم، مصروف بقوله، مصروف كيف مصروف؟ اللفظ المحدد لا يحتمل صرف، لكن نبحث في معناه، إذا أردنا واجب اصطلاحي ما نستطيع أن نصرفه، ما نستطيع أن نصرف الواجب الاصطلاحي إلى غيره، واضح وإلا ما هو بواضح؟ إذا أردنا أن نطبق الواجب الاصطلاحي ما استطعنا أن نصرف، لكن إيش معني الواجب في اللغة؟ هل يتطابق الاصطلاح الحقيقة العرفية عند أهل العلم مع الحقيقة اللغوية؟ نعم؟

طالب:.......

متأكد، في لغة العرب إذا قيل: حقك علي واجب يعني متعين ومتأكد، لا يعني أني آثم إذا لم أؤده إليك، والوجوب من السقوط {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحـج] الجنابة يعني سقطت، فلا تلازم بين الحقيقة اللغوية مع الحقيقة الشرعية، أو مع الحقيقة الاصطلاحية، لا تلازم، إذاً من يقول: إن اللفظ صريح في المراد، وأن الذي لا يغتسل آثم لأنه واجب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل الخلق، وأنصح الخلق، وأعرف الخلق بمراد ربه، وبلغة قومه، وقد أدى وبلغ باللفظ الصريح الصحيح، فما جوابنا عن هذا؟ نقول: إن الحقائق اللغوية قد تختلف مع الحقائق الاصطلاحية، ومع الحقائق العرفية تختلف، ضربنا مثال: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] يعني لو أقسم شخص أنه منذ أن ولد إلى أن بلغ مائة سنة ما رأى جمل أصفر، نقول: أنت محاد لله ورسوله؟ أنت معاند للقرآن؟ يعني الجمل الأصفر باللون الأصفر المتعارف عليه بين الناس هل رأى أحد منكم جمل أصفر؟ هذا الأصفر، أحد رأى جمل مثل هذا؟ ما رأى أحد، ما في أحد رأى جمل مثل هذا، فإذا اختلفت الحقيقة العرفية أو اللغوية عن الشرعية ما تصير في محاداة، نعم ينبغي أن تكون الاصطلاحات ولو قلنا: يجب أن تكون الاصطلاحات أثمنا أهل العلم قاطبة، أن تكون الاصطلاحات مطابقة للحقائق الشرعية، ولذلك لما يقول الصحابي: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر" يقول الحنفية: ليست بفرض، نقول: معاندين ومحادين؟ نقول: هذا اصطلاح عندهم، نعم ينبغي أن يكون الاصطلاح موافقاً لما جاء في النصوص، لكن عامة أهل العلم، كل في استعماله حصل منه مخالفة، فكلمة واجب مدلولها اللغوي غير مدلولها الاصطلاحي، وعلى هذا لا نقول: إن من قال..، وعامة أهل العلم على هذا، من قال: بأن غسل الجمعة ليس بواجب مخالف، محاد ليس عنده جواب، إلا عنده جواب، ليش ما عنده جواب؟ نقول: فما عذرك إذا وقفت بين يدي ربك وقال لك: بلغك نبيي عني أن غسل الجمعة واجب؟ نقول: نعم واجب ومتأكد ومتعين، لكن هل معنى هذا أنه هو الذي يطبق عليه تعريف الفقهاء للواجب أو الأصوليين؟ ما يلزم، لكن فهم أحد من الصحابة أنه آثم؟ عثمان هات عمر قصته مع عثمان دخل ما اغتسل، وش قال له؟ قال له: أنت آثم؟! ما قال له شيء، بحضور الصحابة كلهم، عثمان دخل متأخر وعمر يخطب فلامه على التأخر، قال: ما فعلت إلا أن توضأت وحضرت، قال: والوضوء أيضاً؟ يعني مثل عثمان إذا أخل بمثل هذه الفضيلة ولو لم تكن واجبة يلام، لكن هل قال له: أنت آثم، وبحضور الصحابة كلهم؟ دعونا..، صحيح أنهم لا يقولون باشتراطه مثل الوضوء، يعني يأثم بتركه عندهم، عند من يقول به، ولا عرف هذا القول إلا عند الظاهرية، والإمام مالك يقول: بالنسبة لمن تتغير رائحته، أصحاب المهنة وغيرهم، وإلا عامة أهل العلم على أنه مستحب.

((من جاء منكم الجمعة)) والمقصود صلاة الجمعة ((فليغتسل)) فالغسل للصلاة، الظاهرية الذين أوجبوا الغسل جعلوه لليوم، وعلى هذا لو اغتسل عصر الجمعة كفاه، لو اغتسل العصر يكفيه؛ لأنه لليوم، جاء في بعض الروايات: ((غسل يوم الجمعة)) فأضيف إلى اليوم، فإذا اغتسل العصر أو آخر العصر أو الظهر بعد صلاة الجمعة ما عليه، أدى الواجب، والأصل أن الاغتسال تهيئ لهذا الاجتماع، ولهذا العيد، وأيضاً إذا اجتمع الناس على غير اغتسال وغير نظافة لا بد أن تنبعث منهم روائح، لا سيما في البلاد الحارة، ولا نتصور أن الزمان السابق مثل زماننا فيه المكيفات وفيه الأمور المريحة، لا.

لا هناك في أمور مريحة، وهنا في أمور مريحة، صح وإلا لا؟

طالب: إيه.

وشلون مريحة؟

طالب: يعني الآن أريح....

صح وقبل؟

طالب:.......

هذه من الراحة وتلك من الرائحة، ما شاء الله عليك.

الغسل لصلاة الجمعة، لو اغتسل لصلاة الفجر، وخرج إلى الجامع، وجلس من صلاة الفجر إلى أن صلى الجمعة يكفي وإلا ما يكفي؟ اغتسل لصلاة الفجر بعد طلوع الفجر، أما قبل طلوع الفجر ما أحد يقول به، لكن بعد طلوع الفجر، وصلى الفجر الصبح في الجامع، وبقي إلى أن صلى الجمعة، اغتسل قبل صلاة الفجر، وقال هذا يكفي، وهذا يفعل أحياناً لصلاة العيد، إذا صليت مثلاً في مسجد الفاصل يسير، لكن الجمعة الرواح إليها -كما سيأتي- إنما يبدأ من ارتفاع الشمس، اغتسل لصلاة الجمعة، وراح لصلاة الجمعة، ثم اتكأ على شيء ونام، انتقض وضوؤه يعيد الغسل وإلا ما يعيد؟

طالب:........

وراه.

طالب:........

ما هو بشرط، لكن يأثم وإلا ما يأثم؟ أدى الجمعة بغسل وإلا لا؟ بغسل منتقض، الوضوء انتقض، ويعيد الوضوء، نعم ما أحد من أهل العلم يلزمه، أو يستحب له أن يعيد الغسل، نعم.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: جاء رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: ((صليت يا فلان؟)) قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين)) وفي رواية: ((فصل ركعتين)).

يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث:

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة" فجلس والنبي -عليه الصلاة والسلام- يراه، لما دخل من باب المسجد وجلس "فقال: ((صليت يا فلان))" من باب العرض؛ لئلا يحرجه أمام الناس، ويأمره بالأمر المباشر، وهذا أسلوب من أساليب التوجيه، فإذا لاحظت على شخص شيء، وأتيت به على سبيل الاستفهام، لا شك أنه أدعى لقبوله، ترى المخالفات ظاهرة، لكن إذا أتيت بها على سبيل الاستفهام كان أدعى للقبول، حتى مع الكبار، يعني لو سمعت مثل عمل من شخص، أو قول، أو فتوى تأتي فتسأله عن حكم المسألة، ما حكم كذا؟ أو سمعنا أن أحداً يقول بكذا، فما رأيكم بكذا؟ يعني..... القول، أما أن تواجهه بالانتقاد هذا ثقيل على النفس.

"((صليت يا فلان؟)) قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين))" تحية المسجد، من دخل المسجد والإمام يخطب يصلي ركعتين، يتجوز فيهما، عند الحنابلة والشافعية، ومنع من ذلك المالكية والحنفية، قالوا: لكي يشتغل بالسماع، باستماع الخطبة، فإذا نهي عما هو أقل من ذلك، تحريك الحصى بثانية واحدة ((من مس الحصى فقد لغا)) إذا قلت لصاحبك: أنصت، كلمة في ثانية لغوت، ولا جمعة لك، فكيف يأتي بركعتين تحتاجان إلى وقت؟! وهل يقبل على صلاته أو يقبل على الإنصات إلى الخطبة؟ نقول: ما دام جاء النص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، قال: ((قم فاركع ركعتين)) فدل على أن هذا مخصوص، وأن تحية المسجد لا تسقط باستماع الخطبة، ولا يعفى عنها، وإن كان عامة أهل العلم على أن تحية المسجد سنة، وليست بواجبة. "وفي رواية: ((فصل ركعتين))" هناك إجابات عن الأمر بهاتين الركعتين، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره ليصلي ركعتين ليراه الناس؛ لأنه محتاج، فإذا رآه الناس وبان من بينهم، والناس يستمعون، فطنوا له وتصدقوا عليه، هذا جواب المالكية عن الحديث، وإلا فتحية المسجد أثناء الخطبة ليست سنة عندهم، مثل مس الحصى، ومثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن قلت: اسكت، على كل حال هذا الحديث مخصص لما جاء من الاستماع، وأن هذه ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وفي الحديث ما يدل على أن تحية المسجد لا تسقط بالجلوس، ومن أهل العلم من يقول: سنة فات محلها، لكن هذه تقال بالنسبة لمن عرف الحكم وترك؟ أما الجاهل الذي لا يعرف الحكم يعرف، فيكون حينئذٍ عمله بالنص بعد بلوغه.

في شيء؟

طالب:........

يجلس، ما يلزم أن يكون؛ لأن عدم النقل ليس بنقل للعدم، السنة تثبت بمثل هذا الحديث، وما عداه محتمل، قررنا مراراً أن الوقتين الموسعين لا مانع من الصلاة فيهما، والأوقات الثلاثة المضيقة لا يصلى فيها شيء من النوافل، ولو كانت ذات سبب.

الطالب: يعني الآن جاء ويجلس....

إذا كان قرب طلوع الشمس لا يصلي، مثل هذا فيه سعة، يعني لو جلس عملاً بأحاديث النهي ما يلام، ولو صلى ما يلام -إن شاء الله-.

نعم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس.

الحديث الرابع:

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس" هذا لفظ الحديث في الصحيحين وإلا المعنى؟ "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين يقعد بينهما" علقوا عليه المحققين وإلا...؟ إيش يقول؟

طالب:.......

نعم، المقصود أنها رواية بالمعنى ولا مانع منها، فيشترط لصحة صلاة الجمعة تقدم خطبتين، يفصل بينهما بالجلوس، والأصل أن تكون من قيام، وفعله -عليه الصلاة والسلام-، والخلفاء من بعده، وهاتان الخطبتان شرط لصحة الجمعة، وتشتملان على ما يسمى خطبة، ويتقدمها الحمد، والثناء على الله -عز وجل-، والصلاة على النبي، والشهادة.. إلى أخر ما يطلب في ما يسمى خطبة، وجاء في وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يخطب أنه -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح إذا خطب علا صوته، وأحمر وجهه، كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، يرتفع صوته، ويحمر وجهه وعيناه، كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، ولا شك أن هذا أبلغ في التأثير بالنسبة للسامع، وجاء أيضاً أنه يقول في خطبته: أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله... إلى آخره، إيش؟ وأن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، كما في بعض الروايات، المقصود أنه نقل من خطبه -عليه الصلاة والسلام- شيء منها، والمقصود ما يسمى خطبة، تشتمل على الحمد، والشهادة، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، والموعظة، والأمر بتقوى الله... إلى غير ذلك، وإيراد الشعر في الخطبة يبطلها عند بعض أهل العلم، ومنهم من يرى أنها لا تبطل إلا إذا غلب الشعر، وصار أكثر من النثر، وينبغي تنزيهها من الشعر في الجملة، نعم؟

طالب:........

على كل حال في الجملة المطلوب ما يؤثر في السامع.

طالب:........

خطبتين شرط عند أهل العلم.

نعم.

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قلت لصاحبك))" الصحبة تكون لأدنى مناسبة، والمراد بالصاحب هنا المجاور أو القريب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأمهات المؤمنين: ((لأنتن صواحب يوسف)) لوجه الشبه بينهن، فالصحبة تكون لأدنى مناسبة وملابسة، ولذا قال: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة)) حال خطبة الإمام ((فقد لغوت)) لأن المطلوب الاستماع، فالاستماع للخطيب واجب، كل ما يؤثر على هذا الواجب لا يجوز؛ لأنه يحول دون تحقيق الواجب، وما لا يتم الواجب إلا بتركه فهو واجب، وجاء سد الباب فيما هو أدنى من ذلك، مجرد الحركة بمس حصى أو شبهه يلغو، و((من لغا فلا جمعة له)) والمقصود من هذا الثواب المرتب على الجمعة يفوته، وإلا فالصلاة صحيحة، ومسقطة للطلب، طيب من لا يتصف بالسمع ولا بالاستماع، أو لا يفهم يطالب بالإنصات وإلا ما يطالب؟ الأصم مثلاً، أو الأعجمي الذي لا يفهم الكلام؟ عموم الحديث يشمل الجميع، والذي لا يفهم أو لا يسمع إذا كانت العلة منتفية بالنسبة له أثره يتعدى إلى غيره.

طالب:........

يشغل من حوله، نعم بلا شك، لا شك أنه يشغل من حوله، فالعموم هو الصواب.

طالب:........

ولا بد أن تكون الخطبة بالعربية، أجاز بعض أهل العلم كالحنفية ترجمتها، لكن تكون بالعربية، ولو ترجمت بعد الصلاة لغير العرب بالأعجمية فحسن.

طالب:........

ما يسمع، بعيد، والذي حوله بعد أيضاً ما يسمعون،.... يشوش على نفسه، ولا على غيره، افترض أنهم في الدور الثاني، أو في أسفل، نعم جاء مهندس وقام يشبك، مثل هذا يتعامل مع الإمام، فالإمام له أن يكلم، وله أن يتكلم، هذه ما فيها إشكال، إذا تعامل مع الإمام أنحل الإشكال، إذا كلفه الإمام ما في إشكال، نعم؟

طالب:........

والله العموم يشمله، لكن لو ترجمت فيما بعد، المقصود أن المسألة خلافية، والجمهور على أنها لا تترجم، لا بد أن تؤدى بالعربية، معروف الجواب على هذا.

طالب:........

بعد الصلاة ما في ما يمنع.

طالب:........

أبد، يقال لهم: إنه يترجم لكم فيما بعد، ويعرفون من عادته، إذا جاء بما يسقط الطلب بالعربية، ثم أضاف إليه بغيرها ما في ما يمنع أيضاً، لكن يأتي بخطبة تامة بأركانها، بما يسقط الطلب باللغة العربية، ثم يأتي بغيرها من اللغات.

طالب:........

يفتح عليه؛ لأن مخاطبة الإمام ما فيها بأس.

نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اغتسل في الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)).

يقول المؤلف -رحمة الله عليه-:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اغتسل يوم الجمعة))" اغتسل، فالثواب المرتب في هذا الحديث، وفي غيره من الأحاديث مثل: ((من غسل واغتسل، وبكر وابتكر)) لا بد من توافر ما اشترط؛ لأنه قد يتعدد فعل الشرط؛ ليكون الجواب واحداً عن المجموع ((من اغتسل يوم الجمعة)) والغسل على ما تقدم في قول عامة أهل العلم مستحب استحباباً متأكداً ((يوم الجمعة)) واليوم يبدأ الأصل من طلوع الفجر، عند المتشرعة من طلوع الفجر، وعند الفلكيين من طلوع الشمس، وهنا من ارتفاع الشمس؛ لأن ما قبله مستغرق بعبادة، صلاة الصبح، والانتظار بعدها إلى ارتفاع الشمس هذا مستغرق بعبادة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعله، إذاً الصلاة التي تليها يكون الرواح إليها بعد هذا الوقت، بعد ارتفاع الشمس.

((ثم راح)) الرواح الأصل فيه أنه يقابل الغدو، والغدو في أول النهار، والرواح في آخر النهار، الغدو في أول النهار، في الصباح، والرواح في المساء، وهل المطلوب هنا الرواح في المساء؟ المقصود مجرد الذهاب، فإذا أطلق الرواح من غير اقتران بالغدو فيشمل الوقتين أول النهار، وآخر النهار، ويراد به ما يرادف الذهاب، أما إذا جاء مقروناً بالغدو فيحمل الغدو على معناه الخاص، والرواح على معناه الخاص.

((ثم راح في الساعة الأولى)) التي تبدأ من ارتفاع الشمس إلى ما ينقسم عليه الوقت من هذا إلى دخول الإمام، فإذا كانت الشمس ترتفع الآن في الخامسة والثلث، والإمام يدخل في الثانية عشرة إلا عشر، اقسم هذا على خمسة، وقد تكون موافقة للساعة الفلكية التي هي ستين دقيقة، وقد تكون أقل، وقد تكون أكثر، قد تكون أقل وقد تكون أكثر؛ لأن المراد بالساعة مقدار من الزمان، وبدؤها يكون من أول النهار من ارتفاع الشمس، ومن أهل العلم كالإمام مالك من يرى أن هذه الساعات ساعات لطيفة تبدأ بعد الزوال عملاً بالرواح، وهذا القول لا شك أنه يناسب كثير من الناس، كثير من طلاب العلم في هذه الأوقات، أنها ساعات لطيفة بعد الزوال..، نعم؟

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

يأتي هذا، راح في الساعة الأولى، إذا افترضنا أن الساعة الأولى بدأت من خمس وثلث إلى ست ونصف مثلاً، إلى ست ونصف، ساعة وربع أو ساعة وعشر، الذي يأتي خمس وثلث مثل الذي يأتي في ست ونصف إلا خمس، كلهم في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، كلاهما كأنما قرب بدنة، لكن البدنة تختلف الذي يأتي في أولها بدنة نفيسة، والذي يأتي في أثنائها بدنة متوسطة، والذي يأتي في آخرها بدنة أقل.

((فكأنما قرب)) وفي رواية: ((كأنما أهدى بدنة)) والبدنة هنا في هذا الحديث المراد بها من الإبل، وإن كان الإطلاق يشمل البقر، لكن لما كان البقر منصوص عليها في الحديث خرجت من الإطلاق.

((ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة)) في الحديث ما يدل على أن إهداء البدنة أفضل من إهداء البقرة، الحديث دليل على أن إهداء البدنة من الإبل أفضل من إهداء البقرة؛ لأنه لا يستوي من جاء في الساعة الأولى، ومن جاء في الساعة الثانية، ومعادلة البدنة بسبع والبقرة بسبع يدل على التساوي، لكن في هذا الباب البدنة أفضل، وفي باب الهدي والأضاحي متساوية، وفي باب الغنائم متفاوتة؛ لأن البدنة عدلت بعشر، والبقرة عدلت بسبع، فلكل باب ما يخصه.

"((فكأنما قرب)) وفي رواية: ((كأنما أهدى)) ((بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن))" ويقال فيه مثل ما قيل..، ويدل على أن الذكر أفضل من الأنثى، والأقرن أفضل من الأجم ((ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة)) وفي رواية: ((كأنما أهدى دجاجة)) الدجاجة تهدى أو يتقرب بها؟ أقول: هل الدجاجة مما يهدى أو يتقرب به؟ المراد بذلك كأنما تصدق بكذا، على كل حال النصوص فوق الجميع، فالمقصود أن الدجاج والعصفور على ما جاء في بعض الروايات، والبيض كله ليس مما يهدى، لا يقبل في الهدي والأضاحي، لكن المراد بالتقريب هنا التصدق، طيب قد يقول قائل: أنا لماذا أذهب إلى الجمعة في الساعة الأولى وكأنما قربت بدنة واحدة، لماذا لا أجلس في بيتي وأتعلم عشر آيات، أو عشرين آية، أو مائة آية، وأكون كمن حصل عن كل آية بدنة، بدلاً من الذهاب في الساعة الأولى يجلس في مصلاه، في بيته، في مسجده، ولا يروح الجامع، وله عن كل آية بدنة، نعم، الآية ببدنة، وبناقة، والآيتين بناقتين، يمكن يحصل على أجور عظيمة إذا جلس في بيته أو في مصلاه، يمكن يحصل على آلف بدنة، نقول: فرق بين أن يهدي وبين أن يأخذ، الذي يتعلم كأنما أخذ، كأنما حصل له من أمور الدنيا بدنة، لكن يهدي بدنة يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- أفضل من مئات الألوف من البدنات التي يأخذها؛ لأن بعض الناس قد يشوش عليه في مثل هذا، يقول: بدل ما أهدي بدنة واحدة، والآية الواحدة ببدنة، وعشر آيات بعشر بدنات، وألف آية بألف بدنة، ليش أنا أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ نقول: لا يا أخي، نقول: هذه كأنما حصلت من أمور الدنيا على بدنة، وهنا في حديث الباب كأنما تقربت إلى الله -جل وعلا- ببدنة، أنت تصور أن البدنة أقل شيء بألفين ريال، قس الألفين ريال بخمس ساعات تروحهن، أما كونك تأخذ هذه مسألة أخرى.

طالب:.......

حتى في المسجد في المصلى يقول: هذا أريح لي أجلس هنا، وأقرأ لي مائة آية، وأتأخر إلى دخول الخطيب ولا أروح إلا الخامسة، على كل حال في كل خير، ولكل خير -إن شاء الله تعالى-، وكلهم على خير، لكن المبادرة أفضل بلا شك، نعم؟

طالب:.......

بعد الزوال؟

طالب:.......

نحن ذكرناه، ذكرنا قول مالك ساعات لطيفة بعد الزوال.

طالب:.......

لا ما هو بعد الآذان الثاني، إذا دخل الخطيب انتهى ما في ساعات، عند الجميع ما في ساعات، نعم.

((من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة)) والدجاجة بفتح الدال وكسرها، وإن كانوا يرجحون أن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، الفتح للذكر والكسر للأنثى، مثل المايح والماتح، وغيرها من ألفاظ كثيرة على هذا.

((ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة)) في بعض الروايات: ((كأنما قرب عصفوراً)) نعم؟

طالب:.......

لا يطلق عليه دجاجة، بالفتح يطلق عليه...

((ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة)) وجاء عند الحاكم أن اليوم اثنا عشر ساعة، وهو موافق لرواية الست ((من راح في الساعة السادسة)) لأن الزوال إلى السادسة، وفيه أيضاً ما يدل على أن الأصل في ضبط الوقت من بداية النهار، لا من نصفه، إذا طلعت الشمس تبدأ الساعة الأولى بهذا الحديث، أما تبدأ الساعة الأولى بعد الزوال على خلاف هذا الحديث، وخلاف ما هو معمول به عند العرب، إلى زمن قريب إلى أن امتزجوا بغيرهم، ولذا تجد الخلل مثلاً حينما تبدأ الساعات من الزوال، وقت الصفر الذي هو الزوال، ثم تبدأ بعده الواحدة، ثم الثانية ثم الثالثة، الثانية عشرة منتصف الليل، صح وإلا لا؟ الثانية عشرة منتصف الليل، الثانية عشرة آخر ما هي منتصف، الواحدة بعدها صباحاً، فالنصف الثاني وين راح؟ صحيح هذا تقوله في إذاعات العالم كلها تقول هكذا، إذاعات الدنيا كلها تقول: الثانية عشرة منتصف الليل، الواحدة صباحاً، دل أن المسألة فيها خلل، فالساعات تبعاً لهذا الحديث تبدأ من أول النهار، وما في شك أن ضبط أول النهار بالتوقيت غير العربي، بالتوقيت الإفرنجي الوافد، ضبط أول النهار لا سيما لأمور الدنيا، هم ما لاحظوا أمور الآخرة، هو أضبط، وأول الليل بالنسبة للتوقيت الغروبي العربي أضبط، ولذلك ما تنضبط صلاة العشاء، لا صيف ولا شتاء على التوقيت المعمول به الآن، قبل منضبطة واحدة ونصف يؤذن العشاء صيفاً وشتاء، ولذلك الليل منضبط على التوقيت الغروبي، والنهار أوله لا سيما أوله منضبط بالتوقيت الزوالي، المبني على زوال الشمس، وعلى كل حال المسألة اصطلاحية، وكان الموظفون في العهد السابق في كل أسبوع يأتون يقولون: ترى الدوام يبدأ الساعة واحدة، مع الأسبوع الثاني وحدة وربع، الثالث وحدة ونصف، وحدة وعشر، لا بد يغير، ليش؟ لأن طلوع الشمس المرتب عليه الدوام، الدوام بعد طلوع الشمس بساعة ما هو منضبط، ولذلك لأمور دنياهم وأعمالهم وتجاراتهم منضبطة بالتوقيت، بتوقيتهم، لكن أول الليل لا ينضبط إلا بتوقيت العرب المستمد من هذا الحديث.

((فإذا خرج الإمام)) يعني خرج المقصود به دخل وخرج على المصلين، الدخول والخروج أمور نسبية، يعني أقبل وأدبر، حينما يقول: مسح رأسه أقبل بيديه وأدبر، مقتضاه أن يبدأ من مؤخر الرأس إلى مقدمه، ثم يدبر، لكن يقول: بدأ بمقدم رأسه، فالإقبال والإدبار نسبي، وهنا الدخول والخروج نسبي، يعني خرج على المصلين، والأصل أنه دخل المسجد، فهذه أمور نسبية.

((حضرت الملائكة)) تركت الكتابة ((حضرت الملائكة يستمعون الذكر)) على هذا من يسجل الداخل بعد هذا؟ في أحد يسجل، ما في إلا الحفظة، وأما من يسجلون من أجل هذه الجوائز فقد انتهوا.

 

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه.

"