شرح مختصر الخرقي - كتاب عتق أمهات الأولاد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

 قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب عتق أمهات الأولاد: وأحكام أمهات الأولاد أحكام الإماء في جميع أمورهن إلا أنهن لا يُبعن، وإذا أصاب الأمة وهي في ملك غيره بنكاح فحملت منه ثم ملكها حاملاً عتق الجنين، وله بيعها، وإذا علِقت منه بحُرٍّ في ملكه فوضعت ما يتبين فيه بعض خلق الإنسان كانت له بذلك أم ولد، فإذا مات فقد صارت حرةً، وإن لم يملك غيرها، وإذا صارت الأمة أم ولد بما وصفنا ثم ولدت من غيره، كان له حكمها في العتق بموت سيدها، وإذا أسلمت أم ولد نصراني مُنِع من وطئها والتلذذ بها، وأجبر على نفقتها، فإن أسلم حلت له، وإن مات قبل ذلك عتقت.

وإذا أعتقت أم الولد بموت سيدها فما كان في يدها من شيء فهو لورثة سيدها، ولو أوصى لها بما في يدها كان لها إذا احتملت الثلث".

احتمله.

"إذا احتمله الثلث، وإذا مات عن أم ولده فعدتها حيضة، وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها فإن عادت فجنت فداها كما وصفت.

ووصية الرجل لأم ولده وإليها جائزة وله تزويجها وإن كرهت، ولا حدّ على من قذفها. وإذا صلت أم الولد مكشوفة الرأس كره لها ذلك وأجزأها.

 وإن قتلت أم الولد سيدها فعليها قيمة نفسها. والله اعلم".

 وبه تمَّ هذا المختصر، مختصر أبي القاسم الخرقي، قراءة على شيخنا العلامة، عبد الكريم الخضير، متع الله به، وأطال في طاعته عمره، ورزق الجميع العلم النافع، والعمل الصالح، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 اللهم صل وسلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب عتق أمهات الأولاد، أمهات الأولاد، أمهات جمع أم والأولاد جمع ولد، مما يشمل الذكر والأنثى، وأم الولد هي التي أولدها سيدها، وطئها وهي في مِلكه، وولدت منه ما يتبين فيه خلق الإنسان، فإذا وطئها وهي في ملكه؛ لأنه سيأتي أنه لو وطئها وهي في مِلك غيره بنكاح مثلاً فإنها لا تصير أم ولد، وإذا ولدت ما لا يتبين فيه خلق الإنسان فإنها تبقى على رِقِّها، وماريا القبطية أم ولد النبي -عليه الصلاة والسلام- إبراهيم، التي أهداها إليه عظيم قبط مصر، المقوقس، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أعتقها ولدها»، إبراهيم. وهاجر زوجة إبراهيم -عليه السلام- جاء منها ولده إسماعيل.  

على كل حال هذا موضوع الباب الذي معنا، وإن سماه المؤلف كتابًا وهو جارٍ على عادته، لا فرق عنده بين الباب والكتاب، وإلا فالتفريق على اصطلاح أهل العلم أن الكتاب أشمل من الباب، والباب فرعٌ من الكتاب، والفصل فرعٌ من الباب، وهكذا.

 قال: "وأحكام أمهات الأولاد أحكام الإماء في جميع أمورهن إلا أنهن لا يُبعن" إلا أنهن لا يبعن، وفي أحكام أمهات، أحكام الإماء ما لم يمت السيد، فتعتق بموته، ولا يجوز له بيعها في حياته، وإن كانت أحكامها أحكام الإماء فلا قسم لهن، ولا يجب عليه التعديل بينها وبين أزواجه، وغير ذلك إلا أنه لا يجوز له بيعها، بيع أمهات الأولاد مسألة خلافية، والخلاف فيها قديم بين الصحابة، وجابر بن عبد الله يقول: كنا نبيع أمهات الأولاد في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعهد أبي بكر، فجاء عمر فمنع من ذلك. فمنع من ذلك. ثم جاء علي -رضي الله عنه- فعمل بقول عمر، ثم رجع إلى جواز البيع.

 على كل حال المرجَّح عند أهل العلم أنهن لا يُبعْنَ، وهو قول جمهور أهل العلم؛ لأنها أعتقها ولدها.

"وإذا أصاب الأمة وهي في ملك غيره بنكاح" أمة مملوكة لفلان من الناس، فزوجها حرًّا فولدها يكون تبعًا لها؛ لأن الولد يتبع أمه حريةً ورقًا، ولا يعتقها؛ لأنه وطئها في ملك غيره لا في ملكه، فحملت منه ثم ملكها بعد أن حملت منه، عتق الجنين، عتق الجنين، لماذا؟ لأنه ولده يعتق عليه؛ لأنه ذو رحم مَحرَم، لا يجوز التزاوج بينهما، فيعتق عليه كما لو اشتراه، كما لو اشتراه فإنه يعتق عليه، عتق الجنين وله بيعها؛ لأنها ما صارت أم ولد في حال ملكه؛ لأن من شرط كونها أم ولد أن تحمل من سيدها في ملكه، والصورة التي معنا حملت منه قبل أن يملكها، طيب هل للحر أن ينكح الأمة؟

طالب:...

إذا عجز عن طَول الحرة، إذا عجز عن طول الحرة.

طالب:...

وخشي العنت، لماذا؟ ما هي امرأة مسلمة؟ وهو عاجز عن طول الحرة؛ لأن نكاحها سبب لرِق ولدها.

وله بيعها، وإذا علقت منه في ملكه، فوضعت ما يتبين فيه خلق الإنسان، أو بعض خلق الإنسان. ولدت جسمًا فيه أصبع، أو رأس، أو رجل، أو ما أشبه ذلك من خلق الإنسان فإنه تترتب عليه أحكام الأم، أحكام الأم مربوطة بما يتبين فيه خلق الإنسان، فتخرج من العدة، وتصير نفساء، بخلاف لو وضعت جسمًا ليس فيه شيء من خلق إنسان، فلا يعتبر، ولا يُعتد به، وأحكام الجنين بنفخ الروح، أحكام الجنين تلزم بنفخ الروح.

طالب:...

كانت له بذلك أم ولد، فإذا مات السيد فقد صارت حرة، وإن لم يملك غيرها، يعني في المدبَّر يُخرَج من الثلث، لو قال: أنت حرٌّ بموتي، وصار قيمة العبد أكثر من الثلث ما يعتُق منه إلا بنسبة ثلث القيمة، بخلاف ما عندنا، فإنها تعتق عليه، لماذا؟ ما الفرق بينهما؟ بين أم الولد والمُدبَّر؟

طالب:...

أعتقها ولدها، أعتقها ولدها.

طالب:...

بعضهم يقول: إذا كان إذا كانت قيمتها أكثر من الثلث تعتُق من نصيب ولدها من التركة، تعتق بنصيب ولدها من التركة، هذا قول، لكن المختار أنها تعتق، ولو زادت على الثلث، أو استوعبت التركة كلها، ولذلك يقول: "وإن لم يملك غيرها.

 وإذا صارت الأمة أم ولد بما وصفنا" بالضوابط السابقة، "ثم ولدت من غيره، ثم ولدت من غيره، كان له حكمها في العتق بموت سيدها" أم ولد، ثم هي تصير أم ولد لو زوجها ، زوجها بعد أن ولدت الولد، ولدت هذا الولد منه ثم زوجها وولدت من غيره، فإنها تعتق بموته.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ولدها الثاني؟

طالب:...

اسمعوا، انتبهوا ماذا يقول.

 كان له حكمها في العتق بموت سيدها، الولد الثاني، كان له حكمها في العتق بموت سيدها، لماذا؟

لأن أباه ليس له ولد؛ لأن الولد يتبع أمه، الذي وطئها الثاني وجاءت منه بولد ما له ولد أصلاً، الولد تبع أمه حرية ورقًا، كان له حكمها في العتق بموت سيدها.

 "وإذا أسلمت أم ولد نصراني مُنِع من وطئها والتلذذ بها" مُنِع من وطئها والتلذذ بها؛ لأنه لا يجوز لغير المسلم أن ينكح مسلمة والنكاح أعم من أن يكون العقد، فإذا مُنِع العقد ابتداءً فمنع الوطء من باب أولى. "وأجبِر على نفقتها" أجبر على نفقتها؛ لأنها أم ولده، في ذمته، لكن يُحتاط للأمرين، يدفع ما أوجب الله عليه بالنسبة لها، ولا يمكَّن من وطئها ولا التلذذ بها، مُنع والتلذذ بها، وأجبِر على نفقتها، كما لو أسلمت امرأة تحت كافر، زينب بنت الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما أسلمت وهي تحت أبي العاص بن الربيع وتأخر إسلامه، لم يُمكَّن منها حتى أسلم، وأُجبر على نفقتها، فإن أسلم حلّت له، فإن أسلم حلّت له؛ لأن الكفاءة في الدين وقد حصلت، وإن مات قبل ذلك عتقت، فإن مات قبل ذلك عتقت؛ لأنها أم ولد، لأنها أم ولد تعتق بموته. وإذا أُعتقت أم الولد بموت سيدها، "وإذا أعتقت أم الولد بموت سيدها فما كان في يدها من شيءٍ فهو لورثة سيدها"؛ لأنها ملكته قبل أن تعتُق؛ لأنها ما عتقت إلا بالموت، فإن ملكته بعد أن مات وعتقت فهو لها.

طالب:...

هذا الضبط هو الصحيح، صحيح؛ لأن الضبط عندنا على النسخة المحققة أُعتِقت، وأنت ماذا عندك؟ عتقت؟

طالب: ...

هذا الأصل.

طالب:...

هذا ماشٍ على النسخة الثانية، فما كان في يدها من شيء فهو لورثة سيدها، لماذا؟ لأنها ملكته وهي تحت ملكه، أحكامها أحكام الأمة، قبل أن تعتق، بخلاف ما لو ملكت بعد أن عتقت بموته، ولو أوصى لها بما في يدها بما في يدها الذي الأصل أنه لورثة سيدها، كان لها إذا احتمله الثلث؛ لأنه وصية، وصية لغير وارث، وصيته لغير وارث، فصحّت بالثلث فأقل.

 "وإذا مات عن أم ولده، فإذا مات عن أم ولده فعدتها حيضة" لأنها استبراء؛ لأنها استبراء، وليست عدة، وأما العدة عدة الأمة قُرآن حيضتان، كما تقدَّم أما هذا استبراء فيكون بحيضة، فالتعبير بالعدة فيه تجوز.

 "وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها" إذا كانت الجناية أرش الجناية أقل بقيمتها، أو بأقل من قيمتها، فداها سيدها؛ لأن تصرفاتها منوطة بالسيد؛ لأن الغُنم مع الغُرم، فإذا كان يملك منافعها، يتولى جنايتها، إذا كانت الجناية أكثر من قيمتها، فلا يجمع له بين ضررين.

طالب:...

اسمع ماذا يقول.

 "وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها" يعني أن المسألة متصورة في الرقيقة له أن يسلمها، كما تقدَّم، لكن أم الولد باعتبارها لا يجوز له بيعها، ولا هبتها، ولا أن يخرجها من يده؛ لأنها أم ولد، فليس له أن يسلمها، لكن هل يلزمه أن يدفع أكثر من قيمتها؟ لا، لا يلزمه.

طالب:...

لكن له منافعها، الغُنم الخراج بالضمان، الخراج بالضمان، أو دونها. "فإن عادت فجنت فداها كما وصفتُ.

 ووصية الرجل لأم ولده وإليها جائزة" بالشرط المتقدم بالثلث فأقل؛ لأنها وصية لغير وارث، ووصية الرجل لأم ولده وإليها بأن تكون وصية على أولادها، يوصي لها بمال، أو يوصي إليها برعاية أولادها أو بشيء من أمواله، يعني تكون ناظرة، تكون ناظرة على شيء، وإليها جائزة.

 "وله تزويجها" يعني في حال حياته، بعد أن ولدت منه، نعم له أن يزوجها، كما تقدم لأنها لا تزال على ملكه، ولا تزال أمة؛ لأنها لا تعتق إلا بموته.  "وإن كرهت وإن كرهت، ولا حدّ على من قذفها". ولا يلزم رضاها، طيب إذا اعترض الولد قال: ما أرضى أن أمي تُزوَّج، ما يملك، ما يملك؛ لأنها لا تزال أمة، وهذا مجرَّب في الأولاد الأحرار من النساء الأحرار، بعضهم لا يرضى إذا مات أبوه أن تتزوج أمه، لكن ليس الأمر إليه، ما ينظر إلى قوله، بعضهم يهدد بالقتل، بعضهم يغار على أمه أن يطأها غير أبيه، لكن أمه لها حق، لها حق. "ولا حدّ على من قذفها" قذف المملوك؛ لأنه جاء في الحديث أنه يُقام عليه الحدّ يوم القيامة، ما دام يقام عليه الحدّ يوم القيامة فلا حدّ عليه في الدنيا، وإن اقتضى الأمر تعزيره يعزَّر، ليس معنى أنه لا يُحدّ أنه يرسل لسانه في المماليك، ولا أحد يقول له شيئًا، لا، يوقف عند حده.

طالب:...

أين؟

طالب:...

ولا حدّ على من قذفها، عموم.

 الحديث في السيد، جاء في السيد وفي حكمه غيره.

 "وإن صلت أم الولد مكشوفة الرأس كره لها ذلك"؛ لأن عورتها في الصلاة جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين والرأس، كره لها ذلك، "وأجزأها"، يعني: لها أن تصلي مكشوفة الرأس.

"وإن قتلت أم الولد سيدها فعليها قيمة نفسها" لماذا لا يُقتص منها؟ لأن الولد وارث، الولد وارث له حق العفو، فإذا عفا خلاص انتهى، ما فيه قصاص.

طالب:...

نعم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم شف ماذا يقول.

وإن قتلت أم الولد سيدها فعليها قيمة نفسها. لماذا قيمة نفسها؟ ولماذا لا تُغرَّم دية السيد إن لم يكن القصاص؟

طالب:...

نعم؟

طالب: العبد عليه القيمة.

ماذا؟

طالب:...

حال الجناية هي أمة، حال الجناية هي أمة، وأحكامها أحكام الأمة، لكن ما يقتَل العبد بالحر؟ يُقتل نعم يُقتَل، لكن هذه باعتبارها أم ولد له نصيب في المقتول، والمسألة مثل ما قال الشيخ إذا ولدت ما تبين فيه خلق إنسان ومات، وغير موجود.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

أو تُوفي.

طالب:...

لا لا، قبل أن تقتل أباه.

طالب:...

نعم، إذا لم يكن لها ولد، لكن إذا كان لها ولد وحي، وله نصيب في المقتول، العصبة لهم نصيب في العفو، وهو من العصبة يصير.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

توقف؟

يا أحمد ابحث...

طالب:...

نعم، لا قصاص، أما إذا لم يوجد الولد الذي له نصيب في العفو، إذا لم يوجد فالقصاص. والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وجزاكم الله خيرًا على صبركم، على صبركم وتحملكم هذه المدة الطويلة التي تبلغ ثلاث عشرة سنة إلا ثلثًا كذا؟ أو ربع، إلا ثلثًا تقريبًا.

طالب: ...

واحد؟

طالب:...

كم؟

طالب:...

لا، في ستة وعشرين، سنة ستة وعشرين، سنة ستة وعشرين. والشهر أحد عشر.

طالب:...

بدأنا قبله بشرح منتهى الإرادات، وقد وعدنا أن يكون البديل بداية من السنة القادمة.. يا شيخ محمد.

طالب: نعم.

 وعدنا أن يكون البديل في السنة القادمة نظم ابن عبد القوي للمقنع، وأشار بعضهم ممن إشارته محل نظر وعناية، ولها حظ من النظر قوي، أن يشرح الأصل الذي هو المقنع؛ لأنه لا الطالب ولا المدرِّس إذا نظرنا إلى الكتاب وفيه أربعة عشر ألف بيت تحطم الطالب والمدرس، بل ييأس من الإكمال، وبهذا الحجم المقنع بهذا الحجم مقدور عليه، ومع ذلك يُحضر معه النظم، ويُقرَأ كل ما ننتهي من باب نقرأ نظيره في النظم، ونحلل بعض الألفاظ المشكلة في النظم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

تاريخ؟ هذا، كتبته أنا.

طالب:...

وبهذا نكون انتهينا من هذا الكتاب المختصر، أول مختصر من متون الحنابلة، لأبي القاسم الخرقي في هذا اليوم، التاسع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة وألف، وكان البدء به في اليوم الأول من الشهر الحادي عشر سنة ست وعشرين وأربعمائة وألف، والله أعلم.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.