عمدة الأحكام – كتاب الصيام (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب أفضل الصيام وغيره:

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: أخبرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أنت الذي قلتَ ذلك؟)) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر)) قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يوماً وأفطر يومين)) قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود -عليه السلام-، وهو أفضل الصيام)) قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك. فقال: ((لا أفضل من ذلك)) وفي روايةٍ قال: ((لا صوم فوق صوم أخي داود -عليه السلام- شطر الدهر صم يوماً وأفطر يوماً)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب أفضل الصيام وغيره" باب أفضل الصيام، وباب مضاف وخبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب، وأفضل مضاف إليه، مضاف إلى باب، وأفضل مضاف والصيام مضاف إليه، والواو عاطفة وغير معطوف، والمعطوف على المجرور مجرور؛ لكن أين المعطوف عليه؟ باب أفضل الصيام وغيره، (غير) معطوفة على إيش؟ و(غيره) معطوف على إيش؟ على الصيام أقرب مذكور وإلا على أفضل؟ نعم، من يجيب؟ عندنا مضاف ومضاف إليه، (أفضل الصيام) وما يعطف عليه وغيره؟ معطوف على المضاف إليه على الصيام؟ ولو قلنا: على الأفضل، ما الذي يترتب على ذلك؟ وما الضابط في مثل هذا؟ التابع للمتضايفين هل يكون تابعاً للمضاف أو للمضاف إليه؟ التابع: النعت والبدل والعطف يكون على المضاف أو على المضاف إليه؟ نعم، على المضاف إليه لأنه أقرب؟ {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[(27) سورة الرحمن] ذو: وصف للمضاف وإلا المضاف إليه؟ للمضاف، بدليل؟! أنه مرفوع،   {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[(78) سورة الرحمن] للمضاف إليه؛ لأنه مجرور، طيب صار في قاعدة وإلا ما في قاعدة؟ (مررت بغلام زيد الفاضلِ) الفاضل زيد وإلا غلامه؟

طالب:.......

الاحتمال قائم، يمكن الغلام أفضل من زيد، ما يدريك؟ هذه لا بد من الانتباه إليها لأنها في غاية الأهمية، باب أفضل الصيام وغيره، إذا قلنا: العطف على الصيام على المضاف إليه قلنا: باب أفضل الصيام وأفضل غير الصيام، يعني أفضل الزكاة، أفضل الصلاة، هذا مطلوب وإلا لا؟ هذا هو المراد هنا؟ ذكر أفضل الصلاة وأفضل الزكاة، إذا قلنا: معطوفة على الصيام، قلنا: التقدير باب أفضل الصيام وأفضل غير الصيام من الصلاة والزكاة وسائر الطاعات، وإذا قلنا: معطوفة على المضاف (أفضل) باب أفضل الصيام وباب غيره يعني أفضل الصيام شيء تحدث عنه المؤلف وتحدث عن غير هذا الباب، غير أفضل الصيام، مما يكره صيامه، ومما يحرم صيامه، فهل يدخل ما يحرم صيامه وما يكره صيامه في أفضل الصيام؟ هذا شيء آخر تماماً، إذاً هو معطوف على الصيام وإلا على غير؟ على (أفضل) معطوف على أفضل، لأننا لو عطفناه على الصيام أتينا لأن العطف على نية تكرار العامل، العطف على نية تكرار العامل، إذا قلنا: باب أفضل الصيام وأفضل غير الصيام، ويدخل في هذا الصلاة والزكاة وبر الوالدين وسائر الوالدين وسائر الطاعات، لكن هذا غير مراد قطعاً، إنما المراد باب أفضل الصيام وباب غير أفضل الصيام، يعني مما يتعلق بالصيام، لا غير الصيام.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: "أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أني أقول.." (أخبِرَ) يعني مغيّر الصيغة مبني للمجهول، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نائب فاعل، والفاعل حذف، بني الفعل للمجهول؛ لأن الذي أخبره شخص ومثل هذا يحذف أولاً: لا فائدة تتعلق بذكره، فيحذف مثله، ولئلا يقع الناس فيه؛ لأن الغالب أن الذي يخبر بما يدور بين الناس، يخبر عن قضايا الناس خاصة لا سيما الذي يرفعها إلى ولي الأمر، النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يخبرني أحد عن أحد)) لأنه أسلم للقلوب؛ لكن مثل هذا يخبر به الصحابة لماذا؟ لأنه حكم شرعي يحتاج إلى أصل يستند إليه، والأصل إنما يؤخذ من النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا يكون الإخبار في مثل هذا من باب الوشاية، تحدث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه يبي يصوم ولا ينام ويقوم..إلى آخره، فهل هذا الذي أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- يقصد الوشاية بعبد الله بن عمرو ليوقع به عند النبي؟ لا، لا يقصد هذا، إنما يريد أصل شرعي يعتمد عليه في مثل هذا العمل، والإخبار في مثل هذا ما فيه إشكال، يعني لو تدارس الطلاب شيء ونقلت نتيجة مدارستهم إلى عالم لكي يقر هذه الدراسة، والله بحث الإخوان البارحة مسألة كذا، وقال فلان كذا، وقال فلان كذا، ما هي غيبة ولا نميمة هذه، هذه مسألة علمية، فلا مانع من أن يخبر ويستفهم عنها الكبير، أن يقال: وش رأيك الصواب قول فلان وإلا قول فلان؟ ما في إشكال، ولا يدخل هذا لا في الغيبة ولا في النميمة، فالمخبر أراد أن يؤصل الفعل تأصيلاً شرعياً من قِبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان هناك ضرر متعدي، أو منكر تجب إزالته فمن الصحابة من قال: "لأخبرن بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا أيضاً لا مانع منه، إذا خشي الضرر من فلان، ونصح ولم ينتصح، خشي الضرر المتعدي مثل هذا يخبر عنه، ويبلغ عنه "أُخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله -واو قسم- لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" أخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأفضل، فهل يلزمه كفارة أو لا يلزمه كفارة؟ لأنه أقسم؟ وهذا من باب ((والله إني لا أحلف على شيء فأرى غيره خيراً منه إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)) وفي رواية: ((كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير)) المقصود أن في مثل هذا اليمين -مثل هذا القسم- فيه الكفارة، فالذي وجهه إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- خير مما حلف عليه، ففيه الكفارة، "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" عبد الله بن عمرو بن العاص من عباد الصحابة كما هو معروف من حرصه على الخير من حرصه على الخير قال هذا الكلام، "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنت الذي قلت ذلك؟)) ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرةً لم قلت ذلك؟ احتمال أنه لم يثبت عنه، يتأكد -عليه الصلاة والسلام-، ((أنت الذي قلت ذلك؟)) لأن بعض الأخبار تنقل خطأ.

...............................................

 

وما آفة الأخبار إلا رواتها

قد ينقل  كلام والناقل يريد الخير؛ لكنه لا يحسن النقل، ثم إذا اتهم هذا الشخص الذي نقل عنه بما نسب إليه مباشرةً من غير تقريرٍ له، مثل هذا لا شك أنه يوقع في حرج، وهذا أدب نبوي الذي دخل المسجد وجلس، ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قم فصل ركعتين)) سأله بكل أدب ((هل صليت ركعتين؟)) قال: لا قال: ((قم فصل ركعتين)) مثل هذا لا يهجم الإنسان على مجرد ظنه أو وهمه أو لمجرد خبرٍ بلغه، لا بد أن يتأكد، ((أنت الذي قلت ذلك؟)) عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- من حرصه على الخير مندفع فيأتيه العلاج النبوي ومثل هذا كيف يعالج؟ المندفع، كيف يعالج؟ يبدأ بالأشد أو بالأخف؟ المندفع؟ يجي شخص، يجي طالب مثلاً يقول: أنا والله أريد أن أقرأ القرآن في ثلاثة أيام، أبي أختم كل ثلاث، قال له: يا أخي وين أنت والثلاث، عثمان يختم في ركعة؟ وين أنت عن سلف الأمة؟ يقال له هذا الكلام؟ أو يقال له: اقرأ القرآن في سبع ولا تزد؟ نعم المندفع يواجه بما يناسبه من حلول، بخلاف المفرط لو جاء شخص يقول: ما يقرأ القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، وغير ذلك من الأشهر ما يفتح المصحف؟ نقول له: يا أخي وين أنت؟ الختمة ثلاثة ملايين حسنة يا محروم وين أنت؟ المفترض أن تستغل كل لحظة من لحظاتك في قراءة القرآن، وسلف الأمة الذي يقرأ في يومين، مرتين في اليوم، والذي يختلف في ثلاث وهذا كثير، يعالج بمثل هذا ويا لله، النبي -عليه الصلاة والسلام- بدأ بعبد الله بن عمرو بالأخف، المسألة مسألة علاج، النصوص الشرعية علاج للأدواء، لأمراض المجتمعات، وكل شخص يعالج بما يناسبه، وقل مثل هذا في البلدان، اختلاف طباع أهلها، والمجتمعات، لو جئت إلى مجتمعٍ منصرف، ما هو بهم الدين، ولا بهم العبادة، هم مسلمون في الجملة، لكنهم مفرطون، تجيب لهم نصوص الوعد، ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله ثم صلى ركعتين لا يحدث بها نفسه دخل الجنة من أي أبوابها الثمانية)) يقال له مثل هذا؟ يقول: يكفينا هذه النعمة؛ لكن مثل هذا يعالج بنصوص الوعيد، من أجل إيش؟ أن يرد إلى حظيرة الالتزام، هذا منصرف لا بد من شيء يكبح جماحه، يرده، بخلاف ما لو كنت في مجتمع أو في محيط أو في بلد فيه تشديد وتطرف وغلو مثل هذا لا تجيب له نصوص الوعد؛ لأنك لو جبت لهم نصوص الوعيد إيش بيصيرون؟ يبي يزيدون، فأنت تحتاج إلى أن تكسر من حدتهم بنصوص الوعد، وهذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعالج ما عند عبد الله بن عمرو بن العاص من اندفاع.

فقلت له: "قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله" يفديه بأمه وأبيه، وهذا من تعظيمهم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتفدية جائزة، سواء كان الأب والأم حيين أو ميتين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- فدى سعد بن أبي وقاص بأبيه وأمه -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:.......

إذا كان القصد منها يفديه يعني يفدي ما بقي من سنته، وما بقي من اتباعه، لا بأس، يقدم نفسه دون دينه لا بأس.

"قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله" قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك)) تقوم الليل كله، وتصوم النهار، صوم الدهر؟ ما تفطر أبد، وتقوم الليل ما تنام أبداً؟ لا لا، فإنك لا تستطيع ذلك، الذي يستطيع ذلك لأن المسألة مسألة موازنة بين حقوق وواجبات، وسنن وشرائع، هل يستطيع؟ مهما قال: أنه يستطيع، لو قال: أنا بقوم الليل من صلاة العشاء إلى أذان الفجر، ثم أصلي الفجر وأنام، وش صار؟ أنام إلى الظهر وأعود، نقول: يا أخي أنت بفعلك هذا فرطت بأمور، ألست تبحث عن الأفضل؟ ولذا قد يقول قائل: فإنك لا تستطيع، فقلت له بل أستطيع، هأنا أسهر في استراحات وسواليف بدون شيء، لماذا لا أسهر بصلاة وقراءة قرآن وإذا صليت الفجر نمت؟ نعم الاستطاعة قد تكون بدنية، وقد تكون حكمية، الذي يصنع أو يفعل هذا العمل لا بد أن يفرط بأمور، قد يفرط ببعض الواجبات، لا يمكن أن يوازن بين جميع ما شرعه الله -جل وعلا- للعبد، قد يؤديه ذلك إلى النوم عن الصلاة، فالاستطاعة حكمية، وتنوع العبادات هدف شرعي ليضرب المسلم من كل بابٍ من أبواب الخير بسهم، أما أن ينصرف إلى الصيام ويترك غيره ينصرف إلى القيام ويترك غيره، يكون ديدنه القرآن ويترك العبادات الأخرى؟ هذا ما هو مطلوب، كل شيء على حسابه.

فعلى المسلم أن يتوازن، ويؤدي من العبادات كل عبادةٍ منها بسهم، ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم)) يعني نوع، صم وأفطر، ونم وقم، أو قم ونم، اجمع بين هذا وهذا، وناشئة الليل يقرر أهل العلم أنها أفضل أنواع القيام، وهي أشدها على الإنسان، وهي القيام بعد نوم، نعم الذي يسهر وإذا بقي من الليل شيء قام فصلى ما كتب له، ثم صلى صلاة الصبح وجلس ينتظر ارتفاع الشمس في مصلاه يذكر الله -جل وعلا-، على خيرٍ عظيم؛ لكن يبقى أنه لا بد أن يفرط بشيء إذا كان الليل كله من غير نوم، هذا إذا كان استغلاله بالخير، بالصلاة والذكر والتلاوة، أما إذا كان استغلاله بالمباح من القيل والقال أو بالمكروه أو بالمحرم فإن هذا أثره ظاهر، قد يسهر الإنسان خمس ست ساعات، ثم إذا أراد أن يوتر صاحي ما فيه شيء، ما فيه نوم، يريد أن يوتر، يعني المفترض شاب ونشيط ومقبل من أهل الخير والرغبة، يوتر يعني يوتر على الصفة النبوية لكنه يجاهد نفسه على الوتر على أي وصفٍ كان، وبأي عددٍ كان، وأحياناً ينام من غير وتر، لماذا؟ لأن وقته مشغول بما لا ينفع؛ لكن لو شغل وقته؛ لأن العبادة تعين على العبادة، والطاعة تعين على الطاعة، أما شخص مفرط همه القيل والقال ولا يلتفت إلى شيءٍ ينفعه في أمور دنيه ودنياه مثل هذا لا يعان، فتجده يسهر للساعة ثنتين ثم يعالج نفسه ليوتر بثلاث ركعات قبل أن ينام فيعجز، مرة سجال ومرة يستطيع ومرة يعجز، والأثر لأي شيء؟ الأثر لما دار في مجلسه أثناء سهره، وجرِب ترى، إن كان الذي دار في المجلس والله مجلس علم وفضل وذكر وتخلله بعض الكلام والسواليف المباحة وكذا يعان لا بأس؛ لكن إذا استغل الوقت كله بالقيل والقال وما انتفع من وقته بشيء، أيضاً تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، جاء وقت الشدة ما تعان على هذا، هذا كل واحد يجربه بنفسه، إذا استغل وقته بالطاعة أعين على العبادة التي بعدها، إذا استغله في معصية لن يعان، هذا معروف، استغله في المباحات سجال، مرة يعان ومرة يقول: نبي نقوم ينام الساعة ثلاث، باقي ساعة للأذان، يقول: نبي نقوم نوتر قبل الصبح، ما هو صحيح، هذا يغالط نفسه يضحك عليها، حتى إذا سهر يستغل هذا الوقت ولو جزءً منه بما ينفعه.

((صم وأفطر)) صيام الدهر الذي حلف عليه عبد الله بن عمرو، "والله لأصومن النهار" أولاً: صيامه غير ممكن شرعاً، الذي لا يفطر، بحيث لا يفطر، غير ممكن شرعاً لأن هناك أيام يحرم صيامها على ما سيأتي، ولن يصومها عبد الله بن عمرو ولا غيره، الأمر الثاني: أن صيام الدهر ليس بممدوحٍ شرعاً، ((لا صام من صام الأبد)) وجاء النهي عن صيام الدهر، وسيأتي الكلام عنه، وقيام الليل من غير نوم ما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قام ليلةً إلى السحر من غير نوم، ما حفظ عنه أنه قال ليلة كاملة من غير نوم، وإن جاء في العشر الأواخر أنه يشد المئزر، ويعتزل أهله، فمنهم من يستثني هذه الليالي، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينام، ومنهم من يقول: أنه يتخللها نوم يسير.

على كل حال المسألة في طول العام، ينبغي للمسلم لا سيما من ينتسب إلى العلم وطلب العلم أن يرتب وقته، يرتب ليله ونهار ويكون له نصيب من العبادة الخاصة التي يقتصر نفعها عليه بحيث تعينه هذه العبادة على العبادات الأخرى التي يتعدى نفعها إلى غيره، يعني هؤلاء العلماء الذي يبذلون أوقاتهم ليل نهار، وعرفتم منهم نماذج، ليل نهار لنفع الناس، هؤلاء تظنون أنهم ما هم أهل عبادة، ترى الذي ما عنده عبادة خاصة ما يعان على مثل هذا أبداً، والله المستعان.

على كل حال صيام الدهر ليس بممدوح في الشرع، بل جاء النهي عنه، وقيام ليلةٍ كاملة إلى السحر لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ما كان في العشر الأواخر من رمضان على خلافٍ في ذلك، فليس من هديه -عليه الصلاة والسلام- الصيام المتتابع الذي هو صيام الدهر، وليس من هديه إحياء الليل كله، قد يقول قائل: ما دام المسألة هكذا والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى ابن عمرو يعني الإكثار من التعبد هل هو مشروع وإلا ابتداع؟ الإكثار من التعبد، واحد شخص يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، هذا مأثور عن سادات القوم عن الإمام أحمد، وعن جمع من أهل العلم، نقول: هذه بدعة؟ صاحب هذا الكتاب، الحافظ عبد الغني يصلي من ارتفاع الشمس إلى صلاة الظهر ثلاثمائة ركعة، نقول مبتدع؟ ويعلم الناس العلم، ويلقّن حتى الصبيان القرآن تلقين، يعني ضرب من كل باب من أبواب بسهم، وهذا أعانه على أداء هذا، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة، ويشهد له قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) هذا ليس ببدعة؛ لكن يبقى أن الناس يتفاوتون، بعض الناس نفعه للناس أولى من انقطاعه للعبادة، وبعض الناس نفعه للناس يعني وجوده مثل عدمه، ضعيف، يقال لهذا: انصرف إلى التعبد، بعض الناس نفعه ببدنه، بعض الناس نفعه بماله أكثر، المقصود أن الأمة بمجموعها متكاملة، ومن كان نفعه للناس أعظم يقلل من هذه العبادات بحيث يتمكن من أداء أكثر ما يستطيع من نفع الناس، ولذا كان -عليه الصلاة والسلام- لو لاحظنا عبادة النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، وهو أعبد الناس، وأخشى الناس، وأتقاهم، وأعلمهم بالله، ما أحد يشك في هذا؛ لكن هل كان يصوم صيام داود عليه السلام؟ النبي يصوم صيام داود؟ ما كان يصوم صيام داود، يصوم العشر من ذي الحجة، في الصحيح عن عائشة أنه ما كان يصومها، وإن ثبت من طريق غيرها أنه كان يصوم العشر، المقصود أنه يحث على العمل، وقد لا يفعله، وحث على العمرة في رمضان، وقال: ((تعدل حجة معي)) ومع ذلك ما اعتمر في رمضان، أولاً: من باب التيسير على الأمة والشفقة عليها، لما دخل الكعبة ندم على دخولها، ندم على دخولها هل هذا لأن دخول الكعبة ما فيه فضل ولا أجر لخشي على الأمة أن تقتتل على دخول الكعبة، ندم على ذلك لئلا يزدحم الناس على دخول الكعبة ويقتتلون عليها، لو اعتمر في رمضان تصورون يعني مع قوله ما قال لأن بعض الناس يقرر أن العمرة في رمضان خاص بتلك المرأة؛ لأنه لو كان ما هو بخاص لاعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني وجود مثل هذه التصرفات منه -عليه الصلاة والسلام-، لولا وجود مثل هذا وش يصير وضع الحرم في رمضان؟ يعني مع قوله -عليه الصلاة والسلام- لتلك المرأة ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) واعتمر النبي وحرص على ذلك وكل سنة يعتمر، وش يصير الوضع؟ كان يقتتل الناس على العمرة في رمضان؛ لكن من شفقته -عليه الصلاة والسلام- لأمته يبيّن لمن أراد الخير ويحرص على ذلك ويخفف من حرص بعض الناس بحيث لو وجد مثل هذا كان يحصل أمر لا يطاق، فالنبي يبيّن بقوله، وقد يتخلف فعله لا رغبةً عن الخير، وإنما تشريع، ومثلما قلنا: أنه لو تتابع القول مع الفعل كانت المسألة أعظم من ذلك، الآن زحام شديد فكيف لو كان النبي أعتمر؟ ولذلك يوجد من يتمسك بفعله، ويقول: لو كان في فضل لسائر الناس اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، دعونا من أقوال بعض الناس التي لا تستند لا إلى عقل ولا إلى نقل، بعض الناس يقول: نعم عمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو كل سنة، وش الكلام هذا؟ ترى هذا قيل ودون في بعض الصحف، قيل هذا؛ لكن هذا كلام؟ نعم إما أن تقول: هذا خاص بالمرأة ويكون لك سلف من أهل العلم، لك سلف، والمرأة نفسها في سنن أبي داود، قالت: لا أدري هذا لي خاصة أم للناس عامة؟ يعني لو قلت: أنه خاص بالمرأة انتهى الإشكال لك سلف، أما أن تقول: نعم عمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو كل سنة؟ وش الكلام الفاضي؟ هذا لا يستند إلى دليل؛ لكن وصيتي إلى من فتح له باب خير فليلزمه، يعني حببت إليه الصلاة يكثر من الصلاة، حبب إليه الصيام يكثر من الصيام، حببت إليه تلاوة القرآن يكثر من تلاوة القرآن؛ لأنه ما يدري ما يفجعه، حاول نفسه ويعصر نفسه على أمر لم يفتح له يصعب عليه، ((فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر)) صم من الشهر ثلاثة أيام غير معينة، وجاء من كل عشرٍ يوم، من العشر الأول يوم، ومن العشر الوسطى يوم، ومن العشر الأخيرة يوم من كل شهر، وجاء تعيينها بالبيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، على كل حال من صام ثلاثة أيام من كل شهر أدرك الفضل، يدرك الفضل يعني لو صام الاثنين من كل أسبوع أدرك هذا وزيادة، إذا كان موظف أو عنده عمل، ولا يستطيع أن يصوم الاثنين وصام الخميس من كل أسبوع أدرك الفضل؛ لكن يحرص على صيام ثلاثة أيام، كما سيأتي في وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، الحسنة بعشر أمثالها، إذا صام ثلاثة أيام في عشرة ثلاثين كأنه صام شهر، يعني نتيجة الضرب واضحة، "وذلك مثل صيام الدهر" يعني صيام ثلاثة أيام من كل شهر ممدوح وإلا مذموم؟ ممدوح، صيام الدهر ممدوح وإلا مذموم؟ كيف يشبّه الممدوح بالمذموم؟ ما في أجر صيام الدهر، مذموم، يعني مثل صيام الدهر لو كان مشروعاًً يعني تشبيه الممدوح بالمذموم بحيث يكون وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، لا يلزم مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه، الوحي ممدوح وإلا مذموم؟ الوحي ممدوح، والجرس ممدوح وإلا مذموم؟ مذموم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وأحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) شبه المحمود بالمذموم؛ لكن من وجهٍ دون وجه، في تدارك الصوت وتتابعه لا من جهة الإطراب التي ذمّ من أجلها الجرس فإذا شبّه محمود بمذموم كان وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، ولا يلزم المطابقة من كل وجه، ((إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر)) يعني وجه شبه من وجهٍ دون وجه، تشبيه الرؤية بالرؤيا لا المرئي بالمرئي، وقل مثل هذا في أحاديث كثيرة لو فصلناها طال الوقت، مثل من أوضح ذلك حديث البروك ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) الممنوع التشبه بالبعير في نزوله على الأرض بقوة، هذا بروك البعير، بحيث يفرق الحصى، ويثير الغبار، هذا الممنوع، وليس الممنوع أن يضع يديه قبل ركبتيه؛ لأن هذا مأمور به، وإن كان البعير يضع يديه قبل ركبتيه، ووجه الشبه من وجهٍ دون وجه، والحديث ليس فيه قلب ولا إشكال.

صيام الدهر جاء ما يدل على أنه ممنوع، ونهي عنه، ولا صام من صام الأبد، إذا استثنينا الأيام التي نهي عن صيامها وصام الشخص الباقي، استثنى أيام العيد والتشريق وصام الشخص الباقي، يعني من صام في السنة ثلاثمائة يوم، هل هو أفضل ممن صام يوم وأفطر يوم؟ أفضل وإلا ما هو أفضل؟ لأنه سيأتي في حديث لا أفضل من ذلك، وهذا قول معروف عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يفضل القول الثاني، يفضل كل ما كثر الصيام كان أفضل، صيام كل يوم بحسبه، وله أجره وهو مستقل، فمن صام ثلاثمائة يوم أفضل ممن صام (170) يوم، يصوم يوم ويفطر يوم، عند أبي حنيفة وعند الشافعية، عندهم أفضل؛ لأن كل يوم بحسابه، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) فالذي يصوم ثلاثمائة يوم أفضل من الذي يصوم مائة وسبعين يوم، أو ثلاثمائة وخمسين يوم، المقصود أن المسألة خلافية، والحديث صريح في الدلالة على أنه لا أفضل من صيام داود.

"قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك" يطيق أن يصوم كل يوم، يصوم الدهر، "إني لأطيق أفضل من ذلك" قال: ((فصم يوماً وأفطر يومين)) يعني صم من الشهر عشرة أيام، "قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك؟" فقال: ((صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود -عليه الصلاة والسلام-، وهو أفضل الصيام))

فدل على أن الذي يصوم يوم ويفطر يوماً أفضل من الذي يتابع الصيام ولا يفطر إلا في الأيام التي نهي عن صيامها، ومنهم من يرى أن مثل هذا الصيام أشق على النفس من تتابع الصيام الذي لا يفطر مطلقاً، كونه يصوم يوم ويفطر اليوم الثاني، تميل نفسه إلى الراحة والدعة، جربت الأكل في النهار؛ لكن الذي يسرد الصيام وغافل عما عليه الناس من أكل وشرب أمره أسهل، المقصود أن الحديث نص في تفضيل هذا النوع من الصيام، صيام يوم وإفطار يوم، فقال: ((لا أفضل من ذلك)) وفي رواية: ((لا صوم فوق صوم داود -عليه السلام- شطر الدهر)) نصف الدهر، صم يوماً وأفطر يوماً، وسيأتي بيانه في الحديث الذي يليه.

وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً)).

وهذا أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحب الصيام إلى صيام داود -يصوم يوماً ويفطر يوماً، على ما شرح في الحديث السابق- وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود)) طيب كيف صيام داود وكيف صلاة داود؟ جاء شرحها، ((كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) لف ونشر، مرتب وإلا مشوش؟ اللف والنشر يذكر الشيء إجمالاً ثم يفصل، لف ونشر؛ لكن هل هذا مرتب وإلا مشوش؟ نعم مشوش ليس بمرتب، لأنه لو كان مرتباً لقدم الصيام وأخر ما يتعلق بالصلاة، إن أحب الصيام بدأ بالصيام، وأحب الصلاة ثنى بالصلاة، ثم في التفصيل والنشر قدم الصلاة وأخر الصيام، يعني نظير ما جاء في سورة آل عمران {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ}[(106) سورة آل عمران] (فأما الذين اسودت) يعني في الإجمال في اللف قدّم (الذين ابيضت) يوم تبيض، وفي التفصيل في النشر قدّم (فأما الذي اسودت) وهذا أسلوب جاري في النصوص، وفي لغة العرب، يعني أسلوب فصيح ما فيه إشكال، جاء في أفصح الكلام، بينما في سورة هود {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ}[(106) سورة هود] ثم {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ}[(108) سورة هود] لف ونشر مرتب، أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، الليل يحسب من متى؟ متى يبدأ حساب الليل لمن يبي يطبق هذا الحديث؟

طالب:.......

من إيش؟ من غروب الشمس، يعني لو غربت الشمس، يرقب الشمس إذا غربت نام إلى نصف الليل، أنا أريد من خلال هذا الحديث، من أين يبدأ النصف الأول من الليل؟ معروف الليل عند الفلكين من غروب الشمس إلى طلوعها، من غروب الشمس إلى طلوعها، وفي عرف المتشرعة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا تحديد الليل؛ لكن هنا في هذا الحديث، ينام نصف الليل، من غروب الشمس أو الحساب يبدأ من إمكان النوم؟ من وقت إمكان النوم، وهو صلاة العشاء، نعم يبدأ من إمكان النوم ليقع قيامه في وقت النزول الإلهي، لا أن نقول: الله -جل وعلا- ينزل في الثلث الأخير من الليل، وداود ينام نصف الليل وقيامه محمود يعني جاء شرعنا بحمده، يعني سيق سياق المدح، فهو مطلوب من المسلم أن ينام نصف الليل؛ لكن إذا نام نصف الليل وانتبه الساعة (12) مثلاً، بقي على الثلث الأخير ساعة أو أكثر من ساعة، باقي ساعة ونصف مثلاً على الثلث الأخير، يكون قيامه في النزول الإلهي أو قبل النزول الإلهي، هو يبي يدرك النزول؛ لكن كون القيام كله في الثلث الأخير أفضل، هنا إذا أردنا أن يتفق هذا الحديث مع ما جاء من أحاديث النزول أمكن إذا حسبنا الليل من صلاة العشاء، ونام نصف الليل ينتبه في الثلث الأخير من الليل، فتلتئم بذلك الأحاديث؛ لأن بعض الناس يبي يجمع النصوص كلها، فكونه ينام نصف الليل يعني ينتهي نومه الساعة كم؟ في هذه الأيام يمكن إحدى عشر ونصف، وينتهي نصف الليل؛ لكن إذا حسب النصف من بعد صلاة العشاء من إمكان النوم من ثمان ونصف مثلاً، يبي يمتد معه الوقت إلى ثنتين تقريباً، يبدأ الثلث الأخير من الليل، فيكون نام نصف الليل وامتد إلى وقت النزول الإلهي.

وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في حديث النزول أشار إلى شيءٍ من هذا، أن بداية الليل تختلف من نص إلى نص، ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، ينام نصف الليل، ينام هذا إذا اعتبرناه كم يؤذن الفجر الآن؟ أربع وربع، قل: من ثمان وربع إلى أربع وربع، ثمان ساعات اقسمها على ثلاثة، أولاً: الأربع الساعات اللي هي نصف الليل يبي ينامها، معناه يبي ينام إلى اثنا عشر وربع، وإذا حسبناه من غروب الشمس صار الثلث الأخير يبدأ من اثنا عشر ونصف، متقارب جداً، المسألة ما هي دقيقة مائة بالمائة بالحساب؛ لكن يتنزل هذا على هذا، ثم بعد ذلك يقوم ثلثه، يصلي ثلث الليل؛ لكن مَن مِن طلاب العلم الذي يصلي ثلث الليل إلا القليل النادر، نعم الذي ما يسهرون ينامون بعد صلاة العشاء مباشرة يعانون على مثل هذا، أما من ابتلي بالسهر فالله المستعان.

وبعض الشيوخ موجودين الآن، يقرؤون القرآن في سبع في صلاة التهجد، يعني أول ليلة يقرأ البقرة وآل عمران والنساء في صلاته، صلاة الليل، وثاني ليلة المائة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة، ثم بعد ذلك يقرأ سبع سور في الليلة الثالثة، وتسع في الليل الرابعة، واحدى عشرة في الليلة الخامسة، وثلاث عشرة في الليلة السادسة والمفصل في الليلة السابعة، من المعاصرين من يفعل هذا، لكن الأمر مع التمرين سهل، ابتلينا بالسهر فعوقبنا بمثل هذا، وعلى كل حال السهر لذاته خلاف الأولى، يعني ما تتجه إليه تحريم وإلا منع، يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وثبت عنه أنه سمر مع بعض الصحابة، والسمر في العلم مطلوب، وأهل العلم يسهرون من أجل العلم، يعني هذا يخفف من المعاناة النفسية التي يعيشها كثير من الناس؛ لكن مثل هذا لا يدعو إلى التفريط، يبقى أن الأصل أن الليل سكن، والسنة الإلهية على أن الليل للنوم والراحة، والنهار للعمل والمعاش، ويقوم ثلثه وينام سدسه، ينام السدس ليستعين به على أعماله في النهار، ويستجم بها بهذا السدس ليحضر صلاة الصبح بقلبٍ حاضر، وقرآن الفجر مشهود يقرب من الإمام ويتأمل ما يقرؤه الإمام، وابن القيم بيّن أهمية القرب من الإمام، وحضور القلب في صلاة الفجر، يعني من أراد تفصيل هذا يرجع إلى طريق الهجرتين.

((وينام سدسه)) هذا بالنسبة للقيام، وأما بالنسبة للصيام الذي هو أفضل الصيام وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا هو أفضل الصيام، وأشقه على النفس، شاق على النفس، كان ابن عمرو بعد هذا يجمع الأيام يصوم عشرة أيام ثم يفطر عشرة أيام، يستجم ويستريح، وتمنى أن لو قبل وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكنه لا يترك شيئاً عهده عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، و((نعم الرجل عبد الله)) يعني بالمقابل عبد الله بن عمر، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً بعد ذلك، وهذا امتثال ورغبة في الخير؛ لكن يسمع من هذه الأحاديث وما هو أشد من هذه الأحاديث وانظر في نفسك هل يؤثر فيك أو لا يؤثر؟ اختبر نفسك هل أنت بالفعل طالب علم، وإلا لست بطالب علم؟ إيش الفائدة من العلم الذي لا يدل على العمل؟ والله ما كأننا نسمع مثل هذا الكلام، والسبب في ذلك الاسترسال في المباحات الذي جرنا إلى ارتكاب المكروهات، وإذا وقع منا شيء مما حرمه الله -جل وعلا- ما أثر فينا، ولا خفنا ولا وجلنا، وهذا الذي جعلنا نتساهل في مثل هذه الأمور.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".

النبي -عليه الصلاة والسلام- أوصى بعض أصحابه بهذه الوصايا، فممن أوصاهم أبو هريرة وأبو ذر وأبو الدرداء، وهنا يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم-" والخلة نهاية المحبة وغايتها، من تخللت إلى أن ولجت إلى الفؤاد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ خليلاً)) وأبو هريرة يقول: "أوصاني خليلي" فالممنوع أن يتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- خليلاً غير الله -جل وعلا-، كونه يتّخذ من قبل بعض أصحابه لا بأس، ولهذا قال أبو هريرة: "أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاث خصال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر" يعني والحسنة بعشر أمثالها، فيكون كأنه صام الدهر، وهذا سبق في حديث عبد الله بن عمرو  "وركعتي الضحى" ركعتي الضحى، أوصى بها أبا هريرة وغيره، وتكفي من جميع الصدقات المطلوبة في مقابل كل عضوٍ من أعضاء الإنسان، ((يصبح على كل سلامى منكم صدقة)) والسلامى: المفاصل ومقدارها ثلاثمائة وستين، فعلى الإنسان أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة كل يوم، ليقوم بشكل هذه المفاصل، ثلاثمائة وستين صدقة، من أجل إيش؟ أن يقوم بشكر هذه المفاصل، وجاء بيان هذه الصدقات، بالأقوال والأعمال الصالحة، ومنها الذكر، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، كل تحميدة صدقة، إذا اجتمع عندك ثلاثمائة وستين شكرت هذه النعمة، يعني تصلح بين اثنين، تحمل عاجزاً على دابته، أو تعينه في حمل متاعه، المقصود أنك تنفع الناس صدقات هذه؛ لكن هناك صدقات ما تكلفك شيء وأنت جالس، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، كل تحميدة صدقة، كل تكبيرة صدقة، فضل الله واسع، يعني إذا قلت مع أذكار الصباح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له..الخ مائة مرة، وجاء الحث على هذا، وفيه رفع الدرجات، ومحو السيئات، وحرز من الشيطان حتى تمسي، وقلت: سبحان الله وبحمده مائة مرة، حطت عنك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر، وقلت: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، كلمتان خفيفتان على اللسان..الخ، واجتمع من ذلك ثلاثمائة وستين، نعمة، وهذا لا يكلفك شيء، كل هذا ما يحتاج ولا ربع ساعة، ((ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) يكفي، فهل يدل على المداومة على صلاة الضحى؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما داوم عليها، لكن بوصاياه وبمثل هذا الحديث تثبت مشروعة المداومة على صلاة الضحى.

قد يقول قائل: إذا كانت هاتان الركعتان كافيتين في الصدقة عن هذه السلامى ليش أتصدق وليش أسبح وأهلل يكفي ركعتين وخلاص؟ نقول: يا أخي يا محروم صل ركعتين وش يضرك لو قلت: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ما الذي يضيرك أن تأتي ببقية الأذكار ولسانك رطب بذكر الله سراً وجهاراً ليلاً ونهاراً، إيش الذي يمنعك إلا الحرمان، الذي بيحاسب هذه النصوص بدقة ويقول: أنا فعلت خلاص يكفي، والرسول يقال: يكفي ركعتين، صليت ركعتين وش بعد؟ نقول: يا محروم، أنت محمل من الذنوب، ولله عليك نِعم، لا تستطيع عدها {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}[(18) سورة النحل] هذه النعمة تحتاج منك إلى شكر، خفف من ذنوبك، وأدّ بعض ما عليك، بالأذكار التي لا تكلفك شيئاً، فيضيف الإنسان إلى أذكاره مثل هذه تخفف عنه التي جاء الترغيب فيها في كل صباح وفي كل مساء، مثل لا إله إلا الله وحده لا شريك..، إذا أراد أن ينام يأتي بأذكار النوم، ويقول ابن القيم: إنها تبلغ نحو الأربعين، أذكار النوم، عندكم أربعة ما هي أربعين؟ أربعة أذكار؟ ابن القيم يقول: تبلغ نحو الأربعين، كم نحفظ منها؟ ما بيّنها -رحمه الله-، ذكرها في شرح حال المقربين، وأنهم يحرصون على أذكار النوم، وهي تبلغ نحو الأربعين، وشرح حالهم وطريقتهم ومنهجهم في طريق الهجرتين، يراجعه من أراد، وهو في غاية الأهمية؛ لكن قوله: وهي تبلغ نحو الأربعين ولا بيّنها، ولو بحثت في كتب الأذكار وفي كتب السنة ما وجدتَ هذا العدد، ما أدري والله عن هذا العدد، أحد أحصاها وإلا شيء؟ في أحد اهتم بها؟ في منكم من اهتم بجمعها؟ أنا سألت الشيخ ابن باز -رحمه الله- فاستغرب هذا العدد قال: لا هذا كثير جداً، ما تبلغ هذا العدد؛ لكن من اهتم بها وجمعها ويحرص عليها ويفيد غيره.

"وركعتي الضحى" قد يقول قائل: أنا اعتدت أن أجلس بعد صلاة الصبح، وأنتظر طلوع الشمس، وأصلي ركعتين، رجاء الثواب المرتب على هذا، هاتان الركعتان تكفيان عن صلاة الضحى، فإذا جلس حتى تنتشر الشمس مقتدياً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه ثبت عنه أنه كان يجلس، ثم إذا ارتفعت الشمس صلى ركعتين هما ركعتا الضحى، يكون أدى ركعتي الضحى، وإن ثبت الأجر المرتب على ذلك، وأن هذا كحجة لن يحرمه الله -جل وعلا-، يعني الحساب ما هو عند بشر تبي تذكره تقول: ها ترى جلست لا تنسى هذا، كل شيء مضبوط، بس عليك أن تعمل، ما تقول: والله يمكن يغفل، يحسب لي ركعة ضحى، ولا يحسبها لي إشراق، لا لا تخاف، إن ثبت الحديث كل شيء بيحسب لك، ولن تحرم الأجر، إن لم يثبت فأنت اقتديت بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وجلست تذكر الله، وتصلي عليك الملائكة ما لم تحدث، ما لم تؤذِ، وهذا رباط، فإذا صليت ركعتي الضحى انتهى ما عليك، وإذا كنت خلال هذه المدة قرأت حزبك من القرآن، سبع القرآن، وحرصت أن تقرأ القرآن في سبع فأنت في خيرٍ عظيم -إن شاء الله تعالى-.

"وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" هذا أفضل يعني لو أخرها صار أفضل، لو أخرها إلى أن ترمض الفصال أفضل؛ لكن كونه يصليها بنية الضحى إن لم يثبت الخبر، وإن ثبت الخبر صلى إذا رمضت الفصال جمع الخيرات كلها، ابن القيم -رحمه الله تعالى- لما شرح حال الأبرار، وحال المقربين، وذكر المنهج الذي يسيرون عليه في طريق الهجرتين، قال: إن الأبرار يجلسون بعد صلاة الصبح حتى تنتشر الشمس، ثم يصلون الركعتين وينصرفون، ولما ذكر حال المقربين وهم أكمل من الأبرار، قال: فإذا انتشرت الشمس إن شاؤوا صلوا ركعتين، وإن شاؤوا انصرفوا دون صلاة، لماذا؟ قال: هذا بالنسبة للأبرار، وهم دونهم منزلة صلوا الركعتين وذولك إن شاؤوا صلوا وإن شاؤوا انصرفوا؟ يعني يؤخرون هاتين الركعتين، أيضاً هم ينصرفون إلى عبادة فوقتهم معمور بالعبادات والطاعات وأما غيرهم فمعمور مشوب بأمور الدين والدنيا هؤلاء الأبرار ينصرفون من هذا المكان إلى أعمالهم وتجاراتهم ووظائفهم وأما أولئك ينصرفون إلى عبادات أخرى ولن يتركوا الصلاة وهذا يشم منه أن الحديث لا يثبته ابن القيم لو كان يثبته ما قاموا من مكانهم إلا بصلاة فيشم منه هذا وإن كان الحديث قابل للتحسين يعني الحديث قابل للتحسين وأن أوتر قبل أن أنام هذا لا شك أن الوتر آخر الليل أفضل صلاة آخر الليل مشهودة «واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» لكن الذي لا يضمن القيام الذي لا يضمن القيام يوتر من أول الليل يضمن الوتر وقد جاء الأمر به وأوجبه بعض أهل العلم فلا يُفرط يقول أقوم آخر الليل وهو يغلب على ظنه أنه ما يقوم إذا كان يغلب على ظنه أنه لا يقوم يوتر من أول الليل ويطبق هذه الوصية أن يوتر قبل أن ينام.

وعن محمد بن عبَّاد بن جعفر رضي الله عنه قال سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الجمعة؟ قال نعم وزاد مسلم ورب الكعبة وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول «لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده».

يقول المؤلف رحمه الله تعالى عن محمد بن عباد قالت سألت جابر بن عبد الله أنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الجمعة قال نعم وزاد مسلم ورب الكعبة يعني مع القسم وهذا الحديث مقتضاه هذا الحديث مقتضاه منع الصيام أو تخصيص يوم الجمعة بالصيام وهذا يشمل بإطلاقه الإفراد وغير الإفراد لكن الحديث الثاني قيَّد النهي قيد النهي بالإفراد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده» والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما رأى أم المؤمنين صائمة يوم الجمعة قال «صمت بالأمس؟» قالت لا قال«تصومين غدًا؟» قالت لا قال «فأفطري» فإفراد الجمعة وهو عيدنا عيد المسلمين أهل العلم يطلقون الكراهة والأصل في النهي التحريم الأصل في النهي التحريم وكأنه كأن الصارف من التحريم إلى الكراهة جواز صيامه إذا ضُم إليه يوم آخر فدل على النهي عن عن صيامه ليس لذاته ليس النهي عنه لذاته كيوم العيد مثلاً يوم العيد لو صمت يومًا قبله أو يومًا بعده ينفع؟ لا، إذًا حرام صيامه يوم الجمعة لو صمت يومًا قبله أو بعده جاز صيامه فالكراهة أو النهي صرف عن التحريم إلى الكراهة عند جمهور أهل العلم لجواز صيامه مع يوم قبله أو بعده فهذا صارف يعني لو نهي عنه نهًيا باتًا لا مفرد ولا يومًا قبله ولا يومًا بعده قلنا النهي للتحريم لكن لما جاز صيامه مع غيره صرف النهي من الكراهة من التحريم إلى الكراهة هذا قول جمهور أهل العلم قال نعم وزاد مسلم ورب الكعبة يعني مع تقريره النهي عن النبي نقلاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالقسم يقول وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله» يعني يوم الخميس «أو يومًا بعده» يعني يوم السبت فالمكروه تخصيص الجمعة ولا تخص يوم الجمعة لا بصيام ولا بقيام ولا ليلته بقيام فيوم الجمعة كسائر الأيام لكن أدركنا بعض الناس ووجدنا من يفعل شيء يخص يوم الجمعة أولاً ما جاء النص بتخصيصه مثل التبكير إلى صلاة الجمعة التبكير إلى صلاة الجمعة لو شخص خصص يوم السبت يروح من طلوع الشمس ولا يرجع إلا إذا صلى الظهر خص يوم السبت في هذا قلنا له لا يا أخي ما يجوز تفعل هذا ما عليه دليل لكن ما طلعت الشمس يوم الجمعة كل جمعة يذهب إلى الجامع هذا مخصوص بالدليل بعض الناس يجلس بعد صلاة العصر يوم الجمعة إلى غروب الشمس هل عليه دليل؟ بل بعض الناس يخصص الختمة ختم القرآن الذي يقرأ القرآن في سبع في عصر الجمعة لكن هل هذا من الدليل أو من لازم الدليل؟ لأن مقتضى كون القرآن يقرأ في سبع أن تكون الختمة في وقت محدد من الأسبوع لأن الأسبوع سبعة أيام فهذا ليس من الدليل ليس منصوص عليه في الدليل إنما هو من لازم الدليل فالذي ختمته في يوم معين في الأسبوع لأن عدد أيام الأسبوع عدد الأيام التي جاء الحث على قراءة القرآن فيها يقصد بذلك ساعة الاستجابة مقصد حسن هذا مقصد شرعي ما فيه إشكال طيب جلس بعد صلاة العصر يوم الجمعة كل جمعة يجلس بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس ومن أهل العلم من يرجح أن ساعة الاستجابة هي آخر ساعة من يوم الجمعة وساعة الاستجابة وش تتطلب ما جاء وصف المنتظر بأنه قائم يصلي قائم يصلي ما معنى قائم يصلي يعني يصلي بالفعل يكبر ويسجد ويرفع هل هذا المقصود به أنه يصلي أنه يصلي أو ينتظر الصلاة نعم إذا كان جلس بعد صلاة العصر وينتظر الصلاة صلاة المغرب فهو ينتظر الصلاة فهو في صلاة وينتظر ساعة الإجابة والملائكة تصلي عليه وهو في مصلاه وهو الرباط أيضًا وينتظر الصلاة التي من من أجلها يحصل على ساعة الاستجابة لأنه لو قال ما يلزم الذي ينتظر الصلاة في صلاة، صحيح لكن هل هو في صلاة بالفعل والعصر ما هو بوقت صلاة وقت نهي؟ نقول حتى المنصوص عليه وهو قائم يصلي نقول أيضًا القيام ليس بموضع للدعاء القيام موضع للدعاء؟ نعم لو جاء في الحديث ساجد يصلي قلنا نعم السجود موضع للدعاء وحقيقته مطلوبة والعصر ليس بموضع للسجود إذًا ساعة الاستجابة غير العصر لكن دلنا الخبر وهو قائم والقيام ليس بموضع للدعاء إذًا المقصود به انتظار الصلاة والذي ينتظر الصلاة في صلاة ولذا لا يُثرَّب على من جلس بعد صلاة العصر ينتظر الصلاة وينتظر ساعة الاستجابة وهو في مصلاه ما فيه أدنى إشكال إن شاء الله تعالى.

طالب: ............

يعني يفردها؟

طالب: ............

لا لا، ما تفرد ما تفرد يعني يتحين الجُمع يتحين الجمع من ست شوال أو عشر ذي الحجة لا لا لا، لا بد أن يصوم يوما قبلها أو يومًا بعدها لكن لو ما بقي من من شهر شعبان إلا يوم الجمعة وغدًا من رمضان وعليه قضاء يصومه لأن هذا لا يعارض هذا.

طالب: ............

مفردًا مثل هذا مفردًا ينهى عنه مفردًا لأنه عيد اليهود وهذا عيد المسلمين والأعياد الأصل أنها لكن لا يكون فيه مشابهة لا لا تشبه بالعيد ولا باليهود إذا جمع بينهما بدليل حديث أم المؤمنين «تصومين غدًا؟» يدل على أنها لو قالت نعم السبت لجاز الجمع بينهما.

طالب: ............

يوم عرفة يوم عرفة جاء الترغيب فيه لكن باعتباره نفل يصوم اليوم الذي قبله يصوم اليوم الذي قبله لكن لو فاته صيام الذي قبله هل يفوت تكفير سنتين ما يفوت ما يفوت لأن عامة أهل العلم على أنه كراهة والكراهة تزول بأدنى حاجة عندهم وهذه حاجة يعني الإنسان بحاجة إلى أن يكفر سنتين.

وعن أبي عبيد مولى بن أبي أزهر واسمه سعد بن عبيد قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هذان يومان نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نُسككم وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يومين الفطر والنحر وعن الصمَّاء وأن يحْتبي الرجل في ثوب واحد وعن الصلاة بعد الصبح والعصر أخرجه مسلم بتمامه وأخرجه البخاري الصوم فقط.

نعم يقول المؤلف رحمه الله تعالى عن أبي عبيدة مولى ابن أبي أزهر واسمه سعد بن عبيد قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سعد بن عبيد أبو عبيدة مولى ابن أزهر وأما ابن أزهر قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هذان يومان نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم يعني يوم عيد الفطر واليوم الآخر الذي تأكلون فيه من نسككم فصيام يومي العيد حرام ولا ينعقد وإذا صامه الإنسان صيامه باطل لأن النهي عاد إلى ذات المنهي عنه وهو نفس اليوم ولم يعد النهي إلى أمر خارج إنما عاد النهي إلى ذات المنهي عنه فبطل صيامه مع التحريم ولا يصح صيامه لا نفلاً ولا قضاء واجب ولا أداء نذر ولا شيء ولا ينعقد خلافًا للحنفية الذين يرون أنه ينعقد ويجزئ عن صوم النذر مع التحريم لأن الصيام عنه لذاته لأن القاعدة أنه إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه بطل أما إذا عاد على إلى إلى أمر خارج عن إلى أمر خارج عن العبادة أو العقد فإنها تصح مع تحريم وفي الحديث إشارة إلى علة النهي إلى علة النهي عن تحريم علة النهي عن صيام يومي العيدين الأول لأنه يوم فطر يعقب صيام وهذا من الله جل وعلا للتفريق بين ما يصام وما لا يصام والثاني الأكل من النسك للأكل من النسك على كل حال أشاروا إلى هذا إلى أن هذه علة المنع طيّب هل هذه العلة منصوصة بحيث يدور الحكم معها وجودًا وعدمًا؟ لا، هذه علة ملتمسة يعني نُصَّ على ما يدل عليها ولم ينص عليها نعم العلة نص على ما يدل عليها ولم ينص عليها يعني لو كانت العلة منصوصة يقول العلماء الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا يقول أنا والله ما صمت من رمضان ولا يوم هذا فطركم من صيامك وأنا ما صمت أنا كنت مسافر شهر رمضان كامل وجيت ليلة العيد أبصوم لأني ما صمت يوم فطركم من صيامكم أنتم لا تصومون لأن هذا يوم فطركم من صيامكم أنا ما صمت أبصوم، نقول العلة الحكم يدور معها وجودًا وعدمًا؟ ومثله لو قال أنا والله ما ني مضحي أصوم والا ما أصوم؟ نعم ما يصوم لماذا؟ لأن العلة ليست منصوصة هي مستنبطة من مجموع الكلام وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يومين النحر والفطر يعني يومي العيد العيدين وعن اشتمال الصمَّاء اشتمال الصمَّاء يتلفلف المصلي بحيث لا يترك فرصة لليد ليخرج اليد مثلاً هكذا قيل في اشتمال الصماء بعضهم فسرها بجعل الرداء أصم ليس فيه منفذ لليدين بحيث لو أراد أن يدفع ما يؤذيه ما استطاع ومنهم من يقول هي أن يحتبي يشتمل الرجل بثوبه ثم يرفعه إلى عاتقه فيُخشى من انكشاف عورته وبعضهم فسر هذا يجلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانبًا يعني بحيث يلف على نفسه الثوب لو أراد أن يخرج يده وجاءه ما يؤذيه لا يستطيع دفعه ومنهم من يقول لا، ابن قتيبة وغيره يجعلون اشتمال الصماء أن يرفع طرف ثوبه على عاتقه بحيث لو ركع أو سجد يخرج منه ينكشف من عورته شيء وعلى كل حال كل هذا ممنوع وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد يحتبي الرجل في ثوب واحد الاحتباء يجلس على إليته وينصب ساقيه وفخذيه ويمسكهما بيديه أو بحبل أو ما أشبه ذلك الاحتباء إذا كان ما عليه إلا ثوب واحد إذا احتبى خرجت عورته لكن إذا كان عنده أكثر من ثوب وسراويل ومحتاط نعم احتبى ابن عمر وغيره لكن في الثوب الواحد لا بد أن تخرج عورته إذا احتبى وعن الصلاة بعد الصبح والعصر وعن الصلاة بعد الصبح والعصر هذان من أوقات النهي من أوقات النهي بعد الصبح خلاف بعد طلوع الصبح أو بعد صلاة الصبح وأما العصر فهو بعد صلاة العصر والمرجح أنه بعد طلوع الصبح وأنه لا صلاة إلا ركعتي الصبح بعد طلوع الصبح إلى طلوع الشمس ومن صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب هذا وقتان موسعان من أوقات الكراهة لا تُفعل فيها النوافل المطلقة إن فعلت ذوات الأسباب فالأمر فيه سعة لأن النهي عن الصلاة فيهما لا لذاتهما كما قرر ذلك ابن عبد البر وابن رجب لكن الأوقات الثلاثة المضيقة النهي عنها لذاتها عند طلوع الشمس حتى ترتفع حين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس إذا تضيفت الشمس للغروب حتى تغرب جاءت في حديث عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا فالأوقات المضيقة لا يصلى فيها شيء لا ذوات أسباب ولا غيرها الناس يتساهلون يتساهلون المسألة تراها من من عُضل المسائل وبسطها يحتاج إلى محاضرة كاملة وهي موجودة مسجلة بأدلتها بالجمع بين الأدلة مع تعارض الأدلة مسجلة ومحفوظة لكن الناس يتساهلون بالصلاة في أوقات النهي تجد بعض الناس يخرج لأدنى سبب من أجل أن يصلي لا يا أخي البخاري رحمه الله تعالى ترجم في صحيحه باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر ثم أورد النصوص نصوص النهي «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» أورد أحاديث النهي عن الصلاة بعد طلوع الصبح وبعد صلاة العصر فدل على أنه لا يطاف في هذين الوقتين لئلا يلزم منه أن يصلي في هذين الوقتين وأورد حديث عمر رضي الله عنه أورده الشارح قال عمر علقه البخاري البخاري علقه في صحيحه وصلى عمر رضي الله عنه ركعتي الطواف بذي طوى بذي طوى لأنه طاف بعد الصبح ولا يريد أن يصلي وقت النهي أخّر صلاة الطواف حتى وصل ذي طوى وخرج وقت النهي وصلى وحديث جابر في المسند يقول ما كنا نطوف مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الصبح ولا بعد العصر الناس يتسامحون يرون هذا من أيسر الأمور يدخل الإنسان قبل أذان المغرب بخمس دقائق ويصلي ركعتين الشافعية قالوا بهذا ورجحه شيخ الإسلام وشيخ الإسلام تبرأ الذمة بتقليده وقبله الإمام الشافعي لكن النصوص الأخرى والأئمة الثلاثة الآخرون الذين يمنعون من الصلاة في هذه الأوقات كلهم هدر؟! فلننتبه لهذا.

طالب: ............

أبدا لا استخارة ولا وضوء ولا أي سبب الأوقات الثلاثة المضيقة لا يصلى فيها شيء المضيقة لا يصلي فيها شيء الموسعة إن صلي فيها فلا بأس ما يثرب عليه لأن النهي عن الصلاة فيها من باب نهي الوسائل وإن جلس بدون صلاة لا يُثرَّب عليه لأن معه الأصل يعني الذي قال لك لا تجلس حتى تصلي ركعتين من هو؟ من الذي قال لك هذا؟ ما هو بهو الذي قال لك لا صلاة بعد العصر؟ هو الذي نهاك عن الصلاة ما أنت معارض قول النبي -عليه الصلاة والسلام- بقول غيره والمسألة تحتاج إلى بسط وبسطها يحتاج إلى وقت.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من صام يومًا في سبيل الله باعد وجهه عن النار سبعين خريفًا».

يقول المؤلف رحمه الله تعالى وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من صام يومًا في سبيل الله» بعضهم حمله على الجهاد وأكثر ما يرد في النصوص يراد به الجهاد والبخاري أدخل الحديث في أبواب الجهاد فدل على أنه يرجح أن المراد في سبيل الله الجهاد ليجمع المسلم بين عبادتين عظيمتين هما الجهاد في سبيل الله والصيام الذي هو من أفضل الأعمال وليستعين بهذا الصيام على قتال العدو لأن الصيام يدل على التقوى والتقوى سبب من أسباب.. سبب النصر سبب النصر فيستعين بهذا على هذا ومنهم من يقول الأمر أوسع من ذلك سبيل الله طاعة الله فمن صام قاصدًا وجه الله تعالى فقد صام في سبيل الله واستحق هذا الوعد «باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» فلنحرص على الصيام لنحصل على هذا الوعد وكل واحد منا يرغب في أن يباعد عن النار سبعين خريفًا والمراد سبعين سنة مسافة سبعين سنة تبعد النار من أجل صيام يوم فضل الله واسع ولا يُحد فلنعتني بهذه العبادة العظيمة الموصلة إلى التقوى المورثة لمنزلة المراقبة التي هي منزلة الإحسان التي كثير من المسلمين عنها بمعزل.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول هذا سائل يقول هل يقال لمن قال بأن صلاة ركعتي الضحى تكفي عن التسبيح والتهليل لأن صلاتك قد لا تكون مقبولة قد لا تكون مقبولة؟

لماذا لأنه ليس له من صلاته إلا ما عقل ليس له من صلاته إلا ما عقل أو يقبل نصفها للحديث الوارد في ذلك نعم قد يصلي الإنسان الركعتين وليس له من هاتين الركعتين شيء وليس له إلا عشرها وليس له إلا ربعها وليس له إلا خمسها فمثل هذه الصلاة لا تقاوم ما جاء مما ذكر فيحرص الإنسان على جميع ما جاء في هذا الباب.

يقول كان داود يقوم ثلث الليل فهل مقدار هذا الثلث من غروب الشمس إلى طلوع الشمس أو مقدار ثلث الليل من وقت إمكان النوم؟

قلنا أنه من وقت إمكان النوم لأنه يخاطب من يتدين بهذا الدين يعني لو افترضنا أن صلاة العشاء ما هي موجودة في شريعة داود وكان ينام من غروب الشمس لكن من يخاطب بهذا الحديث يقال له تنام من غروب الشمس ما يمكن.

يقول ذكرت حفظك الله أن حديث أبي هريرة ليس فيه انقلاب على الراوي نريد تفصيل القول في ذلك.

القول فُصّل في مواطن كثيرة وفي مناسبات وأخشى أن يطغى على نصيب الدرس الحديث ليس فيه انقلاب وآخره يشهد لأوله لأن مجرد وضع اليدين ليس هو بروك البعير مجرد وضع اليدين قبل الركبتين ليس هو بروك البعير إنما بروك البعير إذا نزل بيديه على الأرض بقوة بحيث يثير الغبار ويفرق الحصى برك مثل بروك البعير وحينئذٍ من يضع يديه قبل ركبتيه امتثل الحديث ولم يشابه البعير طيب الذي ينزل بركبتيه ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث وائل كان يضع ركبتيه قبل يديه إذا نزل بقوة وخلخل البلاط على ركبتيه هذا وضع ركبتيه والا برك مثل ما يبرك الحمار هذا ما وضع ركبتيه كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل لأن المسألة مسألة مجرد وضع والوضع هنا يضع يديه قبل ركبتيه هذا ما يشبه البعير وإذا وضع ركبتيه قبل يديه مجرد وضع ما أشبه شيء من الحيوانات والمسألة مسألة رفق وطمأنينة وتؤدة في الصلاة وينبغي أن يلاحظ مثل هذا لأن بعض الناس إذا نزل على الأرض ضج المسجد من نزوله وبعض المساجد تحتاج إلى صيانة البلاط في كل سنة بعض الناس ينزل بقوة هذا هذا الممنوع أما مجرد الوضع فلا.
طالب: ............
لكنه يثير الغبار ويفرق الحصى يثير الغبار ويفرق الحصى يبرك بروك تعرف البروك أنت؟ يثير الغبار ويفرق الحصى إذا أثار الساجد الغبار وفرق الحصى برك بروك البعير وإذا وضع يديه قبل ركبتيه ما برك بروك البعير إنما امتثل الأمر وليضع يديه قبل ركبتيه ووجه الشبه من وجه دون وجه مثل غيره يعني.