شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الصوم (عام 1426 هـ) - 15

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقةٍ جديدة في شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الدكتور.   

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في حديث أبي هريرة– رضي الله عنه–  في باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيءٌ فتُصدِّق عليه فليُكفِّر، توقفنا عند قوله: «فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟»، لعلنا نستكمل مع الإخوة يا شيخ.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قوله: «فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟». قال: لا. وفي رواية: «فهل تستطيع إطعام؟». وفي روايةٍ: «فتطعم ستين مسكينًا». قال: لا أجد. وفي روايةٍ: «أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟». قال: لا، وذكر الحاجة.

وفي حديث ابن عمر– رضي الله عنهما– قال: والذي بعثك بالحق ما أُشبع أهلي.

قال ابن حجر: المراد بالإطعام الإعطاء لا اشتراط حقيقة الإطعام من وضع المطعوم في الفم، يعني: ما يلزم أن تحضر ستين مسكين وتضع الطعام في أفواههم.

المراد بالإطعام الإعطاء لا اشتراط حقيقة الإطعام من وضع المطعوم في الفم، بل يكفي الوضع بين يديه بلا خلاف. وفي إطلاق الإطعام ما يدل على الاكتفاء بوجود الإطعام من غير اشتراط مناولة، وفي ذِكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين فيخرج الطفل الذي لم يطعم كقول الحنفية، ونظر الشافعي إلى النوع فقال: يُسلم لوليه.

الطفل قبل الفطام يطعم أو لا يطعم؟

المقدم: شيء خفيف يا شيخ.

يقولون في بول الغلام: إذا لم يطعم الطعام.

المقدم: لكن فيه أطفال في سن الفطام ويطعمون.

نعم، لكن قبل ذلك إذا طعم واستقل بالأكل وصار يغنيه عن الرضاعة أو صار غالب حكمه يختلف حكمه.

يقول: وفي ذِكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين فيخرج الطفل الذي لم يطعم كقول الحنفية، ونظر الشافعي إلى النوع يعني: نوع جنس، إلى أنه من نوع وجنس بني آدم، فقال: يُسلم لوليه.

لو أعطيت أسرة فيها عشرة: الأب والأم وثمانية من الأولاد بنين وبنات، وفيهم طفل رضيع، يكفي في كفارة يمين؟ أعطيتهم.

المقدم: هؤلاء عشرة يعني.

هم عشرة، لكن هذا الطفل معتبر أم غير معتبر؟ فيه هذا الكلام، فإمكانه أن يبيع ما يخص هذا الطفل ويشتري به حليبًا، لكن هل من لازم الكفارة وإطعام المساكين هؤلاء أن يأكلوها؟ المقصود أن يُملكوها، والأصل فيها أن تؤكل، لكن لو كانت قدرًا زائدًا على حاجتهم فأخذوها وباعوها وأكلوا ثمنها كزكاة الفطر وغيرها.

يعني: هل المراد حقيقة الإطعام أو أن الفقير يُملك الطعام؟ يُملك الطعام، وهنا قال: يخرج الطفل الذي لم يطعم كقول الحنفية، ونظر الشافعي إلى النوع فقال: يُسلم لوليه.

وعلى كل حال هو نفسٌ معتبرة مكلفة بالنسبة لوليه، والشرع يلحظ مثل هذا، وحقيقة الإطعام بمعنى أنه لابد من أكلها، لابد من أن يأكلها الفقير، يعني: هل يرتفع عنه وصف الفقر بوجود هذه الكفارة؟ يعني عائلة فيها عشرة أُعطوا خمسة عشر كيلو من الرز مثلًا، هل يقال: خلاص أغنياء ما يقبلون صدقة ولا زكاة؟ يقبلون، يصدق عليهم وصف المسكنة، فيأخذون كفارة ثانية، فإذا لم يحتاجوا إلى الثانية باعوها.

فالمقصود أنهم يُملكون الطعام ولا يُسأل عنهم؛ لأنك إذا أردت أن تدفع الزكاة تعرف أن هذا مسكين، لكن هل تسأله تقول: عندك طعام؟ 

المقدم: لا.

ما تسأله.

وفي المفهم، في قوله: «فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟» حجةٌ للجمهور في اشتراط عدد الستين على الحسن البصري إذ قال: يُطعم أربعين.

الحديث نص في الستين، فالحسن يقول: يطعم أربعين.

وعلى أبي حنيفة إذ يقول بجواز إعطاء طعام ستين مسكينًا لمسكينٍ واحد وهو أصله في هذا الباب.

وقال ابن دقيق العيد: قوله: «فهل تجد طعام ستين مسكينًا؟» يدل على وجوب إطعام هذا العدد– وأنه لا يتم الامتثال إلا بتمام العدد– يدل على وجوب إطعام هذا العدد، ومَن قال بأن الواجب إطعام طعام ستين مسكينًا.  

ومَن قال بأن الواجب إطعام طعام ستين مسكينًا، ما الفرق بينهما؟

المقدم: إطعام طعام ستين مسكينًا حتى لو دُفعت لواحد.

ولو دُفعت لواحد، المقصود أن العدد للطعام لا للمطعم.

فهذا الحديث يرد عليه من وجهين:

أحدهما: أنه أضاف الإطعام الذي هو مصدر أطعم إلى ستين، ولا يكون ذلك موجودًا في حق من أطعم عشرين مسكينًا ثلاثة أيام.

الثاني: أن القول بإجزاء ذلك عملٌ بعلةٍ مستنبطة يعود على ظاهر النص بالإبطال، وقد عُرف ما في ذلك في أصول الفقه.

العلل التي تعود على النص بالإبطال ملغاة، لا نظر إليها ولا اعتبار بها.

وقال العيني: حكوا عن أبي حنيفة أنه قال: يجزيه أن يدفع طعام ستين مسكينًا إلى مسكين واحد، قالوا: والحديث حجة عليه. قلت: الذي حكا مذهب أبي حنيفة لم يعرف مذهبه فيه، وحكا من غير معرفة، ومذهبهم أنه إذا دفع إلى مسكينٍ واحد في شهرين يجوز، فلا يكون الحديث حجةً عليه.

يعني: لو أطعم ستين دفعة واحدة بدل صيام ستين يومًا، ستين مسكينًا تحقق النص. لو دفع الستين دفعة واحدة إلى المسكين ما تجزيه، لكن لو أطعم هذا المسكين ستين مرة في ستين يومًا، عندهم يجزيه أم يجزيه؟

المقدم: نعم.

يعني: كما لو كان عليه صيام رمضان، أو مات وعليه صوم مثلًا أوجبه على نفسه؛ لأن المرجح أن من مات وعليه صوم صام عنه وليه في النذر فيما أوجبه على نفسه.

هذا الشخص لو جمع ثلاثين مثلًا من أقاربه وصاموا في يوم واحد يجزئ أم لا يجزئ؟

المقدم: عن ثلاثين يومًا.

هو نذر أن يصوم ثلاثين يومًا.

المقدم: فصام عنه ثلاثون وليًّا؟

نعم، من أقاربه صاموا دفعة واحدة.

المقدم: الظاهر أنه يجزيه يا شيخ.

يجزي، وهو الذي نص عليه البخاري في صحيحه.

المقدم: رجالًا أو نساءً، سواء؟

ما فيه إشكال.

ومذهبهم أنه إذا دفع إلى مسكين واحد في شهرين يجوز، فلا يكون الحديث حجة عليه؛ لأن المقصود سد خلة المحتاج، والحاجة تتجدد بتجدد الأيام، فكان في اليوم الثاني كمسكينٍ آخر، حتى لو أعطى مسكينًا واحدًا كله في يوم واحد، لا يصح إلا عن يومه؛ ذلك لأن الواجب عليه التفريق ولم يوجد.

يعني: فرق بين أن يجمع ستين مسكينًا ويدفع إليهم طعام الستين هذا ما فيه إشكال ولو في يوم واحد، لكن لو أعطى مسكينًا واحدًا في ستين يومًا، لو أعطاه: كل يوم يعطيه طعامه في يومه.

المقدم: هذه يعتبر أطعم ستين مسكينًا.

عند الحنفية كمن أطعم ستين مسكينًا؛ لأنه لا فرق بين زيد وعمرو، ليس المنظور إليه الذوات، إنما المقصود أن تُسد خلة مسكين، هذا كلام العيني. ولا شك أن امتثال ما في الخبر إنما يتم بدقة إذا نظر إلى عدد المساكين، وهم نظروا إلى المعنى، يقولون: أطعم هذا المسكين في هذا المسكين، وفي الغد وُجد هذا المسكين ووُجد غيره، ما الفرق بينه وبين غيره؟ لا فرق، وفي اليوم الثالث كذلك لا فرق عندهم، لكن يبقى أنه مسكين واحد، يبقى أنه على تجدد الأيام مسكين واحد وليس بستين مسكينًا، فالأولى ما قاله الجمهور.

قال ابن حجر: وذُكر في حكمة هذه الخصال..

يعني: قد يقول قائل: لماذا يعتق رقبة وقد جامع؟ ما الارتباط بين الجماع والرقبة؟ ما الارتباط بين الصيام والجماع؟ ما الارتباط بين الإطعام والصيام؟

ذُكر في حكمة هذه الخصال من المناسبة أن من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يُعتق رقبةً فيفدي نفسه. وقد صحَّ أن من أعتق رقبةً أعتق الله بكل عضوٍ منها عضوًا من النار.

وقلنا: إن هذا إن كان ذكرًا يعتق ذكرًا، وإن كانت أنثى تعتق أنثى فتكون فكاكًا لها من النار، لكن إن كان ذكرًا وأراد عتق أنثى فليضف إليها أخرى بالنسبة للفكاك لا بالنسبة للكفارة.

وأما الصيام فمناسبته ظاهرة؛ لأنه كالمقاصة بجنس الجناية: أفسد صومًا، فلا بد أن يصوم، المناسبة ظاهرة، لكن أفسد يومًا من نهار رمضان.

المقدم: بستين يومًا.

بستين يومًا؛ لعِظم هذا الشهر.

وأما كونه شهرين؛ فلأنه لما أُمر بمثابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر رمضان على الولاء، فلما أفسد منه يومًا كان كمن أفسد الشهر كله من حيث إنه عبادةٌ واحدةٌ بالنوع، فكُلف بشهرين مضاعفةً على سبيل المقابلة لنقيض قصده.

وأما الإطعام بمناسبته ظاهرة؛ لأنه مقابلة كل يومٍ بإطعام مسكين، وهذا مطرد، ثم إن هذه الخصال جامعةٌ لاشتمالها على حق الله– جل وعلا– وهو الصوم، وحق الأحرار وهو الإطعام، وحق الأرقاء بالإعتاق، وحق الجاني بثواب الامتثال. 

الحقوق أربعة. طيب حق النفس، وحق الله– جل وعلا–، وحق الغير من أحرار وعبيد، لكن لو قلنا بهذا وحق الله أعظم وأولى بالقضاء، ودين الله أولى بالقضاء، وقلنا: إن حق الله هو الأول، فكيف يكون هو الأخير بالنسبة؟ متوسط، يعني حق العبيد مقدم على حق الله وحق النفس وحق الأحرار؛ نظرًا لضعفهم، وحق الله– جل وعلا– ثُني به؛ لأنه مبني على المسامحة، وحق الأحرار يلي ذلك، وأخيرًا حق الجاني.

إذا تم الامتثال ثبت حق الجاني بالامتثال وهو الثواب ثواب الامتثال.

وفي شرح العمدة لابن دقيق العيد: الحديث دليلٌ على جريان الخصال الثلاث في كفارة الجماع.

أعني: العتق والصوم والإطعام، بينما في كفارة القتل خصلتين فقط، ما فيها إطعام، وبعضهم قاس الكفارة على هذه وقال بالإطعام، لكن المعتمد أنه ليس فيها إطعام، هنا فيه الخصال الثلاث.

وقد وقع في المدونة من قول ابن القاسم: ولا يعرف مالك غير الإطعام.

لا يعرف مالك غير الإطعام، ما يعرف عتقًا في كفارة الوطء في نهار رمضان، ولا يعرف صيامًا، ما يعرف غير الإطعام، وهذا منقول بالنقل أو في المدونة؟

المقدم: في المدونة.

في المدونة أن المسألة ليست من خطأ النقلة، أو قول منسوب لمالك، هذا في المدونة.

قال: وقد وقع في المدونة من قول ابن القاسم: ولا يعرف مالك غير الإطعام، فإن أُخذ على ظاهره من عدم جريان العتق والصوم في كفارة المفطر، فهي معضلة زبَّاء ذات وبر.

كيف مالك نجم السنن، ويروي الحديث في موطئه ولا يعرف غير الإطعام؟! ونحمل هذا على ظاهره؟! يمكن حمله على ظاهره عن مالك؟! لا يمكن.

فإن أُخذ على ظاهره من عدم جريان العتق والصوم في كفارة المفطر، فهي معضلة زبَّاء ذات وبر أي: داهيةٌ شديدة لا يُهتدى إلى توجيهها مع مخالفة الحديث.

ما يمكن توجيه مثل هذا الكلام مع مخالفة الحديث، بل مصادمة للحديث، والحديث يرويه مالك، ما يقال: ما بلغه الخبر.

مع مخالفة الحديث، غير أن بعض المحققين من أصحاب حمل هذا اللفظ، وتأوله على الاستحباب في تقديم الإطعام على غيره من الخصال، وذكروا وجوهًا في ترجيح الطعام على غيره. 

هل يرِد مثل هذا الكلام مع القول بالترتيب؟ لا يرِد، لكن مالكًا لا يرى الترتيب، وسيأتي الكلام في: هل الكلام على الترتيب أو التأخير؟

وجوه ترجيح الطعام على غيره عند من يرى عدم الترتيب، منها: أن الله تعالى قد ذكره في القرآن رخصةً للقادر، يعني: الذي يقدر على الصيام في أول الأمر في أول فرض الصيام يقدر، هو مخير.

المقدم: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة:184].

فديةٌ طعام.

هو رخصة للقادر، ونسخ هذا الحكم، لا يلزم منه نسخ الفضيلة بالذكر والتعيين للإطعام، لاختيار الله تعالى له في حق المفطر، ومنها: بقاء حكمه في حق المفطر للعذر كالكبر والحمل والإرضاع.

يعني في كثير من الصور: الإطعام بدل عن الصيام فيكون أفضل من غيره. ما فيه عتق بدل الصيام، ما فيه صيام شهرين بدل الصيام إلا في هذه الصورة، في هذا الحديث، وإنما الصيام إنما يُقابَل بالإطعام، وفي كثير مما يلزم في النقص المترتب على الإخلال بالنسك يعادل الطعام بالصيام.

ومنها: جريان حكمه في حق من أخّر قضاء رمضان حتى دخل رمضان ثانٍ، ومنها: مناسبة إيجاب الإطعام لجبر فوات الصوم الذي هو إمساكٌ عن الطعام والشراب..

المقدم: .......

 كيف؟ يعني: في صدقة الفطر جبر الصوم.

المقدم: طُهرةٌ للصائم.

طُهرة للصائم، فوجب فيه الإطعام، يعني التعبير هنا يدل على زكاة الفطر أم لا؟  ومنها مناسبة إيجاب الإطعام لجبر فوات الصوم–يعني: نقص الصوم– الذي هو إمساكٌ عن الطعام والشراب، فيه مناسبة طردية عكسية.    

وهذه الوجوه لا تقاوم ما دل عليه الدليل من البداءة بالعتق ثم بالصوم ثم بالإطعام.

أقل الأحوال عند من يقول بأن الكفارة ليست على الترتيب وإنما على التأخير، يقول: بأن العتق أفضل؛ لأنه بُدئ به. 

وهذه الوجوه لا تقاوم ما دل عليه الحديث من البداءة بالعتق ثم بالصوم ثم بالإطعام، فإن هذه البداءة إن لم تقتضِ وجوب الترتيب فلا أقل من أن تقتضي استحبابه. وقد وافق بعض أصحاب مالك على استحباب الترتيب على ما جاء في الحديث. وقال بعضهم: إن الكفارة تختلف باختلاف الأوقات، ففي وقت الشدائد تكون بالإطعام.

شخص جامع امرأته في نهار رمضان، فوجدت مجاعة، هل يفضل العتق أو الإطعام؟

المقدم: الإطعام.

والنص؟ إذًا يتجه قول من أفتى الوالي بالصيام مع قدرته على العتق مع أن أهل العلم نصوا على أنها فتوى باطلة؛ لأنها في مقابلة النص.

خليفة جامع امرأته في رمضان، فقال له المفتي: صم شهرين متتابعين، هو قادر على الإعتاق، فلما قيل له. قال: لو قيل له اعتق رقبة لجامع في كل يوم. 

المقدم: سهل عليه.

في بيته مئات الأرقاء يعتق ولا يتضرر، لكن لما يقال له: صم شهرين متتابعين لا يعود، فهل مثل هذا يُنظر إليه في مصادمة النصوص؟ أبدًا، وإن كان يعني يبدو للرأي والنظر أنه يعني له حظ من النظر، لكن في مقابلة النص يكون باطلًا؛ لأنها مصادمة للنص.

ولو قال قائل: إن هناك أسرة تموت من الجوع، وهذه رقبة قد لا تتضرر ببقائها في الرق بقدر ما يتضرر هؤلاء المساكين، لكن يبقى أن النص حكم.

وقال بعضهم: إن الكفارة تختلف باختلاف الأوقات، ففي وقت الشدائد تكون بالإطعام، وبعضهم فرَّق بين الإفطار بالجماع والإفطار بغيره، وجعل الإفطار بغيره يُكفّر بالإطعام لا غير. قال ابن دقيق العيد: وهذا أقرب في مخالفة النص من الأول.

يعني: لا أنه يُفضل الإطعام مطلقًا، وإنما يُفضل إذا كانت كفارة للفطر في رمضان بغير جماع، أما إذا كان الإفطار بالجماع فإنه لابد من العتق قبل العدول إلى الصيام والإطعام. وإن كان الإفطار بغير الجماع فيُكفّر بالإطعام، وهذا على قول مالك– رحمه الله– الذي يرى أن من أفطر متعمدًا ولو بغير الجماع تلزمه الكفارة.

المقدم: نكتفي بهذا يا شيخ إذا أذنتم، على أن نستكمل بإذن الله.

لا بأس.

المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، ونفع بعلمكم.

أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب الصوم في كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

نستكمل بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة وأنتم على خير، شكرًا لطيب متابعتكم.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.