شرح المحرر - كتاب الحج - 02

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى وعنه" يعني راوي الأحاديث السابقة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه "قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث»" أولا الحديث المرجَّح أنه موقوف على ابن عباس وأن رفعه لا يصح يقول «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث» لأن من شروط صحة الحج التكليف كما أن من شروط صحة الحج ولزوم الحج شرط وجوب وشرط صحة التكليف وهذا لا خلاف فيه ومن شروط الوجوب أيضا الحرية لأن العبد مستغرقة منافعه لسيده والخلاف بين أهل العلم على أن الحرية شرط صحة أيضا كالبلوغ هذا خلاف موجود بين أهل العلم والحديث الذي معنا وعرفنا أنه من قول ابن عباس موقوف عليه يدل أيضا على أنه شرط صحة «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث» يعني بلغ التكليف «فعليه أن يحج حجة أخرى» فرغ من أعمال الحج يعني حج كما مر بنا مرارا الفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ من الشيء كما هو الأصل في الزمن الماضي حج وانتهى هذا عليه أن يحج حجة أخرى إذا بلغ هذا إذا فرغ من لحج أما إذا أراد الحج خرج من بيته قبل البلوغ أقول مر بنا مرارا  أن الفعل الماضي يطلق كما هو الأصل ويراد به الفراغ من الشيء وهنا إذا فرغ الصبي من الحج قبل أن يكلَّف هذا لا إشكال في كونه يلزمه حجة أخرى هي حجة الإسلام بالنسبة له والأولى تكون نفلا كما رفعت المرأة الصبي وقالت ألهذا حج؟ قال «نعم» لكن هذا الحج لا يكفي عن حجة الإسلام هذا إذا فرغ من الحج أما إذا أراد الحج كما يطلق الفعل ويراد به الإرادة «إذا دخل أحدكم الخلاء» يعني إذا أراد الدخول {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ} [سورة الإسراء:45] يعني أردت القراءة إذا أراد أن يحج وخرج من بيته وهو صبي ثم قبل نهاية وقت الوقوف كُلِّف أو شرع كما هو المعنى الثالث للفعل الماضي إذا أطلق يعني يطلق ويراد به الشروع في الشيء يعني إذا أراد قبل أن يحرم كُلِّف إذا شرع أحرم وهو صبي ثم كلِّف بعد ذلك قبل نهاية وقت الوقوف يعني بقيت الأركان كلها الوقوف ثم الطواف والسعي إن لم يكن قد سعى مع طواف القدوم بقيت الأركان أما إذا فرغ من أعمال الحج وانتهى وقت الوقوف قبل التكليف فهذا لا إشكال في كونه عليه أن يحج حجة أخرى وإذا أدرك الوقوف بعد التكليف فلا مانع أن تنقلب النية من نفل إلى فرض تكون فرضه ويكمل أعمال الحج وتجزيه عن حجة الإسلام كما لو بلغ أثناء الصلاة لو بلغ في أثناء الصلاة يقال له أعد أو لا يعيد مع أن نية الفرض النفل في الصلاة لا تنقلب إلى فرض بينما الحج تنقلب إذا أحرم عن غيره متطوِّعًا عن أبيه عن أمه وهو لم يحج عن نفسه تنقلب إلى حجته يكمل الحج وهي فريضته إذا بلغ الحنث بعد نهاية وقت الوقوف بعد نهاية الركن الأعظم «الحج عرفة» هذا يكملها نافلة يعيدها إذا كُلِّف «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى» لأن هذه نافلة لا تجزيه عن الفريضة ومن شرط صحة الحج البلوغ «وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى» هذه الجملة كون الحاج أعرابي أو مهاجِر هذا أمر مجمع عليه عند أهل العلم أنه ليس من شرط الحج أن يكون مهاجرا يعني هذا الذي استقر عليه الأمر وهذه اللفظة أعرض وأضرب عنها كثير من المصنفين ولا يذكرونها لا ابن حجر ولا غير ابن حجر يقتصرون على الصبي والعبد لأن فيها نكارة والخبر كله لا يثبت مرفوعا وأيما أعرابي الأعرابي هو ساكن البادية والهجرة في زمنه -عليه الصلاة والسلام- واجبة إليه الهجرة إليه واجبة -عليه الصلاة والسلام- في المدينة لتكثير سواد المسلمين ونصر النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم بعد ذلك بقي وجوبها من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام فقط واستحبابها من البلاد التي تفشو فيها المعاصي أو البدع إلى البلاد التي يكثر فيها الفضل والخير والسنة أما الوجوب فهو من دار الكفر إلى دار الإسلام «وأيما أعرابي هاجر أعرابي حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى» هذه الجمل وإن كانت معطوفة بالواو بعضها على بعض واقتران الصبي مع الأعرابي مع العبد يقتضي أن الحكم واحد عليه يجب عليه حجة أخرى يجب عليه حجة أخرى يجب عليه حجة أخرى في الجمل الثلاث الصبي محل اتفاق يجب عليه أن يحج حجة أخرى والأعربي بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- محل اتفاق أنه لا يجب عليه حجة أخرى والعبد «وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى» إذا اتفقوا على الجملة الأولى والثانية الأولى بعدم الإجزاء والثانية بالإجزاء فالثالثة محل خلاف بين أهل العلم لأن العبادات من العبد صحيحة نعم لا يلزمه الحج لأن منافعه مستغرقة لغيره لكن إذا حج محل خلاف بين أهل العلم والخبر الذي معنا هو من قول ابن عباس أنه يلزمه حجة أخرى والحرية شرط صحة عنده قال "رواه البيهقي وغيره ولم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة وهو ثقة" يزيد بن زريع ثقة وتفرد برفعه فعلى مقتضى القواعد عند المتأخرين الرفع زيادة من ثقة يجب قبولها وطريقة المتقدمين كما هو معروف وإن كان ثقة يُنظَر فيها والترجيح بينها وبين ما يعارضها ويخالفها من الوقف ويحكَم حينئذ للقرائن والمرجَّح كما سيأتي أنه موقوف وإن رفعه يزيد بن زريع وهو ثقة لأن الجماعة أولى بالحفظ من الواحد الذين وقفوه قال "رواه البيهقي وغيره ولم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة وهو ثقة ولذلك صححه ابن حزم" بناء على ظاهر الإسناد صححه ابن حزم "لكن زعم أنه منسوخ زعم أنه منسوخ والصحيح أنه موقوف والصحيح أنه موقوف" هذا المرجَّح عند أهل العلم من قول ابن عباس قال "وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف شبه المرفوع" كيف يكون شبه المرفوع؟ شبه المرفوع المرفوع الذي لا خلاف في رفعه هو الذي يصرَّح فيه بذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- وشبه المرفوع وما في حكمه هو الذي لا يصرَّح فيه بذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على تفاوت بين الألفاظ التي ترد في مثل هذا السياق قول الصحابي من السنة هذا وإن احتمل أن يكون من سنة الخلفاء الراشدين مثلا أو من سنة أبي بكر أو من سنة عمر إلا أن المرجح أنه مرفوع له حكم الرفع وكذلك بقية الصيغ يختلفون فيها وبعضها أقرب إلى الرفع من بعض وأنا لم أراجع المصنَّف لأرى ما الصيغة التي سيق به هذا الخبر حتى قيل فيه إنه شبه المرفوع لكنه لم يصرِّح ابن عباس برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن فهم من السياق أنه يقصد ذلك وفيه أيضا في بعض طرقه أنه قال احفظ الحكم ولا تنسبه إليّ احفظ الحكم ولا تنسبه إلي فلعل هذا هو المراد من كونه شبه مرفوع يعني لا تقفه عَلَيّ يعني صيغة نادرة هذه نادرة جدًّا احفظ الحكم ولا تنسبه إلي فدل على أنه حكم شرعي ثابت عنده وليس من قوله أو رأيه ولعل هذا هو الذي يريده المؤلف رحمه الله تعالى حينما عزاه للمصنَّف وقال إنه شبه مرفوع على كل حال البلوغ شرط متفق عليه وأن الحج لا يجزئ قبل البلوغ وإن صح كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «نعم» في جواب ألهذا حج؟ لكنه لا يجزئ عن حجة الإسلام فلا بد من إعادته إذا بلغ الصبي وأما بالنسبة للأعرابي فحجه صحيح بالاتفاق إذا استوفى الشروط والأركان والواجبات وجاء على الصورة المشروعة وأما بالنسبة للعبد فمحل خلاف لأنه شخص مكلَّف تصح منه العبادات كلها ولا يؤمر بإعادتها ومسألة كون منافعه مستغرقة لغيره لا يعني أنه إذا سمح له أن حجه غير صحيح كما قالوا في الجمعة الجمعة لا تلزم العبد لكن إذا حضرها نقول لا تصح والا تصح؟ تصح فهل الحرية شرط صحة أو شرط لزوم محل خلاف بين أهل العلم والخبر الذي بين أيدينا يدل على أنه شرط صحة قال رحمه الله تعالى "وعنه رضي الله عنه" يعني عن ابن عباس "قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول" يعني في أثناء خطبته «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» لا تجوز الخلوة بالمرأة الأجنبية إلا مع ذي محرم لها لها لأنه هو الذي يحرسها ويحوطها بعنايته ويدافع عنها والخلوة سواء كانت في بيت أو في ملاذ أو في سيارة أو في أي مكان لا تؤمَن معه الفتنة هذه خلوة إلا ومعها ذو محرم لها لأن بعضهم يقول لا مانع إذا ارتفعت الخلوة وكان معه محرم له انتفى المحظور «إلا ومعها» ما قال ومعه «ذو محرم» والمحرم من تحرم هو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد هذا هو المحرم وهو الذي يتوقع منه أن يحميها عند إرادتها من أي عارِض ومع الأسف التفريط الموجود في هذا الباب أوقع كثير من المشاكل لدى كثير من المسلمين تساهلوا في مسألة المحرم ووجدت الخلوة في البيوت تجد السائق يدخل البيت من غير نكير ويقدَّم له الطعام والشراب من قِبَل امرأة منفردة في مكانه الذي يأوي إليه ثم يحصل ما يحصل نسأل الله السلامة والعافية والعكس تجد الخادمة يخلو بها من تحرم عليه مِن ذكور هذه الأسرة وحصل من هذا الشيء الكثير بسبب التساهل الناس يتساهلون في هذا الباب وهو شر مستطير يعني الناس لا يستنكرون دخول السائق في البيوت لأن له صلة بهذه الأسرة كالحمو أرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال «الحمو الموت» أشد من البعيد لأن البعيد يستغرَب دخوله بينما هذا القريب أخو الزوج عمه قريبه لا يستغرَب دخوله فيحصل ما يحصل والسائق الآن يدخل في البيوت من غير نكير ومعه مفتاح نعم كثير من الأسر تحتاط ورب الأسرة يحتاط لهذا الأمر ويجعله في مكان مستقل يفتح على الشارع لا يفتح على البيت هذا هذا هو المطلوب بل هذا هو المتعيِّن لأن كثيرة المماسة مع الأجنبي تذهب الهيبة وتجعل هناك نوع من التبسط وكثرة الأوامر والنواهي من قِبَل النساء والبنات لهذا السائق توجِد نوع ميانة يسمونها فترتفع الكلفة بينهما فيقع المحظور نسأل الله العافية وخير ما للمرأة ألا ترى الرجال ولا يرونها {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} [سورة الأحزاب:53] فإذا كان هذا في نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- مع ما لديهن من التقوى ومع ما في قلوب من هيبة لعرضه -عليه الصلاة والسلام- فغيرهن من باب أولى مع الأسف أن تجد الموظف عنده موظفة ويغلق الباب أو الموظفة يدخل عليها المراجع أو الموظف يدخل عليه المراجعة ويغلق الباب نسأل الله العافية «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» يعني بعض الشراح يسوي بين أن يكون المحرم لها أو له لها أو له بمعنى أنها ترتفع الخلوة لكن إذا اجتمع ذئبان من ذئاب البشر هل يسوغ لامرأة أن تدخل عليهما بمفردها يعني ارتفعت الخلوة؟ لا يسوغ بحال بل لا بد أن يكون المحرم لها يعني نظير ذلك «إذا صلى أحدكم فليستتر» يعني يضع سترة هل السترة للمصلي أو للمار؟ للمصلي بمعنى أنه لو كان مع المار عصا وهو ماشي وماسك العصا بإحدى يديه وصارت هذه العصا بينه وبين المصلي يكفي أم لا؟ لا تكفي فلا بد أن تكون السترة للمصلي يعني لو أن هذا المار غرز هذه العصا التي بيده أمام هذا المصلي واعتمدها المصلي سترة له فمر بين يديه فلما تجاوزه أخذها قلنا هذه السترة صارت للمصلي وهنا الذي معنا المحرم لا بد أن يكون لها «إلا ومعها ذو محرم» بعض الناس يعلِّق الحكم على غلبة الظن بمعنى أنه إذا غلب على ظنه أنه لا يحصل هناك شيء بأن كان الباب مفتوح مثلا والموظفة مع الموظف يقول ما فيه احتمال أن يقع شيء والباب مفتوح ومثل هذا ما يقرَّر في السفر على ما سيأتي ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم يقول الآن السفر مأمون السفر ساعة مسافة ألف كيلو تقطع فيه ساعة فلا تحتاج إلى محرم قال «ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» ولو قطعت المسافة في ساعة أو أقل من ساعة مادام وجد الوصف الذي علق عليه الحكم وهو السفر ولو لم تحصل خلوة لا بد من المحرم ولو لم تحصل خلوة في المسألة الأولى الخلوة من غير السفر المسألة الثانية السفر ولو من غير خلوة فلا يجوز للمرأة أن تسافر وحدها من غير محرم يقول بعضهم ممن يتصدى لإفتاء الناس ويحمِّل ذمته ما لا تطيق يقول ما معنى أننا نكلِّف هذا الرجل أن يترك عمله ويخسر تذكرة من الرياض إلى جدة أو العكس أو إلى مصر أو إلى أي بلد من البلدان والمسألة ساعة أو ساعات مع مجموعة من الركاب لا يحتاج تسلمها في المطار وتستلم من المطار بناء على غلبة الظن في السلامة لكن وُجِد حوادث كثيرة يمتنع هبوط الطائرة في المطار فتنحرف إلى بلد آخر من يستقبلها في البلد الآخر؟! وتأوي عند مَن في البلد الآخر؟! وهذه الفتاوى لا شك أنه صار لها أثر في الواقع تجد عدد كبير من النساء ليس معهن محارم ثم يبتلين أو يبتلى بهن الرجال فيجلسن معهم جنبا إلى جنب بدون محرم وقل مثل هذا في القطار وفي النقل وفي غيره كثيرا ما تتعرض هذه الآلات للعطل ثم ينزل الناس من هذه الآلات ويجلسون ينتظرون الإصلاح والمرأة بدون محرم هذه الفتاوى التي تحملها أصحابها وسعوا في خلاص غيرهم قبل أن يسعوا في خلاص أنفسهم لأن على المفتي أن يسعى في خلاص نفسه قبل أن يسعى في خلاص غيره وعنده أنه يحسن يحسب أنه يحسن صنعا نسأل الله العافية وحصل قضايا كثيرة وحصل تحرش وكلام وترقيم وما أشبه ذلك كل هذا سببه هذه الفتاوى التي أخرجت كثير من النساء عن العفة والحشمة وابتلين وراودهن السفهاء حتى وقع بعضهن في حبائل المجرمين وهناك دعاة على أبواب جهنم نسأل الله السلامة والعافية يدعون لمثل هذه الأمور الآن المدرسات اللواتي يدرسن خارج البلدان في القرى في مسافات بعيدة تحتاج إلى وقت في البلدان الكبيرة من نصف الليل والسائق يدور في البلد الكبير يجمع هؤلاء النسوة من بيوتهن ثم بعد ذلك يذهب بهن إلى مدارسهن بمسافة تزيد على الساعة والساعتين ثم يحضر وقت صلاة الفجر وليس معهن محارم ويخشى عليهن أن يقف في أثناء الطريق لأداء صلاة الفجر لا هو ولا هن ويسأل عن جواز تأخير صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ظلمات بعضها فوق بعض مقدمات غير شرعية نحتاج إلى نتائج شرعية! ما يمكن يسأل عن تأخير صلاة الصبح لأنه لا يستطيع الوقوف في أثناء الطريق خشية على هؤلاء النسوة نقول أصل المقدمة غير شرعية فكيف ترجو أن تكون النتيجة شرعية؟! هذا سببه التساهل في الفتوى وإلا فكثير من الناس يقف إذا سمع هذا الكلام الذي لا يحتمل التأويل من المعصوم -عليه الصلاة والسلام- الذي لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه وسد جميع الأبواب الموصلة إلى وقوع هذه الفاحشة التي ما كثرت في قوم إلا ابتلوا بأمراض لم تكن فيمن قبلهم فنحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس قبل الغير نحتاج إلى وقفة صادقة يعني على الإنسان أن يحاسب نفسه وعليه أن يغار على محارمه ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم يعني جاء في أحاديث مسافة يوم وليلة ومسافة يومين ومسافة ثلاثة أيام واختلاف هذه المدد يدل على أن العدد غير مراد وأن هذه جاءت أجوبة على أسئلة سأل تسافر مرأة ثلاثة أيام قال لا تسافر.. سأل هل تسافر مرتين وجاءت أحاديث مطلقة في مثل هذا فدل على أن هذا العدد غير مراد وأن الوصف المؤثر هو السفر الوصف المؤثر هو السفر فإذا وجد ما يسمى سفر امتنع إلا بمحرم "فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة خرجت حاجّة" ترجو ما عند الله جل وعلا ولا يتصور من مثل هذه المرأة التي خرجت حاجّة إلا بذل الأسباب أسباب الاحتشام لأنها في سفر طاعة فكيف لو كان السفر سفر سياحة أو نزهة أو ما أشبه ذلك مما يتخفف فيه كثير مِن السيَّاح من التكاليف كما هو كما يشهد به الواقع هذه خرجت حاجّة في سفر طاعة "وإني اكتَتَبتُ" يعني سُجِّلت في أسماء الغزاة "في غزوة كذا" هي في طاعة وهو في طاعة لكن لا بد من المحرم "وإني اكتَتَبتُ في غزوة كذا وكذا قال «انطلق فحج مع امرأتك»" ما يلزم أن تجاهد وامرأتك خرجت حاجة بمفردها لأنه يخشى عليها بعضهم يستدل بما جاء من أن الإسلام سوف ينتشر وينتشر الأمن حتى تخرج الظعينة من كذا إلى كذا لا تخشى إلا الله جل وعلا قال هذا الرسول أخبر أنها تخرج من كذا إلى كذا وليس معها محرم يعني ما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام- مما سيحدث هذا لا يعلَّق عليه حكم شرعي إنما هو حكاية واقع حكاية واقع ودلالته على عدم المحرم دلالة فرعية وليست أصلية يعني ليست هي الأصل الذي من أجله سيق الخبر إنما سيق الخبر لبيان أن هذا الدين سوف ينتشر وتسافر الظعينة المرأة بمفردها من مكان كذا نعم يقع وسوف يقع جميع ما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام- مما سيكون في آخر الزمان وهذا لا يدل على جوازه قال «انطلق فحج مع امرأتك» يعني واترك الجهاد الذي اكتُتِبْتَ فيه اترك الغزوة مما يدل على أهمية المحرم ولذا المرأة يشترط لها شرط زائد على ما يشترط على الرجال وهو المحرم فالتي لا محرم لها لا يلزمها الحج هذا الركن العظيم من أركان الإسلام يسقط عند عدم وجود المحرم نعم هناك ضرورات ضرورات قالوا يجوز للمرأة أن تهاجر وتفر بدينها من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ولو لم يوجَد محرم فرارا بالدين أيضا لو مات المحرم في الطريق تجلس المرأة في الطريق بمفردها حتى يأتي محرم أو نقول تمشي تركب مع الناس نعم هذه ضرورات تُقَدَّر بقدرها لكن يبقى ما عداها على الأصل وأنه لا يجوز لها أن تسافر بغير محرم قال رحمه الله "متفق عليه واللفظ لمسلم وعنه" يعني عن ابن عباس راوي الأحاديث السابقة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة لبيك عن شبرمة قال «من شبرمة هذا؟» قال أخٌ لي أو قريب لي أخ لي أو قريب لي فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام- «حججت عن نفسك؟» قال لا، قال «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة»" هذا الإحرام هو نية الدخول في النسك عن غيره عن شبرمة لم يصادِف محل لأن الذمة مشغولة بالفرض فلم يصح هذا الإحرام عن غيره وانقلب إلى إحرامه عن نفسه ولا مانع أن يعيد الإحرام مادام في مكانه لكن لو استمر وما عرف أنه يحج عن غيره إلا بعد انقضاء بعض أعمال الحج الآن سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة يعني هل يقوله في مكان الإحرام في الميقات أو في جميع تلبيته؟ الأصل أنه يكفي إذا قاله في الميقات فإذا قاله في الميقات واستدرك عليه كما هنا قال «مَن شبرمة؟» قال أخ لي أو قريب لي يقال له حج عن نفسك فيلبي عن نفسه هذا ما فيه إشكال لكن لو ما عرف إلا بعد الفراغ من الحج أو بعد الفراغ من بعض أعمال الحج من الوقوف مثلا هل تنعطف النية فيكون الحج له أو يستمر الحج عن عن من ناب عنه؟ خلاف بين أهل العلم كما قالوا فيمن نسي طواف الإفاضة وطاف للوداع بعضهم قال يقوم طواف الوداع مقام طواف الإفاضة والنية في الحج تختلف عنها في غيره من العبادات يعني ليس الحج مثل الصيام أو مثل الصلاة في النية لأنه وجد نصوص تدل على ذلك أحرموا بعمرة ثم أمرهم أحرموا بالحج ثم أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقلبوها إلى عمرة هم خرجوا لا يرون إلا الحج فمنهم من يقول أنه تلقائيا ينصرف إلى الحج عن نفسه ومنيبه لا يقع منه الحج حج نفسك ثم حج عن شبرمة يعني إذا أسقطت عن نفسك فحج عمن شئت والحديث على كل حال مختلف في رفعه ووقفه ولكن الأكثر على تصحيحه مرفوعا وهو عمدة عند جمهور أهل العلم الذين يشترطون في النائب أن يكون قد حج عن نفسه وإلا لا تصح النيابة إلا إذا كان قد أسقط الفرض قال "رواه أبو داود وهذا لفظه وابن ماجه وابن حبان وصحح البيهقي إسناده والإمام أحمد وقفه" على كل حال هو مروي من طرق يثبته بها جمع من أهل العلم وهو معوَّل ومعتمد الجمهور في كون الحج لا يصح نيابة قبل أن يسقط الفرض عن نفسه.

سم.

"بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين قال المؤلف رحمه الله:

باب المواقيت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة متفق عليه."

نعم يقول المؤلف رحمه الله تعالى "باب المواقيت" والمواقيت على صيغة المفاعيل ويجوز حذف الياء يقال مواقت ومواقيت ومساند ومسانيد ومفاتح ومفاتيح ومراسل ومراسيل قالوا ما.. إلى آخره على ما جاء على هذه الصيغة التي يسمونها صيغة منتهى الجموع تجوز الكوفيون والجرمي يرجحون إثبات الياء والبصريون على العكس والمواقيت جمع ميقات وهو ما وقته الشارع من زمان أو مكان فالصلاة لها مواقيت يعني لها أوقات الصلوات الخمس لها أوقات معروفة بداية ونهاية بينها جبريل بفعله حينما أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في يومين في اليوم الأول بين بفعله أوائل الأوقات وفي اليوم الثاني بين أواخر الأوقات والصيام له وقت والحج له مواقيت له ميقات زماني وله مواقيت مكانية فميقاته الزماني شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة أو الحجة على خلاف بين أهل العلم والمواقيت المكانية هي التي جاءت في حديث ابن عباس وغيره قال رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما هذه المواقيت المحددة من قبله -عليه الصلاة والسلام- الواردة في هذا الحديث لا يجوز تجاوزها من غير إحرام لا يجوز تجاوزها من غير إحرام وهذا معنى التحديد والتوقيت بمعنى بمعنى أنها أماكن محددة تجاوزها بغير إحرام لا يجوز ويروى عن سعيد بن جبير أن مَن تجاوَز الإحرام فلا حج له وعن سعيد بن المسيب لا شيء عليه وهذا قولان متقابلان جمهور أهل العلم أو عامة أهل العلم على خلافهما وأن من تجاوز الميقات يلزمه أن يجبر هذا التجاوز بدم هذا بالنسبة للتجاوز بغير إحرام فماذا عن الإحرام قبل الميقات وليس المراد بالإحرام لبس ثياب الإحرام لأن بعض الناس يلبس ملابس الإحرام من بيته ولو كان بعيدا عن الميقات لاسيما إذا كانت الوسيلة الطائرة تجد كثير من الناس يلبس في بيته ويتجهز يركب الطائرة إذا حاذى الميقات أحرم يعني نوى الدخول في النسك هذا لا إشكال فيه يبقى أنه يعني من باب سد الذريعة أننا قد نرى مَن هو في المسجد النبوي محرما ويريد أن يعقد النية من ذي الحليفة ما فيه إشكال أن يلبس في سكنه في المدينة ثم يخرج وينوي في الميقات ذي الحليفة لكن كونه يدخل المسجد ويشوش على بعض الجهال وأن دخول المسجد النبوي أو أن زيارة النبي تحتاج إلى شيء من هذا هذا ينبغي أن يبيَّن ويوضَّح لئلا يعتقد بعض الجهال...أن هذا أن الزيارة تحتاج إلى إحرام بعض الجهال قد يتصور مثل هذا أما إذا أحرم في بيته وخرج يعني بمعنى أنه لبس ثياب الإحرام وخرج إلى الميقات وعقد النية في الميقات هذا لا إشكال فيه ماذا عما إذا عقد النية قبل الميقات خرج من الرياض حاجا أو معتمرا فلبى من بيته أو من العراق أو من مصر أو من الشام أو من بيت المقدس كما فعله بعض الصحابة نقل الإجماع على صحة هذا الإحرام وإلا فمقتضى التوقيت والتحديد أنه كما أنه لا يجوز أن يتجاوز الميقات لا يجوز أن يحرم قبله هذا الأصل وهذه القاعدة الشرعية في المحددات الشرعية لا تجوز الزيادة عليها ولا النقص لأن العبادات توقيفية لكن جاء في الإحرام من بيت المقدس من المسجد الأقصى على وجه الخصوص نصوص تدل على أن من أحرم منه غفر ما تقدم من ذنبه وأحرم ابن عمر من بيت المقدس وجاء عن بعض الصحابة عن علي وابن مسعود أن تمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دويرة أهلك أن تحرم بهما من دويرة أهلك فدل على أن تقدم الميقات والإحرام قبله يصح معه الإحرام وإن كان الأفضل والأكمل أن ينتظر حتى يصل إلى الميقات كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني خرج من بيته -عليه الصلاة والسلام- وبعد فرسخ ثلاثة أميال وصل إلى الميقات وأحرم منه ما أحرم من بيته انتظر حتى وصل إلى الميقات قال رحمه الله "عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقَّت" حدَّد "لأهل المدينة ذا الحليفة" ذي الحليفة الذي يسمى أبيار علي وينسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لما يزعمه العوام أنه وجد في بعض كتب التاريخ ولا أصل له كما قال شيخ الإسلام في منسكه أن عليا قاتل الجن في هذا المكان فنسبت الآبار إليه هذا الميقات ذو الحليفة هو أبعد المواقيت عن مكة على عشر مراحل حدود أربعمائة كيلو بينه وبين مكة بينما المواقيت الأخرى الجحفة يمكن مائة ومائة وعشرة كيلو وقرن المنازل ويلملم حدود ثمانين أو خمس وسبعين كيلو كلها قريبة من مكة لكن ذو الحليفة بعيد ولا نحس بهذا البعد مع سهولة الانتقال وراحلة المواصلات إنما يُحَس بالبعد لما كانت الوسائل تقطع هذه المسافات بالمدد الطويلة قالوا لفضل المدينة وأهل المدينة زِيْد في تكليفهم في هذا الشأن يعني لعظم أجورهم زِيْد في تكليفهم والغنم مع الغرم والقاعدة الخراج بالضمان والنبي -عليه الصلاة والسلام- يوعك كما يوعك الرجلان منكم قال ابن مسعود ذلك أن لك أجرين؟ قال «أجل» ونساء النبي -عليه الصلاة والسلام- لهن الأجر مرتين ويضاعف عليهن لو حصل شيء يقتضي العذاب يضاعف عليهن فأهل المدينة والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون سكنى المدينة فيه فضل عظيم فناسب أن يكون ميقاتهم أبعد المواقيت "وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة" قرية قريبة من رابغ اجتحفها السيل وكانت سكنا لليهود ولذا لما هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا الله جل وعلا أن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة قريبا من رابغ والناس منذ منذ زمن قديم وهم يحرمون من رابغ "ولأهل نجد قرن المنازل" الذي يسمى الآن السيل الكبير قرن المنازل "ولأهل اليمن يلملم" ويقال لها السعدية قال رحمه الله "هن لهن ولمن أتى عليهن من أهلهن" جاء في السنن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقَّت لأهل العراق ذات عرق وقت لأهل العراق ذات عرق وجاء أيضا في صحيح مسلم ما يدل على ذلك إلا أنه لم يُجزَم برفعه أحسب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل العراق ذات عرق وفي البخاري أن الذي وقت لأهل العراق ذات عرق هو عمر رضي الله عنه مع أن ما جاء في السنن من توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق مصحح عند أهل العلم ولا مانع أن يوقت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق ثم يأتي من يسأل عمر من أهل العراق فيقول أن قرن المنازل جَوْر عن طريقنا يعني فيه كلفة وفيه مشقة فيوقِّت لهم ذات عرق يجتهد رضي الله عنه لم يبلغه ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- فيجتهد ويوافق ما يصيب الحق وله موافقات وافقت ربي في ثلاث وبلغت موافقات عمر نحو العشرين جمعت في مصنف في جزء اسمه الكوكب الأغر في موافقات عمر فكون التوقيت من عمر كما في صحيح البخاري لا ينفي أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل العراق ذات عرق قبل عمر وهذا من من علامات النبوة ومن دلائل النبوة أن يوقت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل هذه البلدان وهي لم تفتح بعد أهلها غير مسلمين الشام ما فتح مصر ما فتح وكل هذه الجهات ما فتحت لأهل الشام الجحفة لم يدخلوا في الإسلام بعد وقل مثل هذا في العراق قال "هن لهن" هن أي هذه المواقيت لهن أي لتلك الجهات لتلك الجهات وفي بعض الروايات هن لهم أي لأهل تلك الجهات أي لأهل تلك الجهات "ولمن أتى عليهن من غير أهلهن" الشامي إذا مر بالمدينة يحرم من ذي الحليفة النجدي إذا مر بالمدينة قبل يحرم من ذي الحليفة المدني إذا ذهب إلى نجد ثم جاء من طريقهم يحرم من قرن المنازل اليمني إذا جاء إلى المدينة وزار المدينة ثم حج يحرم من ذي الحليفة "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن" مدني خرج من المدينة له حاجة في الطائف مثلا ومر بذي الحليفة هل له أن يؤخر الإحرام إلى ميقات قرن المنازل مثلا مقتضى قوله هن لهن يقتضي المنع ومقتضى الجملة الثانية ولمن أتى عليهن من غير أهلهن يقتضي الجواز يعني لو أن صاحب الميقات من أهل البلد مر بهذا الميقات وتجاوزه تجاوز الميقات الميقات المحدد له شرعا لجهته ثم أحرم من غيره وهذا الميقات الثاني الذي أحرم منه قد يكون هو ميقاته الأصلي يعني خرج من نجد مريدا للحج أو العمرة ومر بالمدينة ولم يحرم قال أحرم من قرن المنازل بدلا من ألبس ثياب الإحرام أربعمائة كيلو أذهب إلى قرن المنازل وأحرم منه ثمانين أو خمس وسبعين كيلو أيسر علي هذا مخالف للجملة الثانية موافق للجملة الأولى والأول العكس فهل يجوز مثل هذا؟ يعني جاء من الرياض إلى مكة عن طريق جدة يقول الإحرام في الطائرة صعب وشاق ومكان ضيِّق أو نسي أن يعقد النية لما حاذى الميقات حتى نزل هبطت الطائرة في جدة من أين يحرم هل يرجع إلى ميقاته الذي حُدِّد له أو ينظر إلى أقرب ميقات له باعتبار أن الكل مواقيت لهذه الشعيرة إذا مر بميقات لا بد أن يحرم منه فإن تجاوزه إلى غيره عند الجمهور يلزمه دم ولو ذهب إلى ميقاته الأصلي يعني لو أن شخصا في الصورة التي ذكرناها من أهل نجد مر المدينة وتجاوز ذا الحليفة وأحرم من قرن المنازل الجمهور يلزمونه بدم والمالكية يقولون لا شيء عليه لأنه إن خالف الجملة الثانية فقد وافق الجملة الأولى هذا إذا رجع إلى ميقاته الأصلي يعني مر بذي الحليفة لم يحرم ذهب إلى قرن المنازل فأحرم ونزل مكة هذا محل الخلاف لكن لو ذهب إلى الجحفة ليس الميقات الذي مر به وليس الميقات المحدد له شرعا لكنه ميقات معتبَر شرعا ماذا يقول المالكية في مثل هذه الصورة هل قولهم مثل قول الجمهور أو يستوي أو تستوي جميع المواقيت عندهم؟ فيه شيء؟ يعني المواقيت عندهم سواء أم الميقات الأصلي؟ لأنه إن أخطأته الجملة الثانية وافقت الجملة الأولى هذه الصورة مفترضة في شخص جاء من نجد مريدا الحج أو العمرة والطريق مستقيم من نجد إلى المدينة مر بالمدينة ومر بالمحرم ذو الحليفة وتجاوزه قال أنا ما عندي استعداد ألبس الإحرام أربعمائة كيلو أذهب إلى قرن المنازل ثمانين كيلو أو أقل وأحرم منه وأنزل والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول «هن لهن» الرسول وقت لنا هذا الميقات فتجاوز ذا الحليفة مخالفا لقوله -عليه الصلاة والسلام- «ولمن أتى عليهن من غير أهلهن» وهذا ملحظ الجمهور في إلزامه الدم والمالكية يقولون لا شيء عليه لأنه إن خالف هذه الجملة فقد وافق الجملة الأولى «هن لهن» ومن أهل نجد هذا ميقاته ولا شك أن قول المالكية قول المالكية له وجه في مثل هذه الصورة لكن إذا تجاوز ذا الحليفة وأحرم من الجحفة ليست ميقاتا له أصلي ولم يمر به لم يمر به فإذا هبطت به الطائرة في جدة مثلا نام ونُبِّه على محاذاة الميقات ولم ينتبه أو غفل هل نقول يكفي أن تذهب إلى الجحفة أقرب إلى جدة أو تذهب إلى قرن المنازل الذي هو ميقاتك الأصلي الذي مررت به الأصل أن يرجع إلى ميقاته الأصلي هذا تجاوز الميقات ثم أحرم بعد أن تجاوز الميقات ثم رجع إلى الميقات ينتفع أو ما ينتفع؟ شخص تجاوز الميقات ثم رجع وأحرم من الميقات هذا لا إشكال فيه شخص تجاوز الميقات ناسيا أو جاهلا ثم أحرم من مكانه بعد أن تجاوز الميقات ثم رجع إلى الميقات بعد أن أحرم هذا لا يستفيد لا يستفيد رجوعه عبث العبرة في نية الدخول في النسك «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ممن أراد الحج والعمرة» هذه الجملة مفيدة جدا لأن الخلاف بين أهل العلم قوي ومعتبَر في مسألة مَن دخل مكة وهو لا يريد الحج والعمرة جاء إلى مكة غير مريد للحج والعمرة الحنابلة وجمع من أهل العلم يلزمونه بالإحرام فلا يدخل مكة إلا محرما لا يجوز له أن يدخل مكة  إلا محرم ولو لم يرد الحج والعمرة ويستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل مكة في عام الفتح وعلى رأسه المغفر قالوا إنه دخلها غير محرم لأنها أحلت له ساعة من نهار أحلت له أن يدخلها غير محرم ساعة من نهار ثم  عادت حرمتها فلا تُدخَل إلا بإحرام والحديث صريح في الدلالة للقول الثاني في قوله ممن أراد الحج والعمرة» مفهومه أن الذي لا يريد الحج والعمرة فإنه لا يلزمه الإحرام وهذا هو القول الراجح هذا هو القول الراجح هذه المواقيت لا يجوز تجاوزها من غير إحرام ممن أراد الحج والعمرة أما الذي يريد حجا ولا عمرة فإنه لا يلزمه الإحرام وهذا أيضا قول معروف عند أهل العلم وهو الراجح استدلالا بهذا الحديث ومن كان دون ذلك سكنه دون المواقيت بين مكة والمواقيت "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ فمن حيث أنشأ" من مكانه الذي نوى فيه العزم على الحج أو العمرة من حيث أنشأ أهل الشرائع يحرمون من الشرائع وأهل جدة يحرمون من جدة ومن دون جدة يحرمون من مكانهم «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة حتى أهل مكة من مكة» يعني يحرمون من مكة يحرمون من مكة والجملة تدل على أن أهل مكة إحرامهم من مكة سواء كان للحج أو للعمرة فإذا أراد المكي أن يحج أو يعتمر يحرم من بيته على مقتضى هذه الجملة حتى أهل مكة من مكة يعني يحرمون من مكة هي ميقاتهم ولا يلزمهم الخروج إلى الحل وهذا رجحه الإمام البخاري والصنعاني وجمع من أهل العلم قالوا أن المكي لا يلزمه المكي ومن في حكمه ممن وجد في مكة ثم أراد أن يحرم بحج أو عمرة أما بالنسبة للحج فلا إشكال يحرم من مكة هذا قول عامة أهل العلم يحرم من مكة لأنه الشرط الذي يذكرونه وهو الجمع في الإحرام بين الحل والحرم متحقق في الحج لأنه سوف يخرج إلى عرفة وهي من الحل لكن في العمرة هل يستطيع أن يجمع بين الحل والحرم وقد أحرم من مكة؟ لا، جميع أعمال العمرة في مكة ولذا يقول جماهير أهل العلم أنه لا بد أن يخرج إلى الحل فيحرم بالعمرة من الحل ولا يكفيه أن يحرم من مكة وقوله حتى أهل مكة من مكة يعني في الحج في الحج دون العمرة طيب ما الذي خرج العمرة من هذا العموم من كان دون ذلك مفهومه ومن كان من أهل مكة فهو من مكة.

طالب: ..........

نعم، قصة عائشة رضي الله عنها لما فرغت وفرغ الجميع من أعمال الحج واجتمعوا في الأبطح ينتظرون الخروج من مكة والرجوع إلى المدينة قالت عائشة للنبي -عليه الصلاة والسلام- يذهب صواحبي بحج وعمرة وأذهب بحج مفرد؟! يعني في صورته وإلا فهي قارنة عمرتها داخلة في حجها لأنها لما أحرمت حاضت ولم تتمكن من أداء العمرة قبل الدخول في الحج أدخلت العمرة على الحج أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة فهي تريد عمرة مفردة مثل صواحبها فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم من هناك وتأتي بعمرة هذا دليل الجماهير على أنه لا بد من الخروج إلى الحل ليجمع في نسكه بين الحل والحرم بعضهم يقول هذا الصنيع إنما هو جبران لخاطر عائشة عائشة رضي الله عنها أحب الناس إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ولها من الدين المنزلة العالية الصديقة بنت الصديق ومكانها في العلم والدين والفقه وحمل السنة وتبليغ السنة مقام لا يُنكَر ويكفي أن يُحبَس الناس من أجلها لكن لا يشرع لها أحكام تخصها دون غيرها نعم جبر خاطرها بأن حبس الناس من أجلها ولو كان الإحرام من مكة للعمرة لما حبس الناس من أجلها تذهب إلى التنعيم وترجع مسافات تحتاج إلى ساعت فدل على أن الخروج إلى الحل على سبيل اللزوم والوجوب وهذا قول جماهير أهل العلم وهو المرجح أن من أراد العمرة من أهل مكة ومن في حكمهم ممن أنشأ العمرة من مكة لا بد أن يخرج إلى الحل استدلالا بقصة عائشة.

سم.

"قال رحمه الله باب القران والإفراد والتمتع عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج فأما من أهل بعمرة فحل وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يَهْد فلما قدم رسول.."

ومنهم مَن...

"ومنهم من لم يَهْد.."

يُهدِ..

"ومنهم من لم يُهْدِ.."

لأنه من الرباعي.

أحسن الله إليك.

"فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة قال للناس «من كان منكم أهدى فلا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصِّر وليحلِّل ثم ليهل بالحج وليهدِ فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» وطاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما قدم مكة فاستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاث أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلِّل من شيء.."

يَحْلِل يَحْلِل..

"ثم لم يَحْلِل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهدى وساق الهدي من الناس متفق عليه واللفظ لمسلم."

يقول رحمه الله تعالى "باب القران والإفراد والتمتع" يعني وجوه الإحرام الجائزة المخيَّر فيها من أراد النسك على خلاف بين أهل العلم في الأفضل من هذه الوجوه الثلاثة القران والإفراد والتمتع القران أن يجمع النسكين بأفعال واحدة يحرم بحج وعمرة فإذا قدم ووصل إلى البيت يلبي أولا لبيك حجا وعمرة ثم إذا قدم طاف للقدوم وسعى إن شاء سعيا يكفيه لحجه وعمرته فلا يلزمه سعي بعد طواف الإفاضة وصورة القران في الواقع لا تختلف عن صورة الإفراد فقد دخلت العمرة في الحج يعني عند من يريد أن يجمع بينهما والإفراد أن يحرم بالحج فقط فإذا قدم طاف للقدوم وهذا الطواف سنة على ما سيأتي ليس بواجب فإن سعى بعده اكتفى به عن سعي الحج وإلا لزمه أن يسعى بعد طواف الإفاضة يوم النحر أو بعده التمتع أن يحرم بعمرة حتى إذا فرغ منها عمرة كاملة مستقلة يحرم بها ثم إذا قدم طاف وسعى للعمرة وقصَّر من شعره ثم حلَّ الحل كله حتى لو كانت معه امرأته جاز له معاشرتها يحل الحل كله ثم في يوم التروية يحرم بالحج القارن والمفرد يبقيان على إحرامهما وأما بالنسبة للمتمتع فإذا فرغ من أعمال العمرة حل ثم يحرم بعد ذلك بالحج في يوم التروية الأحاديث الصحيحة فيها نوع إشكال في بيان حجه -عليه الصلاة والسلام- فجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه حج مفردا وجاء عنه أنه حج قارنا وجاء عنه أيضا كما سيأتي تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واختلفت مسالك أهل العلم للتوفيق بين هذه النصوص والجمع بينها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حقيقة الأمر حج قارنا وأمر أصحابه أن يتحللوا بعمرة وندم على سَوق الهدي «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة» كأن الإخوان يستعدون للفطور يعني وصل الوقت؟

طالب: ..........

كم؟

طالب: ..........

أجل نقف على هذا ونكمل في الغد إن شاء الله تعالى وصلى الله وسلم وبارك على رسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"