بلوغ المرام - كتاب الصلاة (16)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين)) متفق عليه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس" والمراد به إذا أطلق من بين ولد العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، حبر الأمة، وترجمان القرآن، "-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت))" إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: أمرت فالآمر له من؟ هو الله -عز وجل-، بينما إذا قال الصحابي: "أمرنا" أو قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نهيت عن قتل المصلين)) مثل هذا، الناهي هو الله -عز وجل-، إذا قال الصحابي: "أمرنا" أو "نهينا" فالآمر والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني من له الأمر والنهي في قول جماهير أهل العلم، وإن قال بعضهم: إنه يحتمل أن يكون الآمر والناهي غير النبي -عليه الصلاة والسلام- ممن ولِّي على هذا الناقل.

قول الصحابي من السنة أو
بعد النبي قاله بأعصرِ
ج

 

نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
على الصحيح وهو قول الأكثرِ
ج

((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه-" سبعة، الأعضاء السبعة، أعضاء السجود، أولها: الجبهة، ويدخل تبعها الأنف فهما عضوٌ واحد، الأصل الجبهة "وأشار بيده" وأمرّ بيده "إلى أنفه" بمعنى أنه جزء من عضو، وليس بعضوٍ مستقل؛ لئلا تكون ثمانية، الحصر في العدد يدل على أنه جزء من عضو، فالأصل الجبهة ويتبعها الأنف؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أشار على أنفه؛ يعني هذا كله عضو واحد، هذا كله عضو واحد، فمن سجد على الجبهة دون الأنف؟ هاه؟ الجبهة دون الأنف يجزئ أو ما يجزئ؟

طالب:......

المسألة خلافية، من يقول: إن الأصل الجبهة وهي عضوٌ واحد والأنف تبع لها، كما لو رفع أصبع من أصابع رجليه وبقيت بقية الأصابع، يكون سجد على القدمين وإن كان أحد الأصابع جزء من العضو، منهم من يقول: يجزئ السجود على الجبهة، ومنهم من يقول: لا، هما عضو واحد لا يتجزأ، كما لو سجد على الأنف دون الجبهة، القول الثالث: أن السجود على أيهما يجزئ، لو سجد على الجبهة أجزأه، ولو سجد على الأنف وحده أجزأه ورفع جبهته، لكن هذا القول ضعيف، وأصح الأقوال أنهما عضو واحد لا يجزئ ولا يغني أحدهما عن الآخر، بل لا بد من السجود عليهما.

((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار" يعني وأمرّ "بيده على أنفه" فهما عضوٌ واحد لا يتجزأ، فمن سجد على أحدهما لم يأتِ بما أمر به، ولم يمتثل الأمر "واليدين" المقصود باليدين اليد تطلق ويراد بها ما بين أطراف الأنامل إلى المنكب كلها يد إلى المنكب، وتطلق ويراد بها من أطراف الأنامل إلى المرفق، تطلق أيضاً ويراد بها الكف إلى المفصل إلى الرسغ، فالإطلاق الأول على اليدين هل نقول: إن الإنسان يسجد على يديه، ويلصق يديه من الآباط إلى أطراف الأنامل على الأرض؟ لا، لم يقل بهذا أحد من أهل العلم، بل جاء النهي عما دون ذلك، النهي عن الاحتمال الثاني يجعل النهي عن الاحتمال الأول أولى، فإذا نهي عن الافتراش وهو إلصاق الذراعين على الأرض فالنهي عن إلصاق اليد من الأنامل إلى الآباط من باب أولى، فليس مرادٌ قطعاً، والاحتمال الثاني وإن كان اللفظ يحتمله إلا أنه جاء النهي عنه، فأخرجه من هذا النص، بقي اليد التي هي الكف ويقصد بها الراحة مع بطون الأصابع، الراحة مع بطون الأصابع، ويلاحظ على كثيرٍ من الناس أنه يسجد على بطون الأصابع فقط ويرفع الراحة، ترى موجودة يا الإخوان، وكثير أيضاً، وهذا مما ينبغي التنبيه عليه، هذا ما سجد على يديه سجد على أصابعه، أبداً كثير من الناس يسجد هكذا على الأصابع، والمطلوب بطون الكفين، الراحة وبطون الأصابع.

وبعض الناس يصلي -وهذا يظهر في سجدة التلاوة لكن الخلاف في كونها صلاة معروف- بعض الناس يصلي ويقرأ في المصحف، ويركع ويسجد والمصحف بيده، فبعضهم يسجد وهو ماسك المصحف، مدخل أصبعه في المصحف هكذا، ويسجد على ظهر الكف يوجد، موجود، وبعضهم يدخل الأصبع أصبع واحدة ويسجد على بقية الكف، يصح السجود وإلا ما يصح؟ أما من سجد على ظهر الكف هذا لا يصح سجوده، أما من رفع أصبع وسجد على بقية الكف فيرجى -إن شاء الله-، وإن كان أخل بالمراد، لم يمتثل الامتثال الكامل، لكن أمره أخف إذا لم يباشر الأرض بأصبع واحدة مثلاً، أو رفعها في أثناء السجود، رفع أصبع أو أصبعين أو ما أشبه ذلك، كما لو رفع إحدى القدمين وهو ساجد، ثم أعادها الأمر سهل.

((واليدين والركبتين)) فعندنا الجبهة مع الأنف واحد، واليدين هذه ثلاثة، والركبتين هذه خمسة، وأطراف القدمين سبعة.

((والركبتين)) ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ظاهر اللفظ أن هذه الأعظم السبعة تباشر المسجود عليه من غير حائل، لكن دل الدليل على الصلاة في الخف، فعلى هذا لا مباشرة لأطراف القدمين، بالدليل، دل الدليل على ستر العورة ومنها الركبتان في الصلاة، فلا مباشرة للركبتين، بقيت اليدان مع الوجه، الأصل المباشرة، لكن إذا قامت الحاجة لوجود حائل لحرارة شديدة مثلاً فللحاجة لا مانع من السجود على حائل، الركبتين لا بد من سترهما على الخلاف في كونهما من العورة في الصلاة، على كل حال إن لم يكونا من العورة فسترهما مما لا يتم الواجب إلا به.

((وأطراف القدمين)) ونشاهد كثيراً من كثير من المصلين من يرفع رجليه عن الأرض أو إحداهما، يسجد وهو رافع رجليه، هذا سجوده غير صحيح؛ لأنه لم يمتثل الأمر ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) لكن لو رفع إحداهما لحاجة، لو رفع إحداهما لحاجة، احتاج لحك إحداهما بالأخرى وهذا يحتاجه الإنسان، نقول: الحاجة لها حكمها، على أن يكون الغالب عدم الرفع، على أن يكون الغالب من الوقت عدم الرفع، لكن إن رفع إحدى رجليه يحك الأخرى مضطراً لذلك لا بأس -إن شاء الله-.

إذا كانت الأرض حارة ويشق عليه السجود على أطراف القدمين، ولا يوجد ما يحول، وراوح بينهما، أو كانت الأرض غير مريحة مثلاً، السجود على أرض غير مريحة، وأنت مأمور أينما أدركتك الصلاة أن تصلي خلا ما استثني من البقاع، فما يخل بالصلاة بخشوعها لا شك أن له حظ من النظر على أن يكون السجود على أطراف القدمين في غالب السجود، مثل ما ذكرنا في الحاجة إلى حك إحداهما بالأخرى.

السجود على الحائل المستقر، والسجود على الحائل المتحرك، السجود على الحائل المستقر الفرشاة، وهذه لا إشكال فيها عند جماهير أهل العلم، لكن السجود على الحائل المتحرك مع المصلي، بعض الناس تجد المسجد مفروش ومريح ولا فيه إشكال، ثم إذا أراد أن يسجد قدم غترته أو شماغه وسجد عليه، هذا يكره كراهية شديدة لغير حاجة، يكره، نعم كان أحدهم يبسط ثوبه من شدة الحر ثم يسجد عليه هذا للحاجة، وفي حديث خباب: "شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّ رمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا" يعني لم يزل شكوانا، لكن هذا محمولٌ على شيء يطاق، وبعض الناس لأدنى سبب أو بدون سبب إذا أراد أن يسجد قدم شماغه أو غترته وسجد عليه، هذا مكروه عند أهل العلم.

"وعن ابن بحينة -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" متفق عليه".

حديث ابن بحينة عبد الله بن مالك بن القشب، وبحينة هذه أمه، عبد الله بن بحينة اشتهر بها، فعلى هذا إذا قيل: عبد الله بن بحينة (ابن) هذه تحتاج إلى ألف، ولو قلنا: عبد الله بن مالك بن بحينة احتجنا إلى الألف كما نقول: عبد الله بن أبي بن سلول، وإعراب ابن الأولى تابعة لما قبلها، والثانية ليست بتابعة، تابعة للذي قبل الذي قبلها، إذا قلت: هلك عبد الله بنُ أبي بنُ سلول، فـ(ابن) تابع، نعم وصف أو بدل أو بيان كل هذا جائز لـ(عبد الله) فـ(ابن) الأولى تابعة لعبد الله، وابن الثانية تابعة لـ(عبد الله) لكن لو قلت: عبد الله بنُ عمر بنِ الخطاب فـ(ابن) تابعة للأولى والثانية تابعة للثاني، فهي مجرورة تبعاً له.

"وعن ابن بحينة أن رسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى -وسجد- فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" فرج يعني باعد بينهما، أي نحى كل يدٍ عن الجنب الذي يليها جافى فرج، فالحديث دليلٌ على أن هذا الفعل مما يشرع في الصلاة، المجافاة، قالوا: والحكمة في ذلك أن يظهر كل عظم بنفسه، ويتميز عن غيره، بخلاف ما لو انضم المصلي بعضه إلى بعض تداخلت هذه الأعضاء، لكن كون كل عضو يتميز بنفسه ليؤدي ما أنيط به من عبادة استقلالاً هذه حكمة، والدليل هو ما سمعتم.

لماذا لا نقول: إن مثل هذا واجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعله، وكان تدل على الاستمرار مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أن الصحابة شكوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مشقة من طول السجود، فقال: ((استعينوا بالركب)) وهذا صارف ترجم له أبو داود (الرخصة في ترك التفريج) فإذا احتيج إلى الانضمام من تطويل السجود مثلاً، سواءً كان الإنسان يصلي منفرداً أو في جماعة، أو كان به مرض لا يستطيع أن يتجافى، أو كان في صفٍ مع التراص الذي لا يمكنه في بعض المناسبات في جمعة أو عيد أو في بلاد الحرمين أو غيرهما مثل هذا من قصد فعل السنة وكانت ديدنه إذا لم يستطع فعلها كتبت له، إذا لم يستطع تكتب له؛ لأنه كان قاصداً لفعلها، لكن لم يتمكن منها، لكن الشخص الذي لا يرفع رأساً بالسنن، في حال السعة لا يطبق السنة فهل تكتب له إذا عجز عنها؟ لا تكتب له، كما أن الإنسان إذا مرض أو سافر يكتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً؛ لأن الحائل دونه ودون فعل ما كان يفعله إجباري وليس اختيارياً، فالمجافاة والتفريج سنة.

"وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)) رواه مسلم".

البراء بن عازب بالتخفيف: البراء، وهذه هي الجادة في هذا الاسم، إلا نحو أبي معشر البرَّاء بالتشديد؛ لأنه يبري السهام، هذا "البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)) ضع كفيك يعني على الأرض وارفع مرفقيك؛ لأنك إذا لم ترفع مرفقيك افترشت افتراش السبع، وقد جاء النهي عن الافتراش، بل جاء النهي عن الافتراش على وجهين، على جهة التصريح به نطقاً، وجهة الأمر برفع المرفقين الذي يلزم منه عدم الافتراش، فيفهم من حديث الباب النهي عن الافتراش من باب المفهوم، ومنطوق حديث النهي عن الافتراش يفهم منه على جهة المفهوم رفع المرفقين، فالحديثان بمعنىً واحد.

((ضع كفيك)) امتثالاً للأمر الخاص بالكفين والداخل في عموم: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ومنها الكفان، وعرفنا المراد بالكفين، وهنا يقول: ((إذا سجدت فضع كفيك)) ضع ((وارفع مرفقيك)) يعني فلا تفترش، والحديث مخرج عند مسلم وأحمد والترمذي وغيرهم.

هذا بالنسبة للرجل يتجافى ويفرج ولا ينضم، وجاء بالنسبة للمرأة حديث في المراسيل عند أبي داود، ومعلوم أن الحديث المرسل صحيح وإلا ضعيف؟ ضعيف، والإرسال عندهم أعم من كون الحديث مرفوع من قبل التابعي، على ما استقر عند المتأخرين.

مرفوع تابعٍ على المشهورِ

 

فمرسلٌ أو قيده بالكبيرِ

المراسيل تضم ما في أسانيدها خلل من انقطاع سواء كان ظاهر أو خفي.

في المراسيل لأبي داود عن زيد بن أبي حبيب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرّ على امرأتين تصليان فقال: ((إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل)) والبيهقي يقوي من شأن هذا المرسل، ويقول: هذا المرسل أحسن من موصولين فيه، يعني من حديثين موصولين خرجهما البيهقي، ولا يعني كونه أفضل وأحسن أن يكون حسناً؛ لأن أفعل التفضيل عند أهل الحديث ليست على بابها، لا يستعملون أفعل التفضيل على بابها من كون الشيئين اشتركا في وصف فاق أحدهما الآخر.

يعني عند أهل اللغة: (أحسن) تدل على أن شيئين اشتركا في الحسن، وفاق أحدهما الآخر في هذا الباب، المحدثون على خلاف ذلك، يستعملون أفعل التفضيل على غير بابها عند أهل اللغة، فإذا قالوا: حديث أبي هريرة أصح من حديث ابن عمر هل يلزم من هذا أن يكون حديث أبي هريرة صحيح؟ لا يلزم، قد يكون ضعيف حديث أبي هريرة، إلا أنه أقوى من حديث ابن عمر، يكون حديث ابن عمر أضعف منه، كما أنهم إذا قالوا: فلان أوثق من فلان لا يعني التوثيق، فقد يكون الرجلان ضعيفين لكن أحدهما أقوى من الثاني وأوثق، والعكس.

المقصود أن أفعل التفضيل وكون البيهقي يقول: هذا المرسل أحسن من موصولين لا يعني هذا أنه يصحح هذا المرسل، بل هو يضعف إذا كان أصح منهما مرسل فهما ضعيفان، ((فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل)) ونقلنا عن أمِّ الدرداء كما في الصحيح أنها كانت تجلس جلسة الرجل، وكانت فقيهة، نعم في الجملة وعموم النصوص يدل على أن المرأة كلما اختفت واستترت كان أفضل، فإن انضمت كان أستر لها، ولو صح هذا الخبر لكان نصاً في الباب، لكنه ضعيف، فتبقى النصوص الموجهة للرجال تتناول النساء إلا ما دل الدليل على اختصاصهن به.

النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه، ويجافي عضديه عن جنبيه حتى يبدو بياض إبطيه، هل معنى هذا أنه يصلي بلا أكمام، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يلبس القمص، ويلبس الرداء، ويلبس الحلة، فهل في مثل هذا الحديث أنه كان يلبس القمص التي لا أكمام لها؟ أما الأردية معروف وضعها.

لبس الكم -عليه الصلاة والسلام-، وضاق الكم على يده فأخرجها من جيبه -عليه الصلاة والسلام-، من الداخل، فهو يلبس هذا تارة ويلبس ذاك أخرى، يلبس الحلة المكونة من ثوبين، ويلبس الإزار والرداء، وهنا يتسنى أن يرى بياض إبطيه، ويلبس القميص الذي له كم، لكن لو كان عليه قميص وإذا فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه لو كانا مكشوفين فلا يلزم من هذا أن الإنسان يعمد إلى القمص التي لا أكمام لها ويقول: هي السنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه.

"وعن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ركع فرج بين أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه" رواه الحاكم".

هذا الحديث حسن الهيثمي وغيره إسناده، وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلم "كان إذا ركع فرج بين أصابعه" يمسك بركبتيه يفرج بينهما كأنه قابضهما "إذا ركع فرج بين أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه" لتكون هذه الأصابع متجهة إلى القبلة؛ لأنه إذا فرجت الأصابع في السجود انحرف بعضها عن القبلة، انحرف بعضها عن القبلة، فإذا ضمت الأصابع اتجهت جميعها إلى القبلة.

نعم.

وعن عائشة:

"وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة".

"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة" التربع معروف، بمعنى أنه يجلس على مقعدته ويدخل رجله اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى، يحتاج إلى شرح التربع؟ "يصلي متربعاً" كيف يصلي متربعاً؟ وسبق أن جاء في بيان وصف جلوسه في الصلاة أنه يفترش ويتورك، يفترش ويتورك فكيف يقال هنا: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" يعني هذا إذا صلى جالساً، إذا صلى جالساً فبدلاً من القيام يصلي متربعاً، في مواضع الافتراش يفترش بين السجدتين في التشهد الأول، في موضع التورك يتورك في التشهد الثاني، وأما فيما يقوم مقام القيام من الجلوس فإنه يكون حينئذٍ متربعاً، يعني إذا صلى الإنسان جالس كيف يكون جلوسه البديل عن القيام في وقت القراءة وبعد الرفع من الركوع؟ هل يفترش كما يجلس في التشهد الأول وبين السجدتين؟ يتربع نعم، يتربع، فإذا صلى من قعود سواءً كان لحاجة، لا يستطيع القيام في الفريضة والنافلة على حدٍ سواء، أو كان ممن يستطيع القيام لكن في النافلة وليس له من الأجر إلا النصف يصلي هكذا متربعاً، يعني في بديل القيام، أما في القعود الأصلي في الصلاة بين السجدتين وفي التشهد فيفترش، في التشهد الأخير يتورك على ما سبق شرحه؛ لأن ما يمكن الإتيان به مع العجز عن غيره يؤتى به، من استطاع أن يأتي ببعض العبادة وعجز عن بعض يأتي بما يستطيع.

فلا نقول: ما دام يتربع في وقت القيام يتربع بين السجدتين، يتربع بالتشهد، اللهم إلا إذا كان لا يستطيع أن يفترش ولا يستطيع أن يتورك يأتي بما يستطيع {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)).

وبعضهم -بعض العلماء- يقول: إن الجلسة في الصلاة ولو كانت من معذور يجلس للقراءة بدلاً من القيام على هيئة ما شرع له من الجلوس في الصلاة، على هيئة ما شرع له من الجلوس في الصلاة، فالصلاة جلوسها واحد، فما دام يجلس يفترش بين السجدتين يفترش إذا جلس للقراءة في ركن القراءة، لكن هذا الحديث وهو صحيح، تقول عائشة -رضي الله عنها-: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" وهذا نص في الموضوع، ويبقى الافتراش في موضعه والتورك في موضعه، والتربع فيما عدا ذلك.

"وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول بين السجدتين: ((اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني)) رواه الأربعة إلا النسائي، واللفظ لأبي داود، وصححه الحاكم".

هذا الدعاء بين السجدتين، عرفنا أنه في حال القيام يقرأ القرآن، يقرأ الفاتحة وما تيسر، إذا ركع يعظم الرب "سبحان ربي العظيم" إذا رفع يقول: "ربنا ولك الحمد" إلى آخر الذكر الذي تقدم، إذا سجد يسبح ويدعو ويكثر من الدعاء على ما تقدم التوجيه به ((فإنه قمنٌ أن يستجاب لكم)) إذا جلس بين السجدتين يدعو بما ورد فيقول: "اللهم اغفر لي"، "كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" وهذا الحديث مصحح عند أهل العلم، مخرجٌ في السنن، وصححه الحاكم وغيره، فالمشروع أن يقول هذا الدعاء بين السجدتين، وقد يقول قائل: هل يجهر به أو يسر؟ ابن عباس سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ذلك، فدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر به، الأصل في ذكر هذا الموطن الإسرار إلا إذا اقتضت الحاجة الجهر به أو ببعضه، الجهر به للتعليم، أو الجهر ببعضه لتنبيه من وراءه فلا بأس كما حصل.

"وعن مالك بن الحويرث -رضي الله تعالى عنه-: أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً" رواه البخاري".

مالك بن الحويرث صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وحفظ عنه، وضبط صلاته "رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي" والحديث في الصحيح "فإذا كان في وترٍ من صلاته" يعني بعد الفراغ من صلاة وتر، يعني الركعة الأولى والثالثة، إذا فرغ من الركعة الأولى وفرغ من الركعة الثالثة "لم ينهض" إلى الثانية والرابعة "حتى يستوي قاعداً".

وهذه الجلسة يسميها العلماء جلسة الاستراحة، والخلاف فيها بين أهل العلم طويل، والأكثر على عدم شرعيتها، وأنها مقرونة بالحاجة، وقد جاء ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه إنما احتاج إليها في آخر عمره لما بدن، كما في بعض الروايات، لكن ليس في الصحيح ما يدل على ذلك، إنما الذي في الصحيح: أنه -عليه الصلاة والسلام- يصلي، فإذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً.

فهل تشرع جلسة الاستراحة مطلقاً؟ أو لا تشرع مطلقاً خاصة به؟ أو تشرع عند الحاجة إليها؟ ذهب إلى القول بشرعيتها الإمام الشافعي في قول، وذهب الجمهور إلى عدم القول بشرعيتها، وإن كان الخلال ذكر عن الإمام أحمد أنه رجع إلى القول بها، وهي ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من فعله، وجاءت في بعض طرق حديث المسيء، وهذا ذكره الرافعي، هذه الرواية ذكرها الرافعي، وذكرت أيضاً في بعض طرق حديث أبي حميد، والذي يعنينا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وعلى هذا فالسنة الإتيان بها.

وأما كونها يؤتى بها عند الحاجة فهي جلسة، هل تفيد عند الحاجة؟ هل الأسهل للمصلي إذا سجد أن يعتدل قائماً ولا فاصل بينهما؟ أو يجلس ثم يعتدل قائماً؟ هل هذه الجلسة وإن سماها أهل العلم تريح المصلي أو زيادة عبء على المصلي؟ لذلك سموها جلسة الاستراحة، وهذه الجلسة لا تطابق، الجلسة أحياناً تعوق المصلي، ولا سيما عند الكبر، يعني كونه ينهض من السجود إلى القيام أسهل من كونه يتورك ويجلس ثم يقوم؛ لأنها ليست بجلسة بمعنى استراحة تجلس مدة طويلة، ترد النفس وترتاح، ليست على ما سميت به.

وقد ثبت فعلها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قبله -عليه الصلاة والسلام-، فلا كلام لأحد، فهي سنة، الإتيان بها سنة ولو لم يفعلها الإمام، فالمسلم مطالب بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم هو مأمورٌ بالاقتداء بالإمام لكن فيما يشرع، وما يفعله الإمام من أمورٍ مشروعة، فعلى هذا لو لم يرفع الإمام يديه في مواطن الرفع نقول: والله ما رفع و((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) ما نرفع أيدينا؟ أو نرفع؟

طالب:......

كيف؟ إذا أخل ببعض السنن نخل؟ ما نخل ببعض السنن، فإذا لم يجلس الإمام للاستراحة، هذه الجلسة التي يسميها أهل العلم استراحة، وفي تسميتها استراحة نظر كيف استراحة؟ زيادة عبء في الصلاة، فإذا لم يجلس فلا عبرة بما خالف، العبرة بفعله -عليه الصلاة والسلام- نجلس ثم نقوم "لم ينهض حتى يستوي قاعداً" نستوي قاعدين ثم نلحق بالإمام، وكثيرٌ من الناس يفعل هذه الجلسة ويعتدل مع الإمام، يتبع الإمام قبل كثيرٍ من المصلين الذين لم يفعلوها، هي لا تكلف شيء، مجرد ما تستوي قاعد ثم تقوم مباشرة، فلا تخل باتباع، فالأولى للمصلي أن يفعلها، وفعلها سنة، نعم؟

طالب:......

 

إي تقعد إيه، تجلس مفترشاً ثم تقوم، جلسة خفيفة.

"
يقول: مرّ معنا مراراً ذكر الإمام الدارقطني فهل من تعريف به؟

الدارقطني إمام من أئمة المسلمين، أشهر من أن يعرف، إمام مجتهد في هذا الباب، وقدوة له السنن أشهر من نارٍ على علم، لكن هذا الكتاب يجمع الصحيح والحسن والضعيف، وهو من أهل النقد وأهل التحري، وعلله بلغت الغاية في معرفة دقائق هذا الفن، حتى قال الحافظ ابن كثير وغيره: إنه لم يصنف مثله شيء يبهر العقل هذا الكتاب، ولا يعني هذا أن طالب العلم إذا سمع مثل هذا الكلام، وسمع الثناء الحافظ ابن كثير وغير الحافظ ابن كثير على علل الدارقطني أن يبدأ به؛ لأن هذا العلم أغمض أنواع علوم الحديث وأصعبها، فإذا بدأ به طالب العلم يُخشى عليه أن ينقطع ويترك، ونظير ذلك من يسمع مدح ابن القيم لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية (تعارض العقل والنقل) كثير من المتخصصين يقرأ في علل الدارقطني ولا يدرك ما مراد الإمام الدارقطني، كتاب: (العقل والنقل) لشيخ الإسلام شيء لا يخطر على بال.
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود له نظيرٌ ثاني
جج
لكن يسمع طالب العلم عن هذا الكتاب ويذهب يبادر فيشتري هذا الكتاب ويقرأ فيه فيفاجئ بترك للعلم وطلب العلم؛ لأنه سوف يطوي مائة الصفحة بالكامل ما فهم منها شيئاً البتة، ولذا كان كثير من الكبار من أهل التخصص في العقيدة، بل في كتب شيخ الإسلام من يأمر الطلاب بل كبار الطلاب وهم يقرؤون عليه أن يتجاوزوا كثير من البحوث في هذا الكتاب.
فالطالب عليه أن يتدرج في العلوم، يسمع كتاب يُمدح لا مانع أن يقتني هذا الكتاب إلى وقت الحاجة، لكن لا يقرأ في هذا الكتاب حتى يتأهل؛ لأنه يخشى عليه أن يترك طلب العلم، فعلل الدارقطني من هذا النوع، لا يستغني عنها من يعاني هذا الفن، لكن مبتدئ الطلبة عليهم أن لا يقرؤوا في مثل هذه الكتب التي تكون سبباً في صدهم عن متابعة الطلب.
فمثل هذا الكتاب يذكر في بيان منزلة هذا الإمام العظيم، وليس هو بمعصوم، ولا يعني هذا أن كل ما يقوله هو الراجح لا، لكنه إمام معتبر في هذا الشأن، وهناك رسائل علمية في الدارقطني، وأثره في علوم الحديث أكثر من رسالة، وتناولته البحوث من جوانب متعددة، كما تناولت دراسة كتبه -رحمة الله عليه وعلى جميع أئمة المسلمين-.

يقول: ما معنى على شرط الشيخين أو على شرط مسلم وما شابه ذلك؟

المسألة الخلاف فيها طويل جداً، فالحازمي له قول، ابن طاهر له قول، من جاء بعدهم لهم أقوال، أول من صنف في شروط الأئمة الحازمي وابن طاهر، ثم تتابع من كتب في علوم الحديث في بيان شرط الشيخين، وأصل ذلك ما شهره الحاكم في مستدركه من قوله كثيراً: "على شرط الشيخين"، "صحيحٌ على شرط البخاري"، "صحيحٌ على شرط مسلم"، "حديث صحيح" يعني لا على شرط أحدهما.
فيرى الحازمي أن شرط الشيخين بعد أن قسم الرواة إلى طبقات، فالطبقة الأولى: من اتصفوا بالحفظ والضبط والإتقان مع ملازمة الشيوخ، والثانية: من وافقوا الأولى في الحفظ والضبط والإتقان مع خفة ملازمة الشيوخ، والثالثة العكس من لازموا الشيوخ لكنهم أخف في حفظهم وضبطهم وإتقانهم، ثم نزل بعد ذلك، الذي يهمنا الطبقات الثلاث الأولى؛ لأن فيها شرط الشيخين.
فالأولى: شرط البخاري، وقد يتنقي من أحاديث الطبقة الثانية، والثانية شرط مسلم وقد ينتقي من أحاديث الطبقة الثالثة، هذا قول.
قول ابن طاهر: شرط الشيخين التخريج لمن أجمع على ثقته، وكلا القولين لا يسلم من مؤاخذات ومنقاشات، لكن المتأخرين رجحوا كما هو الواقع، ودعموه بالأدلة أن المراد بشرط الشيخين رجالهما على الصورة المجتمعة، إيش معنى هذا الكلام؟ أن البخاري إذا خرج حديثاً من طريق فلان عن فلان عن فلان عن فلان إذا وجد هذا الإسناد في أي كتاب على هذه الصورة فهو على شرط البخاري، ومثله ما كان على شرط مسلم، وإذا خرج البخاري ومسلم لهذه الصورة المجتمعة فوجدنا حديثاً مخرجاً بهذه السلسلة على الصورة المجتمعة في غيرهما من الكتب قلنا: على شرط الشيخين، فشرطهما رواتهما.
ويؤيد ذلك أن الحاكم روى حديثاً من طريق أبي عثمان وليس هو النهدي، قال: والحديث من طريق أبي عثمان هذا ولو كان النهدي لقلت: على شرطهما، فدلَّ على أنه يقصد بشرطهما رواتهما، لكن يوجد إشكال حول هذا الكلام، وإن كان هو الصحيح، هو الصواب، هو المطابق للواقع، لكن يشكل عليه قول الحاكم: "وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان" لو كان مراده بشرط الشيخين نفس الرواة لقال: احتج بهم الشيخان، احتج بهم الشيخان ما قال احتج بمثلهم؛ لأن مثل الشيء ليس هو الشيء نفسه.
هذا الإشكال الذي يمكن أن يورد على القول الأخير وهو الصحيح؛ لأن الواقع يشهد له، الواقع يشهد له.
كيف يقول: بمثلها الشيخان ولم يقل: احتج بهم الشيخان؟ الحافظ ابن حجر يقول: إن الحاكم استعمل المثلية في أعم من حقيقتها ومجازها، فهو يستعمل المثلية في حقيقتها إذا خرج لرواةٍ احتج بهم الشيخان أنفسهم، ويستعمل المثلية في مجازها إذا خرج الحديث وقال على شرط الشيخين، إذا خرج الحديث من طريق رواة لم يحتج بهم الشيخان لكنهم في مرتبة من احتج بهم الشيخان، فهم مثل من احتج بهم الشيخان هذه حقيقة، ويستعمل المثلية في مجازها إذا خرج الحديث عن رواةٍ خرج لهم الشيخان أنفسهم، نفس الرواة.
ثم استدل بقصة تشهد لما يقول، وقال: إن شخصاً رأى مع آخر ثوباً وقال له: اشتر لي مثل هذا الثوب، اشتر لي مثل هذا الثوب، فاشترى له الثوب نفسه، اشترى نفس الثوب، يشوف واحد معك سيارة يقول: والله هذه سيارة طيبة هي لك؟ تقول: لا، لزميلي، يقول: رجاءً إن وجدت لي مثل هذه السيارة اشترها لي، تروح لزميلك وتشتري له نفس السيارة، أنت اشتريت له السيارة أو مثل السيارة؟ أنت نفذت ما قيل لك؟ نعم؟
طالب:......
في معناها المجازي ما هو الحقيقي، مثلية مجازية، لأن مثل الشيء غير الشيء.
اختصما عند شريح فأمضى البيع، وقال: لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه، يعني إذا اشترى لك السيارة نفسها جاء لك بأكثر مما تطلب، أنت تطلب مثل هذه السيارة مثلها، والمثل قد لا يكون مطابق تماماً، فجاء لك بالمطابق تماماً.
المسألة طويلة الذيول، وتحتاج إلى بحث، وتحتاج إلى تمثيل وتنظير، والوقت ما يسعف.

يقول: ألا نأخذ بقول الألباني -رحمه الله تعالى- إن قراءة الإمام الجهرية تجزئ عن المأموم؟

يعني هذا قال به جمعٌ من الأئمة، قراءة الإمام في الجهرية تجزئ عن المأموم عند جمع من أهل العلم، وهو فرعٌ من مذهب من يقول: قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، فالمأموم ليس عليه قراءة، منهم من يقول: هذا خاص بالجهرية دون السرية، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.
والأسئلة كثيرة جداً، ما تنتهي، والأحاديث التي معنا أيضاً كثيرة، ولن نستطيع أن ننهي القدر المحدد، فنترك منه جزءاً يكون للدورة اللاحقة -إن شاء الله تعالى-.

يقول: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) يدعي الرافضة أن الفرش الذي يصلى عليها ليست من الأرض وإنما مصنوعة من مواد أخرى؟

الأصل الأرض، الأصل الأرض، لكن الصلاة على ما يحول بين المصلي وبين الأرض النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على الحصير، وفي حديث أنس: ((فعمدت إلى حصيرٍ لنا قد أسود من طول ما لبس)) فمثل هذا الحائل تجوز الصلاة عليه وإن كان الأصل الأرض، وفي رواية: ((جعلت تربتها لنا طهوراً)) فالأصل الأرض، لكن هذه الصلاة على الحائل وعلى الفرش جاءت النصوص الصحيحة والصريحة في أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى عليها.
يقول: فلذا فهم يضعون قطعة تربة يصلون عليها؟
هذه التربة ليست أي تربة، وإنما هم يحضرونها من عتباتهم المقدسة، ولها خصوصية عندهم، يعني لو تعطيه أي قطعة من تراب أو من حجارة ما سجد عليها، فليست هذه هي الحجة الحقيقية، والله المستعان.

سؤال، يقول: إذا كان الماء قد استعمل في غسلٍ وليس لرفع حديث أي لمستحب كالجمعة مثلاً هل يصح الوضوء به؟

إذا استعمل الماء في غسل في باب الطهارة رجحنا رأي الإمام مالك وأن الاستعمال لا يؤثر في الماء، ولا يسلبه الطهورية ما لم تتغير أحد أوصافه بنجاسة، فيصح الوضوء به.

يقول: ما شرحكم لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة؟))

جاء أيضاً: ((ولا المرأة بفضل طهور الرجل)) وهذا سبق حديثه بالتفصيل، وما فيه من أقوال لأهل العلم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اغتسل بفضل وضوء بعض نسائه، واغتسل مع بعض نسائه، المقصود أن مثل هذا لا يسلب الماء الطهورية.