عمدة الأحكام - كتاب البيوع (08)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

عن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه)) وفي لفظ: ((فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) متفق عليه.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) متفق عليه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا الحديث موضوعه العود في الهبة والصدقة، وهو داخل في المعطوف على الرهن في الترجمة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: "حملت على فرس في سبيل الله" يعني حملت مجاهداً على فرس في سبيل الله؛ لأنه تصدق بفرس على من يجاهد عليه في سبيل الله، وهذا الحمل مع نية التمليك على هذه الجهة، يُملك هذا الشخص الذي يستعمله في هذا العمل، في سبيل الله، يعني في الجهاد، ونظير ذلك لو أن شخصاً أعطى طالب علم كتاب، نعم أعطاه كتاب، ما قال له شيء، قال: خذ هذا الكتاب، ما معنى هذا؟ أنه ليستفيد منه، ليس معنى هذا أنه ليبيعه، إنما هو تمليك لهذا الكتاب على أن يستفيد منه فيما هو بصدده، فيما يمكن الانتفاع به وهو طلب العلم، وهنا الفرس تصدق به على هذا الرجل، نعم، ليتم حمله عليه في هذا المجال، وهو في سبيل الله وهو الجهاد فهو تمليك من جهة؛ لأنه لما أراد بيعه ما أنكر عليه، نعم وليس بتحبيس ولا وقف؛ لأنه لو كان تحبيس وإلا وقف لأنكر عليه لما أراد بيعه، لكن لما أراد بيعه وأراد شراءه منه دل على أنه تمليك، لكن تمليك مقرون بالانتفاع منه في هذه الجهة، ولعله استغنى عنه، وجد فرس أفضل منه للجهاد، وصاحبنا الذي تُصدق عليه بالكتاب لينتفع منه وجد طبعة أحسن منها، يعني أعطيته كتاب غير محقق، ثم بعد ذلك خرج الكتاب محققاً، يملك النسختين وإلا يتصرف في الأولى؟ هو تمليك وليس بوقف، لكن تمليك مقرون بالانتفاع في إمكان الانتفاع، لكن إذا تصور أنه يوجد أفضل منه لا مانع من بيعه؛ لأنه ليس بوقف، أظن التنظير مطابق.

"حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده" أضاعه الذي كان عنده يعني لم يقم عليه بالرعاية والإطعام على الوجه المناسب له، فأضاعه، ولعله وصل إلى حد بحيث لا يمكن الاستفادة منه في الجهاد، ولذا قرر بيعه، نعم.

"فأردت أن أشتريه" يقول عمر -رضي الله تعالى عنه-: "فأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص" لماذا؟ لأمرين: أولاً: لأنه أضاعه، فدل على أنه راغب عنه، زاهد فيه، فيبيعه في رخص ما دام هذا وضعه، الأمر الثاني: أن المشتري هو المتصدق، والعادة جرت أن المهدي والمتصدق يميل القلب إليه من قبل المهدى إليه والمتصدق عليه، وحينئذٍ يترتب على هذا الحط من القيمة "وظننت أنه يبيعه برخص" للأمرين: أولاً: لأنه زاهد فيه ولذا ضيعه، الأمر الثاني: لأن الطرف الثاني وهو المشتري صاحب فضل على البائع، وكل هذا يدل على..، يغلب على الظن أنه يبيعه برخص، لكن عمر اشترى؟ لا، ما اشترى، حتى يعرف الحكم، "فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم-" عمر -رضي الله تعالى عنه- فعل ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، "حملت على فرسي في سبيل الله" يريد بذلك الثواب من الله -جل وعلا-، وحينما عرض هذا الموضوع على النبي -عليه الصلاة والسلام-، الأصل أن يكون هذا سر؛ ليكون أقرب إلى الإخلاص، فكونه قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "حملت على فرس في سبيل الله" هذا في مجال الاستفتاء، نعم في مجال الاستفتاء والسؤال تذكر ما يتعلق بالمسألة من أصلها، ولو ترتب على ذلك الإخبار بما عندك من عمل صالح، إذا أردت أن تسأل مثلاً عن الوتر بعد طلوع الفجر، من ضمن السؤال تقول للشيخ مثلاً: أنا والله أقوم قبل الفجر مثلاً بساعة وأصلي ما كتب الله لي، وقد يطلع الفجر علي قبل أن أوتر فهل لي أن أوتر؟ هل معنى هذا وأنت تسأل هذا السؤال أنك تخبره أنك تصلي بالليل؟ لا، لأن هذا جاء تبع، لكن الإشكال إذا كان السؤال حيلة على استخراج ما عندك هنا يأتي الإشكال، يعني إذا أردت أن تخبر الشيخ أنك تقوم الليل بصورة ملفوفة، هذا الإشكال، هذا أعظم من الصورة المباشرة، لكن لما تقول: والله أنا أقوم قبل الفجر بساعة وأصلي ما كتب الله لي، وأحياناً يطلع الفجر وأنا......، هل لي أن أوتر؟ فأنت ما قصدت إخباره بأنك تقوم الليل، وعمر -رضي الله تعالى عنه- ما قصد إخباره، إخبار النبي -عليه الصلاة والسلام- على أنه حمل على الفرس في سبيل الله؛ لأنه يريد بذلك الثواب من الله -جل وعلا-.

"فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تشتره، ولا تعد في صدقتك))" طيب أنا شاري ما عدت، ما أخذته مجاناً لأعود في صدقتي، إنما اشتريته بالدراهم؟ لا، الغالب أن البائع على المتصدق أو على المهدي أنه يبيعه برخص كما توقع عمر -رضي الله عنه-، وهذا الرخص افترضنا أن هذا الفرس يستحق ألف، فلكونه المتصدق به قال: أعطنا سبعمائة تكفي..، فهو رجع في مقدار ثلاثمائة درهم، فهو رجع في مقدار الثلاثمائة، فيتصور العود في الهبة وإن كان بطريق الشراء، لكن هناك شراء لا يتصور فيه العود مثل إيش؟ أنت تصدقت بالكتاب على صاحبك، فرأيته يبيعه، لماذا يا أخي تبيعه استغنيت عنه؟ نعم؟ قال: والله خرج الكتاب محقق؛ قلنا: الكتاب كم يسوى في المكتبة هذا؟ قال: يبيعونه بمائة ريال، والمحقق بمائتين، خلاص أعطني هذا الكتاب وأنا أشتري لك محقق، هذا عود في الهبة؟

طالب:........

وين؟

طالب:........

دفع المائة ومائة أخرى، هذا عود وإلا لا؟ هذا الظاهر أنه ليس بعود، وإن رجع عليه، وإن عاد عليه أصل ماله، ولو اشتراه بما يستحق بلا رخص، أو بأكثر مما يستحق، هذا ليس بعود، لكن ينبغي ألا يحصل حسماً للباب، سداً للذريعة؛ لأنه اليوم والله يختلفون في تقديره مثلاً، أهديته كتاب نفيس، أنت في وقت الإهداء ما تدري كم يسوى؟ ثم تداول الناس أن هذا الكتاب يستحق أربعة آلاف، خمسة آلاف، وأنت مهديه على أساس أنه يسوى ألف، ثم استغنى عنه، وجد نسخة محققة، وبيبيعه، وهو يعرف أن هذا الكتاب مثل معرفتك به سابقاً أنه يستحق ألف، قلت له: بألفين، عود وإلا ما هو بعود؟ عود؛ لأن الكتاب يستحق أكثر، فمثل هذا ينتبه له؛ لأن هذه أمور تجول في القلوب، وقد يحس بها، ويشعر بها، وقد لا يشعر بها، نعم؟

طالب:........

إيه أحياناً له تعليقة عليه مثلاً.

على سبيل المثال أنا بعت كتاب، بعته بيع، ما هو لا هبة ولا صدقة، بعته قبل خمسة وعشرين سنة، والكتاب مسمى تفسير القرطبي، بعته على شخص بثمانمائة ريال، قبل خمسة وعشرين سنة، نسخة أصلية، واشتريت نسخ منها نسخة نفيسة وتحفة تستحق ألفين ريال، أنا أقلب الكتاب عند صاحبي فإذا به تعليقات لي مؤرخة سنة سبع وتسعين، هذه نادرة بالنسبة لي، يعني أيام الطلب قبل ما أتخرج، قلت له: أنا عندي لك نسخة أفضل من هذه مرتين أو ثلاث، أنا أعطيك إياها، وشافها وفرح فرح شديد، وبالفعل يعني لو عرضت هذه وعرضت هذه تستحق نسختين، بالنسبة له هو غير متضرر، لكن أنا نسختي غالية علي اللي علقت عليها، فأنا كسبان وهو كسبان، وهنا..، وليست المسألة مسألة صدقة ولا هدية ولا عود ولا شيء، مسألة بيع ببيع، هذا ما فيه إشكال هذا؛ لأنه كسبان على كل وجه، فهذا لا يدخل في مثل هذا الحديث، يعني لو بعت سلعة، بعتها بيع، ثم أراد صاحبها أن يبيعها فلك أن تشتريها منه؛ لأن هذا ليس فيه عود، اللهم إلا إذا بعتها عليه نسيئة بثمن مرتفع، ثم اشتريتها منه نقداً بأقل مما بعتها به، فهذه مسألة العينة، هذه لا تجوز.

((لا تشتره، ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم)) هو فيه شوب من الهبة، وفيه شوب صدقة، هو تمليك على كل حال، لكن كونه صدقة تصدق به؛ لأنه يستعمله في طاعة، فهو من هذه الحيثية حكمه حكم الصدقة، وفي كونه تمليك يأخذ حكم الهبة، ولذلك قال: ((ولا تعد في صدقتك)) ثم علل، يعني ((وإن أعطاكه بدرهم)) لا تأخذه، ((فإن العائد في هبته)) العلة تدل على أن هذا التصرف فيه شوب من الصدقة، وفيه شوب من الهبة ((كالعائد في قيئه)) وفي لفظ: ((فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) كالكلب يقيء هذا مثل السوء، وليس لنا مثل السوء، ولذا القول المحقق في هذه المسألة أن شراء الصدقة أو العود في الهبة محرم للدلالة هذا الحديث؛ لأن هذا مثل سوء، وليس لنا مثل السوء، وهذا أيضاً في غاية التنفير منه، من أهل العلم من يرى أنه مكروه؛ لأن المسألة معاوضة وعقود ورضا والشروط كلها مكتملة، فالبيع صحيح، لكن المسألة كراهة، أبو حنيفة يقول: ما في إشكال، يجوز أن تعود في هبتك وتشتري صدقتك، لماذا؟ من الحديث أخذ الجواز، أخذ الجواز من الحديث نفسه، كيف؟ فيه وجه وإلا ما فيه وجه؟

طالب:.......

لا، لا، لو مجان تأخذه، لو بنصف القيمة تأخذه، ما في إشكال يقول بعد، يعني من أين أخذنا المنع؟ أولاً: قوله: ((لا تشتره، ولا تعود في صدقتك)) لكن أبو حنيفة نزع منزع آخر، يقول: التشبيه في الكلب يقيء ثم يعود في قيئه، هل حرام على الكلب أن يعود في قيئه؟ نعم؟ ليس بحرام؛ لأنه غير مكلف، إذن ليس بحرام أن نعود في الهبة.

طالب:.......

إيه منفر، يقول: يجوز له أن يعود، يجوز، ويش اللي يمنعه من أن يعود؟ إذن ما الذي يمنعنا من أن نعود؟

طالب:........

هاه؟

طالب:.......

يشكل عليهم: ((لا تشتره)) أيضاً الأسلوب، الأسلوب أسلوب تنفير، إذن الغيبة حلال يعني، لماذا؟ هل ننظر بالغيبة...؟

طالب:.......

إيش؟

طالب:.......

وهذا ممتنع، هذا تنفير، لكن لو اضطر إليه وأكله، اضطر إليه وأكله، يعني التنظير المطابق إن اضطر إلى الغيبة مثلاً يكون كمن اضطر إلى لحم أخيه على سبيل المثال اضطر إليه في حال استفتاء مثلاً، أو في حال قضاء أو في حال..، الأحوال التي تجوز فيها الغيبة، على كل حال قول أبي حنيفة -رحمه الله- مرجوح، والراجح في مثل هذه المسألة المنع والتحريم، والحديث كالصريح في ذلك؛ لأنه حكم مقرون بعلته، نعم؟

طالب:........

ما قبضه، ما تثبت الهبة إلا بالقبض، الهبة ما تثبت إلا بالقبض.

طالب:......

هذا وعد، هذا وعد، نعم ينبغي له أن يفي بوعده، ولا يخلف الوعد، وأهل العلم يقولون: إن إخلاف الوعد الذي هو من علامات المنافقين إذا كان مقرون بالوعد، يعني وعد وفي نيته أن يخلف، لكن وعد ثم بعد ذلك تعذر عليه مثلاً، أو رأى أن المسألة فيها ضرر عليه، وعده أن يهب له كتاباً على أساس أن عنده نسختين، ثم راح مكتبته ما عنده إلا واحدة ويش يسوي؟ نعم؟ نقول: هذا إخلاف الوعد مثل المنافقين؟ لا، إذا كان في نيته أن يخلف الوعد أثناء إبرام العقد، هذا وصف المنافقين، إذا طرأ عليه ما طرأ، سواءً كان عدم وجود ما وعد به، أو الشح بالشيء، يعني والله نظر إليه، ووجد أن نسخته ما يمكن أن يستغنى عنها، الأمر فيه أخف، مع أن الوفاء بالعقود أمر مطلوب.

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) هذا زجر وأي زجر أبلغ من هذا؟ ((كالعائد في قيئه)) دعونا من الكلب، كالرجل العائد في قيئه، حديث ابن عباس، ماذا يقول أبو حنيفة عنه؟ ماذا يقول أبو حنيفة عن مثل هذا؟ نعم؟

طالب:........

ماذا يقول أبو حنيفة في مثل هذا النص؟ اللهم إلا أن يحمل هذا على ذاك، كالعائد من الكلاب مثلاً، العائد في هبته كالعائد من الكلاب، بدليل ما تقدم، والقصة واحدة.

طالب:........

هاه؟

طالب: النص.

ويش فيه؟

طالب: كالرجل يعود في قيئه...

ما في رجل، لا، ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) إيه، فيقول: العائد في قيئه المراد به الكلب الذي تقدم في الحديث، مع أن هذا لا وجه له، نعم؟

طالب:......

لا، ما هو من باب الإطلاق والتقييد، هذا من باب العموم والخصوص، والحكم واحد، فلا يحمل العام على الخاص؛ لأن كالعائد هذا عام، وكالكلب هذا خاص فرد من أفراد العام والحكم واحد، إذاً لا يحمل المطلق على المقيد، ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، نعم؟

طالب:........

وفي لفظ: ((فإن الذي يعود))؟ لأن قوله: وفي لفظ يدل على..، صنيع المؤلف يدل على أنه من رواية عمر؛ لأنه إذا تحدث عن حديث ذكر رواياته كلها عن الراوي الأصلي، إذا تغير الصحابي لا بد أن يُذكر.

طالب:......

إي غلط، غلط، إن كان من حديث ابن عباس فهو خطأ، نعم.

وعن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانطلق أبي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟)) قال: لا، قال: ((اتـقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع أبي فرد تلك الصدقة.

وفي لفظ قال: ((فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)).

وفي لفظ: ((فأشهد على هذا غيري)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: "تصدق علي أبي ببعض ماله" يعني أعطاني بعض ماله، يعني الصدقة أعم من أن تكون زكاة، والزكاة لا تدفع إلى الولد، أو الصدقة لكونه محتاجاً مثلاً، النافلة أو الهبة والعطية والهدية فاللفظ أعم، والذي يظهر أنه نحله هذه الأرض بمعنى أعطاه إياها، كما في بعض الروايات "تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة" أخت عبد الله بن رواحة: "لا أرضى" ما يكفي أن تتصدق وخلاص؛ لأنه قد ترجع، والأم لها سلطان على الأب من جهة، ولها سلطان على الولد من جهة أخرى، تتدخل، وإلا بالإمكان أن يقول الولد: ويش علاقتك؟ ما الذي يخصك؟ وقد يقول الأب مثل ذلك، لكن لها ارتباط بالأب من جهة، والمسألة مسألة إذا رجحت كفتها تلزم الأب؛ لأن المسألة مسألة عرض وطلب، إذا رجحت كفة الأب أجابها بما يناسبها من الجواب، لكن الظاهر أن الآن في مثل هذا كفة الأم فيها رجحان، ولذا قالت: لا أرضى، وإلا ويش علاقتها بين ولد وأبيه؟ ويش علاقة الأم؟ لها علاقة، نعم.

"لا أرضى حتى يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لأنها ليست واثقة، ما دام أعطاه وبعدين؟ يرجع، فإذا شهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأثبت ذلك بشهادته ما يرجع، ما يستطيع أن يرجع، فهي تريد التوثقة، توثقة العطية، توثقة الصدقة.

"فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي" بشير له أكثر من ولد، له أولاد، ولم يعط إلا النعمان "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟))" والولد يشمل الذكر والأنثى {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟)) ولدك كلهم، ما قال: بولدك كله، نعم، كيف أكد الواحد بلفظ الجمع؟

طالب:......

أيوه؟

طالب:......

مفرد مضاف فيفيد العموم، فيشمل جميع الأولاد من الذكور والإناث.

"قال: لا، قال: ((اتـقوا الله واعدلوا بين أولادكم))" اتقوا الله دليل على أن التفضيل ليس من التقوى، مخالف للتقوى، والتعديل بين الأولاد هو مقتضى التقوى "((اتـقوا الله واعدلوا بين أولادكم))" يعني لا تفضلوا بينهم، لا تفضلوا بين أولادكم، ومقتضى هذا اللفظ والأولاد يشمل الذكور والإناث أنهم سواء في الهبة والعطية والهدية كلهم سواء، أعطيت الولد ألف تعطي البنت ألف، هذا مقتضى العدل، وفي لفظ: ((سووا بين أولادكم)) وهذا مقتضى التسوية، وهذا ما يفيده هذا الخبر، وبه قال الأكثر، أنه لا يفضل بين الذكر والأنثى في العطية، وفي الهدية، وفي الهبة، لا، نعم، إنما في الميراث نعم، ولم يجرِ على هذا ما جرى بالميراث، وإن قال بعض أهل العلم: إن مقتضى التسوية العمل بقسمة الله -جل وعلا-: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] يعطى الولد ألف وتعطى البنت خمسمائة، لكن الأول هو قول الأكثر في الدنيا في الهبة في الدنيا والهدية يسوى بينهم، لكن هل من مقتضى العدل أن الأب إذا اشترى للولد الأكبر سيارة يشتري للولد الأصغر سيارة، أو يشتري للبنت سيارة؟ أو اشترى للبنت ذهب يشتري للولد ذهب؟ أو نقول: هذه حوائج أصلية لكل منهم ما يخصه؟ فمثلاً الكبير يحتاج إلى زواج، الصغير يحتاج إلى حليب، نقول: زوج الصغير مثل الكبير واشترِ حليب للكبير؟ لا، لا هذا ما يرد؛ لأن هذه حاجة تقدر بقدرها، هذه حوائج تقدر، والمقصود القدر الزائد على ذلك.

طيب شخص بنى مجمع سكني له ولزوجاته ولأولاده، وله بنات متزوجات، وكل زوجة في بيت زوجها هل نقول: يلزمه أن يسكن البنات هنا مثلما سكن الأولاد؟ أو يدفع لهم الأجرة مقابل ما سكن الأولاد؟ نقول: هذه حاجة، والبنت إذا تزوجت انتهت حاجتها من أبيها، انتقلت كفالتها من أبيها إلى زوجها، وهذا أيضاً معروف من الأب على ولده، لو مثلاً طلقت البنت لزم التعديل، رجعت كفالتها إلى أبيها، ما دامت في ذمة زوجها فكفالتها على زوجها.

"فرجع أبي فرد تلك الصدقة" يعني التي تصدق به عليه، لماذا؟ لأنه مخالف للتقوى، وبشير يريد التقوى، ويريد أن ينضم في سلك المتقين، فرد تلك الصدقة، أولاً: الصدقة هذه ما لزمت، ما قبضت من جهة، الأمر الثاني: أنها على خلاف هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، و((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) حتى ولو قبضت رجّع، ولو قبضت تترجع.

طيب الأب أعطى الكبير من الأولاد أرض، وما أعطى الصغار لعدم الاحتياج مثلاً، وهذا أعطاه لأن النظام ينطبق عليه، ويمكن يقدم على صندوق التنمية، والأولاد الصغار ما بعد أعطاهم شيء، وفي نيته أنهم كل من كبر يعامل معاملة الكبير هذا، وبعد ذلك توفي قبل أن يعطي غيره، ترجع الأرض وإلا ما ترجع؟ ((اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم)) نعم؟ أعطيت على وجه صحيح، يعني هل نقول: إن الأرض قدر زائد على الحاجة الأصلية فيجب التعديل فيها ويعطون كلهم أراضي كبيرهم وصغيرهم؟ وإلا نقول: هذه حاجة أصلية والسكن حاجة وأعطيها على وجه صحيح ولزمت بالقبض فلا يلزم التعديل فيها؟ وفي نيته أنه كل من كبر يعطى مثل هذا، كما أنه زوج الأكبر وفي نيته أن كل من بلغ السن سن الزواج يزوجه، وما زوجهم مات، يزوجون من أصل التركة وإلا لا؟ لا، لا يزوجون من أصل التركة، كلٌ يزوج من ماله، والمسألة خلافية بين أهل العلم، ومقتضى التعديل... نعم؟

طالب:.......

بسبب؟

طالب:.......

بسبب الرد أو عدمه؟

طالب:.......

وبسبب الرد، بسبب ردها، أنت افترض أن هذه الأرض شيد عليها الأكبر مبنى وسكنه، ويش بيسوون؟ كيف يرد؟ اللهم إلا إذا كانت التركة تحتمل أن يحسم هذا من نصيبه، ويعدل بينهم بهذه الطريقة، المقصود أن مثل هذه مسائل اجتهادية تقدر بقدرها، لكن مقتضى... نعم؟

طالب:.......

إيه، هذا إذا كانت التركة تحتمل، لكن إذا كانت الأرض تستحق خمسمائة ألف، والتركة الباقية كلها خمسمائة ألف، ويش تسوي لهم؟ هو عنده عشرة أولاد، نعم؟

طالب:.......

الجمهور على أنها لا ترد، لزمت بالقبض، والأب أعطاها الولد على وجه صحيح، وفي نيته أن يعطي البقية لكن حال دونه الموت.

طالب:.......

إيه الآن شوف فرق بين أن تقع المسألة في حال الحياة وبعد أن ينتقل المال، الآن المال انتقل من شخص إلى شخص، بالموت انتقل المال، وهبة لزمت بالقبض.

طالب:.......

الشعير، الشعير، نعم، أبو بكر أعطى عائشة شيء من الشعير ولزمت بالقبض، لزم بالقبض، قصة الشعير من يحفظها؟ يحفظها أحد منكم؟ نعم؟

تحضر -إن شاء الله- تحضر القصة، نعم؟

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

الوالد له أن يرجع.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

الوالد له أن يرجع، ومن الغرائب أن الناس عند أبي حنيفة كلهم لهم أن يرجعوا إلا الوالد، وهذا من الغرائب، غريب وإلا لا؟

طالب:.......

....... من الغرائب.

"قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع أبي فرد تلك الصدقة، وفي لفظ قال: ((فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور))" الجور: الظلم، وهذا ظلم لا يشهد عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن يقتدي به لا يشهد على مثل هذا، والظلم محرم، والجور محرم، إذاً عدم التعديل والتفضيل محرم.

"وفي لفظ: ((فأشهد على هذا غيري))" هذا الأسلوب أسلوب تقرير أو أسلوب تنفير؟ بلا شك تنفير، ومن أهل العلم من يقول: إنه يجوز أن تفضل بين الأولاد، ولا تعدل بينهم؛ لقوله: ((فأشهد على هذا غيري)) لأنه لو لم يكن جائزاً ما جاز أن يشهد عليه أحد، لكنه قول مرجوح، والقصة من أولها إلى آخرها ترده، نعم.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع.

وعن رافع بن خديج قال: "كنا أكثر الأنصار حقلاً، قال: وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا.

ولمسلم عن حنظلة بن قيس: قال: "سألت رافع بن خديج عن كـراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بما على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فـيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون  فلا بأس به" أخرجه البخاري.

قال المصنف -رحمه الله-: الماذيانات: الأنهار الكبار، والجدول: النهر الصغير.

المزارعة والمساقاة باب معلوم جاءت به النصوص بالمنع والإباحة، فالمساقاة للشجر، والمزارعة للأرض، جاءت أحاديث تمنع من المزارعة ومن المساقاة، وجاءت أحاديث تدل على الجواز، فمثلاً النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عبد الله بن عمر "عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع" خبير فتحت عنوة، وصارت من غنائم المسلمين فهي لهم، وهي بحاجة إلى من يقوم بأمرها، تركها النبي -عليه الصلاة والسلام- بيد أهلها كالعمال، عمال، على أن لهم نصيبهم من الثمرة، وللنبي -عليه الصلاة والسلام- وللغانمين نصيبهم، تركها في أيديهم، الذين يمنعون المزارعة والمساقاة يقولون: هذا الحديث ليس فيه دليل على الجواز، لماذا؟ يقولون: خيبر فتحت عنوة، والأرض للغانمين، للنبي -عليه الصلاة والسلام- ومن معه، وهؤلاء الذين يعملون أرقاء؛ لأنهم من الغنائم أيضاً، فهو عاملهم على اعتبار أنهم أرقاء، يعملون له دون مقابل، إلا أن ما يأخذونه هو قوتهم، لكن هل هذا هو الظاهر من لفظ الخبر؟ ما ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استرقهم، والرق لا يثبت بمجرد الغلبة، المقصود أنه عاملهم على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فهذا دليل على جواز المساقاة في النخيل وجميع الشجر، وجواز المزارعة، طيب هذا من أدلة الجواز، فماذا عن أدلة المنع؟ في حديث رافع بن خديج قال: "كنا أكثر الأنصار حقلاً، وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا" طيب أرض كيلو مربع، كيلو متر مربع مساحتها، ليست عندك قدرة على زراعتها، تأتي بمن يزرعها لك، وتقول: لك الجزء الغربي ولي الجزء الشرقي، لي ثمرة الجزء الشرقي، ولك ثمرة الجزء الغربي، تجوز وإلا لا؟ هذا لا تجوز.

طالب: مجهول.

ما هو مجهول، النصف.

طالب:........

لا، يمكن ينبت نصيبك فأتضرر أنا، ويمكن ينبت نصيبي فيضيع جهدك هدراً، تتضرر، لكن لو قلت لك: ازرعها ولك نصف ما يخرج من ثمرتها صح؛ لأننا نشترك معاً في الغنم والغرم، نعم، ولذلك يقول: "كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه" جزء معلوم من الأرض، لا نسبة معينة من النتاج "وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه" إذا أخرجت هذه تضرر واحد، وإذا أخرجت هذه تضرر الثاني، "فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا" الذهب والورق يعني بالأجرة، قلت لك: والله هذه مساحتها كيلو متر مربع، ازرعها لي وأعطيك كل سنة مائة ألف، ما في ما يمنع، بالذهب والورق ما في ما يمنع، "فأما الذهب والورق فلم ينهنا" ولمسلم عن حنظلة بن قيس: قال: سألت رافع بن خديج عن كـراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما على الماذيانات، وأقبال الجداول.

الماذيانات: الأنهار الكبار، وأقبال الجدول: النهر الصغير.

فيقول صاحب الأرض: ازرعها لي، لكن ترى كل اللي حول السواقي والأنهار القريب من الماء لي، والبعيد عنه لك، نعم، يصح وإلا ما يصح؟ ما يصح، ليش؟ لأنه يمكن يتضرر صاحب..، المزارع؛ لأن النصيب الذي جعل له بعيد عن الماء، فيهلك من العطش، وربما يتضرر صاحب الأرض بحيث يزيد الماء على الزراعة فتغرق؛ لأن الزيادة والنقص على حد سواءً، إذا زاد الماء على الزرع يتضرر، وإذا نقص عنه يتضرر.
فيقول: "وأشياء من الزرع فـيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه" النبي -عليه الصلاة والسلام- "فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" معلوم النسبة، لا معلوم الجهة، الآن الفرق ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الفرق ظاهر؛ لأنهم في علم النسبة فقط يشتركون في الغنم والغرم، وفي علم الجهة يتضرر واحد دون الثاني، نعم؟

طالب:........

الماذيانات الأنهار الكبار.

ترون الكبر والصغر نسبي، ما هو معنى هذا أنه مثل النيل أو الفرات، نعم، المقصود أنه مجرى ماء كبير بالنسبة لغيره.

طالب:........

نعم، المهم أنه أمور نسبية، نعم.

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له.

وفي لفظ: ((من أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)).

وقال جابر: "إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبـها".

وفي رواية لمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني حكم، حكم النبي -عليه الصلاة والسلام-، القضاء الحكم "بالعمرى لمن وهبت له" وهي الهبة المعلقة بعمر الإنسان، كأن يقول: هذا البيت لك مدة عمرك، أو مدة عمري، يعني ما دمت حياً، فإذا مت ينتقل إلى ورثتي، مادمتَ حياً فإذا متَ انتقل إلي، نعم.

"قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له" وهذا محمول على العمرى غير المحددة، أو التي يقول فيها: هي لك مدة عمرك ولعقبك؛ لتتفق الروايات "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له" وفي لفظ: ((من أعمر عمرى له ولعقبه)) يعني هذه المطلقة ((فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)) يعني ما تقع المواريث إلا إذا لم تحدد بالعمر، نعم "وقال جابر: "إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك" فهذه لمن أعطيها، لمن وهبت له، إذا قال: لك ولعقبك لمن أعمرها، ولمن أعطيها "فأما إذا قال: هي لك ما عشت" يعني فقط دون العقب "فإنها ترجع إلى صاحبـها" وهو ظاهر اللفظ، يعني كأن المعطي والواهب يشترط هبة موقوتة إلى أمد، وفي رواية: "كأنه قال: اسكن هذه الدار سنة أو سنتين أو ثلاث، بدلاً من أن تكون المدة محددة صارت المدة غير محددة، طيب قد يقول قائل: هذا أمد مجهول كيف نصحح عقد فيه أمد مجهول، نقول: نعم، نصحح؛ لأنه ليس فيه معاوضة، والعقود التي ليس فيها معاوضة تصح مع الجهالة، لو قال مثلاً: جميع ما في ذمتك لك، وأنت ما تدري كم في ذمتك وأنا ما أدري يصح وإلا ما يصح؟ هبة المجهول؟ تصح، يعني لو أن عامل مثلاً يشتغل بمحل عند تاجر وهذا العامل... نعم؟

طالب:.......

لا، لا ما هو بمسألة أكل، لا، اشتريت بتسعين مثلاً وأعطاك مائة، ورد عليك..، ردت عليه..، لا، اشتريت بمائة مثلاً وعشرة مثلاً، أو أنت عامل عند شخص تشتري له، فاشتريت بتسعين وبقي عشرة حطيت.....، نسيتها في أول الأمر وراحت، ثاني عشرين، ثالث خمسين وهكذا إلى أن اجتمع عندك أرقام وأنت ما تدري كم هي؟ ولما أن أراد ينهي العقد قلت له: ترى والله، الآن يدخل علي أشياء لا أحصيها، أسوف في ردها إليك إلى أن نسيتها، وبلغ منها مبالغ أنا لا أعلمها وأنت لا تعلمها يجوز أن يقول: أنت بحل منها؛ لأنها ما هي معاوضة، لكن لو كانت معاوضة لا بد أن تكون معلومة.

"فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبـها" وفي رواية لمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)).

هذا إذا لم تحدد بعمر الموهوب والمعطى، الحاصل أن العمرى لها ثلاثة أحوال:

الحال الأولى: أن يقول: هي لك مدة عمرك ولعقبك، هذه هبة دائمة، لا تعود إلى صاحبها.

الحالة الثانية: أن يقول: هي لك مدة عمرك فقط، وهذه ترجع بعد وفاته إلى صاحبها الأول، تكون غايتها أنها عارية موقوتة.

إذا قال: هي لك، ولم يقل: مدة عمرك، ولم يقل: ولعقبك، هذه هبة مطلقة ولا تعود، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره))" بالإفراد، أو خُشبَه في جداره على الجمع ((لا يمنعن)) (لا) ناهية، والفعل مؤكد، إذن المنع منهي عنه، وهل هو حرام أو مكروه؟ مقتضى النهي التحريم.

"((أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" الجار يحتاج إلى أن يضع الخشب على جدار جاره وإلا فيلزمه أن يقيم جدار آخر بجواره، وهذه الأمور مما يجب أن تسود بين المسلمين، ولا يحصل فيها مشاحنة ولا مشاحة، فهذه الأمور من الآداب الإسلامية التي جاء بها الشرع، فلا يجوز لصاحب الجدار أن يمنع، لكن إذا كان الجدار لا يحتمل مثلاً، يتضرر، الجدار ما يحتمل، عليه خشب البيت نفسه، وإذا أضيف إليه خشب أخرى سقط مثلاً، المسألة لا ضرر ولا ضرار، ليس معنى هذا أن تلاحظ مصلحة الجار، ولا تلاحظ مصلحة صاحب الأصل، لا بد أن تلاحظ مصلحة الطرفين، المقصود أنه إذا لم يتضرر به، وقل مثل هذا إذا بنى صاحب البيت بنى قبل جاره وأقام جدار هل يلزم جاره بجدار آخر؟ هو ما يحتاج إلى خشب الآن، سور، سبق زيد من الناس وبنى بيته في أرض فضاء وعليه أربعة أسوار، وجاء الجيران الثلاثة وعمر هل نقول: كل جار يقيم جدار بجواره؟ يقول: لا تستعمل جداري؟ لا، لا هذا مما يجب أن يسود بين المسلمين من المودة والمؤاخاة وعدم المشاحنة والمشاحة، لكن يبين أن الجدار لفلان، يبين أن الجدار يتفقون على أن الجدار لفلان، وفي أرض فلان، وأقامه فلان، نعم؟

طالب:........

والله هذه لا شك أنها مع عدم الاحتياج إليها لا تنبغي أن توجد بين المسلمين، يعني مثل شخص جاء يستظل بجدارك، أو يستصبح بنارك، أو يستدفئ بها، تقول: قم، أنت ما عليك ضرر بأي وجه من الوجوه، نعم؟ لا، ما يصلح هذا.

"ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" يعني عن هذه السنة "والله لأضربن بها بين أكتافكم"

وفي رواية بالنون: "أكنافكم"؛ لأنه كان أمير في وقتها، أمير على المدينة فعنده سلطة "لأضربن بها" يعني الخشبة "بين أكتافكم" أو السنة التي أحملها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأحملكم مسؤوليتها وتبعتها، نعم.

عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)).

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ظلم من الأرض قيد شبر))" الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ويتفاوت من الشيء اليسير إلى أن يصل إلى حد الشرك الأكبر: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [(82) سورة الأنعام] وأعظم الظلم الشرك الأكبر {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] وما دونه من ظلم النفس وظلم الغير، وهو متفاوت، المقصود أن الظلم محرم ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) والمظالم شأنها عظيم بحيث لا بد فيها من الاستيفاء، هذه حقوق العباد، ولذا جاء الترهيب من ظلم الشيء اليسير من الأرض، ((من ظلم من الأرض قيد شبر)) قدر شبر فقط، فكيف بمن يظلم ويغتصب وينتهك المساحات الكبيرة من الأرضين اللي بعضها حر، وبعضها مملوك، وبعضها موات، وبعضها محيا، فكيف بهذا -نسأل الله السلامة والعافية-؟!

((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)) جعل في عنقه كالطوق، يحمله يوم القيامة، يأتي به من سبع أرضين ما هي بأرض واحدة، يعني الذي ينتهب الكيلوات، أو يغتصب الكيلوات، كيف يشيل هذه الكيلوات؟! يحمل هذه المساحات الكبيرة من سبع أرضين؟ ما هي بأرض واحدة، يعني أرض واحدة لا يتصور حملها، لو اجتمع عليها الناس كلهم ما حملوها فكيف بسبع أرضين؟! وهذا من النصوص الصريحة في كون الأرضين سبع كالسموات {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(12) سورة الطلاق] لكن هذا ليس بصريح أنها سبع، ليس بصريح، يعني مثلها في الطول، في العرض، في الحجم، في السمك، نعم، الله أعلم، لكن كونها سبع في العدد احتمال، والحديث صريح في أن الأرضين سبع كالسماوات، وجاء فيه أيضاً حديث: ((لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله)) فالأدلة تدل على أن الأرضين سبع كالسماوات.

طالب:........

كيف؟

طالب:........

ما يلزم.

طالب:........

لا، لا ما يلزم.

طالب:........

ما يلزم تكون سبع.

طالب:......

كيف؟

طالب:......

لا، لا بوجه من وجوه الشبه.

طالب:......

الله أعلم، بوجه من وجوه الشبه، الله أعلم، يعني ليس بصريح، نعم ظاهر يغلب على الظن أما كونه صريح لا.

والحديث فيه دليل على أن الأرضين سبع كالسماوات، وأن من ملك وجه الأرض يملك ما تحتها؛ لأنه كيف يطوق سبع أرضين وقد استولى وظلم الأرض الأولى إلا لأن ملكه يسري على ما في هذه الأرض وما تحتها، ولذا إذا اشترى أرضاً ووجد فيها ركازاً دفناً، ركاز الجاهلية ومن أموالهم له، يملكه، ومما يذكر أن شخصاً اشترى أرضاً فوجد فيها..، أراد حرثها وحفر فيها بئراً فوجد فيها كنز، ركاز، فذهب إلى البائع وقال: وجدت فيها كذا، وأنا ما اشتريت منك إلا الأرض، والثاني قال: أنا بعتك الأرض بما فيها، انتهوا؟ ما انتهوا، تخاصموا عند القاضي، ما انتهوا، كل واحد يقول: هذا لك، وهذا يقول: لا، ليس لي، نعم، أخيراً توصل القاضي إلى أن هل لك من ابن؟ قال: نعم، وهل لك من بنت؟ قال: نعم، أخيراً توصل القاضي إلى أن، هل لك من ابن؟ قال: نعم، وله لك من بنت؟ قال: نعم، قال: زوجوا الاثنين، وأنفقوا عليهم من هذا الكنز، يعني كانت النيات صافية، والناس يبحثون عن الحق، ويبحثون عن طيب المطعم، يعني هل يتصور مثلاً أنه توجد خصومة بين اثنين فيقول أحدهما للآخر: أنت تعرف القضية بكمالها، روح اشرحها للقاضي، وإذا علمك بالحكم تعال أخبرني، يروح للقاضي ويشرح له القضية ويقول له: الحق لخصمك، ويذهب ويقول: ترى الحق لك، يقول القاضي: الحق لك.

والآن محامين وحيل، وجرجرة، والله المستعان، كان الهم الآخرة، فصار الهم الدنيا، وإلى وقت قريب وإذا سئل العالم عن مسألة مالية، السائل يحتاج إلى من يقنعه بأن هذه الصورة حلال، والآن إذا قيل للسائل: حرام، قال: أقنعني أنها حرام، نعم، فشتان، نعم.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: اللقطة

عن زيد بن خالد الجهنـي -رضي الله تعالى عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب والورق فقال: ((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تُعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل، فقال: ((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها)) وسأله عن الشاة، فقال: ((خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)) رواه الجماعة إلا البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: اللقطة

اللقطة: فعلة، وبناؤها على هذه الصيغة إنما هو مستعمل في الكثرة، كما تقول: هُزأة، هُمزة، لُمزة، ضُحكة، هُمزة لُمزة، يعني يكثر الهمز واللمز، هُزأة، يكثر الاستهزاء، ضُحكة يكثر الضحك، رُحلة يكثر الرحلة، بخلاف الرحْلة أي: المرحول إليه، مثل الضحْكة المضحوك عليه.

هذه الصيغة استعملت على غير أصلها، استعملت فيما يلتقط في المال الضائع من ربه، من صاحبه، على غير القياس، وهو ما يلتقط مما يضيع عن ربه من الأموال.

يقول: "عن زيد بن خالد الجهنـي -رضي الله تعالى عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في بعض الروايات: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "عن لقطة الذهب والورق" يعني عن الإنسان يجد مالاً ضائعاً من صاحبه من الذهب، من الدنانير، من الورق، من الدراهم، وفي حكمها العروض، وجدت قلم، وجدت كتاب، وجدت ما يمكن التقاطه.

"فقال: ((اعرف وكاءها وعفاصها))" الوكاء: الحبل الذي تربط به، يربط به الوعاء الذي هو العفاص، فالعفاص هو عبارة عن الوعاء الذي يكون في هذا المال الملتقط، والوكاء هو الحبل الذي يربط به الفم، فم الوعاء.

((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)) وفي رواية: ((أشهد عليها)) لماذا يشهد عليها؟ نعم لئلا تضيع بين أمواله، ويعرف عفاصها ووكاءها لئلا تختلط بماله فتضيع، ويشهد عليها لئلا ينساها، أو يموت فتضم إلى أمواله قبل تمام السنة، فالإشهاد سنة، كالإشهاد على ما يخشى نسيانه {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة] البيع يثبت بالإيجاب والقبول، لكن الإشهاد لا شك أنه أحوط، وقل مثل هذا فيما يخشى نسيانه، رجل تزوج ثم طلق طلقة واحدة، وراجع زوجته، ثم بعد عشرين سنة طلق ثانية، الأولى احتمال يكون نسيها، لكن كونه يدونها، أو يشهد عليها، لا شك أن هذا أحوط؛ لئلا تتم الثلاث، وقد نسي الأولى.

((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)) عرفها بأن تقول: من ضاع له كذا، من ضاع له الذهب، من ضاع له الدنانير، من ضاع له الورق، من ضاع له القلم، من ضاعت له الساعة، من ضاع له... إلى آخره، في الأماكن العامة، في أبواب الجوامع مثلاً من خارج المسجد، في الأسواق العامرة، في مجتمعات الناس، في أنديتهم، في محافلهم، المقصود أنها تعرف لمدة سنة، فإن لم تعرف، ما جاء أحد يطلبها، ولا عرفت ((فاستنفقها)) يعني أنفقها على نفسك بنية إرجاعها إلى صاحبها، لو جاء يوماً من الدهر بنية إرجاعها.

((فاستنفقها ولتكن وديعة عندك)) كيف تكون وديعة وأنت استنفقتها؟ بدلها يكون وديعة، وجدت قلم عرفته سنة، ثم عرضته على أهل الصنف، كم قيمة هذا القلم؟ قالوا: مائة ريال مثلاً، أو كتاب، أو أدنى شيء، أي عرض من عروض التجارة، يُقوّم ويكون بدله –قيمته- وديعة عندك، مقتضى الوديعة والأمانة أنها لا تضمن، أنت قررت أن مائة ريال قيمة هذا القلم بحيث لو جاء صاحبه أعطيتها إياه، مقتضى كونها وديعة أنه لو تلفت هذه المائة أنك لا تضمنها، لكن هل أنت إذا قومت القلم بمائة تأخذ مائة وتفردها في مكان تقول: هذه قيمة قلم لقيته..؟ متى جاء له...، ما أنت مسوي هكذا، إذاً أنت تصرفت في اللقطة التي هي في الأصل وديعة عندك حتى يأتي صاحبها، وفي قيمتها الذي هو بدل عنها، نعم فأنت ضامن من هذه الحيثية، وإن كان أصلها حكمه حكم الوديعة، ((ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) يقول: والله قبل عشرين سنة فقدت قلم، طيب صف لي هذا القلم؟ وصفه فإذا هو هو، أو فإذا هو إياه، أيهم أصح؟ فإذا هو هو أو فإذا هو إياه؟ تعرفون المسألة الزنبورية؟ هذه المسألة الزنبورية التي حصلت بين سيبويه والكسائي ومات بسببها، وما له داعي على شان ما يصيبنا ما أصابهم.

((فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) فلما عرفت أن هذا صاحب القلم وقومته في وقته، ووافقك صاحبه على تقويمه، تقول: والله هذا أنا مقومه بمائة ريال هذه مائة ريال.

"((فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل" لما سأله عن ضالة الإبل غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ترجم عليه البخاري باب: الغضب في الموعظة والتعليم، غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه يعرف، السائل يعرف أن الشيء الذي يلتقط من عروض التجارة عليه خطأ، إذا ما أخذته أنت أخذه غيرك، إذا ما أخذته أنت وأنت تستشعر الأمانة فيأخذه شخص يضيعه، لكن الإبل، يعيش بدونك، وبدون غيرك، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها)) الحذاء: أخفافها التي تحتمل الحصى، وتحتمل الرمضاء، وتحتمل..، معها الحذاء ومعها السقاء الذي هو البطن الكبير، ومعها العنق الذي تتناول به الأشجار الكبيرة والبعيدة، وتشرب من الماء النازل، المقصود أنها تقوم بنفسها، وليست بحاجة إلى من يرعاها ((فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها))... الإبل تمتنع من صغار السباع، فلا خشية عليها، وهي أيضاً في مأمن من أن تموت جوعاً وعطشاً، فليست بحاجة إلى رعاية فتترك، يعني كون إنسان معه سيارة ووجد بعير ضائع، ما عنده أحد، يلبق بالسيارة ويشيله ويدخله إلى البلد؟ متى بيلقى صاحبه؟ لكن لو تركه في البر وجده صاحبه، وهو ما عليه خطر.

 

"وسأله عن الشاة" عن ضالة الغنم "فقال: ((خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب))" إن ما أخذتها أنت جاء ثاني يأخذها، هي لا تقوم بنفسها، ولا تحمي نفسها من صغار السباع، لا للذئاب ولا دون الذئاب، فهي لا تحمي نفسها، وفي خطر من الموت، وخطر من أن يأخذها شخص آخر، فأنت أحق بها من غيرك، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب، وليس معنى هذا أن الناس يتساهلون، كل من استطرف شيئاً استولى عليه، لا، هذا ليس في هذا ترخيص إلى أن يتساهل الناس في هذا الباب، كل من وجد شاة أو عنز طلعت من بيت أهلها أخذها، أو بحاجة هو في رحلة أو نزهة ووجد شاة، وصاحبها قريب منها، لا يبرر لنفسه مثل هذا، المقصود أنها ضالة، ويخشى عليها، فإذا غلب على الظن أنها تتلف وتهلك فهو أولى بها من غيره، وإذا غلب على ظنه أنها في مأمن من أن تتلف وتهلك أو يأكلها ذئب، أو يأخذها غيرك، فأنت أحق بها.

"