بلوغ المرام - كتاب الجامع (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى في الحديث الخامس من باب الزهد والورع من كتاب الجامع يقول وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال « يا غلام » في بعض الروايات « يا غليّم » « يا غلام » نعم ابن عباس لم يحتلم عند وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم ناهز الاحتلام ولا يُدرى متى قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الحديث لكنه غلام قال « يا غلام احفظ الله يحفظك » يقول كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- واحتمال أن يكون قد أردفه على دابة واحتمال أن يكون يمشي وراءه على قدميه المقصود أنه خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال « يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله » رواه الترمذي وقال حسن صحيح هذه الوصية النبوية لابن عباس وصية عظيمة محل اهتمام من أهل العلم والعمل عُني بها العلماء حتى إن الحافظ ابن رجب رحمه الله ألّف في شرح الحديث رسالة أسماها نور الاقتباس من مشكاة وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس « يا غلام احفظ الله يحفظْك » يحفظْك مجزوم على أنه جواب الطلب أو بشرط مقدر كما يقول بعضهم احفظ الله إن تحفظ الله يحفظْك « احفظ الله يحفظك » كيف تحفظ الله وهو الحافظ؟ تحفظ حدوده تحفظ أوامره فإذا حفظت هذه الأوامر باتباعها وفعلها بحيث لا تتعداها وحفظت نواهيَه وتركتها واجتنبتها بحيث لا تقربها حفظك الله جل وعلا من كل ما يسوؤك والجزاء من جنس العمل « احفظ الله يحفظك » من كل مكروه من كل ما تكره في بدنك وفي مالك وفي ولدك فإذا حفظت دين الله جل وعلا ولزمته واستقمت على أمره وعلى صراطه المستقيم فأبشر بالحفظ فتأمن من أن تنحرف في دينك فإذا استقمت مخلصًا في ذلك لله جل وعلا فأهل العلم يقولون الفواتح عنوان الخواتم ولا تجد من يُفتن في عمره أو في آخره إلا وفي حفظه لله خلل ولو كان حفظه لله جل وعلا ولدينه على مراده جل وعلا لتحقق له الجواب ولنفذ فيه الوعد « احفظ الله يحفظك » الجواب والوعد من الله جل وعلا الذي لا يخلف الميعاد ولذا جاء في الحديث الصحيح « إن الإنسان ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها » يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينها إلا شيء يسير فيسبق عليه الكتاب قد يقول أنا حفظت الله وحفظت أوامر الله وعملت بعمل أهل الجنة إلى أن قربت الوفاة فسبق عليه الكتاب فدخل النار جاء في بعض الروايات « وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس » وإلا فالذي يعمل بعمل أهل الجنة ظاهرًا وباطنًا مثل هذا يحفظه الله جل وعلا لكن الذي يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وفي واقع الأمر وحقيقة الأمر عنده خلل أو عنده دخيلة عمل تخونه في آخر عمره مثل هذا لا يدخل في « احفظ الله يحفظك » على أن سلف هذه الأمة يخافون من سوء العاقبة ولا يوجد منهم أحد يقول إني حفظت الله وحفظت أوامر الله على مراد الله فأنا آمن من سوء العاقبة كلهم يخاف سوء العاقبة ومادامت الروح في الجسد فسوء العاقبة لا يؤمَن على الإنسان لا سيما وأنه لا يوجد أحد يستطيع أن يزكي عمله بأن عمله على مراد الله وأنه متحقق له الوعد في هذا الحديث هناك أسباب وهناك موانع ويبقى أن الوعد هو الأصل لكن يبقى أنه إذا وجد خلل في الشرط تخلف الجواب « احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك » احفظ الله تجده تجاهك يعني أمامك وتلقاء وجهك في أي عمل تريده وفي أي قصد تقصده فهو تجاهك وتلقاء وجهك بمعيته الخاصة وبحفظه ونصره وتأييده « احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله » لا تسأل غير الله جل وعلا بعض الناس أوتي من مال الله وأمر بأن يعطي ويؤتي من مال الله الذي آتاه ليس من ماله شيء إنما يعطي من مال الله لكن على السائل أن يسأل الله جل وعلا الذي أعطى هذا أن يعطيه لكن بعض الناس يحتقر نفسه ويرى أنه ليس بكفؤ ولا أهل لعطاء الله جل وعلا وإنما يتجه إلى المخلوق هذا مآله إلى الخيبة والحرمان لأن الناس مهما أَعطوا فإنما يعطون بأمر الله جل وعلا ومن طبعهم الملل.

ولو سئل الناس التراب لأوشكوا

إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

أنت اسأل الله الذي أعطاه يعطيك سُمع من بعض الجهال أنه يدعو أن الله جل وعلا يرزق فلان ليعطيه أن الله يرزق فلان ليعطيه تعوّد على المسألة وعلى تكفف التكفف تكفف الناس وبعضهم سُمع أن ينقلب الكثيب كثيب الرمل الفلاني معروف بكبره أن ينقلب قمحًا لفلان ليس له لفلان يقول حتى أنقله بالأجرة له جهل يتعاملون مع هذه الوسائط وينسون الرب ولذا جاء في هذه الوصية العظيمة « وإذا سألت فاسأل الله » الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: « إنما أنا قاسم والله المعطي » الله جل وعلا هو المعطي يأتي الفقير فيطلب من التاجر ويعطيه ثم يأتي من هو أشد منه حاجة ويقتنع التاجر بأن هذا أشد حاجة من ذاك ولا يعطيه من الذي جعله يعطي هذا ويمنع هذا؟ هو الله جل وعلا فالله جل وعلا هو المعطي وهو المانع ولذا جاء في هذه الوصية العظيمة « وإذا سألت فاسأل الله » طيّب هل نقول لا يُسأل المخلوق أبدًا؟ تترك أموال التجار عندهم لا نسألهم شيء؟ هم عليهم فريضة بل ركن من أركان الإسلام وهي الزكاة لا بد أن يدفعوها إلى مستحقيها، وهل يُمنع المحتاج من سؤال الأغنياء؟ يسأل إذا كان محتاجًا يسأل لكن يكون قلبه معلق بالله جل وعلا لا ينظر إلى المخلوق هذا الذي بيده الأموال أنه هو الذي يمكن أن يعطيه ويمكن أن يمنعه إنما ينظر إلى ما عند الله جل وعلا وأن الله جل وعلا هو الذي يسخِّر هذا المخلوق فيعطيه فإذا كانت نظرته إلى هذه المسألة في هذه بهذا التصور فقد سأل الله جل وعلا وإن جعل المخلوق واسطة الذي بيده المال وهو مال الله وليس بمال هذا المخلوق « وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله » إذا ثقل عليك أمر من الأمور وطلبت الإعانة فليكن الطلب من الله جل وعلا « إذا سألت فاسأل الله » من المجزوم به أنك تسأل الله جل وعلا كل ما تحتاج لكن ليس معنى هذا أنه ينزل عليك من السماء ذهب أو فضة أو طعام أو مسكن لا، إنما إذا سألت الله جل وعلا وجئت بشروط قبول الدعاء وانتفت الموانع واستعملت الآداب المطلوبة للداعي فإن الله جل وعلا ييسر لك ما تريد على يد أي مخلوق كائنًا من كان ومن المعلوم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة « وإذا استعنت فاستعن بالله» عندك متاع لا تستطيع حمله لا تستطيع حمله هل نقول استعن بمخلوق يحمل معك هذا المتاع أو ابدأ بسؤال الله والاستعانة به أن ييسر لك من يحمله معك لأنه معلوم لن يأتي ملك يحمله معك ولن يخف وزنه أو تزداد تتضاعف قوتك بحيث تحمله سنن إلهية سنن إلهية فإذا سألت الله هل تتصور أن قوتك بعد أن تكون تحمل سبعين كيلو تحمل ميتين كيلوا إذا سألت الله فلا تتوقع هذا لكن توقع أن الله ييسر لك من يعينك على حمله وإذا استعنت فاستعن بالله فتجعل نظرك ورأيك وقلبك معلق بالله جل وعلا ولو مر أحد من المخلوقين وطلبت منه أن يحمل معك هذا المتاع فهو استعانة بمخلوق فيما يقدر عليه والاستعانة فيما يقدر عليه يعني من الأسباب طلب العون من المخلوق فيما يقدر عليه هذا لا يقدح في التوحيد لكن ينبغي أن تكون همتك ونظرك متجه إلى الله جل وعلا قبل كل أحد أما ما لا يقدر عليه المخلوق فإنه فإن الاستعانة به فيما لا يقدر عليه شرك شرك فالاستعانة من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله جل وعلا وهذا شرك في الألوهية لكن الأمر يختلف فيما يقدر عليه الإنسان يمكن أن يطلب منه العون « والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه » يعني فيما يقدر أن يعينه عليه أما ما لا يقدر أن يعينه عليه فلا يجوز طلبه منه بعض الناس يستعين بالجن ويطلب منهم قضاء الحاجات ويحضرون له ما يريد ويخبرونه عما يسأل عنه ويقول هذه استعانة بهم فيما يقدرون عليه يقول بعضهم هذا الكلام بعضهم يقول أننا نسأل الجن عن أماكن الدِعارة ومواطن المخدرات فيخبروننا أولاً الاستعانة بهم من خواص سليمان عليه السلام والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يوثق الجني الذي تفلت عليه في صلاته قال « فتذكرت دعوة أخي سليمان » فلم يفعل الأمر الثاني أن هؤلاء الشياطين لا تدري ما حالهم وما غايتهم وما هدفهم من إعانتك وقد حصل من بعضهم أنهم أعانوا بعض الناس واستدرجوه إلى أن وقف إلى أن وقف في موقف لا يستطيع النكوص عنه وقف في موقف لا يستطيع أن يرجع عنه فطلبوا منه أن يقرب لهم شيئًا فأوقعوه في الشرك وهؤلاء قوم مجاهيل ما ندري عن حالهم تقول ثقاة مسلمين؟ ما تدري هم مسلمين تدري هم ثقاة والا غير ثقاة؟ فهذه الوسائل التي تفضي بالإنسان إلى الشرك سواء شعر أو لم يشعر يجب سد جميع المنافذ الموصلة إلى الشرك وحماية جناب التوحيد فلا يجوز الاستعانة بهم بحال « وإذا استعنت فاستعن بالله » لهم وسائل وطرق شخص يزاول الرقية فإذا به في النهاية قد وقع في أعظم أنواع الشرك نسأل الله السلامة والعافية إذا قرأ على المريض الذي تلبس به الجن وتكلم الجني وخاطبه وأخذ معه ورد وأفاده بما يريد منه استدراجًا له ثم بعد ذلك يطلب منه أن يقرب ويقدم نسأل الله العافية فمثل هذا يجب سد الباب الذي قد يوقع الإنسان في الشرك وهو لا يشعر ينقلون عن بعض عن شيخ الإسلام بعض العبارات التي قد يفهم منها شيء من ذلك ولم يقف على كلام صريح لشيخ الإسلام ولو أن شيخ الإسلام قال بذلك هب أن شيخ الإسلام قال بذلك والعواقب التي سمعنا عنها ورأينا بعضها يأتي يقول أنه أحرق سبعين مملكة شياطين ومشى على يده كذا وكذا مقعد وأبصر كذا أعمى على يده كل هذا من باب الاستدراج ولو كان هذا خيرًا لسبقونا إليه لو أُثر عن الصحابة والتابعين يقولون الدليل على صدق مثل هذا هذا الذي مشى على يده أكثر من سبعين مقعد وممالك جن وهكذا لما استفصل عن طريقته في الرقية وعن مصدره في هذه الطريقة قال تضع شيء على رأسه وتأمره بأن يغمض عينيه ويقرأ آية الكرسي ثم تقول هل رأيت شيء؟ يقول لك ما رأيت شيء ثم يقرأها هذا الراقي يقول هل رأيت شيء نقول نعم رأيت شيء أسود وشيء أبيض وشيء كذا ثم يهوي إلى الأسود بيده كأن بيده سيف يقتله يقول هذا شيطان يبقى الأبيض طيب من أين لك هذه الطريقة؟ قال والله من بعض الحجاج الأفارقة جاءنا حاج من أفريقيا وقال لي هذه الطريقة مجربة من كان معوّله على مثل هذه الطريقة هل يُؤمَن؟ يقول إذا دخلت البيت فإذا مجلس مليان من الأشخاص جالسين بالمجلس وعندهم واحدة من زوجاته يقول هؤلاء هم إخواننا الجن طيب يا إخوان الاسترسال في مثل هذه الأمور يوقع الإنسان في الشرك شعر أو لم يشعر قال بعضهم أن الدليل على صدق هذا الراقي أنه لا يأخذ أجرة قلنا كون الإنسان يقدم رقبته لتقطع في سبيل الله أمام الناس هل دليل على إخلاصه؟! هل يلزم من هذا أنه مخلص؟! لا يلزم منه أنه مخلص، يكفيه أن يقال مشى على يده سبعين مقعد يكفي هذا لأن حب الشرف والرئاسة بين الناس هذا مقصد لكثير من الناس يكفيه عن الأموال الطائلة المقصود أن الاستعانة بغير الله بالنسبة للمخلوق المرئي الذي يُعرف مقدار دينه واستقامته ومقدار قوته وحمله لهذا الذي استُعين به من أجله إذا كان فيما يقدر عليه هذا لا إشكال فيه والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه لكن من أناس لا ندري عن حقائقهم ولا نراهم ولا ولا يوجد علامات تدل على استقامتهم ولا نستطيع الوصول إلى شيء يدلنا على استقامتهم فمثل هؤلاء لا يجوز الاستعانة بهم بحال ولو لم يكن في ذلك إلا سد  الذرائع الموصلة للشرك مع أن الاستعانة بهم من خصائص سليمان كما هو معلوم وجاء ذلك مفصل في القرآن ودعوة سليمان ((رب هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي)) سُخِّرت له الشياطين من ضمن الملك لكن هل هذه حصلت لمن بعده أجيبت دعوته فلن تحصل لمن بعده والنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يوثق الجني فتذكر دعوة سليمان فتركه وهل نقول نستفيد من الجن ومن الشياطين مثل ما استفاد سليمان هذا الكلام ليس بصحيح « وإذا استعنت فاستعن بالله » جاء في تكملة الحديث « قد جف القلم بما هو كائن قد جف القلم بما هو كائن » لأن المقادير كتبت قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف عام « فلو أن الخلق جميعًا فلو أن الخلق جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله تعالى لم يقدروا عليه فلو أن الخلق جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله تعالى لم يقدروا عليه » كم من شخص يؤمر له بأعطيات ومِنح من قبل من يمنح ويملك بالأمر الصريح والتوقيع الواضح بالعبارات المفهومة لدى المنفذين ثم يذهب بهذا الأمر وقد ملأ يديه كلتيهما فإذا به في النهاية لا شيء لماذا؟ لأن الله جل وعلا لم يكتبه لك « فلو أن الخلق جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله تعالى لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه » في قصة الغلام قال اذهبوا به فارموه من شاهق لما طلعوا الجبل المرتفع تدهدهوا من أعلى الجبل فماتوا وجاء يمشي لأن الله جل وعلا لم يقدر عليه الموت ركبوا البحر فأرادوا إلقاءه في البحر فلم يستطيعوا ورجع إلى الملك لأن الله جل وعلا لم يقض ذلك عليه قد يقول ما ما المانع من أن يمسكه بعضهم برجل والثاني بالأخرى وآخر بيد وهكذا ويلقوه في البحر نقول لن يستطيعوا ولن يتمكنوا لأن الله جل وعلا لم يقضه عليه فلا يقدر أحد كائنًا من كان إذا كان هذا أمر لم يقدر عليه كم من شخص ضُرب بالسيف أو بالرمح أو بآلات القتل وقاتله يظن أنه قد مات والله جل وعلا لم يقدر عليه ذلك ولم يقضه عليه ثم تقدر له الحياة من جديد وكم من شخص غرق وأخرج من الماء وكُفِّن وقدم للصلاة عليه لكن الله جل وعلا لم يقدر نهاية حياته فيعيش، واحد من أهل العلم حصل له ذلك قبل سبعين سنة ومازال حيًا صُلِّي عليه ومازال حيًّا لماذا؟ لأن الله جل وعلا لم يقدر عليه الوفاة وتكتب التقارير من لجنة من الأطباء أن فلانًا قد مات ثم بعد ذلك يتبين أنه لم يمت لماذا؟ لأن الله جل وعلا لم يقدر عليه يقول « واعلم » « فلو أن الخلق أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله تعالى عليك لم يقضه الله تعالى لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله عليك لم يقدروا عليه واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا » الصبر على المكاره الصبر نصف الإيمان الصبر شأنه عظيم ((بشر الصابرين)) والصبر على أوامر الله وعلى وعن نواهي الله وعلى أقداره المكروهة أمر مطلوب مقرر شرعًا أمر لا بد منه في حياة المسلم لا بد أن يصبر والجنة حفت بالمكاره واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرًا ((وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)) ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)) « وأن النصر مع الصبر » الذي يريد النتيجة العاجلة هذا مآله إلى الفشل في أي عمل من الأعمال يدخل السوق ليرجع بعد ساعة أو ساعات من أثرياء الناس هذا فاشل لا بد أن يصبر ليحقق الهدف يدخل من البادية إلى مجالس العلم ليرجع بعد أيام من كبار أهل العلم ولا يصبر على شدائد العلم وتحصيله هذا مآله إلى الفشل « وأن النصر مع الصبر » ((اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله)) في النهاية ((لعلكم)) ((اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله)) لا بد من أربعة أشياء لتكون النتيجة ((لعلكم تفلحون)) « وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب » يعني كل ما زاد الكرب قرب الفرج « وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا » ((إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)) ولن يغلب عسر يسرين ((إن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا)) طيّب كرر العسر مرتين واليسر مرتين وأهل العلم يقولون لن يغلب عسر يسرين أعيدت المعرفة معرفة فهي عينها العسر الأول هو العسر الأول الثاني وأعيدت النكرة نكرة فهي غيرها إذا أعيدت الكلمة سواء كان ابتداؤها بمعرفة أو نكرة إذا أعيدت معرفة فهي عينها ((إن أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول)) هو هو لكن لو أعيد نكرة لكان غيره فهما يسران في مقابل عسر واحد وعرفنا أن الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى له كتاب رسالة في شرح هذا الحديث أسماه رحمة الله عليه نور الاقتباس من مشكاة وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس وابن رجب له رسائل كثيرة في شروح الأحاديث وهي من أنفس ما دُوِّن وما سطر يحرص عليها طالب العلم فشرح هذا الحديث بكلام بنفس السلف لا بطريقة أهل الكلام شرح حديث اختصام الملأ الأعلى وشرح حديث « شيبتني هود » وشرح حديث « ما ذئبان جائعان » له شروح كثيرة على الأحاديث وشرح الأربعين بشرح لا نظير له يجمع فيه بين الرواية والدراية وبين دقائق العلم ونفائس التوجيه وهذا الذي يميز ابن رجب رحمه الله في الحديث الذي يليه الحديث السابع عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: « ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس » هذا الحديث رواه ابن ماجه وغيره وسنده حسن في على رأي الحافظ ابن حجر سنده حسن لكن فيه خالد بن عمرو القرشي ضعيف جدًا شديد الضعف فكيف يقول الحافظ إسناده حسن أو سنده حسن لا شك أن هذ تساهل نعم قد يصل الحديث إلى درجة الحسن بمجموع طرقه كما حسنه النووي رحمه الله حسنه النووي لشواهده وطرقه فبمجموعها يصل إلى درجة الحسن أما سنده فضعيف يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس هذا العمل الذي يجمع بين محبة الله جل وعلا ومحبة الناس ينبغي أن يحرص عليه كل مسلم ينبغي أن يحرص عليه كل مسلم فقال ازهد في الدنيا يحبك الناس يعني اترك ما بيد الناس للناس ولا تزاحم الناس في أموالهم وأرزاقهم لأن النفوس جبلت على كره من يزاحمهم فازهد فيما في أيديهم يحبونك لأنك لم تزاحمهم والإنسان مجبول على.. من يكون سببًا في نقص ما بيده هذا المال الذي عند الغني افترضَ الله عليه فيه زكاة وهذه الزكاة لا بد من إخراجها ولا خِيَرة له فيها فهي مفروضة من الله جل وعلا من هذا المال ربع العشر في الأموال ولا منّة للتاجر فيها على من يأخذها من الفقراء لكن إذا وجد فقير جاء إلى هذا التاجر وطلب منه شيء من هذه الزكاة وأعطاه ووجد نظيره فقير آخر لم يسأله هل منزلة الاثنين واحدة عند التاجر؟ ربع العشر ليس للتاجر فيه منة ومفروض عليه من الله جل وعلا هل هذا الفقير الذي سأل هذا التاجر وأعطاه منزلته عند هذا التاجر مثل فقير آخر نظيره لم يسأله ليس له منة فيه مفروض عليه أن يخرج لا شك أن منزلة من سأل بالنسبة لهذا التاجر غير منزلة من لم يسأل.

الله يغضب إن تركت سؤاله

وبني آدم حين يُسأل يغضب

ولو كان يسأل شيء مفروض ومطالب به من قبل الله جل وعلا ومع ذلك يجد في نفسه على هذا الذي سأل وأعطاه « ازهد في الدنيا يحبك الله ازهد في الدنيا يحبك الله » الزهد والرغبة عن الدنيا والإقبال على الله جل وعلا والإقبال على ما يرضيه كما تقدم بالأمس هذا سبب لمحبة الله جل وعلا للعبد والزهد فيما في أيدي الناس أو فيما عند الناس سبب لحب الناس لهذا الشخص الزاهد فيما في أيديهم وعلى كل حال الحديث حسنه النووي وغيره بمجموع طرقه وكثير من أهل العلم على أنه ضعيف لأن ضعف راويه خالد بن عمرو القرشي شديد لا يقبل الانجبار فيبقى على ضعفه ومن أهل العلم من يرى أن الضعيف شديد الضعف يرتقي بطريق آخر إلى ضعيف فقط والضعيف إذا ورد له طرق ينجبر فبدلاً من أن يكون شديد الضعف انتقل بالطريق الثانية إلى أن يكون ضعيف هو في أصله لا يقبل الانجبار لكنه جبر بمثله ليكون ضعيفًا ثم بعد ذلك تواردت عليه الطرق إلى أن بلغ إلى مرتبة الحسن هذه طريقة لبعض العلماء وهي التي يمشي عليها السيوطي وأشار إليها في ألفيته بقوله:

وربما يكون كالذي بُدي

يعني ربما يكون هذا الشديد الضعف كالذي بُدِأ بالكلام عليه وهو الضعف المنجبر ويحسِّن بهذه الطريقة لكن الأكثر على أن الطريق الضعيف شديد الضعف وجوده مثل عدمه لا يَجبر ولا يُجبر فعلى طريقة الأكثر يبقى الحديث ضعيف لأنه لا يقبل الانجبار فيه راوٍ مُجمع على تركه كيف يجبر مثل هذا هذا لا يقبل الانجبار عند الأكثر وإن كان هناك منهج لبعض أهل العلم أنه بطريق أخرى مثله يكون ضعيف نحذف جدًا فالأصل ضعيف جدًا ثم إذا ورد من طريق آخر نحو هذا الطريق صار ضعيف والضعيف يقبل الانجبار فطريقان بمثابة طريق جبر أحدهما الآخر حتى صار ضعيفا يأتي إليه ما يجبره فيرتقي إلى الحسن وقلنا إن طريقة الأكثر تخالف هذا الكلام وأن الضعيف شديد الضعف وجوده مثل عدمه لا يفرح به لأن من الرواة من يكتب حديثه يعني من الرواة الضعفاء من يكتب حديثه ومن الرواة من لا يكتب حديثه يكتب حديثه لأنه يستفاد منه يجبر بالطرق الأخرى ومن الرواة من لا يكتب حديثه لأن حديثه لا ينجبر وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: « إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي » أخرجه مسلم « إن الله يحب » في هذا إثبات المحبة لله جل وعلا على ما يليق بجلاله وعظمته إثبات صفة المحبة لله جل وعلا على ما يليق بجلاله وعظمته وتأويل المحبة بإرادة الخير هذا تأويل باللازم وهو حيد عن الصواب وفرارًا عن إثبات الصفة هذا طريقة الأشاعرة ومن يقول بقولهم تأويل المحبة بهذا إرادة الخير تأويل الرحمة بإرادة الإنعام تأويل الغضب بإرادة الانتقام هذا كله تأويل سببه الفرار من إثبات الصفة وطريقة أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله جل وعلا لنفسه من الأسماء والصفات وأثبته له رسوله -عليه الصلاة والسلام- على ما يليق بجلاله وعظمته « إن الله تعالى يحب يحب العبد » من عباده وكذلك الأمة من إمائه يحب الرجل المتصف بهذه الصفات ويحب المرأة المتصفة بهذه الصفات والتنصيص على الذكور لا ينفي مشاركة الإناث فيما لم يرد دليل على التخصيص «إن الله يحب العبد التقي» التقي الملازم للتقوى بفعل الأوامر واجتناب النواهي بفعل الأوامر واجتناب النواهي هذا هو التقى والتقوى وصية الله جل وعلا للأولين والآخرين وهي خير ما يستعان به على أمور الدين والدنيا ومن ذلكم تحصيل العلم النافع ﯹﯺ ﯼﯽ البقرة: ٢٨٢ «العبد التقي الغني» الغني أكثر الشراح على أن المراد بالغنى غنى النفس لأن الغنى غنى المال في الغالب أنه وبال على صاحبه والفقراء من هذه الأمة يدخلون قبل الأغنياء الجنة بخمسمائة عام أو بمائة وعشرين عام أو بسبعين عامًا كما جاءت بذلك الأحاديث الغني وجاء تفسيره في حديثٍ «ليس الغنى بكثرة العَرَض ولكن الغنى غنى النفس» وأشار بعضهم إلى أنه لا يوجد ما يمنع من إرادة غنى المال يعني هو المتبادر من اللفظ لكن لما دلت النصوص على أن الغنى غنى المال في في الغالب وبال على صاحبه وأنه لا يخرج منه سالمًا حملوه على غنى النفس وإلا فالأصل أن الغنى غنى المال، والخفي «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» الذي يستخفي عن الأنظار ويكره تسلط الأنظار عليه وتسليطها عليه يستخفي عن الناس بأعماله وينقطع إلى عبادة الله جل وعلا ويشتغل بها يشتغل بعبادة الله جل وعلا وينشغل بأمور نفسه وينشغل بأمور نفسه فهو مستخف عن الأنظار ولا شك أن الاستخفاء بالعمل أقرب إلى الإخلاص أقرب إلى الإخلاص ولذا جاء في الحديث في السنن «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة» فالسر مطلوب لأنه أقرب إلى الإخلاص لكن هناك أعمال لا يمكن أن تؤدى إلا علانية لأن الجماعة مطلوب لها مطلوبة لهذه الأعمال فلا يقول خفي يصلي في بيته من باب الاستخفاء عن أنظار الناس نقول لا، تركت واجب فأنت آثم «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة» هل المراد به من يقرأ بين الناس يكون إسراره بالقراءة بينه وبين نفسه أفضل من جهره بالقراءة؟ أو المراد به من يقرأ القرآن بين الناس سرًا أو جهرًا ومن يقرأ في خلوته سواء كان سرًا أو جهرًا؟ يعني قوله السر والجهر «الجاهر بالقرآن» الجاهر لأن الجهر من خصائص الكلام الأصوات هي التي يجهر ويسر ويسر بها «كالجاهر بالصدقة» وش معنى الجاهر بالصدقة المعلن بها الذي يؤديها أمام الناس ولذا جاء في حديث السبعة «ورجل تصدق بيمينه تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» هذا الإسرار بالصدقة والجهر بالصدقة أن ينفق أمام الناس فهل الجهر والإسرار بالقرآن من باب رفع الصوت وخفضه؟ أو من باب إظهار القراءة أمام الناس أو استغلال الخلوات لقراءة القرآن لأنك إذا نظرت إلى لفظ الجهر فهو من خصائص الأصوات والإسرار من خصائص الأصوات لكن إذا نظرت إلى ما يتعلق بالصدقة لا يمكن مطابقة التنظير إلا أن يكون سرًا وعلانية ولذا جاء          فاطر: ٢٩ فقد تكون الأصل أن الإسرار سواء كان في القراءة أو في الصدقة أو في غيرها من العبادات أفضل لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء لكن قد يترتب على المفضول والمفوق ما يجعله فاضلاً فائقًا إذا وجد من يقتدي به أو وجد من يطعن فيه ويسيء الظن به إذا أسر بعمله ولم يظهر للناس منه شيء ولا سيما إذا كان محل للاقتداء به نقول أظهر بعض العمل ليقتدب بك الناس ولذا جاء في حديث المتصدق الذي بادر بالصدقة قوله -عليه الصلاة والسلام- «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» لأنه سبق الناس واقتدوا به «الخفي» قالوا الخامل المنقطع إلى عبادة الله المنجمع المشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره وضبطه بعض رواة مسلم بالحاء المهملة ولفظه «الحفي» بدل الخفي الحفي قالوا والمراد به الذي يصل رحمه ويحتفي بهم ويحرص عليهم وبره ينال الأقارب والأباعد محل احتفاء وعناية برحمه وبمن يحتاج إليه من الضعفاء «الخفي» بعضهم قال فيه دليل بل هو من أدلة تفضيل العزلة على الخلطة ما يمكن أن يصير خفي وهو جالس بين الناس خفي يعني معتزل عن الناس مختفي عن الأنظار فهذا من أدلة تفضيل العزلة «يوشك أن يكون خير المسلم غنمًا يتبع بها شعف الجبال يفر بدينه من الفتن» هذه هي العزلة وجاء في المقابل تفضيل الخلطة والذي يعاشر الناس ويخالط الناس ويصبر على أذاهم لا شك أن أجره عظيم فالذي لا سيما إذا كان ممن يحتاج إليه الناس فالتفضيل بين العزلة والخلطة محل خلاف بين أهل العلم وفي هذا نصوص وفي هذا نصوص ولأبي سليمان الخطابي رسالة في العزلة يوصى كل طالب علم بقراءتها كتاب نافع ونفيس من أفضل ما كتب في الباب وشراح الحديث شراح البخاري وغيره في أحاديث العزلة في القرن الثامن والتاسع يقولون والمتعين في هذه الأزمان العزلة لاستحالة خلو المحافل عن المعاصي وعن المنكرات نعم تجد المنكرات في كل مكان لكن هل العلاج أن تعتزل أو العلاج أن تنكر بالأسلوب المناسب وتتظافر جهودك مع غيرك للقضاء على هذه المنكرات لئلا تعم العقوبة؟ نعم والتفصيل المعروف عند أهل العلم أنه لا يقال بتفضيل العزلة مطلقًا ولا بتفضيل الخلطة مطلقًا بل يقال كل إنسان بحسبه فإذا كان الشخص يستطيع أن يؤثر في الناس ولا يتأثر بمعاصيهم ومنكراتهم يستطيع أن يؤثر يستطيع أن يغير ولا يتأثر بالمعاصي والمنكرات مثل هذا الخلطة في حقه متعينة وبالمقابل إذا كان الشخص يتأثر بما عند الناس من معاصي ومنكرات وجرائم ولا يستطيع أن يؤثر في الناس شيئًا يقال له العزلة في حقك أفضل قال رحمه الله وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» يعني من تمام إسلامه ومن كمال إسلامه أن يترك ما لا يعنيه ويهمه وينشغل بما يهمه ويعنيه الإنسان ينشغل وهذه وظيفة كثير من الناس اليوم فلان فعل وفلان ترك وفلان بنى وفلان هدم مما لا يترتب عليه شيء لا من تغيير واقع سيء ولا من زيادة في واقع حسن تجده ينشغل بفضول الكلام وفلان وفلان فلان بنى خمسة أدوار يقول واحد لو جعلها ستة لكان أفضل ويقول الثاني لو كانت أربعة لكان أحسن ويقول الثالث لو كان لونها كذا والرابع يقول لو كان موقعها كذا بنى وانتهى وأجّر أو سكن انتهى هذا انشغال بما لا يعنيه فمن حسن إسلام المرء أن يترك مثل هذه الأمور وأن ينشغل بما يعنيه ويهمه أمره إذا انشغل بما يعنيه وجمع همه فيما يصلح شأنه واشتغل بعيوبه وأعماله ومهماته عما يتعلق بغيره لا شك أنه سوف يفلح لكن إذا ترك ما يعنيه وانشغل بما لا يعنيه فإن مثل هذا في الغالب لن يدرك شيئًا مما يعني غيره ويضيع أموره وشؤونه وما يتعلق به بدون مقابل وهذا يشمل ما يعنيه من الأقوال وما يعنيه من الأفعال فهو حديث عظيم من جوامع كلمه -عليه الصلاة والسلام- يشتغل بما يعنيه أدخلوا في شرح هذا الحديث الاشتغال بالمسائل الفرضية التي غير واقعة من المتوقع وغير المتوقع أما المسائل المتوقعة والتي يغلب على الظن وقوعها واستنباط أحكامها من نصوص الكتاب والسنة وقواعد الشريعة هذا لا شك أنه داخل في العلم لكن ما لا يحتمل وقوعه ويفترض له أجوبة وأحكام مثل هذا لا شك أنه فيما لا يعني فيفرق بين ما يمكن وقوعه وما يستحيل وقوعه لأن كتب العلم يوجد فيها هذا وهذا يوجد فيها هذا وهذا وهذه أمور نسبية بعض المسائل يغلب على الظن وقوعها عند بعضهم وعند بعضهم لا يغلب على الظن عدم وقوعها وبعضهم يظن هذه مسألة مستحيلة لأنه لا يتصور أن مسلمًا يصل إلى هذا الحد من الافتراض وبعضم يظنها واقعة ومتوقعة فمثلاً تارك الصلاة حينما ذكروا الخلاف في كفره وقتله وأن يقتل حد أو يقتل ردة قال بعض العلماء المغاربة أن هذه مسألة افتراضية يستحيل وقوعها كيف تُفترض في مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ولا يصلي هذه مسألة مستحيلة ويجعلها مثل قول بعض الفرضيين من باب الافتراض توفي فلان عن ألف جدة لماذا يقول مثل هذا الكلام في مسألة تارك الصلاة؟ لأنه لا يستوعب مثل هذا الكلام مسلم لا يصلي! سبحان الله! لا يستوعب مثل هذا الكلام فجعل هذه المسألة من الافتراضيات التي لا يمكن وقوعها كيف لو رأى زماننا هذا؟ هل يمكن أن يقول مثل هذا الكلام وابتلي كثير من المسلمين في بيوتهم من لا يصلي دعونا ممن يتساهل بالجماعة ويصلي في بيته هذا شأن آخر لكن الذي يترك الصلاة بالكلية هل هو معدوم والا موجود؟ موجود مع الأسف وكانت المسألة فرضية في أول الأمر لأنهم لا يتصورونه ولا يتوقعونها المقصود أن مسائل الافتراض والاستحالة وإمكان الوقوع أمور نسبية قد تُظن هذه المسألة مستحيلة في هذا الوقت وفي وقت من الأوقات ممكنة في مسافة القصر الذي حددوا المسافة بمسيرة يومين قاصدين ثمانون كيلاً قالوا ولو قطعها في ساعة يعني من يقرأ في وقته في وقت صاحب الإقناع مثلاً تسعمائة وثمانين يقول ممكنة والا مستحيلة؟ مستحيلة، لكن في وقتنا بعض الشباب يجعلها في نصف ساعة ثمانين كيلو لو مشى مية وستين بنصف ساعة فالاشتغال بالمسائل الفرضية يعني أمور افتراضها نسبي وقوعها وعدمه أمر نسبي مثل ما ذكرنا في هذه المسائل وبعض المسائل تفترض ويعايى بها من باب رياضة العقل لا من باب افتراض الوقوع أشبه ما تكون بالألغاز فيعايون بها يحاجون بها تكون من الأحاجي والألغاز وهذا كثير عند الفقهاء كثيرًا ما يقولون ويعايى بها يذكرونها وعلى كل حال من اشتغل بمثل هذه المسائل وشغلته عن المسائل الواقعة والأقرب الاحتمال منها لا شك أنه مشتغل بمفضول مع وجود ما هو أفضل منه لكن إذا بحث المسائل الواقعة والمسائل الممكنة ومرّ بخاطره مسألة يمكن وقوعها أو يبعد وقوعها أو حتى يستحيل وقوعها ودونها من باب تكميل البحث بحيث لا تأخذ عليه وقت ولا جهد وتعوقه عن غيرها من المسائل الواقعة أو الممكنة هذا يتسامح فيه وفي كتب أهل العلم شيء من ذلك يذكر عن علي رضي الله تعالى عنه قوله العلم نقطة كثرها الجهال العلم نقطة كثرها الجهال يعني عندما تعرف لك حديث في سطر من جوامع الكلم ثم تتكلم عليه بما يحتمله ثم يأتي شارح ويطيل في تقرير شرحه ثم يأتي محشي ويزيد ثم يأتي من يقرئ الكتاب بحواشيه ويزيد هل هذا من المطلوب أو هذا من الأمر الذي لا يعني وما معنى نقطة كثرها الجهال وإذا نظرنا إلى أجوبة السلف وجدناها مختصرة يجيبون بكلمة أو كلمتين ثم صار الكلام يزيد إلى أن أجيب عن بعض الفتاوى بمئات الصفحات يعني الإمام أحمد كان يجيب بيعجبني أو لا يعجبني أو أكره ذلك أو أو لا ينبغي ثم صاروا يزيدون يذكرون الحكم بدليله وتعليله ومحترزاته ثم وصل الأمر إلى الإسهاب وذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله في فضل علم السلف على الخلف أن السلف كلامهم قليل مبارك قليل مبارك وكلام الخلف كثير منزوع البركة إلى أن قال ومن فضل عالمًا على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بسلف هذه الأمة يأتي مثل شيخ الإسلام يسأل سؤال ويجيب بمجلد هل نقول أن هذا على غير طريقة السلف أو أن نقول أن الناس استعدادهم غير استعداد الناس في عصر السلف الناس في عصر السلف إذا أعطي الحكم من إمام يثق بعلمه ودينه وورعه انتهى الإشكال لكن الآن هل يقتنع بشيء؟ لا بد من البسط ولا بد من التوضيح للناس ومسائل دخلها شيء من التعقيد بسبب التباسها بعلوم أخرى يعني دخلها ما دخلها من علوم معقدة فصار الجواب يحتاج إلى شيء من البيان والإيضاح لهذه القواعد المعقدة مثل شيخ الإسلام حينما يكتب التدمرية يعني كتابته للواسطية غير كتابته للتدمرية لأن الحال والوضع في التدمرية يختلف عن ما احتف بالواسطية من حال وقرائن وقل مثل هذا في بقية كتبه رحمه الله يكتب الفتوى بمائتي صفحة ويقول كتبتها وصاحبها مستوفز يريدها يعني ما جلس على الأرض وينهي الجواب بمائتي صفحة أو زيادة هل نقول إن هذا من العلم ومن فضول العلم التي يكفي عنه صفحة أو سطر أو جملة كما قال..؟ لا، ظروف الناس وأحوال الناس واستعداد الناس حينما دُخل المجتمع الإسلامي بغير المسلمين وبالمستجدين على الإسلام الذي يحملون أفكار ويحملون ثقافات يحتاجون إلى مثل هذا البسط فهذه مسألة تحوك في صدور طلاب العلم يعني كان الناس العلماء إلى وقت قريب وهم يقررون المسائل العلمية بطريقة موجزة مختصرة جدًا ويعلقون على الكتب بكلمات وجمل يسيرة ثم بعد ذلك وجد من يبسط ويسترسل ويستطرد هل نقول أن هذا على باطل؟ لا، الظرف يقتضي ذلك ويحتاج إلى ذلك المقصود أن الحاجة هي التي تحدد المنهج من تطويل أو اختصار وعلى المؤلف أو المعلم أن ينظر من يلقي إليه الدرس هل حاجته إلى الاختصار أو حاجته إلى التطويل نعم نحن بحاجة إلى الاختصار في موضعه ونحن بحاجة إلى البسط والإيضاح وضرب الأمثلة والأقيسة وذكر الأشباه والنظائر في بعض المقامات فلا يكون ممن خالف هدي السلف أو طريقة السلف، ابن عباس يجلس من صلاة العصر إلى صلاة العشاء أحيانًا وهو يقرر مسألة ويتكلم على بعض القضايا ويطيل ويفيض لأنه تأخر إلى عصر وجد فيه فيه من يحتاج إلى هذا البسط، قال رحمه الله في الحديث التاسع وعن المقدام بن معدِ يْكرب أو معد يَكرب وقد ضبط بالضبطين رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما ملأ ابن آدم وعاءًا شرًا من بطن ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطن» يعني ما فيه إشكال تملأ إناء من الطعام تملأ مستودع من الأطعمة قد يكون فيه شر وقد تتضرر بذلك وقد تلام على ذلك لكن ليس ضرره مثل ضرر ما تودعه في بطنك لأن ملأ البطن وملأ المعدة مؤثر في الصحة مؤثر في صحة الإنسان مؤثر في عمله مؤثر في فطنته وتصوره للأمور لا شك أن البطن إذا امتلأ غطَّى على كثير من الأمور ينشغل البدن بمعالجة هذا الغذاء عما هو أهم من ذلك إذا أكل أكلا كثيرًا نام كثيرا وفاته خير كثير والفطنة والبطنة تذهب الفطنة البِطنة تذهب الفطنة يعني الإنسان إذا شبع استرخى يريد أن أن يتصور بعض الأشياء هو بحاجة إلى أن يعالج هذا الطعام الذي في بطنه ليتفرغ للنظر الصحيح الدقيق وليتمكن البدن من مزاولة العبادة على الوجه الصحيح لنشط لعبادته ولذا جاء «ما ملأ ابن آدم وعاءًا شرًا من بطن» علما أن كثرة الأكل ليست مناط مدح فالعرب تذم بكثرة الأكل.

ومن تكن همته ما يولج            .

 

في بطنه قيمته...                 .

إيش؟ كلام شديد لكن مع ذلك ينبغي أن يهتم الإنسان بمثل هذا الحديث ويخف من الأكل فيأكل البلغة وبقدر الإمكان بقدر الحاجة بقدر الحاجة حفاظًا على صحته واستغلالاً لنشاط بدنه لأنه إذا أكل ثقل واسترخى وفاته خير كثير واحتاج إلى نوم كثير وقد يتضرر بذلك فتثور عليه بعض الأمراض التي هو في غنىً عنها لو قلل الأكل والمسألة تحتاج إلى همة وإلى عزيمة وكثير من الناس لا يملك نفسه إذا رأى الطعام لا يملك نفسه تجده يأكل وقد حُذِّر من الأكل ويحرص على بعض الأطعمة التي نُص عليها أنها مما يضره وحديث الأثلاث خير ما يُطبِّق في مثل هذا «فإن كان ولا بد فثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفَسك» أحيانًا إذا قام الإنسان من الطعام لا يستطيع أن يتنفس يحتاج إلى شربة ماء ما يستطيع البطن محدودة المعدة محدودة فعلى الإنسان أن يهتم بمثل هذا وإذا تأمل عيش المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وحياته علم أن هذا التوسع الذي نعيشه ليس كرامة لنا ليس كرامة لنا وإنما هو استدراج هذا الدنيا التي فتحت علينا ليس كرامة لنا فالدنيا الله جل وعلا يعطيها من يحب ومن لا يحب والدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن والنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه ربط الحجر على بطنه من الجوع -عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق على الله جل وعلا وأفضل الخلق وأتقاهم لله وأعلمهم بالله يربط الحجر على بطنه والواحد منا في بعض الموائد تجبى إليه من ست القارات وذكر المفسرون في قوله جل وعلا   النازعات: ٣٧ - ٣٨ أن من وضع على مائدته ثلاثة ألوان من الطعام فقد طغى يعني هذا في تقدير بعض الناس اليوم ضرب من الخيال وقد يعده بعضهم هلوسة فيمن يكتبون من من الصحف ويلمزون سلف هذه الأمة ويرون أن الجوع انتهى وولى وقته وزمانه الناس يُتخطفون من أيماننا وشمائلنا بالخوف والجوع والقتل والموت جوعًا والموت من البرد لا يجدون ما يؤويهم حلت المَثُلات بمن أمامنا ومن خلفنا وعن أيماننا وشمائلنا حلت قريبًا من دارنا فنعوذ بالله من السبب الذي أوقعهم فيما وقعوا فيه والسنن الإلهية لا تتبدل ولا تتغير والله المستعان وفي الحديث العاشر يقول رحمه الله وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كل بني آدم خطاء كل بني آدم خطاء» يستثنى من ذلك من عصمه الله جل وعلا من الأنبياء والمرسلين «وخير الخطائين التوابون» خطّاء فعّال صيغة مبالغة تحصل منهم الأخطاء الكثيرة يخطؤون بالليل والنهار كما في الحديث القدسي لكن خير الخطائين التوابون لأنه إذا أخطأ وتاب توبة نصوحًا التوبة تهدم ما كان قبلها وفضل الله أعظم بل تبدل سيئاته حسنات فعلى الإنسان أن يلزم التوبة وأن يتوب إلى الله جل وعلا ويجدد هذه التوبة وجوبًا   ﯿ النور: ٣١ فالتوبة واجبة والكبائر لا بد لها من توبة مع أنها تحت المشيئة لكن لا تكفرها الصلوات الخمس ولا رمضان ولا العمرة ولا الجمعة لا بد لها من التوبة هذا هو الأصل لكن رحمة أرحم الراحمين فوق ذلك فالسيئات التي تُكفر باجتناب الكبائر هي الصغائر تُكفر من الجمعة إلى الجمعة ومن رمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كلها تكفر الصغائر فقط بدليل القيد «ما لم تغش كبيرة» «ما اجتنبت الكبائر» فهو قيد معتبر «وخير الخطائين التوابون» التوبة بشروطها الإقلاع فورًا عن الذنب والعزم على عدم العود والندم على ما فات مخلصًا في ذلك لله جل وعلا هذا يهدم ما حصل وتبدل هذه السيئات حسنات كما في آية الفرقان وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الصمت حكمة» الصمت يعني السكوت حكمة نعم دلالة على رجاحة العقل لأن كثرة الكلام لا بد أن يقع معه الخطأ والزلل «وقليل فاعله» لأن بعض الناس ما يملك نفسه إذا سمع كلمة لا بد أن يرد عليها إذا سمع قصة لا بد أن يعقب عليها إذا سئل أحدهما في المجلس لا بد أن يتدخل ويسبق المسؤول هذه حال بعض كثير من الناس والقليل الذي يصمت «وقليل فاعله» يقول المؤلف أخرجه البيهقي في الشعب بسند ضعيف نعم المرفوع ضعيف لا يثبت المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحح البيهقي أنه موقوف من قول لقمان الحكيم فلا يصح مرفوعًا فُضُول الكلام من أعظم ما يُفسد القلب مع فضول النظر وفضول النوم وفضول السمع فضول الأكل الأكل الزائد والنوم الزائد على الحاجة والكلام الذي لا داعي له ومثله هذه الأمور التي تؤثر على قلب الإنسان هذه المنافذ للقلب فكيف يستطيع الإنسان أن يعالج قلبه وقد فتح هذه المنافذ الضارة وكلها تصب في هذا القلب لا يستطيع أن يعالج قلبه حتى يغلق هذه المنافذ إلا فيما ينفع وهذه النعم من الله جل وعلا نعمة البصر نعمة السمع نعمة الغذاء والنوم كلها نعم من الله جل وعلا لكنها هذا إذا استعملت فيما يرضي الله جل وعلا وشكر الله جل وعلا عليها وإلا انقلبت نقم.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.

"
هذا يقول نقل إلي أحد الإخوة أنه سمع في إذاعة القرآن أنك تفتي بجواز قول مرحبًا ردًا على من قال السلام عليكم وأن الأمر لا بأس به فكيف نجمع بين هذا وبين آية النساء؟

جاء في أحاديث صحيحة في قصة أما هانئ وفاطمة رضي الله عنهما أنهما سلمتا على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأجاب كل واحدة منهما بقوله « مرحبًا » جاءت أم هانئ إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قالت السلام عليك يا رسول الله فقال « من؟ » قالت أم هانئ قال « مرحبا بأم هانئ » وفي جواب فاطمة قال مرحبا بابنتي ولم ينقل رد السلام وهذه مسألة ذكرناها مرارًا وأن العلماء منهم من قال يكفي قول مرحبًا عن رد السلام ومنهم من قال أن رد السلام لا بد منه (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) فتقول وعليكم السلام وقول مرحبًا قدر زائد على ذلك فإذا رد السلام قال وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحبًا وقالوا في مثل هذه الصورة لا يلزم نقل الرد في كل مناسبة لا يلزم نقل الرد في كل مناسبة فيقال وعليكم السلام مرحبًا وعلى القول الأول يكتفى بمرحبًا وأنها تقوم مقام رد السلام ويدل لها أكثر من حديث وكلها صحيحة فمن يقول بأنها تكفي قال رد السلام لم ينقل فدل على أنها تكفي ومن قال إنه لم ينقل قال لا يلزم نقله في كل مناسبة يعني في قصة إبراهيم عليه السلام مع الملائكة في القرآن منها ما نُقل رده ومنها ما لم ينقل رده في الذاريات (قال سلامًا قال سلامٌ) لكن في الحجر ما نقل رده عليه السلام ولا يلزم النقل في كل مناسبة مع أنه يكون معلوم ومستقر عند السامع ولعل هذا هو الأحوط أما كوني جزمت بأن مرحبًا تكفي ما جزمت أنا أنقل الخلاف وقول الأكثر أنه لا بد من رد السلام لكن من أهل العلم من قال إن مرحبًا تكفي لا سيما وقد جاءت بها النصوص.

يقول « مروا أولادكم بالصلاة لسبع » هل المقصود بسبع انتهاء السبع أم ابتداء السبع؟

لا المقصود أنه لا يقال ابن سبع إلا وقد أكملها إلا وقد أكمل السبع يقال له ابن سبع وأما من لم يكمل السبع فهو ابن ست وأشهر فلا يقال فلان ابن سبع إلا وقد أكمل السبع فمروا أولادكم بالصلاة لتمام سبع سنين.

يقول هل نقل الأعضاء والتصدق بها وبيعها من الأمور المشتبهات أم أن حكمها بيّن؟ وما حكم نقل الكلى؟

معروف أن بعض المجامع الفقهية أفتت بجواز ذلك والذي أميل إليه وأرجحه أنه لا يجوز تصرف الإنسان بشيء من بدنه ألبتة لأنه لا يملكه.

يقول هل إذا غلب على ظني أحدنا أن لحمًا لم يذكى ومصدره من بلاد كالبرازيل أو الصين فهل يكون من قبيل الورع أم الوجوب؟

إذا غلب على الظن أنه لم يذك لم يجز أكله من أي بلد كان لكن إذا كان في بلاد المسلمين فالذي يغلب على الظن أنه ذُكي وقد جاء في الحديث أن قومًا يأتوننا بلحم قريب عهدهم بإسلام لا ندري أسموا عليها أم لم يسموا قال « سموا الله أ نتم وكلوا » لأنهم مسلمون وإن كانوا قريب عهدهم بإسلام لأن الأصل في ذكاة في ذبيحة المسلم أنها حلال لكن إذا عرفنا أن مصدرها غير مسلمين وغلب على ظننا أنهم يذبحون على غير طريقتنا ولو كانوا من أهل الكتاب أننا لا نأكل.

يقول أوصاني خليلي بثلاث ألا أنام حتى أوتر وأن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر فما هي الثالثة؟

ركعتا الضحى الثالثة ركعتا الضحى.

يقول يوم أمس صليت مؤتمًا بمسجد الجامعة وبعد الصلاة أعلمني أحد الإخوة بأن بعض الإخوة قد خرجوا من الصلاة لأن عندهم امتحان وظنوا بأني أطلت الصلاة.

إذا كنت أطلت الصلاة فهذا عذر في انصراف من له عذر كما في قصة معاذ وأما إذا كانت الصلاة معتدلة لا طول فيها فلا يجوز الانصراف منها بحال.
يقول مع العلم أن قراءتي كانت متوسطة ولا علم لي بأن الإخوة لديهم امتحان.
هو مثل ما قلنا بالأمس أنه إذا كان في آخر الوقت فلا عذر لأحد كائنا من كان ولو كان وراءهم امتحان إذا خشي خروج الوقت وأما في الوقت المتسع فالأمر فيه سعة إن شاء الله تعالى.

يقول من الأفضل في هذه الأمة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- هل هو عيسى عليه السلام أم أنه أبو بكر أم أنه أبو بكر؟

الأمة مجمعة على أن أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر وكون عيسى ينزل في آخر الزمان ويحكم بشريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- لا يقال أنه صحابي ولا من أمة محمد لماذا؟ لأن له وصفًا أعلى من ذلك وهو النبوة وإلا لقلنا أن جميع الأنبياء من أمته لأنهم لأنه لقيهم ليلة الإسراء حال كونهم مؤمنين به رأوه وهم مؤمنون به لكن ليسوا من أمته.

يقول الإنسان بطبيعة حاله يحب المدح ويكره الثناء.

وش معنى هذا؟
يحب المدح ويكره الثناء فكيف يعالج هذه المشكلة من حب المدح والثناء؟
السؤال فيه اضطراب فيه شيء من القلق مضطرب السؤال.
الإنسان بطبيعة حاله يحب المدح ويكره الثناء فكيف يعالج هذه المشكلة؟
لعله يكره الذم لعل المقصود يكره الذم.
فكيف يعالج هذه المشكلة من حب الثناء والمدح؟
ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد ذكر فائدة نفيسة عزيزة قال إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فأقبل على حب المدح والثناء واذبحه بسكين علمك أنه لا أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إلا الله جل وعلا ولذا لما قال الأعرابي أعطني يا محمد فإن مدحي زَين وذمي شين قال « ذاك الله » المخلوق لا ينفعك بشيء لم يقدره الله لك ولا يمكن أن يضرك إلا بشيء قد كتبه الله عليك فالأمر أولاً وآخرًا لله جل وعلا لكن هل في هذا قدح في الإخلاص إذا كان الإنسان يجد في نفسه هذا الأمر وجبل عليه كما هو في السؤال في قوله جل وعلا في أواخر سورة آل عمران ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أخذ بعضهم أن حب المدح بما يفعله الإنسان بما هو فيه لا يؤثر يعني مفهوم الآية بما لم يفعلوا أنهم إذا حمدوا أو مدحوا أو أثني عليهم بما فعلوه أن ذلك لا يؤثر لكن لا شك أن أكثر أهل العلم على أن الإنسان ينبغي ألا يلتفت إلى شيء من ذلك لأنه لا بد أن يكون له أثر في القلب لا بد أن يكون له أثر في القلب وأن يكون له نصيب من العمل لأن الإنسان إذا استمر يسمع المدح والثناء على أعماله وإن كان عملها لله جل وعلا فلا بد من ملاحظة ذلك عنده في الأعمال اللاحقة فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه ألا يكترث من هذا نعم جاء ما يدل على أن ثناء الناس على الشخص بأعماله أنه عاجل بشرى المؤمن لكن لا يعني أنه يفرح بذلك ويتأثر بذلك ويزيد عمه من أجل ذلك وجاء أيضًا أنه مُرَّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال « وجبت وجبت وجبت » ومر بجنازة أخرى فأثنوا عليها شرًا فقال « وجبت وجبت وجبت » فسألوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وش معنى وجبت؟ أنت قلت وجبت بالنسبة للاثنين فقال « في الجنازة الأولى أثنيتم عليها خيرًا فقلت وجبت يعني له الجنة وفي الثانية أثنيتم عليه شرًا فقلت وجبت يعني النار أنتم شهداء الله في أرضه » فلا شك أن اتفاق الناس وألسنة الناس على مدح فلان دليل على أنه صاحب خير واتفاقهم على ذمه دليل على أنه صاحب شر ولذا يرى جمع من أهل العلم وإن كان خلاف الصواب يرى جمع من أهل العلم أن من اتفقت ألسنة الناس على الثناء عليه أنه من أهل الجنة يشهد له بالجنة من هذا الحديث كمالك وأحمد وسفيان وأمثالهم ونظرائهم وابن المبارك كل هؤلاء اتفقت الألسنة على مدحهم فيدخلون في قوله « وجبت وجبت » لكن ذاك شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يشهد إلا لمن شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى كل حال ينبغي للإنسان أن يلتفت على مدح الناس وذمهم بقدر ما يعلق قلبه بالله جل وعلا الذي مدحه هو الذي ينفع والذي ذمه هو الذي يضر يعني لو أن إنسانًا قيل له في مجلس أن البارحة الأمير الفلاني أ والوزير ذكرك بخير وأثنى عليك وقال كيت وكيت وكيت أخذ يطريه ويمدحه يعني واقعنا وواقع غالب الناس أن مثل هذا الذي ذكر له هذا الخبر احتمال ألا ينام هذه الليلة هذا واقع الناس لكنه يغفل عن مثل قوله جل وعلا في الحديث القدسي « من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم » المقصود أن الملحوظ أولاً وآخرًا من له الأمر من له الأمر كله وبيده أزمة الأمور كلها وهو الله جل وعلا يعني شاع بين الناس التمادح حتى في الوجوه التي جاء ذمه المدح في الوجه جاء ذمه « احثوا في وجوه المداحين التراب » لكن الناس أخذوا على هذا واستمرءوه وصار بعضهم إذا لم يُمدح يعني حمل في نفسه على من تصدى للتعريف به يكون في نفسه شيء ولو قلل عن بعض ما يسمعه لحمل في نفسه عليه شيء النفس لها ضراوة على الشيء إذا ألفته فإذا قُلِّل منه كأنه إزراء بالشخص وازدراء له وفي هذه الدراسات التي تعوّد الناس على أن الطالب المشرف والمناقش والمناقش يمدح وكل يمدح الثاني وفي الندوات وغيرها كل إنسان يمدح الآخر على إيش من أجل إيش كل هذا على خلاف الهدي النبوي ما سمعنا هذا في سلف الأمة وأئمتها حتى وصل الأمر أن شاب من الدعاة الشباب الصغار رُتِّب له كلمة فأراد إمام المسجد أن يعرف به فأعطاه ورقة فيها سيرته الذاتية فلما قرأها المقدم التفت إليه وقال هداك الله قطعت عنقك صاحبك وأنا لا أرضى بهذا طيب أنت اللي معطيه الورقة يعني وصلنا إلى هذا الحد يعني هل نقول أن مثل هذا لا يتأثر لأن العلماء من خلال النصوص التي فيها مدح قالوا شريطة ألا يكون ممن يتأثر بالمدح ومن الذي لا يتأثر بالمدح في وقتنا هذا لأن حضوض النفس طغت على قلوب الناس فلا بد من النظر الدقيق في مثل هذه الأمور لأن الشرط معتبر الذي ذكره أهل العلم وفيه جواز مدح الإنسان بحضرته إذا كان ممن لا يتأثر بالمدح وقال ابن القيم رحمه الله في أواخر المجلد الأول من مدارج السالكين وكان شيخنا أبو العباس إذا مُدح قال أنا لست بشيء ولا مني شيء ولا لي شيء ولا عندي شيء.
أنا المكدي وابن المكدي
وكذلك كان أبي وجدي
هذا شيخ الإسلام كيف بآحاد المتعلمين وطلاب العلم ممن يحصل فيه شيء من المدح والثناء والإطراء في بداية الأمر فالإنسان إذا سمع المدح من البداية أخذ عليه وصار في نفسه حرج كبير إذا ما قدم له بشيء من الكيل للمدح والثناء على كل حال مثل هذا الأمر من أمراض القلوب التي ينبغي معاهدتها وعلاجها ولا يكون هم الإنسان أو الدافع له أو الذي يزيد من اهتمامه بالعلم والتعليم أن يكون مثار مدح للناس أو ليُقال.
ومن يكن ليقول الناس يطلبه
أخسر بصفقته في موقف الندم
وفي حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة رجل يؤتى به فيقال له ماذا عملت؟ قال تعلمت فيك العلم وعلمت الناس فيقال كذبت تعلمت ليقال عالم وعلمت ليقال عالم وقد قيل فيسحب على وجهه في النار وهو أحد الثلاثة الذي هم أول من تسعر بهم النار الثاني المتصدق الذي الذي يتصدق من أجل أن يقال جواد والمجاهد الذي يجاهد من أجل أن يقال شجاع.