تعليق على تفسير سورة الأنعام من أضواء البيان (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: سورة الأنعام. قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1]، في قوله تعالى: {يَعْدِلُونَ} وجهان للعلماء؛ أحدهما: أنه من العدول عن الشيء بمعنى الانحراف والميل عنه، وعلى هذا فقوله: {بِرَبِّهِمْ} متعلق بقوله: {كَفَرُوا}، وعليه فالمعنى: إن الذين كفروا بربهم يميلون وينحرفون عن طريق الحق إلى الكفر والضلال، وقيل على هذا الوجه: إن الباء بمعنى عن، أي: يعدلون عن ربهم، فلا يتوجهون إليه بطاعة ولا إيمان.

والثاني: أن الباء متعلقة بيعدلون، ومعنى يعدلون يجعلون له نظيرًا في العبادة، من قول العرب: عدلت فلانًا بفلان إذا جعلتَه له نظيرًا وعديلاً، ومنه قول جرير: أثعلبة الفوارس أم رياحًا. عدلت بهم طهية والخشابا، يعني: أجعلت طهية والخشاب نظراء وأمثالاً لبني ثعلبة وبني رياح. وهذا الوجه الأخير يدل له القرآن، كقوله تعالى عن الكفار الذين عدلوا به غيره: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97، 98]، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: 165]، وأشار تعالى في آيات كثيرة إلى أن الكفار ساوَوْا بين المخلوق والخالق، قبحهم الله تعالى، كقوله: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16]، وقوله: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17]، وقوله: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: 28] الآية، إلى غير ذلك من الآيات".

نعم؟

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

نعم ما يمنع.

طالب: .......

يعني الحروف عند أهل العلم من اللغويين وغيرهم تتقارب ويأتي بعضها في معنى بعض، فالباء هنا بمعنى عن، يعدلون عن الله -جَلَّ وعَلا- إلى غيره، وما هو ببعيد من القول الثاني، ما فيه منافرة من كل وجه، فعدولهم عنه إلى غيره لا يعني أنهم إذا عدلوا عن عبادته إلى غيره أنهم ألغوا عبادته بالكلية، بل إنهم يعبدونه ويجعلون له، وهذا الفعل عدول وميل وانحراف، عدول عن الحق وعن الجادة وعن الصراط المستقيم، وكونهم يعدلون به غيره من الباب المثيل والنظير يكون عدلاً له إن كان من جنسه أو من غيره عدلاً كما سيأتي التفريق بين العِدل والعَدل، فكلها تحتمل ما تحتمله الآية.

طالب: "وعِدل الشيء في اللغة مثله ونظيره، قال بعض علماء العربية: إذا كان من جنسه فهو عِدل بكسر العين، وإذا كان من غير جنسه فهو عَدل بفتح العين، ومن الأول قول مهلهل: على أن ليس عَدلاً من كليب. إذا برزت مخبأة الخدور، على أن ليس عِدلاً من كليب. إذا اضطرب العضاه من الدبور، على أن ليس عِدلاً من كليب. غداة بلابل الأمر الكبير. يعني أن القتلى الذين قتلهم من بكر بن وائل بأخيه كليب الذي قتله جساس بن مُرة البكري، لا يكافئونه ولا يعادلونه في الشرف".

ولو كانوا عددًا في مقابل شخص واحد؛ لأن الواحد قد يعدل بأمة، بألف مثلاً، كما أن الألف قد يكون لا يساوي واحدًا، كما في مقصورة ابن دريد:

والناس ألف منهم كواحد         وواحد كالألف إن أمر عنى

 فهؤلاء الذين قُتلوا في مقابل كليب لا يساوونه؛ لأنه ليس عَدلًا.

طالب: .......

ماذا ؟

طالب: .......

عدالة الراوي، ماذا فيها؟

طالب: .......

عَدل يعني اجتمع فيه الديانة، يعني ديِّن، يعني مقبول الرواية صادق في لهجته ملتزم بدينه صادق في لهجته، يعني مقبول الرواية.

طالب: .......

نعم. ويدخله علينا.

طالب: .......

نفس المادة، لكن المادة الواحدة، اللفظة الواحدة قد ترد لمعاني كثيرة جدًّا في لغة العرب، ولذلك من يبحث ويحقق إذا لم يعرف مدلول اللفظ في سياقه يضيع؛ لأنه قد يراجع المادة في كتب اللغة فيعرف أن لها معاني كثيرة جدًّا، فيضع هذا المعنى في غير موضعه، وهذا كثير. واحد حقق الطالع السعيد في علماء الصعيد، أنت منهم؟

طالب: .......

نعم، في ترجمة ابن دقيق العيد، ابن دقيق العيد وُلد على ثبج البحر بساحل ينبع، فكان يكتب اسمه: فلان ابن فلان ابن دقيق العيد القشيري الثبجي. العلماء يقولون: كان يكتب بخطه: الثبجي، نسبة إلى أيش؟ إلى ثبج البحر بينبع. الذي حقق الكتاب قال: الثبجي نوع من الخطوط، قال: بخطه الثبجي، قال: هذا نوع من الخطوط! الذي ما يفهم مدلول الكلمة في سياقها، تجد في هذه الكلمة تساق لعشرة معاني أو أكثر في كتب اللغة لا سيما المطولات، وكل سياق له نصيبه من هذه المعاني مفهوم.

فعَدل في تعديل الرواة في مقابل التجريح لا يعني أنه معناه مثل الذي معنا، يعني شبيه ونظير. يعني كونه عَدلاً، يعني لو نظرته بنظيره من الرواة قلت: عدَلت هذا بهذا، لكن ما تقول: عدَّلت هذا. ولذلك مصدره التعديل.

طالب: .......

عدَّلوه نعم. تظنه كان مائل ًا وعدلوه؟

طالب: لا.

نفس الشيء، نعم.

طالب: "ومن الثاني قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95]؛ لأن المراد نظير الإطعام من الصيام، وليس من جنسه، وقولُه: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ} [الأنعام: 70]، وقوله: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 123]. والعدل: الفداء؛ لأنه كأنه قيمة معادلة للمفدى تؤخذ بدله.

قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] الآية، في هذه الآية الكريمة ثلاثة أوجه للعلماء من التفسير، وكل واحد منها له مصداق في كتاب الله تعالى".

يعني كل وجه من هذه الوجوه له ما يؤيده من القرآن.

طالب: "الأول: أن المعنى وهو الله في السماوات والأرض، أي: وهو الإله المعبود في السماوات والأرض؛ لأنه -جَلَّ وعَلا- هو المعبود وحده بحق في الأرض والسماء، وعلى هذا فجملة {يَعْلَمُ} حال أو خبر، وهذا المعنى يبينه ويشهد له قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]، أي: وهو المعبود في السماء والأرض بحق، ولا عبرة بعبادة الكافرين غيره؛ لأنها وبال عليهم يخلدون بها في النار الخلود الأبدي، ومعبوداتهم ليست شركاء لله -سُبحانه وتعالى- عن ذلك علوًّا كبيرًا".

وإن كانوا يزعمون أنها آلهة على حد زعمهم، فهذا الزعم لا حقيقة له، ولا يغير من الواقع شيئًا، فالإله واحد.

طالب: "سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا، {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23]، {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [يونس: 66]".

فهؤلاء الذين يزعمون أنهم مشاركون لله -جَلَّ وعَلا- في استحقاق العبودية، هذا مجرد وهم منهم، والظن هنا بمعنى الوهم؛ لأنه احتمال راجح، وإن اعتقدوا ذلك اعتقادًا جازمًا، لكنه اعتقاد لا يؤيده عقل ولا نقل، فهو مجرد وهم وظن كاذب، والظن أكذب الحديث.

طالب: "وهذا القول في الآية أظهر الأقوال، واختاره القرطبي. الوجه الثاني: أن قوله: {فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3]، يتعلق بقوله: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ} [الأنعام: 3]، أي: وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض، ويبين هذا القولَ، ويشهد له قولُه تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان: 6] الآية. قال النحاس: وهذا القول من أحسن ما قيل في الآية، نقله عنه القرطبي.

الوجه الثالث: وهو اختيار ابن جرير، أن الوقف تام على قوله: {فِي السَّمَاوَاتِ}، وقوله: {وَفِي الْأَرْضِ} يتعلق بما بعده، أي: يعلم سركم وجهركم في الأرض، ومعنى هذا القول: أنه- جَلَّ وعَلا- مستوٍ على عرشه فوق جميع خَلقه، مع أنه يعلم سر أهل الأرض وجهرَهم، لا يخفى عليه شيء من ذلك. ويبين هذا القولَ، ويشهد له قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 16، 17] الآية، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، مع قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وقوله: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7].

 وسيأتي إن شاء الله تحقيق هذا المقام بإيضاح في سورة الأعراف. واعلم أن ما يزعمه الجهمية من أن الله تعالى في كل مكان، مستدلين بهذه الآية على أنه في الأرض؛ ضلال مبين، وجهل بالله تعالى؛ لأن جميع الأمكنة الموجودة أحقر وأصغر من أن يحل في شيء منها ربُّ السماوات والأرض، الذي هو أعظم من كل شيء، وأعلى من كل شيء، محيط بكل شيء".

يعني أنه -على زعم الجهمية- أنه في الأرض، كما أنه في السماء، بل قولهم: إنه يحل في كل مكان بذاته -جَلَّ وعَلا-، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

طالب: "محيط بكل شيء، ولا يحيط به شيء، فالسماوات والأرض في يده -جل وعلا- أصغر من حبة خردل في يد أحدنا، وله المثل الأعلى، فلو كانت حبة خردل في يد رجل فهل يمكن أن يقال: إنه حالٌّ فيها، أو في كل جزء من أجزائها؟ لا، وكلا، هي أصغر وأحقر من ذلك، فإذا علمتَ ذلك، فاعلم أن رب السماوات والأرض أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، محيط بكل شيء، ولا يحيط به شيء، ولا يكون فوقه شيء: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3]، سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]".

طالب: .......

وما دور التذكر والتصور؟

طالب: .......

أعوذ بالله، أعوذ بالله، نسأل الله العافية.

طالب: .......

ما هي مسألة إثم، المسألة عظيمة. هذا مثل قول غلاة الصوفية من الاتحادية، لما رأى الحمار نزع عليها. ما معنى نزع عليه؟

طالب: .......

نعم. لما قيل له في ذلك؟ قال: تذكرت الله -جَلَّ وعَلا- في صورته! تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. هذا منهم، مثلهم.

طالب: .......

الخلاص من ذلك يعرف حقيقة أبيه، وأنه ميت، وأنه أكله التراب، إلا أن يكون ممن حُفظ جسده من الأكل. هذا خلل في العقل، كما أنه ضلال مبين.

طالب: .......

ممكن، عند الصوفية أشياء، ويتصورون أشياء، ويتوهمون أشياء، من كثرة ما تتردد في عقولهم وفي أذهانهم يظنونها حقائق، وفي تراجمهم من ذلك الشيء الكثير، والشيطان قد يظلهم إذا رأى اتجاههم هذا الاتجاه يلبِّس عليهم بأشياء، كما قال شيخ الإسلام: من يدعو ميتًا في قبره، يا فلان افعل كذا وكذا، قد يكون من فتنته أن يتكلم الشيطان من داخل القبر يقول له: أجبتك، أو: أبشر، أو: تلقى المكان الفلاني، أو كذا وكذا، ثم بعد ذلك هل يرجع عن هذا الضلال إذا دُعي وقد حصلت له هذه الفتنة؟ هذا من تمام الفتنة نسأل الله العافية.

ابن بطوطة رحلته للمشرق، ذكر أنه مر بولي -على حد زعمه- فأعطاه جُبة، الولي أعطاه جبة وقال: ستحتاجها، يقول: لما تعديت البلدة، ودخلت بلدة ثانية وثالثة أصابني برد شديد، فلبستها، ثم بعد ذلك مررت ببلدة فيها ولي -على حد زعمه، نسأل الله العافية-.

طالب: .......

ثانٍ.

طالب: حي حي.

حي حي، وذاك حي. المهم أنه بدأ يدير نظره ويتأمل وينظر كيف عرف هذا الولي أني يصيبني برد شديد فأحتاج هذه الجبة، فقال له الثاني -في حقيقة الشيطان ليس بولي- قال: أتعجب من صنيع فلان بأنه يعلم الغيب؟ قال: أنا والله ما زلت متعجبًا، قال: ألا أخبرك بما هو أعظم من ذلك، أنه يدبر الكون! نسأل الله العافية. المسألة مسألة استدراج، قد يقع الإنسان في أول الأمر في شيء يسير، ثم يتطور شيئًا فشيئًا، ثم يصل إلى هذه المرحلة. وقلنا مرارًا: متى قال ...

طالب: .......  

نعم، من هو؟ قد نجيء باسمه الآن. متى قال؟

طالب: .......

لا لا، ما هو؟ ماذا قلت؟

طالب: .......

هاته الذي قلته؟

طالب: السفاريني.

لا، السفاريني من أهل السنة عنده لفظة يسيرة، وإلا فهو من أهل السنة ما فيه شك.

طالب: .......

بشر، نعم بشر المريسي، مثل قول: سبحان ربي الأسفل! يعني هل يتصور هذا أحد؟ إلا أنه استُدرج شيئًا فشيئًا، ثم أُلزم بلوازم فالتزمها، ثم ذهب إلى ما هو أعظم منها، وعوقب بأشد من ذلك، ثم في النهاية وجد نفسه يقول: سبحان ربي الأسفل! نسأل الله العافية، نسأل الله الثبات. نعم.

طالب: "قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأنعام: 7]، ذكر في هذه الآية الكريمة: أن الكفار لو نزَّل الله عليهم كتابًا مكتوبًا في قرطاس، أي صحيفة، إجابةً لما اقترحوه، كما قال تعالى عنهم: {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93] الآية".

القرطاس هو ما يُكتب به، سواء المكتوب على جلد أو على عظم أو على حجر أو على... ما يكتب مطلقًا.

طالب: .......

به بالقلم، الكتابة تكون على الرق والكاغد والحجر. لماذا لا نقول: إن القرطاس هو القرطاس الذي عندنا ذا؟

طالب: .......

نعم. مصانع الورق ما وُجدت إلا في عهد هارون الرشيد، فالقرطاس أعم من أن يكون عظمًا أو غيره. كانت الكتابة على حجارة، يكتبون على حجارة، وكانوا يكتبون على عظام في الخاف، وعلى عُسب النخل وعلى غيرها من الجلود. الآن لو تريد أن تكتب هذا المجلد على حصى، فماذا يحمله؟ أو على جلود. ولذلك يقولون: كتاب الأغاني في كم بعير؛ لأنه مكتوب على حصيان وجلود وعسبان! والله سبحان الله العظيم كيف نتصور هذه النعمة التي نعيشها، الذي يسر الله لنا كتابه أن نضعه في جيوبنا، بدلاً من أن تكتب الأربعين النووية كم تحتاج من جمل إذا كتبتها على حصى، والآن تكتب في هذه الآلات الذكية شيئًا بضغطة زر تنسخ لك عشرة آلاف مجلد، نِعم تحتاج إلى شكر.

 ومع ذلك، المعاناة التي عانوها هي التي رسَّخت العلم في قلوبهم، يحفظ سبعمائة ألف حديث، خمسمائة ألف حديث، هذه لو تكتب ماذا تصير، فعمدوا بدلاً من الكتابة إلى الحفظ. ونحن اعتمدنا على هذه الآلات التي بضغطة زر تخرج لك كل ما تريد من الأحاديث ومن الآيات ومن الأقوال في الرواة وغيرهم، لكن ما النتيجة؟

النتيجة أنك تعتمد على هذه الأمور، ولا تحفظ، ولا تراجع بزعمك أو على حد زعمك أنك متى ما أردت وجدت. فهذه لا شك أنها من الصوارف عن تحصيل العلم، ولذا جاء في حديث أبي سعيد: «لا تكتبوا عني شيئًا سوى القرآن، ومن كتب شيئًا سوى القرآن فليمحه»؛ لأنهم سيعتمدون على الكتابة، ويضيع الحفظ. في النهاية قال: «اكتبوا لأبي شاة»، وقال أبو هريرة- رَضِيَ اللهُ عنهُ-: ما كان من أحد أكثر مني حديثًا عن رسول الله، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب، فجُوِّزت الكتابة، وأجمع على جوازها، والحمد لله مشت الأمور، لكن يبقى أنه ماذا بعد الكتابة؟

لما جاءت الطباعة، نُقل عن بعض شيوخ الأزهر أنه حرَّم طباعة كتب العلوم الشرعية. كتب اللغة، كتب التاريخ، الأدب، والآن اطبعوا ما عليكم، ماذا يخشى عليها هذا العالم الأزهري؟ يخشى أن الإنسان يصير مآله مثل مآلنا، تشتري كتابًا عشرة مجلدات وترصه بهذا الدالوب وهذا آخر ما عندك، وتقتني مكتبة عشرة آلاف مجلد، عشرين ألف، ثم بعد ذلك، ثم ماذا؟ نحن أدركنا شيوخًا من عنده دالوب واحد أو دالوبان أو ثلاثة بالكثير، لكن فتش كتبهم كلها مقروءة ومعلق عليها. ونحن نكتفي بنظارة الورق وجمال الطباعة والزخرفة في الجلد، وهكذا. كتب بعض الشيوخ التي اطلعنا عليها من التركات الورق أسود، وأنا أقول: من كثرة القراءة فإذا به من الدسم إذا أكل أو دهن رِجليه أو غيره!

يعني الترف هذا الذي نعيشه من أعظم الصوارف عن العلم، والترف في جميع النصوص مذموم، ومطلوب من المسلم أن يتوسط في أموره، على حد قدراتهم وعلى حد إمكانيتهم. يقول عمر بن الخطاب: ليس لنا مناديل إلا بطون أقدامنا، إذا أصابهم شيء مسح، بدل ما يروح يشتري فازلين أو يشتري شيئًا انتهى الإشكال، وعاشوا أفضل عيش.

طالب: .......

القلم والمداد، هذا الذي يكتب.

طالب: .......

عليها الصحيفة.

طالب: .......

لا لا.

طالب: .......

ماذا؟

صحيفة، ماذا قلت؟ أين الإشكال؟ إن كان سبق لساني فأنا متعود على هذا وأنتم متعودون عليه جزاكم الله خيرًا.

نعم.

طالب: "فعاينوا ذلك الكتاب المنزَّل، ولمسته أيديهم، لَعَاندوا وادعوا أن ذلك من أجل أنه سَحرهم. وهذا العناد واللجاج العظيم والمكابرة الذي هو شأن الكفار، بيَّنه تعالى في آيات كثيرة كقوله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر: 14، 15]، وقوله: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور: 44]، وقوله: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 96، 97] الآية، وقوله: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]".

النسخة التي معنا مطبوعة من المصحف، يعني المطبوع بحرف المصحف، فتجده على القراءة الدارجة عندنا.

طالب: "وقوله: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]، وقوله: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} [الأنعام: 25]، إلى غير ذلك من الآيات. وذكر تعالى نحو هذا العناد واللجاج عن فرعون وقومه في قوله: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 132]".

{فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}؟

طالب: .......

هذا هو.

طالب: .......

نعم، هذا.

طالب: .......

على كل حال قراءة، هو ما ينكر، القراءة سبعية متواترة، لكن أقول: الحرف حرف القرآن المطبوع مع هذا التفسير هذه الطباعة الأخيرة مأخوذة من رسم المصحف.

طالب: "قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} [الأنعام: 8]، لم يبين هنا ماذا يريدون بإنزال الملَك المقترح، ولكنه بيَّن في موضع آخر أنهم يريدون بإنزال الملَك أن يكون نذيرًا آخر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك في قوله: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان: 7] الآية.

قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ} [الأنعام: 8]، يعني: أنه لو نزَّل عليهم الملائكة وهم على ما هم عليه من الكفر والمعاصي، لجاءهم من الله العذاب، من غير إمهال ولا إنظار؛ لأنه حَكَم بأن الملائكة لا تنَزَّل عليهم إلا بذلك، كما بينه تعالى بقوله: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} [الحجر: 8]".

أي بعد ذلك، فإنهم لا يُنظرون ولا يُمهلون.

طالب: "وقوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ} [الفرقان: 22] الآية.

قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9]، أي: لو بعثنا إلى البشر رسولاً ملكيًّا، لكان على هيئة الرجل؛ لِتُمكنهم مخاطبته، والانتفاع بالأخذ عنه؛ لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من شدة النور، ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر كما هم يُلبِّسون على أنفسهم في قبول رسالة الرسول البشري".

والرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- جاءه جبريل على صورة دحية الكلبي، وأما رؤيته إياه على خلقته له ستمائة جناح فحصل مرتين.

طالب: "وهذه الآية الكريمة تدل على أن الرسول ينبغي أن يكون من نوع المرسَل إليهم، كما أشار تعالى إلى ذلك أيضًا بقوله: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولاً} [الإسراء: 95]".

لا بد من المجانسة بين الرسول والمرسل إليهم ليتم الانتفاع به.

طالب: "قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10]. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن الكفار استهزءوا برسل قبل نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وأنهم حاق بهم العذاب بسبب ذلك، ولم يفصل هنا كيفية استهزائهم، ولا كيفية العذاب الذي أُهلكوا به، ولكنه فَصَّل كثيرًا من ذلك من مواضع أخر متعددة، في ذكر نوح وقومه، وهود وقومه، وصالح وقومه، ولوط وقومه، وشعيب وقومه، إلى غير ذلك. فمن استهزائهم بنوح قولهم له: بعد أن كنت نبيًّا صرت نجارًا".

لا، العكس: بعد أن كنت نجارًا صرت نبيًّا.

طالب: .......

وقبل النبوة ما كان نجارًا؟ قبل النبوة؟ إن كان فالكلام صحيحًا ، يكون صحيحًا الكلام: بعد أن كنت نجارًا صرت نبيًّا. وعلى الاحتمال الذي ذكرتموه صحيح أنه نبي ولا يعرفون عنه إلا النبوة، ثم في النهاية طلع نجارًا ماهرًا، من باب الاستهتار به.

طالب: .......

نعم.

طالب: "وقد قال الله تعالى عن نوح: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود: 38]، وذكر ما حاق بهم بقوله: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14]، وأمثالها من الآيات. ومن استهزائهم بهود ما ذكره الله عنهم من قولهم: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود: 54]، وقوله عنهم أيضًا: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: 53] الآية، وذكر ما حاق بهم من العذاب في قوله: {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] الآية، وأمثالها من الآيات.

ومن استهزائهم بصالح قولهم فيما ذكر الله عنهم: {يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: 77]، وقولهم: {يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود: 62] الآية، وذكر ما حاق بهم بقوله: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94]، ونحوها من الآيات.

ومن استهزائهم بلوط قولهم فيما حكى الله عنهم: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} [النمل: 56] الآية، وقولهم له أيضًا: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [الشعراء: 167]، وذكر ما حاق بهم بقوله: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر: 74]، ونحوها من الآيات. ومن استهزائهم بشعيب قولهم فيما حكى الله عنهم: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91]".

{مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ}، شعيب جاء في الأثر أنه خطيب الأنبياء من فصحاته، فكيف ما يفقهون كثيرًا مما يقول إلا أنه من باب العناد والشقاق قالوا هذا الكلام.

طالب: "وذكر ما حاق بهم بقوله: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189]، ونحوها من الآيات".

ماذا؟

طالب: ...

وذكر؟

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

{يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82] نعم، مع أنه دعوته إلى ترك جريمتهم للطهر، ومزاولتهم لهذه الجريمة هو عين تلبسهم بالنجاسة.  

طالب: "قوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14]، يعني: أنه تعالى هو الذي يرزق الخلائق، وهو الغني المطلق فليس بمحتاج إلى رزق، وقد بيَّن تعالى هذا بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 58]. وقراءة الجمهور على أن الفعلين من الإطعام، والأول مبني للفاعل، والثاني مبني للمفعول، كما بيَّناه، وأوضحته الآيةُ الأخرى، وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش الفعل الأول كقراءة الجمهور، والثاني بفتح الياء والعين".

ولا يَطْعَم، مضارع طَعِم.

طالب: "مضارع طَعِمَ الثلاثي بكسر العين في الماضي، أي أنه يرزق عباده ويُطعمهم، وهو- جَلَّ وعَلا- لا يأكل؛ لأنه لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوق من الغداء؛ لأنه -جَلَّ وعَلا- الغني لذاته الغنى المطلق، سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]. والقراءة التي ذكرنا عن سعيد ومجاهد والأعمش موافِقة لأحد الأقوال في تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2]، قال بعض العلماء: الصمد السيد الذي يُلجأ إليه عند الشدائد والحوائج".

القراءة الثانية على أن تفسير الصمد الذي لا جوف له، وهو لا يَطعم، غناه الكامل عن ذلك.

طالب: .......

لكن على كل حال هل هو لعدم اتفاقهم في اللغة؟ لا لا.

طالب: ...

طالب: .......

إلا بلسان قومه، نعم.

طالب: .......

يَطعَم نعم، ولا يَطعَم. المقصود أن تفسير الصمد الذي لا جوف له، فلا يَطعم.

طالب: .......

يُطعمون.

طالب: ...

لا، المقصود القراءة في آية السورة: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14]، القراءة: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يَطْعَمُ} [الأنعام: 14]، آية السورة التي نحن فيها.

طالب: "قال بعض العلماء: الصمت السيد الذي يُلجأ إليه عند الشدائد والحوائج، وقال بعضهم: هو السيد الذي تكامل سؤدده، وشرفه، وعظمته، وعلمه، وحكمته، وقال بعضهم: الصمد هو الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد؛ وعليه، فما بعده تفسير له، وقال بعضهم: هو الباقي بعد فناء خلقه، وقال بعضهم: الصمد هو الذي لا جوف له، ولا يأكل الطعام، وهو محل الشاهد، وممن قال بهذا القول ابنُ مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الله بن بريدة، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وعطية العوفي، والضحاك، والسُّدِّي، كما نقله عنهم ابن كثير، وابن جرير وغيرهما.

 قال مقيده -عفا الله عنه-: من المعروف في كلام العرب إطلاق الصمد على السيد العظيم، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له، فمن الأول قول الزبرقان:

سيروا جميعًا بنصف الليل واعتمروا     ولا رهينة إلا سيد صمد".

عندي: واعتمدوا، بالدال.

طالب: "واعتمدوا        ولا رهينة إلا سيد صمد

 وقول الآخر: علوته بحسام ثم قلت له     خذها حُذَيف فأنت السيد الصمد".

قوله: فأنت السيد الصمد، هذا يمدحه أم يذمه؟ يستهزئ، {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49]، استهزاء.

حذيف منادى.

طالب: .......

ما هو بتصغير، ترخيم، حذف آخر المنادى يسمى ترخيمًا، عائش وسُعى فيمن دعا سعادًا. معروف الترخيم نعم، فكن هناك لغة من ينتظر ولغة من لا ينتظر، إذا قلت: يا عائشُ تقصد عائشة، هذه لغة من لا ينتظر الحرف المحذوف، عاملته على أنه اسم كامل ولا تنتظر الحرف المحذوف، فإن كنت تنتظر الحرف المحذوف فتقول: يا عائشَ؛ لأن الشين مفتوحة.

طالب: "وقول الآخر:

ألا بكَّر الناعي بخير بني أسد           بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

 ومن الثاني قول الشاعر: شهاب حروب لا تزال جياده      عوابس يعلكن الشكيم المصمدا فإذا علمت ذلك، فالله تعالى هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات، وهو الذي تنزَّه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين، كأكل الطعام ونحوه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا.

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام: 14] الآية، يعني أول من أسلم في هذه الأمة".

نعم. نعم.

طالب: .......

تعالى الله، أحسنت. نعم.

طالب: "قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام: 14] الآية، يعني أول من أسلم في هذه الأمة التي أرسلتُ إليها، وليس المراد أول من أسلم من جميع الناس، كما بينه تعالى بآيات كثيرة تدل على وجود المسلمين قبل وجوده -صلى الله عليه وسلم- ووجود أمته".

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، {إِنَّ الدِّينَ} يعني جنس الدين الذي عليه جميع الأنبياء، فجميع الأنبياء مسلمون قبله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، مما يدل على أن قوله: {أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام: 14] يعني من هذه الأمة، وما كان قبله من الأنبياء ومن تابعهم مسلمون أيضًا.

طالب: "كقوله عن إبراهيم: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131]، وقوله عن يوسف: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]، وقوله: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: 44]، وقوله عن لوط وأهله: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 36]، إلى غير ذلك من الآيات.

قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام: 17]، أشار تعالى بقوله هنا: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} بعد قوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ}، إلى أن فضله وعطاءه الجزيل لا يَقدر أحد على رده، عمن أراده له تعالى، كما صرح بذلك في قوله: {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [يونس: 107] الآية.

قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، صرَّح في هذه الآية الكريمة بأنه -صلى الله عليه وسلم- منذر لكل من بلغه هذا القرآن العظيم كائنًا من كان، ويُفهم من الآية أن الإنذار به عام لكل من بلغه، وأن كل من بلغه ولم يؤمن به فهو في النار، وهو كذلك. أما عموم إنذاره لكل من بلغه، فقد دلت عليه آيات أخر أيضًا كقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]".

البلوغ، بلوغ الدعوة لا شك أنه لا بد منه لقيام الحجة على من بلغته الدعوة، لكن يبقى مسألة فَهم الحجة أو زوال المانع من قبول الحجة. فهم الحجة بالنسبة للأعاجم الذين لا يفهمون من العربية شيئًا، ولا يفهمون القرآن، هؤلاء كمن لم يبلغهم، لا بد من فهمهم للقرآن، لا بد أن يفهموا الحجة. أما زوال المانع عن قبول الحجة بعد أن بلغته وفهمها فهذا ليس بلازم. وبهذا يحتج كثير من المبتدعة إذا تُلي عليهم من آيات القرآن أو من الأحاديث النبوية، قالوا: هذا عندكم، شيوخكم يقولون هذا، ونحن شيوخنا يقولون كذا. هذا مانع من قبول الحجة، كونهم يرون الشيوخ الذين يقتدون بهم ويثقون بهم ويرونهم يعظَّمون ويقدسون من نعومة أظفارهم وعاشوا ونشأوا على ذلك، لا شك أن هذا في كثير من الأقطار وفي كثير من الأحيان يمنع من قبول الحجة. إذا قيل لهم، تليت عليهم الآية التي تدل على منع ما يزاولونه، قالوا: ما أنتم أعرف من شيوخنا.

طالب: .......

ولو كان مجهولًا، إذا كان الدليل من كتاب الله ومن سنة رسوله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.

طالب: .......

هذا مانع من قبول الحجة بلا شك، وهذه ذريعة يتذرعون بها.

طالب: .......

لا لا، ما هو بعذر، لا، إذا سمع القرآن خلاص: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]. أما كونه يثق بشيخ نشأ وعاش عقودًا، والناس يتبركون به، ويتمسحون به، ويزاول هذه الأعمال البدعية، وقد تكون شركية، والقرآن يقول كذا، ما هو بعذر أبدًا.

طالب: .......

كذلك، كثير من العامة حتى من عندنا قد يكون، إذا قلت له: الحكم كذا، والدليل كذا في صحيح البخاري ومسلم، قال: ولو، الشيخ فلان يقول كذا.

طالب: .......

هو ما يميز، لكن إذا سمع الدليل يجب عليه أن يقف.

طالب: .......

هو إذا وُجد التعارض هذا الإشكال، أما إذا لم يكن له معارض.

طالب: .......

هو ثقته بشيخ وبعالمه، أنت أعرف من الإمام أحمد؟ يقول لك كذا. طيب عند الدليل من الصحيحين مثلاً ....... هل عرفته وخفي على الإمام أحمد من قبلك؟ هي مشكلة الثقة بالرجال، الثقة الزائدة التي يجعلونهم يقدَّمون على نصوص الكتاب والسنة هذه مشكلة، ولذا يقول الصاوي في حاشيته على الجلالين: ولا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، ولو خالفت الكتاب والسنة وقول الصحابي! يقول هذا الكلام.

طالب: .......

ما هو بصحيح أنهم ما يفقهون، شعيب من أفصح الناس، هو خطيب الأنبياء.

طالب: .......

كونه ما يفهم أو ما يسمع، إلى الآن في قضايا الناس العادية قد يتذرع أنه لا يفهم ويقول: ماذا تقول؟ وهو يكذب، فهو يفهم لكن يريد ألا تؤاخذه، وهذا مثل قوم شعيب.

طالب: ...

ماذا؟

طالب: .......

أبدًا، الذي ما يفهم الاصطلاحات الشرعية من العوام وأشباه العوام، هذا يُفهَّم، يعني الذي قيل له: هذا الحديث مكذوب على النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وهو قال: يا شيخ موضوع، قال: مكذوب أصرح من موضوع، قال: يا شيخ كيف تقول مكذوب وهو في كتب السنة بالأسانيد؟ قال: هات، وجاء به من الموضوعات لابن الجوزي، هذا فيه حيلة ذا وهو ينتسب إلى العلم لكنه أعجمي؟

طالب: .......

المهم أنه وصل إليه، وليس أن يصل إليه بمصحف، مثل هذا المصحف، لا بد أن يسمع: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، لا بد أن يسمع.

طالب: .......

هو لا بد أن يبلغه: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]، إذا سمع كلام الله وهو يفهم هذا الكلام، ما هو بأعجمي الذي يسمع كأنه لا يسمع، هذا شيء ثانٍ لا بد أن يُوضَّح له.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

يعني ما بلغته؟

طالب: .......

يعامل معاملة أهل الفترة كما ذكر ابن القيم في طبقات المكلفين في آخر طريق الهجرتين.

طالب: .......

الذي هو أخذ الميثاق؟

طالب: .......

لا.

طالب: .......

كتب كلام الأئمة معروف، وكتب من المتأخرين مؤلفات كثيرة وموجود.

طالب: "أما عموم إنذاره لكل من بلغه فقد دلت عليه آيات أخر أيضًا كقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، وقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1]. وأما دخول من لم يؤمن به النار، فقد صرح به تعالى في قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 17]. وأما من لم تبلغه دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فله حكم أهل الفترة الذين لم يأتهم رسول، والله تعالى أعلم".

منهم من يقول: إنهم يختبرون يمتحنون، يخرج لهم لسان من نار فيقال لهم: اقتحموا، هذا قول من الأقوال على كل حال، فإن اقتحموا اجتازوا، وإن رفضوا لم يجتازوا. كلام ابن القيم مفصّل في آخر طريق الهجرتين، في طبقات المكلفين ذكرها بالتفصيل.

طالب: "قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28]، هذه الآية الكريمة تدل على أن الله -جَلَّ وعَلا- الذي أحاط علمه بكل موجود ومعدوم، يعلم المعدوم الذي سبق في الأزل أنه لا يكون لو وُجد كيف يكون؛ لأنه يعلم أن رد الكفار يوم القيامة إلى الدنيا مرةً أخرى لا يكون، ويعلم هذا الرد الذي لا يكون لو وقع كيف يكون، كما صرَّح به بقوله".

لكن يبقى أن المعدوم شيء أم ليس بشيء؟

طالب: .......

المؤلف يقول: يعلم المعدوم.

طالب: .......

الكلام على ما عندنا: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، الله -جَلَّ وعَلا- أخبرنا أنه يعلم ماذا سيحدث لو رُدوا، وهذا الامتناع امتناع وجود هذا الرد فهو ممتنع، لكن مع ذلك علم الله -جَلَّ وعَلا- محيط به، وأنهم لو ردوا لعادوا، يعني كيف يحكم على هذا، حكم على هذا في الأزل قبل أن يوجد أنه من أهل النار؛ لأن الله يعلم ماذا سيفعل إذا وُجد، نعم، يعلم مآله إذا وجد أنه لن يستجيب لدعوة الله.

طالب: .......

المقرر عند شيخ الإسلام أنه لا يقال له شيء، ولذلك......

طالب: ...

ماذا؟

طالب: .......

على كل حال هل، بالنسبة لعلم الله -جَلَّ وعَلا- لا أحد يتدخل فيه، لكن في مثل قول بعض الزنادقة في القدرة الإلهية يقول: هل يستطيع الله أن يخلق صخرة لا يستطيع تفتيتها؟ هذا ممتنع، ولا يمكن أن يتصور في الوجود؛ لأنه جمع بين النقيضين.

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

المنفي بليس معدوم، تفصيل المسألة يحتاج إلى وقت.

طالب: "كما صرَّح به بقوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28]، وهذا المعنى جاء مصرَّحًا به في آيات أخر. فمن ذلك أنه تعالى سبق في علمه أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، لا يخرجون إليها معه -صلى الله عليه وسلم- والله ثبَّطهم عنها لحكمة، كما صرَّح به في قوله: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: 46] الآية، وهو يعلم هذا الخروج الذي لا يكون لو وقع كيف يكون، كما صرَّح به تعالى في قوله: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً} [التوبة: 47] الآية، ومن الآيات الدالة على المعنى المذكور قوله تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [المؤمنون: 75]، إلى غير ذلك من الآيات".

طالب: .......

اقرأه.

طالب: .......

يعني وجوده في الأذهان لا في الأعيان.

طالب: .......

يعني مثل من ينوي تأليف كتاب ويضمن هذا الكتاب مسائل يتصورها في ذهنه، ثم يقول في موضع من كتبه: وسنبسط هذه المسألة في الكتاب الفلاني، وهو ما صار شيئًا. منه الإشارة إلى معدوم، فهذا كتاب، أما بعد فهذا كتاب، قبل أن يؤلف الكتاب، كتب الخطبة وقال: فهذا كتاب، ما بعد صار كتابًا. يعني وجوده في الأذهان لا في الأعيان، بخلاف ما إذا كتب الخطبة خطبة الكتاب بعد التأليف، فهو يشير إلى موجود في الأعيان.

طالب: .......

ما فيه إشكال.

طالب: .......

لا، قد يتصوره الذهن، لكن في الواقع والخارج ما له وجود.

طالب: .......

نعم. تفضل.

طالب: "قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} [الأنعام: 33] الآية، صرَّح تعالى في هذه الآية الكريمة".

لعلنا نقف على هذا يا إخوان.

"